تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

وأما «إذ» فتضاف أيضا إلى الجملة الاسمية (١) ، نحو «جئتك إذ زيد قائم» وإلى الجملة الفعلية ، نحو : «جئتك إذ قام زيد» ويجوز حذف الجملة المضاف إليها ، ويؤتى بالتنوين عوضا عنها ، كقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ)(٢) وهذا معنى قوله : «وإن ينوّن يحتمل إفراد إذ» أي : وإن ينوّن «إذ» يحتمل إفرادها ، أي : عدم إضافتها لفظا ، لوقوع التنوين عوضا عن الجملة المضاف إليها.

وأما «إذا» فلا تضاف إلا إلى جملة فعلية ، نحو : «آتيك إذا قام زيد» ولا يجوز إضافتها إلى جملة اسمية ، فلا تقول : «آتيك إذا زيد قائم» خلافا لقوم وسيذكرها المصنف.

وأشار بقوله : «وما كإذ معنى كإذ» إلى أنّ ما كان مثل «إذ» في كونه ظرفا ماضيا غير محدود (٣) ، يجوز إضافته إلى ما تضاف إليه «إذ» من الجمل وهي : الجمل الاسمية والفعلية ، وذلك نحو «حين ، ووقت ، وزمان ، ويوم» فتقول : «جئتك حين جاء زيد ، ووقت جاء عمرو ، وزمان قدم بكر ، ويوم خرج خالد» وكذلك تقول : «جئتك حين زيد قائم» وكذلك الباقي ، وإنما قال المصنف : «أضف جوازا» ليعلم أن هذا النوع ـ أعني ما كان مثل «إذ» في المعنى ـ يضاف إلى ما يضاف إليه «إذ» ـ وهو الجملة ـ جوازا ، لا وجوبا.

فإن كان الظرف غير ماض ، أو محدودا ، لم يجر مجرى «إذ» بل

__________________

(١) الأحسن في الجملة الاسمية بعد إذ أن لا يكون خبرها فعلا ماضيا ، نحو «جئت إذ زيد يقوم».

(٢) الآية ٨٤ من سورة الواقعة.

(٣) المحدد : ما دل على عدد كيومين وأسبوع وسنة وعام ، أو على تعيين وقت كأمس وغد. أما غير المحدود فهو الذي ليس له اختصاص أصلا ومنه «يوم» فهو لا يختص بليل ولا نهار إلا بقرينة نحو «ما رأيته يوما وليلة».

١٤١

يعامل غير الماضي ـ وهو المستقبل ـ معاملة «إذا» (١) فلا يضاف إلى الجملة الاسمية بل إلى الفعلية ؛ فتقول : «أجيئك حين يجيء زيد» (٢) ولا يضاف المحدود إلى جملة وذلك نحو : «شهر وحول» بل يضاف إلى مفرد ، نحو «شهر كذا ، وحول كذا».

ما يضاف إلى الجمل جوازا يجوز بناؤه :

وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا

واختر بنا متلوّ فعل بنيا (٣)

وقبل فعل معرب أو مبتدا

أعرب ومن بنى فلن يفنّدا

تقدّم أن الأسماء المضافة إلى الجملة على قسمين : أحدهما ما يضاف إلى الجملة لزوما ، والثاني : ما يضاف إليها جوازا.

وأشار في هذين البيتين إلى أن ما يضاف إلى الجملة جوازا يجوز فيه الإعراب والبناء ، سواء أضيف إلى جملة فعلية صدّرت بماض ، أو جملة فعلية صدرت بمضارع ، أو جملة اسمية ، نحو : «هذا يوم جاء زيد ، ويوم يقوم بكر أو يوم بكر قائم» وهذا مذهب الكوفيين ، وتبعهم

__________________

(١) هذا مذهب سيبويه : وهو أن ما أشبه إذ يعامل معاملتها فتضاف إلى الجملتين الاسمية والفعلية ، وما أشبه إذا لا يضاف إلّا إلى الفعلية مثل إذا.

(٢) حين : ظرف غير محدود كما سبق أعلى الصفحة ، ولكن لما تعلق بفعل مستقبل هو أجيئك تحدد بالمستقبل فعومل معاملة إذا في وجوب الإضافة إلى الجملة الفعلية.

(٣) ابن فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وفاعله ضمير المخاطب مستتر وجوبا. أو أعرب. أو عاطفة وأعرب معطوف على ابن ومبنى على السكون وفاعله ضمير المخاطب. ما : اسم موصول تنازعه الفعلان مبني على السكون في محل نصب. وجملة «قد أجري كإذ» صلة الموصول ، وقوله «متلوّ فعل» : أي الظرف الذي تلاه فعل مبني.

١٤٢

الفارسي والمصنف ، لكن المختار فيما أضيف إلى جملة فعلية صدّرت بماض البناء ، وقد روي بالبناء والإعراب قوله :

٨٦ ـ على حين عاتبت المشيب على الصّبا (١).

بفتح نون «حين» على البناء ، وكسرها على الإعراب.

وما وقع قبل فعل معرب ، أو قبل مبتدأ ، فالمختار فيه الإعراب ، ويجوز البناء ، وهذا معنى قوله : «ومن بنى فلن يفنّدا» أي : فلن

__________________

(١) قائله : النابغة الذبياني وهو صدر بيت ، عجزه :

فقلت ألمّا أصح والشيب وازع؟

وازع : مانع.

وقبله قوله :

وأسبل مني عبرة فرددتها

على النحر منها مستهلّ ودامع

المعنى : سالت العبرات من عينى في زمن معاتبتي للمشيب الذي حلّ مني محل الصبا وقولي لنفسي موبخا لها : كيف لا أصحو إلى الآن من التمادي في ارتكاب ما لا يليق ، والشيب : «أفضل زاجر عن مثل ذلك».

الإعراب : على حين : على حرف جر. حين : ظرف مبني على الفتح في محل جر ، أو مجرور بعلى بكسرة ظاهرة والجار والمجرور متعلق بأسبل في البيت السابق. عاتبت : فعل ماض وفاعله. المشيب : مفعول به منصوب. وجملة «عاتبت المشيب» في محل جر بإضافة حين إليها على الصبا : جار ومجرور متعلق بعاتبت. فقلت : الفاء عاطفة قلت : فعل ماض وفاعله. والجملة معطوفة على جملة «عاتبت» فهي مثلها في محل جر. ألما : الهمزة للاستفهام. لما : حرف نفي وجزم وقلب ـ مثل «لم» وتمتاز عنها باتصال نفيها بزمن التكلم ، وبتوقع ثبوته بعد. أصح : مضارع مجزوم بلما بحذف حرف العلة وهو الواو ، وفاعله ضمير المتكلم مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والشيب : الواو حالية ، الشيب مبتدأ مرفوع. وازع : خبره مرفوع وجملة «الشيب وازع» في محل نصب على الحال من فاعل «أصح» وجملة «ألما أصح ..» في محل نصب مقول القول «قلت».

الشاهد : في قوله : «على حين» فقد روى بفتح النون على البناء وهو المختار لأنها مضافة إلى جملة فعلية مصدرة بماض ، وروى بكسر النون على الإعراب.

١٤٣

يغلّط. وقد قرىء في السبعة : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)(١) بالرفع على الإعراب وبالفتح على البناء ، هذا ما اختاره المصنّف.

ومذهب البصريين (٢) أنه لا يجوز فيما أضيف إلى جملة فعلية صدّرت بمضارع ، أو إلى جملة اسمية ، إلا الإعراب ، ولا يجوز البناء إلا فيما أضيف إلى جملة فعلية صدرت بماض.

هذا حكم ما يضاف إلى الجملة جوازا ، وأما ما يضاف إليها وجوبا فلازم للبناء لشبهه بالحرف في الافتقار إلى الجملة ك «حيث ، وإذ ، وإذا».

إذا تلزم الإضافة إلى الجملة الفعلية :

وألزموا «إذا» إضافة إلى

جمل الأفعال ك «هن إذا اعتلى»

أشار في هذا البيت إلى ما تقدم ذكره من أن «إذا» تلزم الإضافة إلى الجملة الفعلية (٣) ولا تضاف إلى الجملة الاسمية ، خلافا للأخفش والكوفيين ؛ فلا تقول : «أجيئك إذا زيد قائم» وأما «أجيئك إذا زيد قام» ف «زيد» مرفوع بفعل محذوف ، وليس مرفوعا على الابتداء ، هذا مذهب سيبويه.

__________________

(١) من الآية ١١٩ من سورة المائدة وهي : «قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ».

(٢) علّل البصريون مذهبهم بأن سبب البناء مع الماضي هو طلب المشاكلة فلا وجه له مع الاسم والفعل المعرب وأجابوا عن الآية بأن اسم الإشارة عائد للمذكور قبله ويوم ظرف متعلق بمحذوف خبره.

(٣) أي الماضوية غالبا ، ويقل للمضارعية وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب :

والنفس راغبة إذا رغبتها

وإذا تردّ إلى قليل تقنع

وإنما لزمتها الإضافة لجملة فعلية لتضمنها معنى الشرط غالبا ، وإن خالفت الشرط في أنها لا تجزم اختيارا ، وفي اختصاصها بالمتيقّن والمظنون بخلاف باقي الأدوات ، فإنها للمشكوك والمستحيل ، وإذا ظرف للمستقبل ولا تخرج عن الظرفية أصلا عند الجمهور ، وهي منصوبة بجوابها لا بشرطها لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف.

١٤٤

وخالفه الأخفش ، فجوّز كونه مبتدأ خبره الفعل الذي بعده.

وزعم السيرافي أنه لا خلاف بين سيبويه والأخفش في جواز وقوع المبتدأ بعد إذا ، وإنما الخلاف بينهما في خبره ، فسيبويه يوجب أن يكون فعلا ، والأخفش يجوّز أن يكون اسما ؛ فيجوز في «أجيئك إذا زيد قام» جعل «زيد» مبتدأ عند سيبويه والأخفش ، ويجوز «أجيئك إذا زيد قائم» عند الأخفش فقط.

إضافة : كلا وكلتا

لمفهم اثنين معرّف بلا

تفرّق ، أضيف «كلتا» و «كلا» (١)

من الأسماء اللازمة للإضافة لفظا ومعنى : «كلتا ، وكلا» ، ولا يضافان إلا إلى معرفة ، مثنى لفظا ومعنى نحو «جاءني كلا الرجلين ، وكلتا المرأتين» أو معنى دون لفظ ، نحو «جاءني كلاهما ، وكلتاهما» ومنه قوله :

٨٧ ـ إن للخير وللشرّ مدى

وكلا ذلك وجه وقبل (٢)

__________________

(١) الشروط فيما يضاف إليه كلا وكلتا ثلاثة : ١ ـ التعريف ، ٢ ـ إفهام اثنين ، ٣ ـ عدم التفرق.

(٢) قائله : عبد الله بن الزبعري : المدى : الغاية. الوجه : الجهة. القبل : بفتحتين : المحجة الواضحة.

المعنى : «إن للخير وللشر غاية ينتهيان إليها ، وكل منهما أمر واضح يستقبله الناس كالوجه ويعرفونه».

الإعراب : إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر. للخير : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم لإن. وللشر : الواو عاطفة وللشر جار ومجرور متعلق بما تعلق به للخير ، مدى : اسم إن مؤخر منصوب بفتحة مقدرة. وكلا : الواو استئنافية. كلا : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة للتعذر ذلك : كلا مضاف. ذا : اسم إشارة في محل جر مضاف إليه ، واللام للبعد ، والكاف حرف خطاب. وجه : خبر كلا مرفوع بضمة. وقبل : الواو عاطفة قبل معطوف على وجه ومرفوع مثله وسكن للروي.

الشاهد : في قوله : «وكلا ذلك» حيث أضيفت كلا لاسم هو مفرد في اللفظ ولكنه مثنى في المعنى ـ وهو اسم الإشارة «ذا» لأنه إشارة لاثنين «الخير والشر».

١٤٥

وهذا هو المراد بقوله : «لمفهم اثنين معرف» واحترز بقوله : «بلا تفرق» من معرّف أفهم الاثنين بتفرق ، فإنه لا يضاف إليه «كلا ، وكلتا» فلا تقول «كلا زيد وعمرو جاء» وقد جاء شاذا ، كقوله :

٨٨ ـ كلا أخي وخليلي واجدى عضدا

في النائبات وإلمام الملمّات (١)

إضافة أي لازمة ، أنواع أي :

ولا تضف لمفرد معرّف

أيّا وإن كررتها فأضف (٢)

__________________

(١) قائله : غير معروف. الخليل : الصديق. العضد : المعين والناصر ـ مجازا لأنه في الأصل : ما بين المرفق إلى الكتف. النائبات : جمع نائبة وهي المصيبة. إلمام : نزول الملمات : جمع ملمة وهي النازلات من نوازل الدهر.

المعنى : «كل من أخي وصديقي يجدني عند حلول المصائب ونزول النوائب معينا وناصرا»

الإعراب : كلا : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف وهو مضاف. أخي : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على آخره وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه. وخليلي : الواو عاطفة. خليلي : معطوف على أخي ومجرور مثله وهو مضاف لياء المتكلم. واجدي : خبر كلا مرفوع بضمة مقدرة على آخره وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله الأول. عضدا : مفعول به ثان لواجد منصوب في النائبات : جار ومجرور متعلق بواجد. وإلمام : الواو عاطفة إلمام معطوف على النائبات ومجرور مثله وهو مضاف. الملمات : مضاف إليه.

الشاهد : في قوله : «كلا أخي وخليلي» حيث أضيفت كلا إلى اثنين متفرقين وهما : «أخي وخليلي» وهو شاذ.

(٢) أيّا : مفعول به لتضف. فأضف : الفاء واقعة في جواب شرط إن. أضف فعل أمر مبني على السكون وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت وكسر آخر أضف للروي. وجملة «أضف» في محل جزم جواب الشرط.

١٤٦

أو تنو الاجزا واخصصن بالمعرفة

موصولة أيا وبالعكس الصفة (١)

وإن تكن شرطا أو استفهاما

فمطلقا كمّل بها الكلاما (٢)

من الأسماء اللازمة للإضافة معنى «أيّ» ولا تضاف إلى مفرد معرفة ، إلا إذا تكررت ، ومنه قوله :

٨٩ ـ ألا تسألون الناس أيّى وأيّكم

غداة التقينا كان خيرا وأكرما (٣)

أو قصدت الأجزاء ، كقولك : «أي زيد أحسن؟» أي : أيّ

__________________

(١) أو تنو : أو حرف عطف : تنو معطوف على كرّرتها ـ وهو فعل الشرط ـ ومجزوم مثله بحذف حرف العلة ، والفاعل ضمير المخاطب مستتر وجوبا تقديره أنت : موصولة : حال من أيا متقدمة على صاحبها منصوبة. أيا : مفعول به لاخصصن.

(٢) فمطلقا : الفاء واقعة في جواب شرط إن. مطلقا : مفعول مطلق منصوب عامله «كمل» وجملة «كمل ..» في محل جزم جواب الشرط.

(٣) قائله : غير معروف. المعنى : «اسألوا الناس عمن كان خيرا وأكرم من صاحبه عند اللقاء والقتال أأنا أم أنتم» ألا : أداة عرض. تسألون : مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل. الناس : مفعول به أول منصوب. أيّي : أي اسم استفهام مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره لإضافته لياء المتكلم ، والياء مضاف إليه. وأيكم : الواو عاطفة. أي معطوف على أي السابقة ومرفوع مثله. وهو مضاف. والكاف مضاف إليه ، والميم علامة جمع الذكور. غداة : ظرف زمان منصوب متعلق بخيرا. التقينا : فعل ماض مبني على السكون ، ونا فاعله. وجملة «التقينا» في محل جر بإضافة غداة إليها. كان : فعل ماض ناقص ، واسمها ضمير مستتر جوازا يعود على اسم الاستفهام. خيرا : خبر كان منصوب. وأكرما : معطوف بالواو على خيرا ومنصوب مثله. وجملة «كان خيرا» في محل رفع خبر المبتدأ «أيي وأيكم» وجملة المبتدأ والخبر «أيي .. كان خيرا ..» في محل نصب مفعول به ثان لتسألون.

الشاهد : في قوله : «أيي وأيكم» حيث أضيفت أي إلى مفرد معرفة وتكررت.

١٤٧

أجزاء زيد أحسن ، ولذلك يجاب بالأجزاء فيقال : «عينه ، أو أنفه» وهذا إنما يكون فيها إذا قصد بها الاستفهام (١).

وأيّ تكون : (أ) استفهامية (ب) وشرطية (ج) وصفة. (د) وموصولة. فأما الموصولة فذكر المصنف أنها لا تضاف إلا إلى معرفة ، فتقول : «يعجبني أيّهم قائم» وذكر غيره أنها تضاف ـ أيضا ـ إلى نكرة ، ولكنه قليل ، نحو «يعجبني أيّ رجلين قاما».

وأما الصفة فالمراد بها :

١ ـ ما كان صفة لنكرة. ٢ ـ أو حالا من المعرفة.

ولا تضاف إلا إلى نكرة ، نحو : «مررت برجل أيّ رجل ، ومررت بزيد أيّ فتى» ومنه قوله :

٩٠ ـ فأومأت إيماء خفيّا لحبتر

فلله عينا حبتر أيّما فتى (٢)

__________________

(١) لا داعي للحصر بالاستفهامية لأن التكرار وقصد الأجزاء يأتيان في الموصولة والشرطية أيضا دون أي الوصفية. مثال الشرطية المتكررة : «أيي وأيك جاء يكرم» وذات الأجزاء «أيّ زيد أعجبك أعجبني» ، ومثال الموصولة : «اضرب أيّ زيد وأيّ عمرو هو قائم» «واقطع أي زيد هو قبيح» أي الجزء الذي هو قبيح منه.

(٢) قائله : الراعي النميري. الإيماء : الإشارة بحاجب أو يد أو غير ذلك. حبتر ـ بوزن جعفر ـ اسم رجل.

المعنى : «أشرت لحبتر إشارة خفية فأدركها فما أحدّ بصر هذا الفتى الكامل في وصف الفتوة» :

الإعراب : أومأت : فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعله. إيماء : مفعول مطلق منصوب. خفيا : صفة لإيماء منصوب لحبتر : جار ومجرور متعلق بأومأت. فلله : الفاء استئنافية. لله : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. عينا : مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت نونه للإضافة. حبتر : مضاف إليه مجرور. أيما : أي : حال من حبتر منصوب بالفتحة. وهو مضاف ما زائدة ـ فتى : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف.

الشاهد : في قوله «أيما فتى» حيث أضيفت أي الصفة إلى نكرة ، والمراد بالصفة ما كان نعتا لنكرة أو حالا من معرفة.

١٤٨

وأما الشرطية والاستفهامية. فيضافان إلى المعرفة وإلى النكرة مطلقا ، أي سواء كانا مثنيين ، أو مجموعين أو مفردين ، إلا المفرد المعرفة ، فإنهما لا يضافان إليه (١). إلا الاستفهامية ، فإنها تضاف إليه كما تقدّم ذكره. واعلم أن «أيّا» إن كانت صفة أو حالا ، فهي ملازمة للإضافة لفظا ومعنى ، نحو : مررت برجل أيّ رجل ، وبزيد أيّ فتى. وإن كانت استفهامية أو شرطية أو موصولة ، فهي ملازمة للإضافة معنى لا لفظا ، نحو «أيّ رجل عندك؟ وأيّ عندك؟ (٢) ـ وأيّ رجل تضرب أضرب ـ وأيا تضرب أضرب (٣) ـ ويعجبني أيّهم عندك ـ وأيّ عندك (٤)» ونحو «أيّ الرجلين تضرب أضرب ـ وأيّ رجلين تضرب أضرب ـ وأيّ الرجال تضرب أضرب ـ وأيّ رجال تضرب أضرب ـ وأيّ الرجلين عندك؟ وأيّ الرجال عندك؟ وأيّ رجل؟ وأيّ رجلين؟ وأيّ رجال؟.»

__________________

(١) تقدم في حاشية الصفحة السابقة أن الشرطية والموصولة مثل الاستفهامية في الإضافة إلى المفرد المعرفة عند التكرار أو قصد الأجزاء.

(٢) مثال لأي الاستفهامية مقطوعة عن الإضافة لفظا.

(٣) مثال لأي الشرطية مقطوعة لفظا عن الإضافة.

(٤) مثال لأي الموصولة مقطوعة لفظا عن الإضافة لمعرفة.

١٤٩

أسئلة ومناقشات

١ ـ ما الإضافة؟ وما الذي تقتضيه من حذف؟ ولم كان هذا الحذف؟ مثل لكل ما تقول.

٢ ـ بماذا جرّ المضاف إليه؟ رجح ما تراه .. ثم بيّن المعاني التي تجيء لها الإضافة؟ ومن أيها : (يوم الخميس) ـ (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ)(١) ـ قلادة ذهب)؟

٣ ـ ما المقصود بالإضافة المحضة؟ وما ذا تفيد؟ وضح ذلك مع التمثيل.

٤ ـ عرف الإضافة اللفظية؟ ولم سمّيت كذلك؟ وما ذا تفيد هذه الإضافة؟ اذكر أمثلة لأنواعها المختلفة وهل منها (عليّ أفضل القوم ـ يعجبني فهم خالد)؟ ولماذا؟

٥ ـ ما الدليل على أن الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا؟ مثل لما تقول ..

٦ ـ متى يقترن المضاف (بأل) في الإضافة اللفظية؟ ومتى لا يصح اقترانه بها؟ ولماذا؟ مثل لما تقول ..

٧ ـ قال النحاة : «لا يضاف اسم لما اتحد به معنى». وضح هذه القاعدة .. واذكر علام تنطبق؟ وعلّل لعدم صحة هذه الإضافة؟ وبماذا تؤول ما ورد مخالفا لذلك من نحو «مسجد الجامع ـ جرد قطيفة» مثل لما تقول.

__________________

(١) آية ٣٩ سورة يوسف.

١٥٠

٨ ـ ماذا يكتسب المضاف من المضاف إليه؟ اذكر ذلك بالتفصيل وبم تعلل ذلك؟ وما الشرط الذي لا بد من تحققه في هذا الأمر؟ ولم حذفت التاء من قوله سبحانه (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ)؟ مثل لذلك بالتفصيل ...

٩ ـ (من الأسماء ما يلزم الإضافة لفظا ومعنى ... ومنها ما يلزمها معنى فقط) اشرح ذلك .. موضحا كل نوع وممثلا لما تقول ..

١٠ ـ ما الأسماء التي تلزم الإضافة للظاهر؟ مثل لها بأمثلة من عندك.

١١ ـ (هناك أسماء تضاف إلى كل ضمير .. وأخرى تضاف لضمير المخاطب) وضح ذلك ومثل له بأمثلة من عندك.

١٢ ـ اذكر معاني هذه المصادر (لبّيك ـ دواليك ـ سعديك ـ هذا ذيك حنانيك) وطريقة إعرابها؟

١٣ ـ ما الذي يضاف من الظروف إلى الجمل الفعلية فقط؟ وما الذي يضاف إلى الجملتين الفعلية والاسمية؟ وما حكم ما حمل على ذلك من أسماء الزّمان؟ مثل لكل ما تقول.

١٤ ـ وضّح من الظّروف ما يضاف إلى الجملة جوازا ـ وما حكمه من حيث الإعراب والبناء؟ ـ ومتى يترجح أحدهما على الآخر؟ مثل واستشهد.

١٥ ـ اذكر شرط ما تضاف إليه «كلا وكلتا»؟ ومثل لما تقول.

١٦ ـ وضّح شرط ما تضاف إليه (أي) .. ثم اذكر أنواعها وما يضاف إليه كل نوع مع التمثيل لما تقول ...

١٥١

تمرينات

١ ـ وضح فيما يلي نوع الإضافة وما اقتضته من حذف والمعنى الذي جاءت له : ـ

قال تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(١) ـ (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ)(٢) ـ (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(٣) ـ «وَالْمُقِيمِي (٤) الصَّلاةِ».

تملك المرأة أساور ذهب ، وأثواب حرير.

٢ ـ قال تعالى : (كِلْتَا لْجَنَّتَيْنِ ءَاتَتْ أُكُلَهَا) (٥). «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ (٦) عِتِيًّا». «أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ (٧) نَدِيًّا».

فيما سبق أسماء تلزم الإضافة. بيّنها .. ثم وضّح ما أضيفت إليه مع بيان نوع (أي) في الآيتين .. ثم أعرب ما تحته خط.

٣ ـ هات أمثلة في جمل تامة لما يأتي : ـ

(أيّ) الوصفية ـ (أيّ) الشرطية ـ إضافة للتخصيص ـ إضافة للتخفيف ـ مضاف استفاد التذكير من المضاف إليه .. ظرف

__________________

(١) آية ٢٢٨ سورة البقرة.

(٢) آية ٣٩ سورة يوسف.

(٣) آية ٧ فاتحة الكتاب.

(٤) آية ٣٥ سورة الحج.

(٥) آية ٣٣ سورة الكهف.

(٦) آية ٦٩ سورة مريم.

(٧) آية ٧٣ سورة مريم.

١٥٢

ملازم للإضافة إلى الجمل ـ ظرف يختص بالجملة الفعلية وآخر يصلح للإضافة إلى الجملة الاسمية والفعلية.

٤ ـ قال تعالى : «فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (١) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ».

(أ) في الآية ظرفان مضافان .. عينهما .. ثم اذكر ما يضافان إليه؟

(ب) أين المضاف إليه بالنسبة لكل منهما في الآية الكريمة؟.

(ج) ما نوع التنوين في قوله سبحانه (حينئذ)؟ قدّر المحذوف ... واذكر علة هذا الحذف.

(د) أعرب ما تحته خط من الآية.

٥ ـ (لبيك اللهم لبيك).

ما المضاف في قوله (لبيك)؟ وما المضاف إليه؟ وما المحذوف من الكلمة؟ ولم حذف؟ وضح معنى الكلمة وما يراد منها .. مثل لأخوات هذه الكلمة في جمل من عندك مبيّنا شرط ما تضاف إليه.

٦ ـ سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (أىّ الصدقة أعظم).

وقال صلوات الله عليه : «أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله»؟

وقال صلوات الله عليه : «أيّما امرأة باتت وزوجها راض عنها ضمنت لها الجنة».

وتقول أنت : (إن صديقي كريم أيّ كريم).

وتقول : (لأكافئنّ من أخواتي أيهم أسرع إلى الطاعة).

(أ) بيّن نوع (أي) فيما مضى ـ وإعرابها ـ وعيّن ما أضيفت إليه ... ثم أعرب ما تحته خط.

(ب) كيف أضيفت (أي) في الحديث الأول إلى مفرد؟ وبم تؤول ذلك؟ ولماذا؟

__________________

(١) آية ٨٣ سورة الواقعة.

١٥٣

٧ ـ ما معنى الظرف في المثالين الآتيين؟ وما نوع الجملة التي أضيف إليها؟ ولماذا؟ وضح أي الأمرين أولى بالنسبة إليه : الإعراب أم البناء؟ ولماذا؟

(أ) جئتك حين الشمل مجتمع.

(ب) أجيئك حين ينتهي الامتحان.

وهل يجوز؟ أجيئك حين الامتحان معقود ولماذا؟

٨ ـ اشرح البيت الآتي ثم أعربه. وهو للبحتري يوم هجم الأعداء المتآمرون على قصر المتوكل :

ولم أنس وحش القصر إذ ريع سربه

وإذا ذعرت أطلاؤه وجآذره

١٥٤

إضافة «لدن» و «مع»

وألزموا إضافة «لدن» فجر

ونصب «غدوة» بها عنهم ندر (١)

ومع ، مع فيها قليل ، ونقل

فتح وكسر لسكون يتّصل (٢)

من الأسماء اللازمة للإضافة «لدن» و «مع»

فأما «لدن» فلابتداء غاية زمان أو مكان ، وهي مبنية عند أكثر العرب ، لشبهها بالحرف في لزوم استعمال واحد وهو : الظرفية ، وابتداء الغاية ، وعدم جواز الإخبار بها ، ولا تخرج عن الظرفية إلا بجرها بمن ، وهو الكثير فيها ، ولذلك لم ترد في القرآن إلا بمن ، كقوله تعالى : (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(٣) وقوله تعالى : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ)(٤) وقيس تعربها ، ومنه قراءة أبي بكر عن عاصم «لينذر بأسا شديدا من لدنه» لكنه أسكن الدال وأشمّها الضم. قال المصنف : ويحتمل أن يكون منه قوله :

__________________

(١) إضافة : مفعول ثان مقدم لألزموا. لدن : مفعول أول مؤخر لألزموا بقصد اللفظ.

(٢) مع : مبتدأ بقصد اللفظ. مع : مبتدأ ثان بقصد اللفظ ـ أي منصوبا في الحالة الأولى ، وساكنا في الحالة الثانية. فيها : جار ومجرور متعلق بقليل. قليل : خبر المبتدأ الثاني ، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(٣) من الآية ٦٥ من سورة الكهف وهي : «فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً».

(٤) من الآية ٢ من سورة الكهف وهي «قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً».

١٥٥

٩١ ـ تنتهض الرّعدة في ظهيري

من لدن الظهر إلى العصير (١)

ويجرّ ما ولي «لدنّ» بالإضافة ، إلا «غدوة» فإنهم نصبوها بعد «لدن» كقوله :

٩٢ ـ وما زال مهري مزجر الكلب منهم

لدن غدوة حتى دنت لغروب (٢)

__________________

(١) قائله : غير معروف. تنتهض : تتحرك وتسرع. الرّعدة : اسم من الارتعاد وهو الاضطراب والمراد بها الحمّى. ظهيري : تصغير ظهر الظّهر : وقت الزوال الذي تجب فيه صلاة الظهر. العصير : تصغير عصر : اسم الوقت والصلاة بين الظهر والمغرب.

المعنى : أن الحمى تصيبني فيسرع الارتعاد إلى ظهري من وقت الظهر إلى وقت العصر.

الإعراب : تنتهض : مضارع مرفوع بالضمة. الرعدة : فاعله مرفوع. في ظهيري : جار ومجرور متعلق بتنتهض وهو مضاف ، وياء المتكلم مضاف إليه من لدن : من حرف جر. لدن : ظرف زمان مبني على السكون في محل جر ، ويحتمل أن تكون معربة ـ على لغة قيس ـ ومجرورة بكسرة ظاهرة ، وعلى الإعراب الأول إنما كسر آخرها تخلصا من التقاء الساكنين ، والجار والمجرور متعلق بتنتهض. الظهر : مضاف إليه مجرور. إلى العصير : جار ومجرور متعلق بتنتهض.

الشاهد : في قوله : «من لدن الظهر» حيث يحتمل أن تكون كسرة النون في لدن ـ جرّ إعراب على لغة قيس ، ولكن هذا الاحتمال غير متعين لاحتمال آخر هو أن تكون مبنية على السكون وكسر آخرها تخلصا من التقاء الساكنين.

(٢) قائله : غير معروف. مزجر الكلب : مكان زجر الكلب وإبعاده.

المعنى : «إن مهري بقي بعيدا عن هؤلاء القوم من أول النهار إلى آخره».

الإعراب : مازال : ما نافية. زال فعل ماض ناقص مبني على الفتح. مهري : اسمها مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم وهو مضاف. وياء المتكلم مضاف إليه. مزجر : ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر منصوب لزال. وهو مضاف. الكلب : مضاف إليه مجرور. منهم : جار ومجرور متعلق بالخبر المحذوف. لدن : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بخبر زال.

١٥٦

وهي منصوبة على التمييز ، وهو اختيار المصنف ، ولهذا قال : «ونصب غدوة بها عنهم ندر» ، وقيل : هي خبر لكان المحذوفة ، والتقدير : لدن كانت الساعة غدوة. ويجوز في غدوة الجرّ وهو القياس ، ونصبها نادر في القياس ، فلو عطفت على غدوة المنصوبة بعد «لدن» جاز النصب عطفا على اللفظ ، والجرّ مراعاة للأصل فنقول : «لدن غدوة وعشية ، وعشية» ذكر ذلك الأخفش ، (وحكى الكوفيون رفع «غدوة» بعد «لدن» وهو مرفوع بكان المحذوفة ، والتقدير لدن كانت غدوة. و «كان» تامة).

وأما «مع» فاسم لمكان الاصطحاب أو وقته ، نحو : «جلس زيد مع عمرو ، وجاء زيد مع بكر» والمشهور فيها فتح العين ، وهي معربة وفتحتها فتحة إعراب.

ومن العرب من يسكّنها ، ومنه قوله :

٩٣ ـ فريشي منكم وهواى معكم

وإن كانت زيارتكم لماما (١)

__________________

غدوة : تمييز ل «لدن» لأنها دالة على أول زمان مبهم ففسر إبهامه بغدوة فهو تمييز لمفرد. حتى : ابتدائية لا عمل لها. دنت : دنا : فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة تخلصا من التقاء الساكنين ، والتاء للتأنيث ، وفاعل دنت ضمير مستتر جوازا يعود على الشمس ـ المعلومة من سياق الكلام ـ لغروب : جار ومجرور متعلق بدنت.

الشاهد : في قوله : «لدن غدوة» حيث نصبت غدوة بعد لدن ولم تجر بالإضافة ، وهذا نادر.

(١) قائله : جرير من قصيدة يمدح بها هشام بن عبد الملك. الرّيش : اللباس الفاخر ، والخير ، والمال. لماما : وقتا بعد وقت.

المعنى : «كل خير ينسب إليّ فهو صادر منكم ومحبتي ملازمة لكم وإن كنت مقصرا في زيارتكم ، أزوركم حينا وأغيب عنكم أحيانا».

الإعراب : ريشي : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره لإضافته لياء المتكلم. والياء مضاف إليه. منكم : من حرف جر والكاف في محل جر والميم لجماعة الذكور

١٥٧

وزعم سيبويه أن تسكينها ضرورة ، وليس كذلك ، بل هو لغة ربيعة ، وهي عندهم مبنية على السكون وزعم بعضهم أن الساكنة العين حرف ، وادّعى النحاس الإجماع على ذلك ، وهو فاسد ؛ فإن سيبويه زعم أنّ ساكنة العين اسم.

هذا حكمها إن وليها متحرك ـ أعني أنها تفتح وهو المشهور ، وتسكن ، هي لغة ربيعة ـ فإن وليها ساكن فالذي ينصبها على الظرفية يبقى فتحها. فيقول : «مع ابنك» والذي يبنيها على السكون يكسر لالتقاء الساكنين فيقول : «مع ابنك».

إضافة «قبل ، وبعد ، وغير ونظائرها» :

واضمم ـ بناء ـ «غيرا» ان عدمت ما

له أضيف ، ناويا ما عدما (١)

قبل كغير ، بعد ، حسب ، أوّل

ودون والجهات أيضا وعل

__________________

والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. وهواي : الواو عاطفة. هوى : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه معكم : مع ظرف مكان مبنية على السكون في محل نصب متعلقة بمحذوف خبر المبتدأ هواي ومع مضاف والضمير مضاف إليه والميم لجماعة الذكور. وإن : الواو حالية إن حرف شرط جازم ـ ومعربو شواهد ابن عقيل يعربون إن هنا زائدة ـ كانت كان فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ، والتاء للتأنيث ، زيارتكم اسم كان مرفوع ، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لمفعوله والميم لجماعة الذكور لماما : خبر كان منصوب. والجملة في محل نصب حال من ياء المتكلم في «هواي» وجواب شرط إن محذوف دل عليه الكلام السابق.

الشاهد : في قوله «معكم» حيث سكنت عين مع سكون بناء في لغة ربيعة ـ وهذا قليل لأن المشهور فتح عينها فتحة إعراب.

(١) بناء : مفعول مطلق منصوب ـ وهو في الأصل مضاف إلى المفعول المطلق أي ضمة بناء. غيرا : مفعول به لاضمم منصوب.

١٥٨

وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا

«قبلا» وما من بعده قد ذكرا (١)

هذه الأسماء المذكورة هي : غير ، وقبل ، وبعد ، وحسب ، وأول ، ودون ، والجهات الست ، وهي : أمامك وخلفك وفوقك وتحتك ويمينك وشمالك ، وعل ؛ لها أربعة أحوال تبنى في حالة منها ، وتعرب في بقيتها فتعرب إذا أضيفت لفظا (٢) ، نحو : «أصبت درهما لا غيره ، وجئت من قبل زيد» أو حذف ما تضاف إليه ونوي اللفظ (٣) ، كقوله :

٩٤ ـ ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

فما عطفت مولى عليه العواطف (٤)

__________________

(١) نصبا : حال من واو أعربوا ـ أي ناصبين ـ قبلا : مفعول به لأعربوا منصوب : تقدير البيت «أعربوا قبلا وما ذكر بعده ناصبين له».

(٢) هذه الحالة الأولى من أحوال إعرابها وهي أن تكون مضافة لاسم ملفوظ بعدها.

(٣) هذه الحالة الثانية من أحوال إعرابها ، يحذف المضاف إليه وينوي لفظه بعدها كأنه موجود.

(٤) قائله : غير معروف. المولى : هنا ـ ابن العم أو العصبة ـ عطفت : ثنت وأمالت العواطف : الأمور المقتضية للعطف من المروءة والصداقة.

المعنى : «ومن قبل ذلك نادى كل ابن عم قرابته حتى يعينوه فلم يلبّ نداءه أحد منهم».

الإعراب : من قبل : جار ومجرور متعلق بنادى. نادى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر. كلّ : فاعل نادى مرفوع ، وهو مضاف. مولى : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف. قرابة : مفعول به لنادى منصوب بالفتحة. فما : الفاء عاطفة ما : نافية. عطفت : عطف : فعل ماض مبني على الفتح الظاهر ، والتاء للتأنيث. مولىّ : مفعول به مقدم منصوب بفتحة مقدرة. عليه : جار ومجرور متعلق بعطفت. العواطف : فاعل عطفت مرفوع.

الشاهد : في قوله : «ومن قبل» حيث حذف ما أضيف إليه قبل ، ونوي لفظه فأعربت مجرورة بالكسرة من غير تنوين كما إذا ذكر معها المضاف إليه. والتقدير «ومن قبل ذلك».

١٥٩

وتبقى في هذه الحالة كالمضاف لفظا ، فلا تنوّن ، إلا إذا حذف ما تضاف إليه ولم ينو لفظه ولا معناه (١) ، فتكون نكرة ومنه قراءة من قرأ : «لله الأمر من قبل ومن بعد» بجرّ «قبل وبعد» وتنوينهما ؛ وكقوله :

٩٥ ـ فساغ لي الشراب وكنت قبلا

أكاد أغصّ بالماء الحميم (٢)

هذه هي الأحوال الثلاثة التي تعرب فيها.

أما الحالة الرابعة التي تبنى فيها فهي إذا حذف ما تضاف إليه ونوي

__________________

(١) هذه الحالة الثالثة من أحوال إعراب «غير وما بعدها». فيها يحذف المضاف إليه ولا ينوي لفظه ولا معناه ، فتفقد سبب التعريف.

(٢) قائله : يزيد بن الصعق ، وكان له ثأر فأدركه. ساغ الشراب : سهل مدخله في الحلق. أغصّ من الغصص وهو اعتراض اللقمة في الحلق ومنعها للتنفس. الماء الحميم : هنا البارد ـ لأنه من الأضداد يطلق على الماء الحار والماء البارد.

المعنى : «لما أدركت ثأري ساغ لي الشراب وهدأت نفسي وقد كنت من قبل أتضايق وأشرق بالماء العذب البارد».

الإعراب : ساغ : فعل ماض مبني على الفتح. لي : جار ومجرور متعلق بساغ. الشراب : فاعل ساغ مرفوع. وكنت : الواو حالية. كنت : كان الناقصة مبنية على السكون والضمير اسمها ، قبلا : ظرف زمان منصوب متعلق بأغص. أكاد : مضارع ـ من فعال المقاربة ـ مرفوع بالضمة واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنا» أغص : مضارع مرفوع بالضمة وفاعله ضمير المتكلم مستتر وجوبا تقديره أنا. وجملة «أغصّ» في محل نصب خبر أكاد. وجملة «أكاد أغص» في محل نصب خبر «كنت». وجملة «كنت» وما بعدها. في محل نصب حال من ضمير المتكلم المجرور باللام «لي» بالماء : جار ومجرور متعلق بأغص. الحميم : صفة للماء مجرور.

الشاهد : في قوله «قبلا» حيث حذف ما أضيفت إليه «قبلا» ولم ينو لفظه ولا معناه فأعربت ونونت وهي نكرة تدل على عموم زمن سابق.

١٦٠