كتاب المكاسب - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٧
ISBN: 964-5662-12-5
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٢٧٢

[المسألة] الثالثة

ما يأخذه السلطان باسم الخراج والمقاسمة والزكاة

ما يأخذه السلطان المستحلّ لأخذ الخراج والمقاسمة من الأراضي باسمهما ومن الأنعام باسم الزكاة ، يجوز أن يقبض منه مجاناً أو بالمعاوضة ، وإن كان مقتضى القاعدة حرمته ؛ لأنّه غير مستحقّ لأخذه ، فتراضيه مع مَن عليه الحقوق المذكورة في تعيين شي‌ء من ماله لأجلها فاسد ، كما إذا تراضى الظالم مع مستأجر دار الغير في دفع شي‌ءٍ إليه عوض الأُجرة ، هذا مع التراضي. وأمّا إذا قهره على أخذ شي‌ء بهذه العنوانات ففساده أوضح.

دعوى الاجماع على جواز شراء ما يأخذه الجائر

وكيف كان ، فما يأخذه الجائر باقٍ على ملك المأخوذ منه ، ومع ذلك يجوز قبضه عن الجائر بلا خلاف يعتدّ به بين الأصحاب ، وعن بعض حكاية الإجماع عليه :

قال في محكي التنقيح : لأنّ الدليل على جواز شراء الثلاثة من الجائر وإن لم يكن مستحقّاً له : النصّ الوارد عنهم عليهم‌السلام ، والإجماع وإن لم يعلم مستنده ، ويمكن أن يكون مستنده أنّ ذلك حقّ للأئمة عليهم‌السلام وقد أذنوا لشيعتهم في شراء ذلك ، فيكون تصرّف الجائر كتصرّف‌

٢٠١

الفضولي إذا انضمّ إليه إذن المالك (١) ، انتهى.

أقول : والأولى أن يقال (٢) : إذا انضمّ إليه إذن متولّي الملك ، كما لا يخفى.

وفي جامع المقاصد : أنّ عليه إجماع فقهاء الإمامية ، والأخبار المتواترة عن الأئمة الهداة عليهم‌السلام (٣).

وفي المسالك : أطبق عليه علماؤنا ، ولا نعلم فيه مخالفاً (٤).

وعن المفاتيح : أنّه لا خلاف فيه (٥).

وفي الرياض : أنّه (٦) استفاض نقل الإجماع عليه (٧).

الاستدلال على الجواز بلزوم الحرج ، واختلال النظام من عدمه

وقد تأيّدت دعوى هؤلاء بالشهرة المحقّقة بين الشيخ ومَن تأخّر عنه.

ويدلّ عليه قبل الإجماع ، مضافاً إلى لزوم الحرج العظيم في الاجتناب عن هذه الأموال ، بل اختلال النظام ، وإلى الروايات المتقدّمة (٨) لأخذ الجوائز من السلطان ، خصوصاً الجوائز العظام التي لا يحتمل عادة أن تكون من غير الخراج ، وكان الإمام عليه‌السلام يأبى عن‌

__________________

(١) التنقيح الرائع ٢ : ١٩.

(٢) في «ف» : يقول.

(٣) جامع المقاصد ٤ : ٤٥.

(٤) المسالك ٣ : ١٤٢.

(٥) مفاتيح الشرائع ٣ : ١٠.

(٦) لم ترد «أنّه» في «ف».

(٧) الرياض ١ : ٥٠٨.

(٨) المتقدّمة في الصفحة ١٧٨ وما بعدها.

٢٠٢

الاستدلال بالروايات على جواز الشراء من الجائر

أخذها أحياناً ؛ معلّلاً بأنّ فيها حقوق الأُمّة روايات :

منها : صحيحة الحذّاء عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «سألته عن الرجل منّا يشتري من السلطان (١) من إبل الصدقة وغنمها ، وهو يعلم أنّهم يأخذون منهم أكثر من الحقّ الذي يجب عليهم. قال (٢) : فقال : ما الإبل والغنم إلاّ مثل الحنطة والشعير وغير ذلك ، لا بأس به حتّى يعرف الحرام بعينه فيجتنب (٣). قلت : فما ترى في مصدّق يجيئنا فيأخذ منّا (٤) صدقات أغنامنا ، فنقول : بعناها ، فيبيعنا إيّاها (٥) ، فما ترى في شرائها (٦) منه؟ فقال : إن كان قد أخذها وعزلها فلا بأس ، قيل له : فما ترى في الحنطة والشعير ، يجيئنا القاسم فيقسّم لنا حظّنا ، ويأخذ حظّه ، فيعزله (٧) بكيل ، فما ترى في شراء ذلك الطعام (٨) منه؟ فقال : إن كان قد قبضه بكيل وأنتم حضور فلا بأس بشرائه منه من غير كيل (٩)» (١٠).

__________________

(١) في «ش» : من عمّال السلطان ، وفي «ن» ، «م» و «ع» : عن السلطان.

(٢) لم ترد «قال» في غير «ص» و «ش».

(٣) في «ف» : فليجتنب ، ولم ترد الكلمة في المصدر.

(٤) لم ترد «منّا» في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع».

(٥) في «ص» والمصدر : فيبيعناها.

(٦) في غير «ش» : في شراء ذلك.

(٧) كذا في «ش» والمصدر ومصححتي «ن» و «ص» ، وفي سائر النسخ : فنأخذه.

(٨) لم ترد «الطعام» في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع».

(٩) عبارة «شرائه منه من غير كيل» من «ن» و «ش» والمصدر.

(١٠) الوسائل ١٢ : ١٦١ ١٦٢ ، الباب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٥.

٢٠٣

دلّت هذه الرواية على أنّ شراء الصدقات من الأنعام والغلاّت من عمّال السلطان كان مفروغ الجواز عند السائل ، وإنّما سأل أوّلاً : عن الجواز مع العلم الإجمالي بحصول الحرام في أيدي العمّال ، وثانياً : من جهة توهّم الحرمة أو الكراهة في شراء ما يخرج في الصدقة ، كما ذكر في باب الزكاة (١) ، وثالثاً : من جهة كفاية الكيل الأوّل.

وبالجملة ، ففي هذه الرواية سؤالاً وجواباً إشعار بأنّ الجواز كان من الواضحات الغير المحتاجة إلى السؤال ، وإلاّ لكان أصل الجواز أولى بالسؤال ؛ حيث إنّ ما يأخذونه باسم الزكاة معلوم الحرمة تفصيلاً ، فلا فرق بين أخذ الحقّ الذي يجب عليهم ، وأخذ أكثر منه.

ويكفي قوله عليه‌السلام : «حتّى يعرف الحرام منه» في الدلالة على مفروغيّة حلّ ما يأخذونه من الحقّ ، وأنّ الحرام هو الزائد ، والمراد بالحلال هو الحلال بالنسبة إلى مَن ينتقل إليه وإن كان حراماً بالنسبة إلى الجائر الآخذ له ، بمعنى معاقبته على أخذه وضمانه وحرمة التصرّف في ثمنه.

دفع ما قيل من أنّ الرواية مختصّة بالشراء

وفي وصفه عليه‌السلام للمأخوذ بالحلّية دلالة على عدم اختصاص الرخصة بالشراء ، بل يعمّ جميع أنواع الانتقال إلى الشخص ، فاندفع ما قيل : من أنّ الرواية مختصّة بالشراء فليقتصر في مخالفة القواعد عليه (٢).

__________________

(١) راجع كتاب الزكاة (للمؤلّف قدس‌سره) : ٢٢٢ ، المسألة ٢٥.

(٢) لم نقف على القائل.

٢٠٤

مناقشة الفاضل القطيفي والمحقق الأردبيلي ، والجواب عنها

ثمّ الظاهر من الفقرة الثالثة (١) : السؤال والجواب عن حكم المقاسمة ، فاعتراض الفاضل القطيفي الذي صنّف في الردّ على رسالة المحقّق الكركي المسمّاة ب «قاطعة اللجاج في حلّ الخراج» رسالة زيّف فيها جميع ما في الرسالة من أدلّة الجواز بعدم دلالة الفقرة الثالثة (٢) على حكم المقاسمة ، واحتمال كون القاسم هو مزارع (٣) الأرض أو وكيله (٤) ، ضعيف جدّاً.

وتبعه على هذا الاعتراض المحقّق الأردبيلي ، وزاد عليه ما سكت هو عنه : من عدم دلالة الفقرة الأُولى على حلّ شراء الزكاة ، بدعوى : أنّ قوله عليه‌السلام : «لا بأس حتّى يعرف الحرام منه» لا يدلّ إلاّ على جواز شراء ما كان حلالاً بل مشتبهاً ، وعدم جواز شراء ما كان معروفاً أنّه حرام بعينه ، ولا يدلّ على جواز شراء الزكاة بعينها صريحاً. نعم ظاهرها ذلك ، لكن لا ينبغي الحمل عليه ؛ لمنافاته العقل والنقل ، ويمكن أن يكون سبب الإجمال منه (٥) التقيّة ، ويؤيّد عدم الحمل على الظاهر : أنّه غير مراد بالاتفاق ؛ إذ ليس بحلال ما أخذه الجائر ، فتأمّل (٦) ، انتهى.

__________________

(١) في «ف» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : الثانية.

(٢) في «ف» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : الثانية.

(٣) في «خ» ، «ن» ، «م» ، «ع» و «ص» : زارع.

(٤) راجع السراج الوهّاج (المطبوع ضمن الخراجيات) : ١٠٩.

(٥) في نسخة بدل «ش» : فيه.

(٦) مجمع الفائدة ٨ : ١٠١ ١٠٢.

٢٠٥

وأنت خبير بأنّه ليس في العقل ما يقتضي قبح الحكم المذكور ، وأيّ فارق بين هذا وبين ما أحلّوه عليهم‌السلام لشيعتهم ممّا فيه حقوقهم؟ ولا في النقل إلاّ عمومات قابلة للتخصيص بمثل هذا الصحيح وغيره المشهور بين الأصحاب رواية وعملاً مع نقل الاتفاق عن جماعة (١).

وأمّا الحمل على التقيّة ، فلا يجوز بمجرّد معارضة العمومات ، كما لا يخفى.

رواية اسحاق ابن عمار الدالّة على جواز الشراء

ومنها : رواية إسحاق بن عمّار ، قال : «سألته عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم. قال : يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحداً» (٢).

وجه الدلالة : أنّ الظاهر من الشراء من العامل شراء ما هو عامل فيه ، وهو الذي يأخذه من الحقوق من قبل (٣) السلطان.

نعم ، لو بني على المناقشة احتمل أن يريد السائل شراء أملاك العامل منه ، مع علمه بكونه ظالماً غاصباً ، فيكون سؤالاً عن معاملة الظلمة ، لكنّه خلاف الإنصاف وإن ارتكبه صاحب الرسالة (٤).

رواية الحضرمي الدالّة على جواز الشراء

ومنها : رواية أبي بكر الحضرمي ، قال : «دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده ابنه إسماعيل ، فقال : ما يمنع ابن أبي سماك (٥)

__________________

(١) الذين تقدّم ذكرهم في الصفحة ٢٠٣.

(٢) الوسائل ١٢ : ١٦٣ ، الباب ٥٣ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢.

(٣) لم ترد «قبل» في «ن» و «م» ، ووردت نسخة بدل في «خ» ، «ع» و «ص».

(٤) راجع السراج الوهّاج (المطبوع ضمن الخراجيات) : ١٠٧ ١٠٨.

(٥) في الوسائل : السمال ، وفي نسختي بدله : السماك ، الشمال.

٢٠٦

أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفي الناس ، ويعطيهم ما يعطي الناس. قال : ثمّ قال لي (١) : لِمَ تركت عطاءك؟ قلت : مخافة على ديني. قال : ما منع ابن أبي سماك (٢) أن يبعث إليك بعطائك ، أما علم أنّ لك في بيت المال نصيباً؟» (٣).

فإنّ ظاهره (٤) حلّ ما يعطى من بيت المال عطاءً أو اجرة للعمل في ما يتعلّق به ، بل قال المحقّق الكركي : إنّ هذا الخبر نصّ في الباب ؛ لأنّه عليه‌السلام بيّن أن لا خوف على السائل في دينه ؛ لأنّه لم يأخذ إلاّ نصيبه من بيت المال ، وقد ثبت في الأُصول تعدّي الحكم بتعدّي العلّة المنصوصة (٥) ، انتهى. وإن تعجّب منه الأردبيلي وقال : أنا ما فهمت منه (٦) دلالة ما ؛ وذلك لأنّ غايتها ما ذكر ، و (٧) قد يكون شي‌ء (٨) من بيت المال ويجوز (٩) أخذه وإعطاؤه للمستحقّين ، بأن يكون منذوراً أو وصيّة لهم بأن يعطيهم ابن أبي سماك ، وغير ذلك (١٠) ، انتهى.

__________________

(١) كذا في «ش» و «ص» ، وفي غيرهما : ثمّ قال.

(٢) في الوسائل : السمال ، وفي نسختي بدله : السماك ، الشمال.

(٣) الوسائل ١٢ : ١٥٧ ، الباب ٥١ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٦.

(٤) كذا ، والمناسب : ظاهرها.

(٥) قاطعة اللجاج (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ٢٧٢.

(٦) كذا ، والمناسب : «منها» كما في المصدر.

(٧) في مصححة «ن» : وذلك ، كما في المصدر.

(٨) لم ترد «شي‌ء» في «ش» والمصدر.

(٩) في «ن» و «ش» والمصدر : بيت مالٍ يجوز.

(١٠) مجمع الفائدة ٨ : ١٠٤ ، مع تفاوت.

٢٠٧

وقد تبع في ذلك صاحب الرسالة ، حيث قال : إنّ الدليل لا إشعار فيه بالخراج (١).

أقول : الإنصاف أنّ الرواية ظاهرة في حلّ ما في بيت المال ممّا يأخذه الجائر.

الاستدلال بالأخبار الواردة في تقبّل الخراج

ومنها : الأخبار الواردة في أحكام تقبّل الخراج من السلطان (٢) على وجه يستفاد من بعضها كون أصل التقبّل مسلّم الجواز عندهم.

١ ـ صحيحة الحلبي

فمنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام في جملة حديث قال : «لا بأس بأن يتقبّل الرجل الأرض وأهلها من السلطان. وعن مزارعة أهل الخراج بالنصف والربع والثلث (٣)؟ قال : نعم ، لا بأس به ، وقد قبّل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيبراً أعطاها (٤) اليهود ، حيث (٥) فتحت عليه بالخبْر (٦) ، والخبْر هو النصف» (٧).

__________________

(١) السراج الوهّاج (المطبوع ضمن الخراجيات) : ١٠٥.

(٢) انظر الوسائل ١٣ : ٢٦١ ، الباب ٢١ من أبواب أحكام الإجارة ، الحديث ٣ ، ٤ و ٥ وغيرها.

(٣) في «ش» : بالنصف والثلث والربع.

(٤) كذا في «ش» والمصدر ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : أعطاه.

(٥) في المصدر ونسخة بدل «ص» : حين.

(٦) الخبْر بفتح الخاء وكسرها وسكون الباء بمعنى المخابرة ، وهي المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض. (لسان العرب ٤ : ١٣ ، مادة «خبر»).

(٧) الوسائل ١٣ : ٢١٤ ، الباب ١٨ من أبواب أحكام المزارعة ، الحديث ٣ ، والصفحة ٢٠٠ ، الباب ٨ من أبواب أحكام المزارعة ، الحديث ٨ ، وفيه : أنّه سُئل عن مزارعة أهل الخراج بالربع والنصف والثلث.

٢٠٨

٢ ـ صحيحة اسماعيل ابن الفضل

ومنها : الصحيح عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «سألته عن الرجل يتقبّل بخراج الرجال وجزية رؤوسهم وخراج النخل والشجر والآجام والمصائد والسمك والطير وهو لا يدري ، لعلّ هذا لا يكون أبداً ، أيشتريه ، وفي أي زمان يشتريه ويتقبّل؟ قال : إذا علمت من ذلك شيئاً واحداً قد أدرك فاشتره وتقبّل به» (١).

٣ ـ موثّقة اسماعيل ابن الفضل

ونحوها الموثّق المروي في الكافي (٢) والتهذيب (٣) عن إسماعيل بن الفضل (٤) الهاشمي بأدنى تفاوت.

٤ ـ رواية الفيض ابن المختار

ورواية الفيض بن المختار ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ، ما تقول في الأرض أتقبّلها من السلطان ثمّ أُؤاجرها من أكَرَتي (٥) على أنّ ما أخرج الله تعالى منها من شي‌ء لي من ذلك النصف أو الثلث بعد حقّ السلطان؟ قال : لا بأس ، كذلك أُعامل أكَرَتي» (٦).

إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في باب قبالة الأرض واستئجار أرض الخراج من السلطان ثمّ إجارتها للزارع بأزيد من ذلك (٧).

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٢٢٤ ، الحديث ٣٨٣٢.

(٢) الكافي ٥ : ١٩٥ ، الحديث ١٢.

(٣) التهذيب ٧ : ١٢٤ ، الحديث ٥٤٤ ، وأُنظر الوسائل ١٢ : ٢٦٤ ، الباب ١٢ من أبواب عقد البيع ، الحديث ٤.

(٤) كذا في «ص» والمصادر الحديثية ، وفي سائر النسخ : الفضيل.

(٥) في «ص» : لأكرتي ، وفي المصدر : أُؤاجرها أكرتي.

(٦) الوسائل ١٣ : ٢٠٨ ، الباب ١٥ من أبواب أحكام المزارعة ، الحديث ٣.

(٧) الوسائل ١٣ : ٢٠٧ ، الباب ١٥ من أبواب أحكام المزارعة ، و ٢٦٠ ، الباب ٢١ من أبواب أحكام الإجارة ، وغيرهما.

٢٠٩

الاستدلال بروايات اُخر لا تخلو عن قصور

١ ـ صحيح جميل بن صالح

وقد يستدلّ بروايات أُخر (١) لا تخلو عن قصور في الدلالة :

منها : الصحيح عن جميل بن صالح ، قال : «أرادوا بيع تمر عين أبي زياد (٢) وأردت أن أشتريه ، فقلت : لا حتّى استأمر (٣) أبا عبد الله عليه‌السلام ، فسألت معاذاً أن يستأمره ، فسأله ، فقال : قل له : يشتره ؛ فإنّه إن لم يشتره اشتراه غيره» (٤).

ودلالته مبنيّة على كون عين زياد من الأملاك الخراجيّة ، ولعلّه من الأملاك المغصوبة من الإمام أو غيره الموقوف اشتراء حاصلها على إذن الإمام عليه‌السلام ، ويظهر من بعض الأخبار أنّ عين زياد كان ملكاً لأبي عبد الله عليه‌السلام (٥).

٢ ـ صحيحة عبدالرحمن ابن الحجاج

ومنها : صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج ، قال : «قال لي أبو الحسن عليه‌السلام : ما لك لا تدخل مع عليّ في شراء الطعام ، إنّي أظنّك ضيّقاً؟ قلت : نعم ، وإن شئت وسّعت عليّ. قال : اشتره» (٦).

وبالجملة ، ففي الأخبار المتقدمة غنى عن ذلك.

__________________

(١) كذا في «ص» و «ش» ، وفي سائر النسخ : اخرى.

(٢) اختلفت المصادر الحديثية في هذه العبارة ، ففي بعضها : عين أبي زياد ، وفي بعضها الآخر : عين أبي ابن زياد ، وفي ثالث : عين ابن زياد ، وفي رابع : عين زياد. والظاهر أنّها كانت لأبي عبد الله عليه‌السلام فغصبت منه ، انظر الكافي ٣ : ٥٦٩.

(٣) في «ص» : أستأذن.

(٤) الوسائل ١٢ : ١٦٢ ، الباب ٥٣ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.

(٥) الوسائل ٦ : ١٤٠ ، الباب ١٨ من أبواب زكاة الغلاّت ، الحديث ٢.

(٦) الوسائل ١٢ : ١٦١ ، الباب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.

٢١٠

وينبغي (١) التنبيه على أُمور :

الأوّل

هل يشمل جواز شراء الخراج لما لم يأخذه الجائر بعد؟

إنّ ظاهر عبارات الأكثر ، بل الكلّ : أنّ الحكم مختصّ بما يأخذه السلطان ، فقبل أخذه للخراج لا يجوز المعاملة عليه بشراء ما في ذمّة مستعمل الأرض أو الحوالة عليه ونحو ذلك ، وبه صرّح السيد العميد فيما حكي عن شرحه (٢) على النافع (٣) ، حيث قال : إنّما يحلّ ذلك بعد قبض السلطان أو نائبه ، ولذا قال المصنّف : يأخذه ، انتهى.

لكن صريح جماعة (٤) : عدم الفرق ، بل صرّح المحقّق الثاني بالإجماع على عدم الفرق بين القبض وعدمه (٥) ، وفي الرياض صرّح بعدم الخلاف (٦).

__________________

(١) كذا في «ف» ، «خ» و «ص» ، وفي سائر النسخ : ينبغي.

(٢) في «ف» : من شرحه.

(٣) لم نقف في الفهارس على شرحٍ للسيّد عميد الدين الأعرجي للنافع. نعم ، قال الفاضل القطيفي في السراج الوهّاج (المطبوع ضمن الخراجيات : ١١٥) : «قال الفاضل السيّد ابن عبد الحميد الحسيني في شرحه للنافع ..» ، ولعلّ منشأ ما نسبه المؤلف قدس‌سره هو ما ذكره السيّد العاملي في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٤٧.

(٤) منهم : الشهيد الأوّل في الدروس ٣ : ١٧٠ ، والفاضل المقداد في التنقيح ٢ : ١٩ ، والشهيد الثاني في المسالك ٣ : ١٤٣ ، وراجع المناهل : ٣١٠.

(٥) جامع المقاصد ٤ : ٤٥.

(٦) الرياض ١ : ٥٠٨.

٢١١

وهذا هو الظاهر من الأخبار المتقدّمة (١) الواردة في قبالة الأرض وجزية الرؤوس ، حيث دلّت على أنّه يحلّ ما في ذمّة مستعمل الأرض من الخراج لمن تقبّل الأرض من السلطان.

والظاهر من الأصحاب (٢) في باب المساقاة حيث يذكرون أنّ خراج السلطان على مالك الأشجار إلاّ أن يشترط خلافه ـ : إجراء ما يأخذه الجائر منزلة ما يأخذه العادل في براءة (٣) ذمّة مستعمل الأرض الذي استقرّ عليه أُجرتها بأداء غيره ، بل ذكروا في المزارعة أيضاً ـ : أنّ خراج الأرض كما في كلام الأكثر (٤) أو الأرض الخراجيّة كما في الغنية (٥) والسرائر (٦) على مالكها ، وإن كان يشكل توجيهه من جهة عدم المالك للأراضي الخراجيّة.

الأقوى جواز المعاملة قبل الأخذ أيضاً

وكيف كان ، فالأقوى أنّ المعاملة على الخراج جائزة ولو قبل قبضها.

المراد من الأخذ

وأمّا تعبير الأكثر (٧) بما يأخذه ، فالمراد به إمّا الأعمّ ممّا يبني على‌

__________________

(١) في الصفحة ٢٠٩ وما بعدها.

(٢) منهم الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٣٨ ، والحلبي في الكافي : ٣٤٨ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٤٤٢ ، والحلّي في السرائر ٢ : ٤٥٢.

(٣) في «ف» ، «خ» و «ص» ومصححة «ع» : إبراء.

(٤) انظر الشرائع ٢ : ١٥٣ ، والقواعد ١ : ٢٣٨ ، والكفاية : ١٢٢ ، والحدائق ٢١ : ٣٣٦ ، وغيرها.

(٥) الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥٤٠.

(٦) السرائر ٢ : ٤٤٣.

(٧) كالشيخ في النهاية : ٣٥٨ ، والقاضي في المهذّب ١ : ٣٤٨ ، والحلّي في السرائر ٢ : ٢٠٤ ، والمحقق في الشرائع ٢ : ١٣.

٢١٢

أخذه و (١) لو لم يأخذه فعلاً ، وإمّا المأخوذ فعلاً ، لكن الوجه في تخصيص العلماء العنوان به جعله كالمستثنى من جوائز السلطان ، التي حكموا بوجوب ردّها على مالكها إذا علمت حراماً بعينها ، فافهم.

ويؤيّد الثاني : سياق كلام بعضهم ، حيث يذكرون هذه المسألة عقيب مسألة الجوائز ، خصوصاً عبارة القواعد ، حيث صرّح بتعميم الحكم بقوله : وإن عرف (٢) أربابه (٣).

ويؤيّد الأوّل : أنّ المحكي عن الشهيد قدس‌سره في حواشيه على القواعد أنّه علّق على قول العلاّمة : «إنّ الذي يأخذه الجائر .. إلى آخر قوله» : وإن لم يقبضها الجائر (٤) ، انتهى.

__________________

(١) لم ترد «و» في «خ» ، «م» و «ع» ، ووردت في «ن» مصححة.

(٢) في «ش» : عرفت.

(٣) القواعد ١ : ١٢٢.

(٤) حاشية القواعد ، لا يوجد لدينا ، وحكاه المحقق الثاني في قاطعة اللجاج (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ٢٧٧.

٢١٣

الثاني

هل للجائر سلطنة على أخذ الخراج ، فلا يجوز منعه منه؟

هل يختصّ حكم الخراج من حيث الخروج عن قاعدة كونه مالاً مغصوباً محرّماً بمن ينتقل إليه ، فلا استحقاق للجائر في أخذه أصلاً ، فلم يمض الشارع من هذه المعاملة إلاّ حلّ ذلك للمنتقل إليه ، أو يكون الشارع قد أمضى سلطنة الجائر عليه ، فيكون منعه عنه أو عن بدله المعوّض عنه في العقد معه حراماً ، صريح الشهيدين (١) والمحكيّ عن جماعة ذلك.

صريح الشهيدين والمحكي عن جماعة عدم جواز المنع

قال المحقّق الكركي في رسالته : ما زلنا نسمع من كثير ممن عاصرناهم لا سيّما شيخنا الأعظم الشيخ علي بن هلال قدس‌سره ، أنّه لا يجوز لمن عليه الخراج سرقته ولا جحوده ولا منعه ولا شي‌ء منه ؛ لأنّ ذلك حقّ واجب عليه (٢) ، انتهى.

وفي المسالك في باب الأرضين ـ : وذكر الأصحاب أنّه لا يجوز لأحد جحدها ولا منعها ، ولا التصرّف فيها بغير إذنه ، بل ادّعى بعضهم الاتّفاق عليه ، انتهى. وفي آخر كلامه أيضاً : إنّ ظاهر الأصحاب أنّ الخراج والمقاسمة لازم للجائر حيث يطلبه أو يتوقّف على إذنه (٣) ، انتهى.

وعلى هذا عوّل بعض الأساطين في شرحه على القواعد ، حيث قال : ويقوى حرمة سرقة الحصّة وخيانتها ، والامتناع عن تسليمها وعن‌

__________________

(١) انظر الدروس ٣ : ١٧٠ ، والمسالك ٣ : ٥٥ و ١٤٣.

(٢) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) ١ : ٢٨٥.

(٣) المسالك ٣ : ٥٥ ٥٦.

٢١٤

تسليم ثمنها (١) بعد شرائها إلى الجائر وإن حرمت عليه ، ودخل تسليمها في الإعانة على الإثم في البداية أو الغاية ؛ لنصّ الأصحاب على ذلك ودعوى الإجماع عليه (٢) ، انتهى.

أقول : إن أُريد منع الحصّة مطلقاً فيتصرّف في الأرض من دون اجرة ، فله وجه ؛ لأنّها ملك المسلمين ، فلا بدّ لها من اجرةٍ تُصرف في مصالحهم ، وإن أُريد منعها من خصوص الجائر ، فلا دليل على حرمته ؛ لأنّ اشتغال ذمّة مستعمل الأرض بالأُجرة لا يوجب دفعها إلى الجائر ، بل يمكن القول بأنّه لا يجوز مع التمكّن ؛ لأنّه غير مستحقّ فيسلّم إلى العادل أو نائبه الخاص أو العام ، ومع التعذّر يتولّى صرفه في المصالح حسبة.

ظهور بعض النصوص في جواز الامتناع

١ ـ صحيحة زرارة

مع أنّ في بعض الأخبار ظهوراً في جواز الامتناع ، مثل صحيحة زرارة : «اشترى ضريس بن عبد الملك وأخوه (٣) أرُزاً من هبيرة بثلاثمائة ألف درهم. قال : فقلت له : ويلك أو ويحك انظر إلى خمس هذا المال فابعث به إليه واحتبس الباقي ، فأبى عليَّ وادّى المال وقدم هؤلاء فذهب أمر بني أُمية. قال : فقلت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال مبادراً للجواب : هو له ، هو له (٤) ، فقلت له : إنّه أدّاها ، فعضّ على‌

__________________

(١) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : والامتناع من تسليم ثمنها.

(٢) شرح القواعد (مخطوط) : الورقة ٣٨.

(٣) لم ترد في «ف» ، «خ» ، «م» و «ع».

(٤) كذا في «ف» ، «ن» و «ص» ، ولم ترد «هو له» الثانية في سائر النسخ.

٢١٥

إصبعه» (١).

فإنّ أوضح محامل هذا الخبر أن يكون الأرُز من المقاسمة ، وأمّا حمله على كونه مال الناصب أعني «هبيرة» أو بعض بني أُمية ، فيكون دليلاً على حِلّ مال الناصب بعد إخراج خمسه كما استظهره في الحدائق (٢) ، فقد ضعّف في محلّه بمنع هذا الحكم ، ومخالفته لاتّفاق أصحابنا كما تحقّق (٣) في باب الخمس (٤) وإن ورد به غير واحد من الأخبار (٥).

وأمّا الأمر بإخراج الخمس في هذه الرواية ، فلعلّه من جهة اختلاط مال المقاسمة بغيره (٦) من وجوه الحرام فيجب تخميسه ، أو من جهة احتمال اختلاطه بالحرام فيستحبّ تخميسه (٧) كما تقدّم في جوائز الظلَمَة (٨).

٢ ـ قوله (ع) : «إن كنت ولابدّ فاعلاً ، فاتّق أموال الشيعة»

وما روي من أنّ علي بن يقطين قال له الإمام عليه‌السلام : «إن كنت ولا بدّ فاعلاً ، فاتّق أموال الشيعة. وأنّه كان يجبيها من الشيعة علانية‌

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ١٦١ ، الباب ٥٢ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٢.

(٢) الحدائق ١٨ : ٢٧٠.

(٣) في «ص» : حقّق.

(٤) انظر كتاب الخمس (للمؤلف قدس‌سره) : ٢٣.

(٥) الوسائل ٦ : ٣٤٠ ، الباب ٢ من أبواب ما يجب فيه الخمس ، الحديث ٦ ، ٧ و ٨.

(٦) كذا في «ص» ومصححة «ن» ، وفي سائر النسخ : لغيره.

(٧) في «ف» شطب على «تخميسه» ، ووردت الكلمة في هامش «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» بصورة نسخة بدل ، وفي «خ» و «ع» زيادة : فيجتنب ، وفي هامشهما : فيجب خ ل.

(٨) راجع الصفحة ١٧٣ وما بعدها.

٢١٦

ويردّها (١) عليهم سرّاً» (٢).

ما قاله المحقق الکرک ف توجه هذه الرواية

قال المحقّق الكركي في قاطعة اللجاج : إنّه يمكن أن يكون المراد به ما يجعل عليهم من وجوه الظلم المحرّمة ، ويمكن أن يراد به وجوه الخراج والمقاسمات والزكوات ؛ لأنّها وإن كانت حقّا عليهم ، لكنّها ليست حقّا للجائر ، فلا يجوز جمعها لأجله إلاّ عند الضرورة ، وما زلنا نسمع من كثيرٍ ممّن عاصرناهم لا سيما شيخنا الأعظم .. إلى آخر ما تقدم نقله عن مشايخه (٣).

مناقشة كلام المحقق الكركي

أقول : ما ذكره من الحمل على وجوه الظلم المحرّمة مخالف لظاهر العامّ في قول الإمام عليه‌السلام : «فاتّق أموال الشيعة» ، فالاحتمال الثاني أولى ، لكن بالنسبة إلى ما عدا الزكوات ؛ لأنّها كسائر وجوه الظلم المحرّمة ، خصوصاً بناء على عدم الاجتزاء بها عن الزكاة الواجبة ، لقوله عليه‌السلام : «إنّما هؤلاء قوم غصبوكم أموالكم وإنّما الزكاة لأهلها» (٤) ، وقوله عليه‌السلام : «لا تعطوهم شيئاً ما استطعتم ؛ فإنّ المال لا ينبغي أن يزكّى مرّتين» (٥).

__________________

(١) في «ش» : ويردّ.

(٢) الوسائل ١٢ : ١٤٠ ، الباب ٤٦ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٨.

(٣) في الصفحة ٢١٦ ، وأُنظر قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) ١ : ٢٨٥.

(٤) الوسائل ٦ : ١٧٥ ، الباب ٢٠ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ٦ ، وفيه : إنّما الصدقة لأهلها.

(٥) الوسائل ٦ : ١٧٤ ، الباب ٢٠ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ٣ ، وفيه : فإنّ المال لا يبقى على هذا أنْ يزكّيه مرّتين.

٢١٧

وفيما ذكره (١) المحقّق من الوجه الثاني دلالة على أن مذهبه ليس وجوب دفع الخراج والمقاسمة إلى خصوص الجائر وجواز منعه عنه ، وإن نقل بعد (٢) عن مشايخه في كلامه المتقدّم (٣) ما يظهر منه خلاف ذلك ، لكن يمكن بل لا يبعد أن يكون مراد مشايخه : المنع عن سرقة الخراج أو جحوده رأساً حتى عن نائب العادل ، لا منعه عن خصوص الجائر مع دفعه إلى نائب العادل أو صرفه حسبة في وجوه بيت المال ، كما يشهد لذلك تعليل المنع بكونه حقاً واجباً عليه ؛ فإنّ وجوبه عليه إنّما يقتضي حرمة منعه رأساً ، لا عن خصوص الجائر ؛ لأنّه ليس حقاً واجباً له.

ولعلّ ما ذكرناه هو مراد المحقّق ، حيث نقل هذا المذهب عن مشايخه رحمهم‌الله بعد ما ذكره من التوجيه المتقدم بلا فصل من دون إشعار بمخالفته لذلك الوجه (٤).

وممّا يؤيّد ذلك : أنّ المحقّق المذكور بعد ما ذكر أنّ هذا يعني حِلّ ما يأخذه الجائر من الخراج والمقاسمة ممّا وردت به النصوص وأجمع عليه الأصحاب ، بل المسلمون قاطبة ، قال :

فإن قلت : فهل يجوز أن يتولّى من له النيابة حال الغيبة ذلك ،

__________________

(١) في غير «ف» : وفيما ذكر.

(٢) لم ترد «بعد» في «ف».

(٣) في الصفحة ٢١٦.

(٤) راجع قاطعة اللجاج (رسائل المحقّق الكركي) ١ : ٢٨٥ ، وراجع الصفحة السابقة.

٢١٨

أعني الفقيه الجامع للشرائط؟ قلنا : لا نعرف للأصحاب في ذلك تصريحاً ، لكن مَن جوّز للفقهاء حال الغيبة تولّي استيفاء الحدود وغير ذلك من توابع منصب الإمامة ، ينبغي له تجويز ذلك بطريق أولى ، لا سيما والمستحقّون لذلك موجودون في كلّ عصر. ومَن تأمّل في أحوال (١) كبراء علمائنا الماضين قدّس الله أسرارهم مثل علم الهدى وعلم المحقّقين نصير الملّة والدين وبحر العلوم جمال الملّة والدين (٢) العلاّمة رحمه‌الله وغيرهم نظر متأمّل منصف لم يشكّ في أنّهم كانوا (٣) يسلكون هذا المسلك ، وما كانوا يودعون في كتبهم إلاّ ما يعتقدون صحته (٤) ، انتهى.

وحمل ما ذكره من تولّي الفقيه ، على صورة عدم تسلّط الجائر ، خلاف الظاهر.

وأمّا قوله : «ومن تأمّل .. إلخ» فهو استشهاد على أصل المطلب ، وهو حلّ ما يؤخذ من السلطان من الخراج على وجه الاتّهاب ، ومن الأراضي على وجه الاقتطاع (٥) ، ولا دخل له بقوله : «فإن قلت» و «قلنا» (٦) أصلاً ؛ فإنّ علماءنا المذكورين وغيرهم لم يعرف منهم‌

__________________

(١) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : أقوال.

(٢) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : جمال الدين.

(٣) لم ترد «كانوا» في غير «ش».

(٤) قاطعة اللجاج (رسائل المحقق الكركي) ١ : ٢٧٠.

(٥) في «ع» ، «ص» و «ش» : الانقطاع ، وفي مصححة «ص» : الاقتطاع.

(٦) كذا في مصحّحة «ص» ، وفي سائر النسخ : قلت وقلته.

٢١٩

الاستقلال على أراضي الخراج بغير إذن السلطان.

ما قاله الشهيد في حرمة منع الخراج

وممّن يتراءى منه القول بحرمة منع الخراج عن خصوص الجائر شيخنا الشهيد رحمه‌الله في الدروس ، حيث قال رحمه‌الله : يجوز شراء ما يأخذه الجائر باسم الخراج والزكاة والمقاسمة وإن لم يكن مستحقّاً له. ثم قال : ولا يجب ردّ المقاسمة وشبهها على المالك ، ولا يعتبر رضاه ، ولا يمنع تظلّمه من الشراء. وكذا لو علم أنّ العامل يظلم ، إلاّ أن يعلم الظلم بعينه ، نعم ، يكره معاملة الظلَمة ولا يحرم ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : «كلّ شي‌ءٍ فيه حلالٌ وحرامٌ فهو حلالٌ حتى تعرف الحرام بعينه» (١). ولا فرق بين قبض الجائر إيّاها أو وكيله وبين (٢) عدم القبض ، فلو أحاله بها وقبل الثلاثة ، أو وكّله في قبضها ، أو باعها وهي في يد المالك (٣) أو في ذمّته ، جاز التناول ، ويحرم على المالك المنع. وكما يجوز الشراء يجوز سائر المعاوضات ، والوقف ، والهبة (٤) ، والصدقة ، ولا يحلّ تناولها بغير ذلك (٥) ، انتهى.

ما يظهر من كلام الشهيد قدّس سرّه

لكن الظاهر من قوله : «ويحرم على المالك المنع» أنّه عطف على قوله : «جاز التناول» ، فيكون من أحكام الإحالة بها والتوكيل والبيع ،

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٥٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل ، مع اختلاف يسير.

(٢) لم ترد «بين» في غير «ش».

(٣) في غير «ش» : البائع.

(٤) لم ترد «الهبة» في غير «ش».

(٥) الدروس ٣ : ١٦٩ ١٧٠.

٢٢٠