المجاز الموجب لحمل هذه الأخبار على خلاف معناها ، وحينئذ فدعوى انه أعم مما فيه اعتماد أو لا اعتماد فيه كما بنى عليه جوابهم عن تلك الأخبار ممنوعة لما عرفت من كلام أهل اللغة ، وعلى هذا فالواجب في مقام التعارض الرجوع إلى المرجحات ولا ريب انها في جانب هذه الروايات الثلاث فيجب جعل التأويل في تلك الرواية كما تقدم.
فروع
(الأول) ـ قد صرح جمع من الأصحاب : منهم ـ السيد السند في المدارك بوجوب الاعتماد على الرجلين معا في القيام ولم أقف له على دليل ، والفاضل الخراساني في الذخيرة إنما استند في ذلك إلى كونه المتبادر من الأمر بالقيام منتصبا. وفيه منع ظاهر وعلله في الذكرى بعد الاستقرار وللتأسي بصاحب الشرع. وفيه منع أيضا فإن الاستقرار لا يتوقف على الاعتماد عليهما معا بل يحصل الاستقرار بالاعتماد على واحدة. واما التأسي فقد صرحوا في الأصول بأنه لا يجوز ان يكون دليلا للوجوب فان فعلهم (عليهمالسلام) أعم من ذلك ، مع انه قد روى الكليني في الصحيح عن محمد بن أبي حمزة عن أبيه (١) قال : «رأيت علي بن الحسين (عليهالسلام) في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي فأطال القيام حتى جعل يتوكأ مرة على رجله اليمنى ومرة أخرى على رجله اليسرى. الحديث». وهو كما ترى ظاهر الدلالة واضح المقالة في ما ذكرناه ولا معارض له سوى ما ذكروه من تلك التعليلات العليلة.
ثم انه لا يخفى أيضا حصول المدافعة بين القول بوجوب الاعتماد على الرجلين وبين القول بجواز الاعتماد اختيارا على الحائط ونحوه كما ذهب إليه في المدارك وكذا غيره ممن اختار القول بالجواز هناك وأوجب الاعتماد على الرجلين هنا ، فإنهم قد فسروا الاعتماد ثمة بأنه لو سقط السناد سقط المصلى ومن الظاهر في هذه الحال انه لا اعتماد على الرجلين. وإيجابهم الاعتماد على الرجلين في القيام هنا لم يقيدوه بمادة مخصوصة بل ظاهرهم انه من
__________________
(١) الوسائل الباب ٣ من القيام.