تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

حقّ الحال أن يكون وصفا. وهو : مادل على معنى وصاحبه ، ك «قائم وحسن ، ومضروب» فوقوعها مصدرا على خلاف الأصل ، إذ لا دلالة فيه على صاحب المعنى.

(أ) وقد كثر مجيء الحال مصدرا نكرة ، ولكنه ليس بمقيس (١) ؛ لمجيئه على خلاف الأصل ، ومنه : «زيد طلع بغتة» ف «بغتة» مصدر نكرة وهو منصوب على الحال ، والتقدير : «زيد طلع باغتا» ، هذا مذهب سيبويه والجمهور.

(ب) وذهب الأخفش والمبرد إلى أنه منصوب على المصدرية ، والعامل فيه محذوف ، والتقدير : «طلع زيد يبغت بغتة» (٢) ف «يبغت» عندهما هو الحال ، لا «بغتة».

(ج) وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على المصدرية كما ذهبا إليه ، ولكن الناصب له عندهم الفعل المذكور وهو «طلع» لتأويله بفعل من لفظ المصدر ، والتقدير في قولك «زيد طلع بغته» (٣) «زيد بغت بغتة» فيؤولون «طلع» ب «بغت» وينصبون به «بغتة».

__________________

(١) أي عند سيبوية والجمهور لأن الحال نعت في المعنى ، والنعت بالمصدر لا يطرد ، فكذا ما بمعناه وهو الحال.

(٢) على رأي الأخفش والمبرد يكون إعراب الجملة : «زيد طلع بغته» كما يلي : زيد مبتدأ ، طلع وفاعله خبره جملة فعلية بغتة : مفعول مطلق منصوب بعامل محذوف تقديره «يبغت» وجملة العامل المحذوف في محل نصب حال من فاعل طلع.

(٣) على رأي الكوفيين لا يبقى في الجملة حال ، بل مبتدأ وخبره. زيد : مبتدأ. طلع وفاعله جملة فعلية خبر المبتدأ. وبغتة : مفعول مطلق عامله طلع مؤولا ببغت.

٤١

وقوع صاحب الحال نكرة بمسوغ :

ولم ينكّر غالبا ذو الحال إن

لم يتأخّر أو يخصّص أو يبن (١)

من بعد نفي أو مضاهيه ، ك «لا

يبغ امرؤ على امرىء مستسهلا» (٢)

حقّ صاحب الحال أن يكون معرفة ، ولا ينكّر في الغالب إلا عند وجود مسوّغ وهو أحد أمور :

(أ) منها : أن يتقدّم الحال على النكرة ، نحو «فيها قائما رجل» وكقول الشاعر ، وأنشده سيبويه :

٤٠ ـ وبالجسم منّى بيّنا لو علمته

شحوب ، وإن تستشهدي العين تشهد (٣)

__________________

(١) لم : حرف نفي وجزم وقلب. ينكر : مضارع مبنى للمجهول مجزوم بلم بالسكون غالبا : حال من نائب الفاعل «ذو الحال» منصوب ذو : نائب فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف. الحال : مضاف إليه مجرور. إن : حرف شرط جازم يجزم فعلين. لم : حرف نفي وجزم وقلب ينأخر : مضارع مجزوم بلم بالسكون ولم يتأخر في محل جزم فعل الشرط لإن. وجواب الشرط محذوف دل عليه ما سبق تقديره «فلا ينكر».

(٢) لا يبغ : لا ناهية. يبغ مضارع مجزوم بلا علامة جزمه حذف حرف العلة وهو الياء. امرؤ : فاعل يبغ مرفوع. على امريء : جار ومجرور متعلق بيبغ ، مستسهلا : حال من امرؤ منصوب بالفتحة. وسوغ مجيء الحال من النكرة سبقها بشبه النفي وهو النهي.

(٣) قائله : غير معروف. بينا : ظاهرا. شحوب : تغيّر.

المعنى : في جسدي تغير ظاهر لو عرفته لعطفت علي وإن تطلبي شهادة العين على ذلك تشهد به لمعاينتها إياه.

٤٢

وكقوله :

٤١ ـ وما لام نفسي مثلها لي لائم

ولا سدّ فقري مثل ما ملكت يدي (١)

__________________

الإعراب : بالجسم : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ل «شحوب». مني : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الجسم. بينا : حال من شحوب منصوب. لو : حرف امتناع لامتناع أو حرف شرط غير جازم. علمته : فعل وفاعل ومفعول به ؛ علم فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل والهاء مفعول به. وعلم فعل الشرط وجوابه محذوف تقديره : لعطفت علي. وجملة الشرط معترضة بين المبتدأ وخبره المقدم. شحوب : مبتدأ مؤخر مرفوع. وإن : الواو استثنافية إن حرف شرط جازم. تستشهدي : مضارع مجزوم بإن ـ فعل الشرط ـ وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والياء فاعل. العين : مفعول به لفعل الشرط منصوب ، تشهد. مضارع مجزوم ـ جواب الشرط ـ وحرك بالكسر للروي. وفاعله ضمير مستتر جوازا تقديره «هي» يعود إلى العين.

الشاهد : في قوله : «بينا .. شحوب» حيث جاءت الحال من النكرة والمسوغ تقدمها على صاحبها ، وهذا إنما يجيء على مذهب سيبويه من جواز مجيء الحال من المبتدأ. وأما على مذهب الجمهور من امتناعه فهو حال من الضمير المستكن في الخبر وحينئذ لا شاهد فيه.

(١) قائله غير معروف.

المعنى : إني لم أجد لائما لنفسى مثلها ولا مانعا لفقري مثل الذي تملكه يدي.

الإعراب : ما : نافية. لام : فعل ماض مبني على الفتح. نفسي : مفعول به مقدم منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه. مثلها : حال من لائم منصوب وهو مضاف وها مضاف إليه. لي : جار ومجرور متعلق بلائم. لائم : فاعل مؤخر مرفوع بالضمة. ولا : الواو عاطفة. لا نافية. سد : فعل ماض مبني على الفتح. فقري : مفعول به مقدم لسد منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهو مضاف. وياء المتكلم مضاف إليه. مثل : فاعل مؤخر لسد مرفوع. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. ملكت : فعل ماض مبني على الفتح ، والتاء للتأنيث يدي : فاعل ملك مرفوع بضمة مقدرة

٤٣

ف «قائما» حال من «رجل» و «بينا» حال من «شحوب» و «مثلها» حال من «لائم».

(ب) ومنها : أن تخصّص النكرة بوصف أو بإضافة ؛ فمثال ما تخصّص بوصف قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا)(١).

وكقول الشاعر :

٤٢ ـ نجيت يا ربّ نوحا واستجبت له

في فلك ما خر في اليمّ مشحونا (٢)

__________________

على ما قبل الياء وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه. وجملة : ملكت يدي لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، وعائدها ضمير محذوف وهو مفعول ملكت تقديره : ملكته يدي.

الشاهد : في قوله : «مثلها لي لائم» حيث جاءت الحال من النكرة والمسوغ تقدم الحال على صاحبها.

(١) الآيتان ٤ و ٥ من سورة الدخان وهما مع آية سابقة : «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ، فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ، أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ». «أمرا» حال من أمر الأول لتخصيصه بالوصف بحكيم ـ أي محكم ـ والأمر الأول واحد الأمور ، والثاني واحد الأوامر ضد النهي ، أي : حال كونه مأمورا به من عندنا.

(٢) قائل البيتين غير معروف. فلك سفينة ، وضمة اللام لإتباع حركة الفاء ، الأصل فيه الفلك : بوزن قفل للواحد والجمع. ماخر : اسم فاعل : من مخرت السفينة : إذا جرت تشق الماء مع صوت. اليم : البحر. مشحونا : مملوءا.

المعنى : «أنقذت يا رب نوحا من الطوفان واستجبت له دعاءه على قومه بعد أن أيس منهم. فأرسلت الماء ونجيته منه في سفينة شقت المياه مملوءة بما أمرته بحمله فيها وقد عاش في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وهو يدعوهم إلى توحيدك وعبادتك».

الإعراب : نجيت : فعل وفاعل. نجى : فعل ماض مبني على السكون والتاء فاعله. يا رب : يا أداة نداء. رب : منادى مضاف لياء المتكلم منصوب بفتحة مقدرة على آخره. وياء المتكلم ـ المضاف إليه ـ محذوفة. وجملة النداء معترضة بين

٤٤

وعاش يدعو بآيات مبيّنة

في قومه ألف عام غير خمسينا

ومثال ما تخصّص بالإضافة قوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ)(١).

(ج) ومنها أن تقع النكرة بعد نفي أو شبهه ، وشبه النفي هو. الاستفهام والنهي ، وهو المراد بقوله : «أو يبن من بعد نفي أو مضاهية» فمثال ما وقع بعد النفي قوله :

__________________

نجيت ومفعوله. نوحا : مفعول به لنجيت منصوب. واستجبت : الواو عاطفة. استجبت : فعل وفاعل. له : جار ومجرور متعلق باستجبت في فلك. جار ومجرور متعلق بنجيت. ماخر : صفة لفلك مجرور. في اليم : جار ومجرور متعلق بماخر. مشحونا : حال من فلك منصوب. وجملة «استجبت» معطوفة على جملة «نجيت» الابتدائية. وعاش : الواو عاطفة. عاش : فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى «نوح» يدعو : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الواو للثقل. وفاعله ضمير مستتر تقديره هو وجملة «يدعو» في محل نصب حال من فاعل عاش. مبينة : نعت لآيات مجرور. في قومه : جار ومجرور ومضاف إليه. والجار والمجرور متعلق بعاش. ألف : مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بعاش وهو مضاف. عام : مضاف إليه مجرور. غير : منصوب على الاستثناء بالفتحه. وهو مضاف. خمسينا : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم ، والنون عوض عن التنوين في المفرد ، والألف للإطلاق.

الشاهد : في قوله : «فلك ما خر في اليم مشحونا» حيث جاءت الحال من النكرة والمسوغ تخصيصها بالوصف. مشحونا : حال من فلك وهي نكرة وصفت بماخر.

(١) من الآية ١٠ من سورة فصلت وهي مع آية قبلها : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ ، وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ).

٤٥

٤٣ ـ ما حمّ من موت حمى واقيا

ولا ترى من أحد باقيا (١)

ومنه قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)(٢) ف «لها كتاب» جملة في موضع الحال من «قرية» وصحّ مجيء الحال من النكرة لتقدم النفي عليها ، ولا يصحّ كون الجملة صفة لقرية ، خلافا للزمخشري لأن الواو لا تفصل بين الصفة والموصوف ، وأيضا وجود «إلا» مانع من ذلك ؛ إذ لا يعترض ب «إلا» بين الصفة والموصوف ، وممن صرّح بمنع ذلك : أبو الحسن الأخفش في المسائل ، وأبو علي الفارسي في التذكرة. ومثال ما وقع بعد الاستفهام قوله :

__________________

(١) قائله غير معروف. حمّ : مبني للمجهول. قدّر : حمى : موضع حماية.

المعنى : «ليس هناك موضع حماية يحفظ الإنسان من الموت ، ولا ترى أحدا باقيا مخلدا في الدنيا بل كلّ من عليها فان».

الإعراب : ما حم : ما نافية. حم : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. من موت. جار ومجرور متعلق بواقيا. حمى : نائب فاعل حمّ مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. واقيا : حال من حمى منصوب بالفتحة ولا : الواو عاطفة. لا نافية. ترى : مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. من أحد : من حرف جر زائد ، أحد مفعول به أول لترى ـ بمعنى تعلم ـ منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. باقيا : مفعول به ثان لترى منصوب. ويمكن إعراب «باقيا» حال من أحد على اعتبار «ترى» بمعنى تبصر يكتفى بمفعول به واحد.

الشاهد : في قوله : «ما حم حمى واقيا» حيث جاءت الحال «واقيا» من النكرة «حمى» والمسوغ وقوع النكرة بعد النفي. إذا اعربت «ترى» بصرية يكون في البيت شاهد ثان حيث تكون «باقيا» حال من أحد وهو نكرة وسوغ ذلك وقوع النكرة بعد النفي أيضا.

(٢) الآية ٤ من سورة الحجر ، وهي تامة في الشرح.

٤٦

٤٤ ـ يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى

لنفسك العذر في إبعادها الأملا (١)

ومثال ما وقع بعد النهي قول المصنف : «لا يبغ امرؤ على امرىء مستسهلا» وقول قطريّ بن الفجاءة :

٤٥ ـ لا يركنن أحد إلى الإحجام

يوم الوغى متخوّفا لحمام (٢)

__________________

(١) قائله : رجل من طيء.

المعنى : يا صاحبي هل قدر للإنسان في الدنيا حياة باقية حتى تعلم لك عذرا في كونك تؤمل آمالا بعيدة.

الإعراب : يا : حرف نداء. صاح : منادى مرخم «صاحب» على غير قياس لكونه ليس علما والأصل : يا صاحبي. وهو منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم ... هل : حرف استفهام. حم : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. عيش : نائب فاعل مرفوع باقيا : حال من عيش منصوب بالفتحة. فترى : الفاء سببية. ترى : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت لنفسك : جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول به ثان لترى تقديره «موجود». العذر : مفعول به أول لترى منصوب بالفتحة. في إبعادها : جار ومجرور ومضاف إليه. الجار والمجرور متعلق بالعذر ، وها : مضاف إليه من إضافة المصدر لمرفوعه وهو الفاعل. الأملا : مفعول به للمصدر إبعاد منصوب بالفتحة ، والألف للإطلاق. وأن المضمرة بعد فاء السببية وما بعدها في تأويل مصدر معطوف على مصدر متصيّد من الجملة السابقة والتقدير : «هل قدر بقاء العيش فعلمك العذر».

الشاهد : في قوله : «عيش باقيا» حيث جاءت الحال «باقيا» من النكرة «عيش» والمسوغ وقوع النكرة بعد الاستفهام.

(٢) قائله : قطري بن الفجاءة التميمي المازني. الإحجام : التأخر. الوغى : الحرب. الحمام : الموت.

المعنى : لا ينبغي لأحد أن يميل في يوم الحرب إلى التأخر عن القتال خوفا من الموت.

الإعراب : لا : ناهية ، يركنن : مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد

٤٧

واحترز بقوله «غالبا» مما قلّ مجيء الحال فيه من النكرة بلا مسوّغ (١) من المسوغات المذكورة ، ومنه قولهم : «مررت بماء قعدة (٢) رجل» وقولهم : «عليه مائة بيضا» وأجاز سيبويه «فيها رجل قائما» وفي الحديث «صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاعدا ، وصلى وراءه رجال قياما».

تقدم الحال على صاحبها المجرور بحرف :

وسبق حال مّا بحرف جرّ قد

أبوا ولا أمنعه ؛ فقد ورد (٣)

__________________

الخفيفة في محل جزم بلا الناهية. والنون للتوكيد أحد : فاعل يركن مرفوع. إلى الاحجام : جار ومجرور متعلق بيركن. يوم : مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بيركن. وهو مضاف الوغى : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف. متخوفا : حال من أحد منصوب. لحمام : جار ومجرور متعلق بمتخوفا.

الشاهد : في قوله : «لا يركنن أحد .. متخوفا» حيث وقع الحال «متخوفا» من النكرة «أحد» والمسوغ وقوعه بعد النهي.

(١) مجيء الحال من النكرة بلا مسوغ مقيس عند سيبويه لأن الحال إنما دخلت لتقيد العامل فلا معنى لاشتراط المسوغ في صاحبها وقصره الخليل ويونس على السماع.

(٢) بكسر القاف أي مقدار قعدته.

(٣) سبق : مفعول به مقدم للفعل أبوا منصوب. حال : مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله. ما : اسم موصول في محل نصب مفعول به للمصدر سبق. بحرف : جار ومجرور متعلق بجر. جر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة جر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول. قد : حرف تحقيق أبوا : فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ، وواو الجماعة فاعل. ولا : الواو عاطفة لا : نافية أمنعه : مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والهاء في محل نصب مفعول به.

٤٨

(أ) مذهب جمهور النحويين أنه لا يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف ، فلا تقول : في «مررت بهند جالسة» مررت جالسة بهند.

(ب) وذهب الفارسي ، وابن كيسان ، وابن برهان ، إلى جواز ذلك ، وتابعهم المصنّف ، لورود السماع بذلك ومنه قوله :

٤٦ ـ لئن كان برد الماء هيمان صاديا

إليّ حبيبا إنّها لحبيب (١)

ف «هيمان ، وصاديا» : حالان من الضمير المجرور بإلى ، وهو الياء. وقوله :

__________________

(١) قائله : عروة بن حزام العذري. هيمان : عطشان من الهيام وهو أشد العطش. صاديا : عطشان. اسم فاعل من صدي كتعب إذا عطش.

المعنى : أقسم بالله لئن كان الماء الزلال البارد محبوبا إليّ في حال شدة عطشي إن هذه المرأة لحبيبة إليّ أيضا.

الإعراب : لئن : اللام موطئة للقسم إن : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط برد : اسم كان مرفوع. الماء : مضاف إليه مجرور. هيمان. صاديا : حالان من ضمير المتكلم المجرور بإلى بعدهما منصوبان. إليّ : جار ومجرور متعلق بحبيبا : حبيبا : خبر كان منصوب. إنها : إن حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر. ها : في محل نصب اسمها. لحبيب : اللام للابتداء. حبيب : خبر إن مرفوع. وجملة إنها لحبيب جواب القسم لا محل لها من الإعراب. وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم ، فقد اجتمع الشرط والقسم وتأخر الشرط عن القسم فكان الجواب للسابق.

الشاهد : في قوله : «هيمان صاديا إليّ ..» حيث تقدمت الحال وهي : هيمان وصاديا على صاحبها المجرور بالحرف وهو ياء المتكلم المجرورة بإلى.

٤٩

٤٧ ـ فإن تك أذواد أصبن ونسوة

فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال (١)

ف «فرغا» حال من «قتل».

وأما تقديم الحال على صاحبها المرفوع والمنصوب فجائز ، نحو «جاء ضاحكا زيد ، وضربت مجردة هندا».

__________________

(١) قائله : طليحة بن خويلد الأسدي المتنبىء. حبال : بوزن كتاب : ابن سلمة بن خويلد فهو ابن أخي الشاعر قتله المسلمون في حروب الردة. اذواد : جمع زود ـ مثل أثواب وثوب ـ والذود مؤنثة وهي من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر فرغا : هدرا خاليا من الأخذ بالثأر.

المعنى : إذا أصاب المسلمون منا بعض الإبل وجماعة من النساء أخذن سبايا ، فلن يكون مقتل حبال هدرا بل لا بد من الثأر له بقتل أكفائه منهم.

الإعراب : إن : حرف شرط جازم. تك : مضارع ناقص مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون مقدر على النون المحذوفة للتخفيف. أذواد : اسم تك مرفوع بالضمة. أصبن : أصيب فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون ، والنون للنسوة في محل رفع نائب فاعل. وجملة أصبن في محل نصب خبر تكن. ونسوة : الواو عاطفة ، نسوة معطوف على أذواد ومرفوع مثله بالضمة. فلن : الفاء واقعة في جواب الشرط. لن : حرف نفي ونصب. يذهبوا : مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فرغا : حال من قتل المجرور بالباء منصوب بالفتحة. بقتل : جار ومجرور متعلق بيذهبوا وقتل مضاف. حبال : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، وجملة لن يذهبوا : في محل جزم جواب الشرط إن.

الشاهد : في قوله : «فرغا بقتل حبال» حيث تقدمت الحال «فرغا» على صاحبها المجرور بالحرف وهو «قتل» المجرور بالباء.

٥٠

أسئلة ومناقشات

١ ـ اذكر تعريف الحال .. ثم اشرحه شرحا يبين المراد منه ويخرج ما سواه ومثّل لكل ما تقول.

٢ ـ من أحكام الحال كونها (وصفا منتقلا) فاشرح معنى كونها وصفا .. وما العلة في ذلك؟ وما ذا يقصد بكونه منتقلا؟ مثل لكل ما تقول.

٣ ـ متى يكثر مجيء الحال مصدرا؟ ولم كان ذلك على خلاف الأصل؟ مثل لذلك بأمثلة من عندك.

٤ ـ لم كان الأصل في الحال الاشتقاق؟ ومتى يكثر مجيئها جامدة؟ عدّد هذه المواضع ومثل لها.

٥ ـ لماذا كان الأصل في الحال التنكير؟ وما ذا يصنع النحاة في مثل : «أرسلها العراك ـ اجتهد وحدك ـ كلمته فاه إلى فيّ»؟

٦ ـ متى يجيء صاحب الحال نكرة؟ ولماذا؟ مثل لكل ما تقول.

٧ ـ متى يجوز تقدم الحال على صاحبها؟ ومتى لا يجوز ذلك؟ مثّل لكل ما تقول ...

٥١

تمرينات

١ ـ قال تعالى : («وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ)(١) مَعْلُومٌ».

(أ) عين الحال وصاحبها في الآية الكريمة.

(ب) كيف صح مجيء الحال من النكرة؟

(ج) كيف ترد على الزمخشري في إعراب جملة (إلا ولها كتاب معلوم) صفة (القرية)؟.

٢ ـ ما يأتي شواهد في باب الحال ـ بيّن مواضع الاستشهاد بها ..

(فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (٢) ـ فَيَأْتِيَهُمْ (٣) بَغْتَةً ـ فِيها يُفْرَقُ كُلُ (٤) أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا ـ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (٥) لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ (٦) ـ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً)(٧).

٣ ـ مثل لما يأتي في جمل من عندك :

(أ) حال تقدمت على صاحبها.

(ب) حال لازمة.

(ج) حال جامدة.

__________________

(١) الآية ٤ من سورة الحجر.

(٢) آية ١٧ سورة مريم.

(٣) آية ٢٠٢ سورة الشعراء.

(٤) آيتا ٤ ، ٥ سورة الدخان.

(٥) آية ١٠ سورة فصّلت.

(٦) آية ٨ سورة المنافقون.

(٧) آية ٧٩ سورة النساء.

٥٢

(د) حال صاحبها نكرة.

(ه) حال معرفة.

(و) حال تكون مصدرا.

٤ ـ اكتب تأويل الأحوال الآتية : ـ

(أ) كر زيد أسدا.

(ب) بعته يدا بيد.

(ج) كلمته فاه إلى فيّ.

(د) أرسلها العراك.

ثم وضّح لم كان تأويل أمثال هذه الحال واجبا؟

٥ ـ تقول العرب : «خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها».

(أ) عيّن الحال في المثال السابق .. ثم بيّن نوعها.

(ب) أعرب ما تحته خط من المثال.

٦ ـ أعرب البيت الآتي واشرحه بأسلوبك : ـ

إذا المرء أعيته المروءة ناشئا

فمطلبها كهلا عليه شديد

٥٣

المواضع التي يجوز فيها مجيء الحال من المضاف إليه

ولا تجز حالا من المضاف له

إلا إذا اقتضى المضاف (١) عمله

أو كان جزء ماله أضيفا

أو مثل جزئه فلا تحيفا (٢)

لا يجوز مجيء الحال من المضاف إليه :

(أ) إلا إذا كان المضاف مما يصحّ عمله في الحال : كاسم الفاعل ، والمصدر ، ونحوهما مما تضمن معنى الفعل فتقول : «هذا ضارب

__________________

(١) لا : ناهية. تجز : مضارع مجزوم بالسكون. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. حالا : مفعول به لتجز منصوب. من المضاف : جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لحالا. له جار ومجرور متعلق بالمضاف. إلا : أداة استثناء ملغاة إذا : ظرف يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق بالجواب المحذوف. اقتضى : فعل ماض مبني على فتح مقدر. المضاف : فاعله مرفوع. عمله : مفعول به منصوب وهو مضاف. والهاء مضاف إليه. وجملة اقتضى المضاف في محل جر بإضافة إذا إليها ، وجواب إذا محذوف دل عليه الكلام السابق تقديره «فأجز».

(٢) اسم كان ضمير مستتر يعود على المضاف. جزء : خبر كان منصوب وهو مضاف ما : اسم موصول في محل جر مضاف إليه له : جار ومجرور متعلق بأضيف. أضيف : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. فلا : الفاء فصيحة. لا ناهية. تحيف : مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المقلوبة ألفا في محل جزم بلا الناهية وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والألف بدل نون التوكيد الخفيفة.

٥٤

هند مجردة» و «أعجبني قيام زيد مسرعا» ومنه قوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً)(١).

ومنه قول الشاعر :

٤٨ ـ تقول ابنتي : إن انطلاقك واحدا

إلى الرّوع يوما تاركي لا أباليا (٢)

(ب) وكذلك يجوز مجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه.

__________________

(١) من الآية ٤ سورة يونس وتمامها : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ).

(٢) قائله : مالك بن الريب. الروع : الفزع ومعناه هنا الحرب لأن الفزع يتسبب عنها تاركي : اسم فاعل من ترك بمعنى صيّر.

المعنى : تقول لي ابنتي : إن ذهابك منفردا إلى القتال سيجعلنى يتيمة فاقدة الأب.

الإعراب : تقول : مضارع مرفوع بالضمة. ابنتي : فاعل تقول مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، وهو مضاف وياء المتكلم في محل جر مضاف إليه إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر. انطلاقك : انطلاق اسم إنّ منصوب بالفتحة. وهو مضاف. والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله. واحدا : حال من الكاف في انطلاقك منصوب بالفتحة. إلى الروع : جار ومجرور متعلق بانطلاق يوما : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بتاركي. تاركي : خبر إن مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهو مضاف وياء المتكلم في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله الأول. لا : نافية للجنس. أبا : اسم لا مضاف منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، لي : اللام مقحمة بين المضاف والمضاف إليه ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة ، وخبر لا محذوف تقديره : موجود وجملة : لا أباليافي محل نصب مفعول ثان لتاركي.

الشاهد : في قوله : «انطلاقك واحدا» حيث انتصب الحال «واحدا» من المضاف إليه وهو الكاف في انطلاقك لأن المضاف مصدر يصح عمله في الحال.

٥٥

(ج) أو مثل جزئه في صحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه.

فمثال ما هو جزء من المضاف إليه قوله تعالى : («وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً)(١) ف «إخوانا» حال من الضمير المضاف إليه «صدور» والصدور : جزء من المضاف إليه.

ومثال ما هو مثل جزء المضاف إليه في صحة الاستغناء بالمضاف إليه عنه قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(٢) ف «حنيفا» حال من «إبراهيم» والملة كالجزء من المضاف إليه ؛ إذ يصح الاستغناء بالمضاف إليه عنها ؛ فلو قيل في غير القرآن : «أن اتبع إبراهيم حنيفا» لصحّ. فإن لم يكن المضاف مما يصح أن يعمل في الحال ولا هو جزء من المضاف إليه ، ولا مثل جزئه لم يجز مجيء الحال منه ؛ فلا تقول : «جاء غلام هند ضاحكة» خلافا للفارسي ، (وقول ابن المصنف رحمه‌الله تعالى : «إن هذه الصورة ممنوعة بلا خلاف» ليس بجيّد ، فإن مذهب الفارسي جوازها. كما تقدّم ، وممّن نقله عنه الشريف أبو السعادات بن الشجري في أماليه).

تقديم الحال على عاملها :

والحال إن ينصب بفعل صرّفا

أو صفة أشبهت المصرّفا (٣)

__________________

(١) من الآية ٤٧ من سورة الحجر وهي : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ).

(٢) من الآية ١٢٣ من سورة النحل وهي (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

(٣) الحال : مبتدأ مرفوع بالضمة. إن : حرف شرط جازم ينصب : مضارع مبني للمجهول مجزوم بإن ـ فعل الشرط ـ ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. بفعل : جار ومجرور متعلق بينصب. صرفا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، والألف للإطلاق ، ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره

٥٦

فجائز تقديمه ك «مسرعا

ذا راحل ، ومخلصا زيد دعا» (١)

يجوز تقديم الحال على ناصبها إن كان فعلا متصرفا ، أو صفة (٢) تشبه الفعل المتصرف ، والمراد بها : ما تضمّن معنى الفعل وحروفه ، وقبل التأنيث والتثنية ، والجمع : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبهة ، فمثال تقديمها على الفعل المتصرف : «مخلصا زيد دعا» ف «دعا» فعل متصرف ، وتقدمت عليه الحال. ومثال تقديمها على الصفة المشبهة له : «مسرعا ذا راحل».

__________________

هو يعود إلى الفعل. وجملة صرفا : في محل جر نعت لفعل. أو : عاطفة : معطوف على فعل ومجرور مثله. أشبهت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى صفة. المصرفا : مفعول به لأشبهت منصوب بالفتحة والألف للإطلاق ، وجملة أشبهت. في محل جر نعت لصفة.

(١) فجائز : الفاء واقعة في جواب الشرط إن في البيت السابق. جائز : خبر مقدم لتقديمه مرفوع. تقديمه : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء في محل جر مضاف إليه ، وجملة «جائز تقديمه» في محل جزم جواب الشرط. وجملتا الشرط «إن ينصب. فجائز تقديمه» خبر المبتدأ في البيت الأول «الحال» مسرعا : حال من ضمير «راحل» منصوب. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. راحل خبر ذا مرفوع بالضمة. مخلصا : حال من فاعل دعا المضمر. زيد : مبتدأ مرفوع بالضمة. دعا : فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة دعا في محل رفع خبر زيد.

(٢) مثل الصفة المصدر النائب عن فعله نحو : مجردا ضربا زيدا ، وقد يعرض للمتصرف ما يمنع تقديم الحال كاقترانه بلام ابتداء أو قسم نحو «إن زيدا ليقوم طائعا ، ولأصيرنّ محتسبا» أو كونه صلة لحرف مصدري نحو : «لك أن تنتقل قاعدا» أو صلة لأل نحو «أنت المصلى فذا» فلا يقدم الحال في شيء من ذلك ، لأن اللام لها الصدر ، ومعمول الصلة لا يتقدم.

٥٧

فإن كان الناصب لها فعلا غير متصرف لم يجز تقديمها عليه ، فتقول «ما أحسن زيدا ضاحكا» ولا تقول : «ضاحكا ما أحسن زيدا» : لأن فعل التعجب غير متصرف في نفسه ، فلا يتصرف في معموله وكذلك إن كان الناصب لها صفة لا تشبه الفعل المتصرف ، كأفعل التفضيل لم يجز تقديمها عليه ، وذلك لأنه لا يثنّى ، ولا يجمع ، ولا يؤنّث فلم يتصرف في نفسه فلا يتصرف في معموله ؛ فلا تقول : «زيد ضاحكا أحسن من عمرو» بل يجب تأخير الحال ؛ فتقول : «زيد أحسن من عمرو ضاحكا».

وعامل ضمّن معنى الفعل لا

حروفه مؤخرا لن يعملا (١)

ك «تلك ، ليت ، وكأنّ» وندر

نحو «سعيد مستقرا في هجر» (٢)

لا يجوز تقديم الحال على عاملها المعنوي ؛ وهو : ما تضمّن معنى الفعل دون حروفه : كأسماء الإشارة ، وحروف التمنّي ، والتشبيه ، والظرف والجار والمجرور ، نحو «تلك هند مجردة ، وليت زيدا أميرا أخوك ، وكأن زيدا راكبا أسد ، وزيد في الدار ـ أو عندك ـ قائما» فلا يجوز تقديم

__________________

(١) عامل : مبتدأ مرفوع بالضمة. ضمّن : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عامل. وجملة «ضمّن» في محل رفع نعت للمبتدأ «عامل» معنى : مفعول به ثان لضمّن منصوب بفتحة مقدرة وهو مضاف. الفعل : مضاف إليه مجرور لا : عاطفة. حروفه : معطوف على معنى ومنصوب مثله بالفتحة وهو مضاف والهاء في محل جر مضاف إليه. مؤخرا : حال من ضمير يعملا منصوب. لن : حرف نفي ونصب. يعملا : منصوب بلن بفتحة ظاهرة وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى عامل. والألف للإطلاق. وجملة «لن يعملا» في محل رفع خبر المبتدأ «عامل».

(٢) سعيد : مبتدأ مرفوع بالضمة. مستقرا : حال من الضمير في متعلق الخبر. في هجر : جار ومجرور متعلق بخبر محذوف لسعيد تقديره «كائن».

٥٨

الحال على عاملها المعنوي في هذه المثل ونحوها ؛ فلا تقول : «مجردة تلك هند» «ولا أميرا ليت زيدا أخوك» ولا «راكبا كأن زيدا أسد» وقد ندر تقديمها على عاملها ، نحو «زيد قائما عندك» والجار والمجرور نحو «سعيد مستقرا في هجر» ومنه قوله تعالى : (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)(١) في قراءة من كسر التاء ، وأجازه الأخفش قياسا.

ونحو «زيد مفردا أنفع من

عمرو معانا» مستجاز لن يهن (٢)

تقدم أن أفعل التفضيل لا يعمل في الحال متقدمة ، واستثنى من ذلك هذه المسألة وهي : ما إذا فضّل شيء في حال على نفسه أو غيره في حال أخرى ، فإنه يعمل في حالين إحداهما متقدمة عليه ، والأخرى متأخرة عنه ، وذلك نحو «زيد قائما أحسن منه قاعدا» و «زيد مفردا أنفع من عمرو معانا» ف «قائما ، ومفردا» منصوبان بأحسن وأنفع ، وهما حالان وكذا «قاعدا ، ومعانا» وهذا مذهب الجمهور.

(وزعم السيرافي أنهما خبران منصوبان بكان المحذوفة والتقدير «زيد إذا كان قائما أحسن منه إذا كان قاعدا ، وزيد إذا كان مفردا أنفع من عمرو إذا كان معانا»).

__________________

(١) من الآية ٦٧ من سورة الزّمر وهي : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).

(٢) نحو : مبتدأ مرفوع بالضمة. زيد : مبتدأ ثان مرفوع بالضمة. مفردا حال من ضمير أفعل التفضيل «أنفع» منصوب بالفتحة. أنفع : خبر زيد مرفوع بالضمة. من عمرو : جار ومجرور متعلق بأنفع. معانا : حال من عمرو منصوب بالفتحة. وجملة المبتدأ الثاني : زيد أنفع .. في محل جر بالإضافة إلى المبتدأ الأول (نحو) مستجاز خبر المبتدأ الأول نحو مرفوع. لن : حرف نفي ونصب. يهن : مضارع ـ ماضيه وهن ـ منصوب بالفتحة وسكن للروي وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، وجملة لن يهن في محل رفع خبر ثان لنحو.

٥٩

ولا يجوز تقديم هذين الحالين على أفعل التفضيل ولا تأخيرهما عنه ؛ فلا تقول : «زيد قائما قاعدا أحسن منه» ولا تقول «زيد أحسن منه قائما قاعدا».

تعدد الحال :

والحال قد يجيء ذا تعدّد

لمفرد فاعلم وغير مفرد (١)

يجوز تعدد الحال وصاحبها مفرد ، أو متعدد ؛ فمثال الأول «جاء زيد راكبا ضاحكا» ف «راكبا وضاحكا» حالان من زيد والعامل فيهما جاء ، ومثال الثاني «لقيت هندا مصعدا منحدرة» ف «مصعدا» حال من التاء و «منحدرة» حال من هند ، والعامل فيهما «لقيت» ومنه قوله :

٤٩ ـ لقي ابني أخويه خائفا

منجديه فأصابوا مغنما (٢)

__________________

(١) الحال : مبتدأ مرفوع. قد : حرف تقليل. يجيء مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة في محل رفع خبر الحال. ذا : حال من فاعل يجيء منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف : تعدد : مضاف إليه مجرور.

(٢) قائله : غير معروف. منجديه : معينيه من الإنجاد بمعنى الإعانة. أصابوا : نالوا. مغنما : غنيمة».

المعنى : «إنّ ابنى في حال خوفه العدو لقي أخويه في حال إعانتهما له فانتصروا على العدو وأصابوا غنيمة».

الإعراب : لقي : فعل ماض مبني على الفتح. ابني : فاعل مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه. أخويه : مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى وهو مضاف ، والهاء مضاف إليه. خائفا : حال من ابني منصوب بالفتحة. منجديه : حال من أخويه منصوب بالياء لأنه مثنى والهاء مضاف إليه. فأصابوا : الفاء عاطفة أصابوا فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو فاعل. مغنما : مفعول به منصوب.

الشاهد : في قوله : «ابني أخويه خائفا منجديه» حيث تعددت الحال وصاحبها متعدد خائفا : حال من ابني. منجديه : حال من أخويه.

٦٠