مراح الأرواح

المؤلف:

أحمد بن علي بن مسعود حسام الدين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤

يقع (١) الفتحة (٢) على الياء الضعيف مع ضعفها.

وشدّد نون : «هنّ» لما مرّ في : ضربتنّ.

واثنا عشر (٣) للمنصوب المتصل ، نحو : ضربه (٤) إلى ضربنا.

ولا يجوز فيه اجتماع ضميري الفاعل والمفعول في : ضربتك (٥) ، وضربتني ،

______________________________________________________

الهاء للفرق بينهما ، ثم جعل الواو ياء لكسر ما قبلها فتأمل. اه من الإيضاح.

(١) قوله : (حتى لا يقع ... إلخ) هذا يشير إلى أن الفتحة على الياء في التثنية سبب لجعلها ميما وليس كذلك ، فإن رحيان وحبليان بالياء المفتوحة ولا يجوز قلبها ميما فيهما ، قلت : هذا الحكم في المضمر دون المظهر بمعونة المقام فلا يرد رحيان وحبليان ؛ لأن المظهر قوي وأصل فيتحمل الحركة ياؤه دون المضمر ، لأنه فرع وضعيف فلا يتحمل ياؤه الحركة فافترقا فافهم. اه عبد الباقي.

(٢) فيه أولا أنه يقتضي عدم صحة فتحة ياء هي كما لا يخفى ، وثانيا أن الفتحة أخف الحركات فلا بأس بوقوعها على الياء ، أجاب عن الأول : نعم إلا أن الفتحة للضرورة والضرورات تبيح المحظورات. تشريح الضرورة أن الياء في هي لو لم تفتح فإما أن تكسر أو تضم أو تسكن ففي الأولين اختيار الثقل بدون الداعي ، وفي الثّاني من الالتباس بالمذكر لفظا في مثل به وفيه وعليه وغلامه ، وإن لم يكن صورة ؛ إذ الياء قد تكتب فلا جرم فتحت.

وعن الثّاني أن الفتحة من حيث إنها حركة لا تخلو عن الثقل وإن كانت أخف الحركات في الواقع ، فكأن المصنف أشار بقوله : على الياء الضعيف ... إلخ ، إلى أن ضعف الياء بمرتبة لا يتحمل ثقل الفتحة التي هي أخف الحركات ، والأولى أن يقال في وجه عدم إيقاع الفتحة على الياء في التثنية بأن فيه إما الثقل فإنه حينئذ يصير هيا ، وإمّا الالتباس بهي للمفرد عند إشباع فتحة الياء بخلاف هما إذا ليس فيه ثقل ما في هيا كما لا يخفى ، وكذا خوف الالتباس ؛ لأن الميم شفوي والياء وسطى فافهم. اه عبد الأحد.

(٣) ولما فرغ من الضمير المرفوع متصلا ومنفصلا شرع في المنصوب فبدأ بمتصله فقال : واثنا ...

إلخ. اه لأنه أصل من المنفصل اه. فلاح.

(٤) قوله : (ضربه إلى ... إلخ) أي : ضربه ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربهن ضربك ضربكما ضربكم ضربك ضربكما ضربكن ضربني ضربنا. فالصيغة المذكورة أربعة عشر ، والضمير اثنا عشر بسبب اشتراك التثنيتين كما في المرفوع ، وقس عليه التثنية نحو ضرباه ضرباهما ضرباهم ... إلخ. والجمع نحو ضربوه ضربوهما ضربوهم وقس على الماضي المضارع نحو يضربه ويضرباه ويضربوه. اه فلاح.

(٥) قوله : (ضربتك) فالتاء ضمير الفاعل والكاف ضمير المفعول وكلاهما عبارة عن ـ

٨١

حتى لا يصير (١) الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة ، إلا في (٢) أفعال (٣) القلوب (٤) ، نحو : علمتك فاضلا ؛ لأن المفعول الأول ليس بمفعول (٥) في

______________________________________________________

الخطاب. وضربتني بضم التاء ، فالتاء ضمير الفاعل والياء ضمير المفعول وكلاهما عبارة عن المتكلم. اه. حنفية.

(١) قوله : (حتى لا يصير ... إلخ) أي : لو جاز اجتماعهما يلزم صيرورة الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة فلا يقال : ضربتك وضربتني بل يقال : ضربت نفسك وضربت نفسي.

فإن قيل : كثيرا ما يضرب شخص واحد نفسه عند التأسف والحزن وغير ذلك فما معنى كلامه؟.

قلنا : معناه أنه لا ينبغي أن يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا ، وإن كان يوجد كذلك في حالة واحدة ، والسّرّ في ذلك أن الفاعل ما صدر عنه الفعل ، والمفعول ما وقع عليه الفعل ، فبينهما مغايرة ، فالأحرى أن لا يوجد في شخص واحد.

فإن قيل : إذا قلت : ضربت نفسي يلزم أيضا كون الشخص الواحد فاعلا ومفعولا فكما لا يصح ضربتني ينبغي أن لا يصح ضربت نفسي؟.

قلنا : قوله في حالة واحدة يفيد صحة هذا التركيب ، وذلك لأن النفس في قولنا : ضربت نفسي كناية عن الفاعل لا عينه ، لأنه اسم ظاهر غير موضوع للمتكلم ، بخلاف ياء المتكلم فإنه عبارة عنه ، فذكر النفس حالة غير حالة ياء المتكلم فيصح التركيب بخلاف ضربتني ، فإن الفاعل والمفعول به فيه ليسا بمتغايرين ؛ لاتحادهما من حيث كل واحد منهما ضميرا متصلا.

اه حنفية بنبذ من الإيضاح.

فإن النفس بإضافتها إلى ضمير ياء المتكلم صارت كأنها غيره ؛ لغلبة مغايرة المضاف والمضاف إليه ، فصار الفاعل والمفعول به فيه متغايرين بقدر الإمكان. اه من الإيضاح.

فإن قيل : إن الضرب في قولنا : ضربتني كما تعلق بكل من الفاعل والمفعول ، فكذا العلم بهما في قولنا : علمتك فاضلا فلا فرق بينهما؟.

قلنا : فرق بينهما فإن الضرب تعلق بهما معا في حالة واحدة ، بخلاف أفعال القلوب ، فإن العلم مثلا تعلق أولا بالفاعل ثم بالمفعول ، لكن لا مطلقا بل في حالة كون المفعول متصفا بالفضل وهو مضمون الجملة ، فكان الأول في حكم السقوط والمقصود هو الثّاني ، وإنما ذكر الأول لترتّب الثّاني فحسب. اه حنفية.

(٢) قوله : (إلا في أفعال ... إلخ) فيه أن أفعال القلوب قد خرج بقوله : في حالة واحدة ، والجواب أنه تصريح بما علم ضمنا ، وهذا ليس بعزيز في كلامهم لا سيما في هذا الكتاب. اه غلام رباني.

(٣) وما أجري مجرى أفعال القلوب نحو فقدتني وعدمتني ؛ لأنهما نقيضا وجدتني فحملا ـ

٨٢

الحقيقة ، ولهذا قيل في تقديره (١) : علمت فضلك (٢) ، وعلمت فضلي.

واثنا عشر للمنصوب المنفصل ، نحو : إيّاه (٣) ضرب (٤) إلى إيّانا ضربنا.

______________________________________________________

عليه حملا للنقيض على النقيض ، وكذلك أجرى رأى البصرية والحلمية على رأى القلبية. اه جلال الدين.

(١) وهي سبعة بالاستقراء علمت ، ورأيت ، ووجدت ، وظننت ، وحسبت ، وخلت ، وزعمت ، وإنما سميت بها ؛ لأن الثلاثة الأول لليقين ، والباقي للشك وكل منهما فعل القلب. اه ف.

قوله : (ليس بمفعول في الحقيقة) لأن المفعول في الحقيقة مضمون الجملة لتعلق معنى الفعل به ، فإنك إذا قلت : علمت زيدا فاضلا ، فمتعلق علمك ليس زيدا ولا فاضلا وحده بل هو زيد من حيث إنه فاضل ، وهذا معنى قولهم : وضع أفعال القلوب لمعرفة الشيء بصفته ، فلما لم يكن الضمير الأول وحده ، والثّاني وحده مفعولا حقيقة ، جاز اتفاقهما في كون كل واحد منهما ضميرا متصلا فقوله : إلا في أفعال القلوب استثناء متصل من قوله : لا يجوز اجتماع ضميري الفاعل والمفعول بحسب الظاهر لا بحسب الحقيقة تدبر.

ومما حققناه من أن المفعول في الحقيقة مضمون الجملة ... إلخ ظهر بطلان ما قال بعض الشارحين من أن تعلّق أفعال القلوب في الحقيقة بالمفعول الثّاني لا بالمفعول الأول ، فكأن الأول غير موجود ، لأنك إذا قلت : ظننت زيدا قائما فالمظنون هو القيام لا ذات زيد. اه فلاح شرح مراح.

(٢) أي : في تقدير كل واحد من المثالين من علمتك فاضلا ، وعلمتني فاضلا. اه فلاح مع عبد.

(٣) بجعل المفعولين مفعولا واحدا مضافا أحدهما إلى الآخر. اه ف.

(٤) أي : إياه ضرب ، إياهما ضربا إياهم ضربوا ، إياها ضربت ، إياهما ضربتا ، إياهن ضربن ، إياك ضربت إياكما ضربتما ، إياكم ضربتم ، إياك ضربت ، إياكما ضربتما ، إياكنّ ضربتنّ ، إياي ضربت ، إيانا ضربنا. اه ف.

(٥) قوله : (نحو إياه ضرب) وإنما قدم الضمير ؛ ليصح انفصاله ؛ لأنه لا ينفصل إلا لتعذر ، وبالتقديم يتعذر ؛ إذ الاتصال إنما يكون بالآخر ، واعلم أن النحاة اختلفوا في الضمير المنصوب فقال سيبويه والخليل والأخفش والمازني وأبو علي : إن الضمير هو إياه ؛ إلا أنّ سيبويه قال : وما يتصل به بعده حرف يتبدل على حسب المرجوع إليه من التكلم والغيبة والخطاب لكون إيا مشتركا كما هو مذهب البصريين في التاء التي بعد أن في أنت وأنتما وأنتم وأنتن كما مر ، وقال الخليل والأخفش : ما يتصل به اسما أضيف إيا إليها وهو ضعيف لأن الضمائر لا تضاف ، وقال الزجاج والسيرافي : إيا اسم ظاهر مضاف إلى المضمرات ، فكأن إياك بمعنى نفسك ، وقال قوم من الكوفيين : إياك وإياه وإياي أسماء بكمالها وهو ضعيف ؛ إذ ليس في الأسماء الظاهرة والمضمرة ما يختلف آخره كافا وهاء وياء. ـ

٨٣

واثنا عشر للمجرور (١) المتصل (٢) ، نحو : ضاربه (٣) إلى ضاربنا (٤).

وفي مثل : «ضاربيّ» (٥) أصله : «ضاربون» جعل الواو ياء ثم أدغم ، كما في : «مهديّ» (٦) أصله : مهدوي.

والمرفوع (٧)

______________________________________________________

وقال بعض الكوفيين وابن كيسان من البصريين : إن الضمائر هي اللاحقة من الكاف والهاء والياء كما كانت عند الاتصال ب : إيا ، لكن لما أرادوا انفصالها ودعموها ب : إيا لتستقل لفظا كما قالوا في أنت : إن الضمير التاء المتفرقة ، ولفظ أن دعامة لها ، قال الفاضل الرضي : وما أرى هذا القول بعيدا من الصواب في الموضعين ، هذا كله بكسر همزة إيا وقد تفتح وقد تبدل هاء مفتوحة ومكسورة نحو : هياك.

وفي الضمير المنصوب أقوال أخر غير ما ذكرناه تركتها ؛ لئلا يطول الكلام. اه من الفلاح بزيادة من الإيضاح.

(١) ولما فرغ من المنصوب متصلا ومنفصلا شرع في المجرور فقال : واثنا ... إلخ. اه ف.

(٢) إنما أخر ذكر المجرور المتصل عن المنصوب المتصل والمنفصل ؛ لأنه ليس له منفصل فكان المنصوب فضلا فزيدت عليه. اه حنفية.

(٣) وهذا إنما يكون في الاسم دون الفعل لأنّ الجر لا يدخل على الفعل. اه حنفية.

(٤) قوله : (ضاربه إلى ضاربنا) وقس عليه تثنية المضاف نحو ضارباهما ضارباه ضارباهم إلى ضاربانا ، وجمعه نحو ضاربوه ضاربوهما ضاربوهم إلى ضاربونا.

واعلم أن الهاء في ضاربه ضمير مجرور وهو الفصيح ، وأمّا من جعله ضميرا منصوبا فلا يكون مستشهدا ومثالا لضمير مجرور متصل ، وثانيا أن الضمير المجرور المتصل على ضربين ضرب بالإضافة كما ذكره المصنف ، وضرب بالحروف الجارة نحو به بهما إلى بنا ، وعليه وعليهما وإليه وإليهما. اه أحمد مع عبد الحكيم.

(٥) أي : ضاربه ضاربهما ضاربهم ضاربها ضاربهما ضاربهن ضاربك ضاربكما ضاربكم ضاربك ضاربكما ضاربكن ضاربني ضاربنا. اه ف.

(٦) أي : في كل جمع مذكر سالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم يسقط نونه بالإضافة ، ويجتمع الواو والياء سابقهما ساكن قلبت الواو ياء. اه مولوي.

(٧) قوله : (كما في مهديّ ... إلخ) واعترض عليه بأن الحرفين إذا اجتمعا في كلمتين والأولى منهما حرف مدّ كان الإدغام ممتنعا ، كما في : (قالُوا وَما لَنا) [البقرة : ٢٤٦] لمحافظة المد.

وأجيب عنه بأن ذلك إنما يكون إذا كان حرف المد مستقلا وكان الحرفان في كلمتين مستقلتين ، وههنا ليس الأمر كذلك ، فإن الياء بمنزلة الجزء مما اتصل به فصارت الكلمتان

٨٤

المتصل يستتر في خمسة مواضع (١):

١ ـ في الغائب (٢) ، نحو : ضرب ، ويضرب ، وليضرب ، ولا يضرب.

٢ ـ وفي الغائبة ، نحو : ضربت ، وتضرب ، ولتضرب ، ولا تضرب.

٣ ـ وفي المخاطب الذي في غير الماضي (٣) ، نحو : تضرب ، واضرب ، ولا تضرب.

والياء (٤)

______________________________________________________

بمنزلة الكلمة الواحدة ، فلا يكون حرف المد مستقلا ، ولا الكلمتان مستقلتين. اه جلال الدين.

(١) ولما فرغ من بيان أبنية الضمائر وتعداد أمثلتها بأنواعها الخمسة التي ترتقي جملتها إلى ستين نوعا شرع فيما يستتر منها وفي مواضع استتارها فقال : والمرفوع. اه ف.

واحترز بالمرفوع من المنصوب متصلا كان أو منفصلا ، وعن المجرور فإنهما لا يستتران في الفعل ، وبالمتصل عن المرفوع المنفصل ؛ لأنه لا يستتر ، وإنما خصّ بالاستتار المرفوع المتصل ؛ لأنه كالجزء من الفعل ، بخلاف المرفوع المنفصل ؛ لأن المنفصل يجيء مقدما على العامل فلا يناسب استتاره ، وبخلاف المنصوب متصلا كان أو منفصلا ؛ لأنه فضلة لا يقبل عامله استتاره ، وبخلاف المجرور المتصل ؛ لأن عامله ليس بقوي حتى حمل ما في المستتر ، وأيضا يكون عامله مضافا فلا بدّ له من المضاف إليه ظاهرا. اه شرح.

(٢) سيجيء علّة استتار المرفوع المتصل في هذه المواضع الخمسة ، وعلّة عدم استتار المنصوب والمجرور ، وأمّا عدم استتار المرفوع المنفصل فلمنافاة الاستتار الانفصال ، ومما يجب أن يعلم أن الأصل في الضمائر المرفوعة المتصلة الاستتار لأنه أخصر ، ثم الإبراز عند خوف اللبس بالاستتار ؛ لكونه أخصر من الانفصال. اه ف.

(٣) قوله : (في الغائب) مع ما عطف عليه بدل من قوله : في خمسة مواضع ، أي : يستتر الضمير المرفوع المتصل في الغائب المفرد دون مثناه وجمعه ماضيا كان أو مضارعا ، مثبتا كان أو منفيا ، أمرا كان أو نهيا ، ومثل بأربعة أمثلة للإيذان إلى ما ذكرنا ، وقدم ذكر الغائب لتقدمه في الصّرف. اه فلاح مع مولوي.

(٤) وإنما قال في غير الماضي ؛ لأن المخاطب في الماضي لا يستتر فيه الضمير بل يكون بارزا مفردا أو مثنى أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا. اه ف.

قوله : (والياء ... إلخ) واعلم أن العلماء اختلفوا في ياء المؤنث المخاطبة الواحدة ، فأراد المصنف أن يبين الاختلاف ، فقال : والياء ... إلخ ، ولا يبعد أن يقال : لعل هذا القول ـ

٨٥

في : «تضربين» علامة الخطاب ، وفاعله مستتر (١) عند الأخفش (٢) ، وعند العامة هو ضمير بارز للفعل (٣) كواو : «تضربون».

وعيّنت (٤) الياء في : «تضربين» لمجيئه في : «هذي أمة الله» للتأنيث (٥) ، ولم

______________________________________________________

لدفع ما توهم من أنه ينبغي أن يقول المصنف : وفي المخاطب والمخاطبة الذين في غير الماضي ؛ ليدخل فيه تضربين فإن فاعله أيضا مستتر على ما عليه عامة أهل العربية بما خلاصته : إن عدم التعرض إلى المخاطبة لمكان الاختلاف فيه بخلاف المخاطب المفرد والله أعلم. اه حنفية بزيادة.

(١) قوله : (مستتر) إمّا لإجراء مفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها ، وإمّا لئلا يلزم أن يكون ضمير المفرد أثقل من ضمير المثنى ، مع أن القياس يقتضي أن يكون أخف. اه شمس الدين أحمد.

(٢) قوله : (عند الأخفش) قول الأخفش غير جيد ؛ لأن الياء في تضربين لو كان علامة للخطاب يلزم اجتماع العلامتين ؛ لأن التاء في أوله علامة الخطاب أيضا ، واجتماع العلامتين لشيء واحد ممتنع ، أجاب عن طرفه أن التاء وقعت في صدر الكلمة للخطاب ، وجيء الياء بعدها لتأنيث المخاطب ، ومعنى كلام المصنف على حذف المضاف يعني ياء تضربين علامة تأنيث الخطاب فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عنده فافهم. اه غلام رباني رحمه‌الله.

قوله : (عند الأخفش) إنما قدم قول الأخفش مع أنه مخالف لقول العامة ؛ لأنه أدخل في البحث وهو بيان مواضع استتر الضمائر فيها ، وهو حاصل فيه دون قول العامة ، لأنهم يقولون بأنها ضمير بارز لا مستتر.

واعلم أن ما نقله المصنف عن الأخفش غير مطابق لمذهبه ؛ إذ الياء في تضربين عنده علامة التأنيث لا علامة الخطاب ، إذ علامة الخطاب التاء ، قال الفاضل الرضي : قال الأخفش : إن الياء في تضربين ليس بضمير بل حرف تأنيث ، كما قيل في هذي. اه عبد الحكيم مع فلاح.

(٣) فالتاء علامة الخطاب عندهم ، وأمّا عند الأخفش فيجوز أن يكون علامة التأنيث فقط فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عنده. اه ف.

(٤) قوله : (وعينت الياء ... إلخ) لما كان للقائل بأن يقول : إن الأخفش لم عيّن الياء لعلامة الخطاب المؤنث ، وأية مناسبة لها بالمؤنث؟ فقال : وعينت ... إلخ. اه حنفية.

(٥) قوله : (للتأنيث) فلما احتيج إلى إبراز ضمير المؤنث ناسب إبراز ما كان علامة للتأنيث في الأصل ، واعترض عليه بأن الياء يجوز أن يكون بدلا من الهاء في هذي فلا يكون حينئذ للتأنيث ، وردّ بأنه لا يضر كونه للتأنيث أن يكون بدلا من الهاء ؛ إذ يكفي مجرد كونه علامة التأنيث أصليا كان أو مبدلا.

وأقول في هذا الجواب نظر ؛ إذ الياء على تقدير كونه مبدلا من هاء هذه لا يدل على التأنيث بل الدال عليه حينئذ هذي بصيغته كهذه فافهم. اه فلاح.

٨٦

يزد (١) من حروف : «أنت» شيء للالتباس (٢) في الألف بالتثنية ، واجتماع النونين (٣) في النون ، وتكرار (٤) التائين في التاء.

وأبرز الياء (٥) للفرق (*) بينه وبين جمعه ، ولم يفرق (٦) بحركة ما قبل (٧) النون

______________________________________________________

(١) قوله : (ولم يزد ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : لما كان تحت تضربين أنت مستترا ينبغي أن يزاد من حروف أنت لدلالته على المخاطبة ، كما زدتم في المخاطب منها ، بأن عدم الزيادة للالتباس ... إلخ ، ولا شك أن الالتباس يلزم صورة لا حقيقة ، فإن في أنت همزة لا ألف لكن صورتها صورة الألف ؛ لكونها في أول الكلمة. اه من الإيضاح.

(٢) قوله : (للالتباس ... إلخ) يعني لو زيدت حرف من حروف أنت فلا يخلو ، إمّا أن يكون الزائد هو الألف أو النون أو التاء لا سبيل إلى شيء منها ، أمّا الأول فللالتباس بالتثنية نحو تضربان ، وأما الثّاني فما أشار إليه المصنف بقوله : واجتماع النونين في النون ، وأمّا الثّالث فما أشار إليه بقوله : وتكرار التائين في التاء. اه مهدي.

(٣) قوله : (واجتماع ... إلخ) أحدهما النون المزيدة ، والثّاني علامة الرفع ، واستكرهوا ذلك ؛ لأنه يوجب الثقل فلا يصار إلى ما يؤدي إليه ، وتكرار التاءين الأولى تاء الخطاب ، والثانية تاء الضمير نحو تضربتن ، فإن التكرار أيضا مفض إلى الثقل ، ثم الفرق بين اجتماع الحرفين وتكرارهما أن الأول هو الاتصال بينهما بدون توسط حرف آخر سواء كانتا في أول الكلمة أو آخرها كمدد وبرر وددن ، والثّاني هو الاجتماع بينهما مع توسط الحرف الآخر نحو قلق. اه عبد الله.

(٤) قوله : (وتكرار التاءين ... إلخ) لا يخفى ما فيه مما يفهم منه وهو كون التاءات أربعة.

والجواب أن الكلام محمول على حذف المضاف ، أي : تكرار أحدهما. اه إيضاح.

(٥) قوله : (وأبرز ... إلخ) جواب سؤال مقدر ، وهو أن يقال : بأنه إذا لم يمكن زيادة حرف من حروف أنت لما ذكر فالمناسب أن يستتر فيها ضمير الفاعل طردا لباقي المفردات من المضارع ، وقد أبرز فيها فما ذا ، وتقرير الجواب ظاهر. اه عبد الأحد رحمه‌الله تعالى.

(*) قوله : (للفرق ... إلخ) يعني لو لم يبرز الضمير في الواحدة المخاطبة فيقال : تضربن فتلتبس بالجمع المؤنث المخاطبة منه وهو تضربن ، فلذلك ترك الاستتار. اه حنفية شرح مراح.

(٦) قوله : (ولم يفرق ... إلخ) جواب سؤال هو أنه إذا كان المطلوب الفرق بينهما فقد يحصل هذا بتحرك ما قبل النون في الواحدة المخاطبة بالكسر وهو الباء ، وبسكون ما قبله في الجمع ، فلم لم يفعل كذلك بما ترى. اه مهدية بتصرف.

(٧) في تضربين بأن يكون ما قبل نون المخاطبة متحركة على تقدير استتار الياء وما قبل نون الجمع ساكنا. اه مولوي.

٨٧

حتى لا يلتبس (١) بالنون الثقيلة (٢) والخفيفة في الصورة (٣) ، ولا بحذف (٤) النون حتى لا يلتبس بالمذكر (٥) المخاطب.

٤ ـ وفي المضارع المتكلم ، نحو : أضرب ، ونضرب.

٥ ـ وفي الصفة (٦) ،

______________________________________________________

(١) يعني لو اكتفى بحركة ما قبل النون في الواحدة لالتبس بالمخاطبة المؤكدة بالنون الثقيلة. اه حنفية.

(٢) قوله : (بالنون الثقيلة ... إلخ) وذلك لأن ما قبل النون الثقيلة لا يكون إلا متحركا فلا يمكن تحريكها بالضم ؛ لئلا يلتبس بالجمع المذكر نحو تضربنّ ، ولا بالفتح لئلا يلتبس بالواحد نحو تضربنّ ، ولا بالكسر لئلا يلتبس بنفسه عند اتصال النون الثقيلة نحو تضربن.

وفيه تساهل ؛ إذ حق العبارة أن يقال : بالمخاطبة المؤكدة بالنون الثقيلة ؛ لأن الالتباس الصوري إنما هو بهذه لا بنفس النون الثقيلة ، لكنه تسامح بناء على ظهور المراد. اه مولوي مع فلاح.

(٣) قوله : (في الصورة) اعلم أن اعتبار الالتباس الصوري غير سديد فإنه لو اعتبر لامتنع كثير من الصور نحو ضربت بفتح التاء للمخاطب وبكسرها للمخاطبة وكذا بالضم للمتكلم ، وبالإسكان للغائبة كذا في الحنفية ، والحق في الجواب أن هذه نكات بعد الوقوع والحاكم بذلك في الحقيقة هو الواضع. اه ملا غلام رباني.

(٤) قوله : (ولا بحذف ... إلخ) جواب لما يقال : لم لم يفرق بين الواحدة المخاطبة أعني تضربين ، وجمعها وهو تضربن بحذف النون المخاطبة مع عدم إبراز الياء ، فيصير تضرب بما ترى. اه حنفية.

(٥) قوله : (بالمذكر ... إلخ) فيه أن الالتباس على تقدير حذف النون بالمؤنث الغائبة أيضا ، فلا وجه لتخصيص المذكر ، والجواب أن المؤنث فرع المذكر والتباس الفرع بالأصل أشد ، فالتخصيص بالمذكر لشناعة التباسه ، ولا كذلك الالتباس بالمؤنث الغائب ، مع أن الالتباس بها متحقق في صيغة المذكر المخاطب ، فإذا لم يبال بذلك الالتباس في المذكر المخاطب الذي هو الأصل ، فكيف يبالي لهذا الالتباس في صيغة المؤنث المخاطبة ، فكان هذا الالتباس لعدم اعتباره في المذكر غير معتد به. اه مولوي غلام رباني.

(٦) قوله : (وفي الصفة) المراد بالصفة ههنا ما يكون اسما مشتقا وهو أربعة ، اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل ، وإنما سميت صفة لدلالتها على اتصاف الذات بالمصدر ، فإن معنى قولك : ضارب مثلا ، ذات متصف بالضرب يعني يستتر الضمير في الصفة مفردا كان أو مثنى أو مجموعا ، مذكرا كان أو مؤنثا. اه فلاح.

٨٨

نحو : ضارب وضاربان (١) وضاربون.

واستتر في المرفوع دون المنصوب والمجرور ؛ لأنه (٢) بمنزلة جزء الفعل ، واستتر في المفرد الغائب والغائبة دون التثنية والجمع ؛ لأن الاستتار (٣) خفيف ، فإعطاء الخفيف للمفرد السابق أولى (٤) ، ودون المتكلم والمخاطب اللذين في

______________________________________________________

(١) قوله : (وضاربان ... إلخ) وهند ضاربة ، وهندان ضاربتان ، وهندات ضاربات.

قال بعض المحققين : وإنما استتر في الصفات فإن الصفة إن كان مذكرا واحدا تدل على أن فاعله واحد مذكر ، وكذا إذا كان مثنى أو مجموعا يدل على تثنية فاعله وجمعه ، وكذا الحال في الصفة إذا كانت مؤنثا ؛ لأن الصفات تكون مطابقة للموصوف وهو فاعل الصفة ، فبعد وجود الدلائل الدالة على أحوال الفاعل في هذه الأمثلة لا حاجة إلى الإبراز ، ولا شك أن عدم الإبراز في الكل يدل على أن فاعل الكل مستتر.

وقال بعضهم : إنما استتر في الصفات ؛ لأن الألف والواو في التثنية والجمع ليسا بضمير كما يجيء فلو أبرز الألف في التثنية والواو في الجمع يلزم اجتماع الألفين والواوين ، فاستتر الألف في الجمع المذكرين ، وكذا استتر النون في ضاربات ومضروبات تبعا للمذكر ؛ إذ هو الأصل ، فإذا استتر في المثنى والجمع كان الاستتار في المفرد أجدر وأولى ، فيلزم الاستتار في الكل فلا ترى ضميرا بارزا في الصفات وهو المطلوب.

ومما يجب أن يعلم أن الصفات كالجوامد الخالية عن الضمير من حيث إنها لا تتغير عند تبدل ضمائرها غيبة وخطابا وتكلما ، فالمستتر فيه جاز أن يكون غائبا ومخاطبا ومتكلما ، فيجوز أن يقال : زيد ضارب ، وأنت ضارب ، وأنا ضارب ، وكذا في التثنية والجمع.

فإن قلت : لم لم يذكر المصنف الظروف والجار والمجرور وأسماء الأفعال مع أن الضمير المرفوع يستتر فيها؟.

قلت : إنما لم يذكرها لأن نظره مقصور على المشتقات ، كما أشرنا إليه في صدر الكتاب ، وهذه الثلاثة ليست منها. اه من الإيضاح والفلاح.

(٢) ولأن الضمير المرفوع فاعل ، والفعل يحتاج إليه ويستلزمه ، فكان ذكر الفعل دليلا عليه فلا يخل استتاره ، بخلاف المنصوب والمجرور فإن ذكر الفعل لا يدل على ذكر المنصوب ؛ لأنه ضمير مفعول والفعل لا يستلزم المفعول كاستلزام الفاعل فافترقا. اه عبد الأحد.

(٣) قوله : (لأن الاستتار) أي : استتار الضمير خفيف إذ لا علامة له لفظا ، فلأن الضمير المستتر أمر معدوم إلا أنه اعتبر لتصحيح اللفظ إذ لا يوجد الفعل بدون الفاعل. اه جلال الدين.

(٤) قوله : (أولى) إذ المفرد أيضا خفيف بالنسبة إلى التثنية والجمع لفظا ومعنى ، فبينهما مناسبة في التخفيف فلذا أعطي الاستتار له. اه مهدي.

٨٩

الماضي ؛ لأن الاستتار قرينة ضعيفة والإبراز قرينة قوية ، فإعطاء الإبراز القويّ للمتكلم القوي والمخاطب القوي أولى.

واستتر (١) في مخاطب المستقبل (*) ومتكلمه للفرق (٢).

وقيل : يستتر في هذه المواضع دون غيرها ، لوجود الدليل ، وهو عدم الإبراز (٣) في مثل : «ضرب» والتاء في مثل : «ضربت» والياء في مثل : «يضرب» والتاء في مثل : «تضرب» والهمزة في مثل : «أضرب» والنون في مثل : «نضرب» وهي حروف ليست بأسماء (٤) ،

______________________________________________________

(١) قوله : (واستتر ... إلخ) واعترض عليه بأن قوله من قبل : ودون المتكلم والمخاطب اللذين في الماضي يفيد استتار المرفوع فيهما في المستقبل ، فكان إيراد هذا الكلام مكررا لا حاجة إليه ، إلّا أن يقال : إنه تصريح بما علم ضمنا فإن طبيعة الإنسان قد تختلف ذكاوة وغباوة. اه حنفية بتصرف.

ولأن المتكلم والمخاطب من المضارع ليسا بمساويين للمتكلم والمخاطب ، اللذين في الماضي ؛ لأن المضارع فرع والماضي أصل. اه عبد الحكيم رحمه‌الله.

(*) لما توجه أن يقال هذا الدليل منقوض بمخاطب المستقبل ومتكلمه لجريانه فيهما مع أنه لا يبرز الضمير فيهما ، أجاب عنه بقوله : واستتر ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.

(٢) قوله : (للفرق) وهذا الكلام في غاية الضعف ؛ إذ لا حاجة للفرق بينهما بالاستتار وعدمه إذ حرف المضارع يدفع اللبس وهو ظاهر ، والوجه الصحيح ما حققه الرضي حيث قال : واستتر في تفعل مخاطبا إجراء لمفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها ، واستتر في أفعل ونفعل لإشعار حرف المضارعة بالفاعل فأفعل مشعر بأنه فاعله أنا بسبب إشعار همزته بهمزة أنا ، ونفعل مشعر بأن فاعله نحن بسبب إشعار نونه بنون نحن ، وقد أشار المصنف إليه نقلا بعيد هذا بقوله : والهمزة في مثل اضرب والنون في مثل نضرب. اه فلاح.

(٣) وذلك لأن الفعل لا بد له من فاعل وهو إمّا مظهر أو مضمر بارز أو مضمر مستتر ، فحيث لم يوجد الأول والثّاني وجب الحكم بالاستتار ؛ لئلا يبقى الفعل بلا فاعل ، وهذا القدر كاف في الاستدلال في الكل لكنه أراد التفصيل فقال : في مثل ضرب. اه ف.

(٤) وضمائر ؛ إذ لو كانت ضمائر لكانت فاعلة فلا يمكن الاستتار لاجتماع الفاعلين ، وحينئذ قوله :

والصفة في مثل إلخ مرفوع عطفا على عدم الإبراز ، أي : دليل الاستتار عدم الإبراز والصفة ، وأنت تعلم أن هذا الكلام لا معنى له يعتد به ، وقد وقع في بعض النسخ وفي الصفة وهو سهو.

اه ف.

٩٠

والصفة (١) في مثل : ضارب ، ضاربان ... إلخ.

ولا يجوز أن يكون تاء : «ضربت» ضميرا كتاء : «ضربت» لوجود عدم (٢) حذفها بالفاعلة الظاهرة ، نحو : ضربت هند (٣) ، ولا يجوز (٤) أن يكون ألف : «ضاربان» ضميرا ؛ لأنه يتغيّر في حالة النصب والجر ، والضمير لا يتغير كألف : «يضربان» (٥).

والاستتار واجب (٦) في مثل : إفعل ، وتفعل (٧) ،

______________________________________________________

(١) قوله : (والصفة) فإن كونها صفة يدل على الفاعل ؛ إذ الصفة لا بد له من الموصوف الذي يقوم به. اه عبد الحكيم.

(٢) يعني : لو كان ضميرا لكان فاعلا فلو لم يحذف مع الفاعل الظاهر يلزم اجتماع الفاعلين وهو غير جائز ، فهو غير ضمير وهذا ما وعده في صدر الفعل بقوله : وهذه التاء ليست بضمير كما يجيء. اه ف.

(٣) قوله : (نحو ضربت هند) فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون التاء ضميرا والاسم الظاهر بدلا عنه فحينئذ لا يتأتى اجتماع الفاعلين؟.

قلنا : لا يمكن جعلها ضميرا ؛ إذ المستكن متحقق في قولك : هند ضربت بالإجماع ، فلو كان التاء ضميرا بارزا فيلزم حينئذ اجتماع المستتر والبارز وهذا لا يجوز إجماعا. اه حنفية.

(٤) ولا يجوز ... إلخ لما شابه اسم الفاعل بالفعل مشابهة كاملة ؛ لأنه يعمل مثل عمله ، توهم أن يكون ألف ضاربان ضميرا كألف يضربان ، فدفع هذا الوهم بقوله : ولا يجوز ... إلخ. اه مهدية.

(٥) قوله : (كألف يضربان) فإنه لا يتغير هو بالحروف الناصبة والجازمة نحو لن يضربا ، وأيضا إن الألف والواو في مثنيات الأسماء الجامدة وجموعها كالزيدين والزيدون حروف بلا ريب زيدت للمثنى والمجموع ، فجعلت مثنيات الصفات ومجموعها على نهج مثنيات الجامدة ومجموعها ؛ لأن الصفات فروع الجامدة لتقدم الذوات على صفاتها فصارت الألف والواو فيها علامتي المثنى والجمع فقط لا ضميرا لهما. اه شمس الدين أحمد.

(٦) قوله : (والاستتار ... إلخ) اعلم أن استتار الضمير بمعنى عدم الإبراز عند اتصاله واجب في جميع المواضع الخمسة المذكورة ، وأمّا استتار الفاعل المضمر بمعنى أنه لا يجوز إظهار الفاعل ولا إبرازه بل يكون مستترا ، ففي أربعة أفعال في مثل ... إلخ. اه فلاح.

(٧) أي : صيغة المضارع المخاطب المفرد ولعل النهي يندرج فيه ، وإلا لم ينحصر وجوب الاستتار في الأربعة المذكورة. اه ف.

٩١

وأفعل ، ونفعل ، لدلالة (١) الصيغة عليه ، وقبح (٢) : افعل زيد ، وتفعل زيد ، وأفعل زيد ، ونفعل زيدون.

* * *

______________________________________________________

(١) قوله : (لدلالة ... إلخ) وذلك لأن الخطاب لا يكون إلا مع الغير ، والتكلم لا يكون إلّا بالغير فلما تكون الصيغة دالة على فاعل كل واحد منهم فلا حاجة إلى الإبراز فيكون إيراد الفاعل الظاهر بعده قبحا فقبح افعل زيد ... إلخ. اه جلال الدين.

(٢) قوله : (وقبح ... إلخ) فإن قيل : إن قوله : وقبح يقتضي جواز ذلك وليس الأمر هكذا؟.

قلنا : بأن المراد من القبح هو الامتناع ، أي : امتنع بناء على أنه إمكان عام سلبت الضرورة فيه عن طرف الوجود. اه حنفية.

قوله : (بالواو) الأولى بالفاء يعني لما كان استتار الضمير واجبا في هذه الأربعة قبح أن تسند إلى الفاعل الظاهر ، ويقال : أفعل ... إلخ وأما ما عدا هذه الأربعة فيجوز أن يسند إلى فاعل ظاهر أيضا ، فلا يقبح أن يقال : ضرب زيد وضربت هند ومررت برجل ضارب غلامه.

اه أحمد.

٩٢

فصل (١) :

في المستقبل (٢)

وهو يجيء أيضا على أربعة عشر وجها ، نحو : يضرب ... إلخ.

ويقال له : مستقبل (٣) ، لوجود معنى الاستقبال في معناه ، ويقال له : مضارع ؛

______________________________________________________

(١) ولما فرغ المصنف عن بيان الماضي أراد أن يشرع في بيان المضارع لاشتمال كل منهما على الحدث والنسبة والزمان ، وتأخيره عنه إمّا لاشتقاقه عن الماضي ، وإمّا لتقدم زمان الماضي على زمانه ، وإما لأن الماضي بمنزلة المجرد والمستقبل بمنزلة المزيد بالنسبة إليه فافهم. اه لكاتبه. اه تبان.

(٢) قوله : (في المستقبل) الاستقبال في اللغة ضد الاستدبار وهو التوجه ، فالمستقبل في اللغة : ما يتوجه إليه ، فالقبلة في قولنا : زيد يستقبل القبلة ، هو المستقبل ؛ لأنه يتوجه إليه ، والمستقبل من الزمان هو الآتي منه ؛ لأنه يتوجه إليه ويتوقع مجيئه ، وفي الاصطلاح : فعل يتعاقب على أوله الزوائد الأربع ، والمراد من الزوائد الأربع حروف أتين ، كما يجيء ، فبقولنا : فعل يسقط الاحتراز بمثل يزيد ويشكر علمين ، وبقولنا : يتعاقب على أوله الزوائد ، خرج مثل أمر ونصر وترك ويسر.

اعلم أنه لا شك في أن زيادة هذه الحروف على الماضي والمستقبل لقصد معنى غير معنى الماضي وهو الزمان الحاضر والزمان الآتي ، أو هما معا ، وإلا لما احتيج إلى تلك الزيادة فلا ينتقض الحد بمثل أكرم وتدحرج وتقاعد ؛ لأن زيادة هذه الحروف فيها لنقل الفعل لغيرهما ، لا لقصد معنى مضارع ، أي : لا لقصد معنى المضارعة ، أي : لا لقصد معنى غير الماضي. فتدبر. اه فلاح.

(٣) قوله : (مستقبل) وكذا مستقبل له ، كان القياس أن يقال له : مستقبل بصيغة اسم الفاعل ؛ لأن الاستقبال لازم معناه إلا أن الشائع على ألسنة العلماء على صيغة المفعول ، فكأنه على الحذف والإيصال ، كما قالوا : في المشترك ، وكلام المصنف يحتمل الوجهين. اه مولوي.

٩٣

لأنه (١) مشابه (٢) ب : «ضارب» في الحركات (٣) والسكنات (٤) ، وعدد الحروف ، وفي وقوعه صفة للنكرة ، مثل : مررت برجل ضارب ، ويضرب مقام ضارب ، وفي دخول لام الابتداء نحو : إنّ زيدا لقائم ، وليقوم ، وباسم الجنس في العموم والخصوص ، يعني كما أن اسم الجنس يختص بلام العهد ، كذلك يختص : «يضرب» ب : «سوف» أو بالسين (٥) ، وب : «العين» (٦) في الاشتراك (٧) بين الحال والاستقبال.

______________________________________________________

(١) ولأن المضارعة في اللغة المشابهة وهو مشابه باسم الفاعل لفظا واستعمالا ، أمّا لفظا فهو في الحركات ... إلخ. وأمّا استعمالا فمن وجهين عبر عن أولهما بقوله : وفي وقوعه صفة ... إلخ.

وعن ثانيهما بقوله : وفي دخول لام الابتداء. اه فلاح بتصرف.

(٢) قوله : (لأنه مشابه ... إلخ) ومعنى المضارعة في اللغة المشابهة مشتقة من الضرع كأن كلا الشبهين ارتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعا ، فيكون المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي مرعية. اه أحمد.

(٣) يعني : كما أن في ضارب ثلاث أحرف متحركة وحرف ساكن فكذا في يضرب ، والسّكنات وإن لم تكن في المضارع واسم الفاعل من الثلاثي المجرد لكنها بالنظر إلى المراد. اه حاجي.

(٤) قوله : (والسّكنات) وإنما جمع السّكنات إمّا للمشاكلة للحركات ، وإمّا لاضمحلال معنى الجمعية بدخول الألف واللام كما بين في الأصول ، كما إذا حلف لا أشتري العبيد يحنث باشتراء عبد واحد. ولا يلزم اعتبار ذلك في الحركات ، ولو سلم لا يضر المقصود فافهم. اه ابن كمال باشا.

(٥) قوله : (أو بالسين) أي : بسين الاستقبال نحو سيخرج وسوف يخرج ، لا بسين الاستفعال وغيره ، فالألف واللام فيه إمّا عوض عن المضاف إليه أو للعهد الذهني.

واعلم أن السين وسوف قد سماهما سيبويه حرفي التنفيس ومعناه تأخير الفعل إلى الزمان المستقبل وعدم التنفيس في الحال ، وسوف أكثر تنفيسا من السين ، وقيل : إن السين منقوص من سوف دلالة بقليل الحروف وعلى تقريب الفعل. اه فلاح.

(٦) قوله : (وبالعين ... إلخ) يعني كما أن العين يشترك بين المعاني مثل الذهب والباصرة والجارية وغير ذلك ، فكذا المستقبل يشترك بين الحال والاستقبال ، فهذه المشابهة في الاشتراك فقط لا في الاختصاص بعد الاشتراك كما تفصح عنه عبارته ؛ ولأنه حينئذ يكون كالتكرير بما قبله فبطل ما ذهب إليه بعض الشارحين من أن معناه كما أن العين مشترك بين المعاني ثم يختص بأحد المعاني بالقرينة ، كذلك المستقبل مشترك بين الزمانين ثم يختص لأحد الزمانين بدخول السين أو سوف. اه أحمد.

(٧) قوله : (في الاشتراك) أقول : لو اكتفى بقوله : وبالعين في الاشتراك ، لكان أحرى إذ الاشتراك وجه مشترك بين المضارع والعين مطلقا ، وقوله : بين الحال والاستقبال يتوهم كون اشتراكهما فيهما فيلزم أن يكون معنى العين حالا واستقبالا كذا في الحنفية. ـ

٩٤

زيدت على الماضي من حروف : «أتين» (١) حتى يصير مستقبلا ؛ لأن (٢) بتقدير الانتقاص يصير أقل من القدر الصالح (٣) ، وزيدت (٤) في الأول دون الآخر ؛ لأن في الآخر (٥)

______________________________________________________

والجواب بأن كلمة في بمعنى اللام كما في قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن امرأة دخلت النار في هرة» ، واللام في الاشتراك عوض عن المضاف إليه ، أي : لأن المضارع مشابه بلفظ العين لأجل اشتراكه بينهما كما أن لفظ العين مشترك بين المعاني. اه غلام رباني.

(١) قوله : (أتين) اه تبيان.

(٢) قوله : (لأن ... إلخ) جواب لما يقال : الماضي والمضارع مختلفان معنى لدلالة الماضي على الزمان الذي مر ، والمضارع باللاحق فوجب المخالفة بين لفظيهما لتدل على اختلاف معناهما وهي يمكن بانتقاص حرف من حروف الماضي بأن بتقدير الانتقاص إلخ. اه شمس الدين.

(٣) قوله : (من القدر ... إلخ) وقد عرفت أن القدر الصالح ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما ، وأيضا انتقاص حرف واحد منه لا يفيد الوجوه الأربعة من الخطاب والغيبة والتكلم وحده ومع غيره ، ولو انتقص لكل وجه حرف لم يبق في الكلمة شيء فتعين أن تكون تلك المخالفة بالزيادة ، وهذا الدليل المذكور يجري في الثلاثي وغيره محمول عليه ، وأمّا كون حروف الزيادة حروف أتين فلأنهم وجدوا أولى الحروف بها حروف المد واللين لكثرة دورها في الكلام ، إذ التكلم لا يخلو عنها أو عن بعضها أعني الحركات ، ثم قلبوا الواو تاء لما سيذكره ، وزادوا النون لما سيأتي أيضا. اه فلاح.

(٤) قوله : (وزيدت ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : لم زيدت حرف من هذه الحروف في أول الماضي دون آخره ، مع أن الآخر أحق بالزيادة ؛ لأنه محل التغيير ووسطه إذ قد يزاد الحرف للفرق في الوسط كضارب ؛ لأن بالزيادة في الآخر ... إلخ. اه مهديه.

(٥) قوله : (في الآخر) وكذا في الوسط يلتبس بباب ضارب ، أمّا في الألف فظاهر وكذا الياء إذ لو زيدت يقال : ضيرب ولو زيدت التاء يقال : ضورب ؛ لأن التاء واو في الأصل ، ولو زيدت الهمزة يقال : ضأرب والنون حمل عليه. اه عبد الباقي.

٩٥

يلتبس (١) بالماضي ، واشتق (٢) من الماضي (٣) ؛ لأنه يدل على الثّبات ، وزيدت (٤)

______________________________________________________

(١) لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو ضربا ، ولو زيدت التاء التبس بالغائبة المفردة نحو ضربت ولو زيدت النون التبس بجمع الغائب المؤنث نحو ضربن ، ولما لزم الالتباس في هذه الثلاثة حملت الياء عليها ، وإن لم يلتبس بزيادتها في الآخر جريا للزيادة على وتيرة واحدة.

اه عبد الحكيم بتصرف.

(٢) قوله : (واشتق ... إلخ) لما فرغ المصنف من بيان كيفية مغايرته للماضي أراد ان يبين اشتقاقه ، فقال : واشتق ... إلخ ، ثم قوله : واشتق ... إلخ ، جملة مستأنفة فكأنها وقعت في جواب سائل بأن المضارع يشتق من الماضي أم من غيره كاسم الفاعل والمصدر وغيرهما ، بأنه اشتق من الماضي فحينئذ للقائل أن يقول : ما وجه اشتقاقه من الماضي دون غيره من اسم الفاعل والمفعول مع أنهما يدلان على الحدث نحو الماضي ، فلدفع ذلك قال : لأنه يدل ... إلخ يدل توضيح الدفع أن الماضي يدل على الحدث الذي حقق وقوعه في الزمان الماضي ، وهما يدلان على الحدث المتحقق في الحال ، فقال الماضي أولى بالاشتقاق منهما لسبقه ، فيه أنه مخالف عما مر في صدر الكتاب أن المصدر أصل في الاشتقاق فكل من الأمثلة والصيغة مشتق منه ، فما معنى قوله : واشتق من الماضي ، أجيب بأن معناه مرجع الكل هو المصدر إمّا بواسطة أو بدونها ، فالماضي مشتق من المصدر والمضارع من الماضي ، والنهي والأمر واسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وغير ذلك مشتق من المضارع ، وكل ذلك من المصدر. اه عبد الباقي.

(٣) قوله : (من الماضي) حيث قيل : زيدت حروف أتين على الماضي دون المصدر مع أنه أحق ؛ لأنه الأصل ؛ لأنه أي : لأن الماضي يدل على الثبات ، أي : على تحقق الوقوع ، بخلاف المصدر فإنه خال منه وما يدل على الثبات أحق وأولى بالأصالة في الاشتقاق وفيه نظر تأمل.

اه مولوي.

لعله إشارة إلى بحث ذكره شارح الحنفية بقوله : وفيه بحث ، لأنه لو كان مشتقا من الماضي وجب أن يدل على أكثر مما يدل عليه الماضي لما ثبت من زيادة المشتق على المشتق منه في المعنى والمضارع لا يدل عليه ؛ لأن مدلولهما الحدث والنسبة والزمان فهما سيان في ذلك ، قلنا : المراد من الاشتقاق ههنا هو الاشتقاق اللغوي وهو كون المضارع مزيدا على الماضي وفرعا عنه لا الاشتقاق الأصل انتهى.

لا يقال : على هذا ينبغي أن يكون ما سوى المضارع من الأمر والنهي أيضا مشتقا من الماضي ؛ لأن مناسبة المضارع أشد منه بغيره فلذا حكم باشتقاقه منه. اه ملا غلام رباني.

(٤) قوله : (وزيدت ... إلخ) يرد أن هذه الزيادة قد استفيد من قوله : سابقا عليه ، ثم زيدت على الماضي ... إلخ. فإيراده تكرار غير محتاج إليه. أجيب بأن إيراده تصريح بما علم ضمنا ـ

٩٦

في المستقبل دون الماضي لأن المزيد عليه بعد المجرد والمستقبل بعد زمان الماضي ، فأعطي السابق للسابق واللاحق للاحق.

وعيّنت (١) الألف (٢) للمتكلم الواحد ؛ لأن الألف (٣) من أقصى الحلق ، وهو مبدأ المخارج ، والمتكلم هو الذي يبدأ الكلام منه ، وقيل : للموافقة بينه وبين (٤): «أنا».

وعيّنت الواو للمخاطب ، لكونها من منتهى المخارج ، والمخاطب هو الذي ينتهي الكلام به ، ثم قلبت (٥) الواو تاء (٦)

______________________________________________________

من الكلام السابق أن المزيد عليه هو المضارع والمجرد من أتين هو الماضي ، ولا يبعد أن يقال : لعل هذا القول لدفع ما توهم الأنسب أن يزاد الماضي في الأحرف بالمضارع لقوته لتحقق حدثه في الزمان الماضي بخلاف المضارع ومع هذا لم يزد فيه فما ذا وجهها ، وتقرير الدفع واضح ، واعترض بأنه يفهم من قوله هذا أن يزاد على صيغة يضرب كما لا يخفى والمقصود خلافه ، أجاب بأن معناه كانت الزيادة في المستقبل دون الماضي باعتبار ما يؤول إليه تدبر. اه أمير الله.

(١) قوله : (وعينت ... إلخ) لما فرغ من بيان تسمية المستقبل والمضارع وبيان كيفية مغايرته للماضي وبيان اشتقاقه منه ، أراد أن يبين تعيين كل حرف من حروف أتين للمتكلم والمخاطب والغائب ؛ ليفهم أن زيادة الجميع معا غير مراد وليدل به على تعيين كل منها فقال : وعينت ...

إلخ. اه عبد الأحد.

(٢) قوله : (الألف) أي : الهمزة سميت ألفا إمّا لأنه تكتب بصورة الألف وإمّا لأن الألف على نوعين لينة وهي ما تكون ساكنة ، كما ولا ، ومتحركة كأخذ وأمر على ما ذهب إليه البعض كما في الحنفية. اه كريم الله.

(٣) وقيل إنما عينت الألف لأنها من حروف العلّة وأنها خفيفة وبالزيادة يلزم الثقل فأعطى الأخف لئلا يشتد الثقل ثم أبدلت الألف بالهمزة ؛ لأن الألف لا تقبل الحركة ولا يمكن الابتداء بالساكن. اه حنفية.

(٤) قوله : (وبين ... إلخ) أي : وبين الضمير المستتر فيه وهو أنا إذ أوله الهمزة فاجتلبوا في أول المتكلم الواحد من المضارع أيضا همزة ؛ لأن كلا منهما للمتكلم الواحد. اه مهديه.

(٥) قوله : (ثم قلبت ... إلخ) كأنه لدفع ما وهم بأنه لما عينت الواو للمخاطب فلم لا يقولون وضرب في المخاطب المذكر من المضارع بل تضرب بأن عدم التفوه بذلك لأجل قلب الواو بالتاء لئلا تجتمع الواوات ... إلخ. اه عبد الله رحمه‌الله.

(٦) قوله : (ثم قلبت الواو تاء) لأنها كثيرا ما يبدل من الواو نحو تراث وتجاه فإن الأصل فيهما وراث ووجاه. اه مولوي.

٩٧

حتى لا تجتمع (١) الواوات في مثل : وووجل (٢) في العطف ، ومن ثمّ قيل : الأول (٣) من كلّ كلمة لا يصلح لزيادة الواو ، وحكم (٤) بأن واو : «ورنتل» (٥) أصل.

وعيّنت الياء للغائب (٦) ؛ لأن الياء (٧) من وسط الفم ، والغائب هو الذي يكون في وسط كلام المتكلم والمخاطب.

وعيّنت النون للمتكلم إذا كان معه غيره (٨) ، لتعيينها لذلك في : ضربنا.

______________________________________________________

(١) أحدها علامة الخطاب ، والثّانية واو المثال ، والثّالثة واو العطف. اه

(٢) قوله : (وووجل) يعني أن وجل مثال واوي فلو زيدت واو المخاطب ثم أدخل الواو العاطفة يجتمع واوات فكأنه يشبه نباح الكلب وهو مستكره فوجب قلبها حرفا آخر لدفع الكراهة فأبدلت التاء منها ؛ لأنها كثيرا ما تبدل منها.

واعلم أن اجتماع الواوات مستكره إذا كانت في كلمة واحدة لا في كلمتين فلا يرد الإشكال بقوله تعالى : (آوَوْا وَنَصَرُوا) [الأنفال : ٧٢]. اه فلاح.

(٣) قال بعض الشارحين الوجه المعقول في عدم زيادة الواو أولا هو أنه لو زيدت أولا فبتقدير انضمامها وانكسارها قلبت همزة نحو أجوه وإشاح ، وبتقدير انفتاحها تضم في التصغير ، فقلبت الهمزة أيضا نحو أجيه في وجيه تصغير وجه ، على أن المفتوح قد تقلب همزة كأحد وأناة في وحد ووناة وغرضهم بالزيادة زيادة نفس الحروف الزائدة إذ لو كان الغرض غيره لزادوه ، فلو زيدت الواو أولا وهو لا تخلط بالبقاء على حالها لربما نقض الفرض فرفض زيادتها. اه حنفية.

(٤) قوله : (وحكم بأن واو ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن قولكم : لا يجوز زيادة الواو في أول كلمة ما منقوض بورنتل لزيادة الواو في أوله ، ومعنى الجواب ظاهر. اه شمس الدين.

(٥) قوله : (واو ورنتل) بالفتحات وسكون النون اسم بلدة ، وقيل : الشدة ، يقال : أوقع فلان في ورنتل أي : في شدة. اه عبد الحكيم.

(٦) قوله : (للغائب) فإن قيل : تعيين الياء الغائب مطلقا غير صحيح ؛ لأنه يشكل بقوله تعالى : (وَاللهُ يَحْكُمُ) [الرعد : ٤١] ، و (وَاللهُ يَخْتَصُ) [البقرة : ١٠٥] ، فهو ليس بمذكر ولا بغائب؟.

قلنا : المراد بالله في الآية لفظ الله لا ذاته المنزه عن النقص وهو الاسم الظاهر وأسماء الظواهر كلها غيب. اه حنفية.

(٧) قوله : (لأن الياء ... إلخ) ويمكن أن يقال : بأنهم صرحوا أن الياء مركبة من الكسرتين ، والكسرة متوسطة بين الضمة والفتحة باعتبار الثقل والخفة ولهذا سموها أعدل الحركات ، والغائب أيضا متوسطة بين المتكلم والمخاطب فأعطى الياء للغائب. اه كاذروني.

(٨) قوله : (غيره) أي : غير المتكلم سواء كان مذكرا أو مؤنثا ، مفردا أو مثنى أو مجموعا ، ـ

٩٨

فإن قيل : لم زيدت (١) النون في : «نضرب»؟.

قلنا : لأنه لم يبق من حروف العلة شيء ، وهو قريب من حروف العلة في خروجها عن هواء الخيشوم (٢).

وفتحت هذه الحروف (٣) للخفّة ، إلا في الرباعي ، وهو : فعلل ، وأفعل ،

______________________________________________________

وقد يستعمل للواحد للتعظيم نحو قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف :

٣] اشتمال او بر عجائب وغرائب وحكمتها وعبرتها. اه مهدية مع حسيني.

قوله : (للتعظيم) وهو مجاز عن الجمع لعدهم المعظم كالجماعة ، ولم يجىء للواحد الغائب أو المخاطب المعظمين فعلوا وفعلتم في الكلام القديم المعتد به ، وإنما هو استعمال المولّدين. اه رضي.

(١) توضيح الاعتراض لما وجبت الزيادة في المستقبل لمحافظة لفظه لفظ الماضي ، والأولى بالزيادة حروف العلّة وقد زيدت في ثلاثة مواضع ولم يبق حرف من حروف العلّة حتى يزيد في الموضع الرابع ، فلم اختص النون بالزيادة؟ وقد يحصل هذا الغرض بزيادة حرف آخر أيضا.

وتفصيل الجواب زيدت النون ؛ لأنه لم يبق من حروف العلّة حرف حيث أعطى الألف للمتكلم الواحد والياء للغائب والواو للمخاطب ، فلما لم يبق فاختاروا النون لمشابهتها لهن في خروجها عن هواء الخيشوم ، أي : من صوت الأنف والتليين ، وبالجملة إن حروف العلّة لا تخلو عن التليين ، والنون لما خرجت عن صوت الأنف ، وصوت الأنف لا تخلو عن التليين فللنون مناسبة بحروف العلّة الضعيفة. اه مهديه.

(٢) قوله : (الخيشوم) هو أقصى الأنف ، وهواء الخيشوم الصوت الذي يخرج عنه ويسمى غنة أيضا فمعناه أن النون غنة في الخيشوم كما أن حروف العلّة مدة في الحلق.

واعلم أن النون إنما يكون غنة إذا كانت ساكنة لا مطلقا بل إنما تكون النون الساكنة غنة في الخيشوم مع خمسة عشر حرفا من حروف الفم وهي القاف والكاف والجيم والشين والصاد والضّاد والسين والراء والطاء والدال والتاء والذال والظاء والثاء والفاء ، فمتى اتصلت النون الساكنة بحرف من هذه الحروف كانت غنة في الخيشوم ولم يكن للفم فيها علاج البتة ، ولهذا لو نطق الناطق بمثل عنك ومنك وسد أنفه اختل صوته وربما تلاشى واضمحل. اه فلاح.

(٣) قوله : (الحروف) ولم يقل الأحرف بزنة أفعل الذي هو من أوزان جمع القلة مع أن حروف المضارعة أربعة ؛ لأن الحروف على زنة فعول الذي هو من أوزان جمع الكثرة قد يستعمل مقام القلة ، وكذا العكس فهم لا يبالون بذلك. اه مهدية.

٩٩

وفعّل ، وفاعل ؛ لأن هذه الأربعة رباعيّة ، والرباعي فرع (١) للثلاثي ، والضمّ أيضا فرع للفتح.

وقيل : لقلّة استعمالهنّ ، ويفتح (٢) ما وراءهنّ لكثرة حروفهنّ (٣) ، أما : «يهريق» (٤) فأصله : يريق ، وهو من الرباعي (٥) ، فزيدت الهاء على خلاف القياس (٦).

وتكسر حروف المضارعة في بعض اللغات إذا كان ماضيه مكسور العين أو مكسور الهمزة ، حتى يدل على كسرة الماضي ، نحو : يعلم ، وتعلم ، وإعلم ، ونعلم ، ويستنصر ، وتستنصر ، وإستنصر ، ونستنصر (٧) ، وفي بعض اللغات لا تكسر

______________________________________________________

(١) قوله : (فرع ... إلخ) أمّا الرباعي المجرد الأصلي فلأنّ حروفه أكثر عددا من حروفه والكثير بعد القليل ، وأمّا الرباعي المزيد فيه للثلاثي فلامتناع بنائه بدون الثلاثي. اه شمس الدين.

(٢) قوله : (ويفتح ... إلخ) أفاد بذلك دفع ما يرد على قول القيل من أن الضم لو كان في الرباعي لقلّة الاستعمال لوجب الضم في الخماسي والسداسي أيضا ، بل أولى ؛ لأن استعمالها أقل من استعمال الرباعي ، وتنقيح الجواب أن الخماسي والسداسي أثقل من الرباعي لكثرة حروفهما بالنسبة إلى حروفه ، فلو ضم فيهما لأدى إلى الجمع بين الثقيلين ففتحت للخفة. اه من الحنفية.

(٣) قوله : (حروفهن) أي : حروف ما وراء الأربعة من الخماسي والسداسي ، فالأولى أن يقال : لكثرة حروفه ، بتذكير الضمير وإفراده ؛ لأنه يرجع إلى ما ، لكن أراد قصد الموافقة اللفظية لسائر الضمائر المذكورة التي قبلها فجعل لفظ ما عبارة عن الكلمات ، وتركوا الكسر في هذه الحروف ؛ لأن الياء منها والكسر ثقيل عليها. اه ابن كمال باشا.

(٤) قوله : (أما يهريق ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن قولكم : حروف المضارعة مفتوحة في غير الرباعي منقوض بيهريق ؛ لأنه غير الرباعي مع أن ياءه غير مفتوح ، وحاصل الجواب أنا لا نسلم أنه غير الرباعي ؛ لأن أصله يريق. اه أحمد.

(٥) قوله : (وهو من الرباعي) ولو سلم أنه من غيره فلا يبعد أن يقال : بأنه من الشواذ ، ولا يجب أن يدخل الشواذ في الحكم ، تأمل. اه عبد الله.

(٦) قوله : (على خلاف ... إلخ) ؛ لأن الزيادة إما يكون للمعنى أو للإلحاق ، وههنا ليس بواحد منهما فيكون على خلاف القياس ، وإنما هو لتحسين الصوت. اه مولوي سعديه.

(٧) هذا من السداسي ، وأمّا الخماسي فنحو يحمرّ وتحمرّ واحمر ونحمر وإذا كان كسر حروف المضارعة للدلالة على كسرة الماضي لم يحتج إلى كسرها فيما لا يكون ماضيه مكسورا. اه فلاح.

١٠٠