تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

٧٩ ـ رسم دار وقفت في طلله

كدت أقضي الحياة من جلله (١)

الجر بجار محذوف غير رب :

وقد يجرّ بسوى ربّ لدى

حذف ، وبعضه يرى مطّردا

__________________

(١) قائله : جميل بن معمر العذري. الرّسم : ما بقي من آثار الديار لاصقا بالأرض كالرماد. الطلّل : ما بقي منها شاخصا مرتفعا كالوتد والأثافيّ. من جلله : وقيل من عظمه في عيني. وذلك لأن الجلل يأتي بمعنى «من أجل» وبمعنى «عظيم».

المعنى : «وقفت على الآثار الدارسة من ديار الأحبة وذكرت يوم كانت الدار عامرة بأهلها فكدت أفارق الحياة من فداحة الخطب بفقد الأحبة».

الإعراب : رسم : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره لاشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد المحذوف وهو رب. ورسم مضاف. دار مضاف إليه مجرور. وقفت : فعل وفاعل. في طلله : جار ومجرور متعلق بوقفت وطلل مضاف والهاء مضاف إليه والجملة في محل جر نعت لرسم على اللفظ. كدت : كاد فعل ماض ناقص من أفعال المقاربة مبني على السكون. والتاء اسمها. أقضي : مضارع مرفوع بضمة مقدرة وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا. الحياة مفعول به لأقضي منصوب وجملة «أقضي الحياة» في محل نصب خبر كاد وجملة «كدت أقضي الحياة» في محل رفع خبر المبتدأ «رسم» من جلله : جار ومجرور متعلق بأقضي. وجلل مضاف والهاء مضاف إليه.

الشاهد : في قوله : «رسم دار» حيث جر «رسم» برب محذوفة من غير أن يتقدمها شيء وهذا شاذ.

١٢١

الجرّ بغير «ربّ» محذوفا على قسمين :

(أ) مطّرد.

(ب) وغير مطّرد.

فغير المطّرد كقول رؤبة لمن قال له : «كيف أصبحت»؟ : «خير والحمد لله» التقدير : على خير ، وقول الشاعر :

٨٠ ـ إذا قيل أيّ الناس شرّ قبيلة

أشارت كليب بالأكفّ الأصابع (١)

أي : أشارت إلى كليب.

وقوله :

__________________

(١) قائله : الفرزدق يهجو جريرا. بالأكف : الباء بمعنى مع أي «مع الأكف» أو في العبارة قلب والأصل «أشارت الأكفّ بالأصابع».

المعنى : إذا قال قائل : من شرّ القبائل؟ أشارت أكف الناس بالأصابع إلى قبيلة كليب.

الإعراب : إذا : ظرف يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب «أشارت». قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. أيّ : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الناس : مضاف إليه مجرور. شر : خبر أي مرفوع وهو مضاف. وقبيلة : مضاف إليه مجرور والجملة «أي الناس شر» في محل رفع نائب فاعل لقيل. أشارت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث. كليب : مجرور بإلى محذوفة بكسرة ظاهرة. والجار المحذوف والمجرور متعلق بأشارت. بالأكف : جار ومجرور متعلق بأشارت. الأصابع : فاعل أشارت مرفوع. وجملة : قيل أي الناس ... في محل جر بإضافة إذا إليها ، وجملة «أشارت الأصابع ..» لا محل لها من الإعراب لوقوعها في جواب إذا ..

الشاهد : في قوله : «أشارت كليب» حيث جر كليب بإلى محذوفة وهذا غير مطرد.

١٢٢

٨١ ـ وكريمة من آل قيس ألفته

حتى تبذّخ فارتقى الأعلام (١)

أي : فارتقى إلى الأعلام.

والمطرد (٢) كقولك : «بكم درهم اشتريت هذا» ف «درهم» مجرور ب «من» محذوفة عند سيبويه والخليل ، وبالإضافة عند الزجاج ؛ فعلى مذهب سيبويه والخليل يكون الجار قد حذف ، وأبقي عمله ، وهذا مطرد عندهما في مميّزكم الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر.

__________________

(١) قائله : غير معروف. كريمة ـ كريم ، والتاء فيه للمبالغة ، فالموصوف مذكر بدليل تذكير ضميره في «ألفته» وما بعدها .. ألفته : بكسر اللام : أحببته وكنت أليفه ، أو بفتح اللام بمعنى أعطيته ألفا. تبذخ : تكبّر وعلا. الأعلام : جمع علم : بفتحتين وهو الجبل.

المعنى : «رب رجل كريم من قبيلة قيس بقيت أليفه ـ ما دام معسرا فلما استغنى تكبر عن صداقتي وارتفع إلى مثل قمم الجبال».

الإعراب : وكريمة : الواو واو رب : كريمة : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد ـ وهو رب المحذوفة ـ من آل : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لكريمة. وآل مضاف. قيس : مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. ألفته : فعل وفاعل ومفعول به : ألف فعل ماض مبني على السكون والتاء فاعل ، والهاء في محل نصب مفعول به. وجملة «ألفته» في محل رفع خبر المبتدأ «كريمة» حتى : ابتدائية. تبذّخ فعل ماض مبني على الفتح ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فارتقى : الفاء عاطفة : ارتقى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. الأعلام : مجرور بحرف جر محذوف تقديره : إلى الجار والمجرور متعلق بارتقى. وجملة «تبذخ» استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة ارتقى معطوفة عليها فهي مثلها.

الشاهد : في قوله : «فارتقى الأعلام» حيث جر «الأعلام» بإلى محذوفة وهذا غير مطرد.

(٢) من المواضع التي يطرد فيها حذف حرف الجر :

(أ) لفظ الجلالة في القسم بدون تعويض نحو «الله لأفعلنّ».

(ب) كي المصدرية حيث يقدر قبلها اللام جارة لها مع صلتها نحو «جئت كي أتعلم».

(ج) أن وأنّ مع صلتها لأنهما في محل جر بالحرف المقدر عند الخليل والكسائي ، نحو «عجبت أن تتأخر» ونحو «رغبت أنك حاضر» ـ أما عند سيبويه فمحلهما نصب بنزع الخافض.

١٢٣

أسئلة ومناقشات

١ ـ أورد ثلاثة معان لكل من : (على وعن) ثم اذكر مثالين لأداء كلّ منهما معنى الأخرى ... بحيث يكون ذلك في جمل من عندك.

٢ ـ مثل لثلاثة حروف تستعمل أسماء .. ثم بيّن وجه ذلك ... وكيف تعرب كلّ منها آنئذ؟

٣ ـ متى ترد «منذ ومذ» اسمين؟ ومتى تردان حرفي جر؟ مثل لذلك كله بأمثلة واستشهد حيث أمكنك.

٤ ـ تزاد «ما» بعد مجموعة من حروف الجر ... فماذا منها يكفّ عن العمل؟ وما ذا لا يكفّ؟ ، مثل بأمثلة من عندك.

٥ ـ متى يحذف حرف الجر ويبقى عمله؟ ومتى يكثر ذلك؟ ومتى يقل؟ ومتى يمتنع؟ وضح ومثل ..

١٢٤

تمرينات

١ ـ بيّن معنى كل حرف من حروف الجر الواردة فيما يأتي : ـ (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها)(١).

دخلت امرأة النار في هرة حبستها.

لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب

عني ولا أنت دياني فتخزوني

(رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)(٢).

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(٣).

(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)(٤).

٢ ـ اجعل (ربّ) في مثالين تفيد في أولهما التكثير وفي ثانيهما التقليل.

٣ ـ مثل لاسم مجرور (بربّ) المحذوفة يكون وروده كثيرا والآخر يكون وروده ، قليلا.

٤ ـ مثل لما يأني في جمل تامة : الباء التي تفيد السببية ـ الكاف التي تفيد التعليل (على) المستعملة اسما ـ حرف جر مطرد الحذف الباء التي تفيد الظرفية ـ (من) التي تفيد البدلية

__________________

(١) آية ١٥ سورة القصص.

(٢) آية ٢ سورة الحجر.

(٣) آية ١١ سورة الشورى.

(٤) آية ١٥٩ سورة آل عمران.

١٢٥

٥ ـ أعرب ما نحته خط مما يأتي :

(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ (١) عَبْدَهُ ـ هَلْ مِنْ خالِقٍ (٢) غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ) ـ ربّ كريم يجود.

٦ ـ أعرب البيت الآتي ثم اشرحه وهو لامرىء القيس : ـ

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأنواع الهموم ليبتلى

__________________

(١) آية ٣٦ سورة الزمر.

(٢) آية ٣ سورة فاطر.

١٢٦

الإضافة

معنى الإضافة ، الإضافة : لفظية أو معنوية

نونا تلي الإعراب أو تنوينا

مما تضيف احذف كطور سينا (١)

والثاني اجرر وانو «من» أو «في» إذا

لم يصلح إلا ذاك واللام خذا (٢)

__________________

(١) نونا : مفعول به مقدم لا حذف. تلى : مضارع مرفوع بضمة مقدرة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى «نونا» الإعراب : مفعول به منصوب أو تنوينا : أو عاطفة. تنوينا معطوف على نونا ومنصوب مثله. مما : من حرف جر. ما اسم موصول في محل جر والمجرور متعلق با حذف تضيف : مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والجملة «تضيف» لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. احذف : فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. وجملة «تلي الإعراب» في محل نصب صفة لنونا. وتقدير الكلام : احذف مما تضيف نونا تلي الإعراب أو تنوينا ـ

(٢) الثاني : مفعول به مقدم لا جرر. انو : فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. من : مفعول به ـ بقصد لفظه إذا : ظرف زمان متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بالجواب المحذوف ، لم يصلح : لم حرف نفي وجزم وقلب يصلح : مضارع مجزوم بلم إلا : أداة حصر. ذاك : ذا اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل يصلح والكاف للخطاب. وجملة «لم يصلح إلا ذاك» في محل جر بالإضافة إلى إذا. واللام : الواو عاطفة. اللام مفعول به مقدم لخذ. خذا : فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة ألفا للوقف ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.

١٢٧

لما سوى ذينك واخصص أولا

أو أعطه التعريف بالذي تلا (١)

إذا أريد إضافة اسم إلى آخر حذف ما في المضاف : من نون تلي الإعراب وهي نون التثنية ، أو نون الجمع وكذا ما ألحق بهما ، أو تنوين ، وجرّ المضاف إليه ؛ فتقول : «هذان غلاما زيد ، وهؤلاء بنوه ، وهذا صاحبه».

واختلف في الجار للمضاف إليه :

(أ) فقيل : هو مجرور بحرف مقدر. وهو اللام أو «من» أو «في».

(ب) وقيل هو مجرور بالمضاف ، وهو الصحيح من هذه الأقوال.

ثم الإضافة تكون بمعنى اللام عند جميع النحويين. وزعم بعضهم أنها تكون أيضا بمعنى «من» أو «في» وهو اختيار المصنف ، وإلى هذا أشار بقوله : «وانو من ـ إلى آخره» وضابط ذلك أنه إذا لم يصلح إلا تقدير «من» أو «في» فالإضافة بمعنى ما تعيّن تقديره ، وإلا فالإضافة بمعنى اللام.

فيتعيّن تقدير «من» إن كان المضاف إليه جنسا للمضاف ، نحو «هذا ثوب خز وخاتم حديد» والتقدير : هذا ثوب من خز ، وخاتم من حديد ويتعين تقدير «في» إن كان المضاف إليه ظرفا واقعا فيه المضاف ، نحو : «أعجبني ضرب اليوم زيدا» أي : ضرب زيد في اليوم ، ومنه قوله

__________________

(١) لما : اللام حرف جر : ما : اسم موصول في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخذ في البيت السابق. سوى : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو والجملة «هو سوى.» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. ذينك : ذين : اسم إشارة مبني على الياء في محل جر بالإضافة إلى سوى والكاف للخطاب.

١٢٨

تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)(١) وقوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(٢).

فإن لم يتعيّن تقدير «من» أو «في» فالإضافة بمعنى اللام ، نحو : «هذا غلام زيد ، وهذه يد عمرو» أي غلام لزيد ، ويد لعمرو.

وأشار بقوله : «واخصص أولا ـ إلى آخره» إلى أن الإضافة على قسمين :

(أ) محضة.

(ب) وغير محضة.

فالمحضة : هي غير إضافة الوصف المشابه للفعل المضارع إلى معموله.

وغير المحضة : هي إضافة الوصف المذكور ، كما سنذكره بعد ، وهذه لا تفيد الاسم الأول تخصيصا ولا تعريفا على ما سنبين والمحضة ليست كذلك ، وتفيد الاسم الأول : تخصيصا (٣) إن كان المضاف إليه نكرة ، نحو «هذا غلام امرأة» وتعريفا إن كان المضاف إليه معرفة ، نحو «هذا غلام زيد».

وإن يشابه المضاف «يفعل»

وصفا فعن تنكيره لا يعزل (٤)

__________________

(١) الآية ٢٢٦ من سورة البقرة وتتمتها : «فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».

(٢) من الآية ٣٣ من سورة سبأ وهي : («وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ».)

(٣) المراد بالتخصيص قله الاشتراك. فقولك «غلام امرأة» يخصص الغلام بواحدة من النساء فقط دون سواها.

(٤) لا يعزل : بالزاي ـ كما في طبعة دار الكتب لمتن الألفية ، والمعنى : لا ينحّى عن التنكير. من قولهم : عزله عن العمل : نحّاه عنه. إن. حرف شرط جازم :

١٢٩

كربّ راجينا عظيم الأمل

مروّع القلب ، قليل الحيل

وذي الإضافة اسمها لفظيّة

وتلك محضة ومعنويّة

هذا هو القسم الثاني من قسمي الإضافة وهو : غير المحضة ؛ وضبطها المصنف بما إذا كان المضاف وصفا يشبه «يفعل» أي : الفعل المضارع ـ وهو : كل اسم فاعل أو مفعول. بمعنى الحال أو الاستقبال (١).

أو صفة مشبهة (٢). فمثال اسم الفاعل : «هذا ضارب زيد (٣) ، الآن أو غدا ، وهذا راجينا».

ومثال اسم المفعول : «هذا مضروب الأب (٤). وهذا مروّع القلب».

ومثال الصفة المشبهة : «هذا حسن الوجه ، وقليل الحيل. وعظيم الأمل» (٥).

__________________

يشابه : مضارع مجزوم بإن وحرك بالكسر نخلصا من التقاء الساكنين. المضاف :

فاعل يشابه مرفوع. يفعل : مفعول به بقصد لفظه وصفا : حال من المضاف منصوب فعن تنكيره : الفاء واقعة في جواب الشرط. عن تنكير جار ومجرور متعلق بيعزل ، والهاء مضاف إليه. لا يعزل : لا نافية. يعزل مضارع مبني للمجهول مرفوع. ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وجملة «لا يعزل عن تنكيره» في محل جزم جواب الشرط الجازم «إن».

(١) لأنه حينئذ يكون بمعنى الفعل المضارع عاملا فيما أضيف إليه ، وإضافته لمعموله لا تفيد إلا التخفيف.

(٢) هي ما دل على فاعل الحدث وأفاد الدوام ، ولم يقيدها الشارح بغير الماضي كسابقتها لأنها للدوام أبدا ولا تكون للماضي وحده أصلا.

(٣) إضافة اسم الفاعل «ضارب» إلى «زيد» هي من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ، وضمير ضارب مستتر يعود على هذا.

(٤) إضافة اسم المفعول «مضروب» إلى «الأب» من إضافة اسم المفعول إلى مرفوعه وهو نائب فاعل.

(٥) إضافة الصفة المشبهة في الأمثلة إلى فاعلها المرفوع بها.

١٣٠

فإن كان المضاف غير وصف ، أو وصفا غير عامل : فالإضافة محضة : كالمصدر ، نحو «عجبت من ضرب زيد» واسم الفاعل بمعنى الماضي ، ـ نحو «هذا ضارب زيد أمس».

وأشار بقوله : «فعن تنكيره لا يعزل» إلى أن هذا القسم من الإضافة ـ أعني غير المحضة ـ لا يفيد تخصيصا ولا تعريفا ولذلك تدخل «ربّ» عليه ، وإن كان مضافا لمعرفة ، نحو «ربّ راجينا» (١) وتوصف به النكرة ، نحو قوله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(٢) وإنما يفيد التخفيف (٣) ، وفائدته ترجع إلى اللفظ ، فلذلك سميّت الإضافة فيه لفظيّة وأما القسم الأول فيفيد تخصيصا أو تعريفا ، كما تقدم ؛ فلذلك سمّيت الإضافة فيه معنوية ، وسميت محضة أيضا لأنها خالصة من نية الانفصال ، بخلاف غير المحضة ؛ فإنها على تقدير الانفصال ، تقول : «هذا ضارب زيد الآن» على تقدير «هذا ضارب زيدا» ومعناهما متحد ، إنما أضيف طلبا للخفّة.

__________________

(١) تقدم في «حروف الجر» صفحة ٢٣٧ أن ربّ مختصة بجر النكرة ، ودخولها على اسم الفاعل المضاف إلى الضمير يدل على أن المضاف لم يكتسب التعريف من الإضافة وأنه ما زال نكرة.

(٢) من الآية ٩٥ من سورة المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ. أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) في الآية دليل ثان على أن المضاف وهو اسم الفاعل «بالغ» لم يكتسب التعريف من إضافته للكعبة ، بدليل أنه وقع نعتا للنكرة «هديا» والنعت يطابق منعوته في التنكير لأنه نعت حقيقي.

(٣) التخفيف يحصل بحذف التنوين من الوصف ، ف «بالغ الكعبة» بالإضافة كما في الآية أخفّ من التنوين «بالغا الكعبة» ومثله «ضارب زيد» بالإضافة أخف من «ضارب زيدا».

١٣١

اقتران المضاف بأل في الإضافة اللفظية :

ووصل أل بذا المضاف مغتفر

إن وصلت بالثان كالجعد الشعّر

أو بالذي له أضيف الثاني

ك «زيد الضارب رأس الجاني»

لا يجوز (١) دخول الألف واللام على المضاف الذي إضافته محضة ؛ فلا تقول : «هذا الغلام رجل» لأن الإضافة منافية للألف واللام فلا يجمع بينهما.

وأما ما كانت إضافته غير محضة ، وهو المراد بقوله : «بذا المضاف» أي : بهذا المضاف الذي تقدم الكلام فيه قبل هذا البيت فكان القياس أيضا يقتضي أن لا تدخل الألف واللام على المضاف ، لما تقدّم من أنهما متعاقبان ، ولكن لما كانت الإضافة فيه على نية الانفصال اغتفر ذلك بشرط أن تدخل الألف واللام على المضاف إليه ، ك «الجعد الشعر ، والضارب الرجل» أو على ما أضيف إليه المضاف إليه ، ك «زيد الضارب رأس الجاني» فإن لم تدخل الألف واللام على المضاف إليه ولا على ما أضيف إليه المضاف إليه ، امتنعت المسألة ، فلا تقول : «هذا والضارب الرجل» ولا : «هذا الضارب زيد» ولا «هذا الضارب رأس جان».

هذا إذا كان المضاف غير مثنى ، ولا مجموع جمع سلامة لمذكر.

ويدخل في هذا : المفرد كما مثّل ، وجمع التكسير ، نحو : «الضارب أو الضّرّاب الرجل ، أو غلام الرجل» وجمع السلامة لمؤنث ، نحو «الضاربات الرجل أو غلام الرجل» فإن كان المضاف مثنى أو مجموعا جمع سلامة

__________________

(١) لأن المقصود الأصلي من الإضافة التعريف فيلزم من دخول أل تحصيل الحاصل أو اجتماع معرفين على شيء واحد.

١٣٢

لمذكر كفى وجودها في المضاف ، ولم يشترط وجودها في المضاف إليه وهو المراد بقوله :

وكونها في الوصف كاف إن وقع

مثنى أو جمعا سبيله اتبع (١)

أي وجود الألف واللام في الوصف المضاف ـ إذا كان مثنى أو جمعا اتبع سبيل المثنى ، أي على حدّ المثنى ، وهو جمع المذكر السالم ـ يغني عن وجودها في المضاف إليه ، فتقول : «هذان الضاربا زيد ، وهؤلاء الضاربو زيد» وتحذف النون للإضافة.

عدم إضافة الاسم إلى ما اتحد به في المعنى :

ولا يضاف اسم لما به اتّحد

معنى ، وأوّل موهما إذا ورد (٢)

المضاف يتخصّص بالمضاف إليه ، أو يتعرّف به ، فلا بدّ من كونه

__________________

(١) كونها : كون : مصدر تام مبتدأ مرفوع وهو مضاف من إضافة المصدر لفاعله : وها : مضاف إليه. في الوصف : جار ومجرور متعلق بكون. كاف : خبر المبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين. إن : حرف شرط جازم. وقع : فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ، وسكن آخره للروي وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى الوصف. مثنى : حال من ضمير وقع منصوب. أو جمعا : أو عاطفة جمعا معطوف على مثنى ومنصوب سبيله : مفعول به مقدم لا تبع. وهو مضاف والهاء مضاف إليه. اتبع : فعل ماض وفاعله ضمير مستتر يعود إلى جمعا «تقديره هو» وجملة اتبع في محل نصب صفة لجمعا. وجواب الشرط محذوف دل عليه الكلام السابق.

(٢) لا يضاف : لا نافية. يضاف : مضارع مرفوع. اسم : فاعله مرفوع. لما : جار ومجرور متعلق بيضاف. به : جار ومجرور متعلق باتحد : اتحد : فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر يعود على «اسم» وجملة «اتحد» لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «ما». معنى : تمييز نسبة محول عن فاعل منصوب بفتحة مقدرة.

١٣٣

غيره ، إذ لا يتخصّص الشيء أو يتعرّف بنفسه ، ولا يضاف اسم لما به اتحد في المعنى : كالمترادفين ، وكالموصوف وصفته. فلا يقال : «قمح بر» ولا «رجل قائم» وما ورد موهما لذلك مؤوّل ، كقولهم : «سعيد كرز» فظاهر هذا أنّه من إضافة الشيء إلى نفسه ؛ لأن المراد بسعيد وكرز فيه واحد ، فيؤول الأول ب «المسمى» والثاني ب «الاسم» فكأنه قال : جاءني مسمّى كرز ، أي : مسمّى هذا الاسم ، وعلى ذلك يؤوّل ما أشبه هذا من إضافة المترادفين ، ك «يوم الخميس» وأمّا ما ظاهره إضافة الموصوف إلى صفته فمؤول على حذف المضاف إليه الموصوف بتلك الصفة ، كقولهم : «حبّة الحمقاء (١). وصلاة الأولى» والأصل : حبة البقلة الحمقاء ، وصلاة الساعة الأولى ؛ فالحمقاء : صفة للبقلة ، لا للحبة ، والأولى صفة للساعة ، لا للصلاة ، ثم حذف المضاف إليه ـ وهو البقلة ، والساعة ـ وأقيمت صفته مقامه. فصار «حبة الحمقاء ، وصلاة الأولى» فلم يضف الموصوف إلى صفته ، بل إلى صفته غيره.

المضاف يكتسب من المضاف إليه التذكير أو التأنيث :

وربّما أكسب ثان أوّلا

تأنيثا ان كان لحذف موهلا

قد يكتسب المضاف المذكر من المؤنث المضاف إليه التأنيث ، بشرط أن يكون المضاف صالحا للحذف وإقامة المضاف إليه مقامه ، ويفهم منه ذلك المعنى ، نحو : «قطعت بعض أصابعه» فصح تأنيت «بعض» لإضافته إلى أصابع وهو مؤنث ؛ لصحة الاستغناء بأصابع عنه ، فتقول : «قطعت أصابعه» ومنه قوله :

__________________

(١) هي الرجلة وصفت بالحمق لأنها تنبت في مجاري المياه فتمر بها السيول فتقطعها وتطؤها الأقدام.

١٣٤

٨٢ ـ مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت

أعاليها مرّ الرياح النواسم (١)

فأنّث المرّ لإضافته إلى الرياح ، وجاز ذلك لصحة الاستغناء عن المرّ بالرياح ، نحو «تسفّهت الرياح» وربما كان المضاف مؤنثا فاكتسب التذكير من المذكر المضاف إليه ، بالشرط الذي تقدّم ، كقوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٢) ف «رحمة» مؤنث ، واكتسبت التذكير بإضافتها إلى «الله» تعالى. فإن لم يصلح المضاف للحذف والاستغناء بالمضاف إليه عنه لم يجز التأنيث ؛ فلا تقول : «خرجت غلام هند» إذ لا يقال «خرجت هند» ويفهم منه خروج الغلام.

__________________

(١) قائله : ذو الرمة غيلان بن عقبة. تسفّهت : أمالت. النواسم : جمع ناسمة وهي الريح اللينة في مبدأ هبوبها قبل أن تشتدّ.

المعنى : «مشى هؤلاء النسوة مشيا يحكي اهتزاز الرماح حين تمر بها الرياح اللينة فتميل بأعاليها».

الإعراب : مشين : فعل وفاعل. مشى فعل ماض مبني على السكون ، ونون النسوة فاعل. كما : الكاف جارة. ما : مصدرية. اهتزت : فعل ماض وتاء التأنيث رماح : فاعله مرفوع : تسفهت ، فعل ماض وتاء التأنيث. أعاليها : مفعول به مقدم منصوب وهو مضاف وها : مضاف إليه. مرّ : فاعل تسفهت ، مرفوع وهو مضاف. الرياح : مضاف إليه مجرور. النواسم : صفة للرياح مجرور. وجملة «تسفهت مرّ الرياح» في محل رفع صفة لرماح ، وما المصدرية وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالكاف. والجار والمجرور متعلق بمشين «مشين كاهتزاز رماح».

الشاهد : في قوله : «تسفهت مر الرياح» حيث أنث الفعل «تسفه» مع أن فاعله مذكر «مرّ» لأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه وهو الرياح.

(٢) الآية ٥٦ من سورة الأعراف وصدرها «وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ».

١٣٥

أسماء تلازم الإضافة :

وبعض الاسماء يضاف أبدا

وبعض ذا قد يأت لفظا مفردا

من الأسماء ما يلزم الإضافة ، وهو قسمان :

(أ) أحدهما : ما يلزم الإضافة لفظا ومعنى ، فلا يستعمل مفردا ـ أي : بلا إضافة ـ وهو المراد بشطر البيت ، وذلك نحو «عند ، ولدى ، وسوى ، وقصارى الشيء ، وحماداه : بمعنى غايته».

(ب) والثاني : ما يلزم الإضافة معنى دون لفظ ، نحو «كل ، وبعض وأيّ» فيجوز أن يستعمل مفردا ـ أي : بلا إضافة وهو المراد بقوله «وبعض ذا» أي : وبعض ما لزم الإضافة معنى قد يستعمل مفردا لفظا. وسيأتي كل من القسمين.

بعض الأسماء ملازمة الإضافة للضمير :

وبعض ما يضاف حتما امتنع

إيلاؤه اسما ظاهرا حيث وقع (١)

كوحد ، لبّي ، ودوالي ، سعدي

وشذّ إيلاء «يدي» ل «لبّي»

من اللازم للإضافة لفظا ما لا يضاف إلا إلى المضمر (٢) ، وهو المراد هنا ، نحو «وحدك» أي : منفردا ، و «لبيك» أي إقامة على إجابتك

__________________

(١) إيلاؤه : فاعل امتنع وهو مضاف للهاء من إضافة المصدر لمفعوله ، ولكن الهاء مفعول ثان. والمفعول الأول. اسما ، التقدير : «بعض ما يضاف امتنع أن يجعل الاسم الظاهر تابعا له».

(٢) المقصود خصوص ضمير المخاطب ، فلبيك وأخوته تجب إضافتها لضمير المخاطب دون الغائب أو المتكلم.

١٣٦

بعد إقامة ، و «دواليك» أي : إدالة بعد إدالة ، و «سعديك» أي : إسعادا بعد إسعاد وشذّ إضافة «لبّي» إلى ضمير الغيبة ، ومنه قوله :

٨٣ ـ إنّك لو دعوتني ودوني

زوراء ذات مترع بيون

لقلت لبّيه لمن يدعوني (١)

وشذّ إضافة «لبّي» إلى الظاهر ، أنشد سيبويه :

__________________

(١) الأبيات : قائلها غير معروف. الزّوراء : الأرض البعيدة. مترع : بفتح الميم : البحر من قولهم : حوض ترع ـ بفتحتين أي ممتلىء. بيون : واسع بعيد الأطراف ـ وبيون في الأصل : البئر الواسعة البعيدة القعر.

المعنى : إنك لو ناديتني وبيني وبينك أرض بعيدة ذات بحر واسع عميق لقلت لك لبيك ، «أي أجيبك ولو كان بيني وبينك مسافات بعيدة صعبة المسالك».

الإعراب : إنك : إن حرف توكيد ونصب والكاف اسمها. لو ؛ حرف امتناع لامتناع. دعوتني : دعا فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل والنون للوقاية والياء مفعول به. ودوني : الواو حالية. دون ظرف مكان منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، متعلق بمحذوف خبر مقدم وباء المتكلم مضاف إليه. زوراء : مبتدأ مؤخر. ذات : صفة لزوراء مرفوع. مترع : مضاف إليه مجرور. بيون : صفة لمترع مجرور وجملة «دوني زوراء» في محل نصب حال. لقلت : اللام واقعة في جواب لو. قلت : فعل وفاعل. والجملة لا محل لها من الإعراب لوقوعها جواب لو وهي شرط غير جازم. لبيه : قصد لفظه في محل نصب مقول القول. لمن : جار ومجرور متعلق بقلت. يدعوني : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو ، والفاعل ضمير مستتر جوازا يعود على من. والنون للوقاية. والياء مفعول به. وجملة يدعوني : صلة الموصول لا محل لها. وجملتا لو الشرطية : «لو دعوتنى ... لقلت» في محل رفع خبر إنك في صدر البيت الأول.

الشاهد : في قوله «لبيه» حيث أضيف لبي إلى ضمير الغيبة وهو شاذ.

١٣٧

٨٤ ـ دعوت لما نابني مسورا

فلبّى فلبّي يدى مسور (١)

كذا ذكر المصنف ، ويفهم من كلام سيبويه أن ذلك غير شاذ في «لبّي» و «سعدي».

ومذهب سيبويه أن «لبّيك» وما ذكر بعده مثنى ، وأنه منصوب على المصدرية بفعل محذوف ، وأن تثنيته المقصود بها التكثير ، فهو على هذا ملحق بالمثنى : ، كقوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ)(٢)

__________________

(١) قائله أعرابي من بني أسد. مسور : اسم رجل غرم دية واجبة على الشاعر الذي دعاه فأجاب ودفعها له.

المعنى : «ناديت مسورا لأجل النائبة التي أصابتني فأجابني إلى ما دعوته فأنا أدعو له أن يجاب لما يطلب إجابة بعد إجابة».

الإعراب : دعوت : فعل وفاعل. لما : جار ومجرور متعلق بدعوت. نابني : ناب فعل ماض مبني على الفتح والنون للوقاية وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود على اسم الموصول «ما» وياء المتكلم : مفعول به وجملة نابني صلة الموصول لا محل لها من الإعراب مسورا : مفعول به لدعوت منصوب. فلبى : الفاء عاطفة. لبى : فعل ماض مبني على فتح مقدر وفاعله ضمير مستتر جوازا يعود على مسور فلبى : الفاء عاطفة. لبّى : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بالمثنى وهو مضاف. يدي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وهو مضاف. مسور : مضاف إليه مجرور بالكسرة. وجملة «لبّى» معطوفة على جملة دعوت ، وجملة «لبّى يدي مسور» استئنافية دعائية.

الشاهد : في قوله : «فلبّى يدي مسور» حيث أضيفت لبّى إلى اسم ظاهر وهو شاذ. ومثل إعراب «لبّيك» يعرب كل من «دواليك وسعديك» فكل منهما مفعول مطلق منصوب بالياء لأنه ملحق بالمثنى وهو مضاف إلى الكاف.

(٢) الآية ٤ من سورة الملك وهي «ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ».

١٣٨

أي : كرات ، ف «كرتين» ليس المراد بها مرتين فقط ، لقوله تعالى : (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) أي : مزدجرا وهو كليل ولا ينقلب البصر مزدجرا كليلا من كرتين فقط ، فتعيّن أن يكون المراد ب «كرتين» التكثير. لا اثنين فقط وكذلك «لبّيك» معناه إقامة بعد إقامة كما تقدم. فليس المراد الاثنين فقط ، وكذا باقي أخواته ، على ما تقدم في تفسيرها.

ومذهب يونس أنه ليس بمثنى ، وأن أصله (لبّى) وأنه مقصور ، قلبت ألفه ياء مع المضمر ، كما قلبت ألف «لدى ، وعلى» مع الضمير في «لديه» و «عليه».

وردّ عليه سيبويه بأنه لو كان الأمر كما ذكر ، لم تنقلب ألفه مع الظاهر ياء ، كما لا تنقلب ألف «لدى» و «على» فكما تقول : «على زيد ، ولدى زيد» كذلك كان ينبغي أن يقال «لبّى زيد» لكنهم لما أضافوه إلى الظاهر قلبوا الألف ياء ، فقالوا :

فلبّى فلبّى يدي مسور (١).

فدلّ ذلك على أنه مثنى ، وليس بمقصور كما زعم يونس.

أسماء مضافة للجمل لزوما أو جوازا :

وألزموا إضافة إلى الجمل

«حيث» و «إذ» وإن ينوّن يحتمل (٢)

__________________

(١) الشاهد السابق وقد أعرب على الصفحة ٢٨٣ ، وقد أورده هنا توضيحا لحجة سيبويه في الرد على زعم يونس ، فوجود الياء في آخر «لبّى» وهو مضاف إلى اسم ظاهر دليل واضح على أنه ليس مقصورا في الأصل مثل لدى.

(٢) ينوّن : مضارع مجزوم بإن فعل الشرط وهو مبني للمجهول ونائب فاعله ضمير يعود على «إذ».

١٣٩

إفراد إذ ، وما كإذ معنى كإذ

أضف جوازا نحو «حين جا نبذ» (١)

من اللازم للإضافة : ما لا يضاف إلا إلى الجملة ، وهو «حيث» (٢) ، «وإذ (٣) ، وإذا» فأما «حيث» فتضاف إلى الجملة الاسمية نحو «اجلس حيث زيد جالس» وإلى الجملة الفعلية (٤) ، نحو «اجلس حيث جلس زيد» أو «حيث يجلس زيد» وشذّ إضافتها إلى مفرد كقوله :

٨٥ ـ أما ترى حيث سهيل طالعا

نجما يضيء كالشهاب لامعا (٥)

__________________

(١) إفراد : نائب فاعل ليحتمل في آخر البيت السابق.

(٢) حيث : ظرف مكان ـ لا يخرج عن الظرفية إلا نادرا ـ وهو مبني على الضم. ولا يضاف للجملة من أسماء المكان غيره.

(٣) إذ : ظرف زمان ماض ، مبني على السكون في محل نصب ـ إلا إذا أضيف إليها زمان فتكون في محل جر بالإضافة نحو «يومئذ» وقد ترد إذ للاستقبال في الأصح بدليل قوله تعالى : «فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ».

(٤) إضافة «حيث» إلى الجملة الفعلية أكثر من إضافتها للجملة الاسمية.

(٥) قائله غير معروف. سهيل : نجم عند طلوعه تنضج الفواكه وينقضي القيظ. الشهاب : شعلة من نار ساطعة.

المعنى : ألم تبصر طالعا من الطوالع في مكان سهيل نجما لا معا نيرا كأنه شعلة النار الساطعة.

الإعراب : أما : الهمزة للاستفهام. ما : نافية. ترى : بصرية مضارع مرفوع بضمة مقدرة ، وفاعله ضمير المخاطب «أنت» حيث : ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق بطالعا ، أو بمحذوف حال منه. وحيث مضاف. سهيل : مضاف إليه مجرور. طالعا : مفعول به لترى منصوب نجما : بدل من طالعا منصوب. يضيء : مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر جوازا والجملة في محل نصب صفة لنجما. كالشهاب : جار ومجرور متعلق بيضيء. لامعا : حال من فاعل يضيء منصوب.

الشاهد : في قوله : «حيث سهيل» فقد أضيفت حيث إلى مفرد وهو شاذ.

١٤٠