تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

تمرينات

١ ـ وضح كيف تضيف الكلمات الآتية إلى ياء المتكلم مع وضع كل واحد منها في جملة .. مع الإشارة إلى القواعد التي تستند إليها .. وهي : ـ

(عصا ـ فتى ـ مسلمون ـ مسلمان ـ ماضي ـ مصطفى)

٢ ـ مثل لما يأتي في جمل تامة : ـ

مضاف إلى ياء المتكلم يكسر آخره ـ وآخر يسكّن آخره ـ وثالث ياء المتكلم فيه مشددة ـ ورابع يجوز في ياء المتكلم فيه الفتح والتسكين.

٣ ـ هؤلاء زيدىّ رأيت زيديّ

أعجبت بزيدىّ

هذان زيداى رأيت زيدىّ

أعجبت بزيدى

ما المراحل التي مرت بها الكلمات المضافة إلى ياء المتكلم التي وضع تحتها خط فيما مر. وضح ذلك بالتفصيل.

٤ ـ أعرب البيت الآتي واذكر الشاهد فيه :

وهو لأبي ذؤيب الهذلي : ـ

سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم

فتخرّموا ولكل جنب مصرع

١٨١

إعمال المصدر

المصدر يعمل عمل الفعل :

بفعله المصدر ألحق في العمل

مضافا أو مجرّدا أو مع أل (١)

إن كان فعل مع «أن» أو «ما» يحلّ

محلّه ، ولاسم مصدر عمل (٢)

يعمل المصدر عمل الفعل في موضعين :

(أ) أحدهما : أن يكون نائبا مناب الفعل ، نحو «ضربا زيدا» ف «زيدا»

__________________

(١) بفعله : جار ومجرور متعلق بألحق : وفعل مضاف. والهاء مضاف إليه ، وهي عائدة على «المصدر» : المصدر : مفعول به مقدم لألحق منصوب بالفتحة. ألحق : فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. في العمل : جار ومجرور متعلق بألحق. مضافا : حال من المصدر منصوب بالفتحة. أو مجردا : معطوف بأو على مضافا ومنصوب مثله. أو مع : أو عاطفة مع ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف حال معطوف على مضافا تقديره «أو كائنا مع أل» ومع مضاف. أل : مضاف إليه بقصد لفظه تقدير الشطر الأول «ألحق المصدر بفعله في العمل».

(٢) إن : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط. فعل : اسم كان مرفوع. مع : ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف صفة لفعل تقديرها «كائن من أن» ومع مضاف. أن : مضاف إليه بقصد اللفظ. أو ما : أو عاطفة. ما مضاف إليه بقصد لفظه. يحل : مضارع مرفوع بضمة ظاهرة وسكن للروي ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. محله : ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بيحل وهو مضاف والهاء مضاف إليه. وجملة «يحل محله» في محل نصب خبر كان.

١٨٢

منصوب ب «ضربا» لنيابته مناب «اضرب» وفيه ضمير مستتر مرفوع به كما في «اضرب» وقد تقدّم ذلك في باب المصدر.

(ب) والموضع الثاني : أن يكون المصدر مقدرا ب «أن» والفعل أو ب «ما» والفعل ، وهو المراد بهذا الفصل ؛ فيقدّر ب «أن» إذا أريد المضيّ أو الاستقبال نحو : «عجبت من ضربك زيدا أمس ، أو غدا» والتقدير من أن ضربت زيدا أمس أو من أن تضرب زيدا غدا.

ويقدر ب «ما» (١) إذا أريد به الحال ، نحو «عجبت من ضربك زيدا الآن» التقدير : مما تضرب زيدا الآن.

أحوال المصدر المقدر :

وهذا المصدر المقدّر يعمل في ثلاثة أحوال :

(أ) مضافا نحو «عجبت من ضربك زيدا الآن».

(ب) ومجردا عن الإضافة وأل ـ وهو المنون ـ نحو «عجبت من ضرب زيدا».

(ج) ومحلّى بالألف واللام ، نحو «عجبت من الضرب زيدا».

وإعمال المضاف أكثر من إعمال المنوّن : وإعمال المنوّن أكثر من إعمال المحلّى بأل ، ولهذا بدأ المصنف بذكر المضاف ، ثم المجرد ، ثم المحلّى.

ومن إعمال المنوّن قوله تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً)(٢) ف «يَتِيماً» منصوب ب «إِطْعامٌ» وقول الشاعر :

__________________

(١) ما : صالحة للأزمنة الثلاثة وإنما خصوها بذكر الحال لتعذره ـ أي الحال ـ مع أن ، ومن جهة ثانية فإن دلالة «أن» مع الماضي على المضيّ ومع المضارع على المستقبل أشدّ من دلالة «ما» عليهما.

(٢) الآيتان ١٤ و ١٥ من سورة البلد وتتمة الثانية «يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ».

١٨٣

١٠٥ ـ بضرب بالسيوف رؤوس قوم

أزلنا هامهنّ عن المقيل (١)

ف «رؤوس» منصوب ب «ضرب».

ومن إعماله وهو محلّى ب «أل» قوله :

١٠٦ ـ ضعيف النكاية أعداءه

يخال الفرار يراخى الأجل (٢)

__________________

(١) قائله : المرار بن منقذ التميميّ. الهام : جمع هامة وهي الرأس كلها. المقيل : موضع القيلولة وهي نوم نصف النهار ـ هذا في الأصل ـ وهو مستعار هنا للأعناق لأنها مكان استقرار الرؤوس وسكونها.

المعنى : «أزلنا رؤوس أعدائنا عن مواضع استقرارها بضربها بسيوفنا الماضية».

الإعراب. بضرب : جار ومجرور متعلق ب «أزلنا» بالسيوف : جار ومجرور متعلق ب «ضرب». رؤوس : مفعول به للمصدر المنون ضرب منصوب بالفتحة وهو مضاف. قوم : مضاف إليه مجرور. أزلنا : فعل وفاعل ، أزال فعل ماض مبني على السّكون ، ونا فاعله هامهن : هام مفعول به لأزال منصوب وهو مضاف والهاء في محل جر بالإضافة والنون علامة جمع النسوة. عن المقيل : جار ومجرور متعلق بأزلنا.

الشاهد : في قوله «بضرب رؤوس» حيث عمل المصدر المنون «ضرب» عمل الفعل وهو نصبه لرؤوس.

(٢) قائله غير معروف. النكاية : بكسر النون : فهو العدو وغلبته بالقتل أو الجرح ـ مصدر نكى عدوّه ينكيه. إذا قهره وغلبه ..

المعنى : «أنّ هذا الرجل عاجز عن مواجهة أعدائه وقهرهم ويظن أنّ الهرب من الحرب يمد في أجله».

الإعراب : ضعيف : خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هو» النكاية : مضاف إليه مجرور بالكسرة. أعداءه : مفعول به للمصدر «النكاية» منصوب بالفتحة وهو مضاف والهاء مضاف إليه. يخال : مضارع مرفوع بالضمة وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هو». الفرار : مفعول أول ليخال منصوب. يراخى : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا يعود على الفرار.

١٨٤

وقوله :

١٠٧ ـ فإنك والتأبين عروة بعد ما

دعاك وأيدينا إليه شوارع (١)

__________________

الأجل : مفعول به ليراخى منصوب بالفتحة وسكن للروي. وجملة «يراخى الأجل» في محل نصب مفعول به ثان ليخال ـ لأنها من أخوات ظن ـ

الشاهد : في قوله : «ضعيف النكاية أعداءه» حيث عمل المصدر المحلى بأل وهو «النكاية» عمل الفعل فنصب أعداءه مفعولا به.

(١) قائله غير معروف وبعده قوله :

لكالرجل الحادي وقد تلع الضحى

وطير المنايا فوقهن أواقع

التأبين : الثناء على الميت وتعداد فضائله. عروة : اسم رجل. شوراع : ممتدة إليه ومتصلة به جمع شارعه. تلع : ارتفع أواقع : جمع واقعة فهو في الأصل «وواقع» أبدلت الواو الأولى همزا.

المعنى : «مثلك ـ في بكائك على عروة وسردك لمناقبه بعد أن دعاك لنجدته والحال أن أيدينا ممتدة لقتله فلم تنجده. كمثل رجل يحدو إبله للسير عند موتها وانقضاض الطيور عليها تنال من لحمها».

الإعراب إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر. والكاف اسمها في محل نصب. والتأبين : الواو واو المعية أو عاطفة. التأبين منصوب على أنه مفعول معه أو عطفا على اسم إن. غروة : مفعول به للمصدر التأبين منصوب. بعد : ظرف زمان منصوب متعلق بالتأبين. ما : مصدرية. دعاك : دعا فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى عروة والكاف : في محل نصب مفعول به ، وما المصدرية وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالإضافة إلى بعد التقدير «بعد دعائه إياك» وأيدينا : الواو حالية. أيدي مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل. وهو مضاف ونا مضاف إليه. إليه : جار ومجرور متعلق بشوارع. شوارع : خبر أيدينا مرفوع بالضمة الظاهرة. والجملة «أيدينا شوارع» في محل نصب على الحال. وخبر إن من قوله «إنك» في البيت التالي الذي ذكر وهو قوله «لكالرجل» اللام ، هي لام ابتداء أو المزحلقة والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر إن.

الشاهد : في قوله : «والتأبين عروة» حيث عمل المصدر المحلى بأل «التأبين» عمل الفعل وهو نصبه ل «عروة».

١٨٥

وقوله :

١٠٨ ـ لقد علمت أولى المغيرة أنني

كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا (١)

ف «أعداءه» منصوب ب «النكاية» و «عروة» منصوب ب «التأبين» و «مسمعا» منصوب ب «الضرب».

اسم المصدر وعمله :

وأشار بقوله : «ولاسم مصدر عمل» إلى أن اسم المصدر قد يعمل عمل الفعل.

والمراد باسم المصدر : ما ساوى المصدر في الدلالة وخالفه بخلوّه ـ لفظا

__________________

(١) قائله : مالك بن زغبة : أولى المغيرة : أوائل الخيل الهاجمة على العدوّ. كررت : عدت ورجعت. أنكل : من النكول. وهو الجبن والتأخر. مسمع : اسم رجل.

المعنى : «لقد علم الفرسان المغيرون في الصف الأول أنني لم أجبن ولم أرهب الأعداء بل ضربت مسمعا سيّدهم».

الإعراب : لقد : اللام واقعة في جواب قسم محذوف. قد حرف تحقيق. علمت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث. أولى : فاعل علمت مرفوع بضمة مقدرة على الألف للتعذر ، وهو مضاف. المغيرة : مضاف إليه مجرور بالكسرة. أنني : أن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر والنون للوقاية والياء اسم أن. كررت : فعل وفاعل والجملة في محل رفع خبر أن. وأن واسمها وخبرها في في تأويل مصدر منصوب سدّ مسدّ مفعولي «علمت» فلم أنكل : الفاء عاطفة. لم حرف نفي وجزم وقلب. أنكل : مضارع مجزوم بلم بالسكون وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنا» عن الضرب : جار ومجرور متعلق بأنكل. مسمعا : مفعول به للمصدر «الضرب» منصوب بالفتحة.

الشاهد : في قوله : «عن الضرب مسمعا» حيث عمل المصدر المحلى بأل «الضرب» عمل الفعل فنصب «مسمعا» مفعولا به.

١٨٦

وتقديرا ـ من بعض ما في فعله (١) ، دون تعويض ؛ كعطاء ؛ فإنه مساو لإعطاء معنى ، ومخالف له بخلوه من الهمزة الموجودة في فعله ، وهو خال منها لفظا وتقديرا ، ولم يعوّض عنها شيء.

واحترز بذلك مما خلا من بعض ما في فعله لفظا ولم يخل منه تقديرا.

فإنه لا يكون اسم مصدر ، بل يكون مصدرا نحو «قتال» فإنه مصدر «قاتل» وقد خلا من الألف التي قبل التاء في الفعل ، لكن خلا منها لفظا ولم يخل منها تقديرا ، ولذلك نطق بها في بعض المواضع ، نحو «قاتل قيتالا ، وضارب ضيرابا» لكن انقلبت الألف ياء لكسر ما قبلها.

واحترز بقوله : «دون تعويض» مما خلا من بعض ما في فعله لفظا وتقديرا. ولكن عوّض عنه شيء ، فإنه لا يكون اسم مصدر بل هو مصدر ، وذلك نحو «عدة» فإنه مصدر «وعد» وقد خلا من الواو التي في فعله لفظا وتقديرا. ولكن عوّض عنها التاء. (وزعم ابن المصنف أن «عطاء» مصدر ، وأن همزته حذفت تخفيفا ، وهو خلاف ما صرّح به غيره من النحويين).

ومن إعمال اسم المصدر قوله :

١٠٩ ـ أكفرا بعد ردّ الموت عنّي

وبعد عطائك المائة الرّتاعا (٢)

__________________

(١) يستوى في ذلك الحروف الأصلية والزائدة لأن حق المصدر أن يتضمن حروف فعله إما بمساواة مثل «تكلّم ـ تكلّما» أو بزيادة مثل «أكرم ـ إكراما» فإن نقص دون تعويض كان اسم مصدر مثل توضأ ـ وضوءا ، وتكلّم ـ كلاما.

(٢) قائله : القطاميّ يمدح زفر بن الحارث الذي أسره ثم أطلقه وأعطاه مائة من الإبل. كفرا : هو كفر النعمة أي جحدها الرّتاع : جمع راتعة وهي التي ترعى كيف شاءت.

المعنى : «لا يليق بي أن أجحد نعمتك عليّ بعد أن منعت الموت عني وأعطيتني مائة من الإبل الكريمة». الإعراب : أكفرا : الهمزة للاستفهام الإنكاري. كفرا : مفعول مطلق حذف عامله بعد الاستفهام ـ منصوب بالفتحة. بعد : ظرف زمان منصوب متعلق بكفرا.

١٨٧

ف «المائة» منصوب ب «عطائك» ومنه حديث الموطّأ «من قبلة الرجل امرأته الوضوء» ف «امرأته» منصوب ب «قبلة» ، وقوله.

١١٠ ـ إذا صحّ عون الخالق المرء لم يجد

عسيرا من الآمال إلا ميسّرا (١)

__________________

ردّ : مضاف إلى بعد مجرور بالكسرة وهو مصدر. ومضاف. الموت : مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله مجرور وفاعل المصدر محذوف تقديره «بعد ردك الموت». عني : عن حرف جر والنون للوقاية والياء ضمير المتكلم في محل جر والجار والمجرور متعلق بردّ. وبعد : الواو عاطفة. بعد ظرف منصوب متعلق بكفرا ، وهو مضاف عطائك : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف والكاف مضاف إليه من إضافة اسم المصدر لفاعله. المائة : مفعول به لاسم المصدر عطاء منصوب بالفتحة. الرتاعا : صفة للمائة منصوب بالفتحة.

الشاهد : في قوله : «عطائك المائة الرتاعا» حيث عمل اسم المصدر «عطاء» عمل الفعل ونصب «المائة» مفعولا به.

(١) قائله : غير معروف. عون : اسم مصدر بمعنى الإعانة.

المعنى : «إذا ثبتت إعانة الخالق المخلوق لم يجد مما يرجوه أمرا صعبا إلا سهّله الله عليه».

الإعراب : إذا : ظرف زمان يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق ب «يجد» صحّ : فعل ماض مبني على الفتح. عون : فاعل صح مرفوع وهو مضاف. الخالق : مضاف إليه من إضافة اسم المصدر لفاعله. المرء : مفعول به لاسم المصدر منصوب بالفتحة وجملة «صح عون» في محل جر بالإضافة إلى «إذا» لم يجد : لم حرف نفي وجزم وقلب. يجد : مضارع مجزوم بلم بالسكون وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عسيرا : مفعول به أول ليجد منصوب بالفتحة. من الآمال : جار ومجرور متعلق بعسيرا. إلا : أداة حصر. ميسرا : مفعول به ثان ليجد منصوب. وجملة «لم يجد» لا محل لها من الإعراب جواب إذا.

الشاهد : في قوله : «عون الخالق المرء» حيث عمل اسم المصدر «عون» عمل الفعل وهو نصبه «المرء» مفعولا.

١٨٨

وقوله :

١١١ ـ بعشرتك الكرام تعدّ منهم

فلا ترين لغيرهم ألوفا (١)

وإعمال اسم المصدر قليل ، ومن ادّعى الإجماع على جواز إعماله فقد وهم ، (فإن الخلاف في ذلك مشهور ، وقال الصيمريّ : إعماله شاذ وأنشد «أكفرا ـ البيت» وقال ضياء الدين بن العلج في البسيط : ولا يبعد أنّ ما قام مقام المصدر يعمل عمله ، ونقل عن بعضهم أنه قد أجاز ذلك قياسا).

وبعد جرّه الذي أضيف له

كمّل بنصب أو برفع عمله

__________________

(١) قائله : غير معروف العشرة : اسم مصدر بمعنى المعاشرة والمخالطة. ألوفا : محبا. تعد : تحسب.

المعنى : «إنما تحسب من زمرة الأشراف أعزاء النفوس بمصاحبتك لهم دون غيرهم ، فلا تمنح غيرهم حبك وعطفك».

الإعراب : بعشرتك : جار ومجرور متعلق بقوله «تعدّ» وعشرة مضاف والكاف مضاف إليه من إضافة اسم المصدر لفاعله الكرام : مفعول به لاسم المصدر «عشرة» منصوب بالفتحة. تعدّ : مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت منهم : من حرف جر ، والهاء في محل جر والميم علامة جمع الذكور والجار والمجرور متعلق بتعدّ. فلا ترين : الفاء : هي الفصيحة ـ تكون جوابا لشرط مفهوم من الكلام السابق ـ لا ناهية. ترين مضارع مبني للمجهول مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد في محل جزم بلا الناهية ، والنون حرف توكيد. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وهو المفعول الأول. لغيرهم : جار ومجرور متعلق بألوفا ، والهاء مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور ، ألوفا : مفعول به ثان لترين منصوب بالفتحة.

الشاهد : في قوله : «بعشرتك الكرام» حيث عمل اسم المصدر عمل الفعل وهو نصبه «الكرام» مفعولا به.

١٨٩

يضاف المصدر إلى الفاعل فيجره ، ثم ينصب المفعول ، نحو «عجبت من شرب زيد العسل» وإلى المفعول ثمّ يرفع الفاعل : نحو «عجبت من شرب العسل زيد» ، ومنه قوله :

١١٢ ـ تنفي يداها الحصى في كل هاجرة

نفي الدار هيم تنقاد الصياريف (١)

وليس هذا الثاني مخصوصا بالضرورة ، خلافا لبعضهم ، (وجعل منه قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٢) فأعرب «مَنْ» فاعلا ب «حِجُّ» وردّ بأنه يصير المعنى «ولله على جميع

__________________

(١) قائله : الفرزدق يصف ناقة : الهاجرة : نصف النهار عند اشتداد الحرّ ، دراهيم : جمع درهام ـ لغة في درهم تنقاد : بفتح التاء مصدر نقد الدراهم. إذا أخرج منها الزّيف. الصيارف : جمع صيرفيّ.

المعنى «إن هذه الناقة تدفع يداها الحصى عن وجه الأرض وهي سائرة في نصف النهار عند اشتداد الحر كما يدفع نقد الصيارفة الدراهم».

الإعراب : تنفي : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل. يداها : فاعل تنفي مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون منه للإضافة ، وها ضمير متصل في محل جر بالإضافة. الحصى : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. في كل : جار ومجرور متعلق بتنفي. هاجرة : مضاف إليه مجرور بالكسرة. نفي الدراهيم : نفي مفعول مطلق عامله تنفي ، منصوب بالفتحة وهو مضاف ، الدراهيم : مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله. تنقاد : فاعل المصدر «نفي» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الصيارف : مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله.

الشاهد : في قوله : «نفي الدراهيم تنقاد» حيث أضيف المصدر «نفي» إلى مفعوله «الدراهيم» فجرّه ثم رفع الفاعل «تنقاد».

(٢) من الآية ٩٧ من سورة آل عمران «وهي آية سابقة» «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ ، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ».

١٩٠

الناس أن يحج البيت المستطيع» ، وليس كذلك ، ف «من» بدل من «الناس» والتقدير ولله على الناس مستطيعهم حجّ البيت ؛ وقيل : «من» مبتدأ ، والخبر محذوف والتقدير : «من استطاع منهم فعليه ذلك».

ويضاف المصدر أيضا إلى الظرف ثم يرفع الفاعل ، وينصب المفعول نحو : «عجبت من ضرب اليوم زيد عمرا».

كيف يعرب تابع معمول المجرور لفظا :

وجرّ ما يتبع ما جرّ ومن

راعى في الاتباع المحلّ فحسن

إذا أضيف المصدر إلى الفاعل ففاعله يكون مجرورا لفظا ، مرفوعا محلا ، فيجوز في تابعه ـ من الصفة ، والعطف ، وغيرهما ـ مراعاة اللفظ فيجرّ ، ومراعاة المحلّ فيرفع ؛ فتقول : «عجبت من شرب زيد الظريف ، والظريف» (١).

ومن إتباعه على المحل قوله :

١١٣ ـ حتى تهجّر في الرواح وهاجها

طلب المعقّب حقّه المظلوم (٢)

__________________

(١) الظريف : بالجر ـ نعت لزيد على اللفظ ونعت المجرور مجرور وعلامة جره الكسرة. الظريف : بالرفع ـ نعت لزيد على المحل ـ لأن «زيد» مجرور في اللفظ وهو مرفوع محلا لأنه فاعل المصدر «شرب» ونعت المرفوع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

(٢) قائله : لبيد بن ربيعة العامري يصف حمارا وحشيا وأتانه. تهجّر : سار في الهاجرة. الرّواح : المسير من الزوال إلى الليل هاجها : أثارها ـ والضمير البارز يعود على الأتان. المعقّب : الغريم الطالب لدينه.

المعنى : «إن الحمار الوحشي قد عجل سيره في الهاجرة وطلب أتانه طلبا شديدا مثل طلب ربّ الدّين المظلوم لدينه من المدين».

الإعراب : حتى : ابتدائية. تهجر : فعل ماض مبني على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على حمار الوحش. في الرواح : جار ومجرور متعلق بتهجر. وهاجها : الواو عاطفة. هاج فعل ماض مبني على الفتح ، وفاعله ضمير

١٩١

فرفع «المظلوم» لكونه نعتا ل «المعقب» على المحل.

وإذا أضيف إلى المفعول ، فهو مجرور لفظا منصوب محلا ، فيجوز ـ أيضا ـ في تابعه مراعاة اللفظ أو المحلّ ومن مراعاة المحل قوله :

١١٤ ـ قد كنت داينت بها حسّانا

مخافة الإفلاس واللّيّانا (١)

ف «اللّيانا» معطوف على محل «الإفلاس».

__________________

مستتر جوازا تقديره هو ، وها ضمير متصل في محل نصب مفعول به طلب : مفعول مطلق لهاجها ـ لأنه مرداف له في المعنى ـ وهو منصوب بالفتحة ، وهو مضاف. المعقب : مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله. حقّه : مفعول به للمصدر طلب منصوب وهو مضاف ، والهاء في محل جر بالإضافة. المظلوم : نعت للمعقب على المحل ونعت المرفوع مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشاهد : في قوله : «طلب المعقب حقه المظلوم» حيث رفع «المظلوم» وهو نعت ل «المعقب» المجرور لفظا بإضافته للمصدر «طلب» والمرفوع محلا لأنه فاعل.

(١) قائله : رؤبه بن العجاج. حسّان : اسم رجل. الإفلاس : الانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر. اللّيّان : بفتح اللام وتشديد الياء. المطل. والضمير في «بها» يعود على قينة أخذها الشاعر بدلا عن دين له على حسان.

الإعراب : قد : حرف تحقيق. كنت : كان فعل ماض ناقص مبني على السكون. والتاء اسمه. داينت : فعل ماض مبني على السكون والتاء فاعله. بها : جار ومجرور متعلق بداينت. حسانا : مفعول به لداينت منصوب بالفتحة والألف للإطلاق. وجملة «داينت» في محل نصب خبر «كان» مخافة ؛ مفعول لأجله منصوب بالفتحة وهو مضاف الإفلاس : مضاف إليه من إضافة المصدر «مخافة» إلى مفعوله. والليانا : الواو عاطفة. الليانا معطوف على محل الإفلاس والمعطوف على المنصوب منصوب بالفتحة والألف للإطلاق.

الشاهد : في قوله : «مخافة الإفلاس واللّيانا» حيث عطف «الليانا» بالنصب على محل «الإفلاس» المجرور لفظا بإضافته إلى المصدر والمنصوب محلا.

١٩٢

أسئلة ومناقشات

١ ـ متى يعمل المصدر عمل الفعل؟ ومتى يقدّر المصدر (بأن) والفعل؟ ومتى يقدّر (بما) والفعل؟ اشرح ذلك ومثل لما تقول.

٢ ـ اذكر بالتفصيل أحوال المصدر العامل؟ وبيّن متى يكون ذلك أكثر؟ ومتى يكون أقيس؟ ومتى يكون قليلا؟ ولماذا. مثل واستشهد حيث أمكنك.

٣ ـ ما الفرق بين المصدر واسم المصدر؟ وضّح فيم يخالفه؟ وفيم يوافقه؟ وما معنى كون اسم المصدر أقل من حروف فعله لفظا وتقديرا من غير تعويض؟ اشرح ذلك بالتفصيل ومثل لجميع ما تقول.

٤ ـ هل يعمل اسم المصدر؟ وما ذا يعمل؟ اكتب الشواهد التي تؤيد بها رأيك.

٥ ـ ما أساليب إعمال المصدر؟ وهل تستوى كثرة وقلّة؟ ولم كان إضافته إلى فاعله ثم نصب المفعول أقواها؟ مثل لكل ما تقول.

٦ ـ كيف تتبع فاعل المصدر المجرور بإضافته إلى المصدر؟ وما أنواع التابع الذي يمكن في هذا المجال؟ مثل لذلك بأمثلة مختلفة.

١٩٣

تمرينات

١ ـ بيّن المصادر وأسماءها فيما يأتي مع توضيح المعمول وتابعه وموضعه الإعرابي : «إني لأعجب من طلب العامل المهمل مكافأة ، ومن عدم تقبل العقاب جزاء الإهمال».

من عوامل حب الناس إياك : «عدم منتك على طالب معروفك ، وإكرامك محتاجا ، وعفو عن مذنب ، وعطاؤك المتجدد سخاء وبرا ، وإعانتك الفقير على نوائب الدهر».

٢ ـ قال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى لنَّاسِ حِجُّ لْبَيْتِ مَنِ سْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (١) هل يستقيم إعراب (من) في الآية الكريمة مفعولا للمصدر (حج)؟

ولماذا؟ كيف تعربها إذن؟.

٣ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (من قبلة الرّجل امرأته الوضوء).

بم يستدل بهذا الحديث؟ وما نوع الإضافة فيه؟ وما موقع كلمة (امرأته)؟ بالنصب ـ وكلمة (الوضوء) بالرفع؟

٤ ـ هات أمثلة لما يأتي في جمل تامة :

(أ) مصدر مضاف إلى المفعول وقد رفع الفاعل.

(ب) اسم مصدر عامل عمل الفعل.

(ج) مصدر مقرون (بأل) عامل عمل الفعل.

(د) مصدر عامل وهو منوّن.

(ه) تابع لفاعل المصدر المضاف إليه مع ضبطه بما يمكن من الحركات الإعرابية.

__________________

(١) آية ٩٧ من سورة آل عمران.

١٩٤

٥ ـ علام يستشهد بما يأتي : ـ

(أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١) يَتِيماً) .. ـ (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ)(٢)(بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ.)

ضعيف النكاية أعداءه

يخال الفرار يراخي الأجل

قد كنت داينت بها حسانا

مخافة الإفلاس والليانا

أكفرا بعد رد الموت عني

وبعد عطائك المائة الرتاعا

٦ ـ أعرب البيت الآتي واشرحه :

إذا صح عون الخالق المرء لم يجد

عسيرا من الآمال إلا ميسّرا

__________________

(١) آيتا ١٤ ، ١٥ سورة البلد.

(٢) آية ٢٥١ سورة البقرة.

١٩٥

إعمال اسم الفاعل

شروط عمل اسم الفاعل المجرد من أل :

كفعله اسم فاعل في العمل

إن كان عن مضيّه بمعزل (١)

لا يخلوا اسم الفاعل من أن يكون معرّفا بأل ، أو مجردا.

فإن كان مجردا عمل عمل فعله ، من الرفع والنصب ، إن كان مستقبلا أو حالا ، نحو : «هذا ضارب زيدا الآن أو غدا» وإنما عمل لجريانه على الفعل الذي هو بمعناه ، وهو المضارع ، ومعنى جريانه عليه : أنه موافق له في الحركات والسكنات ؛ لموافقة «ضارب» ل : «يضرب» فهو مشبه للفعل الذي هو بمعناه لفظا ومعنى.

وإن كان بمعنى الماضي لم يعمل ؛ لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه ؛ فهو مشبه له معنى لا لفظا ؛ فلا تقول : «هذا ضارب زيدا أمس» بل يجب إضافته ، فتقول : «هذا ضارب زيد أمس».

__________________

(١) كفعله : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ل «اسم فاعل» وفعل مضاف والهاء مضاف إليه. اسم : مبتدأ مؤخر مرفوع وهو مضاف. فاعل مضاف إليه مجرور. في العمل : جار ومجرور متعلق بما تعلق به «كفعله» أي بخبر اسم فاعل. والمراد بقوله «في العمل» أن وجه الشبه بين اسم الفاعل وفعله محدود بالعمل لا في غيره ، لأن اسم الفاعل ينفرد بمزايا الأسماء كإضافته لمعموله وهذا لا يكون في الفعل ـ وعمل اسم الفاعل يكون النصب لما بعده إن كان فعله متعديا ، ويكون الرفع للفاعل إن كان فعله لازما.

١٩٦

وأجاز الكسائيّ إعماله ، وجعل منه قوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)(١) ف «ذراعيه» منصوب ب «باسط» وهو ماض ، وخرجه غيره على أنه حكاية حال ماضية (٢).

وولى استفهاما ، أو حرف ندا

أو نفيا ، أو جاصفة ، أو مسندا

أشار بهذا البيت إلى أن اسم الفاعل لا يعمل إلا إذا اعتمد على شيء قبله ، كأن يقع بعد الاستفهام ، نحو : «أضارب زيد عمرا» (٣) أو حرف النداء ، نحو «يا طالعا جبلا» (٤) أو النفي نحو : «ما ضارب زيد عمرا» أو يقع نعتا ، نحو «مررت برجل ضارب زيدا» (٥) ، أو حالا : نحو «جاء زيد راكبا فرسا» (٦) ويشمل هذين قوله : «أو جاصفة». وقوله «أو مسندا» معناه أنه يعمل إذا وقع خبرا ، وهذا يشمل خبر المبتدأ. نحو «زيد ضارب عمرا» وخبر ناسخه أو مفعوله ، نحو «كان زيد ضاربا

__________________

(١) الآية ١٨ من سورة الكهف وهي : «وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً».

(٢) يؤيد هذا الرأي قوله تعالى في الآية (وَنُقَلِّبُهُمْ) بالمضارع دون الماضي «وقلبناهم» فمعنى «باسط ذراعية» «يبسط ذراعيه» لأن المشهور في حكاية الحال أن يقدر الماضي واقعا زمن التكلّم.

(٣) أضارب : الهمزة للاستفهام. ضارب : مبتدأ مرفوع بالضمة. زيد : فاعل لاسم الفاعل ضارب مرفوع بالضمة وقد سد الفاعل مسدّ الخبر. عمرا : مفعول به لضارب منصوب.

(٤) يا طالعا : يا : حرف نداء. طالعا : منادى شبيه بالمضاف منصوب بالفتحة. جبلا مفعول به لاسم الفاعل منصوب.

(٥) ضارب : صفة لرجل ومجرور مثله. زيدا مفعول به لضارب منصوب بالفتحة.

(٦) راكبا : حال من زيد منصوب. فرسا مفعول به لراكبا منصوب بالفتحة.

١٩٧

عمرا» و «إن زيدا ضارب عمرا» و «ظننت زيدا ضاربا عمرا» و «أعلمت زيدا عمرا ضاربا بكرا» (١).

وقد يكون نعت محذوف عرف

فيستحقّ العمل الذي وصف

قد يعتمد اسم الفاعل على موصوف مقدر فيعمل عمل فعله ، كما لو اعتمد على مذكور ومنه قوله :

١١٥ ـ وكم مالىء عينيه من شيء غيره

إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى (٢)

__________________

(١) زيدا : مفعول أول لأعلم منصوب بالفتحة. عمرا : مفعول ثان لأعلم منصوب ضاربا : مفعول ثالث لأعلم منصوب بكرا : مفعول به لاسم الفاعل «ضاربا» منصوب بالفتحة.

(٢) قائله : عمر بن أبي ربيعة المخزومي. الجمرة : مجتمع الحصى بمنى. البيض : جمع بيضاء وهو وصف لموصوف محذوف تقديره «النساء البيض» الدّمى : جمع دمية : وهي الصورة من العاج.

المعنى : «إذا ذهب النساء الحسان البيض إلى مواضع الجمرات بمنى فكثير من الناس يتطلعون إليهن ويملئون عيونهم من النظر إلى الأجنبيات ممن لا يحل النظر إليهن ـ ولكن هذا النظر لا يفيد صاحبه شيئا».

الإعراب : كم : خبرية بمعنى كثير مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ. مالىء : تمييز كم مجرور بمن محذوفة أو بإضافة كم إليه وهو صفة لموصوف محذوف أي «كم شخص مالىء» عينيه : مفعول به لاسم الفاعل «مالىء» منصوب بالياء لأنه مثنى وحذفت نونه للإضافة. والهاء في محل جر بالإضافة. من شيء : جار ومجرور متعلق بمالىء. غيره : مضاف إليه مجرور وهو مضاف والهاء مضاف إليه وخبر كم محذوف تقديره «لا يفيده نظره شيئا» إذا : ظرف زمان يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بالجواب المحذوف. راح : فعل ماض مبني على الفتح. نحو : ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق براح. وهو مضاف. الجمرة : مضاف إليه مجرور. البيض : فاعل راح مرفوع بالضمة. كالدمى جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من «البيض». الشاهد : في قوله : «وكم مالىء عينيه» حيث عمل اسم الفاعل «مالىء» عمل الفعل لاعتماده على موصوف محذوف تقديره «كم شخص مالىء».

١٩٨

ف «عينيه» منصوب ب «مالىء» و «مالىء» صفة لموصوف محذوف وتقديره : وكم شخص مالىء ، ومثله قوله :

١١٦ ـ كناطح صخرة يوما ليوهنها

فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل (١)

التقدير : كوعل ناطح صخرة.

__________________

(١) قائله : الأعشى ميمون بن قيس : الوعل : بكسر العين ـ هو ذكر الأروى وهو الشاة الجبلية. والأنثى «وعلة» يوهنها : يشققها ويضعفها. يضرها : أصله قبل الجزم. يضيرها : يضرّ بها مضارع : ضاره ضيرا : أضرّبه. أوهى : أضعف.

المعنى : «إن الإنسان الذي يكلف نفسه ما لا تصل إليه فيرجع ضرر ذلك عليه شبيه بوعل ينطح صخرة ليشققها فلا يؤثر فيها نطحه شيئا وإنما يضعف بذلك قرنه».

الإعراب : كناطح : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف يدل عليه الكلام السابق أي : «هو كائن كناطح» وناطح في الأصل صفة لموصوف محذوف تقديره «كوعل ناطح» صخرة : مفعول به لناطح منصوب بالفتحة. يوما : ظرف زمان منصوب متعلق بناطح. ليوهنها : اللام حرف جر وتعليل. يوهن مضارع منصوب بأن مضمره جوازا بعد لام التعليل وعلامة نصبه الفتحة ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وها : مفعول به ، وأن المضمرة وما بعدها في تأويل مصدر مجرور باللام والجار والمجرور متعلق بناطح. فلم يضرها. الفاء عاطفة لم حرف نفي وجزم وقلب يضر مضارع مجرور بلم بالسكون ، والفاعل ضمير مستتر جوازا. وها مفعول به. وأوهى : الواو عاطفة. أوهى فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف. قرنه : مفعول به لأوهى ومضاف للهاء الوعل : فاعل أوهى مرفوع بالضمة.

الشاهد : في قوله : «كناطح صخرة» حيث عمل اسم الفاعل «ناطح» عمل الفعل فنصب ما بعده لاعتماده على موصوف محذوف.

١٩٩

عمل اسم الفاعل المقترن بأل :

وإن يكن صلة أل ففي المضي

وغيره إعماله قد ارتضي (١)

إذا وقع اسم الفاعل صلة للألف واللام عمل ماضيا ، ومستقبلا ، وحالا ؛ لوقوعه حينئذ موقع الفعل ؛ إذ حقّ الصلة أن تكون جملة ؛ فتقول : «هذا الضارب زيدا ـ الآن ، أو غدا ، أو أمس» هذا هو المشهور من قول النحويين.

(وزعم جماعة من النحويين ـ منهم الرّمّاني ـ أنه إذا وقع صلة لأل لا يعمل إلا ماضيا ، ولا يعمل مستقبلا ولا حالا.

وزعم بعضهم أنه لا يعمل مطلقا ، وأن المنصوب بعده منصوب بإضمار فعل. والعجب أن هذين المذهبين ذكرهما المصنف في التسهيل ، وزعم ابنه بدر الدين في شرحه أن اسم الفاعل إذا وقع صلة للألف واللام عمل ماضيا ومستقبلا وحالا ، باتفاق ، وقال بعد هذا أيضا : ارتضى جميع النحويين إعماله ، يعني إذا كان صلة لأل).

__________________

(١) إن : حرف شرط جازم. يكن : مضارع ناقص مجزوم بإن ـ فعل الشرط ـ وعلامة جزمه السكون ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا يعود على اسم الفاعل صلة : خبر يكن منصوب بالفتحة وهو مضاف. أل : مضاف إليه بقصد لفظه. ففي المضي : الفاء واقعة في جواب الشرط إن ، في المضي : جار ومجرور متعلق بارتضى. وغيره : الواو عاطفة غير معطوف على المضي ومجرور مثله وهو مضاف والهاء مضاف إليه. إعماله : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لفاعله. قد : حرف تحقيق. ارتضى : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح وسكن للروي ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «ارتضي» في محل رفع خبر «إعماله» وجملة «إعماله قد ارتضى في المضي وغيره» في محل جزم جواب الشرط «إن».

٢٠٠