مراح الأرواح

المؤلف:

أحمد بن علي بن مسعود حسام الدين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤

أَشْراطُها) [محمد : ١٨] ، وعند أهل الحجاز يخفف كلاهما ، وعند بعض العرب تقحم بينهما الألف (١) للفصل ، نحو :

 ...

 ... أأنت (٢) أم أمّ سالم (٣)

______________________________________________________

عند الثّانية ، فلا يصار إلى التخفيف قبل حصول الاستثقال ، وأما القول بإدخال ألف الفصل بينهما لفظا لا خطا أشار إليه بقوله : وعند بعض العرب ... إلخ.

ثم قاعدة تخفيف أحدهما أن هاتين الهمزتين إما متفقتان في الحركة نحو (أَوْلِياءُ أُولئِكَ) [الأحقاف : ٣٢] و (جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨] ، وإمّا مختلفين فيها كما في جاء إبل فعند الاتفاق إما أن تكون الهمزة الأولى في آخر الكلمة أو لا ، فإن كانت في آخرها جاز حذف أول المتفقين إن أريد التخفيف فيها ، وكذا جعل الثّانية بين بين إن أريد فيها ، ونقل قلب الثّانية حرف مد أي : ألفا إن انفتحت الأولى ، وواوا إن ضمت ، وياء إن انكسرت ، فعلى هذا تجعل الهمزة الثّانية ألفا في جاء أشراطها ، ثم حذف لالتقاء الساكنين ، وإن كانت في الأولى فإن كانت في الأولى فإما أن تخفف الأولى أو الثّانية فإن تخفف الثّانية فاجعلها بين بين كما في سأل ، وإن تخفف الأولى فإما أن تكون قبلها حرف آخر أو لا ، فإن لم تكن فلا تخفف ؛ لأن الهمزة المبتدأ بها لا تخفف ، وإن كان فإما مفتوحا فتجعل بين بين نحو سأل ، وإما مكسورا أو مضموما فتجعل ياء أو واوا كما في مير ومؤجل ، وقال بعضهم : تجعل الألف في اللفظ دون الخط في المتفقين متمسكين بقول الشاعر : أأنت ... إلخ ، وعند الاختلاف تخفف أيتهما على حسب قانون تخفيف الهمزة المفردة نحو : جاءني قارء أبيك ، إلا أن الأولى عنده تجعل بين بين كما في مستهزئون ، والثّانية تبدل بحرف يوافق حركة ما قبلها كما في أواخذ هذا فإنه ينفعك في مواضع شتى ، والتفصيل في الرضي والنظامي ، فإن أردت الاطلاع فارجع إليهما. اه فقير عبد القدير.

(١) في اللفظ دون الخط كراهة اجتماع ثلاث ألفات ، وذكر ابن الحاجب في شرح المفصل : لم يثبت إقحام الألف إلا في مثل أانت وشبهه. اه ف.

(٢) أي : نحو قول ذي الرمة :

فيا ظبية الوعساء بين جلاحل

وبين النقاء أانت أم سالم

الوعساء : الأرض اللينة ، وجلاحل بالجيم المفتوحة والحاء المهملة المضمومة اسم موضع ، ونقاء اسم موضع آخر ، وأم سالم حبيبته ، سمي هذا النوع في الكلام تجاهل العارف وهو سوق المعلوم مقام غيره لنكتة كالتحير في هذا المثال ، فلما رأى الشاعر ظبية في هذا الموضع مشابهة بأم سالم وهي حبيبته في الحسن والجمال تجاهل لتحيره في الحب في أن تلك الظبية ، ظبية أو هي أم سالم فخاطبها وناداها فقال : يا ظبية ... إلخ. اه أحمد.

(٣) بعض بيت من البحر الطويل ، وهو لذي الرمة في الجمل في النحو ص ٢٥٠ ، وكتاب سيبويه ٣ / ٥٥١ ، والأمالي للقالي ٢ / ٦١.

٢٠١

ولا تخفف (١) الهمزة في أول الكلمة لقوّة (٢) المتكلم في الابتداء ، وتخفيفها (٣) بالحذف في : «ناس» أصله : أناس ، شاذ ، وكذلك في الله ، أصله : إله (٤) ، فحذفوا

______________________________________________________

(١) بوجه من وجوه التخفيف إذا وقعت في أول الكلمة ، أي : إذا ابتدأ بها ، وأما إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة ولكن لم يبدأ بها بشيء قبلها جاز تخفيفها ، ولهذا جوّزوا تخفيف الهمزتين معا ، وثانيتهما في مثل (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨] مع أن الثّانية وقعت في أول الكلمة.

اه فلاح.

(٢) قوله : (لقوة ... إلخ) ولأنه لو خففت وجعلت بين بين يقرب الهمزة المبتدأة من الساكن فكره أن يبتدأ بما يشبه الساكن ، ولما لم يجز بين بين وهو الأصل في تخفيف الهمزة كما مر حملوا الباقي عليه ، ولا يرد عليه نحو خذ أصله اؤخذ فخففت الهمزة بالحذف من أوله ؛ لأنه حذفت الهمزة الثّانية تخفيفا ، ثم استغني عن همزة الوصل فحذفت فلم تخفف الهمزة الأولى ، ولا نحو قل وأصله اقول لأنا نمنع أن أصله ذلك ؛ لأنه مأخوذ من تقول فحذفت حرف المضارعة وسكون اللام للجزم فصار قول فحذفت الواو للساكنين فصار قل فلم يوجد سبب وجود الهمزة وهو سكون القاف فلا يتحقق الهمزة ولا تخفيفها ، أو نقول : سلمنا أن أصله اقول لكن أعل بنقل حركة الواو إلى القاف وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فاستغني عن همزة الوصل فحذفت لا على وجه التخفيف بل لعدم الاحتياج إليه كما ذكره الجاردبردي. اه شمس الدين.

تشريحه على ما قيل : إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة لا تخفف بوجه من الوجوه المذكورة ؛ لأن الهمزة المبتدأة بها لو خففت لم يمكن التخفيف بإبدال الألف عنها لامتناع وقوع الألف في الابتداء ولا بإبدال الواو والياء عنها ؛ لأن الإبدال بهما لا يكون إلا إذا كانت ساكنة أو مفتوحة قبلها ضمة أو كسرة ، وكل ذلك منتف عند وقوع الهمزة ابتداء ولا بالحذف فإنه مشروط بما إذا تقدم بها ساكن ، وهو منتف فيما نحن بصدده ، ولا بجعلها بين بين لكراهتهم الابتداء بالساكن ؛ لأن همزة بين بين قريب من الساكن على مذهب البصريين ، وأما على مذهب الكوفيين فيلزم الابتداء بالساكن ؛ لأنها ساكنة عندهم. اه مولوي عبد الحكيم سيالكوني.

(٣) قوله : (وتخفيفها ... إلخ) جواب لما يقال : إن قولكم : ولا تخفف الهمزة في أول الكلمة غير صحيح إذ قد تخفف الهمزة في ناس أصله أناس وكذا في الله كما لا يخفى بأن التخفيف في هذين الموضعين شاذ لا يعتد به. اه أحمد رحمه‌الله.

(٤) قوله : (إله) اعلم أن إله فعال بمعنى مفعول من أله يأله بالفتح فيهما ، أي : عبد فمعنى إله مألوه معبود كقولنا : إمام بمعنى مؤتم به ، فعلى هذا في الألف واللام مذهبان أحدهما أن يكونا عوضين عن الهمزة المحذوفة ومع هذا يفيد التعريف أيضا ، وهو مذهب أبي علي النحوي ، واستدل عليه بكون همزته للقطع حالة النداء حيث يقال : يا ألله بالقطع ، وثانيهما أن ـ

٢٠٢

الهمزة فصار : لاه ، ثم أدخلوا الألف واللام ، فصار : اللاه ، ثم أدغمت اللام في اللام ، فصار : الله.

وقيل : أصله الإله ، فحذت الهمزة الثانية فنقلت (١) حركتها إلى اللام ، فصار : اللاه ، ثم أدغمت (٢) اللام في اللام ، فصار : الله ، كما في (٣) : «يرى» (٤) أصله : يرأي ، فقلبت الياء (٥) ألفا لفتحة ما قبلها ، ثم ليّنت الهمزة (٦) ، فاجتمع ثلاث سواكن ، فحذفت الألف فأعطي حركتها إلى الراء ، فصار : يرى.

وهذا (٧)

______________________________________________________

يكونا للتعريف لا للتعويض وهو مذهب جمهور أهل اللغة ، واستدلوا بأنه لو كانتا عوضا من الهمزة لما اجتمعتا حينئذ مع المعوض في قولهم : الإله ، وقالوا : وقطعت الهمزة في النداء للزومها ، والمصنف أطلق القول ولم يقيد بكونهما للتعويض أو للتعريف ليشمل المذهبين ، هذا وقد جوز سيبويه أن يكون أصل اسم الله تعالى لاه بغير همزة من لاه يليه ، أي : تستر ، ثم لما أدخلت عليه الألف واللام أجري مجرى اسم العلم كالحسن والعباس ، إلا أنه يخالف سائر الأعلام من حيث إنه كان في الأصل صفة ، وقولهم : يا ألله بقطع الهمزة إنما جاز ؛ لأنه ينوي به الوقف على حرف النداء تفخيما للاسم كذا في مختار الصحاح. اه ابن كمال باشا.

(١) قوله : (فنقلت ... إلخ) الفاء بمعنى إذ التعليلية أي : إنما حذفت الهمزة إذا نقلت حركتها ...

إلخ فحينئذ يكون الحذف بعد نقل الحركة ، فلا يرد ما قيل : إن الهمزة لما حذفت لم تبق الحركة لتوقفها بالهمزة فكيف نقلت حركتها ، تدبر. اه تحرير.

(٢) قياسا ، فعلى هذا لا يكون حذف الهمزة شاذا ؛ لأن الهمزة إذا تحركت وسكن ما قبلها كان القياس في تخفيفها أن تحذف الهمزة وأعطى حركتها إلى ما قبلها ، كما في مثل الحمر وكما في يرى ... إلخ. اه ف.

(٣) التشبيه في الحذف بعد التليين ، ثم نقل الحركة دون الإدغام. اه عبد الحكيم.

(٤) قوله : (يرى) فيه حذف وبدل ، وهو من قبيل توالي الإعلالين وذلك ممنوع ، وإنما جوزوه على خلاف القياس ومع ذلك فصيح ، فعلم أن الشاذ المستعمل لا يمنع الفصاحة. اه مولوي.

(٥) قوله : (فقلبت الياء ... إلخ) تقديم إعلال الياء وقلبها ليس بواجب فإنه لو قدم إعلال الهمزة يصح أيضا ، لكنه مستحسن لكون الياء حرف علّة ، ولكونه في آخر الكلمة والأواخر محل التغيير. اه.

(٦) هذا اختيار المصنف ، وأمّا عند غيره فنقل حركة الهمزة إلى ما قبلها ثم حذفت. اه مولوي.

(٧) جملة مستأنفة فكأنها وقعت في جواب سائل بأن هذا التخفيف في يرى واجب أم جائز ـ

٢٠٣

التخفيف واجب (١) في : «يرى» دون أخواتها مع (٢) اجتماع حرف علّة بالهمزة في الفعل الثقيل ، لكثرة الاستعمال ، ومن ثمّ لا يجب : «ينى» في : ينأى (٣) ، و «يسل» في : يسأل ، و «مرى» في : مرأى (٤).

وتقول في إلحاق (٥) الضمائر : رأى ، رأيا ، رأوا ، رأت ، رأتا ، رأين ... إلخ ،

______________________________________________________

بأنه واجب ، ثم لما كان مظنة أن يسأل أن وجوب هذا التخفيف مختص بيرى أم يجري في أخواته أيضا كنأى ينأى مثلا أشار إلى دفعه بإيراد قوله بعيده : دون أخواتها ودليله ظاهر. اه تحرير.

(١) حتى لا يجوز استعمال الأصل والرجوع إليه إلا في ضرورة الشعر كقوله :

ألم تر ما لاقيت والدّهر أعصر

ومن يمتد العيش يرأى ويسمع (١)

اه. ف.

(٢) قوله : (مع ... إلخ) فعلم من قول المصنف أن شروط وجوب الحذف ثلاثة :

أحدها : كثرة الاستعمال.

وثانيها : اجتماع حرف العلّة بالهمزة.

وثالثها : أن تجمعا في الفعل.

فمتى اجتمعت هذه الشروط في كلمة وجب تخفيفها وجوبا غير قياس كما سيصرح ، ومتى انتفى واحد منها لم يجب التخفيف وقد تحقق كلها في ترى فحذفت الهمزة منه على سبيل الوجوب كذا في العصام. اه فلاح.

(٣) قوله : (في ينأى) بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى النون قبلها ويجوز إبقاؤها لفقدان الشرط الأول وهو كثرة الاستعمال. اه أحمد.

(٤) قوله : (في مرأى) اسم مكان من رأى بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى الراء قبلها وإن لم يستعمل كما سيجيء ، وجاز إبقاؤها لفقدان الشرط الثّالث وهو اجتماع حرف علّة مع الهمزة في الفعل وعلى إبقائها في قول الشاعر :

حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي

فأنت بمرأى من سعاد ومسمع

اه. شمس الدين رحمه‌الله تعالى.

(٥) قوله : (في إلحاق ... إلخ) لما فرغ المصنف رحمه‌الله من بيان الهمزة المجردة من الضمير شرع في بيان أحكامها إذا لحقها الضمير مستكنة كانت أو بارزة بقرينة المثال ، فقال : وتقول في إلحاق ... إلخ ، رأى رأيا بإثبات الهمزة ، والماضي وإن كان كثير الاستعمال نحو مضارعه ـ

__________________

(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في أخبار الزجاجي ص ٧٠ ، ولسان العرب ، مادة (رأي).

٢٠٤

وإعلال (١) الياء سيجيء في باب الناقص.

المستقبل : يرى يريان يرون ، ترى تريان يرين ، ترى تريان ترون ، ترين تريان ترين ، أرى نرى.

وحكم : «يرون» كحكم : يرى ، ولكن (٢) حذف الألف الذي في : «يرون» لاجتماع الساكنين الألف وواو الجمع.

وحركة (٣) الياء في : «يريان» طارئة (٤) ، ولا تقلب (٥) ألفا ؛ لأنه لو قلبت يجتمع

______________________________________________________

إلا أنه غير ثقيل مثل المضارع ؛ لخلوه عن الزوائد والله تعالى اعلم. اه تحرير.

(١) قوله : (وإعلال الياء ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : لم لم يبين وجه إعلال الياء كما بين وجه إعلال الهمزة من الحذف ونقل الحركة ، وغيرها فأجاب بقوله : وإعلال ... إلخ.

اه حنفية.

(٢) لعله جواب عما يقال : لما كان حكم يرون كحكم يرى فما السّرّ في أنه تحذف الألف المنقلبة من الياء في يرون ولم تحذف في يرى ، بأنه حذف الألف ... إلخ. اه لمحرره رحمه‌الله.

قوله : (ولكن حذف الألف الذي في يرون ... إلخ) ولم يحذف ذلك الألف في يرى ، يعني أن أصل يرون يرأيون على وزن يعلمون فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما في يرأى فالتقى الساكنان هذا الألف وواو الجمع بعدها فحذفت الألف ؛ لأن الواو علامة فبقي يرأون ، ولم يحذف هذا الألف في يرى لعدم التقاء الساكنين ثم لينت الهمزة ، فاجتمع ثلاث سواكن الراء والهمزة والواو فحذفت الهمزة وأعطي حركتها التي هي الفتحة للراء الساكنة قبلها كما في يرى فصار يرون. اه ابن سليمان.

(٣) قوله : (وحركة الياء ... إلخ) دفع سؤال يمكن تحريره بوجهين ، الأول أن يريان تثنية يرى المفرد والتثنية فرع المفرد ، والياء فيه ليست بمتحركة لصيرورتها ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فينبغي أن لا تتحرك في التثنية منه أيضا توافقا بين الفرع والأصل ، والثّاني أن يرى أصله يرأى فقلبت الياء ألفا لتحركها وفتحة ما قبلها ، وياء يريان أيضا متحركة وما قبلها مفتوح فينبغي أن تقلب ألفا ، وتشريح الجواب أن الياء لم تتحرك في التثنية أيضا فحركتها طارئة غير معتد بها ؛ لكونها في شرف الزوال فلم يخالف الفرع الأصل. اه لمحرره.

(٤) أي : عارضة لأجل الألف للتثنية فيه ؛ لأن ما قبل الألف لا بد أن يكون مفتوحا ، ولو لا الألف لكانت الياء مضمومة كما في المفرد. اه ف.

(٥) قوله : (ولا تقلب ... إلخ) جواب لما يتجه أن ما قلتم من علّة قلب الياء ألفا في يرى تحرك الياء وفتحة ما قبلها موجود في يريان أيضا ، فلم لم تقلب الياء في يريان ألفا؟ بأنه لو قلبت الياء في يريان ألفا يجتمع الساكنان على غير حدّه وذا لا يجوز ، ثم لما توجه بأنه لا بأس باجتماع الساكنين ثمة إذ دفعه ممكن بأن يحذف أحدهما ، دفعه بقوله : ثم لو حذف ... إلخ ، ـ

٢٠٥

ساكنان ، ثم لو حذف أحدهما فيلتبس بالواحد في مثل : لن يرى (١) ، ب : يرى ، وأن يرى.

وأصل : «ترين» : ترأيين ، على وزن : تفعلين ، فحذفت (٢) الهمزة كما في : «يرى» فصار : تريين ، ثم جعلت الياء ألفا لفتحة ما قبلها (٣) ، فصار : تراين ، ثم حذفت الألف لاجتماع الساكنين ، فصار : ترين ، وسوّي (٤) بينه وبين جمعه اكتفي

______________________________________________________

ولما ورد على هذا الجواب بأنه غير مستقيم إذ لا التباس بالواحد عند حذف أحدهما فإنه حينئذ يصير يران والواحد ليس إلا يرى ، فقال لدفع ذلك : في مثل لن يرى ... إلخ ، توضيحه أنه ليس مرادنا بالالتباس الالتباس مطلقا بل فيما أدخلت عليها لن أو أن الناصبتين ، فإذا التبس في هذه الصورة ولم تقلب بالألف حملت عليها الصورة التي لم يلتبس فيها وهي تريان ولم تريا. اه من العصام بتوضيح.

ولا يخفى أن هذا الالتباس يرتفع بأدنى الالتفات وبمعونة المقام. اه جلال الدين.

اللهم هذه نكتة بعد الوقوع والحاكم بذلك هو الواضع تدبر. اه

(١) قوله : (في مثل لن يرى) فإنه بعد دخول الناصب تسقط النون الإعرابي فلو حذف الياء عن التثنية بعد القلب بالألف يصير لن يرى ، فلا يدرى حينئذ أنه صيغة الواحد لم يحذف منه حرف أو مثنى حذف منه النون بدخول لن ، ولهذا لم تقلب ألفا وهذه الالتباس في التلفظ لا في الكتابة ؛ لأن ألف التثنية تكتب على صورة الألف ؛ لأنها ليست بمنقلبة من الياء ، وألف المفرد تكتب على صورة الياء لانقلابه منه. اه مولوي معه فلاح شرح مراح.

(٢) قوله : (فحذفت ... إلخ) قدم ههنا إعلال الهمزة وأخر إعلال الياء على عكس ما قال في يرى تنبيها على جواز الوجهين. اه عبد الحكيم.

أي : حذف حركتها معلقة فالتقى ساكنان الراء والهمزة فحذفت الهمزة وأعطى حركتها للراء قبلها فصار ... إلخ. اه ف.

(٣) (لفتحة ما قبلها) ، واعترض عليه بأن فتحة ما قبلها غير لازمة لكونها منقولة فكيف تجعل ألفا على تقرير المصنف ، ولا يقال : إن الراء في الأصل أعنى الماضي متحرك أيضا ؛ لأن لزوم حركة الأصل معتبر في هذا القانون ، وأمّا لزوم فتحة ما قبله غير معتبر ؛ لأنا نقول : إن هذا اللزوم أيضا معتبر كما صرح به المصنف فيما بعد ، ومع هذا فقلب الياء ألفا ونقل حركة الهمزة إلى ما قبلها. اه إيضاح.

(٤) قوله : (وسوّي ... إلخ) جواب عما يقال كما أن بين المفرد والجمع مغايرة معنوية فكذا الأصل في صيغها هو التميز اللفظي ؛ ليوافق المعنى واللفظ ، فلم يفرق بينهما بما حاصله : التمييز نوعان حقيقة وتقديرا فههنا وإن لم يوجد النوع الأول لكن وجد الثّاني فلا إيراد فافهم. اه لمحرره.

٢٠٦

بالفرق التقديري ، كما في : «ترمين» (١) وسيجيء في باب الناقص.

وإذا أدخلت النون الثقيلة في الشرط (٢) كما في قوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ (٣) مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : ٢٦] ، حذفت النون عنه علامة (٤) للجزم ، وكسرت ياء التأنيث حتى يطّرد بجميع نونات التأكيد كما في : «اخشينّ» (٥) وسيجيء تمامه في باب اللفيف.

______________________________________________________

(١) فإن الواحدة أصله ترميين على وزن تفعلين فأسكنت الياء ثم حذفت لاجتماع الساكنين فصار ترمين على وزن تفعين بحذف اللام والجمع باق على الأصل. اه ح.

(٢) قوله : (في الشرط) صلة أدخلت ، وقوله : كما في ... إلخ ، خبر مبتدأ محذوف مع الفاء الجزائية أي : فهو كما في ... إلخ ، وجزاء الشرط هذا فقوله : حذفت النون ، تفصيل لما في التنزيل تأمل. اه ملا محتشم.

(٣) أي : على الكلمة التي أدخلت حرف الشرط الجازم عليها ، فلا يرد ما قيل : إن العبارة ظاهرا لا يستقيم ؛ لأن النون الثقيلة لا تدخل على الشرط كما لا يخفى. اه ملا محتشم.

قوله : (ترينّ) أصله ترأيين قلبت الياء الأولى بالألف لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى الساكنان الألف والياء فحذفت الألف فصار ترأين ، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الراء فالتقى ساكنان الهمزة والياء ، فحذفت الهمزة فصار ترين ، ثم أدخلت عليه حرف الشرط وهو كلمة ، إمّا فسقط النون الإعرابي فصار إمّا تري ، فلما دخلت عليه نون التأكيد كسرت الياء لأجل نون التأكيد ، أي : لأجل أنه التقى ساكنان أحدهما ياء الضمير ، والثّاني النون المدغم ، ولا يجوز حذف واحد منهما فحركت الياء بالكسر كما أشار إليه بقوله : وكسرت ياء ... إلخ. اه حنفية.

(٤) قوله : (علامة للجزم) وهو كلمة إمّا ، وقد أخطأ من قال : حذفت النون الإعرابي لأجل نون التأكيد لا لأجل إمّا ، لأنه لا يلحق بالفعل قبل دخول إمّا لما تقدم في أول البحث من أن نون التأكيد لا يلحق إلا بما فيه معنى الطلب أو شبهه وهذا الفعل قبل دخول إما لا يوجد فيه معنى الطلب أو شبهه ، فكيف يكون حذف نون الإعراب لأجل نون التأكيد. اه مولوي بر سعدية شرح زنجاني رحمة الله تعالى على مؤلفهما.

إلا أن النون فيه حذفت للوقف لأنه أمر الواحدة المخاطبة وفي مثل إما ترين حذفت للجزم بحرف الشرط ، ثم أصل اخشين اخشيي على وزن اسمعي قلبت الياء الأولى ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ثم حذفت لالتقاء الساكنين ، فصار اخشي بفتح الشين وسكون الياء ، ولما لحقه نون التأكيد كسرت الياء فصار اخشين على وزن افعين. اه مولوي بزيادة.

(٥) قوله : (كما في ... إلخ) لعل المصنف أراد بهذا التشبيه في كسرة ياء التأنيث ما قبل نون التأكيد مع إفادة ردّ ما قيل إيرادا على قول المصنف حتى يطرد بجميع نونات التأكيد بأنه غير مستقيم ـ

٢٠٧

الأمر (١) : على الأصل : إرء (٢) ، ك : ارع ، وعلى الحذف : ر ، ريا (٣) ، روا ، ري ريا رين ، ولا تجعل الياء ألفا في : «ريا» (٤) تبعا ل : يريان (٥) ، ويجوز بهاء (٦) الوقف ، نحو : ره.

فحذفت (٧)

______________________________________________________

إذ كثير من نونات التأكيد لا تكسر الياء ما قبلها كتدعينّ ولأدعينّ وغير ذلك ، بأن المراد بالطرد المذكور الطرد بنون التأكيد المتصلة بفعل الواحدة المخاطبة من الأمر المأخوذ من الغابر المفتوح العين النّاقص اليائي تدبر. اه تحرير.

(١) قوله : (الأمر ... إلخ) لما فرغ من بيان المستقبل من باب رأى شرع في بيان الأمر منه فقال :

الأمر ... إلخ ، وإنما قدم الأمر في البيان على اسم الفاعل مع أن كلّا منهما مأخوذ من المستقبل ؛ لأنه فعل فبالحري أن يذكر عقبه مقدما على اسم الفاعل تدبر. اه عبد.

(٢) قوله : (ارء) لأنك لو حذفت حرف المضارعة من ترأى بقي ما بعدها ساكنا فاجتلبت الهمزة المكسورة والياء تسقط من آخره فصار ارء. اه أحمد.

(٣) يعني لما وجب التخفيف في مضارع رأى كما يجيء صيغة الأمر الحاضر منه بعد التخفيف على هذا الوزن ؛ لأنك لو حذفت حرف المضارعة من ترى بقي ما بعده متحركا ، والياء تسقط من آخره علامة للأمر فبقي على حرف واحد مفتوح وهو الراء ، وقس عليه التثنية والجمع. اه ف.

(٤) مع وجود علته وهو تحرّك الياء وانفتاح ما قبلها مع أنه لا التباس فيه. اه جلال الدين.

(٥) الذي فيه الالتباس ولا شك أنهم ذكروا أن ألف الضمير مانع من القلب وهو موجود فيها وكلام المصنف يقتضي خلافه فتأمل. اه جلال الدين.

(٦) قوله : (بهاء الوقف) يعني لا يجب استعمال هذا الأمر على الوقف دائما لكن إذا استعمل على الوقف وجب إلحاق هاء السكت في آخره لئلا يكون الابتداء والوقف على حرف واحد الذي هو غير جائز ؛ لأن الابتداء لا يمكن إلّا بالمتحرك ، والوقف يقتضي السكون ، فلو كان الابتداء والوقف على حرف واحد يلزم أن يكون الحرف الواحد متحركا وساكنا معا وهو غير جائز ، وأمّا إذا ألحق هاء السكت فلا يلزم ذلك ؛ لأن المراد بها التوصل إلى بقاء الحركة التي قبلها في الوقف كما زادوا همزة الوصل ليتوصل بها إلى بقاء السكون الذي بعدها في الابتداء. اه فلاح.

وبهذا اندفع ما قيل : إن إلحاق هاء السكتة للوقف لازمة في كل كلمة تكون على حرف واحد ، فكيف قال المصنف : ويجوز بهاء الوقف ، حتى قال صاحب الزنجاني : ويلزم الحاء في الوقف بأن المراد بالجواز عدم الامتناع يعني لا يمنع إلحاق الهاء في حالة الوقف بالأمر سواء كان واجبا أو لا كما في الأمر الذي على حرف واحد وصاعدا تأمل. اه من الإيضاح.

(٧) قوله : (فحذفت همزته كما في ترى) يعني الأمر من ترى أصله : أرأى على وزن أفعل ، ـ

٢٠٨

همزته كما في : «يرى» ثم حذفت (١) الياء لأجل السكون.

وتقول بالنون الثقيلة : رينّ ريانّ رونّ ، رينّ ريانّ رينانّ ، ويجيء بالياء (٢) في : «رينّ» لانعدام السكون كما في : «ارمينّ» ولم تحذف واو الجمع في : «رونّ» لعدم (٣) ضمة ما قبلها ، بخلاف : «اغزنّ» (٤) و «ارمنّ».

______________________________________________________

فحذفت الهمزة ونقلت حركتها إلى الراء فاستغني بها عن همزة الوصل ، ثم حذفت الياء لأجل السكون فصار على وزن ف ، فإذا ألحق به هاء الوقف قيل : ره على زنة فه. اه عبد الأحد.

(١) قوله : (ثم حذفت إلخ) بيان لأخذ الأمر الذي على حرف واحد من ترأى على الأصل يعني حذفت الهمزة من أرأى ونقلت حركتها إلى الراء فاستغني عن الهمزة فصار ري ، ثم حذفت الياء علامة للأمر فبقي ر على حرف واحد. اه شمس الدين.

(٢) قوله : (ويجيء بالياء ... إلخ) أي : بتحريك اللام عند دخول نون التأكيد في الصحيح ، فإن الأمر من الفعل الصحيح مبني على السكون بسقوط الحركة ، فيقال في الصحيح : افعلن بفتح اللام إذ لو لم يفتح يلزم التقاء الساكنين بين اللام والنون الأولى من الثقيلة ، والأمر من المعتل وإن كان بسقوط لام الكلمة ؛ لأنه بمنزلة الحركة ، إلا أنه يحمل على الصحيح فإذا انعدم السكون في اللام حال لحوق النون ولام الفعل في المعتل سقط سقوط الحركة في الصحيح ، فيعود اللام كما يعود الحركة في الصحيح ، هذا معنى قوله : لانعدام السكون. اه ابن كمال باشا.

(٣) قوله : (لعدم ... إلخ) يعني : إنما يحذف واو الجمع من الأمر عند دخول نون التأكيد إذا كان ما قبلها ضمة تدل على الواو المحذوفة وينعدم الضمة ؛ لأن الراء قبلها مفتوح ، فلو حذفت لم يوجد ما يدل عليها فلم تحذف. اه فلاح.

(٤) فإن ما قبل النون الثقيلة فيه مضموم وهو الزاي لأنّ أصله اغزووا بضم الزاي والواو الأولى التي هي لام الكلمة فاستثقلت الضمة على الواو فأسقطت ، ثم حذفت هي لالتقاء الساكنين ؛ لأن الثّانية علامة الجمع فبقي اغزوا بضم الزاي ، ثم أدخل عليه النون اجتمع ساكنان واو الجمع والأولى من النون الثقيلة فحذفت الواو وإن كانت علامة لتدل الضمة التي قبلها عليها.

اه فلاح.

فصار : اغزنّ.

فإن قلت : ينبغي أن لا تحذف واو الضمير لالتقاء الساكنين ؛ لأن التقاءهما ههنا مغتفر ؛ لأنه يغتقر في المدغم قبله لين مثل رد الثوب؟.

قلنا : إنما يغتفر التقاؤهما في المدغم قبله لين إذا كان المدغم واللين في كلمة واحدة وذلك لم يوجد إذ الضمير كلمة أخرى. ـ

٢٠٩

وبالنون الخفيفة : رين رون ، رين.

واسم الفاعل : راء (١) ... إلخ ، ولا تحذف همزته ، كما يجيء (٢) في المفعول ، وقيل : لأن ما قبلها (٣) ألف ، والألف لا تقبل الحركة ، ولكن (٤) يجوز لك أن تجعل بين بين ، كما في : سائل ، وقائل.

وقس (٥) على هذا (٦) : أرى (٧)

______________________________________________________

فإن قيل : لم لم يجز الحذف في التثنية وجمع المؤنث نحو اضربان واضربنان؟.

قلنا : لو حذف الألف من المثنى لالتبس بالمفرد ، ولو حذفت من جمع المؤنث لاجتمع ثلاث نونات فانعدام الحذف لعلّة الالتباس والاجتماع. اه حنفية.

(١) أصله رائي فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فاجتمع ساكنان الياء والتنوين ؛ لأن التنوين عبارة عن نون ساكنة فحذفت الياء ؛ لأن التنوين علامة التمكن فبقي راء. اه ف.

(٢) قوله : (كما يجيء ... إلخ) وجه عدم حذفها من أن وجوب حذف الهمزة في يرى غير قياس لما مر فلا يتبع غيره من الفاعل والمفعول. اه ف.

(٣) قوله : (لأن ما قبلها ... إلخ) يعني لو حذفت الهمزة في اسم الفاعل يحذف حذف فعله ، بنقل حركتها إلى ما قبلها بعد تلينها وذا غير ممكن ؛ لأن ما قبلها ألف وهي لا تقبل الحركة. اه مولوي.

(٤) قوله : (ولكن ... إلخ) لعله دفع لما ظن بأنه لما لم تحذف الهمزة في اسم الفاعل ثمة ، فلا يجوز جعلها بين بين أيضا ، إذ المقصد من كليهما التخفيف كما فهم في صدر الباب بأن جعلها بين بين جائز حيث وقعت الهمزة متحركة وما قبلها ألف لا يتحمل الحركة ، ولا يمكن الإدغام فيه فوجب أن تجعل بين بين المشهور ، ولا يمكن أن يجعل غير المشهور لعدم حركة ما قبلها وهو الألف. اه مولوي فقير سعديه بزيادة.

(٥) قوله : (وقس ... إلخ) فإن قيل : الواو في قوله : قس للعطف فأين المعطوف عليه؟.

قلنا : هذا معطوف على مقدر فكأن المصنف رحمه‌الله لما فرغ عن أحكام رأى يرى ، قال للسامع : فاحفظ وقس على هذا. اه حنفية.

(٦) قوله : (وقس على هذا أرى يري ... إلخ) يعني : كما أن هذا رأي يرى مخالف لبناء نأى ينأى بالتزامهم حذفها من مضارع نأى كذلك أرى يري مخالف من أنأى ينئي ، حيث التزموا حذف الهمزة من مضارع أرى ، ولا يلتزمونه من مضارع أنأى. اه عصام الدين.

(٧) قوله : (أرى يري ... إلخ) يعني كما يجب التخفيف في مضارع رأى ، لكثرة استعماله دون أخواته كذلك يجب التخفيف إذا نبيت الإفعال من رأى ، وقلت : أرى يري في ماضيه ـ

٢١٠

يري إراءة (١).

واسم المفعول : مرئيّ ... إلخ ، أصله : مرؤوي ، فأعل (٢) كما في : «مهديّ» (٣). ولا يجب (٤) حذف الهمزة ؛ لأن وجوب حذف الهمزة في فعله ، غير قياسي (٥) كما مرّ ، فلا يستتبع المفعول وغيره (٦) ،

______________________________________________________

ومضارعه معا ؛ لكثرة استعمالهما دون أخواتهما ، قال ابن الحاجب : «إذا كان الماضي من الرؤية على زنة أفعل حذفت الهمزة حذفا لازما في الماضي والمستقبل جميعا ، وقيل : أرى يري فالتزموا كلهم التخفيف ؛ لكثرته في كلامهم ، ولهذا لم يلزم في قولهم : أنأى ينئي على وزن أعطى يعطي بل جرى في جواز التخفيف كغيره ؛ لأنه لم يكثر تلك الكثرة» إلى هنا عبارته ، وأما كيفية التخفيف في أرى يري فهو أن أصلهما أرأى يرئي على وزن أعطى يعطي نقلت حركة الهمزة إلى الراء الساكن قبلها فيهما ، ثم حذفت وإعلال الياء ظاهر. اه فلاح.

(١) قوله : (إراءة) أصله إرآي على وزن إكرام فخففت الهمزة بنقل حركتها إلى الراء وحذفها فصار إرايا ، وقلبت الياء همزة لوقوعها في الطرف بعد ألف زائدة فصار إراء ثم عوض الهاء من الهمزة فصار إراءة ، هذا هو العمدة فيه وإن جاز غيره.

وإذا علمت ما تلوناك كله ، ظهر بطلان ما ذكره بعض الشارحين من أن معنى قوله : وقس على هذا أرى يري ، أنه يجب التخفيف في مضارعه دون ماضيه ، كما يجب في مضارع رأى دون ماضيه ، وإنما قالوا ذلك ؛ لقصور نظرهم عن استعمالات القوم فلا تكن من القاصرين.

اه أحمد رحمه‌الله.

(٢) بقلب الواو ياء لاجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون ، وإدغام الياء في الياء ، وكسر الهمزة للياء. اه ف.

(٣) أصله مهدوي كما سبق ، وإذا عرفت كيفية الإعلال في المفرد من اسم المفعول أمكنك القياس عليه في سائر تصاريفه ، وهو مرئيّان مرئيّون مرئيّة مرئيتان مرئيّات مرائيّ مريئيّ. اه ف.

(٤) قوله : (ولا يجب ... إلخ) دفع لما يظن من أن المفعول مأخوذ من المضارع فيكون تابعا له ففي الغابر قد حذفت الهمزة وجوبا كما عرفت ، ففي المفعول حذفها أيضا واجب بما ترى. اه تحرير.

(٥) قوله : (غير قياسي) ؛ لأن القياس أن لا تحذف الهمزة في المضارع كما لا تحذف في رأى ؛ لأن المضارع فرع الماضي لوروده بعده فوجب أن يكون حكمه على وفق الماضي في عدم حذف الهمزة وتليينها لكن وجب حذف الهمزة من المضارع ؛ لكثرة الاستعمال وهي ليس بموجبة لحذف الهمزة في الغير ؛ لأنه ثبت على خلاف القياس وكل ما كان كذلك لا يقاس عليه غيره. اه عبد الرحمن.

(٦) وغيره من اسم الفاعل والمكان والزمان والآلة في وجوب التخفيف ومعنى فلان يستتبع ـ

٢١١

وحذفه (١) في نحو : «مرى» (٢) لكثرة مستتبعه ، وهو : أرى يري ، وأخواتهما (٣).

والموضع : مرأى (٤).

والآلة : مرآة (٥).

وإذا حذفت (٦) الهمزة في هذه الأشياء يجوز بالقياس على نظائرها ، إلا أنه غير مستعمل.

والمجهول : رئي (٧) يرى ... إلخ.

المهموز الفاء : يجيء من خمسة (٨) أبواب ، نحو :

______________________________________________________

الشيء يطلب أن يكون ذلك الشيء تابعا له ، كحذف الهمزة في أأكرم فإنه يجعل حذف الهمزة من يكرم وتكرم ونكرم وسائر تصاريفه تابعا لنفسه فيحذف ههنا ، وإذا علمت معنى يستتبع علمت معنى لا يستتبع. اه شمس الدين.

(١) جواب لما يقال : ينبغي أن لا يجب حذف الهمزة في مرى ؛ لأن وجوب حذف الهمزة في فعله الذي هو يري غير قياس ، كما قال المصنف : بأن الحذف لكثرة الاستعمال. اه تحرير.

(٢) قوله : (مرى) بضم الميم وفتح الراء وتنوينه وهو اسم مفعول من باب الإفعال أصله مرأي بوزن مكرم فقلبت الياء ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فاجتمع ساكنان الألف والتنوين فحذفت الألف من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها ، ثم لينت الهمزة فاجتمع ثلاث سواكن فحذفت الهمزة وأعطي حركتها لما قبلها وانتقل التنوين أيضا فصار مرى هذا تخفيف بعد الإعلال ويجوز بالعكس وقد مر نظيره. اه ابن سليمان.

(٣) كاسم الفاعل والزمان والمكان وإن كان الحذف فيها غير قياسي ، بخلاف مرئي فإن ما فرض مستتبعا له واحد فقط وهو يرى. اه ف.

(٤) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الهمزة وتنوينها وأصله مرأي على وزن منصر ، فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها فصار مرأى. اه فلاح.

(٥) وهو كالموضع في أصله وإعلاله ووزنه ، إلا أن الميم منه مكسورة. اه ف.

(٦) قوله : (وإذا حذفت ... إلخ) أفاد بهذا المقال : أن ثبوت الهمزة في كل من اسم الفاعل والمفعول والآلة من يرى غير واجب كما لا يخفى. اه لمحرره رحمه‌الله.

(٧) بعدم تخفيف الماضي كما في المعلوم ، وتخفيف المضارع كما في المعروف منه. اه فلاح.

(٨) حال من الضمير المستتر في يجيء ، أي : مهموز الفاء بحكم الاستقراء كائنا من خمسة أبواب.

اه حنفية شرح مراح.

٢١٢

١ ـ أخذ يأخذ (١).

٢ ـ وأدب يأدب (٢).

٣ ـ وأهب يأهب.

٤ ـ وأرج يأرج (٣).

٥ ـ وأسل يأسل.

والمهموز العين : يجيء من ثلاثة أبواب ، نحو :

١ ـ رأى يرأى.

٢ ـ ويئس ييأس.

٣ ـ ولؤم (٤) يلؤم (٥).

والمهموز اللام : يجيء من أربعة أبواب ، نحو :

١ ـ هنؤ (٦) يهنؤ.

٢ ـ وسبأ (٧) يسبأ.

٣ ـ وصدىء (٨) يصدأ.

______________________________________________________

(١) بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر. اه ف.

(٢) اعلم أن أدب يأدب يجيء من الباب الخامس ومعناه ظاهر ، والصفة منه أديب ، ومنه ضربته تأديبا ، ويجيء من الباب الثّاني ومعناه حينئذ دعا القوم إلى طعامه والصفة منه آدب ، والمراد هو الثّاني فافهم. اه ف.

(٣) بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر يقال : أرج الطيب إذا : فاح. اه ف.

(٤) بضم العين فيهما ولا يجيء من غير هذه الثلاثة. اه فلاح.

(٥) من كرم اللؤم ناكس وكمينه شدن. اه ح.

(٦) قوله : (هنؤ) بضم العين فيهما وهو المراد ههنا ، وأيضا يجيء بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر ، وهنأ الطعام من باب قطع وضرب. اه فلاح.

(٧) بفتح العين فيهما أي : اشترى الخمر ليشربها. اه ف.

(٨) بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر. اه فلاح شرح مراح الأرواح.

٢١٣

٤ ـ وجزأ (١) يجزؤ.

ولا يجيء من المضاعف إلا مهموز (٢) الفاء ، نحو : أنّ يئنّ.

ولا تقع الهمزة موضع (٣) حرف العلّة ، ومن ثمّ لا يجيء من المثال إلا مهموز العين واللام ، نحو : وأد ، ووجأ (٤) ، ولا في الأجوف إلا مهموز الفاء واللام ، نحو : آن (٥) ، وجاء ، وفي الناقص إلا مهموز الفاء والعين ، نحو : أرى ، ورأى ، وأبى يأبى ، وفي اللفيف المفروق إلا مهموز العين ، نحو : وأى ، وفي اللفيف المقرون (٦) إلا مهموز الفاء ، نحو : أوى.

______________________________________________________

(١) قوله : (وجزأ ... إلخ) بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر من جزأت الشيء بالزاي المعجمة أي : قسمته ، ولا يجوز من باب السادس ولا من الثّاني إلا هنأ يهنأ وهو شاذ. اه مولوي أحمد رحمه‌الله تعالى.

(٢) وكذا معتل الفاء نحو ود يود ، يعني لا يجيء في المضاعف بدون مهموز الفاء ومعتل الفاء ، أي : لا يجيء منه لا مهموز العين ولا معتل العين وكذا مهموز اللام ومعتل اللام ؛ لأن فيما جاء هذه المذكورات لا يبقى المضاعف مضاعفا ؛ لأن المضاعف ما كان عينه ولامه من جنس واحد ، فإذا وجد في مقابلتهما مما ذكرنا لا يتحقق ذلك ، وهذا الكلام يجري في جميع ما سيأتي إلى قوله : نحو أوى ، فافهم. اه سمع.

(٣) قوله : (موضع حرف ... إلخ) يعني في كلمة واحدة على طريقة واحدة ؛ لأن الحرفين لا يقعان في محل واحد في حالة واحدة ، وهو حكم عام في جميع الحروف فلا فائدة في هذا القيد إلا التوضيح والتشريح والتصريح. اه سيد عبد الباقي رحمه‌الله.

(٤) يجأ يقال : وجأته بالسكين أي : ضربته به ، يقال : وجأه يجؤه مثل وضعه يضعه ، ولا يجيء مهموز الفاء من المثال وإلا لم يكن المثال مثالا. اه ف.

(٥) أصله أين فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها يقال : آن أينه ، أي : حان حينه ، وآن له أن يفعل كذا من باب باع أي : حان. اه ف.

(٦) قوله : (وفي ... إلخ) أي : لا يجيء في المقرون إلا مهموز الفاء نحو أوى ، قال الشارح : فيه بحث وهو أن مجيء مهموز اللام في أحد نوعي اللفيف وهو ما كان فاؤه وعينه حرف علّة لا يستحيله العقل فلا يصح الحصر هذا لفظه ، ولا يخفى أن الحصر بالنظر إلى الاستعمال كما يدل عليه قوله : ولا يجيء ، لا بالنظر إلى العقل حتى يرد ذلك فإن هذا القسم من اللفيف لا يبنى منه فعل ولا يوجد مهموز اللام في هذا القسم أصلا. اه جلال الدين رحمه‌الله.

٢١٤

وتكتب الهمزة في الأوّل (١) على صورة الألف في كلّ الأحوال (٢) ، نحو : أب ، وأمّ ، وإبل ، لخفّة الألف وقوّة (٣) الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات.

وفي الوسط إذا كانت ساكنة على وفق (٤) حركة ما قبلها ، نحو : رأس ، ولؤم ، وذئب (٥) ، للمشاكلة (٦).

______________________________________________________

(١) قوله : (في الأول على ... إلخ) يعني أن الهمزة لم توضع لها صورة مخصوصة بالأصالة كما توضع لسائر الحروف فيكون الأصل فيها أن لا توجد في الكتابة أصلا ؛ لعدم صورتها وتوجد في التلفظ لبناء اللفظ عليها وإذا لم يكن لها وجود في الكتابة لم يتصور وضع الحركة في الكتابة عليها لكن قد تكتب على صورة حرف من الحروف بعارض فتكتب في الأول على صورة الألف لخفة الألف كتابة وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات عليها ، وحاصله أن الأصل أن لا تكتب الهمزة ولا حركتها لكنهما تكتبان في الأول للعلّة المذكورة. اه مولوي أحمد صاحب رحمه‌الله.

(٢) سواء كان لقطع نحو أكرم أو للوصل نحو اضرب ، وسواء كانت أصلية نحو إبل ، أو منقلبة من الواو نحو اسم وأحد. اه ف.

(٣) الظاهر أنه عطف على قوله : لخفة الألف ، فيكون حينئذ وجها لكون الهمزة مكتوبة بصورة الألف في الابتداء ، وفيه إنما يستقيم أن لو كانت الهمزة حرفا ضعيفا كحروف العلّة لا يتحمل الحركات ، والمدعى عدم تخفيفها في أول الكلمة كما قالوا في المثال : نحو وعد ، وليس الأمر كذلك فإن الهمزة حرف شديد يتحمل الحركات ، والمدعى كتابة الهمزة في الابتداء بصورة الألف.

ويمكن أن يقال : إن دفع ما يتوهم من أن الهمزة إذا كتبت بصورة الألف لا يمكن أن يبتدأ بها لكون الهمزة في صورة لا يتحمل الحركات وهو الألف الضعيف ، فأجاب بأن الكاتب قوي يقتدر عند الابتداء على وضع الحركات على الحرف المبتدأ وإن كان في لباس ضعيف فتأمل. اه جلال الدين.

(٤) قوله : (على وفق) اعترض بأن الهمزة في الوسط ينبغي أن تكتب بصورة الألف أيضا ؛ لأن الألف خفيف والخفة مطلوبة في جميع الأحوال ، وأجاب عنه بأن الهمزة لو كتبت بصورة الألف حينئذ اشتبه حال حركتها ، فإن الكاتب في الوسط لا يقدر على وضع الحركات فلا تكتب هذه ، فلا يعلم أن الألف مفتوح أو مضموم أو مكسور ولا بد من معلومية حركته فلا جرم تكتب على وفق حركة ما قبلها أو وفق حركة نفسها حتى تعلم حركتها في الإملاء ، تأمل.

اه سمع.

(٥) فالهمزة فيه ساكنة كتبت بالياء ؛ لكون ما قبلها مكسورة. اه عبد.

(٦) قوله : (للمشاكلة) أي : للمشابهة بين اللفظ والخط ، فكما تخفف بجنس حركة ما قبلها في اللفظ كذا تكتب بجنس حركة ما قبلها في الخط. اه عبد الحكيم.

٢١٥

وإذا كانت متحركة تكتب على وفق حركة نفسها ، حتى يعلم حركتها (١) ، نحو (٢) : سأل ، ولؤم ، وسئم.

وإذا كانت متحركة في آخر الكلمة تكتب على وفق حركة ما قبلها ، لا على وفق حركة نفسها ؛ لأن حركة

الطرف عارضة (٣) ، نحو : قرأ ، وطرؤ ، وفتىء.

وإذا كانت ما قبلها ساكنا لا تكتب على صورة (٤) شيء لطروّ حركتها وعدم حركة ما قبلها ، نحو : خبء (٥) ، وجزء (٦).

* * *

______________________________________________________

(١) قوله : (حركتها) أي : إن حركتها من أي نوع هي فإن كانت الهمزة الواقعة في الوسط مفتوحة تكتب على صورة الألف ، وإن كانت مكسورة تكتب على صورة الياء ، وإن كانت مضمومة تكتب على صورة الواو ، ولا اعتبار لحركة ما قبلها حينئذ. اه فلاح.

(٢) قوله : (نحو سأل ... إلخ) ونحو يسأل ويلأم ويسأم إلا إذا كانت الهمزة مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما فإنها تكتب في الأول على صورة الياء ، وفي الثّاني على صورة الواو نحو بئر وفئة وجؤن ومؤجل ، كما يكون تخفيفها كذلك ، لكن المصنف أطلق المقولة ولم يستثن الصورتين كما استثناه في بيان التخفيف ، والأولى أن يستثنيهما أو يقول : تكتب حينئذ على نحو ما تخفف به ويتم البيان ، ولا يتوجه الإشكال مع كونه أخصر ، ولا يبعد أن يقال في جواب الإشكال : إن الحكم المذكور من كتابة الهمزة الواقعة في الوسط على وفق حركة نفسها تغليب يستفاد هذا من قول صاحب الإيضاح : «أي : تكتب على وفق حركة نفسها غالبا» ، تدبر هذا ما أفيد والله تعالى أعلم. اه لمحرره.

(٣) أي : غير ثابت على وجه واحد ؛ لأن آخر الكلمة محل التغيير ، فتغير بحسب ما يقتضيه العامل فيكون الحركة في هذه الصورة كلا حركة ، فإذا كان كذلك فلا جرم تكتب على وفق حركة ما قبلها إذ لم يبق حينئذ وجه كتابتها إلا هذا ، وهذا في المعرب ظاهر ، وأما في المبني فكذلك ؛ لأن اللام محل التغيير فلم يبق معتدا بها للضعف ، وليس المراد من قوله : عارضة اصطلاحية بل معناها ضعيفة ؛ لأن العارضي ضعيف بالنظر إلى الأصلي ، فذكر العارضي وأراد الضعيف.

اه حنفية شرح مراح الأرواح.

(٤) بل تكتب بصورة عين بترت أعني بهذه الصورة (ء) كذا عرف من كتب القوم. اه

(٥) وهذا إذا كانت الكلمة غير مضافة إلى الضمير ، أما إذا كانت مضافة إليه فتكتب على وفق حركة نفسها نحو جاء خبؤك ورأيت خبأك ومررت بخبئك. اه حنفية.

(٦) فإذا قلت : رأيت خبئا وجزءا لا يكون الألف فيها صورة الهمزة بل هي ألف الوقف عوضا عن التنوين كما في رأيت زيدا. اه فلاح شرح مراح.

٢١٦

الباب الرابع :

في المثال (١)

ويقال للمعتل الفاء (*) : «مثال» (١) لأن ماضيه مثل ماضي الصحيح في الصّحة وعدم الإعلال ، وقيل : لأن أمره مثل أمر الأجوف ، نحو : عد ، وزن.

وهو إنما يجيء من خمسة أبواب ، نحو :

١ ـ وعد يعد.

٢ ـ ووجع يوجع.

٣ ـ ووجل يوجل.

٤ ـ وورث يرث.

٥ ـ ووجه يوجه.

ولا يجيء من : فعل يفعل ، إلا : «وجد (٢)

______________________________________________________

(١) قوله : (في المثال) قدمه على سائر المعتلات ؛ لأن حرف العلّة في الكلمة ، إما أن يكون واحدا أو متعددا فإن كان واحدا قدمت على ما يكون فيه متعددا ؛ لأن الواحد قبل المتعدد ، ثم ما يكون فيه حرف العلّة واحدا على ثلاثة أقسام ؛ لأن حرف العلّة إمّا فاء الكلمة أو عينها أو لامها فإن كان فاء قدمت عليهما ؛ لأن الفاء مقدم عليهما. اه ابن كمال باشا.

(*) قدم معتل الفاء لكثرة أبحاثه واستعماله في معتل العين واللام. اه جلال الدين رحمه‌الله تعالى.

(٢) قوله : (إلا وجد ... إلخ) أفاد بالاستثناء دفع ما يقال من عدم تسليم عدم مجيء فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر ، إذ جاء من وجد يجد بفتح العين في الماضي ، وضمها في الغابر ، بما تفصيله أن المراد عدم مجيء الباب المذكور من معتل الفاء في لغة فصيحة وهي لغة الحجازيين ، والفصيح هي الكسرة ، وما قال المعترض في الإيراد لغة بني عامر وهم غير فصاح ، حتى قال في الصحاح : ويجد بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال. اه لمحرره.

٢١٧

يجد» وهو (١) لغة بني عامر ، فحذف الواو في : «يجد» في لغتهم لثقل (٢) الواو مع ضمّ ما بعدها ، وقيل (٣) : هذه لغة ضعيفة ، فأتبع ل : «يعد» في الحذف.

وحكم الواو والياء إذا وقعتا في أول الكلمة كحكم (٤) الحرف الصحيح (٥) ، نحو : وعد ووعد ، ووقر ووقر ، ويسر ويسر ، لقوّة المتكلم (٦) عند الابتداء.

وقيل (٧) : إن الإعلال إنما يكون :

١ ـ بالسكون.

٢ ـ أو بالقلب إلى حرف العلة.

٣ ـ أو بالحذف.

وثلاثتها لا يمكن في الابتداء ، أما السكون فلتعذّره ؛ لأنه مبتدأ ، والابتداء من الساكن متعذّر ، وكذا (٨) القلب ؛ لأن المقلوب به غالبا يكون بحرف العلّة (٩) ،

______________________________________________________

(١) أي : مجيء معتل الفاء من فعل يفعل بفتح العين في الماضي ، وضمها في الغابر. اه شرح.

(٢) قوله : (لثقل ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إن حذف الواو في يجد على اللغة المشهورة إنما هو لوقوعها بين الياء والكسرة ، وهذا مفقود على لغة بني عامر فلم حذف الواو في يجد مع وقوعها بين ياء وضمة؟ بأن حذفها لأجل الثقل. اه حنفية شرح مراح الأرواح.

(٣) أي : وقال بعضهم : إن لغة بني عامر ضعيفة فالوجه في حذف الواو من يجد هو متابعته ليعد التي هي قويّة. اه حنفية.

(٤) قوله : (كحكم الحرف الصحيح) باعتبار الأغلب ، فلا يرد بنحو إشاح وأجوه ونحوهما ، أصلهما وشاح ووجوه. اه جلال الدين.

(٥) في عدم الإعلال وتحمل الحركات مفتوحين كانتا أو مضمومتين أو مكسورتين. اه فلاح شرح مراح الأرواح.

(٦) وقدرته على تلفظ الحرف الثقيل من غير تغيير. اه فلاح على المراح.

(٧) لا يعل الواو والياء في الأول لعدم إمكان الإعلال في الأول وذلك ؛ لأن الإعلال ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.

(٨) قوله : (وكذا القلب ... إلخ) كما يمتنع الإعلال بالسكون يمتنع الإعلال بالقلب. اه فلاح.

(٩) قوله : (بحرف العلّة ... إلخ) الباء في بحرف العلّة زائدة فتقدير الكلام يكون المقلوب به حرف العلّة. اه فلاح.

٢١٨

وحرف العلة لا يكون إلا ساكنا ، وأما الحذف فلنقصانه من القدر الصالح في الثلاثي ، وأما (١) في المزيد نحو : أولج يولج إيلاجا ، فلإتباع الثلاثي المجرّد (٢) ، ولا يعوّض (٣) بالتاء في الأول أو الآخر حتى لا يلتبس بالمستقبل والمصدر في نفس الحروف (٤) ، ومن ثمّ لا يجوز إدخال التاء في الأول في : العدة ، للالتباس (٥) بالمستقبل (٦) ، ويجوز (٧) في : «التّكلان» لعدم الالتباس.

______________________________________________________

(١) قوله : (وأما في المزيد ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إنّ النقصان من القدر الصالح في الثلاثي المزيد فيه بتقدير الحذف غير موجود فينبغي أن يحذف حرف العلّة منه بأن عدم الحذف في المزيد يجعله تبعا للثلاثي المجرد. اه حنفية.

(٢) لأن الثلاثي أصل والزوائد فرع ، والفرع تابع للأصل ، والإضافة إضافة المصدر إلى مفعوله الثّاني ، ويجوز أن يكون مصدرا مجهولا مضافا إلى ما يقوم مقام الفاعل ، والمآل واحد فافهم. اه ف.

(٣) قوله : (ولا يعوض ... إلخ) جواب دخل مقدر ، تقديره : إنا لا نسلم أنه يلزم من حذف حرف العلّة من الثلاثي النقصان من القدر الصالح إذا عوض من المحذوف بحرف كما لا يخفى ، فيجوز أن يعوض عن الواو والياء بحرف ، وحاصل الجواب إنه لو عوض لعوض بالتاء إذ هو المشهور فيما بينهم ، كما في عدة والتعويض بها غير ممكن ؛ لأنه لو عوض بها لعوض في الأول ... إلخ. اه أحمد.

(٤) لا في الصيغة أي : الحركات وهذا القدر من الالتباس يمنع جواز التعويض. اه ف.

فإن الماضي مبني على الفتح والمضارع يكون معربا بالحركات المختلفة وكذا المصدر. اه ح.

(٥) في نفس الحروف ، وأمّا في القراءة فلا التباس فإن التاء في المستقبل مفتوح والعين مكسور واللام غير منون بخلاف المصدر فإن التاء فيه مكسورة لأنه عوض من المكسور ، والعين ساكن واللام منون. اه عصام الدين.

(٦) مع أن المحذوفة من الأول ؛ لأن أصل عدة وعدة بكسر الواو وسكون العين ، فنقلت كسرة الواو إلى ما بعدها ، ثم حذفت ساكنة لئلا يزيد إعلاله على إعلال فعله وهو يعد ، ثم لزم التاء كالعوض ، وقيل : الأصل وعد بكسر الواو فحذفت الواو لما ذكرنا ، ثم زيدت التاء عوضا عنها. اه فلاح.

(٧) قوله : (ويجوز ... إلخ) عطف على قوله : لا يجوز ... إلخ فيكون مجموع المعطوف والمعطوف عليه مرتبا على قوله : ومن ثم ، فحاصل معنى كلامه أنه ومن أجل أن علّة عدم التعويض في الأول لزوم الالتباس لا يجوز إدخال التاء في الأول في مثل عدة ، ويجوز في مثل التكلان للزوم الالتباس في الأول وعدم لزومه في الثّاني ، فلا يرد أن يقال : لا طائل تحت قوله : للالتباس وهو ظاهر لمن له ذوق سليم ، والتكلان بوزن السلطان اسم من التوكل وهو إظهار العجز والاعتماد على الغير. اه ابن كمال.

٢١٩

وعند سيبويه يجوز حذف التاء ، كما في قول الشاعر :

إنّ الخليطين (١) أجدّوا البين فانجردوا

وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا (٢)

لأن الحذف والتعويض من الأمور الجائزة عنده ، وعند الفراء لا يجوز الحذف ، لأنها عوض من الحرف الأصلي (٣) إلّا (٤) في الإضافة لأن الإضافة تقوم مقامها ، وكذلك حكم : الإقامة (٥) ، والاستقامة ونحوهما ، ومن ثمّ حذفت التاء في

______________________________________________________

(١) قوله : (إن الخليطين ... إلخ) قال بعض الفضلاء : كان بعض الصديقين يتألفون فيما بينهم جدا حتى وعدوا عدم الفراق قدر الاستطاعة وعاقبة الأمر أفاضوا بدرجة البين فحجم الاضطراب عليهم وكان واحد منهم ينشد تارة فقال مخاطبا للنفس : إن الخليطين الأحباء المجتمعين أجددوا البين أي : اختاروا الفراق فانجردوا أي : ذهبوا ، ومعنى البيت : معلوم من الحاشية المرقومة السطر عليه ، فلا حاجة إلى التشريح.

فالمعنى بالفارسية : والله تعالى أعلم بالصواب. اه لمحرره.

(٢) البيت من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في إعراب القرآن للنحاس ٣ / ١٤٠ ، والمخصص للأندلسي ٤ / ٣١٥.

(٣) المحذوف وهو الواو والعوض لا يجوز حذفه ؛ لأنه لم يبق حينئذ شيء يدل على المحذوف ، فلو حذفت يلزم حذف العوض والمعوض عنه وذلك غير جائز ، ولأنه فيه يلزم النقصان من القدر الصالح إذ تحقق في الحذف الخروج من القدر الصالح وقد أتى العوض عنه لتمام القدر الصالح ، فلو حذفت التاء التي عوض عن الواو لفات الغرض كما لا يخفى. اه أحمد.

(٤) البيت من البحر الطويل ، وهو لابن بابك في المثل السائر لابن الأثير ١ / ٢٩٣ ، ومعاهد التنصيص للعباسي ١ / ٥٩.

(٥) قوله : (إلا في ... إلخ) الاستثناء مفرغ أي : لا يجوز حذف التاء في جميع الأوقات إلا وقت إضافة هذا المصدر ؛ لأن الإضافة تقوم مقامها أي : مقام هذه التاء ، ولا شك أن الإضافة أمر معنوي فكيف تقوم مقام أمر لفظي بل يقوم مقامها المضاف إليه من حيث هو مضاف إليه ، ففي هذا الكلام وضع الظاهر موضع المضمر فتأمل. اه إيضاح.

(٦) قوله : (حكم الإقامة ... إلخ) يعني كما لا يجوز حذف التاء في عدة إلا في الإضافة ، كذلك لا يجوز حذف التاء في الإقامة والاستقامة ونحوهما إلا في الإضافة ؛ لأن التاء فيهما عوض من الواو كما في عدة ؛ لأن أصلهما إقواما واستقواما فأرادوا أن يعملوا المصدر لاعتلال أقام واستقام فنقلوا الفتحة من الواو إلى ما قبلها ، وكان في الأصل متحركة قلبت ألفا فاجتمع ألفان أولهما منقلبة عن واو هي عين المصدر ، وثانيتهما زائدة وهي تاء فعالة فحذفت الألف الأولى التي هي العين وبقيت الألف الزائدة ، فيلزم التاء كالعوض من الواو كما في العدة ، وقيل : إن المحذوف الألف الزائدة. اه شمس الدين.

٢٢٠