كتاب المكاسب - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٧
ISBN: 964-5662-12-5
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٢٧٢

أخبر به عدلان (١) يحتمل حصول العلم لهما من السماع أو الظنّ المتاخم من الشياع أخذ به ، على تأمّل في الأخير كما في العدل الواحد. وإلاّ فقد عرفت (٢) الإشكال في الاعتماد على مطلق الظنّ.

هل يصحّ التعويل على كلام المؤرّخين؟

وأمّا العمل بقول المؤرّخين بناءً على أنّ قولهم في المقام نظير قول اللغوي في اللغة وقول الطبيب وشبههما فدون إثباته خرط القتاد.

هل يثبت كون الأرض مفتوحة عنوة بقيام السيرة على أخذ الخراج منها؟

وأشكل منه إثبات ذلك باستمرار السيرة على أخذ الخراج من أرض ، لأنّ ذلك إمّا من جهة ما قيل : من كشف السيرة عن ثبوت ذلك من الصدر الأوّل من غير نكير ؛ إذ لو كان شيئاً حادثاً لنقل في كتب التواريخ ؛ لاعتناء أربابها بالمبتدعات والحوادث (٣) ، وإمّا من جهة وجوب حمل تصرّف المسلمين وهو أخذهم الخراج على الصحيح.

بيان منشأ هذه السيرة ـ على فرض وجودها ـ ومناقشته

ويرد على الأوّل مع أنّ عدم التعرّض يحتمل كونه لأجل عدم اطّلاعهم الذي لا يدلّ على العدم ـ : أنّ هذه الأمارة (٤) ليست (٥) بأولى من تنصيص أهل التواريخ الذي عرفت حاله.

وعلى الثاني : أنّه إن أُريد بفعل المسلم تصرّف السلطان بأخذ الخراج ، فلا ريب أنّ أخذه حرام وإن علم كون الأرض خراجيّة ، فكونها كذلك لا يصحّح فعله.

__________________

(١) في «خ» ، «م» و «ع» : أخبره عدلان ، وصحّح في «ع» بما في المتن.

(٢) في الصفحة ٢٣٧.

(٣) قاله المحقّق السبزواري في الكفاية : ٧٩.

(٤) في غير «ف» : الأمارات.

(٥) كذا في «ف» ، وفي غيرها : ليس.

٢٤١

ودعوى : أنّ أخذه الخراج من أرض الخراج أقلّ فساداً من أخذه من غيرها ، توهّمٌ ؛ لأنّ مناط الحرمة في المقامين واحد ، وهو أخذ مال الغير من غير استحقاق ، واشتغال ذمّة المأخوذ منه بأُجرة الأرض الخراجية وعدمه في غيرها لا يهوّن الفساد.

نعم ، بينهما فرق من حيث الحكم المتعلّق بفعل غير السلطان ، وهو مَن يقع في يده شي‌ء من الخراج بمعاوضة أو تبرّع ، فَيَحِلُّ في الأرض الخراجيّة دون غيرها ، مع أنّه لا دليل على وجوب حمل الفاسد على الأقلّ فساداً إذا لم يتعدّد عنوان الفساد كما لو دار الأمر بين الزنا مكرِهاً للمرأة ، وبين الزنا برضائها ؛ حيث إنّ الظلم محرّم آخر غير الزنا ، بخلاف ما نحن فيه مع أنّ أصالة الصحة لا تثبت الموضوع ، وهو كون الأرض خراجية.

إلاّ أن يقال : إنّ المقصود ترتّب آثار الأخذ الذي هو أقلّ فساداً ، وهو حِلّ تناوله من الآخذ وإن لم يثبت كون الأرض خراجيّة بحيث يترتّب عليه الآثار الأُخر ، مثل وجوب دفع أُجرة الأرض إلى حاكم الشرع ليصرفه في المصالح إذا فرض عدم السلطان الجائر ، ومثل حرمة التصرّف فيه من دون دفع أُجرة أصلاً ، لا إلى الجائر ولا إلى حاكم الشرع.

وإن أُريد بفعل المسلم تصرّف المسلمين فيما يتناولونه من الجائر من خراج هذه الأرض ، ففيه : أنّه لا عبرة بفعلهم إذا علمنا بأنّهم لا يعلمون حال هذه الأراضي ، كما هو الغالب في محلّ الكلام ؛ إذ نعلم بفساد تصرّفهم من جهة عدم إحراز الموضوع. ولو احتمل تقليدهم لمن‌

٢٤٢

يرى تلك (١) الأرض خراجيّة (٢) لم ينفع. ولو فرض احتمال علمهم بكونها خراجيّة كان اللازم من ذلك جواز التناول من أيديهم لا من يد السلطان ، كما لا يخفى.

٢ ـ أن يكون الفتح بإذن الامام عليه السلام

الثاني : أن يكون الفتح بإذن الإمام عليه‌السلام ، وإلاّ كان المفتوح مال الإمام عليه‌السلام ؛ بناءً على المشهور ، بل عن المجمع : أنّه كاد يكون إجماعاً (٣) ، ونسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا ، وهي مرسلة العبّاس الورّاق ، وفيها : «أنّه إذا غزى قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلّها (٤) للإمام» (٥).

قال في المبسوط : وعلى هذه الرواية يكون جميع ما فتحت بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ ما فتحت في زمان الوصيّ عليه‌السلام من مال الإمام عليه‌السلام» (٦) ، انتهى.

أقول : فيبتني حلّ المأخوذ منها خراجاً على ما تقدّم من حِلّ الخراج المأخوذ من الأنفال (٧).

أرض العراق مفتوحة بإذن الامام عليه السلام

والظاهر أنّ أرض العراق مفتوحة بالإذن كما يكشف عن ذلك‌

__________________

(١) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : تملّك.

(٢) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : الخراجيّة.

(٣) مجمع الفائدة ٧ : ٤٧٣.

(٤) لم ترد «كلّها» في غير «ش».

(٥) الوسائل ٦ : ٣٦٩ ، الباب الأوّل من أبواب الأنفال ، الحديث ١٦.

(٦) المبسوط ٢ : ٣٤ ، نقلاً بالمعنى.

(٧) تقدّم في الصفحة ٢٢٧.

٢٤٣

حكم غير أرض العراق ممّأ فتحت عنوةً

رواية الخصال في أنّ الفتح كان بإذن الامام

ما دلّ على أنّها للمسلمين (١) ، وأمّا غيرها ممّا فتحت في زمان خلافة الثاني ، وهي أغلب ما فتحت ، فظاهر بعض الأخبار كون ذلك أيضاً بإذن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام وأمره ، ففي الخصال في أبواب السبعة ، في باب أنّ الله تعالى يمتحن أوصياء الأنبياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ، وبعد وفاتهم في سبعة مواطن ـ ، عن أبيه وشيخه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن جعفر بن محمد النوفلي ، عن يعقوب بن الرائد (٢) ، عن أبي عبد الله جعفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن يعقوب بن عبد الله الكوفي ، عن موسى بن عبيد (٣) ، عن عمرو (٤) ابن أبي المقدام ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : أنّه «أتى يهودي أمير المؤمنين عليه‌السلام في منصرفة عن وقعة النهروان فسأله عن تلك المواطن ، وفيه قوله عليه‌السلام : وأمّا الرابعة يعني من المواطن الممتحن بها بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : فإنّ القائم بعد صاحبه يعني عمر بعد أبي بكر كان يشاورني في موارد الأُمور (٥) ، فيصدرها عن أمري ، ويناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي (٦) لا أعلم‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٢٧٤ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، الحديث ٤ و ٥.

(٢) في «ش» : يعقوب الرائد ، وفي المصدر : يعقوب بن يزيد.

(٣) في المصدر : موسى بن عبيدة.

(٤) في غير «ش» : عمر.

(٥) في «ش» زيادة : ومصادرها.

(٦) في غير «ش» : رأي.

٢٤٤

أحداً (١) ، ولا يعلمه أصحابي ، يناظره في ذلك غيري (٢) .. الخبر» (٣).

والظاهر أنّ عموم الأُمور إضافيٌّ بالنسبة إلى ما لا يقدح في رئاسته ممّا يتعلّق بالسياسة ، ولا يخفى أنّ الخروج إلى الكفّار ودعاءَهم إلى الإسلام من أعظم تلك الأُمور ، بل لا أعظم منه.

المناقشة في سند الرواية ، ودفعها

وفي سند الرواية جماعة تخرجها عن حدّ الاعتبار ، إلاّ أنّ اعتماد القمّيين عليها وروايتهم لها ، مع ما عُرِف من حالهم لمن تتبّعها من أنّهم لا يخرّجون (٤) في كتبهم رواية في راويها (٥) ضعف إلاّ بعد احتفافها بما يوجب الاعتماد عليها ، جابر لضعفها في الجملة.

ما يؤيّد مضمون الرواية

مضافاً إلى ما اشتهر من حضور أبي محمد الحسن عليه‌السلام في بعض الغزوات (٦) ، ودخول بعض خواصّ أمير المؤمنين عليه‌السلام من الصحابة كعمّار في أمرهم (٧).

__________________

(١) ما أثبتناه مطابق للمصدر ، وفي «ش» : لا يعلمه أحد ، وفي «ص» : لا علمه أحد ، وفي سائر النسخ : لا أعلمه أحد.

(٢) ما أثبتناه مطابق للمصدر ، وفي مصححة «ن» ظاهراً : ولا يناظر في ذلك غيري ، وفي النسخ : ولا يناظرني غيره.

(٣) الخصال : ٣٧٤ ، باب السبعة ، الحديث ٥٨.

(٤) كذا في «ف» و «خ» ونسخة بدل «ن» ، «ع» و «ش» ، وفي «ن» ، «م» ، «ع» ، «ص» و «ش» ونسخة بدل «خ» : لا يثبتون.

(٥) كذا في «ش» ، وفي غيرها : راوية.

(٦) راجع تأريخ الطبري ٣ : ٣٢٣ ، والكامل في التأريخ لابن الأثير ٣ : ١٠٩ ، لكنهما ذكرا حضور أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين عليهما‌السلام.

(٧) راجع اسد الغابة ٤ : ٤٦ (ترجمة عمّار بن ياسر رضي‌الله‌عنه).

٢٤٥

وفي صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «سألته عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قد سار في أهل العراق بسيرة ، فهي إمام لسائر الأرضين .. الخبر» (١).

وظاهرها أنّ سائر الأرضين المفتوحة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكمها حكم أرض العراق ، مضافاً إلى أنّه يمكن الاكتفاء عن إذن الإمام المنصوص في مرسلة الورّاق (٢) بالعلم بشاهد الحال برضى أمير المؤمنين عليه‌السلام وسائر الأئمة بالفتوحات (٣) الإسلاميّة الموجبة لتأيّد هذا الدين.

وقد ورد : «أنّ الله تعالى يؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم منه» (٤).

مع أنّه يمكن أن يقال بحمل الصادر من الغزاة من فتح البلاد على الوجه الصحيح (٥) ، وهو كونه بأمر الإمام عليه‌السلام.

مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ عموم ما دلّ من الأخبار الكثيرة على‌

__________________

(١) الوسائل ١١ : ١١٧ ، الباب ٦٩ من أبواب جهاد العدوّ ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل ٦ : ٣٦٩ ، الباب الأوّل من أبواب الأنفال ، الحديث ١٦.

(٣) في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : بالمفتوحات.

(٤) الوسائل ١١ : ٢٨ ، الباب ٩ من أبواب جهاد العدو ، الحديث الأوّل ، وفيه : ينصر هذا الدين.

(٥) كذا في «ص» ، وفي «ف» : على الصحيح ، وفي سائر النسخ : على وجه الصحيح.

٢٤٦

تقيّد الأرض المعدودة من الأنفال بكونها ممّا لم يوجف (١) عليه بخيلٍ ولا ركاب (٢) ، وعلى أنّ ما أُخذت بالسيف من الأرضين يصرفها في مصالح المسلمين (٣) ، معارض بالعموم من وجه لمرسلة الورّاق (٤) ، فيرجع إلى عموم قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) الآية (٥) ، فيكون الباقي للمسلمين ؛ إذ ليس لمن قاتَل (٦) شي‌ء من الأرضين نصّاً وإجماعاً.

٣ ـ أن تكون الأرض محياة حال الفتح

الثالث : أن يثبت كون الأرض المفتوحة عَنوَة بإذن الإمام عليه‌السلام محياة حال الفتح ، لتدخل في الغنائم ويخرج منها الخمس أوّلاً على المشهور ويبقى الباقي للمسلمين ، فإن كانت حينئذٍ مواتاً كانت للإمام ، كما هو المشهور ، بل المتّفق عليه ، على الظاهر المصرّح به عن الكفاية (٧) ومحكي التذكرة (٨) ، ويقتضيه إطلاق الإجماعات المحكيّة (٩) على أنّ الموات‌

__________________

(١) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ش» : لا يوجف.

(٢) انظر الوسائل ٦ : ٣٦٤ ، الباب الأوّل من أبواب الأنفال.

(٣) انظر الوسائل ١١ : ١١٩ ، الباب ٧٢ من أبواب جهاد العدوّ ، و ١٢ : ٢٧٣ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع وشروطه.

(٤) الوسائل ٦ : ٣٦٩ ، الباب الأوّل من أبواب الأنفال ، الحديث ١٦.

(٥) الأنفال : ٤١.

(٦) كذا في «ص» ، وفي سائر النسخ : قابل ، وفي نسخة بدل أكثرها : قاتل.

(٧) انظر كفاية الأحكام : ٢٣٩ ، وفيه : بلا خلاف.

(٨) التذكرة ٢ : ٤٠٢ ، وفيه : عند علمائنا.

(٩) الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٤٠ ، وأُنظر الخلاف ٣ : ٥٢٥ ٥٢٦ ، كتاب إحياء الموات ، المسألة ٣ ، وجامع المقاصد ٧ : ٩.

٢٤٧

من الأنفال ؛ لإطلاق الأخبار الدالّة على أنّ الموات بقول مطلق له عليه‌السلام (١). ولا يعارضها إطلاق الإجماعات (٢) والأخبار (٣) الدالّة على أنّ المفتوحة عَنوَة للمسلمين (٤) ؛ لأنّ موارد الإجماعات هي (٥) الأرض المغنومة (٦) من (٧) الكفّار كسائر الغنائم التي يملكونها منهم ويجب فيها الخمس وليس الموات من أموالهم (٨) ، وإنّما هي مال الإمام. ولو فرض جريان أيديهم عليه كان بحكم المغصوب لا يعدّ في الغنيمة ، وظاهر الأخبار خصوص المحياة ، مع أنّ الظاهر عدم الخلاف.

لو ماتت المحياة حال الفتح

نعم ، لو مات المحياة حال الفتح ، فالظاهر بقاؤها على ملك المسلمين ، بل عن ظاهر الرياض (٩) استفادة عدم الخلاف في ذلك من السرائر (١٠) ؛ لاختصاص أدلّة الموات بما إذا لم يجر عليه ملك مسلم ، دون ما عرف صاحبه.

__________________

(١) انظر الوسائل ٦ : ٣٦٤ ، الباب الأوّل من أبواب الأنفال.

(٢) انظر الخلاف ٢ : ٦٧ ٧٠ ، كتاب الزكاة ، المسألة ٨٠ ، والغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٢٢ ، والمنتهى ٢ : ٩٣٤ ، والرياض ١ : ٤٩٥.

(٣) انظر الوسائل ١٢ : ٢٧٣ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع.

(٤) في «ف» : للإمام.

(٥) في غير «ش» : هو.

(٦) في «ف» : المفتوحة.

(٧) في «ش» : عن.

(٨) العبارة في «ف» هكذا : والموات ليس من أموالهم.

(٩) الرياض ١ : ٤٩٦.

(١٠) انظر السرائر ١ : ٤٨١.

٢٤٨

كيف يثبت الحياة حال الفتح

ثمّ إنّه يثبت الحياة حال الفتح بما كان يثبت به الفتح عَنوَة ، ومع الشكّ فيها فالأصل العدم وإن وجدناها الآن محياة ؛ لأصالة عدمها حال الفتح ، فيشكل الأمر في كثير من محياة أراضي البلاد المفتوحة عَنوَة.

نعم ، ما وجد منها في يد مدّعٍ للملكيّة حكم بها له. أمّا (١) إذا كانت بيد السلطان أو من أخذها منه فلا يحكم لأجلها بكونها خراجيّة ؛ لأنّ يد السلطان عادية على الأراضي الخراجيّة أيضاً.

الأراضي التي لا يد لمدّعي الملكية عليها

وما لا يد لمدّعي الملكيّة عليها كان مردّداً بين المسلمين ومالك خاصٍّ مردّدٍ بين الإمام عليه‌السلام لكونها تركة مَن لا وارث له وبين غيره ، فيجب مراجعة حاكم الشرع في أمرها ، ووظيفة الحاكم في الأُجرة المأخوذة منها : إمّا القرعة ، وإمّا صرفها في مصرف مشترك بين الكلّ ، كفقير يستحقّ الإنفاق من بيت المال ؛ لقيامه ببعض مصالح المسلمين.

هل كانت أرض السواد كلّها عامرة حال الفتح؟

ثمّ اعلم أنّ ظاهر الأخبار (٢) تملّك المسلمين لجميع أرض العراق المسمّى بأرض السواد من غير تقييد بالعامر ، فينزّل على أنّ كلّها كانت عامرة حال الفتح.

حدّ سواد العراق

ويؤيّده أنّهم ضبطوا أرض الخراج كما في المنتهي (٣) وغيره (٤) بعد المساحة (٥) بستّة أو اثنين وثلاثين ألف ألف جريب ، وحينئذٍ فالظاهر‌

__________________

(١) لم ترد «أمّا» في «ف».

(٢) الوسائل ١٢ : ٢٧٤ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، الحديث ٤ و ٥.

(٣) المنتهي ٢ : ٩٣٧.

(٤) المبسوط ٢ : ٣٤.

(٥) في «ع» و «ص» : المسامحة.

٢٤٩

أنّ البلاد الإسلامية المبنيّة في العراق هي مع ما يتبعها (١) من القرى ، من المحياة حال الفتح التي تملّكها (٢) المسلمون.

ما ذكره العلّامة في تحديد سواد العراق

وذكر العلاّمة رحمه‌الله في كتبه (٣) تبعاً لبعض ما عن المبسوط (٤) والخلاف (٥) أنّ حدّ سواد العراق ما بين منقطع الجبال بحلوان (٦) إلى طرف القادسية (٧) المتّصل بعذيب (٨) من أرض العرب عرضاً ، ومن تخوم الموصل إلى ساحل البحر ببلاد عبّادان طولاً.

وزاد العلاّمة رحمه‌الله قوله : من شرقي دجلة ، فأمّا الغربي الذي يليه البصرة فإنّما هو إسلامي ، مثل شط عثمان بن أبي العاص وما والاها ،

__________________

(١) كذا في «ف» ومصحّحة «ص» ، وفي «ش» ومصحّحة «ن» : هي وما يتبعها ، وفي سائر النسخ : وهي ما يتبعها.

(٢) في «ف» : يملكها.

(٣) المنتهي ٢ : ٩٣٧ ، والتحرير ١ : ١٤٢ ، والتذكرة ١ : ٤٢٨.

(٤) المبسوط ٢ : ٣٤.

(٥) الخلاف ٤ : ١٩٦ ، كتاب الفي‌ء وقسمة الغنائم ، المسألة ١٩.

(٦) في معجم البلدان ٢ : ٢٩٠ مادّة «حلو» : حلوان العراق ، وهي في آخر حدود السواد ممّا يلي الجبال من بغداد.

(٧) قرية قرب الكوفة ، من جهة البرّ ، بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً ، وبينها وبين العذيب أربعة أميال. (مراصد الاطلاع ٣ : ١٠٥٤ ، معجم البلدان ٤ : ٢٩١ مادّة «قادس»).

(٨) العذيب : يخرج من قادسية الكوفة إليه ، وكانت مسلحة للفرس ، بينها وبين القادسية حائطان متّصلان ، بينهما نخل ، وهي ستة أميال ، فإذا خرجت منه دخلت البادية. (معجم البلدان ٤ : ٩٢ مادة «عذب»).

٢٥٠

كانت سباخاً (١) فأحياها عثمان.

ويظهر من هذا التقييد أنّ ما عدا ذلك كانت محياة ، كما يؤيّده ما تقدّم من تقدير الأرض المذكورة بعد المساحة بما ذكر من الجريب.

النظر فيما قيل من أنّ البلاد المحدثة في العراق لم تفتح عنوةً

فما قيل : من أنّ البلاد المحدثة (٢) بالعراق مثل بغداد ، والكوفة والحلّة ، والمشاهد المشرّفة إسلامية بناها المسلمون ولم تفتح عَنوَة ، ولم يثبت أنّ أرضها تملكها (٣) المسلمون بالاستغنام ، والتي فتحت عَنوَة وأُخذت من الكفّار قهراً قد انهدمت (٤) ، لا يخلو عن نظر ؛ لأنّ المفتوح عَنوَة لا يختصّ بالأبنية حتّى يقال : إنّها انهدمت ، فإذا كانت البلاد المذكورة وما يتعلّق بها من قرأها غير مفتوحة عَنوَةً ، فأين أرض العراق المفتوحة عَنوَةً المقدّر (٥) بستة وثلاثين ألف ألف جريب؟

وأيضاً من البعيد عادةً أن يكون بلد «المدائن» (٦) على طرف العراق ، بحيث يكون الخارج منها ممّا يليه البلاد المذكورة مواتاً‌

__________________

(١) كذا في «ف» ونسخة بدل «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» ، «ص» و «ش» ، وفي سائر النسخ : مماتاً ، وفي المصدر : سباخاً ومواتاً.

(٢) كذا في «ص» و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي سائر النسخ : المحدث.

(٣) كذا في «ص» ، وفي غيرها : يملكها.

(٤) لم نقف على القائل.

(٥) كذا ، والمناسب : المقدّرة.

(٦) في معجم البلدان (٥ : ٧٥ ، مادّة «مدائن») : المسمّى بهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية ، بينها وبين بغداد ستة فراسخ ، وأهلها فلاّحون يزرعون ويحصدون ، والغالب على أهلها التشيّع على مذهب الإمامية. وبالمدينة الشرقية قرب الإيوان قبر سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه ، وعليه مشهد يزار إلى وقتنا هذا.

٢٥١

غير معمورة وقت الفتح (١) والله العالم ، ولله الحمد أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

__________________

(١) من هنا إلى آخر العبارة لم ترد في «ف».

٢٥٢

فهرس الکتاب

ـ العناون العامّة

ـ فهرس المواضيع

٢٥٣
٢٥٤

العناوين العامّة

تتمّة أنواع الاكتساب المحرّم

تتمّة النوع الرابع : ما يحرم لكونه عملاً محرّماً في نفسه

النوع الخامس : ما يجب على الانسان فعله.................................... ١٢٣

خاتمة : تشتمل على مسائل :

الاُولى : حرمة بيع المصحف............................................... ١٥٥

المسألة الثانية : جوائز السلطان وعمّاله..................................... ١٦٥

المسألة الثالثة : ما يأخذه السلطان المستحلّ لأخذ الخراج والمقاسمة باسم الخراج والمقاسمة ٢٠١

التنبيه على اُمور......................................................... ٢١١

٢٥٥
٢٥٦

فهرس المحتوى

المسألة السابعة عشر : القيافة................................................... ٧

حرمة القيافة................................................................ ٧

القائف لغةً واصطلاحاً....................................................... ٧

الأخبار الناهية عن مراجعة القائف............................................ ٨

المسألة الثامنة عشر : الكذب................................................. ١١

حرمة الكذب عقلاً وشرعاً.................................................. ١١

الكلام في مقامين :

المقام الأوّل : في أنّ الكذب من الكبائر......................................... ١١

هل الكذب كله من الكبائر؟............................................... ١٣

هل الكذب من اللمم؟.................................................... ١٤

حكم الإنشاء المنبيء عن الكذب............................................ ١٥

خلف الوعد لا يدخل في الكذب........................................... ١٥

٢٥٧

هل يحرم خلف الوعد؟..................................................... ١٥

الكذب في الهزل........................................................... ١٥

هل المبالغة في الإدعاء من الكذب؟.......................................... ١٦

التورية ليست من الكذب.................................................. ١٧

الملاك في اتصاف الخبر بالكذب عند بعض الأفاضل........................... ١٨

ما يدل على سلب الكذب عن التورية....................................... ١٩

المقام الثاني : في مسوغات الكذب :

الأول : الضرورة إليه......................................................... ٢١

هل تجب التورية ـ عند الضرورة إلى الكذب ـ على القادر عليها؟.................. ٢٢

ما يدلّ على الوجوب من كلمات الفقهاء..................................... ٢٢

وجه ما ذكره الفقهاء في وجوب التورية........................................ ٢٤

مقتضى الاطلاقات : عدم الوجوب.......................................... ٢٤

المختار اشتراط جواز الكذب بعدم إمكان التورية............................... ٢٦

هل يتحقّق الإكراه في صورة القدرة على التورية؟............................... ٢٦

الفرق بين الإكراه والكذب................................................. ٢٧

ما هو الضرر المسوغ للكذب؟.............................................. ٢٩

الأنسب حمل روايات التقية على خلاف الظاهر لا الكذب لمصلحةٍ.............. ٣٠

دوران الأمر بين الحمل على التقيّة والاستحباب................................ ٣٠

الثاني من مسوغات الكذب : إرادة الإصلاح.................................... ٣١

جواز الوعد الكاذب مع الأهل.............................................. ٣٢

٢٥٨

المسألة التاسعة عشر : الكهانة................................................ ٣٣

حرمة الكهانة............................................................. ٣٣

مَن هو الكاهن........................................................... ٣٣

تفسير الكهانة في رواية الاحتجاج........................................... ٣٥

عدم الخلاف في حرمة الكهانة.............................................. ٣٧

حرمة الإخبار عن الغائبات جزما ولو بغير الكهانة............................. ٣٨

المسألة العشرون : اللهو...................................................... ٤١

حرمة اللهو............................................................... ٤١

كلمات الفقهاء في حرمة اللهو.............................................. ٤١

الأخبار الدالة على حرمة اللهو.............................................. ٤٣

معاني اللهو وتعيين المحرّم منها................................................ ٤٧

معنى اللعب وبيان حكمه................................................... ٤٧

معنى اللغو وبيان حكمه.................................................... ٤٨

المسألة الحادية والعشرون : مدح مَن لا يستحقّ المدح............................. ٥١

حرمة مدح مَن لا يستحق المدح............................................. ٥١

ما يدلّ على الحرمة........................................................ ٥١

وجوب مدح من لا يستحق المدح لدفع شره................................... ٥٢

المسألة الثانية والعشرون : معونة الظالمين في ظلمهم............................... ٥٣

حرمة معونة الظالمين في ظلمهم بالأدلّة الأربعة................................. ٥٣

هل تحرم معونة الظالمين في غير المحرمات؟..................................... ٥٤

٢٥٩

حكم العمل للظالم في المباحات إذا لم يعدّ من أعوانه........................... ٥٥

ظهور بعض الأخبار في التحريم.............................................. ٥٥

مناقشة ظهور الأخبار في التحريم............................................ ٥٨

أقسام العمل للظلمة وتعيين المحرم منها........................................ ٥٩

المسألة الثالثة والعشرون : النجش.............................................. ٦١

حرمة النجش ودليلها...................................................... ٦١

معنى النجش.............................................................. ٦١

المسألة الرابعة والعشرون : النميمة.............................................. ٦٣

حرمة النميمة............................................................. ٦٣

معنى النميمة.............................................................. ٦٣

النميمة من الكبائر........................................................ ٦٣

حد النميمة بالمعنى الأعم................................................... ٦٤

متى تباح النميمة ، ومتى تجب؟.............................................. ٦٥

المسألة الخامسة والعشرون : النوح بالباطل....................................... ٦٧

حرمة النوح بالباطل ، ووجه حرمته........................................... ٦٧

المسألة السادسة والعشرون : الولاية من قبل الجائر................................ ٦٩

حرمة الولاية من قبل الجائر................................................. ٦٩

وجه حرمة الولاية من قبل الجائر............................................. ٦٩

هل الولاية عن الجائر محرمة بنفسها.......................................... ٧٠

٢٦٠