تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

الأشياء التي ينعت بها :

وانعت بمشتق : كصعب وذرب

وشبهه كذا ، وذي ، والمنتسب (١)

لا ينعت إلا بمشتق لفظا ، أو تأويلا :

١ ـ والمراد بالمشتق هنا : ما أخذ من المصدر للدلالة على معنى وصاحبه :

كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة باسم الفاعل ، وأفعل التفضيل.

٢ ـ والمؤول بالمشتق ، كاسم الإشارة (٢). نحو «مررت بزيد هذا» أي المشار إليه ، وكذا «ذو» بمعنى صاحب ، والموصولة (٣) ، نحو «مررت برجل ذي مال» أي : صاحب مال ، و «بزيد ذو قام» أي : القائم ، والمنتسب ، نحو «مررت برجل قرشيّ» (٤) أي : منتسب إلى قريش.

__________________

(١) ذرب : سيف وسنان ذرب أي : حاد. ويقال لسان ذرب وفي لسانه ذرب أي حدة وبذاء. وقال الشاعر :

أرحني واسترح مني فإني

ثقيل محملي ذرب لساني

والمنتسب : المنسوب الذي يفيد النسبة إلى غيره ، تقول : «هذا رجل دمشقيّ» أي : منسوب إلى دمشق.

(٢) ما عدا أسماء الإشارة المكانية فإنها ظروف تتعلق بمحذوف هو الصفة ، كما تقول : «مررت برجل هناك» ف «هنا» مفعول فيه ظرف مكان مبني على السكون في في محل نصب وهو متعلق بمحذوف صفة للرجل أي : رجل كائن هناك ، والكاف حرف خطاب.

(٣) ومثلها : الأسماء الموصولة المبدوءة بأل مثل الذي ، والتي ، واللائي ، بخلاف أي ، ومن ، وما.

(٤) أما قولك : «هذا رجل قرشيّ أبوه» فإعراب «أبوه» نائب فاعل لقرشي مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة ، وأعرب نائب فاعل لأن «قرشيّ» بمعنى : «منسوب أبوه إلى قريش» فمنسوب اسم مفعول يرفع نائب فاعل.

٢٨١

ونعتوا بجملة منكّرا

فأعطيت ما أعطيته خبرا (١)

٣ ـ تقع الجملة نعتا كما تقع خبرا وحالا ، وهي مؤولة بالنكرة ، ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة ، نحو «مررت برجل قام أبوه» أو «أبوه قائم». ولا تنعت بها المعرفة فلا تقول «مررت بزيد قام أبوه» أو «أبوه قائم». وزعم بعضهم أنه يجوز نعت المعرف بالألف واللام الجنسية بالجملة ، وجعل منه قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ)(٢). وقول الشاعر :

٢٠ ـ ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني

فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني (٣)

ف «نسلخ» صفة «الليل» و «يسبني» صفة «اللئيم» ، ولا يتعين ذلك ، لجواز كون «نسلخ ويسبني» حالين.

__________________

(١) ما : اسم موصول مفعول به ثان مبني على السكون في محل نصب ، والمفعول الأول أصبح نائب فاعل لأعطيت لبناء الفعل للمجهول.

(٢) الآية ٣٧ من سورة يس ـ وتمامها : «وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ».

(٣) قائل هذا البيت شمر بن الحنفي ، اللئيم : الدنيء الأصل ، الشحيح النفس.

المعنى : والله إني لأمر على لئيم من اللئام ساب لي فأتركه وأقول إنه لا يقصدني بسبه.

الإعراب : ولقد : الواو : بحسب ما قبلها ، واللام : واقعة في جواب القسم المقدر أي : والله لقد. و «قد» حرف تحقيق. «أمر» فعل مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا والجملة واقعة في جواب القسم لا محل لها من الإعراب. وجملة يسبني في محل جر صفة للئيم باعتبار معناه أو في محل نصب حال باعتبار لفظه ثمت : ثمّ : حرف عطف ، والتاء للتأنيث جملة قلت معطوفة على جملة مضيت لا محل لها من الإعراب وجملة لا يعنيني في محل نصب مقول القول.

الشاهد فيه : «اللئيم يسبني» فإنه نعت اللئيم بالجملة نظرا إلى معناه فإن المعرف بأل الجنسية لفظه معرفة ، ومعناه نكرة ويجوز أن تكون الجملة حالا نظرا إلى لفظه كما قدمنا في الإعراب.

٢٨٢

شروط جملة النعت :

وأشار بقوله : «فأعطيت ما أعطيته خبرا».

إلى أنه لا بد للجملة الواقعة صفة من ضمير يربطها بالموصوف ، وقد يحذف للدلالة عليه كقوله :

٢١ ـ وما أدري أغيّرهم تناء

وطول الدهر أم مال أصابوا؟ (١)

التقدير : أم مال أصابوه ، فحذف الهاء ، وكقوله عزوجل : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)(٢). أي لا تجزى فيه ، فحذف «فيه».

وفي كيفية حذفه قولان : أحدهما : أنه حذف بجملته دفعة واحدة.

والثاني : أنه حذف على التدريج ، فحذف «في» أولا ، فاتصل الضمير بالفعل ، فصار تجزيه ، ثم حذف هذا الضمير المتصل ، فصار تجزي (٣).

__________________

(١) قائل هذا البيت جرير بن عطية. تناء : بعد.

المعنى : إني لا أعلم ما سبب تغير هؤلاء الناس ، أهو العهد الطويل ، أم الغنى والمال الذي حصلوا عليه؟

الإعراب : أغيرهم : الهمزة حرف استفهام ، غيّر : فعل ماض مبني على الفتح ، والهاء مفعول به ضمير متصل مبني على الضم ، والميم علامة الجمع ، تناء : فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين وجملة أغيرهم تناء : سدت مسد مفعولي أدرى ، وجملة أصابوا في محل رفع صفة لمال.

الشاهد : «مال أصابوا» فإنه حذف الضمير الذي يربط النعت بالمنعوت والتقدير : مال أصابوه. وقد حذف هذا الضمير لأنه معروف من السياق ولا لبس في حذفه.

(٢) بعض آيتين ٤٨ ، ١٢٣ سورة البقرة.

(٣) قد يذكر الضمير كما في قوله تعالى : «وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ».

٢٨٣

وامنع هنا إيقاع ذات الطلب

وإن أتت فالقول أضمر تصب (١)

لا تقع الجملة الطلبية صفة ، فلا تقول : «مررت برجل اضربه» ، وتقع خبرا خلافا لابن الأنباري ، فتقول : «زيد اضربه».

ولمّا كان قوله : «فأعطيت ما أعطيته خبرا» يوهم أن كل جملة وقعت خبرا يجوز أن تقع صفة قال : «وامنع هنا إيقاع ذات الطلب» أي : امنع وقوع الجملة الطلبية في باب النعت ، وإن كان لا يمتنع في باب الخبر.

ثم قال : فإن جاء ما ظاهره أنه نعت فيه بالجملة الطلبية ، فيخرج على إضمار القول ، ويكون المضمر صفة ، والجملة الطلبية معمول القول المضمر ، وذلك كقوله :

٢٢ ـ حتى إذا جنّ الظلام واختلط

جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط (٢)

__________________

(١) إن أتت : إن حرف شرط جازم ، أتت فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين لأن أصله أتى في محل جزم فعل الشرط فالقول : الفاء : واقعة في جواب الشرط ، القول : مفعول به مقدم لأضمر ، أضمر : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، وجملة فالقول أضمر في محل جزم جواب الشرط. تصب : فعل مضارع مجزوم لأنه واقع في جواب الطلب ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.

(٢) قائل هذا البيت غير معروف. جنّ : خيّم وستر ، مذق : اللبن بالماء الذي تغيّر لونه.

المعنى : يرمي الراجز قوما بالبخل لأنه طال انتظاره حتى دخل الليل فقدموا له لبنا ممزوجا بالماء متغيرا لونه حتى أصبح يشبه الذئب في لونه.

الإعراب : حتى : ابتدائية ، إذا : ظرف متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه وهو متعلق بجاءوا ، وجملة جن الظلام في محل جر مضافة إلى إذا ، وجملة اختلط : معطوفة عليها ، وجملة جاءوا : واقعة في جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة هل رأيت الذئب في محل نصب مقول لقول محذوف يقع صفة للمذق والتقدير جاءوا بمذق مقول فيه : «هل رأيت الذئب». قط : ظرف لاستغراق الزمن الماضي مفعول فيه مبني على الضم في محل نصب وهو متعلق برأي. وسكّن للرويّ.

٢٨٤

فظاهر هذا أن قوله : «هل رأيت الذئب قط» صفة ل «مذق» وهي جملة طلبية ، ولكن ليس هو على ظاهره ، بل «هل رأيت الذئب قط» معمول لقول مضمر ، هو صفة ل «مذق» والتقدير : بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.

فإن قلت : هل يلزم هذا التقدير في الجملة الطلبية إذا وقعت في باب الخبر ، فيكون تقدير قولك : «زيد اضربه» زيد مقول فيه اضربه؟

فالجواب أن فيه خلافا : فمذهب ابن السراج والفارسي التزام ذلك ، ومذهب الأكثرين عدم التزامه.

٤ ـ المصدر.

ونعتوا بمصدر كثيرا

فالتزموا الإفراد والتذكيرا

يكثر استعمال المصدر نعتا (١) نحو «مررت برجل عدل ، وبرجلين عدل ، وبرجال عدل ، وبامرأة عدل ، وبامرأتين عدل». ويلتزم حينئذ الإفراد والتذكير ، فنقول : «مررت برجل عدل ، وبنساء عدل».

والنعت به على خلاف الأصل ، لأنه يدل على المعنى ، لا على صاحبه.

وهو مؤول :

(أ) إما على وضع «عدل» موضع «عادل».

(ب) أو على حذف مضاف ، والأصل : مررت برجل ذي عدل ، ثم حذف «ذي» وأقيم «عدل» مقامه.

(ج) وإما على المبالغة بجعل العين نفس المعنى : مجازا أو ادعاء (٢).

__________________

(١) يشترط في هذا الوصف بالمصدر أن يكون مصدرا ثلاثيا ، وأن يلتزم إفراده وتذكيره وألا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع ، وألا يكون مصدرا ميميا.

(٢) أي : إرادة المبالغة في الوصف بالمصدر لما فيه من جعل المنعوت هو نفس النعت :

٢٨٥

تعدد النعوت :

ونعت غير واحد إذا اختلف

فعاطفا فرّقه ، لا إذا ائتلف (١)

إذا نعت غير الواحد : فإما أن يختلف النعت ، أو يتفق.

(أ) فإن اختلف وجب التفريق بالعطف (٢) ، فنقول : «مررت بالزيدين الكريم والبخيل ، وبرجال فقيه ، وكاتب ، وشاعر».

(ب) وإن اتفق جيء به مثنى أو مجموعا ، نحو «مررت برجلين كريمين ، وبرجال كرماء».

ونعت معمولي وحيدي معنى

وعمل ، اتبع بغير استثنا (٣)

(أ) إذا نعت معمولان لعاملين متحدي المعنى والعمل ، أتبع النعت المنعوت : رفعا ، ونصبا ، وجرا ، نحو «ذهب زيد وانطلق عمرو العاقلان ، وحدثت زيدا وكلمت عمرا الكريمين ، ومررت بزيد وجزت على عمرو الصالحين».

(ب) فإن اختلف معنى العاملين ، أو عملهما ـ وجب القطع وامتنع الإتباع ، فتقول : «جاء زيد وذهب عمرو العاقلين» بالنصب على إضمار فعل ، أي : أعني العاقلين ، وبالرفع على إضمار مبتدأ ، أي : هما العاقلان ، وتقول : «انطلق زيد وكلمت عمرا الظريفين» أى : أعني

__________________

(١) فعاطفا : الفاء واقعة في جواب إذا ، عاطفا : حال من الضمير المستتر في فرّق. لا : عاطفة.

(٢) يجب أن يكون العطف بالواو خاصة.

(٣) نعت : مفعول به مقدم لأتبع ، ونعت مضاف ومعمولي : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه مثنى وحذف النون للإضافة ، ومثلها وحيدي.

٢٨٦

الظريفين ، أو «الظريفان» أي : هما الظريفان ، و «مررت بزيد وجاوزت خالدا الكاتبين ، أو الكاتبان».

وإن نعوت كثرت وقد تلت

مفتقر الذكرهنّ أتبعت (١)

إذا تكررت النعوت ، وكان المنعوت لا يتّضح إلا بها جميعا ، وجب إتباعها كلها ، فتقول : «مررت بزيد الفقيه الشاعر الكاتب».

واقطع أو اتبع إن يكن معيّنا

بدونها ، أو بعضها اقطع معلنا (٢)

إذا كان المنعوت متّضحا بدونها كلها جاز فيها جميعا : الإتباع ، والقطع (٣).

وإن كان معيّنا ببعضها دون بعض وجب فيما لا يتعين إلا به الإتباع ، وجاز فيما يتعين بدونه : الإتباع ، والقطع (٤).

__________________

(١) إن نعوت : إن : حرف شرط جازم ، نعوت : فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده. أي : إن كثرت نعوت وجملة كثرت المذكورة : تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وقد تلت : الواو حالية ، وقد : حرف تحقيق ، تلت : تلا : فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي. والجملة في محل نصب حالا. أتبعت : أتبع : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح في محل جزم جواب الشرط ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي ، والتاء للتأنيث ، والجملة لا محل لها من الإعراب واقعة في جواب شرط جازم ولم تقترن بالفاء.

(٢) أو بعضها : أو : حرف عطف ، بعض : مفعول به مقدم لا قطع ، وها ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. معلنا : حال منصوب بالفتحة الظاهرة.

(٣) كما جاز إتباع بعضها وقطع بعضها ما دام المنعوت معينا بدونها كلها.

(٤) وإذا قطع بعض النعوت دون بعض قدم المتبع على المقطوع :

٢٨٧

قطع النعت :

وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا

مبتدأ ، أو ناصبا ، لن يظهرا

أي : إذا قطع النعت عن المنعوت رفع على إضمار مبتدأ ، أو نصب على إضمار فعل ، نحو «مررت بزيد الكريم ، أو الكريم» أي : هو الكريم ، أو أعني الكريم.

وقول المصنف «لن يظهرا» معناه أنه يجب إضمار الرافع أو الناصب ، ولا يجوز إظهاره ، وهذا صحيح إذا كان النعت :

(أ) لمدح ، نحو «مررت بزيد الكريم» (١).

(ب) أو ذم ، نحو «مررت بعمرو الخبيث».

(ج) أو ترحم ، نحو «مررت بزيد المسكين».

فأما إذا كان لتخصيص فلا يجب الإضمار ، نحو «مررت بزيد الخياط أو الخياط» (٢) وإن شئت أظهرت فتقول «هو الخياط ، أو أعني الخياط» والمراد بالرافع ، والناصب لفظة «هو» أو «أعني».

حذف المنعوت أو النعت :

وما من المنعوت والنّعت عقل

يجوز حذفه وفي النعت يقل

__________________

(١) على الإتباع تقول الكريم بالجر ، فإعرابه : نعت لزيد مجرور مثله ، وعلى القطع تقول «الكريم» بالرفع ، أو النصب ـ فإعرابه ـ إذا كان مرفوعا ـ خبر لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره «هو الكريم» ، وإعرابه ـ إذا كان منصوبا ـ مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره «أعني الكريم» ، ومثل ذلك «الخبيث» ، والمسكين والجملة المقطوعة استئنافية لا محل لها من الإعراب.

(٢) الخياط : بالرفع خبر لمبتدأ محذوف جوازا تقديره «هو» أي هو الخياط ، الخياط بالنصب : مفعول به لفعل محذوف جوازا تقديره «أعني» أي أعني الخياط.

٢٨٨

أي : يجوز حذف المنعوت وإقامة النعت مقامه إذا دل. عليه دليل ، نحو قوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(١) أي : دروعا سابغات.

وكذلك يحذف النعت إذا دلّ عليه دليل ، لكنه قليل ، ومنه قوله تعالى : (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ)(٢) أي : البيّن ، وقوله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)(٣) أي : الناجين.

__________________

(١) الآية (١١) من سورة سبأ وتمامها : «أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ ، وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ، وَاعْمَلُوا صالِحاً ، إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».

(٢) آية ٧١ سورة البقرة وهي : «قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها ، قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ».

(٣) آية ٤٦ سورة هود وهي : «قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ».

٢٨٩

أسئلة ومناقشات

١ ـ اذكر تعريف التابع ووضح لماذا لم يكن خبر المبتدأ أو الحال من التوابع؟ ثم عدد التوابع ومثل لكل منها بمثال ..

٢ ـ اشرح تعريف النعت .. ووضح من خلال الشرح الفرق بين النعت الحقيقي والسببي ومثل لكل منها بمثال ..

٣ ـ يجيء النعت لأغراض مختلفة. اذكر أهم هذه الأغراض ومثل لها بأمثلة متنوعة ..

٤ ـ فيم يتبع النعت الحقيقي منعوته؟ وضح ذلك مع ذكر الأمثلة.

٥ ـ إذا كان النعت سببيا ففيم يتبع ما قبله؟ وفيم يتبع ما بعده؟ اشرح ذلك مع التمثيل ..

٦ ـ قال النحاة : «مطابقة النعت للمنعوت في التوحيد وغيره .. والتذكير وغيره حكمه فيها حكم الفعل». اشرح هذا القول شرحا مفصلا موضحا إياه بالأمثلة المختلفة.

٧ ـ ما الأشياء التي ينعت بها؟ مثل لكل واحد بمثال من عندك.

٨ ـ وضح شروط النعت بالجملة؟ اشرح ذلك مع التمثيل لما تقول.

٩ ـ كف تؤول ما ورد عن العرب مما ظاهره النعت بالجملة الطلبية؟ وضح ذلك في شاهد تذكره وهل يجري ذلك التأويل في خبر المبتدأ إذا كان طلبيا؟ ولماذا؟

١٠ ـ لماذا كان النعت بالمصدر على خلاف الأصل؟ وما حكمه إن وقع نعتا؟ وكيف تؤوله ليصبح صالحا للنعت به؟ مثل لكل ما تقول.

٢٩٠

١١ ـ تحدث عن تكرار النعوت لمنعوت واحد .. ومثّل لذلك بالأمثلة المختلفة.

١٢ ـ ما المقصود بالنعت المقطوع؟ وكيف تعربه؟ اشرح متى يكون عامله محذوفا وجوبا؟ ومتى يكون محذوفا جوازا ووضح إجابتك بالأمثلة.

١٣ ـ وضح متى يجوز حذف كلّ من المنعوت والنعت مع ذكر الأمثلة.

٢٩١

تمرينات

١ ـ بيّن فيما يأتي المحذوف وموقعه الإعرابي : ـ

قال تعالى : ـ

(أ) (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(١).

(ب) (وَلدَّارُ لْـَاخِرَةُ خَيْرٌ) (٢).

(ج) (الُوا لْـَـٰنَ جِئْتَ بِلْحَقِّ) (٣).

(د) (تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) (٤).

(ه) (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ)(٥).

(و) (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)(٦).

(ز) «إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ (٧) أَهْلِكَ».

٢ ـ كون الجمل الآتية : ـ

(أ) نعت مؤنث منعوته مذكر. (ب) نعت مذكر منعوته مؤنث.

(ج) نعت مفرد منعوته جمع. (د) نعت بالجملة الاسمية.

(ه) نعت بجملة رابطها مقدر. (و) نعت باسم الإشارة

__________________

(١) آية ٥ سورة البيّنة.

(٢) آية ١٦٩ سورة الأعراف.

(٣) آية ٧١ سورة البقرة.

(٤) آية ٢٥ سورة الأحقاف.

(٥) آية ٦٨ سورة المائدة.

(٦) آية ٧٩ سورة الكهف.

(٧) آية ٤٦ سورة هود.

٢٩٢

٣ ـ إقرأ النصيحة الآتية .. ثم بيّن ما فيها من نعت حقيقي وسببي ومنعوتهما وأعرب ما تحته خط : «لا تصادق إلا أخا نبيلا ، تصطفيه على مهل ، وإياك والصديق الهازل الذي لا يتحمس للجد ، ولا يقيم وزنا للوقت .. إنه إنسان فاسد طبعه ـ مختلّ مزاجه .. لا يزن الأمور بميزانها الصحيح ، ولا يحاسب نفسه الأمارة بالسوء. وإنما يمضي مع شهواته وينطلق على هواه».

٤ ـ كوّن جملا تشتمل على نعت منصوب بالألف ـ وثان مرفوع بالواو وثالث مرفوع بالألف .. ورابع مجرور بالفتحة .. وخامس منصوب بالكسرة.

٥ ـ مثّل لنعت سببي منعوته جمع تكسير ـ وآخر مرفوعه جمع تكسير وثالث نعت حقيقي مفرد ومنعوته جمع.

٦ ـ مثل لمنعوت حذف نعته ـ ولنعت حذف منعوته ـ ولنعت مقطوع للمدح وآخر للتخصيص ـ ولنعت متعدد لمفرد ـ وآخر متعدد لمتعدد.

٧ ـ أعرب البيت الآتي .. وبين ما فيه من نعوت مفردة أو جملة.

قال أبو فراس :

تعالي تري روحا لديّ ضعيفة

تردّد في جسم يعذّب بالي

٨ ـ أعرب قول المتنبي :

لها ثمر تشير إليك منه

بأشربة وقفن بلا أواني

٢٩٣

التوكيد

التوكيد المعنوي :

بالنفس أو بالعين الاسم أكّدا

مع ضمير طابق المؤكّدا (١)

واجمعهما بأفعل إن تبعا

ما ليس واحدا تكن متّبعا (٢)

التوكيد قسمان ، أحدهما : التوكيد اللفظي ، وسيأتي ، والثاني : التوكيد المعنوي ، وهو على ضربين :

أحدهما : ما يرفع توهّم مضاف إلى المؤكّد ، وهو المراد بهذين البيتين ، وله لفظان : النفس ، والعين ، وذلك نحو «جاء زيد نفسه» ف «نفسه»

__________________

(١) بالنفس : جار ومجرور متعلق ب «أكدا». الاسم : مبتدأ ، أكدا : فعل ماض مبني للمجهول ، ونائب فاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، والجملة : في محل رفع خبر المبتدأ ، مع : مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة ، مع مضاف ، ضمير : مضاف إليه ، والظرف متعلق بمحذوف حال من النفس ، وجملة ، طابق ، في محل جر صفة الضمير.

(٢) إن تبعا : إن : حرف شرط جازم ، تبعا : فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ، وألف الاثنين : ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل ، ما اسم موصول : مفعول به في محل نصب ، ليس : فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر جوازا تقديره هو ، واحدا خبره ، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب تكن : فعل مضارع ناقص مجزوم لأنه واقع في جواب الطلب اجمع ، واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، متبعا : خبره.

٢٩٤

توكيد ل «زيد» (١). وهو يرفع توهّم أن يكون التقدير «جاء خبر زيد ، أو رسوله» ، وكذلك «جاء زيد عينه».

ولا بدّ من إضافة النفس أو العين إلى ضمير يطابق المؤكّد ، نحو «جاء زيد نفسه ، أو عينه ، وهند نفسها ، أو عينها».

ثم إن كان المؤكد بهما مثنى أو مجموعا جمعتهما على مثال أفعل ؛ فتقول : «جاء الزيدان أنفسهما ، أو أعينهما ، والهندان أنفسهما ، أو أعينهما (٢) ، والزيدون أنفسهم ، أو أعينهم ، والهندات أنفسهنّ ، أو أعينهنّ».

وكلّا اذكر في الشمول ، وكلا

كلتا ، جميعا ـ بالضمير موصلا (٣)

هذا هو الضّرب الثاني من التوكيد المعنوي ، وهو : ما يرفع توهّم عدم إرادة الشمول ، والمستعمل لذلك : «كلّ ، وكلا ، وكلتا ، وجميع».

فيؤكّد «بكل ، وجميع» ما كان ذا أجزاء يصحّ وقوع بعضها موقعه ، نحو «جاء الركب كلّه ، أو جميعه ، والقبيلة كلّها ، أو جميعها ، والرجال كلّهم ، أو جميعهم ، والهندات كلّهنّ ، أو جميعهنّ» ولا تقول : «جاء زيد كله».

__________________

(١) يصح أن تجمع بينهما بالعطف فتقول : «جاء زياد نفسه وعينه».

ويجوز جرهما بباء زائدة فتقول : «جاء سعيد بنفسه أو بعينه».

(٢) يجوز فيها الإفراد والتثنية فتقول : «جاء الزيدان نفسهما أو نفساهما».

(٣) كلا : مفعول به مقدم ل «اذكر» في الشمول : جار ومجرور متعلق ب «اذكر».

بالضمير : جار ومجرور متعلق ب «موصلا» موصلا : حال من كل.

٢٩٥

ويؤكّد بكلا المثنى المذكّر ، نحو «جاء الزيدان كلاهما» ، وبكلتا المثنى المؤنث ، نحو «جاءت الهندان كلتاهما» (١).

ولا بدّ من إضافتها كلها إلى ضمير يطابق المؤكّد كما مثل.

واستعملوا أيضا ككلّ فاعله

من عمّ في التّوكيد مثل النافلة (٢)

أي : استعمل العرب ـ للدلالة على الشّمول ككل ـ «عامّة» مضافا إلى ضمير المؤكّد ، نحو «جاء القوم عامّتهم» ، وقلّ من عدّها من النحويين في ألفاظ التوكيد ، وقد عدّها سيبويه ، وإنما قال : «مثل النافلة» لأنّ عدّها من ألفاظ التوكيد يشبه النافلة ، أي : الزيادة ، لأنّ أكثر النحويين لم يذكرها (٣).

__________________

(١) التوكيد بهذه الألفاظ لرفع احتمال تقدير «بعض» مضافا إلى متبوعهن ، فلو لم يؤكد بهما لجاز أن يكون المعنى : «جاء بعض الركب ، أو بعض القبيلة ، أو بعض الرجال ، أو بعض الهندات ، أو أحد الزيدين ، أو الهندين».

وتعرب كلاهما أو كلتاهما توكيدا لما قبلها مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى ، وهما : ضمير في محل جر مضاف إليه لأن كلا وكلتا تعربان إعراب المثنى إذا أضيفتا إلى الضمائر. وتعربان إعراب الاسم المقصور إذا أضيفتا للأسماء الظاهرة فتقول : «جاء كلا الرجلين ، ورأيت كلا الرجلين ، ومررت بكلا الرجلين» فكلا مرفوعة بضمة مقدرة على الألف ، ومنصوبة بفتحة مقدرة ومجرورة بكسر مقدرة.

(٢) أيضا : مفعول مطلق. أي : استعمال عامة في التوكيد وهي من الفعل عمّ ووزنها فاعلة وهي تشبه «نافلة» في الوزن وثبات التاء في جميع الأحوال : تذكيرا وتأنيثا وإفرادا وغير إفراد ، فهذه التاء زائدة لازمة.

(٣) خالف بعضهم في عامة فقال : «إنما معناها أكثر» فتكون بدل بعض من كل.

٢٩٦

تقوية التوكيد :

وبعد كل أكّدوا بأجمعا

جمعاء ، أجمعين ، ثمّ جمعا (١)

أي : يجاء بعد «كل» بأجمع وما بعدها لتقوية قصد الشّمول ؛ فيؤتى ب «أجمع» بعد «كلّه» نحو «جاء الركب كلّه أجمع» (٢) ، وب «جمعاء» بعد «كلها» نحو «جاءت القبيلة كلّها جمعاء» ، وب «أجمعين» بعد «كلّهم» نحو «جاء الرجال كلّهم أجمعون» ، وب «جمع» بعد «كلّهنّ» نحو «جاءت الهندات كلّهنّ جمع» (٣).

ودون كل قد يجيء أجمع

جمعاء ، أجمعون ، ثم جمع

أي : قد ورد استعمال العرب «أجمع» في التوكيد غير مسبوقة ـ ب «كله» نحو «جاء الجيش أجمع» ، واستعمال «جمعاء» غير مسبوقة ب «كلّها» نحو «جاءت القبيلة جمعاء» ، واستعمال «أجمعين» غير مسبوقة ب «كلّهم» نحو «جاء القوم أجمعون» ، واستعمال «جمع» غير مسبوقة ب «كلّهنّ» نحو «جاء النساء جمع».

__________________

(١) بعد : مفعول فيه ظرف مكان منصوب وهو متعلق ب «أكدوا» أكدوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو فاعل ، بأجمع : الباء حرف جر ، أجمع. مجرور بالباء وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف والمانع له الوصفية ووزن الفعل ، والجار والمجرور متعلق ب «أكدوا».

(٢) كلّه : كلّ : توكيد للركب مرفوع ، والهاء : ضمير في محل جر مضاف إليه. أجمع : توكيد للركب أيضا مرفوع بالضمة الظاهرة.

(٣) وقد يتبع أجمع وأخواته : بأكتع وكتعاء وأكتعين وكتع ، وقد يتبع أكتع وأخواته بأبصع وبصعاء وأبصعين وبصع ، وزاد الكوفيون بعد أبصع وأخواته : أبتع وبتعاء وأبتعين وبتع.

«فتقول» : «جاء القوم كلهم أجمعون أبصعون أبتعون» ، ويجب هذا الترتيب وما ورد خلاف ذلك فهو شاذ.

٢٩٧

وزعم المصنف أن ذلك قليل ومنه قوله :

٢٣ ـ يا ليتني كنت صبيّا مرضعا

تحملني الذلفاء حولا أكتعا (١)

__________________

(١) قائل هذه الأبيات غير معروف : الذلفاء : يقال امرأة ذلفاء ، وفي أنفها ذلف ، وهو قصره وصغر الأرنبة ، وهو مستملح ويجوز أن يكون علما على امرأة بذاتها.

المعنى : يتمنى الشاعر أن يكون صغيرا يرضع ، وتحمله هذه المرأة الحسناء عاما كاملا ، فإذا بكى قبلته كثيرا ولذلك سيبقى الدهر كله باكيا.

الإعراب : يا : حرف نداء ، والمنادى محذوف ، تقديره : يا قومي ، أو حرف تنبيه ، ليتنى : ليت : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر ، والنون للوقاية ، والياء ضمير متصل في محل نصب اسم ليت. كنت : كان فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر ، والتاء : ضمير متصل مبني على الضمة في محل رفع اسمها صبيا : خبر كان منصوب وجملة كان واسمها وخبرها في محل رفع خبر ليت. مرضعا : نعت ل «صبيا» منصوب مثله. تحملني : تحمل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والنون للوقاية ، والياء : مفعول به مبني على السكون في محل نصب. الذلفاء : فاعل مرفوع. حولا : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق ب «تحملني» أكتع توكيد ل «حولا» منصوب بالفتحة. إذا : ظرف متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه متعلق ب «قبلتني» ، قبلتني : قبّل : فعل ماض مبني على الفتح ، والتاء للتأنيث ، والنون للوقاية ، والياء : مفعول به ، أربعا : مفعول مطلق منصوب. وجملة ، بكيت في محل جر بإضافة إذا إليها ، وجملة ، قبلتني : جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. إذا ظللت : إذا حرف جواب وجزاء ، ظللت : ظل الناقصة ، والتاء اسمها. الدهر : مفعول فيه ظرف زمان منصوب وهو متعلق ب «أبكي» وجملة «أبكي» في محل نصب خبر ظلّ ، وأجمعا : توكيد للدهر منصوب.

الشاهد : «الدهر أجمعا» فإنه أكد الدهر بأجمع من غير أن يؤكده أولا بكل ، وهذا قليل. وهناك شاهدان آخران : أحدهما ، قوله «حولا أكتعا» فإنه أكد حولا مع كونه نكرة بأكتعا ، وثانيهما ، قوله : «والدهر أبكى أجمعا» فإنه فصل بين المؤكد وتوكيده بجملة أبكي وهذا جائز.

٢٩٨

إذا بكيت قبّلتني أربعا

إذا ظللت الدهر أبكي أجمعا

توكيد النكرة :

وإن يفد توكيد منكور قبل

وعن نحاة البصرة المنع شمل

مذهب البصريين أنه لا يجوز توكيد النكرة ؛ سواء كانت محدودة كيوم ، وليلة ، وشهر ، وحول ، أو غير محدودة ، كوقت ، وزمن ، وحين.

ومذهب الكوفيين ـ واختاره المصنف ـ جواز توكيد النكرة المحدودة (١) لحصول الفائدة بذلك ، نحو «صمت شهرا كلّه» ومنه قوله :

٢٣ ـ تحملني الذلفاء حولا أكتعا (٢).

وقوله :

٢٤ ـ قد صرّت البكرة يوما أجمعا (٣).

__________________

(١) شرط توكيد النكرة أن يكون المؤكد زمنا محدودا ، والتوكيد من ألفاظ الإحاطة والشمول.

(٢) سبق شرحه وإعرابه صفحة ٨٥ والشاهد فيه : أنه أكّد حولّا وهو نكرة دالة على زمن محدود والتوكيد من ألفاظ الشمول وهو أكتع.

(٣) قائل هذا البيت غير معروف. صرّت : صوّتت ، البكرة : ما يستقى عليها من البئر.

المعنى : أي أن هذه البكرة صوتت اليوم كله.

الإعراب : قد : حرف تحقيق ، صرّت : فعل ماض مبني على الفتح ، والتاء للتأنيث ، البكرة : فاعل مرفوع بالضمة يوما : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة وهو متعلق ب «صرت» ، أجمعا : توكيد ل «يوما» منصوب بالفتحة.

الشاهد : «يوما أجمعا» فإنه أكد يوما وهو نكرة ب «أجمعا» والذي سوّغ توكيد النكرة عند الكوفيين وابن مالك ، أن «يوما» نكرة محدودة وهو دال على الزمن ، وأن التوكيد من ألفاظ الشمول.

٢٩٩

الاستغناء بكلا وكلتا عن تثنية أجمع وجمعاء :

واغن بكلتا في مثنى وكلا

عن وزن فعلاء ووزن أفعلا

قد تقدّم أن المثنى يؤكّد بالنفس ، أو العين ، وبكلا ، وكلتا ، ومذهب البصريين أنه لا يؤكد بغير ذلك ؛ فلا تقول : «جاء الجيشان أجمعان» ولا «جاءت القبيلتان جمعاوان» استغناء بكلا وكلتا عنهما ، وأجاز ذلك الكوفيون (١).

توكيد الضمير :

وإن تؤكّد الضّمير المتّصل

بالنفس والعين فبعد المنفصل (٢)

عنيت ذا الرّفع ، وأكّدوا بما

سواهما ، والقيد لن يلتزما

لا يجوز توكيد الضمير المرفوع المتصل (٣) بالنفس أو العين ، إلا بعد تأكيده بضمير منفصل ، فتقول : «قوموا أنتم أنفسكم ، أو أعينكم» ، ولا تقل : «قوموا أنفسكم».

__________________

(١) كما أجاز ذلك الأخفش من البصريين.

(٢) إن : حرف شرط جازم ، تؤكد : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم وعلامة جرمة السكون وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، الضمير : مفعول به منصوب ، المنفصل : نعت للضمير منصوب بالنفس جار ومجرور متعلق ب «تؤكد» فبعد : الفاء واقعة في جواب الشرط ، بعد : مفعول فيه ظرف مكان منصوب متعلق بفعل محذوف تقديره فأكّد ، والمنفصل مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وجملة فأكد بعد المنفصل في محل جزم جواب الشرط الجازم.

(٣) سواء أكان مستترا أم بارزا. البارز كما مثل ، والمستتر نحو : «قم أنت نفسك أو عينك» بخلاف : «أكرمتهم أنفسهم ، وثقت بهم أعينهم» فالتوكيد بالضمير جائز لا واجب لأن المؤكد ضمير نصب أو جر. وبخلاف : «قام الخالدون أنفسهم» فيمتنع التوكيد بالضمير لأن المؤكد اسم ظاهر.

٣٠٠