كتاب المكاسب - ج ٢

الشيخ مرتضى الأنصاري

كتاب المكاسب - ج ٢

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٧
ISBN: 964-5662-12-5
ISBN الدورة:
964-5662-17-6

الصفحات: ٢٧٢

خاتمة

في ما ينبغي للوالي العمل به في نفسه وفي رعيّته‌

رسالة النجاشي إلى الإمام الصادق عليه السلام

روى شيخنا الشهيد الثاني رحمه‌الله في رسالته المسمّاة بكشف الريبة عن أحكام الغيبة ، بإسناده عن شيخ الطائفة ، عن مفيدها (١) ، عن جعفر ابن محمد (٢) بن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه محمد بن عيسى (٣) الأشعري ، عن عبد الله بن سليمان النوفلي ، قال :

كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فإذا بمولى لعبد الله النجاشي قد (٤) ورد عليه فسلّم (٥) وأوصل إليه كتاباً ، ففضّه وقرأه ، فإذا أوّل سطر فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم ، أطال الله تعالى (٦) بقاء سيدي ، وجعلني‌

__________________

(١) كذا في «ف» ومصححة «ن» ، وفي «ش» : المفيد ، وفي سائر النسخ : مفيد.

(٢) عبارة «جعفر بن محمد» من «ش» والمصدر.

(٣) عبارة «عن أبيه محمد بن عيسى» من «ش» والمصدر ومصححة «ص».

(٤) كلمة «قد» من «ش» والمصدر ومصححة «ص».

(٥) في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : وسلم.

(٦) كلمة «تعالى» من «ص» والمصدر.

١٠١

من كلّ سوء فداه ، ولا أراني فيه مكروهاً ، فإنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

اعلم سيّدي ومولاي (١) ، أنّي بُليت بولاية الأهواز ، فإن رأى سيّدي ومولاي أن يحدّ لي حدّا ، ويمثّل (٢) لي مثالاً لأستدلّ (٣) به على ما يقرّبني إلى الله عزّ وجلّ وإلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويلخّص (٤) في كتابه ما يرى لي العمل به ، وفي ما أبذله (٥) ، وأين أضع زكاتي ، وفي من أصرفها (٦) ، وبمن آنس ، وإلى من أستريح ، وبمن أثق وآمن وألجأ إليه في سرّي ، فعسى أن يخلّصني الله تعالى بهدايتك وولايتك (٧) ، فإنّك حجّة الله على خلقه وأمينه في بلاده ، لا (٨) زالت نعمته عليك.

جواب الامام الصادق عليه السلام عن رسالة النجاشي

قال عبد الله بن سليمان ، فأجابه أبو عبد الله عليه‌السلام :

بسم الله الرحمن الرحيم (٩) ، حاطك (١٠) الله بصنعه ، ولَطُفَ بك بمنّه ، وكلأك برعايته ، فإنّه وليّ ذلك.

__________________

(١) كلمة «ومولاي» من «ش» والمصدر.

(٢) في «خ» و «ص» والوسائل : أو يمثّل.

(٣) كذا في «ش» وهامش «ص» والمصدر ، وفي سائر النسخ : استدل.

(٤) في «خ» و «ش» زيادة : لي.

(٥) في نسخة بدل «ش» : أبتذله ، وفي المصدر : ابتدله وابتذله.

(٦) كذا في «ص» و «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : أصرف.

(٧) في المصدر : بهدايتك ودلالتك وولايتك.

(٨) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : ولا.

(٩) التسمية من «ش» والمصدر وهامش «ن» ، «خ» و «ص» في الهامش.

(١٠) في نسخة بدل «ص» : صالحك.

١٠٢

أمّا بعد ، فقد جاءني (١) رسولك بكتابك ، فقرأته وفهمت جميع ما ذكرته وسألت عنه ، وذكرت أنّك بُليت بولاية الأهواز ، فسرّني (٢) ذلك وساءني ، وساخبرك بما ساءني من ذلك وما سرّني إن شاء الله تعالى.

علّة سرور الامام عليه السلام بولاية النجاشي

فأمّا (٣) سروري بولايتك (٤) ، فقلتُ : عسى أن يغيث الله بك ملهوفاً خائفاً (٥) من أولياء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويعزّ بك ذليلهم ، ويكسو بك عاريهم ، ويقوّي بك ضعيفهم ، ويطفئ بك نار المخالفين عنهم.

علة استياء الإمام من ولاية النجاشي

وأمّا الذي ساءني من ذلك ، فإنّ أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بوليّ لنا فلا تشم رائحة (٦) حظيرة القدس ، فإني ملخّص لك جميع ما سألت عنه ، فإن (٧) أنت عملت به ولم تجاوزه ، رجوت أن تسلم إن شاء الله تعالى.

أخبرني يا عبد الله أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّه قال : «من استشاره أخوه المؤمن (٨)

__________________

(١) في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : جاء إليّ.

(٢) في «ش» : وسرّني.

(٣) في «ش» : وأمّا.

(٤) لم ترد «بولايتك» في «ف» ، «خ» ، «م» و «ع».

(٥) لم ترد «خائفاً» في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع».

(٦) لم ترد «رائحة» في «ف» ، «ن» ، «م» و «ع».

(٧) في «ص» والمصدر : إن.

(٨) في نسخة بدل «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : المسلم ، وفي «ش» : المؤمن المسلم.

١٠٣

فلم يمحضه النصيحة ، سلب (١) الله لبّه (٢)».

ما رسمه الإمام للنجاشي للنجاة من تبعات الولاية

واعلم ، أنّي سأُشير عليك برأيٍ (٣) إن أنت عملت به تخلّصت ممّا أنت تخافه (٤) ، واعلم أنّ خلاصك ، ونجاتك في حقن الدماء ، وكفّ الأذى عن أولياء الله ، والرفق بالرعيّة ، والتأنّي وحسن المعاشرة ، مع لين في غير ضعف ، وشدّة في غير عنف ، ومداراة صاحبك ومن يرد عليك من رسله.

وارفق برعيتك (٥) بأن توقفهم على ما وافق الحقّ والعدل إن شاء الله تعالى ، وإيّاك والسعاة وأهل النمائم ، فلا يلزقنّ (٦) بك منهم أحد ، ولا يراك (٧) الله يوماً وليلة وأنت تَقْبَل منهم صرفاً ولا عدلاً فيسخط الله عليك ويهتك سترك ، واحذر مكر خوزيّ (٨) الأهواز ، فإنّ أبي أخبرني (٩) عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال (١٠) : «إنّ الإيمان‌

__________________

(١) في «ص» والمصدر ونسخة بدل «ش» : سلبه.

(٢) في «ش» ومصحّحتي «م» و «ع» : لبّه عنه ، وفي «خ» : عنه لبّه.

(٣) كذا في الوسائل ، وفي «ف» ، «خ» ، «م» و «ع» : رأيي ، وفي «ن» و «ش» والمصدر : برأيي.

(٤) في المصدر : متخوّفه ، وفي «ف» : تخوفه.

(٥) في «خ» والمصدر ، ونسخة بدل «ص» و «ش» : وارتق فتق رعيتك.

(٦) في المصدر ونسخة بدل «ش» : يلتزقنّ.

(٧) في «ف» : ولا رآك ، وفي «م» و «ع» : ولا أراك.

(٨) في «ف» : خوازي ، وفي المصدر : خوز.

(٩) في غير «ش» زيادة : عن أبيه.

(١٠) في «ص» والمصدر : أنّه قال.

١٠٤

لا يثبت (١) في قلب يهودي ولا خوزيّ أبداً».

وأمّا (٢) من تأنس به وتستريح إليه وتلجئ أُمورك إليه ، فذلك الرجل الممتحن المستبصر الأمين الموافق لك على دينك. وميّز أعوانك ، وجرّب الفريقين ؛ فإن رأيت هنالك رشداً فشأنك وإيّاه.

ما ينبغي للوالي الحذر منه

وإيّاك أن تعطي درهماً أو تخلع (٣) ثوباً أو تحمل على دابّة في غير ذات الله ، لشاعر أو مضحك أو ممتزح (٤) ، إلاّ أعطيت مثله في ذات الله.

ولتكن (٥) جوائزك وعطاياك وخلعك للقوّاد والرسل والأحفاد وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والأخماس ، وما أردت أن تصرف في وجوه البرّ والنجاح والصدقة والفطرة (٦) والحج والشرب (٧) والكسوة التي تصلّي فيها وتصل بها ، والهدية التي تهديها إلى الله عزّ وجلّ وإلى رسوله (٨) من أطيب كسبك.

__________________

(١) في «ف» ، «ن» ونسخة بدل «خ» : لا ينبت.

(٢) في «ص» والمصدر : فأما.

(٣) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : وتخلع.

(٤) كذا في «ف» ، «ص» والمصدر ومصححة «خ» ، وفي سائر النسخ : ممزح.

(٥) كذا في «ص» والمصدر ، وفي سائر النسخ : وليكن.

(٦) لم ترد «والفطرة» في «ف» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ص». وكتب في «ص» فوق «الصدقة» : والعتق والفتوّة. ووردت العبارة في المصدر هكذا : «.. والنجاح والفتوّة والصدقة والحجّ».

(٧) في «ص» والمصدر ومصححة «ن» : والمشرب.

(٨) كذا في «ص» والمصدر ، وفي سائر النسخ : ورسوله.

١٠٥

وأُنظر (١) يا عبد الله أن لا تكنز ذهباً ولا فضة فتكون من أهل هذه الآية (الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢) ولا تستصغرنّ من حلو أو فضل طعام (٣) تصرفه في بطون خالية تسكن بها غضب الله ربّ العالمين.

واعلم ، أنّي سمعت أبي يحدّث عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) قال يوماً لأصحابه : ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعاناً وجاره جائع ، فقلنا : هلكنا يا رسول الله ، فقال : من فضل طعامكم ، ومن فضل تمركم ورزقكم وخَلِقكم وخِرَقكم تطفئون بها غضب الربّ تعالى.

هوان الدنيا على السلف الصالح

وسانبئك بهوان (٥) الدنيا وهوان شرفها على من مضى من السلف والتابعين ، فقد حدّثني أبي (٦) ، محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام ، قال : «لمّا تجهّز الحسين عليه‌السلام إلى الكوفة (٧) أتاه ابن عباس فناشده الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطفّ ، فقال : أنا أعرف (٨) بمصرعي منك ،

__________________

(١) في المصدر ومصححة «ص» : يا عبد الله اجهد.

(٢) التوبة : ٣٤.

(٣) في «ص» : ولا فضل طعام.

(٤) في المصدر ونسخة بدل «ش» : أنّه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بدل : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(٥) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : على هوان.

(٦) لم ترد «أبي» في المصدر.

(٧) عبارة «إلى الكوفة» من «ص» ، «ش» والمصدر.

(٨) عبارة «أنا أعرف» من «ش» والمصدر.

١٠٦

وما وَكْدِي من الدنيا إلاّ فراقها ، ألا أُخبرك يا بن عباس بحديث أمير المؤمنين عليه‌السلام والدنيا؟ فقال له (١) : بلى لعمري إنّي أُحبّ أن تحدّثني بأمرها.

تجسّم الدنيا لعليّ عليه السلام ورفضه لها

فقال أبي : قال علي بن الحسين عليه‌السلام : سمعت أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام يقول : حدثني أمير المؤمنين عليه‌السلام ، قال : إنّي كنت بفدك (٢) في بعض حيطانها وقد صارت لفاطمة عليها‌السلام ، فإذا أنا بامرأة قد قَحَمَتْ عليَّ وفي يدي مسحاة وأنا أعمل بها ، فلما نظرت إليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها ، فشبّهتها ببثينة (٣) بنت عامر الجمحي (٤) وكانت من أجمل نساء قريش.

فقالت : يا بن أبي طالب ، هل لك أن تتزوّج بي فأُغنيك (٥) عن هذه المسحاة ، وأدلّك على خزائن الأرض فيكون لك [الملك (٦)] ما بقيت ولعقبك من بعدك؟

فقال لها : من أنتِ حتى أخطبك من أهلك؟

فقالت : أنا الدنيا.

__________________

(١) كلمة «له» من «ش» والمصدر.

(٢) في «ش» : إنّي بفدك.

(٣) كذا في المصدر ، واختلفت النسخ في ضبط الكلمة من حيث تقديم بعض الحروف وتأخيرها.

(٤) كذا في «ف» والمصدر ، واختلفت سائر النسخ في ضبط الكلمة كسابقتها.

(٥) في «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : فأغنيتك.

(٦) من المصدر.

١٠٧

قال : [قلت (١)] لها : فارجعي واطلبي زوجاً غيري فلستِ من شأني (٢) ، فأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول :

لقد خاب من غرّته دنيا دنيّة

وما هي أن غرّت قروناً بنائل

(٣) أتتنا على زيّ العزيز بثينة

(٤) وزينتها في مثل تلك الشمائل

فقلت لها : غرّي سواي فإنّني

عَزوف عن (٥) الدنيا ولست بجاهل

وما أنا والدنيا فإنّ محمداً

أحلّ صريعاً بين تلك الجنادل

وهيهات امنى بالكنوز وودِّها

(٦) وأموال قارون وملك القبائل

أليس جميعاً للفناء مصيرنا

(٧) ويطلب من خزّانها بالطوائل؟

فغُرّي سواي إنّني غير راغبٍ

بما فيك من ملك وعزّ (٨) ونائل

فقد قنعت نفسي بما قد رُزِقته

فشأنك يا دنيا وأهل الغوائل

فإنّي أخاف الله يوم لقائه

وأخشى عذاباً دائماً غير زائل

فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة (٩) لأحد ، حتى لقي الله‌

__________________

(١) من المصدر.

(٢) عبارة «فلست من شأني» من «ش» والمصدر.

(٣) في المصدر ونسخة بدل «ش» و «م» : بطائل.

(٤) اختلفت النسخ في ضبط الكلمة هنا أيضاً كما تقدم.

(٥) في «ن» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ش» : من.

(٦) في المصدر : وهبها أتتنا بالكنوز ودرّها ، وكذا في مصححة «ص» إلاّ أنّ فيها : أتتني.

(٧) في مصححة «ص» : مصيرها.

(٨) كذا في «ف» والمصدر ، وفي سائر النسخ : من عزٍّ وملك.

(٩) في «ف» ، «خ» ، «م» و «ع» : بيعة.

١٠٨

تعالى محموداً غير ملوم ولا مذموم ، ثم اقتدت به الأئمة من بعده بما قد بلغكم ، لم يتلطّخوا بشي‌ء من بوائقها».

ما يكفّر عن الوالي

وقد وجّهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة عن (١) الصادق (٢) المصدَّق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ، ثم كانت عليك من الذنوب و (٣) الخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار ، رجوت الله أن يتجافى (٤) عنك جلّ وعزّ بقدرته.

جملة من حقوق المؤمن على المؤمن

يا عبد الله ، إيّاك (٥) أن تخيف مؤمناً ؛ فإنّ أبي (٦) حدثني عن أبيه ، عن جدّه (٧) علي بن أبي طالب عليه وعليهم‌السلام ، أنّه كان يقول : «من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها ، أخافه الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، وحشره على (٨) صورة الذرّ لحمه وجسده وجميع أعضائه ، حتى يورده مورده».

وحدّثني أبي (٩) ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «من أغاث لهفاناً من المؤمنين (١٠) أغاثه الله يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ،

__________________

(١) كذا في مصححتي «ن» و «خ» ، وفي سائر النسخ والمصدر : وعن.

(٢) لم ترد «الصادق» في «ف».

(٣) عبارة «الذنوب و» من «ص» ، «ش» والمصدر.

(٤) في نسخة بدل «م» : يتجاوز ، وفي نسخة بدل «ش» : يتحامى.

(٥) كذا في «ص» ، «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : وإيّاك.

(٦) في «ص» والمصدر : فإنّ أبي ، محمد بن علي.

(٧) في غير «ش» زيادة : عن.

(٨) في «ش» والمصدر : في.

(٩) في غير «ش» زيادة : عن أبيه.

(١٠) عبارة «من المؤمنين» من «ص» و «ش» والمصدر.

١٠٩

وآمنه من الفزع الأكبر ، وآمنه من سوء المنقلب.

ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة ، إحداها (١) الجنّة.

ومن كسا أخاه المؤمن (٢) جبّة (٣) عن (٤) عُري ، كساه الله من سندس الجنة واستبرقها وحريرها ، ولم يزل يخوض في رضوان الله ما دام على المكسوّ منها سِلْكٌ.

ومن أطعم أخاه من جوع ، أطعمه الله من طيّبات الجنّة ، ومن سقاه من ظمأ ، سقاه الله من الرحيق المختوم.

ومن أخدم أخاه ، أخدمه الله من الولدان المخلدين ، وأسكنه مع أوليائه الطاهرين.

ومن حمل أخاه المؤمن على راحلة (٥) ، حمله الله على ناقة من نوق الجنّة ، وباهى به الملائكة المقرّبين يوم القيامة.

ومن زوّج أخاه [المؤمن (٦)] امرأة يأنس بها وتشدّ (٧) عضده‌

__________________

(١) في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : أحدها.

(٢) كلمة «المؤمن» من «ش» والمصدر ومصححة «ص».

(٣) لم ترد «جبّة» في المصدر ، وكتب فوقها في «ن» ، «خ» و «ع» : خ ل.

(٤) في «ف» و «ن» وهامش «ص» : من.

(٥) في نسخة بدل «ش» : رحله.

(٦) من المصدر.

(٧) في «ف» ، «خ» ، «م» ، «ع» و «ش» : ويشدّ.

١١٠

ويستريح إليها ، زوّجه الله من الحور العين وآنسه بمن أحبّه (١) من الصدّيقين من أهل بيت نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإخوانه ، وآنسهم به.

ومن أعان أخاه المؤمن (٢) على سلطان جائر ، أعانه الله على إجازة (٣) الصراط عند (٤) زلّة الأقدام.

ومن زار أخاه المؤمن في منزله لا لحاجة منه إليه ، كُتب (٥) من زوّار الله ، وكان حقيقاً على الله أن يكرم زائره».

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، أنّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لأصحابه يوماً : «معاشر الناس إنّه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ، فلا تتّبعوا عثرات المؤمنين ، فإنّه من تتبّع (٦) عثرة مؤمن يتبع (٧) الله عثرته (٨) يوم القيامة ، وفضحه في جوف بيته».

وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام أنّه (٩) قال : «أخذ الله‌

__________________

(١) في «ف» والمصدر : أحب.

(٢) كذا في «ش» والمصدر ، وفي سائر النسخ : المسلم.

(٣) في «ف» : إجادة.

(٤) كذا في «ش» والمصدر ومصححة «ص» ، وفي سائر النسخ : يوم.

(٥) كذا في «ش» والمصدر ومصححة «ص» ، وفي سائر النسخ : كتبه.

(٦) في «ص» : يتبع ، وفي المصدر : اتبع.

(٧) في «ف» و «م» : تتبع ، وفي «ص» والمصدر ونسخة بدل «ش» : اتبع.

(٨) في «ص» والمصدر : عثراته.

(٩) أنّه» من «ص» والمصدر.

١١١

ميثاق المؤمن على (١) أن لا يصدَّق في مقالته ، ولا ينتصِف من عدوّه ، وعلى أن لا يشفي غيظه إلاّ بفضيحة نفسه ؛ لأنّ المؤمن (٢) ملجَم ؛ وذلك لغاية قصيرة وراحة طويلة ، أخذ (٣) الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه (٤) مؤمن مثله يقول بمقالة (٥) يبغيه ويحسده ، وشيطان (٦) يغويه ويمقته ، وسلطان (٧) يقفو أثره ويتّبع عثراته ، وكافر بالذي هو مؤمن به يرى سفك دمه ديناً ، وإباحة حريمه غُنْماً ، فما بقاء المؤمن بعد هذا؟».

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه عن علي عليه‌السلام (٨) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : «نزل جبرئيل عليه‌السلام ، فقال : يا محمّد إنّ الله يقرؤك (٩) السلام ويقول : اشتققت (١٠) للمؤمن اسماً من أسمائي ، سمّيته مؤمناً ، فالمؤمن منّي وأنا منه ، من استهان بمؤمن (١١) فقد استقبلني‌

__________________

(١) على» من «ف» و «ش».

(٢) في «ص» والمصدر ونسخة بدل «ش» : لأنّ كلّ مؤمن.

(٣) في «ف» و «ص» : وأخذ.

(٤) كلمة «عليه» من المصدر ومصححة «ص».

(٥) في المصدر ومصححة «ص» : بمقالته.

(٦) في «ص» والمصدر ومصححة «خ» ونسخة بدل «ش» : والشيطان.

(٧) كذا في «ش» و «ن» ، وفي سائر النسخ والمصدر : والسلطان.

(٨) عبارة «عن علي عليه‌السلام» من «ش» والمصدر ونسخة بدل «ص».

(٩) في المصدر ونسخة بدل «ش» : يقرأ عليك.

(١٠) كذا في «خ» ، «ص» ، «ش» والمصدر ، واختلفت سائر النسخ فيها.

(١١) في نسخة بدل «ش» : مؤمناً.

١١٢

بالمحاربة».

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال يوماً (١) : «يا علي ، لا تناظر رجلاً حتى تنظر في سريرته ، فإن كانت سريرته حسنة فإنّ الله عزّ وجلّ لم يكن ليخذل وليَّه ، وإن كانت (٢) سريرته رديّة فقد يكفيه مساويه ، فلو جهدت أن تعمل به أكثر ممّا (٣) عمل به من معاصي الله عزّ وجلّ ما قدرت عليه».

يا عبد الله ، وحدثني أبي (٤) ، عن آبائه ، عن علي (٥) عليهم‌السلام ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّه قال : «أدنى الكفر أن يسمع الرجل من (٦) أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها ، أُولئك لا خلاق لهم».

يا عبد الله ، وحدثني أبي (٧) ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، أنّه قال : «من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت أُذناه ما يشينه ويهدم مروّته فهو من الذين قال الله عزّ وجلّ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٨)».

__________________

(١) من «ش» والمصدر ومصححة «ص».

(٢) كذا في «ف» ، «ش» والمصدر ومصححة «ص» ، وفي سائر النسخ : كان.

(٣) في «ف» ، «ن» ، «م» ، «ع» و «ش» : ما.

(٤) في غير «ص» و «ش» زيادة : عن أبيه.

(٥) لم ترد «عن علي» في «ص».

(٦) في «ص» والمصدر : عن.

(٧) في غير «ش» زيادة : عن أبيه.

(٨) النور : ١٩.

١١٣

يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عليه‌السلام ، أنّه قال : «من روى عن (١) أخيه المؤمن رواية يريد بها هدم مروّته وشينه (٢) ، أوثقه (٣) الله بخطيئته يوم القيامة حتى يأتي بالمخرج (٤) مما قال ، ولن يأتي بالمخرج منه أبداً.

ومن أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل بيت نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) سروراً ، ومن أدخل على أهل بيت نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سروراً فقد أدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سروراً ، ومن أدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سروراً فقد سرّ الله ، ومن سرّ الله فحقيق على الله أن يدخله جنته».

ثمّ إنّي (٦) أُوصيك بتقوى الله ، وإيثار طاعته ، والاعتصام بحبله ؛ فإنّه من اعتصم بحبل الله فقد هدي إلى صراط مستقيم.

فاتّق الله ولا تؤثر أحداً على رضاه وهواه (٧) ؛ فإنّه وصية الله عزّ وجلّ إلى خلقه لا يقبل منهم غيرها ، ولا يعظّم سواها.

__________________

(١) في «ف» ، «ن» ، «خ» ، «م» و «ع» : على.

(٢) في «ص» والمصدر ونسخة بدل «ش» : ثلبه.

(٣) في «خ» ، «ص» والمصدر ونسخة بدل «ش» : أوبقه.

(٤) في «ص» والوسائل ومصححة «ش» : بمخرج.

(٥) في المصدر ونسخة بدل «ش» : أهل البيت عليهم‌السلام.

(٦) من «ص» ، «ش» والمصدر.

(٧) من «ف» ، «ص» ، «ش» والمصدر.

١١٤

واعلم ، أنّ الخلق (١) لم يوكّلوا بشي‌ء أعظم من تقوى الله (٢) ؛ فإنّه وصيّتنا أهل البيت ، فإن استطعت أن لا تنال من الدنيا شيئاً يسأل الله عنه (٣) غداً فافعل.

ما قاله النجاشي عند وصول كتاب الإمام إليه

قال عبد الله بن سليمان : فلمّا وصل كتاب الصادق عليه‌السلام إلى النجاشي نظر فيه ، فقال : صدق والله الذي لا إله إلاّ هو مولاي ، فما عمل أحد بما في هذا الكتاب إلاّ نجا. قال : فلم يزل عبد الله يعمل به أيام حياته (٤) (٥).

__________________

(١) في المصدر ونسخة بدل «ش» : الخلائق.

(٢) في المصدر ونسخة بدل «ش» : التقوى.

(٣) في المصدر : تُسأل عنه.

(٤) في غير «ش» زيادة : الخبر.

(٥) كشف الريبة : ١٢٢ ١٣١ ، ورواه في الوسائل ١٢ : ١٥٠ ، الباب ٤٩ من أبواب ما يكتسب به.

١١٥
١١٦

المسألة السابعة والعشرون

حرمة هجاء المؤمن‌

تفسير الهجاء

هجاء المؤمن‌ حرام بالأدلّة الأربعة ؛ لأنّه هَمْزٌ وَلَمْزٌ وأكلُ اللحم وتعييرٌ وإذاعةُ سرٍّ ، وكلّ ذلك كبيرة موبِقة ، فيدلّ (١) عليه فحوى جميع ما تقدم في الغيبة (٢) ، بل البهتان أيضاً (٣) ؛ بناء على تفسير الهجاء بخلاف المدح كما عن الصحاح (٤) ، فيعمّ ما فيه من المعايب وما ليس فيه ، كما عن القاموس (٥) والنهاية (٦) والمصباح (٧) ، لكن مع تخصيصه فيها بالشعر.

وأما تخصيصه بذكر ما فيه بالشعر كما هو ظاهر جامع المقاصد (٨) ،

__________________

(١) في «ص» : ويدلّ.

(٢) راجع المكاسب ١ : ٣١٥ ٣١٨.

(٣) راجع المكاسب ١ : ٣٢٥.

(٤) صحاح اللغة ٦ : ٢٥٣٣ ، مادة : «هجا».

(٥) القاموس المحيط ٤ : ٤٠٢ ، مادة : «هجا».

(٦) النهاية ؛ لابن الأثير ٥ : ٢٤٨ ، مادة : «هجا».

(٧) المصباح المنير : ٦٣٥ ، مادة : «هجا».

(٨) جامع المقاصد ٤ : ٢٦.

١١٧

فلا يخلو عن تأمّل ، ولا فرق في المؤمن بين الفاسق وغيره.

هجاء المخالف والفاسق المبدع

وأما الخبر : «محّصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين» (١) فالمراد به الخارجون عن الإيمان أو المتجاهرون بالفسق.

واحترز بالمؤمن عن المخالف ؛ فإنّه يجوز هجوه لعدم احترامه ، وكذا يجوز هجاء الفاسق (٢) المبدع ؛ لئلاّ يؤخذ ببدعة (٣) ، لكن بشرط الاقتصار على المعايب الموجودة فيه ، فلا يجوز بهته بما ليس فيه ؛ لعموم حرمة الكذب ، وما تقدم من الخبر في الغيبة من قوله عليه‌السلام في حق المبتدعة : «باهتوهم كيلا (٤) يطمعوا في إضلالكم» (٥) محمول على اتهامهم وسوء الظن بهم بما يحرم اتهام المؤمن به ، بأن يقال : لعله زانٍ ، أو سارق (٦). وكذا إذا زاده (٧) ذكر ما ليس فيه من باب المبالغة.

ويحتمل إبقاؤه على ظاهره بتجويز الكذب عليهم لأجل المصلحة ؛

__________________

(١) لم نقف عليه في المصادر الحديثية ، لكن حكاه السيد العاملي في مفتاح الكرامة (٤ : ٦٤) عن حواشي الشهيد على القواعد ، وفيه : «محّصوا ذنوبكم بغيبة الفاسقين».

(٢) لم ترد «الفاسق» في «ف».

(٣) في نسخة بدل «ش» : ببدعته.

(٤) كذا في «ف» والمصدر ، وفي سائر النسخ : لكيلا.

(٥) الوسائل ١١ : ٥٠٨ ، الباب ٣٩ من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما ، الحديث الأوّل. وقد تقدّم في المكاسب ١ : ٣٥٣.

(٦) في «ف» : وسارق.

(٧) في «ف» : وكذا إرادة ، وفي «ص» : وكذا إذا زاد.

١١٨

فإنّ مصلحة تنفير (١) الخلق عنهم أقوى من مفسدة الكذب.

وفي رواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «قلت له : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم ، فقال : الكفُّ عنهم أجمل. ثم قال لي : والله يا أبا حمزة إنّ الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا. ثمّ قال : نحن أصحاب الخمس ، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا» (٢).

وفي صدرها دلالة على جواز الافتراء وهو القذف على كراهة ، ثم أشار عليه‌السلام إلى أولوية قصد الصدق بإرادة الزنا من حيث استحلال حقوق الأئمة عليهم‌السلام.

__________________

(١) في «خ» ، «م» ، «ع» و «ص» : تنفّر.

(٢) الوسائل ١١ : ٣٣١ ، الباب ٧٣ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ٣.

١١٩
١٢٠