الدلالة غير متوقفة على القصد وخروج ذلك عن المعهود من صاحب الشريعة. ويحتمل عدم البطلان من حيث ان الإشباع بحيث يحصل به الحرف شائع في كلام العرب ، وتحصيل يقين البراءة يوجب الوقوف على الأول. وكذا الكلام في لفظ «أكبر» فلو أشبع الفتحة حتى صارت ألفا فصار «أكبار» وهو الطبل ذو وجه واحد فإنه يبطل مع القصد يقينا وكذا مع عدمه على الأصح لما عرفت.
(الخامس) ـ صرح جملة من الأصحاب بأنه يشترط القصد بالتكبير إلى الافتتاح. ولا ريب فيه لما تقدم فلو قصد به تكبير الركوع لم تنعقد صلاته ، ويدل عليه صحيح البقباق وابن أبي يعفور المتقدم (١) واما ما عارضه من صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر المتقدمة (٢) فقد عرفت الوجه فيها وفي أمثالها.
ولو قصدهما معا كما في المأموم فقيل بالاجزاء ذهب اليه ابن الجنيد والشيخ في الخلاف محتجا بإجماع الفرقة ورواه الشيخ عن معاوية بن شريح عن الصادق (عليهالسلام) (٣) قال : «إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع». والمشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) العدم استنادا إلى ان الفعل الواحد لا يتصف بالوجوب والاستحباب.
قال في الذكرى : ويمكن حمل كلام الشيخ والرواية على ان المراد سقوط تكبير الركوع هنا ويكون له ثوابه لإتيانه بصورة التكبير عند الركوع لا على ان المصلي قصدهما معا لأن الفعل لا يكون له جهتا وجوب وندب ، ولو قلنا بوجوب تكبير الركوع ـ كما يجيء وقد صرح به الشيخ هنا في الخلاف ـ لم تجزي الواحدة لأن تداخل المسببات مع اختلاف الأسباب خلاف الأصل. وكذا لو نذر تكبير الركوع لم تجزي الواحدة ، وحينئذ لو قصدهما معا فالأقرب عدم تحريمه بالصلاة لعدم تمحض القصد إليها ولا صلاته نفلا أيضا لعدم نيته ولأن السبب الواحد لا يجزى عن السببين ، فعلى هذا لو نوى المتنفل بالتكبيرة
__________________
(١ و ٢) ١٩ و ٢٠.
(٣) الوسائل الباب ٤ من تكبيرة الإحرام. والرواية عن معاوية بن شريح عن أبيه.