شرح زيارة عاشوراء

عبدالرسول النوري الفيروزكوهي [ الفاضل المازندراني ]

شرح زيارة عاشوراء

المؤلف:

عبدالرسول النوري الفيروزكوهي [ الفاضل المازندراني ]


المحقق: السيد حسن الموسوي الدرازي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: وفا
الطبعة: ٠
ISBN: 978-964-8438-70-3
الصفحات: ٢١٥

ولا يخفى أن التقدير المزبور إنما يستقيم إذا كان المنصوب مرتبطا ومتعلقا بالمجرور الذي قبله ، وهو مصيبة ذلك المصاب الأجنبي الخارجي الذي ذكر في حيز المفضل عليه من آحاد الناس في مصائبهم الخاصة الواردة عليهم ، ومن المعلوم أن ليس المراد استعظام تلك المصيبة الأجنبية الخارجية ، بل المراد استعجاب مصيبته عليه السلام واستعظامها.

ولقد أغرب بعض الشارحين فزاد في الطنبور نغمة أخرى فقال ما حاصله : «أن المنصوب في الأصل صفة للمجرور ، وقد قطع عن الوصفية ، ونصب بتقدير أوصف ، وأذكر وأعني وأشباهها مبالغة في المدح».

ومما ذكرنا ظهر فساده بحيث لا يحتاج إلى البيان ، وبالجملة فلا أرى وجه صحة للنصب ، مع أنه غير مذكور في الأصول المعتبرة ، نعم في بعض نسخ (مصباح الكفعمي (١)) (٢) «يا لها مصيبة ما أعظمها» بالنصب وحذف حرف الجر ، فلعل المنصوب الموجود في بعض نسخ الزيارات مأخوذ منه ، لكن مع سقط قوله (يا لها) من قلم الناسخ والله العالم.

__________________

(١) جنة الأمان الواقية وجنة الإيمان الباقية المعروف بمصباح الكفعمي ، كتاب كبير في الأدعية رتبه على خمسين فصلا ، الفصل الأول في الوصية ، والفصل الآخر في آداب الداعي ، وذكر في آخره فهرس مآخذه وأنهاه إلى ٢٣٨ كتابا ينقل عنها في متن الكتاب أو الحواشي الكثيرة التي علقها عليه بنفسه ، طبع على الحجر في الهند وإيران وطبع بصف جديد في بيروت دون تحقيق (الذريعة ٥ / ١٥٦).

(٢) ورد بهذا اللفظ في البلد الأمين للكفعمي ص ٢٢٩.

١٢١

[شرح «وأعظم رزيتها»]

قوله عليه السلام : * (وأعظم رزيتها) *

قد مر (١) أن الرزية بمعنى المصيبة ، فيلزم إضافة الشيء إلى نفسه ، فيجب أن يراد بالمضاف لوازم الرزية والمصيبة من حرقة القلوب ، وسكب الدموع ، ودوام الهم والغم والحزن والجزع والفزع والنياح والصراخ ، وإقامة المأتم ، وغير ذلك مما لا يخفى على الأعداء فضلا عن الأولياء كما قيل :

حزن طويل أبى أن ينجلي أبدا

حتى يقوم بأمر الله قائمه (٢)

وقد قلت في بعض المراثي :

الدمع إلا ليوم الفصل منهمل

والقلب إلا على المرصاد مكترب

__________________

(١) ص ١٠٦.

(٢) البيت من قصيدة «العقود الإثني عشر في رثاء سادات البشر» للسيد مهدي بحر العلوم (ت ١٢١٢ ه ـ) وقد نشرها العلامة السيد عبد العزيز الطبطبائي رحمه الله في العدد العاشر من مجلة «تراثنا».

١٢٢

[شرح «اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية ...»]

قوله عليه السلام : * (اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية ... إلخ) *

في حواشي بعض نسخ (المصباح) (١) «فيه» بدل «به» والظاهر أنه سهو من النساخ بقرينة قوله «فرحت به آل زياد» لاتفاق النسخ هنا ، والظاهر إتحاد التعبير في المقامين كما لا يخفى.

قال (العلامة المجلسي) رحمه الله في (البحار) (٢) : «قوله عليه السلام «أن تزوره في كل يوم» هذه الرخصة تستلزم الرخصة في تغيير عبارة الزيارة أيضا كأن يقول اللهم إن يوم قتل الحسين عليه السلام يوم تبركت به».

وهذا هو الحق الذي لا بد منه ، ولا محيص عنه ، توضيح ذلك أنك إذا زرت بهذه الزيارة في يوم عاشوراء فقولك : «هذا يوم تبركت به» ، «وفرحت به» كلمة «هذا» إشارة إلى اليوم الموجود الحاضر ، والخبر يوم كلي موصوف بمضمون الجملة ، والحمل من قبيل حمل الكلي المقيد على الفرد كقولك : هذا رجل عالم ، والمعنى أن هذا اليوم الحاضر فرد من أفراد اليوم الكلي ، الذي تبركت به بنو أمية وفرحت به آل زياد ، وإن تبركوا وفرحوا في كل

__________________

(١) لم يشر إلى هذا الاختلاف في حاشية مصباح المتهجد الطبعة المحققة.

(٢) البحار (٩٨ / ٣٠٢).

١٢٣

سنة في سني ملكهم بيوم حاضر شخصي إلى أن ذلك لأجل تبركهم وفرحهم بيوم كلي صادق على تلك الأفراد هو يوم عاشوراء ، ويوم قتل الحسين عليه السلام ، فتبركهم وفرحهم حقيق وأصالة ، إنما هو بذلك اليوم الكلي. ثم إن يوم قتل الحسين عليه السلام حقيقة ، وإن كان يوما واحدا شخصيا لا كليا ، وهو العاشر من المحرم من سنة ستين من الهجرة (١) ، وهذا لا يقبل التعدد والتجدد في كل سنة ، إلا أن العرف بنائهم وعادتهم ودأبهم وديدنهم على أنه متى حدثت حادثة عظيمة محبوبة أو مكروهة في يوم من أيام السنة ، فكلما يأتي مثل ذلك اليوم في السنين اللاحقة ينزلونه منزلته ، ويجرون عليه أحكام فيقولون : هذا يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله (٢) ، وهذا يوم بعثه (٣) ، وهذا يوم وفاته (٤) ، فيقيمون مراسم ذلك اليوم من التهنئة والتعزية ، وكذا يقولون هذا يوم مولد السلطان ، وهذا يوم جلوسه ، فيفعلون في مراسم السلطنة إلى غير ذلك من الحوادث الواقعة ، وقد جرى الشرع على ذلك ، ففي دعاء يوم ولادة الحسين عليه السلام (٥) :

«اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته» (٦).

__________________

(١) كذا في الأصل والمشهور والمعروف أنه سلام الله عليه استشهد في سنة ٦١ للهجرة.

(٢) المشهورة أنه صلى الله عليه وآله ولد في السابع عشر من ربيع الأول (راجع رسالة في تواريخ النبي والآل عليهم السلام ص ٣) وقد ورد فيه استحباب صوم هذا اليوم.

(٣) السابع والعشرون من رجب (المصدر السابق ص ٦) ، ويستحب أيضا صوم هذا اليوم.

(٤) المشهور في ٢٨ من صفر (المصدر السابق ص ٢٦).

(٥) وهو اليوم الثالث من شعبان.

(٦) مصباح المتهجد ص ٨٢٦ ، ومزار المشهدي ص ٣٩٨ ، ومصباح الكفعمي ص ٥٤٣ والبلد الأمين ص ١٨٥ وعنهم البحار (٩٨ / ١٠١).

١٢٤

وفي دعاء ليلة ولادة صاحب الأمر عليه السلام : «اللهم بحق ليلتنا هذه ومولوده» (١).

وفي دعاء ليلة المبعث (٢) : «اللهم إني أسئلك بالنجل (٣) الأعظم في هذه الليلة من الشهر المعظم ، اللهم بارك لنا في ليلتنا هذه التي بشرف الرسالة فضلتها».

وفي دعاء يوم المبعث (٤) «اللهم وبارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته (٥) ، وصل على من فيه إلى عبادك أرسلته».

وفي دعاء يوم الغدير (٦) «أسئلك (٧) أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعلني في هذا اليوم الذي عقدت فيه لوليك العهد في أعناق خلقك ، وأكملت لهم الدين من العارفين بحرمته».

وفي بعض زيارات عاشوراء (٨) «اللهم وأهلك من جعل يوم قتل ابن نبيك

__________________

(١) من دعاء ليلة النصف من شعبان أورده في مصباح المتهجد ص ٨٤٢ والإقبال (٣ / ٣٣٠) ومصباح الكفعمي ص ٥٤٥ والبلد الأمين ص ١٨٧.

(٢) أورده السيد قدس سره في أدعية اليوم السابع والعشرين من رجب في الإقبال (٣ / ٢٧٨) وأورده الكفعمي في أدعية الليلة السابعة والعشرين من رجب في مصباحه ص ٥٣٥ والبلد الأمين ص ١٨٣.

(٣) في الأصل «بالنحل» وما أثبته من الإقبال ، والنجل هو الولد والوالد ، وفي مصباح الكفعمي والبلد الأمين «بالتجلي الأعظم».

(٤) مصباح المتهجد ص ٨١٦ والإقبال (٣ / ٢٧٧) ومصباح الكفعمي ص ٥٣٧ والبلد الأمين ص ١٨٤.

(٥) في المصادر ورد ما بين الفقرتين «... فضلته ، وبكرامتك جللته وبالمنزل العظيم منك أنزلته ، وصل على ...».

(٦) الإقبال (٢ / ٢٠٥) ومصباح الكفعمي ص ٦٨٦ والبلد الأمين ص ٢٦١ والبحار (٩٥ / ٣٢٠).

(٧) «أسئلك» في الأصل دون المصادر.

(٨) رواها الشيخ قدس سره عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام في مصباح المتهجد ص ٧٨٤ وعنه البحار (٩٨ / ٣٠٥) ، ورواها المشهدي مسندة منه إلى عبد الله بن سنان في مزاره ص ٤٧٧ ص ٣٠٥.

١٢٥

[وخيرتك] (١) عيدا».

ومن المعلوم أن عيدهم هذا ليس يوم شهادته عليه السلام حقيقة ، بل مثل يوم الشهادة من السنة الثانية والثالثة وهكذا كما عرفت ، فكما أن مثل يوم الشهادة يوم عيد وسرور للأعداء ، فكذلك هو يوم مصيبة وحزن للأولياء.

وقد وقع التصريح بهذه المماثلة في بعض الروايات ، ففي رواية (عبد الله بن سنان) (٢) قال : «دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام في يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط ، فقلت : يا ابن رسول الله مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك؟!

فقال لي : أو في غفلة أنت؟! أما علمت أن الحسين بن علي عليهما السلام أصيب في مثل هذا اليوم؟!

قلت : يا سيدي فما قولك في صومه؟! ـ إلى أن قال ـ (٣) وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء ، فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلى الله عليه وآله ، إلى غير ذلك مما يجد المتتبع ، وكل ذلك مبني على ما ذكرنا من التنزيل العرفي ، وإلا لزم الكذب الصريح كما لا يخفى.

__________________

(١) من المصادر وفي مزار المشهدي «ابن نبيك وخيرتك من خلقك».

(٢) هذا الحديث مطلع الزيارة السابقة وقد أورد هذا الحديث دون الزيارة الوسائل (١٠ / ٤٥٨). عن مصباح المتهجد ، ومستدرك الوسائل (٧ / ٥٢٤) عن مزار المشهدي.

(٣) في الرواية «فقال لي : صمه من غير تبييت ، وأفطره من غير تشميت ، ولا تجعله يوم صوم كملا».

١٢٦

وبالجملة فيوم قتل الحسين حقيقي وعرفي ومجازي ، والأول جزئي شخصي لا يقبل التعدد ، والثاني كلي يقبل التعدد والتجدد في كل سنة ، هذا إذا زرت بهذه الزيارة في يوم عاشوراء ، وإن زرت بها في غيره من أيام السنة فإن اقتصرت على عين هذه العبارة من غير تبديل فقولك : «هذا يوم تبركت به بنو أمية ... وفرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم (١) الحسين» ، أي لقتلهم الحسين فيه كما لا يخفى مستلزم للأخبار بأن هذا يوم قتل الحسين ، وحينئذ فكلمة (هذا) إما أن يشار بها إلى هذا اليوم الموجود الخارجي ا لحاضر ، أعني يوم الزيارة أو إلى ذلك اليوم الخارجي المعدوم ، أعني يوم الشهادة.

وعلى الثاني (٢) فإما أن يكون توجيه الحكم إلى ذلك اليوم باعتبار حضوره الذهني الموجود عند الزائر ، ويكون الحضور الذهني هو المحكوم عليه ، أو باعتبار وجوده الخارجي المعدوم حين الزيارة ، ويكون الحضور الذهبي آلة لملاحظة حاله ، وعلى جميع التقادير يلزم الكذب الصريح ، إذ من المعلوم أن تبركهم ليس بيوم الزيارة ، ولا بالصورة الذهنية الحاضرة عند الزائر ، ولا بيوم الشهادة حقيقة ، إذ لم يطلع على شهادته عليه السلام في ذلك اليوم إلا العساكر الملعونة الحاضرة في الطف ، وإنما وصل خبر شهادته عليه السلام إلى بني أمية وآل زياد وآل مروان بعد يوم الشهادة ، فلا محالة وقع تبركهم بمثل ذلك اليوم من السنة المتأخرة لا بشخصه ، وما مر من المعنى الكلي ، والتنزيل

__________________

(١) في الأصل «لقتلهم».

(٢) أي (يوم الشهادة).

١٢٧

العرفي فإنما هو في خصوص اليوم المماثل ليوم الحادثة هو يوم واحد من أيام السنة لا يقبل التعدد في سنة واحدة ، مضافا إلى لزوم الكذب في الفرض الأول من جهة أخرى أيضا كما لا يخفى ، والذي يدل على ذلك ملاحظة أشباهه ونظائره ، فهل يصح لك أن تقول في غير يوم ولادته عليه السلام : «اللهم إني أسألك بحق المولود في هذا اليوم» فيوم الشهادة نظير يوم الولادة.

أو تقول في غير ليلة ولادة صاحب الأمر عليه السلام : «اللهم بحق ليلتنا هذه ومولودها» وكذا سائر ما مر من الأدعية ، فجميع ذلك كذب صريح ، والترخيص الشرعي في زيارته عليه السلام بهذه الزيارة كل يوم لا يصحح الكذي ولا يجوز ، مع أن الترخيص الشرعي والأذن والتشريع في المقام كما وقع في بعض الكتب مما لا معنى له ، بل هو خطأ ظاهر ، لأن قوله عليه السلام : «إن استطعت أن تزوره كل يوم [من دارك] بهذه الزيارة فافعل ، ولك ثواب جميع ذلك» إخبار بثبوت جميع الثواب الموعود في زيارة يوم عاشوراء لكل من زار بها في غير ذلك اليوم ، لا إذن وترخيص ودليل شرعي على شرعية هذه الزيارة وجوازها ، إذ أصل الجواز ثابت عقلا وشرعا ، لأنهم عليهم السلام أولياء النعم ، والعقل مستقل بشكر كل منعم وثنائه ، وعمومات الزيارة والصلاة والسلام والدعاء والتوسل فوق حد الإحصاء ، فلا مجال لانتظار الإذن في الموارد الخاصة ، وحديث عدم الجواز بقصد الورود شطط (١) من الكلام ، فكيف يتأتى القصد ممن يعلم بعدم الورود بل ممن يشك فيه.

__________________

(١) الشطط : الجور والعلو في القول.

١٢٨

نعم ، لا بد من تبديل بعض الكلمات بما يناسب حال الزائر وزمانه ومكانه ، فمن ذلك التبديل لأجل كون الزائر امرأة فلا بد لها من تبديل المشتقات المذكرة بالمؤنثة كولي ، وعدو ، ووجيها بالحسين ، وما ورد في دعاء (صفوان) من قوله «أتيتكما زائرا ومتوسلا» و «متوجها» و «مستشفعا» ، «منتظرا» ، «مفوضا» ، «ملجئا» ، «ومتوكلا» إلى غير ذلك من الصيغ المذكرة المذكورة فيه ، فوجب عليها تبديل ذلك كله بالمؤنث.

فليت شعري ماذا يقول المقتصر على خصوص المأثور في حق النساء ، فهل يمنعهن عن الزيارة والدعاء؟! أو يجوز لهن التلفظ بالغلط؟! أراه يلتزم بشيء من ذلك ، وهذا الكلام يجري في جميع الدعوات الواردة في الشريعة بالصيغ المذكرة ، ولا أظن عاقلا يلتزم فيها بأحد الأمرين المزبورين في حق النساء.

ومن ذلك التبديل فيما نحن فيه لأجل اختلاف الزمان ، فيبدل كلمة (هذا) ب ـ «يوم قتل الحسين» أو «يوم عاشوراء» ، والثاني أولى ثم أولى لخلوه عن التجوز أصلا كما لا يخفى.

ومن ذلك التبديل لأجل اتلاف المكان كما في قوله في دعاء (صفوان) «أتيتكما زائرا» فيلزم تبديله بقوله «توجهت إليكما» أو «إلى ضريحكما» أو «قصدتكما بقلبي» ونحو ذلك.

وقد وقع التصريح بالتبديل المزبور في بعض الروايات ، ففي حاشية (المصباح للكفعمي) : «إن كانت الزيارة من بعد فقل : «قصدتكما بقلبي زائرا»

١٢٩

وإن كانت من قرب فقل : «أتيتكما زائرا» روى ذلك عن الصادق عليه السلام ، قاله (الشيخ المفيد رحمه الله) في مزاره».

مع أن متن عبارة الدعاء أقرب إلى التوجه من متن عبارة الزيارة ، ومع ذلك إذا وجب التبديل في الدعاء وجب التبديل في الزيارة بطريق أولى.

وفي (البحار) عن (التهذيب) (١) عن (ابن أبي عمير) (٢) ، عمن رواه قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : «إذا بعدت بأحدكم الشقة ، ونأت به الدار ، فليعل على منزله ، وليصل ركعتين ، وليومئ بالصلاة إلى قبورنا ، فإن ذلك يصل إلينا (٤) ، ويسلم

__________________

(١) تهذيب الأحكام : أحد الكتب الأربعة المجاميع القديمة المعول عليها عند الأصحاب من لدن تأليفها حتى اليوم ، ألفه شيخ الطائفة (ت ٤٦٠ ه ـ) ، استخرجه من الأصول المعتمدة للقدماء التي كانت في مكتبة الشريف المرتضى ومكتبة سابور المؤسسة للشيعة بكرخ ، كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة وأصولهم المحررة ، قد خرج تمام كتاب الطهارة إلى أوائل كتاب الصلاة بعنوان الشرح على مقنعة أستاذه الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه ـ) وذلك في زمن حياة المفيد ، وكان عمره ٢٥ سنة ، ثم تممه بعد وفاته ، وقد أنهيت أبوابه إلى ٣٩٣ بابا ، وأحصيت أحاديثه في ١٣٥٩٠ حديثا ، له شروح وحواشي كثيرة : ملاذ الأخيار للعلامة المجلس (ط) ، وقد طبع التهذيب على الحجر في مجلدين كبيرين في ١٣١٧ ه ـ ، وطبع في النجف بتحقيق السيد حسن الخرسان في ١٠ مجلدات ، ثم حققه مرة أخرى علي أكبر غفاري في إيران (الذريعة ٤ / ٥٠٤ بتصرف).

(٢) تهذيب الأحكام (٦ / ١٠٣) والبحار (٩٨ / ٣٧٠).

(٣) محمد بن أبي عمير زياد بن عيسى ، أبو أحمد الأزدي : من موالي المهلب بن أبي صفرة ، وقيل مولى بني أمية ، والأول أصح ، بغدادي الأصل ، جليل القدر ، من أصحاب الإجماع ، عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين ، الجاحظ يحكي عنه في كتبه ، وقد ذكره في المفاخرة بين العدنانية والقحطانية ، وكان حبس في أيام الرشيد ، روى عن الرضا والجواد عليهما السلام ، اعتبر بعض العلماء مراسليه كالصحيح (معجم رجال الحديث ١٥ / ٢٩١).

(٤) إلى هذا الموضع رواه الكافي (٤ / ٥٨٧) والفقيه (٢ / ٥٩٩) وكامل الزيارات ص ٤٨٠ والشيخ المفيد في المقنعة ص ٤٩٠.

١٣٠

على الأئمة من بعيد كما يسلم عليهم من قريب ، غير أنك لا يصح أن تقول أتيتك زائرا ، بل تقول في موضعه قصدتك بقلبي زائرا» (١).

قال في (البحار) (٢) : «قوله «ويسلم على الأئمة» إلى آخر الكلام ، من كلام (الشيخ) (٣) وليس من تتمة الخبر كما يظهر من الكفعمي».

ولا يخفى أن ما ذكره رحمه الله خلاف الظاهر (٤) ، إذ لو كان الأمر كما ذكره لكان على (الشيخ) أن يقول «قال (محمد بن الحسن) : ويسلم على الأئمة» كما هو دأبه في التهذيب ، فقرب بين كلامه وبين الخبر ، ومجرد عدم هذه التتمة في رواية في لا يدل على ما ذكره ، إذ هذا النحو من الاختلاف بين المشايخ الثلاثة (٥) في نقل الخبر كثير جدا ، وعلى فرض كونه من كلام (الشيخ) كان مأخوذا من رواية (المفيد) كما مر.

__________________

(١) من قوله «ويسلم على الأئمة» إلى نهاية الخبر نقله الشيخ المفيد قدس سره في مزاره ص ٢١٥.

(٢) البحار (٩٨ / ٣٧٠).

(٣) أقول إن كان كذلك فالقول هنا أولى أن ينسب إلى الشيخ المفيد قدس سره لأنه قال بنفس هذا القول في مزاره كما تقدم ، ومن المعلوم أن المفيد شيخ الطوسي.

(٤) ذهب إلى قول العلامة المجلسي أيضا الشيخ أبو المعالي الكلباسي في رسائله الرجالية (٤ / ٢٦٧) حيث قال بعد نقله للرواية : «حيث إن التبديل المذكور فيه من الشيخ على الأظهر كما جرى عليه في البحار وتحفة الزائر وزاد المعاد ، على ما حررنا الكلام فيه في الرسالة المعمولة في شرح زيارة عاشوراء ، لكن زعم المحدث الحر في الوسائل ، وكذا الكفعمي في بعض تعليقات كتابه أن ذلك من أجزاء الحديث ؛ حيث إنه روى كل منهما العبارة المذكورة في باب التبديل تتمة للرواية».

(٥) أي ثقة الإسلام الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي (قدس الله أسرارهم).

١٣١

وقد أورد (ابن طاووس) (١) رضي الله عنه في (فرحة الغري (٢)) (٣) زيارة من علي بن الحسين لقبر أمير المؤمنين عليه السلام وفي أخرها : «اللهم فاستجب دعائي واقبل ثنائي وأعطني جزائي واجمع بيني وبين أوليائي بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلخ» ثم قال «قال الباقر عليه السلام : ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام أو عند قبر أحد من الأئمة إلا وقع في درج من نور إلى آخر الخبر» ، ثم قال رحمه الله «وإذا كان الإنسان علويا فاطميا جاز أن يقول كما فيها من قوله آبائي ، وإن لم يكن كذلك فليقل ساداتي» ، مع أنه قابل للتوجيه أيضا من دون حاجة إلى التبديل ، نظرا إلى ما روي من قوله عليه السلام : «أنا وعلي أبوا هذه الأمة» ، في أخبر مستفيضة مذكورة في (تفسير الإمام) (٤) عند قوله تعالى

__________________

(١) عبد الكريم بن أحمد بن موسى بن جعفر (..) بن طاووس الحسني العلوي ، ولد في شعبان سنة ٦٤٧ ه ـ في الحائر الحسيني ثم درس في مدينة بغداد ، تتلمذ على يد عمه السيد رضي الدين ابن طاووس الشهير (م ٦٦٤ ه ـ) ، وعلى يد المحقق الحلي (ت ٦٧٦ ه ـ) ، والخواجه نصير الدين الطوسي (ت ٦٧٢ ه ـ) ، من أهم تلاميذه ابن داوود الحلي (صاحب الرجال م ٧٤٠ ه ـ) ، كان شاعرا منشئا أديبا حافظا للسير والأحاديث والأخبار والأشعار توفي في شوال ٦٩٣ ه ـ وكان عمره ٤٥ سنة ، اختلف في مكان قبره فقيل في الحلة وقيل في النجف الأشرف (من مقدمة فرحة الغري).

(٢) فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين بالغري أقام فيه البراهين الكثيرة الجليلة عن أهل البيت على تعيين قبره في النجف الأشرف ويتضمن الكتاب وقائع تاريخية مهمة ، رتبه على مقدمتين وخمسة عشر بابا ، الأبواب الإحدى عشر الأولى فيما ورد عن أهل البيت عليهم السلام ابتداءا برسول الله صلى الله عليه وآله إلى العسكري عليه السلام ، ثم أتبعه بما ورد عن زيد بن علي والمنصور والرشيد وأعيان العلماء ، ثم اختتمه بقصص وكرامات حدثت عند الضريح المقدس ، طبع على الحجر في إيران ملحقا بمكارم الأخلاق للطبرسي سنة ١٣١١ ه ـ ، ثم في النجف الأشرف سنة ١٣٦٨ ه ـ ، ثم محققا في قم المقدسة بتحقيق السيد تحسين آل شبيب ونشر مركز الغدير.

(٣) فرحة الغري ص ٤٠ وعنه البحار (١٤ / ٣٩٥).

(٤) تفسير الإمام العسكري عليه السلام ص ٣٣٠ ، ورواه الثقفي في الغارات (٢ / ٧١٧) ، والصدوق =

١٣٢

(وبالوالدين إحسانا) [الإسراء ٢٣] ، ومن المعلوم أن ما ثبت لهما من منقبة وولاية على الأمة فهو ثابت لأولادهما الحجج على الخلق ، ومن هذا القبيل ما في زيارة الجامعة (١) من قوله : «وإلى جدكم بعث الروح الأمين ، وإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقل : وإلى أخيك بعث الروح الأمين» ، هكذا في (الفقيه) (٢) ، وظاهره أن هذا التبديل (٣) من العسكري عليه السلام (٤) لا من (الصدوق) رحمه الله كما يظهر لمن لاح عبارة الرواية.

وبالجملة فالإشارة إلى خصوص يوم الشهادة أو يوم الزيارة غلط واضح ، وكذب ظاهر لا ينبغي صدوره عن العالم إلا غفلة كما يأتي التنبيه عليه.

نعم ، بقي في المقام احتمال ثالث لعله يمكن معه تصحيح الإشارة ، وهو أن يشار بكلمة (هذا) إلى يوم عاشوراء الكلي المتكرر في كل سنة ، فالمعنى الكلي الذي يراد من لفظ يوم عاشوراء هو الذي يشار إليه بهذا ، لا فرق

__________________

= في الأمالي ص ٦٥ و ٤١١ و ٧٥٥ وعلل ال شرائع ص ١٢٧ وعيون أخبار الرضا (٢ / ٩١) وكمال الدين (١ / ٢٦١) ومعاني الأخبار ص ٥٢ ، وروضة الواعظين (١ / ٢٤٧) وابن شهر آشوب في المناقب (٢ / ٣٠٠) وابن البطريق في العمدة ص ٣٤٥ ومحمد بن أحمد القمي في مائة منقبة ص ٤٦ والبحار (٢٣ / ٢٥٩) وغيرهم.

(١) رواها الصدوق في الفقيه (٢ / ٦١٥) وعيون أخبار الرضا (٢ / ٢٧٦) والشيخ في التهذيب (٦ / ٩٩) والمشهدي في المزار ص ٥٣٢ والكفعمي في البلد الأمين ص ٣٠٢ والبحار (٩٩ / ١٣١).

(٢) أي كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق قدس سره.

(٣) ورد هذا التبديل في جميع المصادر ما عدا مزار المشهدي.

(٤) الزيارة مروية عن الإمام الهادي عليه السلام لا عن الحسن العسكري عليه السلام ، اللهم إلا إذا أراد بالعسكري علي الهادي عليه السلام.

١٣٣

بينهما إلا في التعبير ، ويصح الحكم على ذلك المعنى بأنه يوم قتل الحسين عليه السلام يوم تبرك الأعداء وفرحهم من دون لزوم كذب ، لكن لا يخفى أنه تبديل معنوي في مدلول الإشارة ، إذ لا ريب أن مدلولها في يوم عاشوراء الذي هو محل ورود هذه الزيارة ، ومورد تعليم الإمام للراوي هو اليوم الشخصي ، وفي غيره من سائر الأيام بناء على الاحتمال المزبور هو اليوم الكلي ، فاختلف مدلول الإشارة في الوقتين ، فلزم الخروج عن المأثور مع أن الأمر بالتبديل ولزومه في عبارة دعاء الوداع على ما دل عليه ظاهر صيغة الأمر في رواية (المفيد) عن الصادق عليه السلام كما عرفت ، مع أنه أقرب إلى التوجيه من دون تبديل مستلزم للأمر به ولزومه هنا أيضا ، وكذا سائر ما تلونا عليك من رواية (التهذيب) ، ورواية (ابن طاووس) ، فلا يجوز الاقتصار على خصوص المأثور تعويلا على التأويل المزبور ، إذ لو جاز ذلك فلا داعي إلى التبديل والأمر به ، فالأمر يكشف عن عدم الجواز.

فإن قلت : عمل (صفوان) مع تصديق (سيف بن عميرة) ظاهر في الاقتصار على المأثور وعدم التبديل ، إذ لو كان هناك تبديل مخالف لما سمعه من (علقمة) يتعرض له ، كما يتعرض له للدعاء ، وهو دليل على جواز الاقتصار على المأثور ، فإذا جاز فلا داعي إلى التبديل.

قلت : التبديل إلى ما يناسب حال الزائر وزمانه ومكانه إذا كان من مقتضيات لغتهم وقواعد لسانهم حذرا من لزوم الكذب والغلط ، فليس

١٣٤

(لصفوان) التعرض له والاعتراض عليه ، ولا ينافي ذلك المأثور ولا يخالفه ، كما لو فرضنا أن امرأة دعت بدعاء كميل (١) في مسمع منه فبدلت المشتقات المذكرة بما يناسب حالها من صيغ التأنيث ، فسئلها (كميل) : من أين هذا الدعاء؟! فقالت : سمعته من أمير المؤمنين كما سمعت ، فليس (لكميل) أن يعترض عليها بأن ما ذكره عليه السلام إنما هو بالصيغ المذكرة ، وأنت بدلتها بالمؤنث ، بل يصدق على هذا الدعاء مع التبديل المزبور أنه مأثور.

ثم إن بعض مشايخنا من أكابر أهل العصر وأعاظمهم ، بل من أوتادهم وأطوادهم ، كتب على الزيارة مختصرا بالفارسية في عدة أوراق قليلة معدودة وصرح فيه بجواز الإشارة إلى خصوص يوم الزيارة في غير يوم عاشوراء وأصر عليه ، فلا بد من نقل عبارته ليتضح ما فيها قال رحمه الله : «وشبهه نيست در اينكه از روز وقوع اين حكايت جان سوزاز براى بنى اميه تا مدت مديد هر روز روز شادى وهنگام مبارك بادى بوده پس اگر نسبت به ايام ماه ملاحظه كنى لا محالة آن يوم از جمله تبرك جسته ايشان است بلكه نسبت به سال اگر ملاحظه كني يك ملاحظه چنين خواهد بود پس

__________________

(١) دعاء كميل وهو دعاء الخضر عليه السلام قال الشيخ في مصباح المتهجد ص ٨٤٤ «روي أن كميل بن زياد النخعي رأى أمير المؤمنين عليه السلام ساجدا يدعو بهذا الدعاء ليلة النصف من شعبان» وهذا الدعاء مشهور جدا قد نقل في كتب الأدعية. وكميل بن زياد النخعي من أجلة أصحاب أمير المؤمنين والحسن عليهما السلام ، وهو من السابقين المقربين من أمير المؤمنين ، قتله الحجاج بعد أن اتهمه في من شارك بقتل عثمان بن عفان قيل في سنة ٤٣ ه ـ وقيل في سنة ٨٣ ه ـ (مستدركات علم رجال الحديث ٦ / ٣١٤).

١٣٥

اگر (هذا) اشاره كرده شود بخود همان يوم غير عاشورا صحيح خواهد بود چنانكه تجويز امام عليه السلام نيز ظاهر در اينست وكاشف از اين است كه هر روز با عبارتى محل تبرك ايشان واقع شد وميتوان توجيهى ادق از اين نمود وآن اينست كه هر يك از اين ايام هفته لا محالة روز عاشورا اتفاق افتاد وباين اعتبار كه يوم عاشورا يوم تبرك ايشان است هر يك از ايام هفته يوم تبرك ايشان واقع شد ...» (١) إلى آخر ما قال ..

ولا يخفى عليك ما فيه ، إذ فرق ظاهر بين ما «فيه» التبرك والفرح ، وبين ما «به» التبرك والفرح ، وما ذكره إنما يصح على الأول دون الثاني ، وعبارة الزيارة هو الثاني دون الأول ، كما أن من المعلوم أن كل يوم بعد قتله عليه السلام يوم مصيبة للشيعة بمعنى ما «فيه» المصيبة ، لا ما «به» المصيبة ، والعجب أنه رحمه الله بعد العبارة المذكورة قال مجملا : «اشارة به خود آن يوم هم صحيح است آن قدر هست كه در يوم عاشورا اگر بخواهيم تقديرى كنيم صله محذوفه بقتلهم الحسين عليه السلام لفظ في ميشود بخلاف غير آن روز كه بايد

__________________

(١) وترجمته بالعربية «لا شبهة في أن يوم وقوع هذه الحادثة المؤلمة والمفجعة للنفس ، كان لبني أمية منذ أمد بعيد وطويل يوم فرح وسرور يتباركون فيه ، ثم إنه بالنسبة لأيام الأسبوع تلاحظ لا محال أنهم يتباركون فيه ، بل وهكذا بالنسبة لأيام السنة إذا لاحظته بهذا النحو ، فإذا كان (هذا) إشارة إلى كل يوم غير عاشوراء ، فهو صحيح ، كما يظهر من إرادة كلام الإمام عليه السلام وكاشف عنه ، باعتباره إلى كل مكان يتبرك في ذلك اليوم ، ولكن نستطيع أن نوجهه توجيها أدق من هذا المعنى ، وهو إن كل يوم من أيام هذا الأسبوع لا محالة بمثابة يوم عاشوراء ، وبهذا الاعتبار يكون يوم عاشوراء تبركهم فيه ، فيكون كل يوم من أيام الأسبوع يتبركون فيه ...».

١٣٦

نسبت به آن روز از براى قتلهم صله ومتعلقى في يوم عاشورا تقدير نمود» (١).

وأنت خبير بأن مال العبارة على ما ذكره إلى أن «هذا يوم فرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم الحسين عليه السلام» في يوم عاشوراء فإذا كان القتل في يوم عاشوراء ، فكيف يكون الفرح بهذا اليوم ، بل يجب أن يكون بيوم عاشوراء ، نعم يكون فرحهم في هذا اليوم بسبب قتلهم الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء.

ثم إن بعض الشارحين قد بالغ في لزوم الاقتصار على لفظ الإشارة والمنع من التبديل قياسا لما نحن فيه على بعض الدعوات المطلقة.

ففي رواية (٢) (عبد الله بن سنان) عن الصادق عليه السلام أنه قال : «ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ولا إمام هدى ، لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق.

قلت : وكيف (٣) دعاء الغريق؟ قال : تقول يا الله يا رحمان يا رحيم ، يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك.

__________________

(١) وترجمته بالعربية : «الإشارة إلى ذلك اليوم يكون صحيحا ، وبهذا المقدار أن يوم عاشوراء إذا أردنا أن نقدر الصلة المحذوفة ـ قتلهم الحسين ـ بخلاف غير ذلك اليوم الذي يجب بالنسبة إلى ذلك اليوم بتقدير متعلق (في يوم عاشوراء) وهو قتلهم».

(٢) كمال الدين (٢ / ٣٥١) ، إعلام الورى (٢ / ٢٣٨) وعن كمال الدين البحار (٥٢ / ١٤٨).

(٣) كذا في المصادر وفي الأصل «وما دعاء».

١٣٧

فقلت : يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ، فقال : إن الله [عز وجل] مثلب القلوب والأبصار ولكن قل كما أقول».

وفي رواية (١) (إسماعيل بن الفضل) (٢) قال : «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل (وسبح بحم ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) [طه ١٣٠] فقال عليه السلام : فريضة على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

قال فقلت : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ويميت ويحيي ، فقال : يا هذا ؛ لا شك في أن الله يحيي ويميت ويميت ويحيي ولكن قل كما أقول».

ولا يخفى عليك فساد القياس المزبور لأن التبديل فيما نحن فيه إنما هو لداعي تصحيح الاستعمال وبدونه لا يكاد يصح ، وأما الزيادة المزبورة في عبارة الذكر والدعاء فلا داعي لها أصلا ، لصحة الكلام وتماميته واستقامته بدونها ، ولا يختلف حاله باختلاف أحوال الذاكر والداعي ، فهذه الزيارة محض جسارة من الراوي في مطلقات الأدعية والأذكار المأثورة الموظفة كما

__________________

(١) الخصال (٢ / ٤٥٢) وعنه الوسائل (٧ / ٢٢٦) والبحار (٧٩ / ٣٢٣) و (٨٣ / ٢٥٠).

(٢) إسماعيل بن الفضل بن يعقوب بن الفضل بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ، ثقة ، من أهل البصرة ، من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام (معجم رجال الحديث ٤ / ٧٩).

١٣٨

لو زاد تسبيحة واحدة على التسبيحات الأربع كالعظمة لله مثلا ، والإمام عليه السلام أعلم من هذا الراوي الجاهل بخصوصيات الكلام زيادة ونقصانا من حيث الآثار والخواص المترتبة عليه دنيا وآخرة في مقام تعليم الأذكار والأدعية المطلقة لتلك الآثار ، نظير هذا ما لو وصف الطبيب معجونا فزاد فيه أجنبي جاهل أو نقص ، هذا كله كما ترى مما لا ربط له بالمقام ، فقياسه عليه خطأ ظاهر وغفلة واضحة.

١٣٩

[شرح «وهذا يوم فرحت به آل زياد ...»]

قوله عليه السلام : * (وهذا يوم فرحت به آل زياد ... إلخ) *

متى بدل كلمة (هذا) فيما مضى بيوم عاشوراء بدلها هنا ب ـ (هو) إرجاعا له إلى يوم عاشوراء.

قوله عليه السلام : * (وأيام حياتي) *.

بالجر والنصب عطفا على محل الجار والمجرور كقوله تعالى (وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) [هود ٩٩].

وإذ قد فرغنا عن شرح عبارات الزيارة فلنرجع إلى شرح ألفاظ اللعن والسلام والذكر ودعاء الوداع :

١٤٠