كتاب المكاسب - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٧
ISBN: 964-5662-12-5
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٢٧٢

فالمراد : منع المالك المحال والمشتري عنها (١) ، وهذا لا إشكال فيه ؛ لأنّ اللازم من فرض صحّة الإحالة والشراء تملّك المحال والمشتري فلا يجوز منعهما عن ملكهما.

وأمّا قوله رحمه‌الله : «ولا يحلّ تناولها بغير ذلك» ، فلعلّ المراد به ما تقدّم (٢) في كلام مشايخ المحقّق الكركي من إرادة تناولها بغير إذن أحدٍ حتى الفقيه النائب عن السلطان العادل (٣) ، وقد عرفت أنّ هذا مسلّم فتوى ونصّاً ، وأنّ الخراج لا يسقط من مستعملي (٤) أراضي المسلمين.

ثمّ إنّ ما ذكره من جواز الوقف لا يناسب ذكره في جملة التصرّفات فيما يأخذه الجائر. وإن أراد وقف الأرض المأخوذة منه إذا نقلها السلطان إليه لبعض مصالح المسلمين ، فلا يخلو عن إشكال.

توجيه كلام الشهيد الثاني في حرمة منع الخراج

وأمّا ما تقدّم (٥) من المسالك من نقل الاتفاق على عدم جواز المنع عن الجائر (٦) والجحود ، فالظاهر منه أيضاً ما ذكرناه من جحود الخراج ومنعه رأساً ، لا عن خصوص الجائر مع تسليمه إلى الفقيه النائب عن العادل ؛ فإنّه رحمه‌الله بعد ما نقلنا عنه من حكاية الاتفاق ،

__________________

(١) كذا في «ف» و «ش» ومصحّحة «ن» ، وفي غيرها : عنهما.

(٢) في الصفحة ٢١٦.

(٣) في «ش» : العارف.

(٤) في «ف» : عن مستعمل.

(٥) في الصفحة ٢١٦.

(٦) لم ترد «عن الجائر» في «ش».

٢٢١

قال بلا فصل : وهل يتوقّف التصرّف في هذا القسم (١) على إذن الحاكم الشرعي إذا كان متمكّناً من صرفها على وجهها (٢) ؛ بناءً على كونه نائباً عن المستحق عليه‌السلام (٣) ومفوّضاً إليه ما هو أعظم من ذلك؟ الظاهر ذلك ، وحينئذٍ فيجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين ، ومع عدم التمكّن أمرها إلى الجائر.

وأمّا جواز التصرّف فيها كيف اتّفق لكلّ واحد من المسلمين ، فبعيد جدّاً ، بل لم أقف على قائل به ؛ لأنّ المسلمين بين قائل بأولوية الجائر وتوقّف التصرّف على إذنه ، وبين مفوّض الأمر إلى الإمام عليه‌السلام ، ومع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه ، فالتصرّف بدونهما لا دليل عليه (٤) ، انتهى.

وليس مراده رحمه‌الله من «التوقّف» التوقّف على إذن الحاكم بعد الأخذ من الجائر ، ولا خصوص صورة عدم استيلاء الجائر على الأرض ، كما لا يخفى.

غاية ما تدلّ عليه النصوص والفتاوى

وكيف كان ، فقد تحقّق ممّا ذكرناه : أنّ غاية ما دلّت عليه النصوص والفتاوى كفاية إذن الجائر في حِلّ الخراج ، وكون تصرّفه بالإعطاء والمعاوضة والإسقاط وغير ذلك نافذاً.

أمّا انحصاره بذلك ، فلم يدلّ عليه دليل ولا أمارة ، بل لو نوقش‌

__________________

(١) في «ش» زيادة : «منها» ، كما في المصدر.

(٢) في «ش» هكذا : متمكّناً في صرفها في وجهها.

(٣) التسليم من «ف».

(٤) المسالك ٣ : ٥٥.

٢٢٢

في كفاية تصرّفه في الحلّية وعدم توقّفها على إذن الحاكم الشرعي مع التمكّن بناءً على أنّ الأخبار الظاهرة في الكفاية (١) منصرفة إلى الغالب من عدم تيسّر استئذان الإمام عليه‌السلام أو نائبه أمكن ذلك ، إلاّ أنّ المناقشة في غير محلّها ؛ لأنّ المستفاد من الأخبار الإذن العام من الأئمة عليهم‌السلام ، بحيث لا يحتاج بعد ذلك إلى إذن خاص في الموارد الخاصة منهم عليهم‌السلام ، ولا من نوّابهم.

عدم نفوذ إذن الجائر فيما لا تسلّط له عليه

هذا كلّه مع استيلاء الجائر على تلك الأرض والتمكّن من استئذانه ، وأمّا مع عدم استيلائه على أرض خراجيّة ؛ لقصور يده عنها ؛ لعدم انقياد أهلها له ابتداء ، أو طغيانهم عليه بعد السلطنة عليهم ، فالأقوى خصوصاً مع عدم الاستيلاء ابتداء عدم جواز استئذانه وعدم مضيّ إذنه فيها ، كما صرّح به بعض الأساطين ، حيث قال بعد بيان أنّ الحكم مع حضور الإمام عليه‌السلام مراجعته ، أو مراجعة الجائر مع التمكّن ـ : وأمّا مع فقد سلطان الجور ، أو ضعفه عن التسلط ، أو عدم التمكّن من مراجعته ، فالواجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي (٢) ؛ إذ ولاية الجائر إنما ثبتت على من دخل في قسم رعيّته حتى يكون في سلطانه ، ويكون مشمولاً لحفظه من الأعداء وحمايته ، فمن بَعُدَ عن سلطانهم ، أو كان على الحدّ فيما بينهم ، أو تقوّى (٣) عليهم فخرج عن مأموريّتهم ،

__________________

(١) انظر الوسائل ١٢ : ١٦١ ١٦٢ ، الباب ٥٢ و ٥٣ من أبواب ما يكتسب به ، وراجع الصفحة ٢٠٤ وما بعدها.

(٢) شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٨١ ، مع اختلاف في الألفاظ.

(٣) في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : يقوى ، وفي «ش» : قوي.

٢٢٣

فلا يجري عليه (١) حكمهم ؛ اقتصاراً على المقطوع به من الأخبار وكلام الأصحاب في قطع الحكم بالأُصول (٢) والقواعد ، وتخصيص ما دلّ على المنع عن الركون إليهم والانقياد لهم.

__________________

(١) كذا في «ف» و «ش» ومصحّحة «ن» و «ص» ، وفي سائر النسخ : عليهم.

(٢) شطب في «ف» على كلمة «الحكم» ، والباء الجارّة ، فصارت العبارة : في قطع الأُصول .. ، وكذا في مصحّحة «ن».

٢٢٤

الثالث

هل يحلّ خراج ما يعتقده الجائر خراجياً وإن كان عندنا من الأنفال؟

أنّ ظاهر الأخبار (١) وإطلاق الأصحاب : حِلّ الخراج والمقاسمة المأخوذين من الأراضي التي يعتقد الجائر كونها خراجيّة‌ وإن كانت عندنا من الأنفال ، وهو الذي يقتضيه نفي الحرج.

مقتضى بعض أدلّتهم وكلماتهم هو الاختصاص

نعم ، مقتضى بعض أدلّتهم وبعض كلماتهم هو الاختصاص ؛ فإنّ العلاّمة قدس‌سره قد استدلّ في كتبه على حِلّ الخراج والمقاسمة بأنّ هذا مال لا يملكه (٢) الزارع ولا صاحب الأرض ، بل هو حقٌّ لله (٣) أخذه غير مستحقّه ، فبرأت ذمّته وجاز شراؤه (٤).

وهذا الدليل وإن كان فيه ما لا يخفى من الخلل إلاّ أنّه كاشف عن اختصاص محلّ الكلام بما كان من الأراضي التي (٥) لها حقٌّ على الزارع ، وليس الأنفال كذلك ؛ لكونها مباحة للشيعة.

نعم ، لو قلنا بأنّ غيرهم يجب عليه أُجرة الأرض كما لا يبعد أمكن تحليل ما يأخذه منهم الجائر بالدليل المذكور لو تمّ.

وممّا (٦) يظهر منه الاختصاص : ما تقدّم (٧) من الشهيد ومشايخ‌

__________________

(١) المتقدّمة في الصفحات ٢٠٤ ٢١١.

(٢) في «ش» : ما لم يملكه ، بدل : مال لا يملكه.

(٣) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : حقّ الله.

(٤) التذكرة ١ : ٥٨٣ ، ولم نعثر عليه في غير التذكرة.

(٥) لم ترد «التي» في غير «ش».

(٦) في «ف» : وممّن.

(٧) في الصفحة ٢١٦.

٢٢٥

المحقّق الثاني من حرمة جحود الخراج والمقاسمة ، معلّلين ذلك بأنّ ذلك حقّ عليه ؛ فإنّ الأنفال لا حقّ ولا اجرة في التصرّف فيها. وكذا ما تقدّم (١) من التنقيح (٢) حيث ذكر بعد دعوى الإجماع على الحكم ـ : أنّ تصرّف الجائر في الخراج والمقاسمة من قبيل تصرّف الفضولي إذا أجاز المالك.

والإنصاف : أنّ كلمات الأصحاب بعد التأمّل في أطرافها ظاهرة في الاختصاص بأراضي المسلمين ، خلافاً لما استظهره المحقّق الكركي قدس‌سره (٣) من كلمات الأصحاب وإطلاق الأخبار ، مع أنّ الأخبار (٤) أكثرها لا عموم فيها ولا إطلاق.

نعم ، بعض الأخبار الواردة في المعاملة على الأراضي الخراجية التي جمعها صاحب الكفاية (٥) شاملة لمطلق الأرض المضروب عليها الخراج من السلطان.

نعم ، لو فرض أنّه ضرب الخراج على ملك غير الإمام ، أو على ملك الإمام لا بالإمامة ، أو على الأراضي التي أسلم أهلها عليها طوعاً ، لم يدخل في منصرف الأخبار قطعاً ، ولو أخذ الخراج من الأرض المجهولة المالك معتقداً لاستحقاقه إيّاها ، ففيه وجهان.

__________________

(١) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : ما تقدّم فيها ، لكن شطب في «ن» على «فيها».

(٢) في الصفحة ٢٠٣.

(٣) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) ١ : ٢٥٨.

(٤) التي تقدّم شطر منها في الصفحات : ٢٠٩ ٢١١.

(٥) الكفاية : ٧٧.

٢٢٦

الرابع

المراد من السلطان : هو الجائر المدعي للرئاسة العامة

ظاهر الأخبار ومنصرف كلمات الأصحاب : الاختصاص بالسلطان المدّعى للرئاسة العامّة وعمّاله ، فلا يشمل مَن تسلّط على قرية أو بلدة خروجاً على سلطان الوقت فيأخذ منهم حقوق المسلمين.

هل يشمل عنوان السلطان الجائر لغير المخالف من المؤمن والكافر؟

نعم ، ظاهر الدليل المتقدّم (١) عن (٢) العلاّمة شموله له ، لكنّك عرفت أنّه قاصر عن إفادة المدّعى ، كما أنّ ظاهره عدم الفرق بين السلطان المخالف المعتقد لاستحقاق أخذ الخراج ، والمؤمن والكافر وإن اعترفا بعدم الاستحقاق ، إلاّ أنّ ظاهر الأخبار الاختصاص بالمخالف.

والمسألة مشكلة :

الاشكال في المسألة

من اختصاص موارد الأخبار بالمخالف المعتقد لاستحقاق أخذه (٣) ، ولا عموم فيها لغير المورد ، فيقتصر في مخالفة القاعدة عليه.

ومن لزوم الحرج ، ودعوى الإطلاق في بعض الأخبار المتقدمة ، مثل قوله عليه‌السلام في صحيحة الحلبي : «لا بأس بأن يتقبّل الرجل الأرض وأهلها من السلطان» (٤) ، وقوله عليه‌السلام في صحيحة محمد بن مسلم ـ : «كلّ أرض دفعها إليك سلطان فعليك فيما أخرج الله منها‌

__________________

(١) في الصفحة ٢٢٧.

(٢) كذا في «ف» ، وفي غيرها : من.

(٣) في «ف» : الأخذ.

(٤) الوسائل ١٣ : ٢١٤ ، الباب ١٨ من أبواب المزارعة ، الحديث ٣.

٢٢٧

الذي قاطعك عليه» (١). وغير ذلك.

دفع بعض وجوه الاشكال

ويمكن أن يردّ لزوم الحرج بلزومه على كلّ تقدير ؛ لأنّ المفروض أنّ السلطان المؤمن خصوصاً في هذه الأزمنة يأخذ الخراج عن كلّ أرض ولو لم تكن خراجيّة ، وأنّهم يأخذون كثيراً من وجوه الظلم المحرّمة منضمّاً إلى الخراج ، وليس الخراج عندهم ممتازاً عن سائر ما يأخذونه ظلماً من العشور وسائر ما يظلمون به الناس ، كما لا يخفى على مَن لاحظ سيرة عمّالهم ، فلا بدّ إمّا من الحكم بحِلّ ذلك (٢) كلّه ؛ لدفع الحَرَج ، وإمّا من الحكم بكون ما في يد السلطان وعمّاله ، من الأموال المجهولة المالك.

وأمّا الإطلاقات ، فهي مضافاً إلى إمكان دعوى انصرافها إلى الغالب كما في المسالك (٣) مسوقة لبيان حكم آخر ، كجواز إدخال أهل الأرض الخراجية في تقبّل الأرض في صحيحة الحلبي (٤) ؛ لدفع توهّم حرمة ذلك كما يظهر من أخبار أُخر (٥) ، وكجواز أخذ أكثر ممّا (٦) تقبّل به الأرض من السلطان في رواية الفيض بن المختار (٧) ، وكغير ذلك من‌

__________________

(١) الوسائل ٦ : ١٢٩ ، الباب ٧ من أبواب زكاة الغلاّت ، الحديث الأوّل.

(٢) عبارة «بحلّ ذلك» ساقطة من «ش».

(٣) المسالك ٣ : ١٤٤.

(٤) المتقدّمة في الصفحة ٢٠٩.

(٥) مثل صحيح إسماعيل بن فضل المتقدّم في الصفحة ٢١٠.

(٦) كذا في «ف» ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : ما.

(٧) المتقدّمة في الصفحة ٢١٠.

٢٢٨

أحكام قبالة الأرض واستئجارها فيما عداها من الروايات.

والحاصل : أنّ الاستدلال بهذه الأخبار على عدم البأس بأخذ أموالهم ، مع اعترافهم بعدم الاستحقاق مشكل.

ما يدلّ على عدم شمول كلمات الأصحاب للجائر المؤمن

وممّا (١) يدلّ على عدم (٢) شمول كلمات الأصحاب : أنّ عنوان المسألة في كلامهم «ما يأخذه الجائر لشبهة (٣) المقاسمة أو الزكاة» كما في المنتهي (٤) ، أو «باسم الخراج أو المقاسمة» (٥) كما في غيره (٦).

وما يأخذه الجائر المؤمن ليس لشبهة الخراج والمقاسمة ؛ لأنّ المراد بشبهتهما : شبهة استحقاقهما الحاصلة في مذهب العامة ، نظير شبهة تملّك سائر ما يأخذون ممّا لا يستحقّون ؛ لأنّ مذهب الشيعة : أنّ الولاية في الأراضي الخراجية إنّما هي للإمام عليه‌السلام ، أو نائبه الخاص ، أو العام ، فما يأخذه الجائر المعتقد (٧) لذلك إنّما هو شي‌ء يظلم به في اعتقاده ، معترفاً بعدم براءة ذمّة زارع الأرض من أُجرتها شرعاً ، نظير ما يأخذه من الأملاك الخاصّة التي لا خراج عليها أصلاً.

ولو فرض حصول شبهة الاستحقاق لبعض سلاطين الشيعة من‌

__________________

(١) كذا في «ف» ، «ش» ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : وما.

(٢) كلمة «عدم» ساقطة من «ش».

(٣) في «ف» ، «خ» ، «م» و «ع» : لشبه.

(٤) منتهى المطلب ٢ : ١٠٢٧.

(٥) في «ف» : والمقاسمة.

(٦) الشرائع ٢ : ١٣ ، والقواعد ١ : ١٢٢ ، والدروس ٣ : ١٦٩ وغيرها.

(٧) كذا في «ف» و «ن» ، وفي غيرهما : الجائر والمعتقد.

٢٢٩

بعض الوجوه ، لم يدخل بذلك في عناوين الأصحاب قطعاً ؛ لأنّ مرادهم من الشبهة : الشبهة من حيث المذهب التي أمضاها الشارع للشيعة ، لا الشبهة في نظر شخصٍ خاص ؛ لأنّ الشبهة الخاصة إن كانت عن سببٍ صحيح ، كاجتهادٍ أو تقليد ، فلا إشكال في حلّيته له واستحقاقه للأخذ بالنسبة إليه ، وإلاّ كانت باطلة غير نافذة في حقّ أحد.

ما يؤيد عدم شمول الكلمات للجائر الموافق

والحاصل : أنّ آخذ الخراج والمقاسمة لشبهة الاستحقاق في كلام الأصحاب ليس إلاّ الجائر المخالف ، وممّا (١) يؤيّده أيضاً : عطف الزكاة عليها ، مع أنّ الجائر الموافق لا يرى لنفسه ولاية جباية الصدقات.

وكيف كان ، فالذي أتخيّل : أنّه (٢) كلّما ازداد (٣) المنصف التأمّل في كلماتهم يزداد (٤) له هذا المعنى وضوحاً ، فما أطنب به بعضٌ (٥) في دعوى عموم النصّ وكلمات الأصحاب ممّا لا ينبغي أن يغترّ به.

تفسير الفاضل القطيفي لـ «الجائر»

ولأجل ما ذكرنا وغيره فسّر صاحب إيضاح النافع (٦) في ظاهر كلامه المحكي الجائر في عبارة النافع (٧) : بمن تقدّم (٨) على‌

__________________

(١) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : وما.

(٢) لم ترد «أنّه» في «ش».

(٣) في «ف» : أزاد.

(٤) في «ف» : يزاد.

(٥) الظاهر أنّه صاحب الجواهر قدس‌سره ، انظر الجواهر ٢٢ : ١٩٠ ١٩٥.

(٦) مخطوط ، ولا يوجد لدينا. نعم ، حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٤٧.

(٧) المختصر النافع : ١١٨.

(٨) في مصححة «ن» : يقدم.

٢٣٠

أمير المؤمنين عليه‌السلام واقتفى أثر الثلاثة ، فالقول بالاختصاص كما استظهره في المسالك (١) ، وجزم به في إيضاح النافع (٢) وجعله الأصحّ في الرياض (٣) لا يخلو عن قوّة.

لزوم مراجعة الحاكم الشرعي في الأراضي التي بيد الجائر الموافق

فينبغي في الأراضي التي بيد الجائر الموافق ، في المعاملة على عينها أو على ما يؤخذ عليها مراجعة الحاكم الشرعي.

حكم الجائر المخالف الذي لا يرى نفسه مستحقاً للجباية

ولو فرض ظهور سلطان مخالف لا يرى نفسه مستحقاً لجباية تلك الوجوه ، وإنّما أخذ ما يأخذ نظير ما يأخذه (٤) على غير الأراضي الخراجية من الأملاك الخاصّة ، فهو أيضاً غير داخل في منصرف الأخبار ، ولا في كلمات الأصحاب ، فحكمه حكم السلطان الموافق.

حكم خراج السلطان الكافر

وأمّا السلطان الكافر ، فلم أجد فيه نصّاً ، وينبغي لمن تمسّك بإطلاق النصّ والفتوى (٥) التزام دخوله فيهما ، لكنّ الإنصاف انصرافهما (٦) إلى غيره ، مضافاً إلى ما تقدّم (٧) في السلطان الموافق من اعتبار كون الأخذ بشبهة الاستحقاق. وقد تمسّك في ذلك بعض (٨) بنفي السبيل للكافر على المؤمن ، فتأمّل.

__________________

(١) المسالك ٣ : ١٤٤.

(٢) مخطوط ، ولا يوجد لدينا.

(٣) الرياض ١ : ٥٠٧.

(٤) في غير «ش» و «ص» : يأخذ.

(٥) مثل صاحب الجواهر ، كما تقدّم في الصفحة السابقة.

(٦) في غير «ش» : انصرافها.

(٧) في الصفحة ٢٣١.

(٨) لم نقف عليه.

٢٣١

الخامس

هل يعتبر في حلً الخراج اعتقاد المأخوذ منه استحقاق الآخذ له؟

الظاهر أنّه لا يعتبر في حِلّ الخراج المأخوذ أن يكون المأخوذ منه ممّن يعتقد استحقاق الآخذ للأخذ ، فلا فرق حينئذٍ بين المؤمن والمخالف والكافر ؛ لإطلاق بعض الأخبار المتقدّمة (١) واختصاص بعضها الآخر بالمؤمن ، كما في روايتي الحذّاء وإسحاق بن عمّار (٢) وبعض روايات قبالة الأراضي الخراجيّة (٣).

ولم يستبعد بعضٌ (٤) اختصاص الحكم بالمأخوذ من معتقد استحقاق الآخذ ، مع اعترافه بأنّ ظاهر الأصحاب التعميم ، وكأنّه أدخل هذه المسألة يعني مسألة حِلّ الخراج والمقاسمة في القاعدة المعروفة ، من : إلزام الناس بما ألزموا به أنفسهم ، ووجوب المضيّ معهم في أحكامهم (٥) ،

__________________

(١) في الصفحة ٢٠٤ وما بعدها.

(٢) تقدّمتا في الصفحة ٢٠٤ و ٢٠٧ ، ولكن ليس في رواية إسحاق ما يدلّ على الاختصاص ، فراجع.

(٣) الوسائل ١٣ : ٢١٤ ، الباب ١٨ من أبواب أحكام المزارعة ، الحديث ٤.

(٤) هو الفاضل القطيفي في رسالة السراج الوهّاج (المطبوعة ضمن الخراجيّات) : ١٢٤ ١٢٥.

(٥) هذه القاعدة مستفادة من روايات عديدة ، انظر الوسائل ١٥ : ٣٢٠ ، الباب ٣٠ من أبواب مقدّمات الطلاق ، و ١٧ : ٤٨٥ ، الباب ٤ من أبواب ميراث الإخوة والأجداد ، الحديث ٥.

٢٣٢

على ما يشهد به تشبيه بعضهم (١) ما نحن فيه باستيفاء الدين من الذمّي من ثمن (٢) ما باعه من الخمر والخنزير.

والأقوى : أنّ المسألة أعمّ من ذلك ، وإنّما (٣) الممضى في ما نحن فيه تصرّف الجائر في تلك الأراضي مطلقاً.

__________________

(١) لم نقف عليه ، نعم شبّه الفاضل القطيفي في رسالة السراج الوهّاج (المطبوعة ضمن الخراجيات) : ١٢٤ ما نحن فيه بجواز ابتياع عوض الخمر من اليهود.

(٢) في «ف» و «خ» : من عين.

(٣) في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ص» : وأنّ ، وفي نسخة بدل «ص» : إنّما.

٢٣٣

السادس

المناط في قدر الخراج

ليس للخراج قدر معيّن ، بل المناط فيه ما تراضى فيه السلطان ومستعمل الأرض ؛ لأنّ الخراج هي أُجرة الأرض ، فينوط (١) برضى المؤجر والمستأجر.

نعم ، لو استعمل أحدٌ الأرض قبل تعيين الأُجرة تعيَّن عليه اجرة المثل ، وهي مضبوطة عند أهل الخبرة ، وأمّا قبل العمل فهو تابع لما يقع التراضي عليه ، ونسب ما ذكرناه إلى ظاهر الأصحاب (٢).

ويدلّ عليه قول أبي الحسن عليه‌السلام في مرسلة حمّاد بن عيسى : «والأرض التي أُخذت عَنوَة بخيل وركاب ، فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها على صلح ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الخراج : النصف ، أو الثلث ، أو الثلثان ، على قدر ما يكون لهم صالحاً ولا يضرّ بهم .. الحديث» (٣).

حكم ما إذا كان الخراج المجعول مضرّاً بحال المزارعين

ويستفاد منه : أنّه إذا جعل (٤) عليهم من (٥) الخراج أو المقاسمة‌

__________________

(١) في هامش «ن» : فيناط خ ل ، وفي هامش «ص» : فيناط ظ.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) التهذيب ٤ : ١٣٠ ، الحديث ٣٦٦ ، وانظر الوسائل ١١ : ٨٥ ، الباب ٤١ من أبواب جهاد العدو ، الحديث ٢.

(٤) في «ف» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : جعلت.

(٥) لم ترد «من» في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص».

٢٣٤

ما يضرّ بهم لم يجز ذلك ، كالذي يؤخذ من بعض مزارعي (١) بعض بلادنا ، بحيث لا يختار الزارع الزراعة من كثرة الخراج ، فيجبرونه على الزراعة ، وحينئذٍ ففي حرمة كلّ ما يؤخذ أو المقدار الزائد على ما تضرّ (٢) الزيادة عليه ، وجهان.

وحكي (٣) عن بعض : أنّه يشترط أن لا يزيد على ما كان يأخذه المتولّي له الإمام العادل إلاّ برضاه.

والتحقيق : أنّ مستعمل الأرض بالزرع والغرس إن كان مختاراً في استعمالها فمقاطعة الخراج والمقاسمة باختياره واختيار الجائر ، فإذا تراضيا على شي‌ءٍ فهو الحقّ ، قليلاً كان أو كثيراً ، وإن كان لا بدّ له من استعمال الأرض لأنّها كانت مزرعة له مدّة سنين (٤) ويتضرّر بالارتحال عن تلك القرية إلى غيرها فالمناط ما ذكر في المرسلة ، من عدم كون المضروب عليهم مضرّاً ، بأن لا يبقى لهم بعد أداء الخراج ما يكون بإزاء ما أنفقوا على الزرع من المال ، وبذلوا له من أبدانهم الأعمال.

__________________

(١) في غير «ش» : مزارع.

(٢) في غير «ص» : يضرّ.

(٣) حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٤٧ عن السيد عميد الدين.

(٤) في «ف» و «م» : مدّ سنين ، وصُحّح في «ن» ب «مدّة» ، ولعلّه كان في الأصل : مذ سنين.

٢٣٥

السابع

هل يشترط استحقاق من يصل إليه الخراج؟

ظاهر إطلاق الأصحاب : أنّه لا يشترط في مَن يصل إليه الخراج أو الزكاة من السلطان على وجه الهديّة ، أو يقطعه الأرض الخراجية إقطاعاً ، أن يكون مستحقّاً له ، ونسبه الكركي رحمه‌الله في رسالته (١) إلى إطلاق الأخبار والأصحاب ، ولعلّه أراد إطلاق ما دلّ على حِلّ جوائز السلطان وعمّاله (٢) مع كونها غالباً من بيت المال ، وإلاّ فما استدلّوا به لأصل المسألة إنّما هي الأخبار الواردة في جواز ابتياع الخراج والمقاسمة والزكاة (٣) ، والواردة في حِلّ تقبّل (٤) الأرض الخراجيّة من السلطان (٥). ولا ريب في عدم اشتراط كون المشتري والمتقبّل مستحقّاً لشي‌ءٍ من بيت المال ، ولم يرد خبر في حِلّ ما يهبه السلطان من الخراج حتّى يتمسّك بإطلاقه عدا أخبار جوائز السلطان ، مع أنّ تلك الأخبار واردة أيضاً في أشخاص خاصة ، فيحتمل كونهم ذوي حصص من بيت المال.

فالحكم بنفوذ تصرّف الجائر على الإطلاق في الخراج من حيث البذل والتفريق كنفوذ تصرّفه على الإطلاق فيه بالقبض والأخذ والمعاملة عليه ، مشكل.

__________________

(١) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) ١ : ٢٨٣.

(٢) المتقدّم في الصفحة ١٧٨ وما بعدها.

(٣) راجع الصفحة ٢٠٤ وما بعدها.

(٤) في غير «ص» : تقبيل.

(٥) انظر الصفحة ٢٠٩ وما بعدها.

٢٣٦

عدم دلالة رواية الحضرمي وكلام العلّامة على الاشتراط

وأمّا قوله عليه‌السلام في رواية الحضرمي السابقة ـ : «ما يمنع ابن أبي سماك أن يبعث إليك بعطائك ، أما علم أنّ لك نصيباً من بيت المال» (١) ، فإنّما يدلّ على أنّ كلَّ مَن له نصيب في بيت المال يجوز له الأخذ ، لا أنّ كلّ مَن لا نصيب له لا يجوز أخذه.

وكذا تعليل العلاّمة قدس‌سره فيما تقدّم من دليله : بأنّ الخراج حقّ لله أخذه غير مستحقّه (٢) ؛ فإنّ هذا لا ينافي إمضاء الشارع لبذل الجائر إيّاه كيف شاء ، كما أنّ للإمام عليه‌السلام أن يتصرّف في بيت المال كيف شاء.

فالاستشهاد بالتعليل المذكور في (٣) الرواية المذكورة (٤) ، والمذكور (٥) في كلام العلاّمة رحمه‌الله على اعتبار استحقاق الآخذ لشي‌ء (٦) من بيت المال ، كما في الرسالة الخراجيّة (٧) ، محلّ نظر.

الاشكال في تحليل الزكاة الذي يأخذه الجائر لكلّ أحد

ثمّ أشكل من ذلك تحليل الزكاة المأخوذة منه لكلّ أحد ، كما هو‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ١٥٧ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٦ ، وتقدمت في الصفحة ٢٠٨.

(٢) تقدّم في الصفحة ٢٢٧.

(٣) في «م» : وفي.

(٤) لم ترد «المذكورة» في «ف» و «ن».

(٥) لم ترد «المذكور» في «ص» ، ولم ترد : «والمذكور» في «خ» ، «م» و «ع».

(٦) في غير «ف» و «ص» : بشي‌ء.

(٧) رسالة قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) ١ : ٢٨٣.

٢٣٧

ظاهر إطلاقهم (١) القول بحلّ اتهاب ما يؤخذ باسم الزكاة.

كلام الشهيد في اتهاب ما يؤخذ باسم الزكاة

وفي المسالك : أنّه يشترط أن يكون صرفه لها على وجهها (٢) المعتبر عندهم ، بحيث لا يعدّ عندهم غاصباً (٣) ؛ إذ (٤) يمتنع الأخذ منه عندهم أيضاً. ثمّ قال : ويحتمل الجواز مطلقاً ؛ نظراً إلى إطلاق النصّ والفتوى. قال : ويجي‌ء (٥) مثله في المقاسمة والخراج ؛ فإنّ مصرفهما (٦) بيت المال ، وله أرباب مخصوصون عندهم أيضاً (٧) ، انتهى.

__________________

(١) كالمحقّق في الشرائع ٢ : ١٣ ، والعلاّمة في القواعد ١ : ١٢٢ ، والشهيد في الدروس ٣ : ١٧٠ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٢ : ١٩ وغيرهم.

(٢) في غير «ش» : وجهه.

(٣) في «ص» و «ش» : عاصياً.

(٤) في غير «ص» و «ش» : أو.

(٥) في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : ويجوز.

(٦) كذا في المصدر ومصحّحة «ن» وهامش «ص» ، وفي النسخ : مصرفها.

(٧) المسالك ٣ : ١٤٣.

٢٣٨

الثامن

ما يعتبر في كون الأرض خراجية

أنّ كون الأرض خراجية (١) ، بحيث يتعلّق بما يؤخذ منها ما تقدّم من أحكام الخراج والمقاسمة ، يتوقّف على أُمور ثلاثة :

١ ـ أن تكون الأرض مفتوحة عنوة

الأوّل : كونها مفتوحةً عَنوَةً ، أو صلحاً على أن تكون (٢) الأرض للمسلمين ؛ إذ ما عداهما (٣) من الأرضين لا خراج عليها.

نعم ، لو قلنا بأنّ حكم (٤) ما يأخذه الجائر من الأنفال حكم ما يأخذه من أرض الخراج ، دخل ما يثبت كونه من الأنفال في حكمها.

كيف يثبت كون الأرض مفتوحة عنوة؟

فنقول : يثبت الفتح عَنوَة بالشياع الموجب للعلم ، وبشهادة عدلين ، وبالشياع المفيد للظنّ المتاخم للعلم ؛ بناءً على كفايته في كلّ ما يعسر إقامة البيّنة عليه ، كالنسب ، والوقف ، والملك المطلق ، وأمّا ثبوتها بغير ذلك من الأمارات الظنّية حتّى قول من يوثق به من المؤرّخين فمحلّ إشكال ؛ لأنّ الأصل عدم الفتح عَنوَة ، وعدم تملّك المسلمين.

نعم ، الأصل عدم تملّك غيرهم أيضاً ، فإن فرض دخولها بذلك في الأنفال وألحقناها بأرض الخراج في الحكم فهو ، وإلاّ فمقتضى القاعدة حرمة تناول ما يؤخذ قهراً من زرّاعها. وأمّا الزرّاع فيجب عليهم‌

__________________

(١) كذا في «ف» ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : الخراجية.

(٢) في غير «ص» : يكون.

(٣) في «ف» ، «خ» ، «خ» ، «ع» و «ص» : عداها.

(٤) لم ترد «حكم» في «ف» ، «خ» ، «م» و «ع».

٢٣٩

مراجعة حاكم الشرع ، فيعمل فيها معهم على طبق ما يقتضيه القواعد عنده : من كونه مال الإمام عليه‌السلام ، أو مجهول المالك ، أو غير ذلك.

المعروف أنّ أرض العراق ممّا فتحت عنوةً

والمعروف بين الإمامية بلا خلاف ظاهر أنّ أرض العراق فتحت عَنوَة ، وحكي ذلك عن التواريخ المعتبرة (١).

وحكي عن بعض العامة أنّها فتحت صلحاً (٢).

وما دلّ على كونها ملكاً للمسلمين يحتمل الأمرين (٣).

ففي صحيحة الحلبي : «أنّه سُئِل أبو عبد الله عليه‌السلام عن أرض السواد ما منزلته؟ فقال : هو لجميع المسلمين ، لمن هو اليوم (٤) ، ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم ، ولمن لم يخلق بعد» (٥).

ورواية أبي الربيع الشامي : «لا تشترِ من أرض السواد شيئاً إلاّ مَن كانت له ذمّة ، فإنّما هي في‌ء للمسلمين» (٦). وقريب منها صحيحة ابن الحجاج (٧).

حكم غير أرض العراق

وأمّا غير هذه الأرض ممّا ذكر أو اشتهر (٨) فتحها عَنوَة ؛ فإن‌

__________________

(١) حكاه المحقق السبزواري في الكفاية : ٧٩ ، وانظر تأريخ الطبري ٣ : ٨٧.

(٢) حكاه العلاّمة في التذكرة ١ : ٤٢٨ عن أبي حنيفة وبعض الشافعية.

(٣) في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : أمرين.

(٤) كذا في «ف» ، وفي سائر النسخ : اليوم مسلم.

(٥) الوسائل ١٢ : ٢٧٤ ، الباب ٢١ من أبواب عقد البيع ، الحديث ٤.

(٦) نفس المصدر ، الحديث ٥.

(٧) الوسائل ١٧ : ٣٣٠ ، الباب ٤ من أبواب إحياء الموات ، الحديث ٣.

(٨) في «ش» : واشتهر.

٢٤٠