مراح الأرواح

المؤلف:

أحمد بن علي بن مسعود حسام الدين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤

ويجيء : على «فعول» للمبالغة (١) ، نحو : منوع ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث إذا كان بمعنى فاعل ، نحو : رجل صبور ، وامرأة صبور ، ويقال (٢) في المفعول : ناقة حلوبة ، وأعطي الاستواء في : «فعيل» للمفعول ، وفي : «فعول» للفاعل طلبا للعدل (٣).

ويجيء للمبالغة (٤) نحو : صبّار ، وسيف مجزم ، وهو مشترك بين الآلة وبين مبالغة الفاعل ، وفسّيق ، وكبّار ، وطوّال ، وعلّامة ، ونسّابة (٥) ، وروّاية ، وراوية (٦) ، وفروقة (٧) ،

______________________________________________________

(١) سواء كان بمعنى الفاعل أو بمعنى المفعول ، والمراد بالمبالغة التكثير وتكرير أصل الفعل. اه ف.

(٢) قوله : (ويقال في ... إلخ) فيه قلق فإنه قال الشارح الرضي بعد تفصيل أوزان يستوي فيها المذكر والمؤنث : وأمّا فعول بمعنى مفعول فيستوي فيه أيضا المذكر والمؤنث كالرّكوب والفتوت والجزور ، لكن كثيرا ما يلحقه التاء علامة بالنظر إلى الاسمية لا للتأنيث فيكون بعد إلحاق التاء أيضا صالحا للمذكر والمؤنث هذا لفظه. اه إيضاح.

(٣) قوله : (للعدل) أي : بين الفعيل والفعول في الاستواء وعدمه ، وهذا التعليل إنما يتم إذا بين أن فعيلا يقدم بناؤه على فعول ، وهو كذلك فإن فعيلا كما يجيء للمبالغة يجيء لمطلق الاتصاف بالفعل من غير مبالغة ، وفعولا لا يدل إلّا على اتصاف بالفعل ؛ لبنائه على المبالغة ، والأول مقدم بالطبع على الثّاني ، والأولى موافقة الوضع لما هو بالطبع وقد مر نظيره في أفعل التفضيل.

واعلم أن ذكر كون الفعيل بمعنى المفعول لمناسبة اشتراك الصيغتين بين الفاعل والمفعول ، وإلا لما ذكر المفعول في فصل الفاعل. اه فلاح.

ولا يخفى بأن العدل في العكس أيضا ، إلا أن دلائل هذا الفن كان بعد الوقوع ، والحاكم في ذلك هو الواضع فلا إيراد. اه

(٤) يعني أن أبنية المبالغة على أنواع منها فعّال بتضعيف العين نحو ... إلخ. اه عبد.

(٥) من الباب الثّاني أي : عالم بالأنساب ، والهاء في الأول للمبالغة في العلم ، وفي الثّاني للمبالغة في المدح ، أي : في مدح من يعلم الأنساب. اه ف.

(٦) من الباب الثّاني من روى الحديث والشعر والهاء للمبالغة. اه ف.

(٧) قوله : (فروقة) من فرق والهاء للمبالغة ، فإن قلت : ما معنى كون الهاء للمبالغة في علّامة ونسّابة وفروقة مع أن الصيغة فيها بدون الهاء للمبالغة؟.

قلت : بوجهين : ـ

١٤١

وضحكة (١) ، ومجذامة (٢) ، ومسقام (٣) ، ومعطير (٤) ، ويستوي المذكر والمؤنث في التسعة (٥) الأخيرة لقلّتهنّ.

أما قولهم (٦) : «مسكينة» فمحمول على : فقيرة (*) ، كما قالوا (٧) : هي عدوّة

______________________________________________________

أحدهما : أنه إذا أريد إدخال الهاء للمبالغة جردت الصيغة من معنى المبالغة فأدخل الهاء.

والثّاني : أن معنى المبالغة لا يكون له حد معين ، فإذا كانت الصيغة للمبالغة وجدت فيها أصل المبالغة ، فإذا أدخل هاء المبالغة عليها زاد المبالغة فيها فيكون الهاء لزيادة المبالغة وهي منها. اه ابن كمال رحمه‌الله.

(١) منها فعلة بضم الفاء وفتح العين أو سكونه نحو ضحكة. اه ف.

(٢) أي : كثير القطع وهاؤها للمبالغة كما في فروقة. اه ف.

(٣) منها مفعال بكسر الميم وسكون الفاء نحو مسقام أي : كثير السقم ، وهذا البناء للآلة أيضا نحو مفتاح ومقراض كما سيجيء. اه ف.

(٤) منها مفعيل بكسر الميم والعين وسكون الفاء نحو معطير أي : كثير العطر أي : الطيب ، والستة الأخيرة كلها من الباب الرابع. اه ف.

(٥) قوله : (في التسعة ... إلخ) وهي من قوله : علامة إلى معطير ، فيقال : رجل علامة ومعطير فالتاء وعدمه سيّان معنى وإن كان للتأنيث لفظا ، وقس عليهما الباقية. اه فلاح.

(٦) قوله : (أمّا قولهم ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن مسكين لا يستوي فيه المذكر والمؤنث ، بل يقال : امرأة مسكينة مع أنه بوزن معطير ، أجاب بقوله : وأمّا قولهم : مسكينة ... إلخ ، يعني أن فعيلا إذا كان بمعنى الفاعل يفرق بين مذكره ومؤنثه بالتاء كما مر ، وفقير فعيل بمعنى الفاعل فيكون مؤنثه بالتاء ومسكين وإن كان بوزن معطير لكنه نظير لفقير بحسب المعنى فحمله عليه في الفرق بالتاء ، فكما يقال : امرأة فقيرة ، يقال : امرأة مسكينة ، وقد يستعمل على القياس المذكور فيقال : امرأة مسكين كذا في مختار الصحاح. اه فلاح.

(*) الفقير من له أدنى شيء والمسكين من لا شيء له ، وقيل : بالعكس ، وقيل : هما من لا شيء له فعلى التفسيرين الأوّلين بينهما تضاد ومن عاداتهم حمل الضد على الضد ، وعلى التفسير الثّاني بينهما مساواة. اه.

(٧) قوله : (كما قالوا هي ... إلخ) لعل الغرض من هذا التشبيه ، إمّا تنوير جواز حمل أحد الضدين على الآخر كما في الحنفية ، وإمّا دفع ما يتجه بحمل مسكينة على فقيرة بأن وزن مسكين مفعيل للمبالغة ، وفقير فعيل لاسم الفاعل بدونها يدل عليه قول المصنف فيما سبق : ويجيء الفاعل على فعيل ، فإذا حمل مسكينة التي هي مؤنث مسكين على فقيرة تأنيث الفقير ، فقد أبطل ما هو المقصود من وزنه وهو المفعيل وذا ليس بمستحسن ، بما توضيحه أن ما يتجه مقتضى القياس والحمل المسطور قد وجد في الكلام الفصيح فلا يعارضه تدبر اه لمحرره.

١٤٢

الله ، وإن لم تدخل الهاء في : «فعول» الذي للفاعل ، حملا على : صدّيقة الله ؛ لأنه نقيضه (١).

وصيغته من غير الثلاثي على صيغة المستقبل بميم (٢) مضمومة وكسر ما قبل (٣) الآخر منه ، نحو : مكرم.

واختير الميم لتعذّر (٤) حروف العلّة ، وقرب الميم من الواو في كونهما شفويّة (٥) ، وضمّ الميم للفرق بينه وبين الموضع (٦).

ونحو (٧) : «مسهب» للفاعل على صيغة المفعول من : أسهب ، و «يافع» من : أيفع ، شاذّ.

______________________________________________________

(١) لأن الصداقة بمعنى دوست شدن والعداوة بمعنى دشمن شدن. اه ح.

(٢) قوله : (بميم) حال من قوله : على صيغة المستقبل ، أي : حال كونها حاصلة بسبب وضع ميم مضمومة وبسبب كسر ما قبل الآخر فرقا بينه وبين اسم المفعول ، ووفقا لحركة المضارع في أكثر المواد وما سواه فمحمول عليه ليكون الكل على وتيرة واحدة أي : موافقة. اه جلال الدين.

(٣) قوله : (وكسر ما قبل الآخر) إن لم يكن مكسورا في الأصل ، وإنما قلنا ذلك ؛ لئلا يرد أن كسر ما قبل الآخر في نحو مكرم غير صحيح ، وإلّا يلزم إعطاء الكسر المكسور فيلزم تحريك المتحرك وهو محال ، إذ لم يسلب الكسر الأول وإن سلب يلزم التطويل بلا طائل تدبر. اه غلام رباني رحمه‌الله تعالى.

(٤) قوله : (لتعذر ... إلخ) أمّا الواو فلأنها لا تزاد في أول الكلمة كما مرّ ، ولو قلبت تاء لالتبس بالمضارع المخاطب ، وأمّأ الألف فلأنها لو زيدت التبس بالمضارع المتكلم وحده ، وأمّا الياء فلأنها لو زيدت التبس بالمضارع الغائب إذ يحذف من اسم الفاعل حرف المضارعة. اه أحمد.

(٥) قوله : (شفوية) فإن قلت : حروف الشفة كثيرة فلم عين الميم بالزيادة من بينهم؟.

قلنا : زيادة الميم من بين سائر الحروف موقوف على سماع الاصطلاح لا القياس. اه حنفية.

(٦) قوله : (الموضع) أي : من الثلاثي المجرد المكسور العين نحو مضرب ، ولم يعكس ؛ لأن الثلاثي أصل والفتح أيضا أصل فاختير الأصل بالأصل تخفيفا ولم يكسر أيضا ، مع أن الكسر خفيف بالنسبة إلى الضم للفرق بينه وبين اسم الآلة. اه ابن كمال باشا.

(٧) قوله : (ونحو مسهب ... إلخ) جواب سؤال مقدر تقديره أن يقال : إن مسهب بضم الميم وسكون السين المهملة وفتح الهاء اسم فاعل من أسهب ، وهو ثلاثي المزيد فيه ولم يكسر ـ

١٤٣

ويبنى (١) ما قبل تاء التأنيث على الفتح في نحو : ضاربة ؛ لأنه صار بمنزلة وسط الكلمة ، كما في نون التأكيد وياء النّسبة نحو : كوفيّ ، ويضربنّ ، وعلى الفتح للخفة (٢).

* * *

______________________________________________________

ما قبل الآخر فلا مجال بقوله : وكسر ما قبل الآخر ، وأن يافع اسم فاعل من أيفع الذي هو الثلاثي المزيد فيه والقياس موفع ، فكيف قال : وصيغته من غير الثلاثي على صيغة المستقبل بميم مضمومة ... إلخ ، بأن مجيء ذلك شاذ ، أي : خلاف القياس. اه من المهديه.

(١) قوله : (ويبنى ... إلخ) لما فرغ عن الصيغة المبنية للفاعل المذكر شرع في الصيغة المبنية للمؤنث فقال : ويبنى ... إلخ ، كذا في الحنفية ، ولا يبعد أن يقال : إن المصنف أراد بهذا الكلام دفع ما توهم أن المؤنث فرع للمذكر إذ التأنيث بعد التذكير ، فإن تاء التأنيث في ضاربة مثلا بعد ضارب ولام الكلمة في المذكر مضموم بل قابل للحركات الثلاث باختلاف العوامل ، فالمؤنث ينبغي أن يكون هكذا ليوافق الفرع بالأصل وليس كذلك كما ترى فما ذا يقتضيه بما توضيحه أن ما ذكرت مسلم إلّا أن في المؤنث وجد مانع يمنع كون لام الكلمة مضموما بل قابلا للحركات ... إلخ ، وهو أن ما قبل تاء التأنيث صار بمنزلة ... إلخ. اه لمحرره.

(٢) قوله : (للخفة ... إلخ) أو لأن تاء التأنيث كلمة أخرى ومن عادتهم أنهم إذا ركبوا كلمة مع كلمة أخرى فتحوا آخر الكلمة الأولى نحو خمسة عشر ، وبعلبك ، فالبعل اسم الصنم وبك اسم مالكه واليوم المجموع اسم بلدة في حدود الشام. اه عصام.

١٤٤

فصل :

اسم (١) المفعول

وهو اسم مشتقّ (٢) من : «يفعل» لمن وقع عليه الفعل ، وصيغته من الثلاثي يجيء على وزن : مفعول : نحو : مضروب.

وهو مشتق من : «يضرب» لمناسبة بينهما.

فإن قيل : لم أدخل الميم مقام الزوائد؟.

قلنا : لتعذّر (٣) حروف العلة ، فصار : مضربا ، ثم فتح الميم حتى لا يلتبس

______________________________________________________

(١) قوله : (اسم المفعول) مناسبته باسم الفاعل في كون كل منهما صيغة الصفة وتأخيره عنه لكون موصوفه أشرف من موصوفه لتوقف الفعل عليه لا به ، إذ ما من فعل إلّا ويقتضي الفاعل ؛ ولا كذلك المفعول بل يقتضيه بتقدير تعديته ، أو لأنه كالجزء من الفعل ، والمفعول فضلة وجزء الشيء أولى مما هو الفضلة بالنظر إليه كما لا يخفى. اه تحرير.

(٢) قوله : (مشتق) يشمل جميع الأسماء المشتقات ، وقوله : من يفعل يخرج اسم الفاعل ؛ لأنه مشتق من المضارع المعلوم ، وقوله : لمن وقع عليه الفعل يخرج اسم المكان والزمان والآلة ، ولو لم يخرج الفاعل بالقول الأول يخرج به لكنه أسند خروجه إليه لتقدمه وليستقل كل قيد بإخراج شيء ، لا يقال : لو قال : من المضارع المجهول من يفعل لكان أشمل ؛ لأنا نقول : لم يرد بهذا القيد تخصيص اشتقاق اسم المفعول بالثلاثي ، بل أراد بيان اشتقاقه من المجهول فاتفق هذا اللفظ وأصالته تدبر. اه ، ابن كمال باشا رومي رحمه‌الله تعالى.

(٣) فإنه لو زيدت الألف يلزم الابتداء بالساكن وهو متعذر ، ولو همزت يلتبس بالمتكلم وحده من المضارع المجهول ، ولو زيدت الياء ، ثم إن حذف حرف الاستقبال يلزم الالتباس بالمضارع ، وإن لم يحذف يلزم تكرار اليائين الخاليين عن الفائدة في أول الكلمة ، ولو زيدت الواو فزيادتها في أول الكلمة لم تجىء في كلام العرب كما مر. اه حنفية.

١٤٥

بمفعول باب (١) الإفعال ، فصار : مضربا ، ثم ضمّ الراء حتى لا يلتبس المفعول بالموضع ، فصار : مضربا ، ثم أشبعت الضمة لانعدام : «مفعل» في كلامهم بغير التاء ، فصار مضروبا ، والمؤنث (٢) محمول عليه.

وغيّر (٣) مفعول الثلاثي دون مفعول سائر الأفعال والموضع ، حتى يصير مشابها في التغيير (٤) باسم الفاعل ، أعني : غيّر الفاعل من : يفعل ، ويفعل إلى : «فاعل» والقياس : فاعل وفاعل ، فغير (٥)

______________________________________________________

(١) لأن مفعول باب الإفعال لكونه يجيء بضم الميم وفتح ما قبل الآخر مثل مكرم ، فلدفع الالتباس فتح الميم ولم يكسر مع أن رفعه يحصل بذلك أيضا إذ حينئذ يلزم الالتباس بالظرف من مكسور العين. اه مهديه.

(٢) جواب سؤال مقدر تقديره إن يقال : إن المناسب في اسم مفعول المؤنث مضربة بضم الرّاء بدون الإشباع إذ الإشباع في المذكر منه للضرورة التي هي انعدام وزن مفعل في كلامهم بغير التاء ، وفي المؤنث قد انتفى هذه الضرورة لوجود وزن مفعلة في كلامهم كثيرا نحو مكرمة بأن إشباع ضمة الراء في المؤنث حملا له على المذكر لكونه فرعا له. اه لمحرره.

(٣) قوله : (وغيّر ... إلخ) ولما توجه أن يقال : لم خصّ التغيير باسم المفعول من الثلاثي ؛ لدفع الالتباس دون مفعول باب الإفعال ، والموضع مع أن الالتباس يدفع بتغييرهما أيضا ، أجاب بقوله : وغيره ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.

(٤) قوله : (في التغيير ... إلخ) وتحقيق هذا الكلام هو أن القياس في اسم المفعول من الثلاثي المجرد أن يكون على وزن مضارعه كما في اسم الفاعل ، ويقال : من يضرب مضرب بضم الميم وفتح الراء لكنهم لما أداهم حذف الهمزة في باب الإفعال إلى كون مفعوله مفعل بضم الميم وفتح العين يلزم الالتباس فقصدوا تغيير أحدهما لدفعه ، فغيروا مفعول الثلاثي لما ثبت التغيير في أخيه وهو اسم الفاعل من الثلاثي أيضا دون مفعول باب الإفعال ؛ لعدم التغيير في أخيه وهو اسم الفاعل من هذا الباب أيضا ، والتغيير في اسم الفاعل من الثلاثي من وجهين أحدهما أنه وإن كان كمضارعه في مطلق الحركات والسّكنات لكنه ليس الزيادة فيه في موضع الزيادة في المضارع وهو ظاهر بخلاف فاعل باب الإفعال ، والثّاني الحركات في أكثره ليس كحركة مضارعه كما في مضموم العين نحو ينصر وناصر ، وكما في المفتوح العين نحو يعلم وعالم ، بخلاف الفاعل من باب الإفعال إذ مكرم بوزن يكرم من غير فرق غير أن الميم أقيم مقام الياء ، وهذا الوجه الثّاني هو معنى قوله : أعني غير ... إلخ. اه مولوي أحمد رحمه‌الله تعالى.

(٥) قوله : (فغير ... إلخ) والمراد بالتغيير تبديل حركة العين فيهما بحركة أخرى من يفعل ، ـ

١٤٦

المفعول أيضا للمؤاخاة بينهما (١).

وصيغته من غير الثلاثي يجيء على صيغة الفاعل إلا (٢) بفتح (٣) ما قبل الآخر ، مثل : مستخرج.

* * *

______________________________________________________

ـ وأيضا يمكن أن يراد بالتغيير حذف حرف المضارعة فيهما. اه إيضاح.

(١) قوله : (بينهما) أي : بين الفاعل والمفعول من الثلاثي في أنهما مشتقان من المضارع الثلاثي وفي كونها طرفي الفعل طرف الصدور وطرف الوقوع ، وإنما غير مفعل إلى لفظ مفعول ؛ لأنه لو بقي على مفعل بضم الميم وفتح العين لم يعلم أهو اسم مفعول لأفعل أو لفعل ، فغيروا مفعول فعل ليتبين وكان أولى بالتغيير بهذه الزيادة لقلة حروفه في التقدير ، بخلاف الرباعي فإنه أكثر منه تقديرا إذ أصل قولك : مكرم مؤكرم باتفاق ، ولما زادوا واوا فتحوا الميم تخفيفا. اه ابن كمال باشا.

(٢) اه حل زنجاني.

(٣) إمّا لفظا أو تقديرا ؛ ليتناول اسم المفعول الذي ليس ما قبل آخره مفتوحا بسبب الإعلال والإدغام مثل مختار ومجاب ومتعد ومحمّر. اه ح.

١٤٧
١٤٨

فصل :

في اسمي (١) المكان والزمان (٢)

اسم المكان هو اسم مشتقّ من : «يفعل» (٣) لمكان وقع فيه الفعل.

فزيدت (٤)

______________________________________________________

(١) قوله : (في اسمي ... إلخ) بلفظ التثنية لكن لما كان اسم كليهما متحدا وحد الاسم. اه جلال الدين.

(٢) قوله : (المكان والزمان) جمعهما في فصل واحد لتلازمهما في الاشتقاق من الفعل ، أي : كل فعل يؤخذ منه المكان يؤخذ منه الزمان أيضا ، ولاتحادهما في الهيئة والظرفية وغير ذلك. اه حنفية.

وإنما اتحدا صيغة ، إمّا لرعاية الأصل إذ المضارع مشترك بين الحال والاستقبال ، وإمّا بأنه لا فعل من أفعال العباد بحيث يوجد معه أحدهما دون الآخر ، فلرعاية تلازمهما اكتفي بصيغة واحدة. اه تبيان.

قوله : (من يفعل ... إلخ) اعلم أن المراد منه المضارع مطلقا معلوما كان أو مجهولا ، وإنما قال هذا ولم يقل من المضارع مع أنه أوضح لمناسبة ما سبق في تعريف اسم الفاعل والمفعول من ذكر هذا اللفظ ، وإن كان المراد في الأول المعلوم ، وفي الثّاني المجهول وههنا المطلق فتدبر. اه غلام رباني.

قوله : (من يفعل) أي : الفعل المضارع مطلقا ، أمّا الفعل فللتلازم إذ الفعل يقتضي الظرف والمكان حتى لا يتحقق بدونه لأنه ما من فعل إلّا وقد تحقق في المكان ومعه الزمان ، وأمّا خصوص المضارع فللتناسب في الحروف والسّكنات عددا. اه تبيان.

(٣) قوله : (فزيدت ... إلخ) إشارة إلى كيفية بناء اسم المكان ، وتحقيقه : لما كان الفعل يدلّ على المكان بالالتزام اشتق له بناء من لفظ الفعل جار عليه في السّكنات وعدد الحروف فزادوا ميما في أوله مع أن حروف العلّة أولى بالزيادة ؛ لأن الأصل فيه ظرف وهو مفعول فيه ـ

١٤٩

الميم كما (١) في : «المفعول» لمناسبة بينهما ، ولم يزد (٢) الواو حتى لا يلتبس به.

وصيغته من باب : «يفعل» : مفعل ك : «المذهب» إلّا من المثال ، فإنه منه بكسر (٣)

______________________________________________________

فأجري مجرى المفعول به في إلحاق الميم أوله أمارة عليه ، كما لحقت في المفعول به أمارة عليه.

وإنما اشتق من المعلوم دون المجهول كاسم المفعول وإن اقتضت المناسبة في المفعولية ذلك ؛ لأن اسم المكان اسم الذات لا اسم المعنى لم يعمل عمل الفعل فيكون وضعه على الإطلاق ، أي : لا من حيث ملاحظة العمل فاشتق مما هو الأصل ، وتعيين اسم الفاعل للمعلوم واسم المفعول للمجهول باعتبار عملهما. اه فلاح.

(١) قوله : (كما في المفعول) في التشبيه إيماء إلى زيادة الميم المتحركة بالفتح فيه بعد حذف حرف المضارعة كما هو في المفعول ، أمّا وجه حركة الميم فإنه واقع في الابتداء إذ الابتداء ، لا يكون إلّا بالمتحرك ، وأمّا وجه تخصيص الفتح فهو أنه على تقدير الضم يلتبس باسم الفاعل من باب الإفعال إن كان العين مكسورا ، وعلى تقدير الكسرة يلزم الالتباس بالآلة مع أن الفتح أخف الحركات ، فلا جرم اختص الفتحة. اه غلام رباني.

(٢) قوله : (ولم يزد ... إلخ) جواب ما يقال المناسب زيادة الواو فيه كما في المفعول رعاية للمناسبة بينهما بأنه إنما لم يزد لأجل دفع الالتباس بالمفعول ، وفيه أمّا أولا فلأنّ في زيادة الواو كما يلزم الالتباس فكذا زيادة الميم بالمصدر الميمي ، فينبغي أن لا يزاد كما لا تزاد ثمة.

اه حنفية.

والجواب بأنه أسهل من الأول فإن اللبس باسم المفعول في الكل بخلاف اللبس بالمصدر الميمي فإنه في البعض ، أعني مفتوح العين ، دون البعض أعني مكسور العين. اه من الإيضاح.

وأمّا ثانيا فإن اسم الظرف من غير الثلاثي مطلقا يجيء على زنة اسم المفعول من هذا الباب ، واكتفي ثمة لدفع الالتباس بالقرينة ، فكذا لو التبس بينهما في الثلاثي واعتمد بقرينة لم تلزم القباحة ، فالحقّ في الجواب أن يقال : بأن حق المناسبة باسم المفعول قد أدى بزيادة الميم المفتوحة في الأول من المضارع بعد حذف حرفه ولا يلزم رعاية حق مناسبته في الأمور كلها ، وأيضا عدم إيراد الأول لرعاية الأصل الذي هو المضارع. اه تبيان.

(٣) قوله : (بكسر العين) وإنما يكون بكسره ؛ لأن الخروج من حروف العلّة إلى الكسرة أخف من الخروج من حروف العلة إلى الضمة أو الفتحة فإن كسر العين في موعد خفيف من ـ

١٥٠

العين نحو : الموجل ، حتى لا يظنّ أن وزنه : فوعل (١) ، مثل (٢) : «جورب» لأنه ليس من اسم المكان والزمان ، ولا يظنّ (٣) فوعل في الكسر ؛ لأن : «فوعلا» (٤) لا يوجد في كلامهم.

______________________________________________________

ضمته وفتحته باللسان ، ولا يخفى أن في كسر العين يلزم الخروج من الضمة إلى الكسرة إذ الواو ولد من ضمتين وهذا أثقل ؛ لأن الواو الساكن في حكم الميت ؛ أو لأن الظرف مأخوذ من المضارع وكونه مكسور العين في المثال أكثر من كونه فيه مضموما أو مفتوحا فكسر عين اسم الظرف في المثال لتبعية الكثير وما جاء منه مفتوح العين أو المضموم فمحمول عليه طردا للباب وإتباعا للقليل الكثير. اه تبيان.

(١) قوله : (فوعل) بفتح الفاء والعين زعما أن الميم من نفس بناء الكلمة لا زائدا عليه فيلزم أصالة الميم وزيادة الواو ، وليس كذلك فتركت الفتحة.

وفيه أن المظن إمّا المتتبع لكتب القوم وإمّا غيره ، فمن إرادة الأول لا مجال لظن أصالة الميم ثمة أصلا لسقوط الميم من المصدر وأكثر أمثلة الاشتقاق ، ومن إرادة الثّاني فهو يظن أيضا في حال الكسرة بأن وزنه فوعل بالكسر ؛ لأن عدم وجدان زنة فوعل بالكسر يعلم بعد التتبع لا قبله ولا تتبع له تأمل ليظهر لك الحق. اه من التبيان.

(٢) قيل على هذا ينبغي أن يكسر عين الظرف في غير المثال أيضا مطلقا سواء كان مضارعه مفتوح العين أو مضموم العين فإن بفتحه ثمة كمفعل أيضا يظن أن وزنه فوعل ؛ إذ مفعل مثله في الحروف والحركات والسّكنات عددا إلّا أن يقال : هذا الظن في غير المثال بعيد جدا ، إذ المعهود أن الزنة يتبع الموزون وحرف العلّة لم تكن في الموزون من الصحيح ، فكيف في وزنه ، وفي الأجوف وإن تحققت إلّا أنه في مقابلة العين ، بخلاف المثال فإن حرف العلّة في الظرف فيه مقام فاء الكلمة كذا قيل. اه تحرير.

(٣) قوله : (ولا يظن) جواب ما يقال : بأنه كما يظن بفتح عين ظرف المثال أن وزنه فوعل فكذا للظان أن يظن في كسر عينه في المثال كونه زنة فوعل بكسر العين بأنه لا يظن ... إلخ. اه عصام.

(٤) قوله : (لأنّ فوعلا ... إلخ) وهذا الدليل ليس بسديد ؛ لأن المكان من الفعل الصحيح مثل المذهب قد يظن أن وزنه فعلل مثل جعفر وهو ليس بمكان مع أنه لم يكسر بل أبقي على حاله ، والأولى ما ذكره المحققون من أنهم كسروا العين في معتل الفاء ؛ لأن الكسر مع الواو أخف من الفتح معه ؛ لأن موعدا وموجلا بالكسر أخف من موعد وموجل بالفتح ، وذلك لما قيل من أن المسافة بين الفتحة والواو منفرجة بخلاف الكسر مع الواو ، لا يقال : الفتح أخف الحركات ، والكسر ثقيل فاستعمال الأخف مع الواو أخف من استعمال الثقيل معه ؛ ـ

١٥١

ومن باب : «يفعل» مفعل إلّا من الناقص ، فإنه منه يجيء بفتح العين (١) ، نحو :

المرمى ، فرارا عن توالي الكسرات (٢) ؛ لأن الياء كسرتان ، والميم مكسورة ، فيصير توالي الكسرات.

ولا يبنى من : «يفعل» (٣) : مفعل ، لثقل الضمة ، فقسّم موضعه (٤) بين : مفعل ، ومفعل ، فأعطي ل : «المفعل» أحد عشر اسما ، نحو : المنسك ، والمجزر ، والمنبت ، والمطلع ، والمشرق ، والمغرب ، والمسقط ، والمرفق ، والمسكن ، والمسجد ، والمفرق (٥) ،

______________________________________________________

لأنا نقول : جاز أن يكون للثقيل مع الثقيل حالة موافقة يصير التلفظ بها يسيرا مما ليس بين الخفيف والثقيل ؛ لجواز كون حالة انفراد الثقيل مغايرة لحالة اجتماعه يعرفه من له ذوق سليم. اه ابن كمال باشا.

(١) قوله : (بفتح العين) مطلقا أي : سواء كان المضارع بكسر العين كيرمي ، أو الفتح كيخشى ، أو الضم كيدعو فالظرف من الأول مرمى ، ومن الثّاني مخشى ، ومن الثّالث مدعى. اه ش.

(٢) قوله : (عن توالي الكسرات ... إلخ) فإن قيل : إن في رامي ويرمي أيضا توالي الكسرات فعلى ما قلت ينبغي أن يفتح العين فيهما فرارا ... إلخ؟.

قلت : كسر العين فيهما لضرورة خوف الالتباس فإنه لو فتحت العين في رام لالتبس بماضي باب المفاعلة ، وكذا في يرمي إن فتحت لاشتبه بيفعل بفتح العين ، وفيه أن في مرمى بفتح العين أيضا يلتبس بالمصدر الميمي ، إلّا أن الالتباس بالمصدر الميمي لقلة استعماله لا بأس به تأمل. اه تبيان.

(٣) قوله : (ولا يبنى ... إلخ) جواب لما يقال من أنه ينبغي أن يكون الظرف من يفعل مضموم العين بضمة ؛ ليوافق حركته حركة عين المضارع ، بأن عدم ضمته لأجل الثقل. اه تحرير.

(٤) قوله : (فقسم موضعه) أي : ظرف يفعل معلوما كان أو مجهولا مطلقا ، سواء كان من الصحيح أو المثال أو الأجوف أو المعتل أو المهموز على قسمين أحدهما مفعل بالفتح ، والثّاني مفعل بالكسر ، وجه حصر القسمة بين القسمين ؛ لعدم مجيء مفعل بالضم في كلامهم كما يفصح ذلك من الكتاب بدلائله. اه شرح.

قوله : (مفعل) بكسر العين فلا تباين بينه وبين مضارعه إلّا أن الميم المفتوحة تقوم مقام الياء المفتوحة كمضرب من يضرب. اه فلاح.

أي : إنما لم يجز أن يكون وزن اسم المكان فوعل مثل جورب ؛ لأن ... إلخ. اه فلاح.

(٥) لوسط الرأس لأنه موضع فرق الشعر ، قال الفراء : الفتح في كله جائز. اه ف.

١٥٢

والباقي (١) ل : «المفعل» لخفّة الفتحة ، واسم الزمان مثل (٢) المكان ، نحو (٣) : مقتل الحسين.

* * *

______________________________________________________

(١) من هذه الكلمات من مضموم العين أعطي للمفعل ... إلخ. اه ف.

(٢) قوله : (مثل المكان) في كل ما ذكرنا من الأحكام لا في تعريفه فيعرف بأنه اسم مشتق من يفعل لزمان وقع فيه الفعل ، وكل مثال يصلح للزمان من غير فرق في الصحيح ومعتل الفاء واللام وكذا في اللفيف. اه فلاح.

(٣) قوله : (مقتل ... إلخ) وهو يصلح للزمان والمكان وجميع ما ذكره في الثلاثي المجرد ، وأمّا ماعدا الثلاثي المجرد فاسم الزمان والمكان وكذا المصدر الميمي كله منها على وزن اسم المفعول كالمخرج من أخرج ، والمدحرج من دحرج ، وكذا ما عدّ المصنف. اه مولينا أحمد رحمه‌الله تعالى.

١٥٣
١٥٤

فصل :

في اسم الآلة (١)

وهو اسم مشتقّ من : «يفعل» للآلة (٢) ، أي لما يعالج به.

وصيغته : مفعل ، نحو : مضرب (٣) ، ومن ثمّ قال الصرفيّون :

______________________________________________________

المفعل للموضع ، والمفعل للآلة ،

والفعلة للمرّة ، والفعلة للحالة (٤)

(١) اعلم أن اسم الآلة إنما يجيء في المتعدي من الثلاثي المجرد ولا يجيء من الفعل اللازم وغير الثلاثي المجرد ، أمّا وجه عدم مجيئها في الأول فلأنها واسطة بين الفاعل والمفعول به ؛ لوصول أثره إليه ولا مفعول هناك ، وأمّا في الثّاني فلما مر في اسم التفضيل فتذكر. اه مولوي غلام رباني رحمه‌الله.

(٢) قوله : (للآلة) أي : ليدل على الآلة اللغوية للفعل ، وهي ما يستعان به في الفعل كالقلم للكتابة فكأنّه قال : اسم مشتق من يفعل لما يستعان به في ذلك الفعل فكان تعريف الآلة الاصطلاحية بالآلة اللغوية.

فلا يتوجه أن يقال : إن تعريف اسم الآلة بالآلة دوري لتوقف معرفة اسم الآلة على معرفة الآلة حينئذ ، وقد يطلق اسم الآلة على ما يفعل فيه كالمحلب بكسر الميم : وهو الإناء الذي يحلب فيه اللبن. اه ابن كمال باشا رومي رحمه‌الله تعالى.

(٣) اعلم أن اسم الآلة من الثلاثي الذي فيه علاج وانفعال يأتي على مفعل كمنصر ، ومفعال كمفتاح ، ومفعلة كمكسحة ، فالأولان قياسيان ، والثّالث سماعي ، والمصنف لم يذكر هذا الوزن السماعي لعدم اطلاعه ، وفصل الثّاني عن الأول لعدم شهرته بالنسبة إلى الأول ، فكأن صيغة الآلة منحصرة عنده في مفعل ومن ثم قال الصّرفيون : المفعل للموضع. اه شمس الدين رحمه‌الله.

(٤) قوله : (للحالة) أي : لبناء النوع وإنما عبروا عن النوع بالحالة ؛ لأن المراد بالنوع الحالة التي عليها الفاعل عند الفعل تقول : هو حسن الركبة إذا ركب وكان ركوبه حسنا ، يعني أن ذلك عادته في الركوب ، وتقول : هو حسن الطعمة ، أي : إن ذلك لما كان موجودا منه صار ـ

١٥٥

وكسرت الميم (١) للفرق (٢) بينه (٣) وبين الموضع.

______________________________________________________

حالة له ، ومثله العذرة لحالة وقت الاعتذار ، كذا قيل.

اعلم أن معنى قول الصّرفيين : إن الأوزان الأربعة المذكورة تطلق على هذه المعاني الأربعة المذكورة ؛ لأن المعاني الأربعة ينحصر أوزانها في هذه الأربعة ، إذ قد علمت أن وزن الموضع ، إمّا مفعل بفتح العين ، أو مفعل بالكسر وكذا أن وزن الآلة ، إمّا مفعل بفتح العين أو مفعال أو مفعلة ، كما أشرنا إليه ، وكذا أن وزن المرة إمّا فعلة بفتح الفاء ، أو فعلة بكسرها ، أو فعلة بضمها ، وذلك ؛ لأن الفعل الثلاثي الذي يراد بناء المرة منه ، إمّا أن يكون في مصدره تاء كنشدة وكدرة ، أو لا فإن كان الثّاني فالمرة منه على فعلة بالفتح نحو ضربة ، وإن كان الأول فالمرة منه على مصدره المستعمل بلا فرق في اللفظ نحو نشدة وكدرة ، والفارق حينئذ القرائن كنشدة واحدة ، وإذا لم تقيد بمثل الواحد كان مصدرا مستعملا ، وشذ قولهم : أتيته إتيانة ولقيته لقاية ؛ لأنهما من الثلاثي الذي لا تاء في مصدره إذ مصدرهما إتيان ولقاء ، والقياس أتيته ولقيته بفتح أولهما ، وكذا أن وزن النوع إمّا فعلة أو فعلة أو فعلة بالحركات الثلاث ؛ وذلك لأن الفعل الثلاثي الذي يراد به بناء النوع منه ، إمّا أن يكون في مصدره تاء أو لا ، فإن كان الثّاني فالنوع منه على فعلة بالكسر نحو ضربة ، وإن كان الأول فالنوع على مصدره المستعمل أيضا كنشدة وكدرة ورحمة والفارق القرائن كنشدة لطيفة ، هذا إذا كان الفعل ثلاثيا ، وأمّا إذا كان غيره فإن كان في مصدره تاء فالمرة والنوع على مصدره المستعمل ، والفارق القرائن أيضا نحو استقامة ودحرجة واحدة أو حسنة وإن لم يكن فيه التاء فالمرّة والنوع على وزن مصدره مزيدا عليه تاء المرة والنوع نحو انطلاقة واحدة وتدحرجة واحدة أو حسنة. اه شرح كافية التصريف.

(١) اه تبيان.

(٢) قوله : (للفرق ... إلخ) اه تتمة البيان.

(٣) قوله : (للفرق ... إلخ) ولم يضم بثقله ، ولئلا يلتبس بمفعول باب الإفعال ، ولم يعكس الأمر ؛ لأن الموضع أكثر استعمالا بالنسبة إلى الآلة ، والفتح أخف ، والأخف أولى لما كثر استعماله ، ولأن زيادة الميم في الموضع لمناسبته للمفعول والميم مفتوح فيه فزيد في الموضع مفتوحا فبقي الكسرة للآلة للفرق. اه أحمد.

لمجيء الظرف من جميع الأبواب بخلاف اسم الآلة فإنه لا يجيء إلا من الثلاثي المجرد المتعدي. اه تبيان.

١٥٦

ويجيء على وزن : مفعال (١) ، نحو : مقراض ، ومفتاح.

ويجيء مضموم العين والميم معا ، نحو : المسعط (٢) ، والمنخل ، والمدهن ، ونحوها ، وقال سيبويه : هذان من عداد (٣) الأسماء ، يعني : «المسعط» و «المنخل» اسم (٤) لهذا الوعاء ، وليس بآلة ، وكذلك أخواته (٥).

* * *

______________________________________________________

(١) ولم يذكر مفعلة مع أن اسم الآلة يجيء بهذا الوزن أيضا لقلته ؛ لكونه سماعيا على ما في الفلاح. اه تحرير.

(٢) قوله : (نحو المسعط) فإن قيل : المسعط إناء يجعل فيه السعوط ، فالمسعط ظرف ، والظرف لا تكون آلة الشيء ؛ إذ الظرف عبارة عما يوضع الشيء فيه ، والآلة اسم لما يعالج به فيتنافيان فلا يصلح عده من الآلة ، كما جعله المصنف؟.

قلت : إن للمسعط اعتبارين فمن حيث إنه يوضع الدواء فيه ظرف ، ومن حيث إنه آلة لإراقة الدواء في الأنف فهو آلة ، فعده من الآلة بالاعتبار الثّاني ، ونظيره الصدف فمن حيث إن الصدف يوضع الدواء فيه ظرف له ومن حيث إنه يصب به ذلك الدواء في الفم أو الأنف أو الأذن آلة له ، وكذا التفصيل في المدهن والمحرضة. اه مهديه.

(٣) لأن الاسم المشتق من يفعل لم يجئ على وزن مفعل بضم الميم والعين فيكونان من الأسماء الجامدة كسائر الأسماء الجامدة. اه ح.

(٤) يعني الجاري على الفعل لا يختص بآلة مختصة ، وهذه آلة مخصوصة فلا يقال إلا لآلة جعلت للسعوط ولو جعلت في وعاء الدهن لا يسمى مسعطا بل مدهنا. اه عبد.

(٥) قوله : (أخواته) أي : كل ما يجيء بضم العين والميم معا كالمدق والمدهن والمحرضة.

فإن قلت : ما الفرق بين كون تلك الأشياء أسماء مخصوصة وبين كونها آلة بحسب المعنى؟.

قلت : لأن المدهن مثلا إذا جعل اسما لوعاء الدهن لا يصح إطلاقه إلا على وعاء اتخذ في أصل وضعه للدهن سواء كان فيه دهن أو لا ، فلا يصح إطلاقه على وعاء فيه دهن لكنه متخذ لغير الدهن كأوعية الماء مثلا.

وإذا جعل آلة يصح إطلاقه على كل وعاء فيه دهن سواء اتخذ له أو لغيره حتى لو كان الدهن في ملعقة أو جلدة أو كاغذة يصح إطلاقه عليها حينئذ كالمفتاح فإنه يصح إطلاقه على كل ما يفتح به الباب من حديد أو خشب أو غير ذلك ، وقس عليه ما عداه مما جاء بضمتين سواء ألحقت فيه تاء أو لا كذا قالوا. اه فلاح.

١٥٧
١٥٨

الباب (١) الثاني :

في المضاعف (٢)

ويقال له : «الأصمّ» (٣) لشدّته ، ولا يقال له : «الصحيح» لصيرورة أحد حرفيه

______________________________________________________

(١) قوله : (الباب ... إلخ) وإنما قدم هذا الباب على المهموز لقربه من الصحيح بالنسبة إلى المهموز ؛ لأن إبدال حروف العلّة من أحد حرفي المضاعف قليل وتخفيف الهمزة وتليينها كثير شائع حتى كان المهموز كالمعتل في التخفيف والتليين ولما كان مقدما على المهموز وهو مقدم على سائر الأبواب كان مقدما عليها. اه ابن كمال.

(٢) قوله : (المضاعف) وهو اسم مفعول من ضاعف ومعناه لغة ما يزاد عليه شيء فيصير مثليه أو أكثر ، وأمّا معناه اصطلاحا فهو من الثلاثي والمزيد فيه منه ما كان عينه ولامه حرفين متماثلين كردّ وأعدّ ، ومن الرباعي المجرد والمزيد فيه منه هو الذي فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد ، وكذا عينه ولامه الثّانية من جنس واحد ، نحو زلزل وتزلزل فتعريفا القسمين يشملان الصحيح والمعتل نحو مدّ وحيّ وزلزل وولول ، ومثل (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) [البقرة : ١٦] ، لا يسمى مضاعفا بل يسمى مدغما ، وكذا مثل الرحمن ومثل عليّ وإليّ وكذا كل كلمة اجتمع فيها حرفان من جنس واحد ، ولكن ليس شيء منهما عينا ولا لاما نحو اجلوذّ ، أو كان أحدهما لاما والآخر لا يكون عينا ، أو بالعكس نحو إحمرّ واحمارّ واقشعرّ ونحو قطّع.

واعلم أن المضاعف من الرباعي يسمى مطابقا بفتح الباء أيضا لتطابق بعض حروفه لبعضه ؛ لأن فاءه مطابقة للامه الأولى ، وعينه مطابقة للامه الثّانية ، ولم يمكن فيه الإدغام للفصل بين الاثنين. اه فلاح مختصرا.

والسر في ترك تعريفه الاكتفاء بشهرته إذ كل أحد عالم بأن المضاعف ما اجتمع فيه حرفان من العين واللام من جنس واحد فكان مشابها بالبديهي ، والبديهي غير مفتقر إلى التعريف.

اه تحرير.

(٣) قوله : (الأصم) وهو من به وقر في الأذن فلا يسمع الصوت الخفي فيحتاج إلى شدة الصوت ، والمضاعف أيضا يحتاج إلى شدة الصوت ؛ لعدم إمكان النطق به عند الصوت الخفي ، فمعنى قوله لشدته : لشدة المضاعف عند النطق به. ـ

١٥٩

حرف علّة في نحو : تقضّى (١) البازي.

وهو يجيء من ثلاثة أبواب (٢) ، نحو :

سرّ يسرّ.

وفرّ يفرّ.

وعضّ يعضّ.

______________________________________________________

وأيضا المضاعف لا يتحقق إلا بتكرير الحرف الواحد كما أن الأصم لا يسمع الصوت إلا بتكريره ، وأيضا الأصم : الحجر الصلب المصمت ، أي : الحجر الشديد الذي لا جوف له ولا فرجة فيه ، بل هو مملوء مشدد جدا ، والمضاعف لما كان مدغما ومشددا يسمى به ، وهذا الوجه أوفق لقوله : لشدته ، ويقتضي أن لا يسمى المضاعف من الرباعي اسم ، وعذره أنه يكفي في التسمية بهذا الاسم للمضاعف مطلقا تحقق سبب التسمية في بعض منه ومثل ذلك شائع كثير ، وربما يلتزم بأن المضاعف من الرباعي لا يسمى أصمّ ، كما أن المضاعف من الثلاثي لا يسمى مطابقا. اه شمس الدين رحمه‌الله.

(١) أي : انقض أصله تقضّض من باب تفعّل فاجتمع فيه الضّادات فاستثقلوا ذلك فقلبوا الأخيرة ياء ، ثم أبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وإنما خص الأخيرة بالإبدال ؛ لأن الثقل إنما نشأ منها فهي أجدر بذلك ، أو لأنها لام الفعل وهي محل التغيير ، والإبدال نوع منه فيكون اللام أجدر به ، لا يقال : إن حرفي التضعيف باقيان على أصلهما حينئذ إذا الضّاد في تقضّى مشددة ، لأنا نقول : إنّ حرفي التضعيف عين الكلمة ولامها والمقلوب ههنا هو لام الكلمة وأما أولى الضّادين الباقيين فعين الكلمة والأخرى زائدة.

واعترض على قوله : لصيرورة أحد حرفيه حرف علّة ، بأن إبدال أحد حرفيه بحرف علّة شاذ مع أنه لا يقتصر على المضاعف بل يجري في الصحيح أيضا كالسادي والثالي والثعالي والأناسي والضفادي ، فينبغي أن لا يقال للصحيح صحيح أيضا ، وأجيب عنه بأن هذا الإبدال في المضاعف كثير شائع يكاد أن يكون قياسا بخلاف الصحيح فافترقا ، لكن الحكم بكثرته في المضاعف وقلته في الصحيح لا يخلو عن قلق ما لم يبين ، والأولى أن يقال : إنه لا يقال له صحيح ؛ لأنه لا يخلو عن شدة وثقل لا يوجد في فرد من أفراد الصحيح ، ولأنه لا يخلو عن إبدال وإدغام وحذف أو تكرار ، وهذا المجموع لا يوجد في الصحيح. اه من الشروح.

(٢) وهي التي تسمى دعائم الأبواب لاختلاف حركاتهن في الماضي والمستقبل وكثرتهن ، ودليل الانحصار في هذه الثلاثة الاستقراء. اه ف.

١٦٠