تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

الدكتور محمّد علي سلطاني

تيسير وتكميل شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك - ج ٣

المؤلف:

الدكتور محمّد علي سلطاني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٤

(و) وزائدة : قياسا (١) نحو «لزيد ضربت» ومنه قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٢) وسماعا (٣) نحو «ضربت لزيد». وأشار بقوله :

«والظرفية استبن ـ إلى آخره» إلى معنى الباء و «في» ؛ فذكر أنهما اشتركا في إفادة الظرفية والسببية ، فمثال الباء للظرفية قوله تعالى : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ)(٤) أي : وفي الليل ، ومثالها للسببية قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً)(٥) ومثال «في» للظرفية قولك «زيد في المسجد» وهو الكثير فيها ، ومثالها للسببية قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «دخلت امرأة النار في هرة حبستها ، فلا هي أطعمتها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».

معاني الباء :

بالبا استعن ، وعدّ عوّض ، ألصق

ومثل مع ، ومن ، وعن ، بها انطق

تقدم أن الباء تكون :

(أ) للظرفية.

(ب) وللسببية ، وذكر هنا أنها تكون :

(ج) للاستعانة (٦) ، نحو «كتبت بالقلم ، وقطعت بالسكين».

__________________

(١) هي المسماة لام التقوية وهي المزيدة لتقوية عامل ضعف إما بتأخره كمثالي الشارح ، وكقوله تعالى : (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) أو بكونه فرعا في العمل نحو (مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ).

(٢) من الآية ٤٣ من سورة يوسف.

(٣) هي اللام المتعرضة بين الفعل المتعدي ومفعوله وفائدتها التوكيد.

(٤) الآيتان ١٣٧ و ١٣٨ من سورة الصافات وتتمتها «أَفَلا تَعْقِلُونَ».*

(٥) الآية ١٦٠ من سورة النساء.

(٦) هي الداخلة على آلة الفعل فلذا تسمى «باء الآلة».

١٠١

(د) وللتعدية (١) ، نحو «ذهبت بزيد» ومنه قوله تعالى : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)(٢).

(ه) وللتعويض (٣) ، نحو «اشتريت الفرس بألف درهم» ومنه قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ)(٤).

(و) وللإلصاق (٥) ، نحو «مررت بزيد».

(ز) وبمعنى «مع» (٦). نحو «بعتك الثوب بطرازه» أي : مع طرازه.

(ح) وبمعنى «من» كقوله : «شربن بماء البحر» (٧) أي من ماء البحر.

(ط) وبمعنى «عن» نحو (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ)(٨) أي : عن عذاب.

__________________

(١) هي تعدية الفعل إلى مفعول كان قاصرا عنه بأن كان قبلها فاعلا فتصيره مفعولا ، فهي كالهمزة في ذلك ، وأكثر ما تعديه الفعل القاصر نحو «ذهبت بزيد» أي أذهبته ، ولذا قرئت الآية : «أذهب الله نورهم».

(٢) من الآية ١٧ من سورة البقرة وهي «مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ».

(٣) وتسمى «باء المقابلة» وهي الداخلة على الأعواض والأثمان ففيها مقابلة شيء بشيء ، أي دفع بشيء وأخذ آخر في مقابله.

(٤) صدر الآية ٨٦ من سورة البقرة وتمامها «.. فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ».

(٥) هذا المعنى لا يفارقها ولذا اقتصر عليه سيبويه ، ثم الإلصاق إما حقيقي مثل «أمسكت بزيد» إذا قبضت على جسمه أو ما يحبسه أو ما يجسه من ثوب أو غيره ، أو مجازي كمثال الشارح «مررت بزيد» فإن فيه الصاق المرور بمكان يقرب من زيد لا بزيد نفسه.

(٦) أي المصاحبة ، فذكر الشارح لها بعد مكرر ، وعلامتها أن يصلح في موضعها «مع» ويغني عنها وعن مدخولها الحال كقوله تعالى (اهْبِطْ بِسَلامٍ) أي مع سلام أو مسلما.

(٧) سبق الكلام عن البيت كاملا في صفحة ٢٣٣.

(٨) الآية الأولى من سورة المعارج «سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ».

١٠٢

(ي) وتكون الباء أيضا للمصاحبة ، نحو (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ)(١) أي : مصاحبا حمد ربك.

__________________

(١) الآية ٣ من سورة النصر وهي «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً». قال في المغني : «وقد اختلف في الباء من قوله تعالى : «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ». فقيل : للمصاحبة والحمد مضاف للمفعول ، أي سبحه حامدا له ، أي نزهه عما لا يليق به وأثبت له ما يليق به. وقيل : للاستعانة والحمد مضاف للفاعل ، أي سبحه بما حمد به نفسه إذ ليس كل تنزيه بمحمود».

١٠٣

أسئلة ومناقشات

١ ـ بيّن متى تستعمل (كي) حرف جر؟ اذكر موضعها ممثلا لما تقول.

٢ ـ ترد «لعل» جارة في لغة بعض القبائل فما إعرابها حينئذ؟ وما معناها؟ وكيف تعرب ما بعدها؟ مثل لذلك.

٣ ـ ما شرط مجرور (مذ ومنذ)؟ وما معناهما؟ مثل لما تقول.

٤ ـ اذكر أربعة من حروف الجر الخاصة بجر الاسم الظاهر ومثل لها واذكر معناها مع التمثيل لما تقول.

٥ ـ ما شرط مجرور كلّ من (ربّ ، والواو) وما معناهما؟ وكيف تعربهما؟ مثّل لما تقول.

٦ ـ تأتي (من) الجارة لمعان كثيرة اذكر منها أربعة ومثل لها ..

٧ ـ اذكر شرط زيادة (من) وأورد أمثلة على ذلك .. وإن كان هناك خلاف في بعض الشروط فاذكره ..

٨ ـ ما الحروف التي تدل على انتهاء الغاية؟ وأيها أصل في هذا الباب؟ وما شرط المجرور بها؟ مثل لذلك بأمثلة من عندك.

٩ ـ تأتي اللام الجارة لمعان كثيرة منها (الملكية ـ الاختصاص ـ الاستحقاق) افرق بين هذه المعاني ومثل لهما.

١٠ ـ اذكر حرفين من حروف الجر يفيدان التعدية ومثل لكل منهما. ثم اذكر أصل مدخولهما.

١١ ـ اذكر ثلاثة حروف تفيد الظرفية والسببية ومثّل لها في جمل من عندك.

١٠٤

١٢ ـ تأتي باء الجر لمعان كثيرة اذكر منها خمسة ومثل لها وما ذا أفادت الباء في قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ (١) بِعَذابٍ ـ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ (٢) بِالْهُدى)؟

__________________

(١) آية : ١ سورة المعارج.

(٢) آية ١٦ سورة البقرة.

١٠٥

تمرينات

١ ـ بيّن معنى حروف الجر فيما يأتي : قال تعالى : ـ

«يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ (١) خَفِيٍ ـ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢) ـ هَلْ تَرى (٣) مِنْ فُطُورٍ ـ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ (٤) مِنَ الْأَوْثانِ ـ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ (٥) رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ـ ذَهَبَ اللهُ (٦) بِنُورِهِمْ ـ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ (٧) ـ وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٨) ـ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ (٩) طَبَقٍ).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة».

٢ ـ هات أمثلة لثلاثة حروف تفيد : (الإلصاق ـ التأكيد ـ التبعيض)

٣ ـ قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى

__________________

(١) آية ٤٥ سورة الشورى.

(٢) آية ٣٢ سورة النحل.

(٣) آية ٣ سورة الملك.

(٤) آية ٣٠ سورة الحج.

(٥) آية ٣ سورة النصر.

(٦) آية ١٧ سورة البقرة.

(٧) آية ١٩٨ سورة البقرة.

(٨) آية ٤٦ سورة فصلت.

(٩) آية ١٩ سورة الانشقاق.

١٠٦

جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ ـ وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ـ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)(١).

أجب عما يأتي : ـ

(أ) تشتمل الآيات على حروف جر كثيرة .. بيّن معنى كل واحد منها.

(ب) اذكر متعلّق كل جار ومجرور في الآيات ..

(ج) أعرب ما تحته خط منها ..

__________________

(١) الآيات ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ سورة الشورى.

١٠٧

معاني على وعن

على للاستعلا ، ومعنى «في» و «عن»

ب «عن» تجاوزا عنى من قد فطن

وقد تجي موضع «بعد» و «على»

كما «على» موضع «عن» قد جعلا

تستعمل على :

(أ) للاستعلاء كثيرا ، نحو «زيد على السطح».

(ب) وبمعنى «في» نحو قوله تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها)(١) أي في حين غفلة.

وتستعمل «عن» :

(أ) للمجاوزة كثيرا ، نحو «رميت عن القوس».

(ب) وبمعنى «بعد» نحو قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ)(٢) أي : بعد طبق.

(ج) وبمعنى «على» نحو قوله :

__________________

(١) صدر الآية ١٥ من سورة القصص وتتمتها «.. فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ».

(٢) الآية ١٩ من سورة الانشقاق.

١٠٨

٦٧ ـ لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب

عني ، ولا أنت ديّاني فتخزوني (١)

أي لا أفضلت في حسب علي.

كما استعملت «على» بمعنى «عن» في قوله :

٦٨ ـ إذا رضيت عليّ بنو قشير

لعمر الله أعجبني رضاها (٢)

أي : إذا رضيت عني.

__________________

(١) قائله : ذو الاصبع العدواني ـ أفضلت : زدت. دياني : مالكي القائم بأمري. تخزوني : تقهرني وتسوسني.

المعنى : «لله در ابن عمك فلقد حاز من الفضائل ما يحق أن يذعن به إليه ، وأما. أنت فلم تزد علي في الحسب والمناقب ولست مالك أمري حتى تسوسني وتقهرني».

الإعراب : لاه : أصله «لله ـ جار ومجرور ، حذف حرف الجر وبقي عمله وحذف اللام الأولى من لفظ الجلالة وكلاهما شاذ ـ والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. ابن : مبتدأ مؤخر مرفوع وهو مضاف. عمك : مضاف إليه مجرور وهو مضاف والكاف مضاف إليه في محل جر. لا : نافية أفضلت : فعل وفاعل ، أفضل فعل ماض مبني على السكون والتاء فاعل. في حسب : عني : جاران ومجروران متعلقان بأفضلت. ولا : الواو عاطفة لا زائدة لتأكيد النفي. أنت : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ دياني : خبره مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل الياء. وياء المتكلم مضاف إليه. فتخزوني الفاء سببية. تخزوني مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء وسكنت الواو تخفيفا وللقافية ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت والنون للوقاية. والياء في محل نصب مفعول به.

الشاهد : في قوله : «لا أفضلت في حسب عني» حيث استعملت عن بمعنى على.

(٢) قائله : القحيف العقيلي ، من قصيدة يمدح فيها حكيم بن المسيب القشيريّ.

المعنى : «إذا رضيت عني قبيلة قشير فإني والله أستحسن رضاها وأعتز به».

الإعراب : إذا : ظرف يتضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب متعلق

١٠٩

معاني الكاف :

شبّه بكاف وبها التعليل قد

يعنى ، وزائدا لتوكيد ورد

تأتي الكاف :

(أ) للتشبيه كثيرا ، كقولك «زيد كالأسد».

(ب) وقد تأتي للتعليل ، كقوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ)(١) أي لهدايته إيّاكم.

(ج) وتأتي زائدة للتوكيد ، وجعل منه قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٢) أي ليس مثله شيء. ومما زيدت فيه قول رؤبة :

__________________

بالجواب أعجبني. رضيت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء للتأنيث. على : جار ومجرور متعلق برضي. بنو : فاعل رضي مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. قشير : مضاف إليه مجرور وجملة «رضيت بنو قشير» في محل جر بإضافة إذا إليها. لعمر الله. اللام للابتداء. عمر : مبتدأ مرفوع بالضمة. وهو مضاف. الله : لفظ الجلالة مضاف إليه. وخبر المبتدأ محذوف وجوبا ـ بعد مبتدأ صريح في القسم ـ تقديره «قسمي» أعجبني : فعل ماض مبني على الفتح ، والنون للوقاية ، وياء المتكلم في محل نصب مفعول به. رضاها : فاعل أعجب مرفوع بضمة مقدرة على الألف للتعذر ، وهو مضاف. ها. مضاف إليه في محل جر. وجملة «أعجبني رضاها» لا محل لها من الإعراب لأنها واقعة في جواب شرط غير جازم وهو «إذا» وجواب القسم محذوف دل عليه جواب إذا المذكور.

الشاهد : في قوله : «إذا رضيت عليّ» حيث استعملت على بمعنى عن.

(١) من الآية ١٩٨ من سورة البقرة وهي : «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ».

(٢) من الآية ١١ من سورة الشورى وهي : «فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ».

١١٠

٦٩ ـ لواحق الأقراب فيها كالمقق (١).

أي : فيها المقق ، أي : الطول ، وما حكاه الفراء أنه قيل لبعض العرب : كيف تصنعون الأقط؟

فقال : كهين ، أي : هينا.

استعمال الكاف وعن وعلى أسماء :

واستعمل اسما ، وكذا ، «عن» و «على»

من أجل ذا عليهما من دخلا

استعمل الكاف اسما قليلا ، كقوله :

٧٠ ـ أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط

كالطّعن يذهب فيه الزيت والفتل (٢)

__________________

(١) قائله : رؤبة بن العجاج يصف الخيل أو الأتن : لواحق : جمع لاحق بمعنى ضامر. الأقرب : جمع قرب ـ كعنق وقفل ـ الخاصرة المقق. الطول الفاحش مع رقة.

المعنى : إن هذه الخيول ضوامر الخواصر وفيها طول.

الإعراب : لواحق : خبر مبتدأ محذوف تقديره «هي» مرفوع بالضمة ، وهو مضاف. الأقراب : مضاف إليه مجرور. فيها : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. كالمقق : الكاف حرف جر زائد. المقق : مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة لاشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد وسكن للروي وجملة «فيها المقق» في محل رفع خبر ثان للمبتدأ المحذوف.

الشاهد : في قوله : «كالمقق» حيث استعملت الكاف زائدة.

(٢) قائله : الأعشى ميمون بن قيس من قصيدته التي مطلعها :

ودّع هريرة إن الركب مرتحل

وهل تطيق وداعا أيها الرجل

الشطط : الجور والظلم. يذهب فيه : يغيب فيه. الفتل : جمع فتيلة يداوي بها الجرح.

١١١

فالكاف : اسم مرفوع على الفاعلية ، والعامل فيه ينهى ، والتقدير : ولن ينهى ذوي شطط مثل الطعن.

واستعملت «على» و «عن» اسمين عند دخول «من» عليهما ، وتكون «على» بمعنى «فوق» و «عن» بمعنى «جانب» ومنه قوله :

٧١ ـ غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها

تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل (١)

__________________

المعنى : «لم تر تدعوا عن غيكم بالنصح الجميل ، ولا ينهي الظالم عن ظلمه مثل الطعن الشديد الذي تكون جراحه غائرة يغيب فيها الزيت والفتل التي توضع في الجرح لتجفيفه ومداواته».

الإعراب : أتنتهون : الهمزة للاستفهام ، تنتهون مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل. ولن : الواو حالية. لن حرف نفي ونصب. ينهى : مضارع منصوب بلن بفتحة مقدرة على الألف. ذوي : مفعول به مقدم منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. شطط : مضاف إليه مجرور. كالطعن : الكاف اسم بمعنى مثل مبني على الفتح في محل رفع فاعل ينهى مؤخر ، وهو مضاف ـ الطعن : مضاف إليه مجرور. وجملة «لن ينهى ذوي شطط كالطعن» في محل نصب حال من فاعل «تنتهون». يذهب : مضارع مرفوع. فيه : جار ومجرور متعلق بيذهب. الزيت : فاعل يذهب مرفوع والفتل : معطوف بالواو على الزيت ومرفوع مثله. وجملة «يذهب فيه الزيت» في محل نصب حال من الطعن.

الشاهد : في قوله : «ولن ينهى ذوي شطط كالطعن» حيث استعملت الكاف اسما بمعنى مثل وهو قليل.

(١) قائله : مزاحم بن الحارث العقيلي. والضمير في «غدت» عائد على القطاة في بيت سابق وضمير عليه عائد على الفرخ الذي أفرخته القطاة. الظمء ـ بوزن حمل ـ مدة الصبر عن الماء وهو ما بين الشربين. تصل : تصوّت من جوفها من شدة العطش. القيض : القشر الأعلى من البيض بزيزاء : الأرض الغليظة. مجهل : القفر الذي يجعله السائر لخلوه عن الأعلام التي يهدى بها.

المعنى : إن هذه القطاة بعد ما تمت مدة صبرها عن الماء طارت من فوق فرخها وهي تصوّت من جوفها لبعد عهدها بالماء وطارت أيضا عن بيضها في أرض غليظة

١١٢

أي : غدت من فوقه ، وقوله :

٧٢ ـ ولقد أراني للرماح دريئة

من عن يميني تارة وأمامي (١)

أي : من جانب يميني.

__________________

قفرة خالية من الأعلام التي يهتدى بها ، وهي مع ذلك ترجع إلى محلها لا تخطىء الطريق.

الإعراب : غدت : فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة تخلصا من التقاء الساكنين ، والتاء للتأنيث. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. من عليه : من حرف جر على اسم بمعنى فوق مبني على السكون في محل جر وعلى مضاف والها مضاف إليه ، والجار والمجرور متعلق بغدت. بعد : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بغدت. ما : حرف مصدري. تم : فعل ماض مبني على الفتح. ظمؤها : فاعل تم مرفوع بالضمة وهو مضاف ، وها في محل جر بالإضافة. وما المصدرية وما بعدها في تأويل مصدر مجرور بالإضافة إلى «بعد» التقدير : «بعد تمام ظمئها» تصل : مضارع مرفوع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والجملة في محل نصب حال من ضمير غدت. وعن قيض : الواو عاطفة. عن قيض جار ومجرور متعلق بغدت ومعطوف على «من عليه» بزيزاء : الباء جارة زيزاء مجرورة بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لقيض. مجهل : صفة لزيزاء مجرور.

الشاهد : في قوله : «من عليه» حيث استعملت «على» اسما بمعنى فوق وجرّت بمن.

(١) قائله : قطري بن الفجاءة. الدريئة : الحلقة التي يتعلم عليها الرمي والطعن.

المعنى : إنني لا أتهيب لقاء الفرسان بل أتلقى رماح العدو برباطة جأش وهي مسددة نحوي تحيط بي من كل جهة.

الإعراب : لقد : اللام واقعة في جواب قسم محذوف. قد : حرف تحقيق. أراني : أرى مضارع مرفوع بضمة مقدرة وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والنون للوقاية. والياء مفعول أول لأرى ـ القلبية ـ للرماح ، جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من دريئة. دريئة : مفعول به ثان لأرى منصوب. وجملة «أراني دريئة» لا محل لها من الإعراب لوقوعها في جواب القسم. من عن : من حرف جر. عن اسم بمعنى جانب مبني على السكون في محل جر. والجار والمجرور متعلق

١١٣

مذ ومنذ اسمان وحرفا جر :

و «مذ» و «منذ» اسمان حيث رفعا

أو أوليا الفعل ك «جئت مذ دعا» (١)

وإن يجرّا في مضيّ فكمن

هما. وفي الحضور معنى «في» استبن (٢)

(أ) تستعمل «مذ ومنذ» اسمين إذا وقع بعدهما الاسم مرفوعا ، أو وقع بعدهما فعل ، فمثال الأول : «ما رأيته مذ يوم الجمعة»

__________________

بمحذوف حال من الرماح. وعن مضاف. يميني : مضاف إليه مجرور وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه. تارة : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف حال من الرماح. وأمامي : الواو عاطفة. أمامي معطوف على يميني ومجرور مثله وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه.

الشاهد : في قوله : «من عن يميني» حيث استعملت عن اسما بمعنى جانب وجرت بمن.

(١) مذ : مبتدأ بقصد لفظه. ومنذ : معطوف على مذ وله حكمه ـ الرفع ـ اسمان : خبر المبتدأ ومعطوفه مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض عن التنوين في المفرد. حيث : ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب متعلق بمحذوف حال من مذ ومنذ. رفعا : فعل ماض وفاعله والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها. أو : عاطفة. أوليا : أولي. فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ، والألف نائب فاعل وهي مفعوله الثاني. الفعل : مفعول أول لأولي ـ لأنه الفاعل في المعنى ـ أي جعل الفعل واليا لهما ـ وجملة «أوليا الفعل» معطوفة على جملة رفعا ، فهي مثلها في محل جر ، جئت : فعل وفاعل. مذ : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بجئت. وهو مضاف إلى جملة «دعا».

(٢) إن : حرف شرط جازم يجرا : مضارع مجزوم بإن فعل الشرط علامة جزمه حذف النون والألف فاعل : في مضى : جار ومجرور متعلق بيجرا فكمن : الفاء واقعة في جواب الشرط كمن جار ومجرور بقصد اللفظ متعلق بمحذوف خبر مقدم. هما : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ مؤخر وجملة «هما كمن» في محل جزم جواب الشرط.

١١٤

أو «مذ شهرنا» ف «مذ» مبتدأ خبره ما بعده (١) ، وكذلك «منذ» وجوّز بعضهم أن يكونا خبرين لما بعدهما ، ومثال الثاني «جئت مذ دعا» ف «مذ» اسم منصوب المحل على الظرفية ، والعامل فيه جئت (٢).

(ب) وإن وقع ما بعدهما مجرورا فهما حرفا جر : بمعنى «من» إن كان المجرور ماضيا ، نحو «ما رأيته مذ يوم الجمعة» أي : من يوم الجمعة ، وبمعنى «في» إن كان حاضرا نحو «ما رأيته مذ يومنا» أي : في يومنا.

زيادة «ما» بعد «من ، وعن ، والباء» :

وبعد «من وعن وباء» زيد «ما»

فلم يعق عن عمل (٣) قد علما

تزاد «ما» بعد «من وعن» والباء ، فلا تكفّها عن العمل (٤) ، كقوله تعالى : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا)(٥) وقوله تعالى : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ)(٦). وقوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)(٧).

__________________

(١) الذي سوغ الابتداء بمذ ومنذ كونهما معرفتين في المعنى ، ومعنى المثال السابق :

أول مدة عدم الرؤية يوم الجمعة ، أو شهرنا.

(٢) فهو ظرف لمضمون ما قبله ، ومضاف للجملة بعده ، فعلية كانت كمثال الشارح أو اسمية كقول الشاعر :

فما زلت أبغي الخير مذ أنا يافع

وليدا وكهلا حين شبت وأمردا

(٣) العمل في كلام ابن مالك والشارح هو الجر ، فيبقى لهذه الحروف الثلاثة عملها في جر الاسم الذي بعدها مع زيادة ما بين الجار والمجرور.

(٣) العمل في كلام ابن مالك والشارح هو الجر ، فيبقى لهذه الحروف الثلاثة عملها في جر الاسم الذي بعدها مع زيادة ما بين الجار والمجرور.

(٤) الآية ٢٥ من سورة نوح وتمامها : «فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً».

(٥) الآية ٤٠ من سورة المؤمنين ، وصدرها «قالَ عَمَّا».

(٦) الآية ١٥٩ من سورة آل عمران وهي «فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ».

١١٥

زيادة «ما» بعد «رب والكاف» :

وزيد بعد «ربّ والكاف» فكفّ

وقد يليهما وجرّ لم يكفّ (١)

تزاد «ما» بعد الكاف وربّ ، فتكفّهما عن العمل ، كقوله :

٧٣ ـ فإنّ الحمر من شرّ المطايا

كما الحبطات شرّ بني تميم (٢)

__________________

(١) ضمير «زيد» المستتر يعود على «ما» في البيت السابق ، وفاعل «تليهما» يعود على «ما» أيضا تقدير البيت : «زيد لفظ ما بعد رب والكاف فكفهما عن الجر ، وقد تليهما ما الزائدة من غير أن تكفهما عن الجر». وروي البيت في طبعة دار الكتب المصرية لمتن الألفية «وقد يليهما» بجعل ضمير «ما» مذكرا مثله في «زيد» وهذا أفضل.

(٢) قائله : زياد الأعجم. الحمر : بضمتين جمع حمار ، وسكنت الميم في البيت للضرورة. المطايا : جمع مطية الدابة يركب مطاها أي ظهرها. الحبطات : أولاد الحارث بن عمرو بن تميم ، وقد سمي أبوهم الحارث حبطا لأنه كان في سفر فأكل من نبت يقال له الحندقوق فانتفخ بطنه ، فحمل أولاده هذا الاسم.

المعنى : «إن الحمير من شر الدواب المركوبة كما أن الحبطات الذين هم من نسل الحارث المذكور شر قبيلة بني تميم».

الإعراب : إن : حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر. الحمر : اسمها منصوب. من شر : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن ، وشر مضاف. المطايا : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة. كما : الكاف حرف جر. ما زائدة كفت الكاف عن الجر. الحبطات : مبتدأ مرفوع بالضمة. شر : خبر مرفوع بالضمة وهو مضاف. بني : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. تميم مضاف إليه مجرور.

الشاهد : في قوله : «كما الحبطات ..» حيث زيدت ما بعد الكاف فكفتها عن العمل.

١١٦

وقوله :

٧٤ ـ ربّما الجامل المؤبّل فيهم

وعناجيج بينهنّ المهار (١)

وقد تزاد بعدهما ، فلا تكفّهما عن العمل ، وهو قليل ، كقوله :

٧٥ ـ ماويّ يا ربّتما غارة

شعواء كاللّذعة بالميسم (٢)

__________________

(١) قائله : أبو دواد الإيادي. الجامل : القطيع من الإبل. المؤبل : المعدّ للقنية. عناجيج : جياد الخيل مفردها عنجوج ـ بوزن عصافير وعصفور ـ المهار : جمع مهر وهو ولد الفرس والأنثى مهرة.

المعنى : ربما وجد فيهم القطيع من الإبل المعد للقنية وجياد الخيل التي بينها أولادها.

الإعراب : ربما : رب حرف جر شبيه بالزائد. ما : زائدة كفت رب عن العمل. الجامل مبتدأ مرفوع. المؤبل : نعت للجامل مرفوع فيهم : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر الجامل. وعناجيج : الواو عاطفة. عناجيج : مبتدأ لخبر محذوف دل عليه الكلام السابق تقديره : وفيهم عناجيج. مرفوع بضمة. بينهن : بين ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف خبر مقدم للمهار. المهار : مبتدأ مؤخر مرفوع. وجملة «بينهن المهار» في محل رفع صفة لعناجيج.

الشاهد : في قوله : «ربما الجامل ..» حيث زيدت ما بعد رب فكفتها عن العمل.

(٢) قائله : ضمرة بن ضمرة النهشلي. الغارة : اسم من أغار على العدو ، وتطلق على الخيل المغيرة. الشعواء : الفاشية المتفرقة اللذعة : المرة من اللذع وهو الإحراق. الميسم : اسم لآلة الوسم أي الكيّ.

المعنى : «يا ماوية تنبهي قرب غارة متفرقة شديدة الألم تشبه الكي بالميسم».

الإعراب : ماويّ : منادى مرخم بأداة نداء محذوفة مبني على الضم المقدر على التاء المحذوفة للترخيم على لغة من ينتظر في محل نصب. يا : حرف تنبيه. رب : حرف جر شبيه بالزائد. والتاء لتأنيث اللفظ. ما زائدة. غارة : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد. شعواء : نعت لغارة على اللفظ مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة. كاللذعة ، جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر غارة : بالميسم : جار ومجرور متعلق باللذعة.

الشاهد : في قوله : «ربتما غارة» حيث زيدت ما بعد رب ولم تكفها عن العمل وهو قليل.

١١٧

وقوله :

٧٦ ـ وننصر مولانا ونعلم أنّه

كما الناس مجروم عليه وجارم (١)

حذف «رب» وإبقاء عملها :

وحذفت «ربّ» فجرّت بعد «بل»

والفا ، وبعد الواو شاع ذا العمل

لا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله إلا في «رب» بعد «الواو» وفيما سنذكره ، وقد ورد حذفها بعد «الفاء» و «بل» قليلا. ؛ فمثاله بعد الواو قوله :

__________________

(١) قائله : عمرو بن براقة الهمداني. المولى : يطلق على عدة معان والمراد هنا : الحليف مجروم عليه : مجنيّ عليه. جارم : جان مذنب.

المعنى : «من شيمتنا أن نعين حليفنا ونقويه على عدوه مع علمنا أنه كسائر الناس مجنى عليه مظلوم تارة وجان ظالم تارة».

الإعراب : ننصر : مضارع مرفوع بضمة ظاهرة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن مولانا مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف ونا مضاف إليه. ونعلم : الواو عاطفة. نعلم : مضارع مرفوع بالضمة ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن. أنه : أن حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر والهاء اسمها. كما الناس : الكاف حرف تشبيه وجر ، ما زائدة الناس مجرور بالكاف بكسرة ظاهرة ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر أنّ. مجروم : خبر ثان لأن مرفوع ، عليه : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل باسم المفعول مجروم. وجارم : الواو عاطفة معطوف على مجروم ومرفوع مثله. وأن واسمها وخبرها في تأويل مصدر منصوب سد مسد مفعولي «نعلم».

الشاهد : في قوله «كما الناس» حيث زيدت ما بعد الكاف ولم تكفّها عن العمل وهو قليل.

١١٨

وقاتم الأعماق خاوي المخترقن (١)

ومثاله بعد الفاء قوله :

٧٧ ـ فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع

فألهيتها عن ذي تمائم محول (٢)

__________________

(١) تقدم الكلام على هذا البيت في الجزء الأول ـ الكلام وما يتألف منه ـ وهو الشاهد الثالث. والشاهد فيه هنا ـ «وقائم» حيث جر قاتم برب المحذوفة بعد الواو وهذا كثير في كلام العرب ومثله قول امرىء القيس :

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأمواج الهموم ليبتلي

(٢) قائله : امرؤ القيس بن حجر الكندي. طرقت : أتيت ليلا. تمائم : جمع تميمة : التعاويذ تعلّق على الصغار. محول : أتم حولا.

المعنى : «رب امرأة مثلك حبلى ومرضع قد أتيتها ليلا فشغلتها عن ولدها الصغير الذي مضى عليه حول وعليه التمائم خوفا عليه من العين».

الإعراب : مثلك : مثل مجرور لفظا برب المحذوفة بعد الفاء وهو منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد ـ لأنه مفعول به مقدم لطرقت. ومثل مضاف والكاف مضاف إليه. حبلى : بدل من مثل على اللفظ مجرور بفتحة مقدرة لأنه ممنوع من الصرف. قد : حرف تحقيق. طرقت : فعل وفاعل. ومرضع : الواو عاطفة. مرضع : معطوف على حبلى ومجرور بكسرة فألهيتها : الفاء عاطفة ألهى فعل ماض مبني على السكون ، والتاء فاعل : وها مفعول به. عن ذي : عن حرف جر : ذي مجرور بعن بالياء لأنه من الأسماء الستة والجار والمجرور متعلق بألهيتها ـ وذي مضاف ـ تمائم : مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف. محول : نعت لذي تمائم مجرور بالكسرة. وجملة «ألهيتها» معطوفة على جملة «قد طرقت» فهي مثلها لا محل لها من الإعراب.

الشاهد : في قوله : «فمثلك» حيث حذفت رب بعد الفاء وبقي عملها وهو الجر لمثل وهذا قليل.

١١٩

ومثاله بعد «بل» قوله :

٧٨ ـ بل بلد ملء الفجاج قتمه

لا يشترى كتانه وجهرمه (١)

والشائع من ذلك حذفها بعد الواو.

وقد شذّ الجرّ ب «ربّ» محذوفة من غير أن يتقدّمها شيء ، كقوله :

__________________

(١) قائله : رؤبة بن العجاج. الفجاج : جمع فجّ وهو الطريق الواضح الواسع. القتم : الغبار كالقتام. جهرم ـ بوزن جعفر بساط من الشعر ـ نسبة إلى بلدة تسمى جهرم. الكتّان : نبات له زهر أزرق تنسج منه الثياب وله بذر يعتصر منه زيت.

المعنى «رب بلد ناء موصوف بأن غباره يملأ الطرق الواسعة وبأنه لا يشترى كتانه ولا بسطه قطعته وتجاوزته».

الإعراب : بل : حرف عطف يفيد الإضراب. بلد : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد وهو ربّ المحذوفة. ملء : خبر مقدم لقتمة. مرفوع وهو مضاف. الفجاج : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قتمه : مبتدأ ثان مرفوع بضمة وهو مضاف ، والهاء مضاف إليه والجملة «قتمه ملء الفجاج» في محل رفع صفة لبلد. لا يشترى : لا نافية. يشترى : مضارع مبني للمجهول مرفوع بضمة مقدرة على الألف. كتانه : نائب فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء مضاف إليه. وجملة «لا يشترى كتانه» في محل رفع صفة ثانية لبلد. وجهرمه : الواو عاطفة. جهرم معطوف على كتانه ومرفوع مثله وهو مضاف والهاء مضاف إليه ، وخبر المبتدأ «بلد» في الأبيات التالية.

الشاهد : في قوله : «بل بلد» حيث حذفت ربّ بعد بل وبقي عمل رب وهو جر بلد. وهذا قليل.

١٢٠