تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

إذا كان أفعل التفضيل ب «أل» لزمت مطابقته لما قبله في الإفراد ، والتذكير وغيرهما ؛ فتقول : زيد الأفضل ، والزيدان الأفضلان ، والزيدون الأفضلون ، وهند الفضلى ، والهندان الفضليان ، والهندات الفضل. والفضليات» ولا يجوز عدم مطابقته لما قبله ، فلا تقول : «الزيدون الأفضل» ولا «الزيدان الأفضل» ولا «هند الأفضل» ولا «الهندان الأفضل» ولا «الهندات الأفضل» ولا يجوز أن تقترن به «من» فلا تقول : «زيد الأفضل من عمرو» فأما قوله :

١٣ ـ ولست بالأكثر منهم حصى

وإنما العزّة للكاثر (١)

فيتخرّج على زيادة الألف واللام ، والأصل : «ولست بأكثر منهم» أو جعل «منهم» متعلقا بمحذوف مجرد عن الألف واللام ، لا بما

__________________

(١) قائله : الأعشى من قصيدة يفضل فيها عامر بن الطفيل على ابن عمه علقمة بن علاثة حصى : عدد. العزة : القوة والغلبة الكاثر : الكثير ، أو الغالب في الكثرة من كثره : غلبه في الكثرة.

المعنى : لست يا علقمة أكثر من قوم عامر عددا ، والقوة والغلبة إنما تكون في الغالب الكثير على القليل.

الإعراب : لست : ليس فعل ماض ناقص مبني على السكون والتاء اسمه. بالأكثر : الباء حرف جر زائد الأكثر خبر منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. منهم : جار ومجرور متعلق بالأكثر ، حصى : تمييز لأكثر منصوب بفتحة مقدرة على الألف. وإنما : الواو استئنافية إنما : كافة ومكفوفة لا عمل لها تفيد الحصر. العزة : مبتدأ مرفوع بالضمة للكاثر : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر العزة.

الشاهد : في قوله : «ولست بالأكثر منهم» حيث اقترنت من بأفعل التفضيل المحلي بأل «الأكثر» وهذا غير جائز ، فيخرج على أحد وجهين :

الأول : زيادة أل ـ والأصل «ولست بأكثر منهم».

الثاني : تعليق الجار والمجرور «منهم» بأفعل تفضيل محذوف مجرد عن أل وتقديره «ولست بالأكثر أكثر منهم».

٢٦١

دخلت عليه الألف ، والتقدير «ولست بالأكثر أكثر منهم».

وأشار بقوله : «وما لمعرفة أضيف ـ الخ» إلى أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة. وقصد به التفضيل ، جاز فيه وجهان أحدهما : استعماله كالمجرد فلا يطابق ما قبله ، فتقول : «الزيدان أفضل القوم ، والزيدون أفضل القوم وهند أفضل النساء ، والهندان أفضل النساء ، والهندات أفضل النساء».

والثاني : استعماله كالمقرون بالألف واللام ، فيجب مطابقته لما قبله.

فتقول : «الزيدان أفضلا القوم ، والزيدون أفضلو القوم وأفاضل القوم ، وهند فضلى النساء ، والهندان فضليا النساء والهندات فضل النساء ، أو فضليات النساء» ولا يتعين الاستعمال الأول ، خلافا لابن السراج ، وقد ورد الاستعمالان في القرآن ؛ فمن استعماله غير مطابق قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ)(١) ومن استعماله مطابقا قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها)(٢) وقد اجتمع الاستعمالان في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألا أخبركم بأحبّكم إلى ، وأقربكم مني

__________________

(١) من الآية ٩٦ من سورة البقرة وهي «وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ».

الشاهد في الآية : «أَحْرَصَ» فهي أفعل تفضيل مضاف إلى معرفة «الناس» ولكنه لم يطابق ما قبله وهو ضمير الجماعة «هم» بل جاء مفردا كالمجرد ولو طابق ما قبله لكانت الآية «وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ». بجمع أحرص جمع مذكر سالم. وأحرص : في الآية مفعول ثان لتجد ، ومفعوله الأول ضمير الجماعة.

(٢) من الآية ١٢٣ من سورة الأنعام وهي «وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ».

الشاهد في الآية : «أَكابِرَ مُجْرِمِيها» فأكابر أفعل تفضيل مضاف لمعرفة وقد طابق موصوفه المقدر فجمع مثله وتقدير الموصوف «قوما أكابر ..».

٢٦٢

منازل يوم القيامة ، أحاسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا ، الذين يألفون ، ويؤلفون» (١) والذين أجازوا الوجهين قالوا : الأفصح المطابقة ، ولهذا عيب على صاحب الفصيح في قوله : «فاخترنا أفصحهنّ» قالوا : فكان ينبغي أن يأتي بالفصحى فيقول : «فصحاهنّ» ، فإن لم يقصد التفضيل تعيّنت المطابقة ، كقولهم : «الناقص والأشجّ أعدلا بني مروان» (٢) أي : عادلا بني مروان.

وإلى ما ذكرناه من قصد التفضيل وعدم قصده أشار المصنف بقوله : «هذا إذا نويت معنى من ـ البيت» أي : جواز الوجهين ـ أعني المطابقة وعدمها ـ مشروط بما إذا نوي بالإضافة معنى «من» أي إذا نوي التفضيل ، وأما إذا لم ينو ذلك فيلزم أن يكون طبق ما اقترن به.

قيل : ومن استعمال صيغة أفعل لغير التفضيل قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)(٣) وقوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ)(٤) أي : وهو هيّن عليه ، وربّكم عالم بكم.

وقول الشاعر :

__________________

(١) الشاهد في الحديث «أحبكم وأقربكم وأحاسنكم» فقد أفرد أحب وأقرب وهو في الجميع واحد تقديره «ألا أخبركم بقوم أحبكم وأقربكم .. أحاسنكم» فدل هذا على جواز الوجهين على السواء.

(٢) الناقص هو يزيد بن عبد الملك بن مروان سمي به لنقصه أرزاق الجند ، والأشجّ : عمر بن عبد العزيز سمي به لشجة كانت في وجهه.

الشاهد في قولهم : «أعدلا بني مروان» فان الاسم «أعدلا» ليس مقصودا منه التفضيل بل هو مستعمل بمعنى اسم الفاعل «عادلا» لأنه لا يوجد في خلفاء بني مروان عادل سواهما ـ ولهذا وجبت المطابقة وامتنع الإفراد.

(٣) الآية ٢٧ من سورة الروم.

(٤) الآية ٥٤ من سورة الإسراء.

٢٦٣

١٤ ـ وإن مدّت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم ، إذ أجشع القوم أعجل (١)

أي : لم أكن بعجلهم ، وقوله :

١٥ ـ إن الذي سمك السماء بني لنا

بيتا دعائمه أعزّ وأطول (٢)

أي : دعائمه عزيزة طويلة ، وهل ينقاس ذلك أم لا؟ فقال المبرد :

__________________

(١) سبق الكلام عليه مستوفى في باب «ما ولا ولات وإن المشبهات بليس» في الجزء الأول.

والشاهد هنا : «بأعجلهم» فأعجل أفعل تفضيل في الأصل ولكنها هنا مستعملة بمعنى اسم الفاعل. أي «لم أكن بعجلهم» لأن الشاعر يفتخر بعفته وعدم إسراعه بالأكل ولو كان أعجل بمعنى التفضيل كان المعنى إثبات العجلة له وهذا لا يناسب الفخر والمدح ، فغاية الشاعر أن ينفي عن نفسه الإسراع إلى الطعام مطلقا.

(٢) قائله : الفرزدق ، سمك : رفع. الدعائم : جمع دعامة وهي العمود. أو ما يسند به الحائط إذا مال ليمنعه من السقوط.

المعنى : «إن الذي رفع السماء بنى لنا بيتا من العز فسما وارتفع حتى لا يضاهيه بيت آخر».

الإعراب : إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم إن. سمك : فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو. السماء : مفعول به منصوب بالفتحة. وجملة «سمك السماء» لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. بنى : فعل ماض مبني على فتح مقدر ، فاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو. لنا : جار ومجرور متعلق ببنى. بيتا : مفعول به منصوب بالفتحة. وجملة «بنى لنا بيتا» في محل رفع خبر إنّ. دعائمه : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء مضاف إليه. أعز : خبر ومرفوع بالضمة ، وأطول : الواو عاطفة أطول معطوف على أعز ومرفوع مثله. وجملة «دعائمه أعز» في محل نصب صفة ل «بيتا».

الشاهد : في قوله : «أعز وأطول» حيث استعملت صيغة التفضيل في غير التفضيل بل بمعنى الصفة المشبهة «عزيزة وطويلة».

٢٦٤

ينقاس ، وقال غيره : لا ينقاس وهو الصحيح ، وذكر صاحب الواضح أن النحويين لا يرون ذلك ، وأن أبا عبيدة قال في قوله تعالى : «وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» : إنه بمعنى هيّن ، وفي بيت الفرزدق ـ وهو الثاني ـ إن المعنى «عزيزة طويلة» وإن النحويين ردّوا على أبي عبيدة ذلك ، وقالوا : لا حجة في ذلك له (١).

متى يتقدم المفضل عليه المجرور ب «من» على «أفعل»؟ :

وإن تكن بتلو «من» مستفهما

فلهما كن أبدا مقدّما (٢)

كمثل «ممّن أنت خير؟» ولدى

إخبار التقديم نزرا وردا (٣)

__________________

(١) خلاصة الأقوال في استعمال صيغة التفضيل «أفعل» لغير التفضيل ثلاثة : أولها : قول المبرد باستعماله قياسا. ثانيها : قول غيره بعدم قياسها والاقتصار على ما سمع منها. ثالثها : قول النحويين بمنع هذا الاستعمال قياسا وسماعا وهم يردون على الأمثلة السالفة بأنها ليست قاطعة بل محتملة للتأويل ، فقوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ) وارد على ما يعرفه المخاطبون من أن الإعادة أهون من البدء مع قياسهم الغائب على الشاهد وقوله تعالى (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) مستعمل في التفضيل على من يعلم بعض ما في الوجود من الناس وإن كان لا مشارك له تعالى في علمه ، وأما قول الفرزدق «دعائمه أعز وأطول» فلا مانع من حملها على التفضيل. بأن يريد الشاعر بالبيت : بيت الشرف والمجد.

(٢) فلهما : أي ل «من» ومجرورها التالي لها إذا كان اسم استفهام. أي «قدم أبدا من ومجرورها المفضل عليه على المفضّل إذا كان المجرور بمن استفهام ، لأن له الصدارة.

(٣) ممن أنت خير : أصل الجملة قبل التقديم : أنت خير ممّن؟ فتقدم المفضل عليه المجرور بمن وجوبا لأنه استفهام ممن : من حرف جر. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل جر والجار والمجرور متعلق بخير. أنت : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خير : خبر مرفوع بالضمة.

٢٦٥

تقدم أن أفعل التفضيل إذا كان مجردا جيء بعده ب «من» جارة للمفضّل عليه ، نحو «زيد أفضل من عمرو» و «من» ومجرورها معه بمنزلة المضاف إليه من المضاف ؛ فلا يجوز تقديمها عليه ، كما لا يجوز تقديم المضاف إليه على المضاف ، إلا إذا كان المجرور بها اسم استفهام ، أو مضافا إلى اسم استفهام ؛ فإنه يجب حينئذ ـ تقديم «من» ومجرورها نحو «ممّن أنت خير؟ ومن أيهم أنت أفضل؟ ومن غلام أيهم أنت أفضل» وقد ورد التقديم شذوذا في غير الاستفهام ، وإليه أشار بقوله «ولدى إخبار التقديم نزرا وردا» ومن ذلك قوله :

١٦ ـ فقالت لنا : أهلا وسهلا ، وزوّدت

جنى النحل ، بل ما زوّدت منه أطيب (١)

__________________

(١) قائله : الفرزدق. جنى النحل : ما يجنى من النحل وهو العسل. الجني : مصدر بمعنى اسم المفعول.

المعنى : «قالت لنا تلك المرأة عند قدومنا عليها : أتيتم قوما أهلا وموضعا سهلا واسعا. وأكرمتنا ولما رحلنا أعطتنا زادا شبيها بعسل النحل بل هو أطيب منه وألذ».

الإعراب : فقالت : قال فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود على ضمير المرأة في كلام سابق تقديره هي. لنا : جار ومجرور متعلق بقالت : أهلا : مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره «أتيتم» وسهلا : معطوف بالواو على أهلا ومنصوب مثله. وجملة «أتيتم أهلا وسهلا» في محل نصب مقول القول. وزودت : الواو عاطفة. زودت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هي. جنى : مفعول به لزودت منصوب بفتحة مقدرة وهو مضاف. النحل : مضاف إليه مجرور. وجملة «زودت» معطوفة على الجملة الأولى «قالت» بل : حرف للإضراب الإبطالي. ما : اسم موصول في محل رفع مبتدأ. زودت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث والفاعل مستتر جوازا تقديره هي وجملة «زودت» لا محل لها صلة الموصول. منه : جار ومجرور متعلق بأطيب. أطيب : خبر «ما» مرفوع بالضمة. وجملة «ما زودت أطيب» مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

الشاهد : في قوله : «منه أطيب» حيث تقدمت من ومجرورها على أفعل التفضيل في غير الاستفهام وهو شاذ.

٢٦٦

والتقدير : بل ما زودت أطيب منه ، وقول ذي الرّمة يصف نسوة بالسّمن والكسل :

١٧ ـ ولا عيب فيها غير أن سريعها

قطوف. وأن لا شيء منهنّ أكسل (١)

التقدير : وأن لا شيء أكسل منهن.

وقوله :

__________________

(١) قائله : ذو الرمة. القطوف : البطيء المتقارب الخطى.

المعنى : «لا عيب في هؤلاء النسوة إلا بطء الحركة ـ عند الرغبة منهن في الإسراع ـ والكسل المتناهي بسبب الترف».

الإعراب : لا عيب : لا نافية للجنس. عيب : اسمها مبني على الفتح في محل نصب.

فيها جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا غير : منصوب على الاستثناء أن : حرف توكيد ونصب. سريعها : اسم أن منصوب وهو مضاف. وها مضاف إليه. قطوف : خبر أن مرفوع. وأنّ وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بإضافة غير إليه. وأن : الواو عاطفة : أن مخففة من الثقيلة اسمها ضمير الشأن محذوف تقديره أنه لا شيء : لا نافية للجنس. شيء اسمها مبني على الفتح في محل نصب. منهن : جار ومجرور متعلق بأكسل. أكسل : خبر لا مرفوع. وجملة «لا شيء أكسل» في محل رفع خبر أن المخففة. وأن المخففة وما بعدها في تأويل مصدر مجرور معطوف على المصدر المؤول من «أن سريعها ..».

الشاهد : في قوله : «منهن أكسل» حيث تقدمت من ومجرورها على أفعل التفضيل في غير الاستفهام وهو شاذ.

٢٦٧

١٨ ـ إذا سايرت أسماء يوما ظعينة

فأسماء من تلك الظعينة أملح (١)

التقدير : فأسماء أملح من تلك الظعينة.

لا يرفع أفعل التفضيل الظاهر إلا في مسألة الكحل :

ورفعه الظاهر نزر ، ومتى

عاقب فعلا (٢) فكثيرا ثبتا

ك «لن ترى في الناس من رفيق

أولى به الفضل من الصديق»

__________________

(١) قائله : جرير بن عطية. الظعينة : المرأة ـ وهو فعيلة بمعنى مفعوله ـ لأن زوجها يظعن بها أي يرتحل بها ، ويقال : الظعينة في الأصل : الهودج فيه امرأة أم لا ، ثم سميت به المرأة ما دامت فيه ، ثم سميت به وإن كانت في بيتها. أملح : أفعل تفضيل من ملح : بهج وحسن منظره.

المعنى : «إن أسماء إذا جارت وباهت ـ في أي وقت ـ امرأة أخرى في الحسن والملاحة كانت هي أزيد من هذه المرأة في الملاحة والبهجة».

الإعراب : إذا : ظرف زمان يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بأملح. سايرت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث. أسماء : فاعله مرفوع. يوما : ظرف زمان منصوب متعلق بسايرت. ظعينة مفعول به منصوب وجملة «سايرت أسماء» في محل جر. بإضافة إذا إليها. فأسماء : الفاء واقعة في جواب إذا. أسماء مبتدأ مرفوع. من تلك : من حرف جر. تلك : اسم إشارة مبني على السكون على الألف المحذوفة ـ تي ـ في محل جر بمن. واللام للبعد والكاف حرف خطاب والجار والمجرور متعلق بأملح. الظعينة : بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان مجرور أملح : خبر أسماء مرفوع. بالضمة. وجملة «أسماء أملح» لا محل لها من الإعراب واقعة في جواب شرط غير جازم وهو «إذا».

الشاهد : في قوله : «من تلك الظعينة أملح» حيث تقدمت من ومجرورها على أفعل التفضيل في غير الاستفهام وهو شاذ.

(٢) في التعبير قلب ، المقصود «عاقبه فعل» أي صح أن يعقبه ويقع في مكانه فعل.

٢٦٨

لا يخلو أفعل التفضيل من أن يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه ، أولا.

فإن لم يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه لم يرفع ظاهرا ، وإنما يرفع ضميرا مسترا ، نحو «زيد أفضل من عمرو» ففي «أفضل» ضمير مستتر عائد على «زيد» فلا تقول : «مررت برجل أفضل منه أبوه» فترفع «أبوه» ب «أفضل» إلا في لغة ضعيفة حكاها سيبويه (١) فإن صلح لوقوع فعل بمعناه موقعه صحّ أن يرفع ظاهرا قياسا مطردا ، وذلك في كل موضع وقع فيه أفعل بعد نفي أو شبهه ، وكان مرفوعه أجنبيا (٢) ، مفضّلا على نفسه باعتبارين (٣) ، نحو «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» ف «الكحل» مرفوع ب «أحسن» لصحة وقوع فعل بمعناه موقعه ، نحو : «ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كزيد» ومثله قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من أيام أحبّ إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجّة».

وقول الشاعر : وأنشده سيبويه :

١٩ ـ مررت على وادي السباع ولا أرى

كوادي السّباع ـ حين يظلم ـ واديا

__________________

(١) في هذه اللغة تكون «أفضل» نعتا لرجل مجرورا بالفتحة وأبوه فاعله. ولكن أكثر العرب يرفعون «أفضل» خبرا مقدما عن «أبوه» والجملة نعت لرجل.

(٢) أي لم يتصل بضمير الموصوف ، بأن يكون منقطع الصلة بموصوف أفعل التفضيل.

(٣) أي باعتبار محلين كعين زيد والعين الأخرى ، فالمفضّل والمفضّل عليه شيء واحد هو «الكحل» لكن فضل باعتبار مكان. هو عين زيد. على نفسه في مكان آخر.

٢٦٩

٢٠ ـ أقلّ به ركب أتوه تئيّة

وأخوف ـ إلا ما وقى الله ـ ساريا (١)

__________________

(١) قائلهما : سحيم بن وثيل الرياحي. وادي السباع : اسم واد بطريق الرقة. الوادي في الأصل : كل منفرج بين جبال أو آكام. والسّباع : جمع سبع وهو الأسد. تئيّة : مصدر قولهم «تأيّا بالمكان : تلبث فيه ومكث». ساريا : اسم فاعل من السّري وهو السير ليلا.

المعنى : «مررت على وادي السباع فإذا هو واد مخيف إذا أقبل عليه الظلام لا تضاهيه أودية في قلة مكث من يأتيه من الركبان ولا في خوف المسافرين القادمين عليه في أي وقت كان ما عدا الوقت الذي يحفظ الله تعالى فيه السارين ويسكن فيه روع الخائفين».

الإعراب : مررت : فعل ماض مبني على السكون. والتاء فاعله. على وادي : جار ومجرور متعلق بمررت. ووادي مضاف. السباع : مضاف إليه مجرور. ولا أرى : الواو حالية. لا نافية ، أرى : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. وجملة «لا أرى» في محل نصب حال من ضمير مررت. كوادي : جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول به ثان لأرى القلبية. حين : ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف حال من «واديا» يظلم : مضارع مرفوع بالضمة وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يظلم» في محل جر بإضافة حين إليها. واديا : مفعول به أول لأرى. أقل : صفة لواديا منصوب بالفتحة وهو أفعل تفضيل به : جار ومجرور ، والياء بمعنى في ـ متعلق بمحذوف حال من «ركب». ركب : فاعل أفعل التفضيل مرفوع بالضمة. أتوه : أتى : فعل ماض مبني على ضمّ مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين. لا تضاله بواو الجماعة والواو فاعل. والهاء : مفعول به. وجملة «أتوه» في محل رفع صفة ل «ركب» تئيّة : تمييز لأقل منصوب بالفتحة ـ والمفضّل عليه محذوف مع حاله تقديره «منه بوادي السباع» وتقدير الكلام : «لم أر واديا يقلّ مكث الركب فيه كقلته في وادي السباع» وأخوف : الواو عاطفة. أخوف معطوف على أقلّ ومنصوب مثلها بالفتحة ، وفاعله ضمير الركب. وصلته محذوفة لدلالة ما قبله عليه ، والمفضل عليه محذوف أيضا مع حاله. والتقدير : «ولا أرى واديا أخوف فيه ركب أتوه منه في وادي السباع». إلا : أداة حصر أو استثناء ملغاة ـ لأنه استثناء مفرغ حذف فيه المستثنى منه وتقديره «في كل وقت» ما وقى :

٢٧٠

فرفع «ركب» ب «أقلّ». وقول المصنف «ورفعه الظاهر نزر» إشارة إلى الحالة الأولى وقوله : «ومتى عاقب فعلا» إشارة إلى الحالة الثانية.

__________________

ما مصدرية ظرفية. وقى : فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف. الله : لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة. ساريا : مفعول به لوقى منصوب بالفتحة. وما وما بعدها في تأويل مصدر منصوب على الظرفية من قبيل حذف المضاف ونيابة المضاف إليه منابه ، الأصل «مدة وقاية الله للسارين» فحذف المضاف وهو المدة وناب المضاف إليه وهو ما وصلتها عنه في الانتصاب على الظرفية. والمصدر متعلق بأخوف.

الشاهد : في قوله : «أقلّ به ركب» حيث رفع أفعل التفضيل «أقل» اسما ظاهرا هو «ركب».

٢٧١

أسئلة ومناقشات

١ ـ ما المقصود باسم التفضيل؟ وما شروط صوغه إجمالا وضح ذلك مع التمثيل.

٢ ـ ما الأفعال التي لا يصاغ منها اسم التفضيل مطلقا؟ وما الأفعال التي يصاغ منها بشرط؟ وما هذا الشرط؟ ثم ما الأفعال التي يصاغ منها بلا قيد؟ مثّل لذلك كله.

٣ ـ اذكر حالات اسم التفضيل إجمالا ممثلا لكل حالة منها بمثال.

٤ ـ ما الحكم إذا كان اسم التفضيل مجردا من (أل والإضافة)؟ أو كان (بأل)؟ مثّل لما تقول ..

٥ ـ ماذا يلزم في أفعل التفضيل إذا كان مضافا إلى ما بعده فصّل ومثل.

٦ ـ يؤتى (بمن) التفضيلية مع أفعل في بعض استعمالاته .. فمتى يحدث ذلك؟ وما حكم تقديم (من) ومجرورها على (أفعل)؟. اشرح ذلك مع التمثيل.

٧ ـ ماذا يرفع اسم التفضيل عموما؟ ومتى يرفع الظاهر؟ اذكر متى ينقاس ذلك؟ موضحا هذه القاعدة بالتفضيل.

٢٧٢

تمرينات

١ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة».

أجب عما يأتي : ـ

(أ) اضبط الكلمات (أيام ـ أحب ـ الصوم ـ الحجة) مبينا سبب الضبط.

(ب) ما موقع كلمة (أيام) الإعرابي؟ وكذلك كلمة (أحب) وما معنى (ما) في الحديث الشريف ..

(ج) اذكر الفعل الذي صيغ منه (أحب) في الحديث .. وما وزن (أحب)؟

(د) اذكر باختصار قاعدة رفع (أفعل) للظاهر؟ وطبّقها على الحديث ...

(ه) أعرب الحديث كله.

٢ ـ صغ أفعل التفضيل من الأفعال الآتية وضعه في جمل تامة ..

اعتذر ـ استنصر ـ ناصر ـ اصفرّ قرص الشمس ـ صلعت رأسه ـ أضحى.

٣ ـ صغ أفعل التفضيل من مصدر الفعل (ولى) ثم استعمله في جميع حالاته (بأل ـ مضافا لنكرة ثم لمعرفة ـ مجردا) مع الالتزام بالقواعد المقررة ..

٢٧٣

٤ ـ قال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ (١) أَكابِرَ مُجْرِمِيها).

(أ) أعرب الآية الكريمة.

(ب) كيف جمع اسم التفضيل (أكابر)؟ وما القاعدة؟

(ج) أيّ حالة من حالات اسم التفضيل هذه؟

٥ ـ خاطب بهذه العبارة الواحدة والمثنى والجمع بنوعيهما مراعيا القواعد : ـ «أنت الأحق بأن تراعي إخوانك ـ لأنك أكبرهم سنا وأوفر منهم عقلا».

٦ ـ بيّن مواضع الاستشهاد بما يأتي في هذا الباب ثم أعرب ما تحته خط.

قال تعالى : «أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً (٢) وَأَعَزُّ نَفَراً» ـ «وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ (٣) وَأَبْقى» ـ «وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ (٤) وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً» ـ «رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ (٥)» ـ «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (٦)» ـ «وَهُوَ أَهْوَنُ (٧) عَلَيْهِ».

ويقال في المثل : ألصّ من شظاظ. (وشظاظ اسم لص معروف من ضبّة).

ويقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألا أخبركم بأحبكم إليّ وأقربكم مني منازل يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقا. الموطؤون أكنافا. الذين يألفون ويؤلفون».

__________________

(١) آية ١٢٣ سورة الأنعام.

(٢) آية ٣٤ سورة الكهف.

(٣) آية ١٧ سورة الأعلى.

(٤) آية ٢١ سورة الإسراء.

(٥) آية ٥٤ سورة الإسراء.

(٦) آية ٦ سورة الأحزاب.

(٧) آية ٢٧ سورة الروم.

٢٧٤

ويقول صاحب الفصيح : «فاخترنا أفصحهنّ».

٧ ـ اشرح البيت الآتي ثم أعربه ...

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

٢٧٥

التوابع

يتبع في الإعراب الاسماء الأول

نعت ، وتوكيد ، وعطف ، وبدل (١)

التابع هو : الاسم المشارك لما قبله في إعرابه مطلقا.

فيدخل في قولك : «الاسم المشارك لما قبله في إعرابه» سائر التوابع ، وخبر المبتدأ ، نحو «زيد قائم» ، وحال المنصوب ، نحو «ضربت زيدا مجردا».

ويخرج بقولك «مطلقا» الخبر وحال المنصوب ، فإنهما لا يشاركان ما قبلهما في إعرابه مطلقا ، بل في بعض أحواله ، بخلاف التابع ، فإنه يشارك ما قبله في سائر أحواله من الإعراب ، نحو «مررت بزيد الكريم ، ورأيت زيدا الكريم ، وجاء زيد الكريم».

والتابع على خمسة أنواع : النعت ، والتوكيد ، وعطف البيان ، وعطف النسق ، والبدل.

__________________

(١) الأسماء : مفعول مقدم ، الأول : نعت للأسماء منصوب ، نعت : فاعل يتبع مؤخر مرفوع بالضمة الظاهرة. أي : أن هذه الأنواع الأربعة تتبع في إعرابها الأسماء التي سبقتها ـ وهي الأسماء المتبوعة ـ واقتصر على ذكر الأسماء دون غيرها لأنها هي الأكثر.

٢٧٦

النعت

فالنعت تابع متمّ ما سبق

بوسمه ، أو وسم ما به اعتلق (١)

عرف النعت بأنه : «التابع» ، المكمل متبوعه :

(أ) ببيان صفة من صفاته (٢) ، نحو «مررت برجل كريم».

(ب) أو من صفات ما تعلق به ـ وهو سببيّه (٣) ـ نحو «مرت برجل كريم أبوه». فقوله «التابع» يشمل التوابع كلها ، وقوله «المكمل ـ إلى آخره» مخرج لما عدا النعت من التوابع.

أغراض النعت

والنعت يكون :

(أ) للتخصيص ، نحو «مررت بزيد الخياط» (٤).

__________________

(١) فالنعت تابع : مبتدأ وخبر. متم : نعت لتابع مرفوع ، ما : اسم موصول مفعول به لاسم الفاعل متم مبني على السكون في محل نصب بوسمه ، الوسم : العلامة ، أي : بزيادة علامة عليه ، وهي الزيادة الناشئة من النعت ، واعتلق أي : اتصل به بعلاقة. المعنى أن النعت تابع يتمم المنعوت الذي سبقه أو يتمم ما اتصل بالمنعوت.

(٢) وهو النعت الحقيقي : الذي يدل على معنى في نفس منعوته الأصلي ، كما تقول : «هذا طفل ذكيّ».

(٣) وهو النعت السببيّ : الذي يدل على معنى في شيء بعده له صلة وارتباط بالمتبوع كما تقول : «هذا معهد متّسع فناؤه ، كبيرة غرفه».

(٤) أراد الشارح بالتخصيص ما يعم رفع الاشتراك اللفظي في المعارف وهو المسمى بالإيضاح ورفع الاشتراك المعنوي في النكرات وهو المسمى بالتخصيص وعليه يكون النعت للتوضيح إذا كان المنعوت معرفة نحو «سافر خالد العالم أخوه» ويكون النعت للتخصيص إذا كان المنعوت نكرة ، نحو «هذا رجل عالم أخوه» ، أما بقية الأغراض فهي مستفادة من لفظ النعت.

٢٧٧

(ب) وللمدح ، نحو «مررت بزيد الكريم» ، ومنه قوله تعالى : «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».*

(ج) وللذم ، نحو «مررت بزيد الفاسق» ، ومنه قوله تعالى : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(١).

(د) وللترحم ، نحو «مررت بزيد المسكين».

(ه) وللتأكيد ، نحو «أمس الدابر لا يعود» (٢) وقوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٣).

موافقة النعت لما قبله :

وليعط في التعريف والتنكير ما

لما تلا ك «امرر بقوم كرما» (٤)

النعت يجب فيه أن يتبع ما قبله في :

(أ) إعرابه.

(ب) وتعريفه أو تنكيره ، نحو «مررت بقوم كرماء ، ومررت بزيد الكريم».

__________________

(١) آية ٩٨ سورة النحل وهي : «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ».

(٢) أمس : اسم مبتدأ مبني على الكسر في محل رفع ، الدابر : نعت لأمس مرفوع بالضمة وجملة لا يعود في محل رفع خبر المبتدأ.

(٣) آية ١٣ و ١٤ سورة الحاقة وهما : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً).

(٤) وليعط : الواو استئنافية ، واللام : لام الأمر تجزم الفعل المضارع ، يعط : فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف الألف من آخره ، ونائب فاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى النعت في البيت السابق ، ما : اسم موصول مفعول به ثان ليعط مبني على السكون في محل نصب. لما : اللام حرف جر ، وما اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بمحذوف صلة ما ، والتقدير ما ثبت للذي تلاه النعت :

٢٧٨

فلا تنعت المعرفة بالنكرة ، فلا تقول : «مررت بزيد كريم» ، ولا تنعت النكرة بالمعرفة ، فلا تقول : «مررت برجل الكريم».

* * *

وهو ـ لدى التوحيد ، والتذكير ، أو

سواهما ـ كالفعل فاقف ما قفوا (١)

تقدم أن النعت لا بد من مطابقته للمنعوت في الإعراب ، والتعريف أو التنكير.

وأما مطابقته للمنعوت في :

(ج) التوحيد وغيره ـ وهي : التثنية ، والجمع.

(د) والتذكير وغيره ـ وهو التأنيث فحكمه فيها حكم الفعل.

١ ـ فإن رفع ضميرا مستترا طابق المنعوت مطلقا (٢) ، نحو «زيد رجل حسن ، والزيدان رجلان حسنان ، والزيدون رجال حسنون ، وهند امرأة حسنة ، والهندان امرأتان حسنتان ، والهندات نساء حسنات».

فيطابق في التذكير ، والتأنيث ، والإفراد ، والتثنية ، والجمع ، كما يطابق الفعل لو جئت مكان النعت بفعل ، فقلت : رجل حسن ، ورجلان حسنا ، ورجال حسنوا ، وامرأة حسنت ، وامرأتان حسنتا ، ونساء حسنّ».

__________________

(١) لدى التوحيد : أي عند الإفراد ، لدى : ظرف مكان مفعول فيه منصوب بالفتحة المقدرة وهو متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في الخبر ، كالفعل جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «هو».

(٢) وهو المسمى نعتا حقيقيا.

٢٧٩

٢ ـ وإن رفع ـ أي النعت ـ ظاهرا (١) ، كان بالنسبة إلى التذكير والتأنيث على حسب ذلك الظاهر.

وأما في التثنية ، والجمع فيكون مفردا : فيجري مجرى الفعل إذا رفع ظاهرا ، فتقول : «مررت برجل حسنة أمّه» ، كما تقول : «حسنت أمّه» ، «وبامرأتين حسن أبواهما ؛ وبرجال حسن آباؤهم» ، كما تقول : «حسن أبواهما ، حسن آباؤهم».

فالحاصل أن النعت إذا رفع ضميرا طابق المنعوت في أربعة من عشرة :

(أ) واحد من ألقاب الإعراب ـ وهي : الرفع ، والنصب ، والجر.

(ب) وواحد من التعريف ، والتنكير ،

(ج) وواحد من التذكير ، والتأنيث ،

(د) واحد من الإفراد ، والتثنية ، والجمع.

وإذا رفع ظاهرا طابقه في اثنين من خمسة :

(أ) واحد من ألقاب الإعراب ،

(ب) وواحد من التعريف ، والتنكير.

وأما الخمسة الباقية ـ وهي التذكير ، والتأنيث ، والإفراد ، والتثنية ، والجمع ـ فحكمه فيها حكم الفعل إذا رفع ظاهرا : فإن أسند إلى مؤنث أنّث ، وإن كان المنعوت مذكرا ، وإن أسند إلى مذكّر ذكّر ، وإن كان المنعوت مؤنّثا ، وإن أسند إلى مفرد ، أو مثنى ، أو مجموع أفرد ، وإن كان المنعوت بخلاف ذلك.

__________________

(١) وهو المسمى نعتا سببيا.

٢٨٠