تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

ف «خائفا» حال من «ابني» و «منجديه» حال من «أخويه» والعامل فيهما «لقي» فعند ظهور المعنى تردّ كلّ حال إلى ما تليق به ، وعند عدم ظهوره يجعل أول الحالين لثاني الاسمين ، وثانيهما لأول الاسمين ففي قولك «لقيت زيدا مصعدا منحدرا» يكون «مصعدا» حال من «زيد» و «منحدرا» حال من التاء.

الحال المؤكدة :

وعامل الحال بها قد أكدا

في نحو «لا تعث في الأرض مفسدا» (١)

تنقسم الحال إلى مؤكدة ، وغير مؤكدة ، فالمؤكدة على قسمين ، وغير المؤكدة ما سوى القسمين.

(أ) فالقسم الأول من المؤكدة : ما أكّدت عاملها وهي المراد بهذا البيت ، وهي : كلّ وصف دلّ على معنى عامله وخالفه لفظا وهو الأكثر ، أو وافقه لفظا ، وهو دون الأول في الكثرة ، فمثال الأول «لا تعث في الأرض مفسدا» ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)(٢) وقوله تعالى : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)(٣) ومن الثاني

__________________

(١) لا تعث : لا ناهية ، تعث : مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف الألف ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. في الأرض : جار ومجرور متعلق بتعث. مفسدا : حال من فاعل تعث منصوب ـ وهو مؤكد لعامله «تعث» فهو بمعناه ولكن خالفه لفظا.

(٢) من الآية ٢٥ سورة التوبة وهي (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ).

(٣) من الآية ٨٥ سورة هود وهي : (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) وقد ورد هذا اللفظ في أربعة مواضع أخرى.

٦١

قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(١) وقوله تعالى (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ)(٢).

وإن تؤكّد جملة فمضمر

عاملها ولفظها يؤخّر

(ب) هذا هو القسم الثاني من الحال المؤكدة ، وهي : ما أكّدت مضمون الجملة ، وشرط الجملة : أن تكون اسمية وجزآها معرفتان ، جامدان ، نحو : «زيد أخوك عطوفا ، وأنا زيد معروفا» ومنه قوله :

٥٠ ـ أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

وهل بدارة يا للناس من عار (٣)

__________________

(١) من الآية ٧٩ سورة النساء وهي : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً).

(٢) هذا اللفظ من الآية ١٢ من سورة النحل وهي (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) برفع مسخرات في القراءة الشهيرة ، فلعل الشارح يشير إلى قراءة ثانية وردت فيها مسخرات منصوبة على الحال بالكسرة.

(٣) قائله : سالم بن دارة وهو من الفرسان ، داره : اسم أمه.

المعنى : أنا ابن هذه المرأة ونسبي معروف بها وليس فيها من المعرة ما يوجب القدح في النسب.

الإعراب : أنا : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. ابن : خبره مرفوع. دارة : مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. معروفا : حال مؤكدة لمضمون الجملة قبلها منصوب. بها : جار ومجرور متعلق بمعروفا. نسبي : نائب فاعل لاسم المفعول معروفا مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، وياء المتكلم مضاف إليه. وهل : الواو استئنافية. هل حرف استفهام. بدارة : جار ومجرور بالفتحة متعلق بمحذوف خبر مقدم ل «عار» يا للناس : يا حرف نداء. اللام حرف جر ـ واللام مفتوحة لأنها جارة للمستغاث به ـ الناس مجرور باللام بكسرة ظاهرة والجار والمجرور متعلق بفعل أستغيث الذي نابت عنه يا ، كما هو رأي سيبويه أو متعلق بيا من عار : من حرف جر زائد عار مبتدأ مؤخر

٦٢

ف «عطوفا ومعروفا» حالان ، وهما منصوبان بفعل محذوف وجوبا (١) والتقدير في الأول «أحقه عطوفا» وفي الثاني «أحقّ معروفا» (٢) ولا يجوز تقديم هذه الحال على هذه الجملة ؛ فلا تقول : «عطوفا زيد أخوك» ولا : «معروفا أنا زيد» ولا توسّطها بين المبتدأ والخبر ؛ فلا تقول «زيد عطوفا أخوك».

وقوع الجملة حالا بشرط اشتمالها على رابط :

وموضع الحال تجيء جمله

ك «جاء زيد وهو ناو رحله» (٣)

الأصل في الحال والخبر والصفة الإفراد ، وتقع الجملة موقع الحال ، كما تقع موقع الخبر والصفة ، ولا بدّ فيها من رابط وهو في الحالية : إما ضمير ، نحو «جاء زيد يده على رأسه» أو واو ـ وتسمّى واو

__________________

مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ، وجملة المنادى معترضة بين المبتدأ والخبر.

الشاهد : في قوله : «أنا ابن دارة معروفا» حيث وقعت الحال «معروفا» مؤكدة لمضمون الجملة قبلها وهي أنا ابن دارة ، وعامل الحال محذوف وجوبا تقديره «أحقّ» ـ مضارع مبني للمجهول.

(١) لأن الجملة كالعوض منه ولا يجمع بين العوض والمعوض.

(٢) المراد بالأول قوله : زيد أخوك ، وبالثاني قوله : أنا زيد وأنا ابن دارة ، والفعل المحذوف يقدر مبنيا للفاعل إذا كان المبتدأ غير ضمير المتكلم «أنا» أما إذا كان المبتدأ «أنا» فيقدر الفعل مبنيا للمفعول.

(٣) موضع : ظرف مكان منصوب متعلق بتجيء وهو مضاف. الحال : مضاف إليه مجرور. تجيء : مضارع مرفوع بالضمة. جملة : فاعله مرفوع بضمة على التاء التي وقف عليها بالهاء الساكنة. جاء زيد : فعل وفاعل. وهو : الواو حالية. هو : ضمير منفصل مبتدأ. ناو : خبره مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين. رحلة : مفعول به لاسم الفاعل ناو منصوب بفتحة ـ وقف على تائه المربوطة بالها الساكنة ، وجملة هو ناو في محل نصب حال من زيد.

٦٣

الحال ، وواو الابتداء ، (١) وعلامتها صحة وقوع إذ موقعها (٢) نحو «جاء زيد وعمرو قائم» التقدير : إذ عمرو قائم ، أو الضمير والواو معا ، نحو «جاء زيد وهو ناو رحلة».

وذات بدء بمضارع ثبت

حوت ضميرا ومن الواو خلت (٣)

وذات واو بعدها انو مبتدا

له المضارع اجعلن مسندا (٤)

__________________

(١) سميت واو الابتداء لدخولها كثيرا على المبتدأ وإن لم تلزمه أو لوقوعها في ابتداء الحال

(٢) أي لأنها تشبه إذ في كونها هي وما بعدها قيدا للعامل السابق كما أن «إذ» كذلك وليس المراد أنها أي الواو بمعنى «إذ» لأن الحرف لا يرادف الاسم.

(٣) ذات : مبتدأ مرفوع بالضمة ، وهو مضاف. بدء : مضاف إليه مجرور. بمضارع : جار ومجرور متعلق ببدء. ثبت : فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروي أو الوقف ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وجملة ثبت في محل جر صفة لمضارع. حوت : حوى فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، والتاء للتأنيث ، وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هي : والجملة في محل رفع خبر المبتدأ «ذات» ضميرا : مفعول به لحوت منصوب بالفتحة. وجملة «خلت من الواو» في محل رفع معطوفة على جملة «حوت».

(٤) ذات : مبتدأ مرفوع وهو مضاف. واو : مضاف إليه مجرور. بعدها : ظرف منصوب متعلق بانو. وهو مضاف وها مضاف إليه انو : فعل أمر مبني على حذف الياء. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. مبتدا : مفعول به لانو منصوب بالفتحة. له : جار ومجرور متعلق بمسندا. المضارع : مفعول به أول لاجعلن مقدم منصوب بالفتحة. اجعلن : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. مسندا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة. وجملة «اجعلن» في محل نصب صفة لمبتدأ. وجملة «انو مبتدا» في محل رفع خبر المبتدأ «ذات واو». تقدير البيت : «وذات واو انو بعدها مبتدأ اجعلن المضارع مسندا له».

٦٤

الجملة الواقعة حالا : إن صدرت بمضارع مثبت لم يجز أن تقترن بالواو بل لا تربط إلا بالضمير ، نحو «جاء زيد يضحك ، وجاء عمرو تقاد الجنائب بين يديه» ولا يجوز دخول الواو ، فلا تقول «جاء زيد ويضحك» فإن جاء من لسان العرب ما ظاهره ذلك أوّل على إضمار مبتدأ بعد الواو ويكون المضارع خبرا عن ذلك المبتدأ ، وذلك نحو قولهم : «قمت وأصك عينه».

وقوله :

٥١ ـ فلما خشيت أظافيرهم

نجوت وأرهنهم مالكا (١)

ف «أصكّ ، وأرهنهم» خبر ان لمبتدأ محذوف ؛ والتقدير : وأنا أصكّ وأنا أرهنهم.

__________________

(١) قائله : عبد الله بن همام السلولي. أظافير : جمع أظفور ـ بوزن أسبوع ـ لغة في الظفر والمراد منها الأسلحة. مالك : اسم رجل.

المعنى : لما خفت من أسلحة هؤلاء القوم تخلصت منهم في حال حبسي لمالك عندهم وإبقائه لديهم.

الإعراب : لما : ظرف زمان متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بنجوت. خشيت : فعل وفاعل خشي فعل ماض مبني على السكون والتاء فاعل ، أظافيرهم : مفعول به منصوب وهو مضاف ، والهاء ، مضاف إليه ، والميم علامة جمع الذكور والجملة في محل جر بإضافة لما إليها نجوت : فعل وفاعل. نجا فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها واقعة في جواب شرط غير جازم وأرهنهم : الواو حالية. أرهن مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والهاء مفعول به أول والميم علامة الجمع. وجملة أرهنهم خبر لمبتدأ محذوف تقديره «أنا» في محل رفع ، والجملة من المبتدأ المحذوف وخبره في محل نصب حال من فاعل نجوت. مالكا : مفعول به ثان لأرهن منصوب.

الشاهد : في قوله : «نجوت وأرهنهم» حيث يدل بظاهره على أن جملة المضارع المثبت وقعت حالا وهي مقترنة بالواو فيؤول هذا الظاهر بإضمار مبتدأ بعد واو الحال تكون جملة المضارع المثبت خبرا عنه فتكون جملة الحال اسمية.

٦٥

وجملة الحال سوى ما قدّما

بواو أو بمضمر أو بهما

الجملة الحالية : إما أن تكون اسمية ، أو فعلية ، والفعل مضارع أو ماض ، وكل واحدة من الاسمية والفعلية إما مثبتة ، أو منفيّة ، وقد تقدم أنه إذا صدّرت الجملة بمضارع مثبت لا تصحبها الواو ، بل لا تربط إلا بالضمير فقط وذكر في هذا البيت أن ما عدا ذلك يجوز فيه أن يربط بالواو وحدها ، أو بالضمير وحده ، أو بهما ، فيدخل في ذلك الجملة الاسمية مثبتة ، أو منفيّة ، والمضارع المنفيّ ، والماضي المثبت ، والمنفيّ.

فتقول : «جاء زيد وعمرو قائم ، وجاء زيد يده على رأسه ، وجاء زيد ويده على رأسه» وكذلك المنفيّ.

وتقول : «جاء زيد لم يضحك ، أو ولم يضحك ، أو ولم يقم عمرو ، وجاء زيد وقد قام عمرو ، وجاء زيد قد قام أبوه ، وجاء زيد وقد قام أبوه» وكذلك المنفيّ ، نحو «جاء زيد وما قام عمرو ، وجاء زيد ما قام أبوه أو ما قام أبوه».

ويدخل تحت هذا أيضا المضارع المنفيّ بلا ، فعلى هذا تقول : «جاء زيد ولا يضرب عمرا» بالواو.

وقد ذكر المصنف في غير هذا الكتاب أنه لا يجوز اقترانه بالواو كالمضارع المثبت ، وأن ما ورد مما ظاهره ذلك يؤوّل على إضمار مبتدأ ، كقراءة ابن ذكوان : (فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ)(١) بتخفيف النون ، والتقدير وأنتما لا تتبعان. ف «لا تتبعان» : خبر لمبتدأ محذوف.

__________________

(١) من الآية ٨٩ من سورة يونس وهي : «قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ».

٦٦

حذف عامل الحال :

والحال قد يحذف ما فيها عمل

وبعض ما يحذف ذكره حظل (١)

يحذف عامل الحال (٢) جوازا ، أو وجوبا :

(أ) فمثال ما حذف جوازا أن يقال : «كيف جئت؟» فتقول «راكبا» تقديره «جئت راكبا» وكقولك : «بلى مسرعا» لمن قال لك : «لم تسر» والتقدير : «بلى سرت مسرعا» ومنه قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ)(٣) التقدير والله أعلم ـ : بلى نجمعها قادرين.

__________________

(١) حظل : بالبناء للمجهول : منع. الحال مبتدأ مرفوع. قد : حرف تقليل ، يحذف. مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ما : نائب الفاعل ليحذف اسم موصول مبني على السكون في محل رفع. فيها جار ومجرور متعلق بعمل. عمل : فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروي ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الموصول ، وجملة عمل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. وجملة «قد يحذف ما فيها عمل» في محل رفع خبر المبتدأ «الحال». وبعض : الواو استثنافية. بعض : مبتدأ مرفوع بالضمة. ما : اسم موصول في محل جر بالإضافة ، يحذف : مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الموصول وجملة يحذف لا محل لها صلة الموصول. ذكره : مبتدأ ثان مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء مضاف إليه. حظل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذكره ، وجملة حظل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني «ذكره» وجملة المبتدأ الثاني «ذكره حظل» في محل رفع خبر المبتدأ الأول بعض.

(٢) إنما يحذف عامل الحال غير المعنوي ، أما العامل المعنوي كأسماء الإشارة وأحرف التمني والتشبيه والظرف والجار والمجرور ، فلا يحذف سواء علم أم لم يعلم.

(٣) الآيتان ٣ و ٤ من سورة القيامة.

٦٧

(ب) ومثال ما حذف وجوبا : «زيد أخوك عطوفا» ونحوه من الحال المؤكدة لمضمون الجملة ، وقد تقدم ذلك وكالحال النائبة مناب الخبر ، نحو «ضربي زيدا قائما» التقدير : «إذا كان قائما» وقد سبق تقرير ذلك في باب المبتدأ والخبر.

ومما حذف فيه عامل الحال وجوبا قولهم : «اشتريته بدرهم فصاعدا (١). وتصدقت بدينار فسافلا» ف «فصاعدا وسافلا» حالان ، عاملهما محذوف وجوبا ، والتقدير : «فذهب الثمن صاعدا ، وذهب المتصدق به سافلا» وهذا معنى قوله : «وبعض ما يحذف ذكره حظل» أي بعض ما يحذف من عامل الحال منع ذكره (٢)

__________________

(١) أي من كل حال تفهم ازديادا أو نقصا بتدريج ، ويجب اقترانها بالفاء أو بثم كما يجب حذف عاملها وصاحبها كما قدره الشارح بقوله «فذهب الثمن» فالمعطوف بالفاء جملة خبرية محذوفة.

(٢) يجب حذف عامل الحال الواقعة توبيخا ـ أيضا ـ نحو : «أقائما وقد قعد الناس»؟ أي أتثبت قائما.

٦٨

أسئلة ومناقشات

١ ـ قال النحاة : «لا تجيء الحال من المضاف إليه إلا بشروط». اشرح هذه الشروط مبينا هذه المواضع بالتفصيل مع التمثيل لما تقول.

٢ ـ متى يصح تقديم الحال على ناصبها؟ ومتى لا يصح ذلك؟ اشرح هذه المواضع ومثل لما تقول.

٣ ـ قال النحاة : «لا تتقدم الحال على عاملها المعنوي».

اشرح المقصود بالعامل المعنوي وبيّن أنواعه .. ثم اذكر العلة في عدم جواز هذا التقديم .. ومثل لما تقول.

٤ ـ متى يعمل أفعل التفضيل في الحال المتقدمة عليه؟ ومتى لا يعمل؟ مثل لذلك.

٥ ـ اشرح قول ابن مالك :

والحال قد يجيء ذا تعدد

لمفرد فاعلم وغير مفرد

مبينا كيف ترد كل حال إلى صاحبها فيما لو تعددت لمتعدد .. مع. التمثيل لما تقول.

٦ ـ اذكر أقسام الحال المؤكدة لعاملها .. ولمضمون الجملة قبلهما .. وعلل لم وجب حذف عامل الثانية؟ مع التمثيل لما تقول.

٧ ـ متى تحكم على الجملة بأنها صفة لما قبلها؟ ومتى تحكم عليها بأنها حال مما قبلها؟ وبماذا تربط جملة الحال؟ مثل لذلك بأمثلة.

٨ ـ بيّن متى يمتنع ربط جملة الحال بالواو؟ ومتى يتعين ربطها بها؟ ومتى تربط بالواو والضمير؟ مثّل لما تقول.

٩ ـ متى يحذف عامل الحال وجوبا؟ وجوازا؟ مع التمثيل.

٦٩

تمرينات

١ ـ مثل لما يأتي في جمل من عندك.

حال شبه جملة ـ حال جملة اسمية ـ حال مؤكده لعاملها.

حال يمتنع ربطها بالواو ـ حال متعددة لواحد ـ حال من المضاف إليه حال متعددة لمتعدد ـ حال متقدمة على صاحبها.

حال تقدمت على عاملها .. حال يتعين ربطها بالواو.

٢ ـ علام يستشهد في باب الحال بما يأتي : ـ

(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ (١) ـ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً (٢) لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ـ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (٣) ـ فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِ (٤) «بتخفيف النون» ـ ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ (٥) فِيهِ ـ وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ (٦) وَمُنْذِرِينَ)

٣ ـ بيّن الحال وصاحبها ونوعها والعامل فيما يأتي : ـ

وبالجسم منّى بينا لو علمته

شحوب وإن تستشهدي العين تشهد

لقى ابني أخويه خائفا

منجديه فأصابوا مغنما

__________________

(١) آية ٧ سورة القمر.

(٢) آية ٢٨ سورة سبأ.

(٣) آية ١٠ سورة فصلت.

(٤) آية ٨٩ سورة يونس.

(٥) الآية الثانية من سورة البقرة.

(٦) آية ٨ سورة الأنعام.

٧٠

أنا ابن دارة معروفا بها نسبي

وهل بدارة يا للناس من عار

فلما خشيت أظافيرهم

نجوت وأرهنهم مالكا

٤ ـ من أي أنواع التعدد هذا البيت؟

كأن قلوب الطير رطبا ويابسا

لدى وكرها العناب والحشف البالي

أعرب البيت كله ... واشرحه

٥ ـ قال تعالى :

«فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً (١) بِما ظَلَمُوا».

ما العامل في الحال في تلك الآية؟ وما صاحب الحال؟ ولماذا لا يجوز تقدم الحال على عاملها في مثل ذلك الموضع؟

٦ ـ قال تعالى :

«وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ (٢) مِنْهُ النَّهارَ

وقال سبحانه : «كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ (٣) أَسْفاراً».

عيّن جملتي الحال في الآيتين .. وبم ربطتا؟ وما صاحبهما؟

وهل يجوز في الجملين إعراب آخر؟

٧ ـ اجعل العبارة الآتية للواحدة وللمثنى بنوعيه وللجمع بنوعيه مع تغيير الحال وضبطها :

خرج أخي من الامتحان مسرورا.

__________________

(١) آية ٥٢ سورة النمل.

(٢) آية ٣٧ سورة يس.

(٣) آية ٥ سورة الجمعة.

٧١

٨ ـ اجعل الحال المفردة جملة والجملة مفردة فيما يأتي : ـ

عبدنا الله طائعين ـ لا تصلّ وأنت مشغول ـ تعلّم صغيرا تسعد كبيرا ـ جئت وأنت راكع في الصلاة.

٩ ـ اشرح وأعرب البيت الآتي : ـ وهو للمتنبي :

عش عزيرا أو مت وأنت كريم

بين طعن القنا وخفق البنود

٧٢

التمييز

تعريف التمييز : نوعاه

اسم بمعنى «من» مبين نكره

ينصب تمييزا بما قد فسّره (١)

كشبر ارضا ، وقفيز برا

ومنوين عسلا وتمرا

تقدم من الفضلات : المفعول به ، والمفعول المطلق ، والمفعول له ، والمفعول فيه ، والمستثنى ، والحال ، وبقي التمييز ـ وهو المذكور في هذا الباب ـ ويسمّى «مفسّرا ، وتفسيرا ، ومبيّنا ، وتبيينا ، ومميّزا ، وتمييزا» وهو : كل اسم ، نكرة ، متضمّن معنى «من» (٢) لبيان ما قبله من إجمال ، نحو «طاب زيد نفسا ، وعندي شبر أرضا» واحترز بقوله : «متضمّن معنى من» من الحال ، فإنها متضمنة معنى «في» وقوله :

__________________

(١) اسم : خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو. بمعنى : جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت مرفوع لاسم. من : مضاف إليه بقصد لفظه مبين : نعت ثان لاسم مرفوع. نكرة : نعت ثالث لاسم مرفوع ـ وقف عليه بالهاء الساكنة ـ ينصب : مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة ينصب في محل رفع نعت رابع لاسم ، أو في محل نصب حال من اسم لأنها تخصصت بالوصف. تمييزا : حال من ضمير ينصب منصوب. بما ؛ جار ومجرور متعلق بينصب. والمجرور اسم موصول في محل جر. قد : حرف تحقيق فسره : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الموصول ، والهاء مفعول به. وجملة فسره لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

(٢) ليس المراد أن «من» مقدرة في الكلام إذ قد لا يصلح لتقديرها. بل أنه مفيد لمعناها وهو بيان ما قبله أي بيان جنسه ولو بالتأويل.

٧٣

«لبيان ما قبله» احتراز مما تضمّن معنى «من» وليس فيه بيان لما قبله : كاسم «لا» التي لنفي الجنس ، نحو : «لا رجل قائم» فإن التقدير : «لا من رجل قائم» وقوله : «لبيان ما قبله من إجمال» يشمل نوعي التمييز :

وهما : (أ) المبيّن إجمال ذات. (ب) والمبيّن إجمال نسبة.

(أ) فالمبيّن إجمال الذات هو : الواقع بعد المقادير ـ وهي : الممسوحات ، نحو «له شبر أرضا» والمكيلات ، نحو «له قفيز برا» والموزونات ، نحو «له منوان عسلا وتمرا» ـ والأعداد (١) ، نحو «عندي عشرون درهما». وهو منصوب بما فسّره وهو : شبر ، وقفيز ، ومنوان وعشرون.

(ب) والمبيّن إجمال النسبة هو : المسوق لبيان ما تعلّق به العامل : من فاعل ، أو مفعول ، نحو «طاب زيد نفسا» ومثله : (اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)(٢) و «غرست الأرض شجرا» ومثله (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(٣) ف «نفسا» تمييز منقول من الفاعل ، والأصل «طابت نفس زيد» و «شجرا» : منقول من المفعول ، والأصل : «غرست شجر الأرض» فبيّن «نفسا» الفاعل الذي تعلّق به الفعل ، وبيّن «شجرا» المفعول الذي تعلّق به الفعل. والناصب له في هذا النوع العامل الذي قبله.

__________________

(١) الأعداد معطوفة على المقادير فهي القسم الثاني من المبين إجمال الذات ، وليست معطوفة على الممسوحات لأنها ليست من المقادير.

(٢) من الآية ٤ من سورة مريم. وهي : «قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا».

(٣) من الآية ١٢ من سورة القمر وهي : «وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ».

٧٤

وبعد ذي وشبهها اجرره إذا

أضفتها ك «مدّ حنطة غذا» (١)

والنصب بعد ما أضيف وجبا

إن كان مثل «ملء الأرض ذهبا» (٢)

أشار ب «ذي» إلى ما تقدم ذكره في البيت من المقدّرات ، وهو : ما دل على مساحة ، أو كيل ، أو وزن ؛ فيجوز جرّ التمييز بعد هذه بالإضافة إن لم يضف إلى غيره. نحو «عندي شبر أرض ، وقفيز بر ،

__________________

(١) بعد : ظرف منصوب بالفتحة متعلق باجرره وهو مضاف. ذي : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة وشبهها : الواو عاطفة ، شبه معطوف على ذي ومجرور مثلها ، وهو مضاف وها : مضاف إليه. اجرره : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. والهاء في محل نصب مفعول به. إذا : ظرف يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بالجواب المحذوف. أضفتها : فعل وفاعل ومفعول به ، أضاف فعل ماض مبني على السكون والتاء فاعل ، وها مفعول به. والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها. كمد : الكاف حرف جر. مجرورها قول محذوف مد : مبتدأ مرفوع. حنطة : مضاف إليه مجرور غذا : خبر مرفوع بضمة مقدرة على على الألف ـ وقد قصر للضرورة. ـ

(٢) النصب : مبتدأ مرفوع بالضمة. بعد : ظرف منصوب بالفتحة متعلق بوجب. ما : اسم موصول في محل جر مضاف إليه أضيف : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الموصول ، وجملة أضيف لا محل لها من الإعراب صلة الموصول : وجبا : فعل ماض مبني على الفتح. وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى النصب. والجملة في محل رفع خبر المبتدأ إن : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى : ما أضيف. مثل : خبر كان منصوب بالفتحة. ملء : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الأرض : مضاف إليه مجرور. ذهبا : تمييز منصوب بالفتحة. وخبر المبتدأ محذوف. والجملة في محل جر بإضافة مثل إليها.

٧٥

ومنوا عسل وتمر» فإن أضيف الدالّ على مقدار إلى غير التمييز وجب نصب التمييز ، نحو «ما في السماء قدر راحة سحابا» ومنه قوله تعالى : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً)(١).

وأما تمييز العدد فسيأتي حكمه في باب العدد.

حكم التمييز بعد أفعل التفضيل :

والفاعل المعنى انصبن بأفعلا

مفضّلا ك «أنت أعلى منزلا» (٢)

التمييز الواقع بعد أفعل التفضيل :

(أ) إن كان فاعلا في المعنى وجب نصبه.

(ب) وإن لم يكن كذلك وجب جرّه بالإضافة.

وعلامة ما هو فاعل في المعنى : أن يصلح جعله فاعلا بعد جعل أفعل التفضيل فعلا ، نحو «أنت أعلى منزلا ، وأكثر مالا» ف «منزلا ومالا» يجب نصبهما ؛ إذ يصح جعلهما فاعلين بعد جعل أفعل التفضيل فعلا ؛ فتقول :

__________________

(١) من الآية ٩١ من سورة آل عمران وهي : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ».

(٢) الفاعل : مفعول به مقدم لانصبن منصوب بالفتحة. المعنى : منصوب بنزع الخافض بفتحة مقدرة. انصبن : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، بأفعلا : جار ومجرور متعلق بانصبن. مفضلا : حال من ضمير انصبن منصوب. أنت : ضمير منفصل مبتدأ. أعلى : خبره مرفوع بضمة مقدرة. منزلا : تمييز منصوب.

٧٦

أنت علا منزلك وكثر مالك ، ومثال ما ليس بفاعل في المعنى (١) : «زيد أفضل رجل ، وهند أفضل امرأة» فيجب جرّه بالإضافة إلا إذا أضيف «أفعل» إلى غيره ، فإنه ينصب حينئذ (٢) ، نحو «أنت أفضل الناس رجلا».

وقوع التمييز بعد كل ما دل على تعجب :

وبعد كلّ ما اقتضى تعجّبا

ميّز ك «أكرم بأبي بكر أبا»

يقع التمييز بعد كل ما دل على تعجب (٣) ، نحو : «ما أحسن زيدا رجلا ، وأكرم بأبي بكر أبا ، ولله درّك عالما ، وحسبك بزيد رجلا وكفى به عالما».

__________________

(١) ضابطه أن يكون أفعل بعضا من جنس التمييز بأن يصح وضع لفظ «بعض» مكانه فتقول في : «زيد أفضل رجل» : زيد بعض الرجال .. فيجب فيه الجر لوجوب إضافة أفعل لما هو بعضه.

(٢) إنما نصب التمييز مع أن أفعل بعضه لتعذر إضافة أفعل مرتين ، وبهذا يتحصل أن تمييز أفعل التفضيل ينصب في صورتين :

(أ) إذا كان فاعلا في المعنى مثل : أنت أعلى منزلا.

(ب) إذا لم يكن فاعلا في المعنى ولكن أضيف أفعل إلى غيره نحو : أنت أفضل الناس رجلا.

ويجر تمييز أفعل في صورة واحدة وهي إذا لم يكن فاعلا في المعنى ولم يضف أفعل إلى غيره.

(٣) تكون الدلالة على التعجب بالوضع في صيغتي التعجب «ما أفعله وأفعل به» وبالعرض في الأمثلة المذكورة. والتمييز فيها جميعا هو من تمييز النسبة ، وإنما يشترط في «لله درّه» أن يكون مرجع الضمير معلوما مثل : «زيد لله درّه فارسا» أو يكون بدل الضمير اسم ظاهر مثل «لله در زيد رجلا» أو ضمير مخاطب مثل «لله درّك عالما» ، فإن جهل مرجع الضمير كان من تمييز المفرد لأن افتقار الضمير المبهم إلى بيان عينه أشد من افتقاره لبيان نسبة التعجب إليه.

٧٧

٥٢ ـ يا جارتا ما أنت جاره (١)

جر التمييز ب «من»

واجرر بمن إن شئت غير ذي العدد

والفاعل المعنى ك «طب نفسا تفد»

يجوز جرّ التمييز بمن إن لم يكن فاعلا في المعنى ، ولا مميّزا لعدد ، فتقول : «عندي شبر من أرض ، وقفيز من برّ ، ومنوان من عسل وتمر وغرست الأرض من شجر» ولا تقول : «طاب زيد من نفس» ولا «عندي عشرون من درهم».

__________________

(١) قائله الأعشى ميمون بن قيس. هذا عجز بيت صدره : «بانت لتحزننا عفاره» بانت : بعدت وفارقت. عفارة اسم امرأة.

المعنى : بعدت عفاره عنا فحزنا لفراقها ، فما أكرمها جارة لا تذكر إلا بخير.

الإعراب : بانت : فعل ماض مبني على الفتح ، والتاء للتأنيث. لتحزننا : اللام للتعليل (وهي هنا لام العاقبه) .. تحزن : مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى عفاره. لأن الفعلين بانت وتحزن تنازعا الظاهر فأخذه الأول وأضمر في الثاني. ونا ضمير متصل في محل نصب مفعول به. عفارة : فاعل بانت مرفوع بالضمة وقد وقف عليه بالهاء الساكنة. يا جارتا : يا أداة نداء. جارة منادى مضاف لياء المتكلم المنقلبة ألفا منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة للألف المنقلبة عن الياء. وهو مضاف والألف المنقلبة عن ياء المتكلم في محل جر مضاف إليه. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أنت : ضمير منفصل في محل رفع خبر جارة : تمييز منصوب بالفتحة وقف عليه بالهاء الساكنة ـ. وهو تمييز نسبة لبيان جنس ما وقع عليه التعجب وهو الجوار.

الشاهد : في قوله : «ما أنت جاره» : حيث وقع التمييز «جاره» بعد ما اقتضى التعجب وهو الاستفهام.

٧٨

تقديم التمييز على عامله ـ مذاهب النحاة :

وعامل التمييز قدّم. مطلقا

والفعل ذو التصريف نزرا سبقا (١)

(أ) مذهب سيبويه ـ رحمه‌الله تعالى ـ : أنه لا يجوز تقديم التمييز على عامله (٢) سواء كان متصرفا أو غير متصرف ؛ فلا تقول : «نفسا طاب زيد» ولا «عندي درهما عشرون».

(ب) وأجاز الكسائي ، والمازني ، والمبرد ، تقديمه على عامله المتصرف ؛ فتقول : «نفسا طاب زيد وشيبا اشتعل رأسي» ومنه قوله :

٥٣ ـ أتهجر ليلى بالفراق حبيبها

وما كان نفسا بالفراق تطيب؟ (٣)

__________________

(١) عامل : مفعول به مقدم للفعل «قدّم» منصوب وهو مضاف. التمييز : مضاف إليه مجرور. قدم : فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت : مطلقا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة والفعل : الواو استثنافية. الفعل : مبدأ مرفوع بالضمة. ذو نعت للمبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف. التصريف : مضاف إليه مجرور. نزرا : مفعول مطلق تقدم على عامله مسبقا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى الفعل. والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.

(٢) لأن التمييز كالنعت في إيضاح ما قبله فلا يتقدم عليه كما لا يتقدم النعت على المنعوت

(٣) قائله : المخبل السعدي ، وقيل : قيس بن الملوح العامري.

المعنى : هل عزمت ليلى على هجر محبها والعهد بها أنها لا ترضى الفراق ولا تنشرح له.

الإعراب : أتهجر : الهمزة للاستفهام. تهجر : مضارع مرفوع بالضمة. ليلى فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف. بالفراق : جار ومجرور متعلق بتهجر. حبيبها : مفعول به منصوب بالفتحة وهو مضاف وها : في محل جر مضاف إليه. وما : الواو حالية. ما : نافية. كان : زائدة نفسا : تمييز تقدم على عامله «تطيب» بالفراق : جار ومجرور متعلق بتطيب. تطيب : مضارع مرفوع بالضمة. وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هي ، وجملة «ما تطيب ..» في محل نصب حال من ليلى.

الشاهد : في قوله : «وما كان نفسا بالفراق تطيب» حيث تقدم التمييز «نفسا» على عامله المتصرف «تطيب» وهذا جائز عند الكسائي والمازني والمبرد ، وأجازه المصنف ابن مالك في بعض كتبه ـ وهو عند سيبويه ضرورة لا يقاس عليه.

٧٩

وقوله :

٥٤ ـ ضيّعت حزمي في إبعادي الأملا

وما ارعويت وشيبا رأسي اشتعلا (١).

ووافقهم المصنف (٢) في غير هذا الكتاب على ذلك ، وجعله في هذا الكتاب قليلا.

فإن كان العامل غير متصرف : فقد منعوا التقديم : سواء كان فعلا ،

__________________

(١) قائله : غير معروف. الحزم : إتقان الرأي وحسن التدبير. ارعويت : كففت وتركت.

المعنى : ضيّعت الحكمة والسداد في ماضى عمري إذ أمّلت آمالا بعيدة ولم أرتدع مع انتشار الشيب في رأسي وهو نذير الموت.

الإعراب : ضيعت : فعل وفاعل ، ضيع فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل حزمي : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهو مضاف والياء في محل جر مضاف إليه. في إبعادي : جار ومجرور متعلق بضيعت ، وإبعاد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. الأملا : مفعول به للمصدر منصوب بالفتحة والألف للإطلاق. وما : الواو عاطفة. ما نافية ارعويت : فعل وفاعل ، وشيبا : الواو حالية. شيبا : تمييز مقدم على عامله «اشتعلا» منصوب. رأسي : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه. اشتعلا : فعل ماض مبني على الفتح. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وجملة اشتعل في محل رفع خبر المبتدأ «رأسي» والجملة «رأسي اشتعل شيبا» : في محل نصب حال من فاعل ارعويت.

الشاهد : في قوله : «وشيبا رأسي اشتعلا» حيث تقدم التمييز «شيبا» على عامله المتصرف «اشتعل» وهذا جائز عند الكسائي والمازني والمبرد وأجازه المصنف في بعض كتبه وهو عند سيبويه ضرورة لا يجوز القياس عليه.

(٢) وافقهم المصنف قياسا على سائر الفضلات المنصوبة بفعل متصرف ، وتمسكا بما سمع منه كقوله :

أنفسا تطيب بنيل المنى

وداعي المنون ينادي جهارا

٨٠