كتاب المكاسب - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٧
ISBN: 964-5662-12-5
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٢٧٢

العوض نظير بعض ما يدخل في المبيع فهو خلاف مقصود المتبايعين. مع أنّ هذا كالتزام كون المبيع هو الورق المقيّد بوجود هذه النقوش فيه ، لا الورق والنقوش ؛ فإنّ النقوش (١) غير مملوكة بحكم الشارع مجرّد تكليف صوري ؛ إذ لا أظنّ أنْ تُعطّل أحكام الملك ، فلا تجري على الخط المذكور إذا بنينا على أنّه مِلك عرفاً قد نهي عن المعاوضة عليه ، بل الظاهر أنّه إذا لم يقصد بالشراء إلاّ الجلد والورق كان الخط باقياً على ملك البائع فيكون شريكاً بالنسبة ، فالظاهر أنّه لا مناص من (٢) التزام التكليف الصوري ، أو يقال : إنّ الخطّ لا يدخل في الملك شرعاً وإن دخل فيه عرفاً ، فتأمّل.

ولأجل ما ذكرناه التجأ بعض (٣) إلى الحكم بالكراهة ، وأولوية الاقتصار في المعاملة على ذكر الجلد والورق بترك إدخال الخط فيه احتراماً ، وقد تعارف إلى الآن تسمية ثمن القرآن «هديّة».

بيع المصحف من الكافر

ثمّ إنّ المشهور بين العلاّمة رحمه‌الله ومن تأخّر عنه (٤) عدم جواز بيع‌

__________________

(١) في «ف» ، «ن» ، «خ» و «ص» : وإنّ النقوش ، وفي «م» و «ع» : وإنّ المنقوش.

(٢) في غير «ف» : عن.

(٣) هو العلاّمة الطباطبائي في مصابيحه (مخطوط) : ٦٢ ٦٣ ، وتبعه صاحب الجواهر ، انظر الجواهر ٢٢ : ١٢٨.

(٤) انظر القواعد ١ : ١٢١ ، وإيضاح الفوائد ١ : ٤٠٧ ، والدروس ٣ : ١٧٥ ، وجامع المقاصد ٤ : ٣٣ ، والمسالك ٣ : ٨٨.

١٦١

المصحف من الكافر على الوجه الذي يجوز بيعه (١) من المسلم ؛ ولعلّه لفحوى ما دلّ على عدم تملّك الكافر للمسلم (٢) ، وأنّ الإسلام يعلو ولا يعلى عليه (٣) ؛ فإنّ الشيخ رحمه‌الله قد استدلّ به على عدم تملّك الكافر للمسلم (٤) ، ومن المعلوم أنّ ملك الكافر للمسلم إن كان علوّاً على الإسلام فملكه للمصحف أشدّ علوّاً عليه ؛ ولذا لم يوجد هنا قول بتملّكه وإجباره على البيع ، كما قيل به في العبد المسلم (٥).

وحينئذٍ ، فلو كفر المسلم انتقل مصحفه إلى وارثه ولو كان الوارث هو الإمام.

تملّك الكفّار للمصاحف

هذا ، ولكن ذكر في المبسوط في باب الغنائم : أنّ ما يوجد في دار الحرب من المصاحف والكتب التي ليست بكتب الزندقة والكفر داخل في الغنيمة ويجوز بيعها (٦). وظاهر ذلك تملّك الكفار للمصاحف ، وإلاّ لم يكن وجه لدخولها في الغنيمة ، بل كانت من مجهول المالك المسلم ، وإرادة غير القرآن من المصاحف بعيدة.

__________________

(١) لم ترد «بيعه» في «ف».

(٢) كقوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) النساء : ١٤١ ، ورواية حماد بن عيسى المروية في الوسائل ١٢ : ٢٨٢ ، الباب ٢٨ من أبواب عقد البيع ، والإجماع المدّعى في الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٢٣.

(٣) الوسائل ١٧ : ٣٧٦ ، الباب الأوّل من كتاب الفرائض والمواريث ، الحديث ١١.

(٤) راجع المبسوط ٢ : ١٦٧ و ١٦٨.

(٥) حكاه المحقق في الشرائع ٢ : ١٦ ، ولم نقف على القائل به بعينه.

(٦) المبسوط ٢ : ٣٠.

١٦٢

حكم أبعاض المصحف

والظاهر أنّ أبعاض المصحف في حكم الكلّ إذا كانت مستقلّة‌ (١) ، وأمّا المتفرّقة في تضاعيف غير التفاسير من الكتب ؛ للاستشهاد بلفظها أو معناها (٢) ، فلا يبعد عدم اللحوق ؛ لعدم تحقّق الإهانة والعلوّ (٣).

وفي إلحاق الأدعية المشتملة على أسماء الله تعالى‌ كالجوشن الكبير مطلقاً ، أو مع كون الكافر ملحداً بها دون المقرّ بالله المحترِم لأسمائه ؛ لعدم الإهانة والعلو ، وجوه.

هل تلحق الأحاديث النبويّة بالمصحف؟

وفي إلحاق الأحاديث النبويّة بالقرآن‌ وجهان ، حكي الجزم بهما (٤) عن الكركي وفخر الدين قدس‌سرهما ، والتردّد بينهما (٥) عن التذكرة (٦).

وعلى اللحوق ، فيلحق اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطريق أولى ؛ لأنّه أعظم من كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحينئذٍ فيشكل أن يملك الكفّار الدراهم والدنانير المضروبة في زماننا ، المكتوب عليها اسم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

__________________

(١) في غير «ص» و «ش» : كان مستقلا.

(٢) كذا في «ص» ، وفي غيرها : بلفظه أو معناه.

(٣) لم ترد «والعلوّ» في «ش».

(٤) كذا في «ف» ومصححتي «ن» و «ص» ، وفي «خ» ، «م» و «ع» : بها ، وفي «ش» : به. والصحيح ما أثبتناه ؛ لرجوع الضمير إلى الوجهين ؛ حيث حكى السيد العاملي في مفتاح الكرامة القول بالتحريم عن المحقق الكركي ، والجواز عن فخر الدين في شرح الإرشاد ، انظر مفتاح الكرامة ٤ : ٨٣ ، وحاشية الشرائع للمحقّق الكركي (مخطوط) : الورقة ٩٧ ، وأمّا شرح الإرشاد فهو مخطوط ولا يوجد لدينا ، نعم استقرب الكراهة في الإيضاح ١ : ٣٩٦.

(٥) كذا في «ن» و «ص» ، وفي «ف» : فيها ، وفي سائر النسخ : بينها.

(٦) انظر التذكرة ١ : ٤٦٣.

١٦٣

إلاّ أن يقال : إنّ المكتوب فيها غير مملوك عرفاً ، ولا يجعل بإزاء الاسم الشريف المبارك من حيث إنّه اسمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جزء من الثمن ، فهو كاسمه المبارك المكتوب على سيف أو على باب دار أو جدار ، إلاّ أن يقال : إنّ مناط الحرمة التسليط ، لا المعاوضة ، بل ولا التمليك (١). ويشكل أيضاً من جهة مناولتها الكافر مع العلم العادي بمسّه إيّاه (٢) خصوصاً مع الرطوبة.

__________________

(١) في «ف» : ولا التكسب.

(٢) في «ف» : إيّاها.

١٦٤

[المسألة] الثانية

جوائز السلطان وعمّاله وصور المسألة

جوائز السلطان وعمّاله ، بل مطلق المال المأخوذ منهم مجّاناً أو عوضاً ، لا يخلو عن أحوال :

لأنّه إمّا أن لا يعلم أنّ (١) في جملة أموال هذا الظالم مال محرّم يصلح لكون المأخوذ هو (٢) من ذلك المال ، وإمّا أن يعلم.

وعلى الثاني : فإمّا أن لا يعلم أنّ ذلك المحرّم أو شيئاً منه هو (٣) داخل في المأخوذ ، وإمّا أن يعلم ذلك.

وعلى الثاني : فإمّا أن يعلم تفصيلاً ، وإمّا أن يعلم إجمالاً ، فالصور أربع :

الاولى ، أن لا يعلم بأن للجائر مال حرام يحتمل كون الجائزة منها

أمّا الاولى ، فلا إشكال فيها في جواز الأخذ وحلّية التصرّف ؛ للأصل والإجماع والأخبار الآتية ، لكن ربما يوهم بعض الأخبار أنّه يشترط في حلّ مال الجائر ثبوت مال حلال له ، مثل ما عن‌

__________________

(١) لم ترد «أنّ» في «ش».

(٢) شطب على «هو» في «ف» و «ن».

(٣) شطب على «هو» في «ن».

١٦٥

الاحتجاج عن الحميري ، أنّه كتب إلى صاحب الزمان عجّل الله فرجه يسأله عن الرجل يكون من وكلاء الوقف مستحلا (١) لما في يده ، ولا يتورّع (٢) عن (٣) أخذ ماله ، ربما نزلتُ في قريةٍ (٤) وهو فيها ، أو أدخل (٥) منزله وقد حضر طعامه ، فيدعوني إليه ، فإن لم آكل (٦) عاداني عليه (٧) ، فهل يجوز لي أن آكل من طعامه ، وأتصدّق بصدقة؟ وكم مقدار الصدقة؟ وإن أهدى هذا الوكيل هدية إلى رجل آخر (٨) فيدعوني إلى أن أنال منها ، وأنا أعلم أنّ الوكيل لا يتورّع عن أخذ ما في يده ، فهل عليّ فيه (٩) شي‌ء إن أنا نلت منه؟ (١٠).

الجواب : «إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده ،

__________________

(١) في الوسائل ونسخة بدل «ش» : مستحلٍّ.

(٢) في المصدر ونسخة بدل «ش» : ولا يرعَ.

(٣) في «ف» : من.

(٤) في المصدر و «ص» : قريته.

(٥) في «خ» : وأدخل.

(٦) في المصدر و «ص» ونسخة بدل «ش» زيادة : من طعامه ، وفي مصححة «م» : طعامه.

(٧) لم ترد «عليه» في غير «ش».

(٨) ورد في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» بدل عبارة : «وإن أهدى إلى آخر» العبارة التالية : وإن أهدى إليّ هذا الوكيل.

(٩) لم ترد «فيه» في «ف» ، «خ» ، «م» و «ع».

(١٠) عبارة : «إن أنا نلت منه» من «ش» والمصدر.

١٦٦

فاقبل بِرّه (١) ، وإلاّ فلا» (٢) ؛ بناءً على أنّ الشرط في الحلّية هو وجود مال آخر ، فإذا لم يعلم به لم يثبت الحلّ ، لكن هذه الصورة قليلة (٣) التحقّق.

الصورة الثانية ، ان يعلم بوجود مال محرم للجائر لكن لا يعلم بكون الجائزة منها ، وفيها حالتان

الحالة الأولى أن تكون الشبهة غير محصورة

وأمّا الثانية ، فإن كانت الشبهة فيها غير محصورة ، فحكمها كالصورة الأُولى ، وكذا إذا كانت محصورة بين ما لا يبتلي المكلّف به وبين ما من شأنه الابتلاء به ، كما إذا علم أنّ الواحد المردّد بين هذه الجائزة وبين أُمّ ولده المعدودة من خواصّ نسائه مغصوب ؛ وذلك لما تقرّر في الشبهة المحصورة (٤) من اشتراط (٥) تعلّق التكليف فيها بالحرام الواقعي بكون كلّ من المشتبهين بحيث يكون التكليف بالاجتناب عنه منجّزاً لو فرض كونه هو المحرّم الواقعي ، لا مشروطاً بوقت الابتلاء المفروض انتفاؤه في أحدهما (٦) في المثال ؛ فإنّ التكليف حينئذٍ (٧) غير منجّز بالحرام الواقعي على أيّ تقدير ؛ لاحتمال كون المحرّم في المثال هي أُمّ الولد ، وتوضيح المطلب في محلّه.

__________________

(١) في المصدر : فكل طعامه وأقبل برّه.

(٢) الاحتجاج ٢ : ٣٠٦ ، والوسائل ١٢ : ١٦٠ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١٥.

(٣) كذا في «ص» ، وفي سائر النسخ : قليل.

(٤) راجع فرائد الأُصول : ٤١٩ (التنبيه الثالث).

(٥) في «ش» زيادة : تنجّز.

(٦) شطب في «ف» على عبارة : «المفروض انتفاؤه في أحدهما» وكتب بدله : إذا فرض عدم ابتلائه بأحدهما.

(٧) من «ف» فقط.

١٦٧

تصريح جماعة بكراهة أخذ الجائزة في هذه الحالة

ثمّ إنّه صرّح جماعة (١) بكراهة الأخذ ، وعن المنتهي (٢) الاستدلال له باحتمال الحرمة ، وبمثل قولهم عليهم‌السلام (٣) : «دع ما يريبك» (٤) ، وقولهم : «من ترك الشبهات نجا من المحرّمات .. إلخ» (٥).

وربما يزاد على ذلك : بأنّ أخذ المال منهم يوجب محبّتهم ؛ فإنّ القلوب مجبولة على حبّ من أحسن إليها ، ويترتّب عليه (٦) من المفاسد ما لا يخفى.

وفي الصحيح : «إنّ أحدكم لا يصيب من دنياهم شيئاً إلاّ أصابوا من دينه مثله» (٧).

وما (٨) عن الإمام الكاظم من (٩) قوله عليه‌السلام : «لولا أنّي أرى مَن‌

__________________

(١) كالعلاّمة في المنتهي ٢ : ١٠٢٦ ، والشهيد الثاني في المسالك ٣ : ١٤١ ، والمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٨ : ٨٦ ، والمحدّث البحراني في الحدائق ١٨ : ٢٦١ ، والسيد الطباطبائي في الرياض ١ : ٥٠٩ ، والسيد المجاهد في المناهل : ٣٠٣.

(٢) تقدّم التخريج عنه.

(٣) في «ف» : ولمثل قولهم ، وفي «ن» : وبمثل قوله ، وفي سائر النسخ : ولمثل قوله.

(٤) الوسائل ١٨ : ١٢٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥٦.

(٥) الوسائل ١٨ : ١١٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.

(٦) في «ف» على ذلك.

(٧) الوسائل ١٢ : ١٢٩ ، الباب ٤٢ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٥.

(٨) شطب على «ما» في «ف».

(٩) شطب على «من» في «ف».

١٦٨

ما يرفع كراهة الأخذ

أُزوّجه بها (١) من عزّاب آل (٢) أبي طالب لئلاّ ينقطع نسله ما قبلتها (٣) أبداً» (٤).

ثمّ إنّهم ذكروا ارتفاع الكراهة بأُمور :

١ ـ إخبار الجائر بحلّية الجائزة

منها : إخبار المجيز بحليّته (٥) ، بأن يقول : هذه الجائزة من تجارتي أو زراعتي ، أو نحو ذلك ممّا يحلّ للآخذ التصرف فيه.

وظاهر المحكي عن الرياض (٦) تبعاً لظاهر الحدائق (٧) أنّه ممّا لا خلاف فيه. واعترف ولده قدس‌سره في المناهل (٨) بأنّه لم يجد (٩) له مستنداً ، مع أنّه (١٠) لم يحكِ التصريح به إلاّ عن الأردبيلي (١١) ، ثمّ عن (١٢) العلاّمة الطباطبائي (١٣).

__________________

(١) من «ش» والمصدر.

(٢) في المصدر ونسخة بدل «ش» : بني.

(٣) كذا في «ش» ومصححة «ن» والمصدر ، وفي سائر النسخ : ما قبلته.

(٤) الوسائل ١٢ : ١٥٩ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١١.

(٥) في «ش» : بحلّية.

(٦) الرياض ١ : ٥٠٩ ، وحكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ١١٧.

(٧) الحدائق ١٨ : ٢٦١.

(٨) المناهل : ٣٠٣.

(٩) كذا في «ف» ، وفي غيرها : لم نجد.

(١٠) في «ف» شطب على «مع أنّه» وكتب فوقه : و.

(١١) مجمع الفائدة ٨ : ٨٦.

(١٢) في «ف» شطب على «ثمّ عن» ، وكتب فوقه : و.

(١٣) حكاه السيد المجاهد في المناهل : ٣٠٣.

١٦٩

ويمكن أن يكون المستند ما دلّ على قبول قول (١) ذي اليد (٢) فيعمل بقوله ، كما لو قامت البيّنة على تملّكه ، وشبهة الحرمة وإن لم ترتفع بذلك ، إلاّ أنّ الموجب للكراهة ليس مجرّد الاحتمال ، وإلاّ لعمّت (٣) الكراهة أخذ المال من كلّ أحد ، بل الموجب له : كون الظالم مظنّة الظلم والغصب وغير متورّع عن المحارم ، نظير كراهة سؤر مَن لا يتوقّى النجاسة ، وهذا المعنى يرتفع بإخباره ، إلاّ إذا كان خبره ك‍ «يده» مظنّة للكذب ؛ لكونه ظالماً غاصباً ، فيكون خبره حينئذ ك‍ «يَدِه وتصرّفه» غير مفيد إلاّ للإباحة الظاهرية الغير المنافية للكراهة ، فيخصّ (٤) الحكم برفع الكراهة بما إذا كان مأموناً في خبره ، وقد صرّح الأردبيلي قدس‌سره بهذا القيد في إخبار وكيله (٥). وبذلك يندفع ما يقال (٦) : من أنّه لا فرق بين يد الظالم وتصرفه ، وبين خبره ، في كون كلٍّ منهما مفيداً للملكيّة الظاهرية غير منافٍ للحرمة الواقعية المقتضية للاحتياط ، فلا وجه لوجود الكراهة الناشئة عن حسن الاحتياط مع اليد ، وارتفاعها مع الأخبار ، فتأمّل.

__________________

(١) لم ترد «قول» في «ن» ، وكتب عليها في «خ» : زائد.

(٢) انظر الوسائل ١٨ : ٢١٤ ، الباب ٢٥ من أبواب كيفية الحكم وآداب القاضي.

(٣) في «ص» : عمت.

(٤) في مصححة «ن» ونسخة بدل «ص» و «ش» : فيختصّ.

(٥) راجع مجمع الفائدة ٨ : ٨٦.

(٦) لم نقف على القائل.

١٧٠

٢ ـ إخراج الخمس

ومنها : إخراج الخمس منه ، حكي عن المنتهي (١) والمحقق الأردبيلي قدس‌سره (٢) ، وظاهر الرياض (٣) هنا أيضاً عدم الخلاف ، ولعلّه لما ذكر في المنتهي في وجه استحباب إخراج الخمس من هذا المال ـ : من أنّ الخمس مطهّر للمال المختلط يقيناً بالحرام ، فمحتمل الحرمة أولى بالطهر به (٤) ، فإنّ مقتضى الطهارة بالخمس صيرورة المال حلالاً واقعيّاً ، فلا يبقى حكم الشبهة كما لا يبقى في المال المختلط يقيناً بعد إخراج الخمس.

نعم (٥) ، يمكن الخدشة في أصل الاستدلال : بأنّ الخمس إنّما يطهّر المختلط بالحرام ، حيث إنّ بعضه حرام وبعضه حلال ، فكأنّ الشارع جعل الخمس بدل ما فيه من الحرام ، فمعنى تطهيره تخليصه بإخراج الخمس ممّا فيه من الحرام ، فكأنّ المقدار الحلال طاهر (٦) في نفسه إلاّ أنّه قد تلوّث بسبب الاختلاط مع الحرام (٧) بحكم الحرام وهو وجوب‌

__________________

(١) المنتهي ٢ : ١٠٢٥.

(٢) مجمع الفائدة ٨ : ٨٧.

(٣) الرياض ١ : ٥٠٩.

(٤) كذا في «ف» و «ن» ، وفي «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : بالطهرية ، وفي «ش» : بالتطهير به.

(٥) في نسخة بدل «ش» : «لكن» ، وشطب في «ف» على «نعم» وكتب بدله : «لكن».

(٦) كذا في «ف» ، وفي غيرها : فكان المقدار الحلال طاهراً.

(٧) في هامش «ص» زيادة : فصار محكوماً صحّ.

١٧١

الاجتناب ، فإخراج الخمس مطهّر له عن هذه القذارة (١) العَرَضيّة ، وأمّا المال المحتمل لكونه بنفسه حراماً وقذراً ذاتيّاً فلا معنى لتطهّره (٢) بإخراج خمسة ، بل المناسب لحكم الأصل حيث جعل الاختلاط قذارة عَرَضيّة كون الحرام قذر العين ، ولازمه أنّ المال المحتمل الحرمة غير قابل للتطهير فلا بدّ من الاجتناب عنه.

نعم ، يمكن أن يستأنس أو يستدلّ على استحباب الخمس بعد فتوى النهاية (٣) التي هي كالرواية ، ففيها (٤) كفاية في الحكم بالاستحباب (٥) ، وكذلك فتوى السرائر (٦) مع عدم العمل فيها إلاّ بالقطعيّات بالموثّقة المسئول فيها عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل ، قال عليه‌السلام : «لا ، إلاّ أن لا يقدر على شي‌ءٍ يأكل ويشرب (٧) ولا يقدر على حيلةٍ (٨) فإن فعل فصار في يده شي‌ءٌ فليبعث بخمسه إلى أهل البيت عليهم‌السلام» (٩) ، فإنّ موردها وإن كان ما يقع في يده بإزاء العمل إلاّ أنّ الظاهر عدم الفرق بينه وبين ما يقع في اليد على وجه الجائزة.

__________________

(١) في «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : القذرة.

(٢) في «ص» و «ش» : لتطهيره.

(٣) النهاية : ٣٥٧ ٣٥٨.

(٤) في «ف» : ففيه.

(٥) عبارة «في الحكم بالاستحباب» مشطوب عليها في «ف».

(٦) السرائر ٢ : ٢٠٣.

(٧) في الوسائل : ولا يشرب.

(٨) عبارة «على شي‌ء إلى على حيلة» من «ش» والمصدر.

(٩) الوسائل ١٢ : ١٤٦ ، الباب ٤٨ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٣.

١٧٢

ويمكن أن يستدلّ له أيضاً بما دلّ على وجوب الخمس في الجائزة مطلقاً ، وهي عدّة أخبار مذكورة في محلّها (١) ، وحيث إنّ المشهور غير قائلين بوجوب الخمس في الجائزة حملوا تلك الأخبار على الاستحباب (٢).

ثمّ إنّ المستفاد ممّا تقدّم (٣) من اعتذار الكاظم عليه‌السلام من قبول الجائزة بتزويج عزّاب الطالبيّين لئلاّ ينقطع نسلهم ، ومن غيره : أنّ الكراهة ترتفع بكلّ مصلحة هي أهمّ في نظر الشارع من الاجتناب عن الشبهة ، ويمكن أن يكون اعتذاره عليه‌السلام إشارة إلى أنّه لولا صرفها فيما يصرف فيه المظالم المردودة لَمَا قَبِلَها ، فيجب أو ينبغي أن يأخذها ثم يصرفها في مصارفها (٤).

وهذه الفروع كلّها بعد الفراغ عن إباحة أخذ الجائزة ، والمتّفق عليه من صورها : صورة عدم العلم بالحرام في ماله أصلاً ، أو العلم‌

__________________

(١) الوسائل ٦ : ٣٥٠ ، الباب ٨ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ٥ و ٧.

(٢) لم نجد التصريح به في كلمات الأصحاب ، نعم مقتضى فتوى المشهور بعدم وجوب الخمس في الجوائز والهدايا حمل تلك الأخبار على الاستحباب ، قال المحقق السبزواري قدس‌سره في الذخيرة (٤٨٣) : «المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في جميع أنواع التكسّب : من تجارة وصناعة وزراعة وغير ذلك عدا الميراث والصداق والهبة» ، ومثله في الحدائق ١٢ : ٣٥١ و ٣٥٢.

(٣) في الصفحة ١٧٠ ١٧١.

(٤) العبارة في غير «ش» هكذا : «ثمّ يصرفها في مصارف الحرام» ، لكن شطب عليها في «ف» ، وورد في هامش «ن» ، «م» و «ص» بعد كلمة «الحرام» : «المجهول المالك صح».

١٧٣

بوجود الحرام مع كون الشبهة غير محصورة ، أو محصورة ملحقة بغير المحصورة ، على ما عرفت.

الحالة الثانية : أن تكون الشبهة محصورة

وإن كانت الشبهة محصورة‌ بحيث تقتضي قاعدة الاحتياط لزوم الاجتناب عن الجميع ؛ لقابلية تنجز التكليف بالحرام المعلوم إجمالاً ، فظاهر جماعةٍ المصرَّح به في المسالك وغيره الحلُّ وعدم لحوق حكم الشبهة المحصورة هنا.

ظاهر جماعة حلّية الجائزة في هذه الحالة

قال في الشرائع : جوائز السلطان الظالم (١) إن علمت حراماً بعينها فهي حرام (٢) ، ونحوه عن نهاية الإحكام (٣) والدروس (٤) وغيرهما (٥).

قال في المسالك : التقييد بالعين إشارة إلى جواز أخذها وإن علم أنّ في ماله مظالم ، كما هو مقتضى حال الظالم ، ولا يكون حكمه حكم المال المختلط بالحرام في وجوب اجتناب الجميع ؛ للنصّ على ذلك (٦) ، انتهى.

مناقشة القول بالحلّية

أقول : ليس في أخبار الباب ما يكون حاكماً على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة ، بل هي مطلقة أقصاها كونها من قبيل‌

__________________

(١) في «ش» : جوائز السلطان الجائر ، وفي المصدر : جوائز الجائر.

(٢) الشرائع ٢ : ١٢.

(٣) نهاية الإحكام ٢ : ٥٢٥.

(٤) الدروس ٣ : ١٧٠.

(٥) كالكفاية : ٨٨ ، والرياض ١ : ٥٠٩.

(٦) المسالك ٣ : ١٤١ ، وراجع النص في الوسائل ١٢ : ١٥٦ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به.

١٧٤

قولهم : «كلّ شي‌ء لك حلال» (١) ، أو «كلّ شي‌ء فيه حلال وحرام فهو لك حلال» (٢).

وقد تقرّر (٣) حكومة قاعدة الاحتياط على ذلك ، فلا بدّ حينئذٍ من حمل الأخبار على مورد لا تقتضي القاعدة لزوم الاجتناب عنه ، كالشبهة الغير المحصورة أو المحصورة التي (٤) لم يكن كل من محتملاتها (٥) مورداً لابتلاء المكلّف ، أو على أنّ ما يتصرّف فيه الجائر بالإعطاء يجوز أخذه ؛ حملاً لتصرّفه على الصحيح ، أو لأنّ تردّد الحرام بين ما ملّكه الجائر وبين غيره (٦) ، من قبيل التردّد بين ما ابتلي به المكلّف ، وما لم يبتل به ، وهو ما لم يعرّضه الجائر لتمليكه (٧) ، فلا يحرم قبول ما ملّكه ، لدوران الحرام بينه وبين ما لم يعرضه لتمليكه ، فالتكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي غير منجَّز عليه كما أشرنا إليه سابقاً (٨) ،

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤ ، وفيه : هو لك حلال.

(٢) الوسائل ١٢ : ٥٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.

(٣) انظر فرائد الأُصول : ٤٠٣.

(٤) في غير «ش» : المحصور الذي.

(٥) في غير «ش» : محتملاته.

(٦) شطب في «ف» على «غيره» ، وكتب بدله بخطٍّ مغاير لخطّ المتن : «ما لم يعرّضه الجائر لتمليكه».

(٧) شطب في «ف» على عبارة : «وهو ما لم يعرضه الجائر لتمليكه» ، وكتب عليه في «م» ، «خ» و «ش» : نسخة.

(٨) في الصفحة ١٦٩.

١٧٥

فلو فرضنا مورداً خارجاً عن هذه الوجوه المذكورة ، كما إذا أراد أخذ شي‌ء من ماله مقاصّة ، أو أذن له الجائر في أخذ شي‌ء من أمواله على سبيل التخيير (١) ، أو علم أنّ المجيز قد أجازه من المال المختلط في اعتقاده بالحرام بناء (٢) على أنّ اليد لا تؤثّر في حلّ ما كلّف (٣) ظاهراً بالاجتناب عنه (٤) ، كما لو علمنا أنّ الشخص أعارنا أحد الثوبين المشتبهين في نظره ، فإنّه لا يحكم بطهارته فالحكم في هذه الصور (٥) بجواز أخذ بعض ذلك مع العلم بالحرام فيه (٦) ، وطرح قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة في غاية الإشكال ، بل الضعف.

النصوص الواردة في المقام ومقدار شمولها

فلنذكر النصوص الواردة في هذا المقام ، ونتكلّم في مقدار شمول كلّ واحد منها بعد ذكره (٧) حتى يعلم عدم نهوضها للحكومة على القاعدة.

قوله عليه السلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام» ، والمناقشة فيه

فمن الأخبار التي استدلّ بها في هذا المقام : قوله عليه‌السلام : «كلّ شي‌ء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه‌

__________________

(١) وردت عبارة : «أو أذن له إلى التخيير» في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» بعد قوله : «أو علم أنّ المجيز قد أجازه».

(٢) من «ش» ومصححة «ن».

(٣) كذا في «ش» ومصححة «ف» و «ن» ونسخة بدل «ص» ، والعبارة في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» هكذا : لا تؤثّر فيه لما كلّف.

(٤) عنه» من «ش» ومصححة «ن».

(٥) كذا في «ش» ومصححة «ف» و «ن» ، وفي غيرها : الصورة.

(٦) في نسخة بدل «ش» : عنه.

(٧) بعد ذكره» مشطوب عليها في «ف».

١٧٦

فتدعه» (١) ، وقوله عليه‌السلام : «كلّ شي‌ء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه» (٢).

ولا يخفى أنّ المستند في المسألة لو كان مثل هذا لكان الواجب إمّا التزام أنّ القاعدة في الشبهة المحصورة عدم وجوب الاحتياط مطلقاً ، كما عليه شرذمة من متأخّري المتأخّرين (٣) ، أو أنّ مورد الشبهة المحصورة من جوائز الظلمة خارج عن عنوان الأصحاب ، وعلى أي تقدير فهو على طرف النقيض ممّا تقدّم عن المسالك (٤).

صحيحة أبي ولّاد ، والمناقشة فيها

ومنها : صحيحة أبي ولاّد ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلاّ من أعمالهم ، وأنا أمرّ به وأنزل عليه فيضيّفني ويحسن إليّ ، وربما أمر لي بالدراهم والكسوة ، وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال لي : كلْ وخذ منها (٥) ، فلك المَهْنَأ (٦) ، وعليه الوزر (٧)» (٨).

والاستدلال به على المدّعى لا يخلو عن نظر ؛ لأنّ الاستشهاد إن‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٥٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.

(٢) الوسائل ١٢ : ٦٠ ، نفس الباب ، الحديث ٤ ، وفيه : «حتى تعلم أنّه حرام بعينه».

(٣) لم نقف عليهم.

(٤) راجع الصفحة ١٧٦.

(٥) في مصححة «ص» والمصدر : منه.

(٦) في نسخة بدل «م» و «ش» ونسخة بدل المصدر : الحظّ.

(٧) في غير «ش» زيادة : الخبر ، والظاهر أنّه لا حاجة إليه ؛ لأنّ الخبر مذكور بتمامه.

(٨) الوسائل ١٢ : ١٥٦ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.

١٧٧

كان من حيث حكمه عليه‌السلام بحلّ مال العامل المجيز للسائل ، فلا يخفى أنّ الظاهر من هذه الرواية ومن غيرها من الروايات : حرمة ما يأخذه عمّال السلطان بإزاء عملهم له ، وأنّ العمل للسلطان من المكاسب المحرمة ، فالحكم بالحلّ ليس إلاّ من حيث احتمال كون ما يعطي من غير أعيان ما يأخذه من السلطان ، بل ممّا اقترضه أو اشتراه في الذمّة ، وأمّا من حيث إنّ ما يقع من العامل بيد السائل لكونه من (١) مال السلطان حلال لمن وجده ، فيتمّ الاستشهاد.

لكن فيه مع أنّ الاحتمال الأوّل مسقط للاستدلال على حلّ المشتبه المحصور الذي تقضي (٢) القاعدة لزوم الاحتياط فيه ؛ لأنّ الاعتماد حينئذٍ على اليد ، كما لو فرض مثله في غير الظلمة ـ : أنّ الحكم بالحلّ على هذا الاحتمال غير وجيه ، إلاّ على تقدير كون المال المذكور من الخراج والمقاسمة المباحين للشيعة ؛ إذ لو كان من صلب مال السلطان أو غيره لم يتّجه حلّه لغير المالك بغير رضاه ؛ لأنّ المفروض حرمته على العامل ؛ لعدم احترام عمله.

وكيف كان ، فالرواية إمّا من أدلّة حلّ مال السلطان ، المحمول (٣) بحكم الغلبة إلى (٤) الخراج والمقاسمة ، وإمّا من أدلّة حلّ المال المأخوذ من المسلم ؛ لاحتمال كون المعطي مالكاً له ، ولا اختصاص له بالسلطان‌

__________________

(١) لم ترد «من» في «ف».

(٢) في مصححة «ص» : تقتضي.

(٣) في «خ» : المحمولة.

(٤) في مصححة «ن» : على.

١٧٨

أو عماله أو مطلق الظالم أو غيره ، وأين هذا من المطلب الذي هو حِلّ ما في يد الجائر مع العلم إجمالاً بحرمة بعضه ، المقتضي مع حصر الشبهة للاجتناب عن جميعه؟

روايات اُخر

وممّا ذكرنا يظهر الكلام في مصحّحة (١) أبي المغراء (٢) : «أمرّ بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال : نعم ، قلت : وأحجّ بها؟ قال (٣) نعم ، وحجّ بها» (٤).

ورواية محمد بن هشام : «أمرّ بالعامل فيصلني بالصلة (٥) أقبلها؟ قال : نعم. قلت : وأحجّ بها (٦)؟ قال : نعم و (٧) حجّ بها (٨)» (٩).

ورواية (١٠) محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : «جوائز السلطان ليس بها بأس» (١١).

__________________

(١) في «م» : صحيحة.

(٢) في «ف» ، «ع» ، «ش» وظاهر «ص» : المعزا.

(٣) عبارة «نعم ، قلت : وأحجّ بها؟ قال :» من «ش» والمصدر.

(٤) الوسائل ١٢ : ١٥٦ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢ وذيله.

(٥) كذا في «ش» ومصححة «م» ، وفي «ف» ، «ن» ، «خ» ، و «ع» : الصلة.

(٦) في المصدر ومصححة «ص» : منها.

(٧) عبارة «نعم و» من «ش» ومصححة «م».

(٨) في المصدر ومصححة «ص» : منها.

(٩) الوسائل ١٢ : ١٥٧ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٣.

(١٠) كذا في «ش» ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : وأمّا رواية.

(١١) الوسائل ١٢ : ١٥٧ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٥ ، والرواية مضمرة ، وفيها : «جوائز العمّال ..».

١٧٩

حمل النصوص على السبهة غير المحصورة

إلى غير ذلك من الإطلاقات التي لا تشمل من صورة العلم الإجمالي بوجود الحرام إلاّ الشبهة غير المحصورة.

محامل اُخر للنصوص على فرض شمولها للشبهة المحصورة

وعلى تقدير شمولها لصورة العلم الإجمالي مع انحصار الشبهة ، فلا تجدي ؛ لأنّ الحلّ فيها مستند إلى تصرّف الجائر بالإباحة والتمليك ، وهو محمول على الصحيح ، مع أنّه لو أُغمض النظر عن هذا أو رُدّ بشمول (١) الأخبار لما إذا أجاز الجائر من المشتبهات في نظره بالشبهة المحصورة ولا يجري هنا أصالة الصحة في تصرّفه يمكن (٢) استناد الحِلّ فيها إلى ما ذكرنا سابقاً (٣) ، من أنّ تردّد الحرام بين ما أباحه الجائر أو ملّكه وبين ما بقي تحت يده من الأموال التي لا دخل فيها للشخص المجاز ، تردّد بين ما ابتلى به المكلّف من المشتبهين وبين ما لم يبتلِ به ، ولا يجب الاجتناب حينئذٍ عن شي‌ء منهما ، من غير فرق بين هذه المسألة وغيرها من موارد الاشتباه ، مع كون أحد المشتبهين مختصّاً بابتلاء المكلّف به.

ثمّ لو فرض نصٌّ مطلق في حَلّ هذه الشبهة مع قطع النظر عن التصرّف وعدم الابتلاء بكلا المشتبهين ، لم ينهض للحكومة على قاعدة الاحتياط في الشبهة المحصورة ، كما لا ينهض ما تقدّم من قولهم عليهم‌السلام : «كلّ شي‌ء حلال .. إلخ».

__________________

(١) كذا في «ش» ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : لشمول.

(٢) كذا في «ف» ، «ش» ومصححة «ن» ، وفي مصححة «ص» : فيمكن ، وفي سائر النسخ : ويمكن.

(٣) في غير «ش» : ما ذكر سابقاً.

١٨٠