وقال شيخنا المجلسي في البحار بعد نقل رواية حنان بن سدير المذكورة من كتاب قرب الاسناد ثم نقل كلام الذكرى المتعلق بهذا المقام : أقول لم أر مستندا للإسرار والإجماع لم يثبت والرواية تدل على استحباب الجهر خصوصا للإمام لا سيما في المغرب إذ الظاهر اتحاد الواقعة في الروايتين ، ويؤيده عموم ما ورد في إجهار الإمام في سائر الأذكار إلا ما أخرجه الدليل. نعم ورد في صحيحة صفوان (١) قال : «صليت خلف أبي عبد الله (عليهالسلام) أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم» فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأخفى ما سوى ذلك». وانه يدل على استحباب الإخفات في الاستعاذة لأن قوله «ما سوى ذلك» يشملها. ويمكن ان يقال لعله لم يتعوذ في تلك الصلوات والاستدلال موقوف على الإتيان. بها وهو بعيد إذ تركه (عليهالسلام) الاستعاذة في صلوات متوالية بعيد. لكن دخولها في «ما سوى ذلك» غير معلوم إذ يحتمل ان يكون المراد ما سوى ذلك من القراءة أو الفاتحة بل هو الظاهر من السياق وإلا فمعلوم انه (عليهالسلام) كان يجهر بالتسبيحات والتشهدات والقنوتات وسائر الأذكار ، والاستعاذة ليست بداخلة في القراءة ولا في الفاتحة بل هي من مقدماتها. والله العالم. انتهى. وهو جيد.
(الرابع) ـ قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح النفلية بعد نقل الصورة المشهورة والصورة المذكورة في رواية هشام وهي «أستعيذ بالله» ما صورته : والمعنى في «أعوذ وأستعيذ» واحد قال الجوهري عذت بفلان واستعذت به أي لجأت اليه. وفي «أستعيذ» موافقة لفظ القرآن إلا ان «أعوذ» في هذا المقام أدخل في المعنى وأوفق لامتثال الأمر الوارد بقوله «فَاسْتَعِذْ» (٢) لنكتة دقيقة هي ان السين والتاء شأنهما الدلالة على الطلب فوردتا في الأمر إيذانا بطلب التعوذ ، فمعنى «استعذ» اي اطلب منه ان يعيذك وامتثال الأمر ان يقول «أعوذ بالله» اي ألتجئ إليه لأن قائله متعوذ قد عاذ والتجأ والقائل «أستعيذ»
__________________
(١) الوسائل الباب ٥٧ من القراءة.
(٢) سورة النحل ، الآية ٩٨.