مراح الأرواح

المؤلف:

أحمد بن علي بن مسعود حسام الدين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩٤

ونحو : اتّسر ، أصله : ايتسر ، فجعل الياء تاء فرارا عن توالي الكسرات.

ولم يدغم (١) في مثل : «ايتكل» (٢) لأن الياء ليست بلازمة (٣) ، يعني : تصير (٤) تلك الياء همزة إذا جعلته ثلاثيّا.

ومن ثمّ لا يدغم : «حيي» (٥) في بعض اللغات (٦).

______________________________________________________

اتقد وتعينت التاء ؛ لأنهم قلبوها إياها كثيرا لمؤاخاة بينهما مثل تجاه وتراث وتخمة في وجاه ووراث ووخمة ، وما ذكره المصنف هو اللغة المشهورة ، وناس يقولون : ائتقد يأتقد فهو مؤتقد بالهمزة. اه أحمد.

(١) قوله : (ولم يدغم ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن قولكم : إذا وقع قبل تاء الافتعال ياء قلبت تاء وتدغم في تاء الافتعال فرارا عن توالي الكسرات منقوض بمثل ايتكل ؛ لأن الياء فيه وقع قبل تاء الافتعال ، ولم يقلب ولم يدغم ، أجاب بقوله : ولم يدغم ... إلخ ، أي : الياء بقلبها تاء وإن لزم توالي الكسرات في مثل ... إلخ. اه شمس الدين.

(٢) قوله : (في مثل ايتكل) أي : في الافتعال الذي بني من مهموز الفاء نحو ايتمر من الأمر ، وايتكل من الأكل أصله ائتكل بهمزتين فقلبت الثّانية ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها كما في إيمان. اه فلاح.

(٣) قوله : (ليست بلازمة) بخلاف ايتسر فإن ياءه لازمة في جميع التصاريف إذ أصله يسر فقد وجد شرط الإدغام وهو اللزوم فلذا أدغم فيه. اه شرح.

(٤) قوله : (يعني تصير ... إلخ) لعل هذا لدفع ما يقال : بأنا لا نسلم من عدم لزوم الهمزة في ايتكل إذ لو لم تكن لازمة يلزم الابتداء بالساكن كما لا يخفى ، بما حاصله أن المراد بعدم اللزوم عود الياء إلى الهمزة عند الرد إلى الثلاثي المجرد لا أمر آخر تدبر. اه لمحرره عفي عنه.

(٥) مع أنه اجتمع حرفان من جنس واحد لانعدام شرط الإدغام فيه ؛ لأن الياء الأخيرة غير لازمة لانقلاب الياء في المضارع إلى الألف. اه مولوي.

(٦) قوله : (في بعض اللغات) إنما قيد بذلك ؛ لأن عند بعض الآخر تدغم في الماضي ؛ لاجتماع المثلين من اليائين في كلمة واحدة ، وأمّا في المضارع فلا يدغم وإن اجتمع المثلان فيه مثل الماضي ؛ لأنه اجتمع في المضارع أمران الإدغام لاجتماع الحرفين المتجانسين وقلب الياء الثّانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، لكن الإعلال مقدم على الإدغام فلم يدغم في المضارع وقلبت الياء الثّانية ألفا.

وفيه أن هذا الدليل وهو اجتماع الأمرين المذكورين في المضارع بعينه متحقق في الماضي فلم لم يعل فيه ، ويمكن أن يقال بأن عدم تعليل عين حيي حملا له على طوى وقوى ، بيانه :

أن حيي من اللفيف المقرون كطوى وقوى ولم يعل العين فيهما لأجل اجتماع الإعلالين ، فكذا في حيي لئلا يختلف حكم باب اللفيف المقرون ، أو دلالة على أصل الكلمات الباقية.

اه عبد الأحد.

١٨١

وإدغام (١) : «اتّخذ» شاذ (٢).

ويجوز (٣) الإدغام إذا وقع بعد تاء (٤) : «الافتعال» من حروف : تدذزسصضطظ (٥) ، نحو : يقتّل (٦) (*) ،

______________________________________________________

(١) جواب عما يقال : إن اتخذ على وزن افتعل مأخوذ من الأخذ فجعل الهمزة الثّانية ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها فصار ايتخذ ، ثم قلبت الياء تاء فأدغمت التاء في التاء فصار اتخذ ، فايتخذ مثل ايتكل فلم لم يدغم فيه وأدغم في ايتخذ مع عدم لزوم الياء فيهما بأن الإدغام فيه شاذ ثبت على خلاف القياس ، وهذا الشاذ يستعمل لوجوده في الكلام الفصيح ، والشذوذ لا ينافي الفصاحة.

قال الشارح : إنّ إيراده ههنا يشعر أن الهمزة أبدلت أولا بالياء ثم بالتاء ، وإيراده في بحث الإدغام يومئ بأنها أبدلت أولا بالتاء ، ولعله إنما أورد اللفظ الواحد في المحلين المختلفين نظرا إلى اختلاف الجهة ، أعني إلى الأصل والظاهر. اه مهديه.

(٢) قوله : (شاذ) بيان كونه شاذا أن اتخذ افتعال بني من مهموز الفاء ؛ لأنه من الأخذ كما بنى ايتمر من الأمر وايتكل من الأكل ، فيكون الياء فيه غير لازمة أيضا فينعدم شرط الإدغام بلا ريب ، فيكون الإدغام فيه شاذا. اه ابن كمال.

(٣) ولما فرغ من بيان الحروف الأربعة عشر التي وقعت قبل تاء الافتعال وكيفية إدغامها في تاء الافتعال ، شرع في بيان الحروف التي وقعت بعد تاء الافتعال وكيفية إدغام تاء الافتعال فيها فقال : ويجوز إلخ. اه ف.

(٤) قوله : (بعد ... إلخ) أي : إذا وقع حرف من هذه الحروف التسعة عين الكلمة وبنيت منها افتعالا يجوز لك إدغام تاء الافتعال فيها بجعل التاء من جنسها ، والبيان وإن اجتمع مثلان نحو ... إلخ. اه ف.

(٥) وقد زاد السيد الشريف حرفين الثاء المثلثة نحو ينثر أصله ينتثر والشين المعجمة نحو ينشر أصله ينتشر ، ولعل عدم تعرض المصنف إليهما لقلة الاستعمال ، تدبر كذا قيل. اه تحرير.

(٦) قوله : (يقتل) من قتل أصله يقتتل ، وإنما مثل بالمستقبل في هذا الباب ومثل بالماضي في الباب المتقدم ؛ لأن الإدغام في الماضي في هذا الباب غير متفق عليه كما سيجيء بخلاف الباب المتقدم ، وإنما جاز الإدغام والبيان في مثل اقتتل يقتتل وإن كان القياس يقتضي وجوب الإدغام لاجتماع المتجانسين كما في مد يمد ؛ لأن تاء الافتعال غير لازمة بخلاف الدالين في مد.

وقد أشار المازني إلى هذا الفرق وقال : إنما جاز الإدغام في اقتتل ووجب في شدّ ومدّ ؛ لأن كل واحد من الدالين في شد ومد لا ينفك عن صاحبه ، بخلاف تاء افتعل فإنه يجوز انفكاكها عن التاء الواقع بعدها ، وذلك في الصور التي يكون في موضع العين حرف غير التاء فلا يتلازمان ، وإذا لم يجب الإدغام فيهما يجتمع فيه المتجانسان كان عدم وجوب الإدغام فيما يجتمع فيه المتقاربان بطريق الأولى. اه ابن كمال باشا رحمه ربه.

(*) قوله : (يقتّل ... إلخ) أصله يقتتل من الافتعال وقع بعد تاء الافتعال التاء فأدغم الأولى ـ

١٨٢

ويبدّل (١) ، ويعذّر ، وينزّع ، ويبسّم ، ويخصّم ، ويقسّم ، ويفضّل ، ويبطّر ، وينظّم.

ولكن لا يجوز في إدغامهنّ إلا الإدغام بجعل (٢) التاء مثل العين ، لضعف (٣)

______________________________________________________

في الثّانية لاجتماع المثلين مع تحرك الثّاني فيهما ، فصار يقتّل فإنهم يقولون في التصريف :

قتّل يقتل بتشديد التاء المثناة الفوقانية ، كما يقولون : اقتتل يقتتل بفك الإدغام وعلى هذا القياس الأبنية الباقية ، ويبدل أصله يتبدل جعلت التاء دالا لبعدها من الدال في المجهورية ، فإن التاء مهموسية والدال مجهورية فتباعدتا ، والعرب استكرهوا اجتماع المتباعدين كاستكراههم اجتماع المثلين ، والتاء كانت قريب المخرج من الدال إذ هما جميعا من طرف اللسان وأصول الثنايا فأبدلت دالا ، فأدغم الدال فيه فصار يبدّل.

ويعذر أصله يعتذر ففعل به ما فعل في يبدل إذ الذال المعجمة أيضا من المجهورية وقريبة المخرج من التاء وهو طرف اللسان وأصول الثنايا ، وينزع أصله ينتزع قلبت التاء زايا ؛ لبعدها عن الزاي في المجهورية إذ التاء مهموسية فتباعدتا بهذا الاعتبار ، فتقاربتا باعتبار آخر وهو أنهما من الحروف المنخفضة فأبدلت التاء زايا وأدغمت التاء في الزاي فصار ينزّع ، ويبسم أصله يتبسم فأبدلت التاء سينا فأدغمت في السين ؛ لكونهما من المهموسية فصار يبسّم ، ويخصم أصله يختصم جعلت التاء صادا لبعدها عن الصاد في الاستعلاء فإن التاء منخفضة والصاد مستعلية ولقربها منها في المهموسية ، ثم أدغمت في الصاد فصار يخصّم ، ويقسم أصله يقتسم فعل به ما فعل بيبسم ، ويفضل أصله يفتضل فقلبت التاء ضادا لبعدها عن الضّاد في صفتها كما تقربها لكونهما من الحروف المستعلية فأدغمت في الضّاد فصار يفضل ، ويبطر أصله يبتطر فجعلت التاء طاء وأدغمت فيها لقربها في المخرج ، وينظم أصله ينتظم جعلت التاء ظاء وأدغمت في الظاء لبعدها عن الطاء في الاستعلاء فصار ينظم. اه حنفية.

(١) وفي الفلاح يبدّر بدل يبدّل وأصله يتبدر أي : يشرع. اه حنفية.

(٢) أي : بقلب تاء الافتعال إلى ما بعدها للتجانس إذا لم يكن عين الكلمة تاء وإنما لم يجز جعل العين مثل التاء لضعف ... إلخ. اه ف.

(٣) قوله : (لضعف ... إلخ) وإنما ضعف استدعاء التاء المتقدمة العين متأخرة ؛ لأن التاء زائدة والعين أصلية ، والأصل قوي والزائد ضعيف ، فلو جعل العين تاء يصير القوي ضعيفا وهو ضعيف ، ولو جعلت التاء عينا يصير الضعيف قويا وهو قوي ، وليس جعل الضعيف قويا جعل الخفيف ثقيلا ، هذا إذا كان الاستدعاء مصدرا معلوما مضافا إلى مفعوله وذكر الفاعل متروك ، فالتقدير لضعف استدعاء المقدم للمؤخر ، ويجوز أن يكون مصدرا مجهولا مضافا إلى ما يقوم مقام الفاعل والمآل واحد فافهم. اه أحمد.

ولا يبعد أن يقال : من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول محذوف فالمعنى لضعف استدعاء المؤخر الذي هو التاء ، وإنما أطلق عليه لفظ المؤخر مع أنه مقدم في اللفظ ـ

١٨٣

استدعاء (١) المؤخّر.

وعند بعض الصرفيين لا يجيء هذا الإدغام في الماضي حتى لا يلتبس بماضي التّفعيل ؛ لأن عندهم (٢) تنقل (٣) حركة التاء إلى ما قبلها وتحذف (٤) المجتلبة.

وعند بعضهم يجيء (٥) بكسر الفاء ، نحو : خصّم ؛ لأن عندهم الفاء كسر

______________________________________________________

ـ نظرا إلى ذاته ؛ لأنه من الزوائد ، والزوائد تكون بعد الأصول فيكون متأخرا من المتقدم الذي هو العين ؛ لأنه من الأصول ، والأصول متقدمة على الزوائد وتقدمه بهذا الاعتبار لا باعتبار التلفظ كما توهم فتبصر. اه غلام رباني.

(١) قوله : (لضعف استدعاء ... إلخ) وذلك لأن التاء من المهموسة وباقي الحروف التي تقع بعد تاء الافتعال كلها من المجهورة ، إلا السين والضّاد ، والمهموسة أضعف من المجهورة كما بين في محله فجعل التاء تابعا لما وقع بعده من المجهورة أولى.

وأمّا السين والضّاد فإنهما وإن كانا من المهموسة لكنهما من الحروف الصغيرة فلو جعلا تابعين للتاء صار كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة فجعل التاء تابعا لهما كذا في بعض الحواشي ، ولا يخفى أن هذا الوجه إنما يستقيم في غير يقتل ، ولا يخفى عليك أن المقصود الذي هو جعل التاء مثل العين إنما هو فيما مر في لا يقتل ؛ لأنه إنما يتصور فيما إذا كان العين مخالفا للتاء فليس هذا داخلا في المقصود فلا يضر عدم استقامة هذا الوجه في ذلك تدبر. اه غلام رباني رحمه‌الله.

(٢) قوله : (لأن عندهم ... إلخ) أفاد بهذا الاستدلال دفع ما يقال : لا التباس عند هذا الإدغام بين الماضيين المذكورين ؛ لوجود الهمزة في ماضي باب الافتعال عند الإدغام كما في غيره دون ماضي باب التفعيل كما لا يخفى ، بما حاصله أن عندهم عند هذا الإدغام تحذف الهمزة المجتلبة لدفع لزوم الابتداء بالساكن استغناء بتحريك القاف فلا جرم يلزم الالتباس ، والجواب عن الجمهور أنه يمكن أن يرفع الالتباس ، باعتبار المقام أو بمعونة المضارع تدبر. اه لمحرره.

(٣) قوله : (تنقل ... إلخ) وإنما تنقل لإسكانها إذ الإدغام لا يتأتى بدون إسكان التاء الأول وأما نقلها إلى ما قبلها فلكونه حرفا صحيحا قابلا للحركة محتاج إليها ؛ لسكونه كما لا يخفى. اه تحرير.

(٤) قوله : (وتحذف ... إلخ) للاستغناء عنها فيلزم الالتباس بيانه مثلا إذا قصد الإدغام في اقتتل نقلت فتحة التاء إلى القاف وحذفت الهمزة للاستغناء عنها ، ثم أدغم التاء الأولى في الثّانية فيصير قتّل بفتح القاف وتشديد التاء ، فلم يعلم أنه ماض من التفعيل أو من الافتعال فلهذا الالتباس يدغم ، وقس عليه ما عداه ، وبعضهم جوزوا الإدغام مع الالتباس اكتفاء بالفرق التقديري. اه شمس الدين صاحب رحمه‌الله.

(٥) قوله : (يجيء ... إلخ) يجوز الإدغام ؛ لأن طريق الإدغام عندهم ليس نقل حركة التاء إلى ما قبلها حتى يلزم الالتباس ، بل ما بينه بقوله : يجيء ... إلخ. اه فلاح.

١٨٤

لالتقاء الساكنين (١).

وعند بعضهم يجيء بالهمزة (٢) المجتلبة ، نحو : اخصّم ، نظرا إلى سكون أصله.

ويجوز في مستقبله كسر الفاء وفتحها كما في الماضي ، نحو : يخصّم (٣) ، وفي فاعله ضمّ الفاء للإتباع مع جواز فتحها وكسرها (٤) ، نحو : مخصّمون.

ويجيء مصدره : «خصّاما» (٥) بكسر الخاء لا غير (٦) ،

______________________________________________________

(١) قوله : (لالتقاء ... إلخ) يعني إذا قصد الإدغام في الماضي من هذا الباب أسكنت تاء الافتعال فالتقى ساكنان ؛ لأن فاء الكلمة ساكنة أيضا ، والأصل في التقاء الساكنين أن تحرك الأولى منهما بالكسر ، ولا يمكن حذف إحداهما ؛ لئلا يلزم إجحاف الكلمة فحركت الأولى بالكسر وحذفت الهمزة للاستغناء عنها ، مثلا إذا قصد الإدغام في اقتتل أسكنت التاء ليمكن الإدغام فاجتمع ساكنان القاف والتاء فحرك القاف بالكسر على الأصل فاستغنى عن الهمزة ، ثم أدغم التاء في التاء فصار قتّل بكسر القاف وفتح التاء وتشديدها ، وقس عليه ما عداه. اه ابن سليمان رومي رحمه‌الله تعالى.

(٢) قوله : (يجيء بالهمزة ... إلخ) وبالجملة بان في اختصم على ما ذكر المصنف رحمه‌الله ثلاثة مذاهب ، أحدها عدم الإدغام ، والثّاني الإدغام وحذف الهمزة مع كسر الخاء ، والثّالث الإدغام وبقاء الهمزة والكسرة. اه من الحنفية.

(٣) قوله : (يخصم) بكسر الخاء وفتحها أصله يختصم فأسكنت التاء ؛ ليمكن الإدغام فالتقى الساكنان الخاء والتاء فحركت الخاء بالكسر على الأصل ، أو نقل فتحة التاء إليها ، ثم قلبت التاء صادا وأدغم الصاد في الصاد ، وقس عليه ما عداه. اه فلاح شرح مراح الأرواح.

(٤) قوله : (وكسرها ... إلخ) لا يقال : في كسر الفاء خروج من الضمة إلى الكسرة وهو مهروب عنه عند القوم ؛ لأنا نقول : يجوز الخروج من الضمة إلى الكسرة في الحركة العارضة. اه حنفية شرح مراح الأرواح.

(٥) قوله : (خصاما) وفيه ثلاثة مذاهب أيضا كما في الفاعل ، الأول الإدغام وحذف الهمزة مع كسر الخاء كما في الماضي على اللغة الثّانية ، كما أشار إليه بقوله : ويجيء مصدره خصاما ... إلخ ، والثّاني الإدغام وفتح الفاء وحذف الهمزة ، كما أشار إليه بقوله : ويجيء اخصّاما ... إلخ ، والثّالث بقوله : ويجيء اختصاما. اه من الحنفية.

(٦) قوله : (لا غير) فيه أنه جاز في اختصام خصام بكسر الخاء وفتحها بدون الهمزة ومعها بكسر الخاء ، كما قال المصنف رحمه‌الله فيما يليه فلا يستقيم قوله : لا غير ، إذ هو يفيد نفي التعميم وإثبات الخصوص ، وأجاب بأن معنى كلام المصنف إذا اعتبرت التقاء الساكنين أو اعتبرت نقل كسرة التاء إلى الخاء يجيء مصدره خصام بكسر الخاء لا غير. اه من الحنفية.

١٨٥

لالتقاء الساكنين (١) ، أو لنقل كسرة التاء إلى الخاء.

ويجيء : «خصّاما» إن اعتبرت حركة الصاد المدغم فيها ، ويجيء : «اخصّاما» اعتبارا (٢) بسكون الأصل.

وتدغم (٣) تاء : «تفعّل» و «تفاعل» فيما بعدها باجتلاب الهمزة كما مرّ (٤) في باب الافتعال ، نحو : اطّهّر ، أصله تطّهّر (٥) ،

______________________________________________________

(١) قوله : (لالتقاء ... إلخ) وتحريك أولهما بالكسر على الأصل يعني إذا قصد الإدغام في الاختصام أسكنت التاء ليمكن الإدغام فالتقى الساكنان الخاء والتاء ، وحرك الخاء بالكسر على الأصل فاستغنى عن الهمزة ، ثم أدغم التاء في الصاد فصار خصّاما بكسر الخاء وفتح الصاد وتشديد ، هذا هو المذهب الثّاني. اه أحمد رحمه ربه.

(٢) قوله : (اعتبارا ... إلخ) كأنه لدفع ما يقال : تحريك الخاء مستغن عن اجتلاب الهمزة ؛ لعدم تعذر الابتداء بالمتحرك فلم اجتلبت الهمزة ثمة بأن الهمزة إنما اجتلبت وإن كسرت الخاء نظرا إلى أصالة سكون الخاء وعروض تحركها كما مرّ في اخصّم. اه مهديه.

(٣) قوله : (وتدغم ... إلخ) وهذا الإدغام مطرد في الماضي والمضارع والأمر والنهي والمصدر واسمي الفاعل والمفعول ، قال الشيخ ابن الحاجب : وقد تدغم تاء تتنبر وتتنابر وصلا وليس قبلها حرف صحيح ساكن أي : وقد تدغم تاؤهما إذا كان في حال الوصل ولم يكن قبلها صحيح ، بل إمّا إن يكون قبله متحركا نحو قال تتنزل ، أو ساكنا غير صحيح نحو قالوا تتنزل ، وإمّا أن يكون في غير حال الوصل فلا يجوز الإدغام ؛ لأنك لو أدغمت التاء الأولى في الثّانية لاحتجت إلى همزة الوصل ، وهمزة الوصل لا يدخل الفعل المضارع. اه إيضاح شرح مراح الأرواح.

(٤) قوله : (كما مر ... إلخ) كما يجوز إدغام تاء الافتعال فيما بعده إذا كان ما بعده حرفا من حروف تد ذز سصضطظ بجعل التاء مثل ما بعده من العين ، كذلك يجوز إدغام تاء تفعل وتفاعل فيما بعده إذا كان ما بعده تاء أو حرفا من هذه الحروف التسعة سوى الضّاد بجعل التاء مثل ما بعده من الفاء.

قال ابن الحاجب : وأما تاء تفعل وتفاعل فيدغم فيما يدغم فيه التاء وهي الطاء والدال والظاء والذال والتاء والثاء والصاد والزاي والسين ، وإذا تقرر ذلك فلا يلتفت إلى ما ذهب إليه الشارحون من أنه إذا وقع بعد تاء تفعل وتفاعل حرف من حروف تثدذزسشص ضظط وهو اثنا عشر حرفا هذا ، وإنما أدغموا التاء في الحروف التسعة للدلالة على المبالغة من غير لبس بعلم السامع بأصله. اه ابن كمال باشا.

(٥) قوله : (تطهر) بتشديد الهاء فأسكن التاء ، ثم أدغم في الطاء بعد قلبه طاء فاجتلبت الهمزة ـ

١٨٦

واثّاقل (١) ، أصله : تثاقل (٢).

ولا (٣) يدغم (٤) في نحو : «استطعم» بسكون التاء تحقيقا ، ولا في نحو : «استدان» (٥) تقديرا ، ولكن يجوز حذف تائه في بعض المواضع ، نحو : اسطاع يسطيع ، كما مرّ (٦) في : «ظلت».

وإذا قلت : «أسطاع» ـ بفتح الهمزة ـ تكون السين (٧) زائدة ؛ لأن أصله :

______________________________________________________

فصار اطّهّر وكذلك ازّيّن واذكر وادثر واتبع واظّهر واسمع واضرب أصله تزين وتذكّر وتدثر وتتبع وتصبر وتظهر وتسمع وتضرب. اه شمس الدين صاحب رحمه ربه.

(١) الثاء ليست من الحروف التسعة المذكورة في قولك : تدذر سص ضظط فلعل التمثيل بها ؛ لكونها ملحقة بها وتابعة لها. اه تحرير.

(٢) قوله : (تثاقل) قلبت التاء ثاء وأدغمت واجتلبت همزة الوصل فصار اثاقل وكذلك اتّابع وادّاخر واذّاكر وازّاين اسّامع واصّابر واضّارب واظّاهر أصلها تتابع وتداخر وتذاكر وتزاين وتسامع وتصابر وتضارب. اه ابن سليمان.

(٣) جواب سؤال وهو أن يقال : إن التاء والطاء قد اجتمعتا في استطعم كما اجتمعتا في تطهر ، وكذا اجتمع التاء والذال في استدان كما في يبدل فينبغي أن يدغم فيهما بأنه لا يدغم فيهما تاء الاستفعال فيما بعد وإن كان من تلك الحروف التسعة التي جاز إدغام التاء فيها ؛ لأن ما بعد تاء الاستفعال يكون ساكنا أبدا ومن شرط الإدغام تحرك الحرف الثّاني فيمتنع الإدغام فلا يدغم في نحو ... إلخ. اه فلاح مع حنفية.

(٤) قوله : (ولا يدغم ... إلخ) يريد به أن ما إذا وقع في باب الاستفعال بعد التاء إحدى هذه الحروف فلا يدغم التاء فيهما سواء كان تلك الحروف ساكنة نحو استطعم أو متحركة بإعلال نحو استدان ، أمّا في الأول فلتعذر شرط الإدغام وهو كون الثّاني متحركا ، وأمّا في الثّاني فلأن الفاء فيه وإن تحرك باعتبار الإعلال لكنه ساكن تقديرا. اه جلال الدين.

(٥) أيضا صفة لمصدر محذوف لعامل حذف بقرينة الأول ، ولا يقع الإدغام في استدان أيضا ؛ لسكون الفاء تقديرا أي : تقديريا ؛ لأن أصله ... إلخ. اه جلال الدين.

(٦) قوله : (كما مر في ظلت) أي : كما مر جواز حذف أحد المتماثلين للتخفيف عند امتناع الإدغام لسكون الثّاني ؛ لأن التاء والطاء وإن لم تكونا من جنس واحد إلا أنهما لما اتحدا في المخرج كانا كأنهما من جنس واحد ، فيجوز التخفيف بالحذف ، وقد يدغم تاء استطاع في الطاء ، مع بقاء صوت السين فيقال : اسطاع وهو نادر لما فيه من الجمع بين الساكنين. كذا قيل. اه فلاح.

(٧) فلا يكون من باب الاستفعال بل من باب الإفعال. اه

١٨٧

أطاع ، كالهاء (١) في : أهراق ؛ أصله أراق لأنه من الإراقة ، ثم زيدت عليها الهاء على خلاف القياس.

* * *

______________________________________________________

(١) أراد بهذا التشبيه إزالة استبعاد زيادة السين ؛ لأن الزيادة غالبا إما في الأول وإما في الآخر ، وههنا في الوسط بأن مثل هذه الزيادة وجد في كلامهم نحو زيادة الهاء في أهراق أشار إليها بقوله : أصله أراق فإنه لما لم تكن الهاء في أراق ، ووجدت في أهراق علم أنها زائدة ، ثم لما كان مظنة أن أصله كما تقول : أراق ، كذا يحتمل أن يكون أهرق فبقيت المظنة السابقة أشار إلى دفع ذلك بقوله : لأنه من الإراقة ، تقرير الدفع أن الاحتمال المذكور من كون أصله أهرق بعيد كل البعد ، فإن مصدره إراقة ، وكل حرف لم يكن في المصدر في الأصول لم يكن في ماضيه أيضا ؛ لكونه مأخوذا منه فافهم. اه لمحرره.

١٨٨

الباب الثالث (١) :

في المهموز

ولا يقال (٢) له : «صحيح» لصيرورة همزته حرف علّة في التّليين ، وهو يجيء على ثلاثة أضرب :

١ ـ مهموز (٣) الفاء ، نحو : أخذ.

٢ ـ والعين ، نحو : سأل.

______________________________________________________

(١) قوله : (الثّالث) اسم فاعل من الثلاث معناه سيوم بار شدن من باب ضرب.

المهموز اسم مفعول من همزت الحرف فانهمز كذا في الصحاح ، وإنما قدم هذا الباب على المعتلات ؛ لأن الهمزة حرف صحيح ؛ لأن تصرفها كتصرف الحرف الصحيح ؛ إلا أنها قد تخفف وتحذف إذا وقعت غير أول ، فناسب أن يقدم على هذه الأبواب الثلاثة ويؤخر عن المضاعف ؛ لأن الإبدال في المضاعف في مواضع مخصوصة ، وتليين الهمزة في مواضع كثيرة. اه عبد الحكيم.

(٢) يعني : لم يجعل المصنف المهموز من الصحيح مع عدم وجود حرف العلّة فيه ، على أن ابن الحاجب قال في الشافية : الكلم ينقسم إلى صحيح ومعتل ، فالمعتل ما فيه حرف العلّة والصحيح بخلافه فيدخل حينئذ المهموز في الصحيح ، خلاصة المقال : إن الهمزة كما يقال له حرف علّة إذ عريكته كعريكة حرف العلّة في التليين فمنظور ابن الحاجب أصله ؛ ومنظور المصنف عريكته فالمخالفة لأجل النكتة والشيء إذا غيّر عن الأصل في الظاهر لا يبعد أن يسمى باسم آخر كماء متجمد لا يقال له ماء بل جمد ، وإن كان ماء في الأصل فكذا حال الهمزة لكن لو سماها العلّة يلزم ترك النظر إلى الأصل ، وكذا في تسميته بالصحيح يلزم الترك إلى عريكته فلذا لم نقل للكلمة التي في أحد أصوله فصاعدا همزة لا صحيحا ولا معتلا بل سميناها باسم آخر وهو المهموز رعاية للجانبين تدبر. اه لمحرره.

(٣) قوله : (مهموز ... إلخ) هذا حصر عقلي إن اعتبر وجود همزة واحدة في كلمة ثلاثية ، وإلا فبناء على الغالب إذ يجيء من الرباعي ما يكون عينه ولامه الثّانية همزتين نحو : وكأكأ ولألأ. اه ابن سليمان.

١٨٩

٣ ـ واللام ، نحو : قرأ.

وحكم الهمزة كحكم الحرف الصحيح ، إلا أنها (١) قد تخفّف (٢) ب :

١ ـ القلب.

٢ ـ وجعلها بين بين ، أي : بين مخرجها وبين مخرج (٣) الحرف الذي منه حركتها ، وقد يجعل الهمزة بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركة ما قبلها.

٣ ـ والحذف.

الأول يكون إذا كانت ساكنة ومتحركة ما قبلها ، فقلبت الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها ، للين عريكة الساكنة ، واستدعاء (٤) ما قبلها ، نحو : راس ، ولوم ، وبير (٥).

______________________________________________________

(١) الاستثناء مفرغ أي : حكم الهمزة مثل حكم الحرف الصحيح في جميع الأحكام إلا في ثلاثة أمور فإنها مختلفة فيها الأول أنها تخفف بالقلب بخلاف الصحيح ، والثّاني جعلها بين ...

إلخ ، والثّالث الحذف ، أي : حذف الهمزة بنقل حركتها إلى الساكن ما قبلها صحيحا وإسقاطها في الدرج. اه حنفية.

(٢) لأنها حرف ثقيل إذ مخرجه أبعد من مخارج جميع الحروف ؛ لأنه يخرج من أقصى الحلق فهو شبيه بالتهوّع المستكره لكل أحد بالطبع فخففها قوم وهم أكثر أهل الحجاز وخاصة قريش ، روي عن أمير المؤمنين علي رضي‌الله‌عنه أنه قال : «نزل القرآن بلسان قوم وليسوا بأصحاب نبي ، ولو لا أن جبرئيل عليه‌السلام نزل بالهمزة على النبي ما همزتها» ؛ وخففها آخرون وهم تميم وقيس ، والتخفيف هو الأصل قياسا على سائر الحروف الصحيحة ، فخفف عند الأولين بالقلب ... إلخ. اه فلاح.

(٣) قوله : (وبين مخرج ... إلخ) فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الألف وإن كانت مكسورة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الياء ، وإن كانت مضمومة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الواو هذا هو بين بين المشهور. اه فلاح.

(٤) قوله : (واستدعاء ... إلخ) أي : اقتضاء ما قبلها من الحركة أن تصير من جنسه فإن الواو من جنس الضم ، والألف من جنس الفتح ، والياء من جنس الكسر ؛ لتولدها من تلك الحركات عند إشباعها. اه

(٥) إن كانت كسرة قلبت ياء نحو بير أصله بئر بالهمزة الساكنة ، وهذه الأمثلة للهمزة الساكنة التي في كلمة واحدة مع تحرك ما قبلها نحو «إلى الهداتنا» ، و «الّذيتمن» ، و «يقول وذن لي» ، ـ

١٩٠

والثاني : يكون إذا كانت متحركة ومتحركا ما قبلها ، ثم تثبت ولا تقلب ، بل تجعل بين بين ، لقوّة عريكتها (١) ، نحو : سأل ، ولؤم ، وسئل ، إلّا إذا كانت مفتوحة وما قبلها مكسورة أو مضمومة ، فتجعل ياء أو واوا ، نحو : مير ، وجون (٢) ؛ لأن

______________________________________________________

الأصل في الأول أن يقال : إلى الهدى ، ويقال : ايتنا بقلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ؛ لأن أصله ائتنا بهمزتين ؛ لأنه أمر من أتى يأتي لكن لما سقطت ألف الوصل في الدرج اجتمع الساكنان ألف الهدى والهمزة الساكنة التي من فاء الفعل فحذفت الألف لكونه في آخر الكلمة والتغيير بالآخر أولى ، وقبلها الدال مفتوحة فصار دأت من الهدى ائتنا بمنزلة رأس فقلبت الهمزة فيه ألفا كما قلبت همزة رأس ، وأما الذ يتمن أصله الذ ئتمن بهمزة ساكنة التي هي فاء من بعد همزة الوصل فسقطت همزة الوصل أيضا في الدرج فالتقى الساكنان ياء الذي والهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل فحذفت الياء لوقوعها في الطرف وقبلها الذال المكسورة فصار ذئت من الذي ائتمن بمنزلة بئر فقلبت الهمزة فيه ياء قبلها في بئر ، وأمّا من يقول وذن لي أصله ائذن لي بهمزة ساكنة بعد همزة الوصل وهي فاء أذن فسقطت همزة الوصل في الدرج وباشرت لام يقول المضمومة فصار لؤذن من : يقول ؤذن لي بمنزلة لؤم فقلبت الهمزة واوا قلبها في لؤم وكلّ ذلك ـ أي : قلب الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها في كلمة كانت أو في كلمتين ـ جائز لا واجب إذا كان ما قبل الهمزة غير الهمزة ، وأمّا إذا كان ما قبلها همزة أيضا وكانت في كلمة واحدة يجب قلبها نحو آمن وأومن وإيمانا كما سيجيء.

اه ابن سليمان رومي.

(١) قوله : (لقوّة ... إلخ) أي : لقوّة طبيعة الهمزة المتحركة مع تحرك ما قبلها وأقسام ذلك تسعة ؛ لأن الهمزة إمّا مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة ، وعلى التقادير ما قبلها إمّا مفتوح أو مكسور أو مضموم ، والحاصل من ضرب الثلاثة في الثلاثة تسعة فإن كانت الهمزة مفتوحة فما قبلها أيضا مفتوح نحو سأل ، أو مكسور نحو مائة ، أو مضموم نحو مؤجل ، وإن كانت مضمومة فما قبلها إما مضموم نحو لؤم ، أو مفتوح نحو رؤوف ، أو مكسور نحو مستهزئون ، وإن كانت مكسورة فما قبلها إما مكسور أيضا نحو مستهزئين أو مضموم نحو سئل أو مفتوح نحو سئم ، والقياس في الصور التسع كلها أن يجعل بين بين ؛ لأن فيه تخفيفا للهمزة مع بقية من آثارها ؛ ليكون دليلا على أن أصل الكلمة الهمزة لكن في صورتين منها لا يمكن جعلها بين بين ، وأشار إليهما بقوله : إلا إذا كانت ... إلخ.

واعلم أن ما ذكره المصنف من استثناء الصورتين مذهب سيبويه ، وحكي عن يونس جعلها بين بين فيهما أيضا والحقّ ما قاله سيبويه. اه شمس الدين.

(٢) بضم الجيم وفتح الواو أصله جؤن بفتح الهمزة وهو جمع جؤنة بالضم وهي سليلة مستديرة مغشاة أو ما يكون مع العطارين من ظرف العطر ؛ وذلك لأن ... إلخ. اه فلاح.

١٩١

الفتحة كالسكون في حقّ اللّين ، فتقلب كما في السكون.

فإن قيل (١) : لم لا تقلب في : «سأل» وهمزته مفتوحة ضعيفة؟.

قلنا : فتحتها صارت قويّة لفتحة ما قبلها ، ونحو (٢):

 ...

 ... لا هناك (٣) المرتع (٤)

شاذ.

والثالث : أن يكون إذا كانت متحركة وكان ساكنا ما قبلها ، ولكن تليّن فيه

______________________________________________________

(١) تقرير السؤال أنك قلت : إن الفتحة في حكم السكون فالهمزة في سأل مفتوحة وهي في حكم السكون فصارت الهمزة ضعيفة كالسكون ، فلم لا تقلب ألفا. اه حنفية شرح مراح.

(٢) قوله : (ونحو : لا هناك ... إلخ) بعض من البيت وصدره :

راحت بسلمة البغال عشية

فارع فزارة لا هناك المرتع

راحت فعل ماض بمعنى ذهبت ، وبسلمة علم قبيلة متعلق براحت ، والبغال فاعل راحت ، وعشية ظرف زمان له ، وفارع على صيغة الواحدة المؤنثة فعل الأمر من رعى يرعي رعيا ، والرعي جرانيدن فعل وفاعله ضمير مستتر فيه وهو أنت ، وفزارة بضم الفاء اسم قبيلة ، أو اسم شخص ، أو علم امرأة منادى بحذف حرف النداء ، ولا هناك المرتع دعاء عليها ، وهنا فعل ماض أصله هنأ بالهمزة من هنئت الطعام هنية وهنيئا مريئا ، ثم قلبت ألفا على خلاف القياس لضرورة الشعرية ، والضمير المنصوب معه ضمير مؤنث خطاب إلى فزارة ، والمرتع فاعل هناك وهو موضع الرتوع بمعنى جراگاه. اه غلام رباني.

فمعناه بالفارسية

قال بعض الأفاضل : البيت للفرزدق وقد كان من قبيلة سلمة وكان لها مرعى في موضع وكانت قبيلة أخرى تسمى فزارة يأتون بغالهم إليها عشية فيرعونها ، واتفاقا في ليل من الليالي مضى الفرزدق بالمرعى فرأى أهل فزارة بأنهم يرعون البغال فيه ولم يستطع على نفيهم فانفجر قلبه ، فيرجع إلى أهله فلاقى بأحد من أهل سلمة فقال له : راحت بسلمة ... إلخ ، فقوله : سلمة بحذف المضاف أي بمرعى سلمة ... إلخ ، وقوله : فارع مقولة لقلت المحذوف ، أي : فقلت ارع ... إلخ. اه لمحرره.

(٣) أصله لا هنأك بفتح الهمزة فقلبت ألفا على خلاف القياس ، والمرتع بفتح الميم اسم مكان من رتعت الماشية ، أي : أكلت ما شاءت. اه حنفية.

(٤) بعض عجز بيت من البحر الكامل ، وهو للفرزدق كما في العين للفراهيدي ٢ / ٦٨ ، وكتاب سيبويه ٣ / ٥٥٤.

١٩٢

أوّلا للين (١) عريكتها بمجاورة (٢) الساكن ما قبلها ، ثم تحذف لاجتماع الساكنين ، ثم أعطي حركتها لما قبلها إذا كان (٣) ما قبلها حرفا صحيحا ، أو واوا وياء أصليتين أو مزيدتين لمعنى (٤) ، نحو : مسلة ، أصلها : مسألة ، وملك ، أصله : ملأك (٥) من الألوكة (٦) ، وهي الرّسالة.

______________________________________________________

(١) قوله : (للين عريكتها ... إلخ) قيل : في هذه الطريق كثرة التغير ومخالفة الكتب إذ التليين ابتداء في مسألة لا يتصور بدون حركة ما قبلها ، وكيف تحذف الهمزة باجتماع الساكنين والحركة متحققة في الهمزة ، ولو لم تكن محققة ، كيف يستقيم قوله : ثم أعطي حركتها لما قبلها ، والحق ما ذكره المحققون وهو أن ينقل حركة الهمزة إلى ما قبلها وتحذف الهمزة ؛ وذلك لأن حذفها أبلغ في التخفيف ، وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها وهي حركتها المنقولة إلى ساكن قبلها. اه مولوي عبد الحكيم رحمه‌الله.

(٢) قوله : (بمجاورة ... إلخ) زاده بعد قوله : للين عريكتها دفعا لما يقال : بأنا لا نسلم لين عريكة الهمزة ثمة ؛ لأنها متحركة والهمزة المتحركة قوية ، كما قال المصنف رحمه‌الله قبيل هذا في جعل الهمزة المتحركة بين بين لقوة عريكتها ، بما تشريحه أن تليين عريكتها لأجل مجاورة الساكن ما قبلها لا غير فإن الساكن ضعيف فمجاوره كذلك إذ المجاورة مؤثرة ، ولذا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الصحبة موثرة» ، فالتليين فيه حكمي. تدبر. اه لمحرره رحمه‌الله.

(٣) قوله : (إذا كان ... إلخ) هذا هو القيد لحذف الهمزة بالطريقة المذكورة ، أي : إنما حذفت الهمزة بالكيفية السابقة إذا كان ما قبل الهمزة حرفا ... إلخ. اه جلال الدين.

(٤) من المعاني أي : لا يكونان زائدتين لمجرد المد أو ما يشابهه بل زائدتين لمعنى كالإلحاق نحو حوبة وجيل والأصل حوءب وجيأل فالواو والياء فيهما للإلحاق وزنهما فوعلة وفيعل والتأنيث وغيرهما ، وإنما فسرنا به بقرينة مقابلته بقوله : وإذا كان ياء أو واوا مدتين أو ما يشبه المدة كياء التصغير جعلت مثل ما قبلها ، ثم أدغم في آخره ، فهذه أقسام ثلاثة ، القسم الأول ما يكون قبل الهمزة المفتوحة حرف صحيح ساكن ... إلخ اه ف.

كما في مثل مقروّة وخطيئة ؛ لأن واو مفعول وياء فعيل زيدتا للمد فهما بمنزلة ألف إفعال ومفعال فلا يحتملان الحركة فلا يقال مقروة وخطية بنقل حركة الهمزة إلى الواو والياء وحذفها كما في بناء ؛ لأن الألف لا يحتمل الحركة وكذا لا ينقل إلى ياء التصغير في أفيّس ؛ لأنها شبيهة بالياء التي هي المدة. اه مولوي.

(٥) فيه أن الملأك مهموز العين والألوكة مهموز الفاء فلا مجال لقول المصنف : من الألوكة ، اللهم إلّا أن يقدر في العبارة بأن يقال : أصله ملأك وهو مقلوب المألك الذي من الألوكة ، هذا ما أفيد من بعض الأفاضل ، والله اعلم. اه لمحرره.

(٦) قوله : (من الألوكة) قال الكسائي : أصل ملك مألك بتقديم الهمزة من الألوكة ، ثم ـ

١٩٣

و «الأحمر» يجوز فيه : لحمر ؛ لأن الألف لأجل سكون اللام ، وقد انعدم ، ويجوز : ألحمر ، لطروّ (١) حركة اللام (٢) ، وجيل (٣) وحوبة (٤) ،

______________________________________________________

قلبت وقدمت اللام فقيل : ملأك ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فصار ملك. اه أحمد.

(١) قوله : (لطرو ... إلخ) لأنها منقولة عارضية فلا اعتبار بها ، اعلم أن قوله : مسلة وملك ولحمر وألحمر أمثلة الهمزة التي نقلت حركتها إلى الحرف الصحيح في الكلمة واحدة حقيقة أو حكما فإن الأحمر في الأصل كلمتان إحداهما حرف التعريف والثّاني أحمر لكنهما عدتا كلمة واحدة لشدة الامتزاج ، ولما فرغ مما ذكرنا أراد أن يشرع في بيان الأمثلة التي نقلت حركتها إلى الواو والياء المزيدتين لمعنى واحد فقال : ونحو جيل ... إلخ. اه حنفية.

(٢) قوله : (لطرو حركة ... إلخ) أي : عروضها وعدم الاعتبار بالعارض فلم يستعن عن الهمزة وهو الأكثر ، فعلى هذا الوجه يقال : من الحمر بفتح النون وفي الحمر بحذف الياء لالتقاء الساكنين حكما ، بخلاف الوجه الأول إذ يقال : من الحمر بإسكان النون ، وفي الحمر بإثبات الياء ؛ لعدم التقاء الساكنين اعتبارا بالحركة العارضة.

القسم الثّاني ما يكون قبل الهمزة المفتوحة واو أو ياء ساكنتين أصليتين وهو على ضربين ، أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة ، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى ، والمصنف لم يذكر للضرب الأول من هذا القسم مثالا ونحن نذكره وهو نحو سو بفتح السين وضم الواو ، شي بفتح الشين وضم الياء وأصلهما سوء وشيء بإثبات الهمزة وسكون ما قبلهما فيهما فأسكنت الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين فيهما ، فنقلت حركة الهمزة إلى الواو والياء الأصليتين فصار سو وشي ، وأخر مثال الضرب الثّاني لعلّة نذكرها إن شاء الله تعالى.

القسم الثّالث ما يكون قبل الهمزة المفتوحة واو أو ياء ساكنتان زائدتان لمعنى وهو أيضا ضربان أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة ، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى مثال الضرب الأول منه ما ذكره بقوله : وجيل ... إلخ. اه فلاح.

(٣) قوله : (جيل) بفتح الجيم والياء جميعا والأصل : جيأل بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة وهو الضبع ، والياء زائدة للإلحاق بجعفر لكنه بمنزلة الأصليّة في تحمل الحركة فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقلت فتحتها إلى الياء فيصير جيل ، لا يقال : إن الياء المتحركة إذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا فلم لم تقلب هذه الياء ألفا مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح ، لأنا نقول :

قال أبو علي : إنما امتنعوا من قلب هذه الياء ألفا مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح ؛ لأن الهمزة وإن كان ملغاة من اللفظ فهي مبقاة في التقدير وحركة الياء عارضية في حكم المعدوم فلذلك امتنعوا من قلبها ألفا. اه ابن كمال باشا.

(٤) قوله : (وجيل وحوبة) مثال الواو والياء المزيدتين لمعنى واحد ، أبو يّوب ... إلخ مثال واو وياء أصليتين. ـ

١٩٤

وأبو يّوب (١) ، ويغز وخاه ، ويرمي باه ، وابتغي مره (٢).

ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة في هذه المواضع لقوّتها (٣) وطروّ الحركة.

وإذا كان (٤) ما قبلها حرف لين مزيدا نظر : فإن كان واوا أو ياء مدّتين أو ما

______________________________________________________

فإن قيل : ما الوجه في إيراد مثال الواو والياء المزيدتين بكلمة ، والأصليتين بكلمتين مع مجيء نظيرهما في كلمة أيضا نحو سو وشي؟.

قلت : عن الأول لم يجىء مثالهما في الكلمتين ، وعن الثّاني إن مثالهما وإن جاء في كلمة لكن لغاية قلته كأنه بمنزلة المعدوم لم يتعرض المصنف إليه تدبر. اه سمع.

بفتح الحاء المهملة والواو جميعا ، والأصل حوأبة بإثبات همزة مفتوحة بعد واو ساكنة وهي القرية الواسعة ، والواو ههنا زائدة للإلحاق بجعفر أيضا ، لكنه بمنزلة الأصليّة في تحمل الحركات فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحها إلى الواو فصار حوبة هنا. اه أحمد.

(١) قوله : (وأبو يوب ... إلخ) أي : لما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى ؛ لأن أصله : أبو أيوب بإثبات همزة مفتوحة وما قبلها حرف أصلي وهو الواو الساكنة ، فخففوا الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو وقالوا : أبو يوب بنقل اللسان من الواو المفتوحة إلى الياء المشددة المضمومة من غير حاجز بينهما ، وإنما أخر هذا المقال لمناسبة قوله : ابتغي مره في أن الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى ، وهو مثال للضرب الثّاني من القسم الثّالث. اه فلاح.

(٢) قوله : (وابتغي ... إلخ) جاز أن يكون بالعين المهملة من الاتباع وهو أمر المؤنث ، وكذا بالغين المعجمة أمر للمؤنث من باب الافتعال من ابتغى يبتغي ، والاستشهاد فيه أن الهمزة لما تحولت وكانت قبلها الياء مزيدة لمعنى التأنيث خففت بالحذف ونقلت فتحتها إلى الياء التي هي ضمير المؤنث وقيل : ابتغي مره بنقل اللسان من الياء المفتوحة إلى الميم الساكنة ، وإنما خففوا الهمزة بالحذف في الأقسام الثلاثة كلها ؛ لأن حذفها أبلغ للتخفيف ، وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها وهو حركتها المنقولة إلى الساكن الذي قبلها. اه فلاح بتصرف.

(٣) قوله : (لقوتها) وأنت خبير بأن حروف العلّة الأصليّة لو كانت قوية لما نقل الحركة في يقول ويبيع إلى ما قبلها ، إلا أن يقال : إنها نكتة بعد الوقوع ، وأيضا الحركة فيهما أصلية ولا شك في ثقلها بخلاف حركة ههنا فإنها عارضية وهي ليست كذلك فيمكن حملها. اه جلال الدين.

(٤) قوله : (وإذا كان ... إلخ) هذا بيان للهمزة التي قبلها واو أو ياء زائدتين لا لمعنى واحد ، فكأنه دفع لما يقال : إنه ما حال الهمزة التي قبلها واو أو ياء مزيدتين لا لمعنى واحد ، فأشار إلى دفعه بقوله : وإذا كان ... إلخ. اه غلام رباني.

١٩٥

يشابه المدّة كياء التصغير (١) جعلت مثل ما قبلها ، ثم أدغم الأول في آخره ؛ لأن نقل الحركة إلى هذه الأشياء يفضي إلى تحميل (٢) الضعيف فيدغم (٣) ، نحو : خطيّة (٤) ، ومقروّة (٥) ، وأفيّس (٦).

فإن قيل (٧) : يلزم تحميل الضعيف أيضا في الإدغام ، وهي الياء الثانية؟.

______________________________________________________

(١) قوله : (كياء التصغير) إن قلت : إن ياء التصغير ياء زائدة لمعنى واحد وقد مر بيان هذا القسم فلا يصح إيراده في هذا الموضع الذي هو بيان للهمزة التي قبلها واو أو ياء مزيدتين لا لمعنى واحد ، قلت : إن ياء التصغير وإن دلت على معنى واحد لكن لا تدل وحدها بل مع ضم أول الكلمة وفتح ثانيها ، والمراد بما سبق من قوله : مزيدتين لمعنى واحد أن الواو والياء المزيدتين لمعنى واحد بأن يفهم هذا المعنى فيهما فقط لا مع ضم غيره معه. اه غلام رباني.

(٢) قوله : (إلى تحميل ... إلخ) أي : إلى تحميل الحركة بالحرف الضعيف وهو غير جائز ، وهذا الدليل لا يخلو عن ضعف إذ الحرف الضعيف قد يتحمل الحركة العارضة ، والأولى ما ذكره بعض المحققين : من أنه إذا كان ما قبل الهمزة المتحركة واوا أو ياء مدتين كان تخفيفها بقلبها حرفا من جنس الساكن الزائد قبلها ، وإدغامه فيها لتعذر إيقاع حركتها على الياء والواو ، وحينئذ إذا كانتا مدتين مجردتين لا تقبلان الحركة ، يريد أن مدتهما تنافي حركاتهما إذ لو حركتا زالت المدة عنهما مع أنه استغني عن تحريكهما بالقلب الذي هو أولى من الحذف لما مر ، وهذا القلب والإدغام بطريق الجواز ، وإنما لم يخففوا الهمزة ههنا بجعلها بين بين ؛ لأن جعلها بين بين تقريبا من الساكن وهم لا يجمعون بين الساكن وما يقاربه ، كما لم يجمعوا بين الساكنين.

اه شمس الدين رحمه‌الله.

(٣) الفاء فيه للجواب يعني إذا كان الأمر كذلك فيدغم ، فعلى هذا لا يقال قوله : فيدغم ، بعد قوله :

ثم أدغم تكرار بلا فائدة. اه شرح.

(٤) قوله : (خطيّة) بتشديد الياء المفتوحة ، والأصل خطيئة بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة زيدت للمد ، والوزن فعيلة كصحيفة ، إلا أنهم أبدلوا من الهمزة التي هي لام الكلمة الياء فاجتمع ياءان والأول منهما ساكن فأدغم في الثّاني ، وقيل : خطية. اه مولوي أحمد سلمه ربه.

(٥) بالواو المشددة المفتوحة ، وأصله مقروءة على وزن مفعولة ، فأبدلوا من الهمزة واوا فاجتمع واوان أولهما ساكن فأدغم في الثّاني وقيل : مقروة. اه ف.

(٦) بضم الهمزة وفتح الفاء وكسر الياء وتشديدها تصغير أفؤس بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم الهمزة جمع فأس مثل أكلب جمع كلب ، والأصل أفيئس بإثبات همزة بعد ياء التصغير ، فقلبت : الهمزة ياء فاجتمع ياءان أولهما ساكنة فأدغم فيما بعدها ، وقيل : أفيّس. اه ف.

(٧) المقصود من الإدغام والفرار عن نقل الحركة عدم تحميل الضعيف وقد يلزم ... إلخ. اه حنفية.

١٩٦

قلنا : الياء الثانية أصلية (١) ، فلا تكون ضعيفة ، كياء جيل ، وياء يرمي باه.

وإن كان ما قبلها ألفا تجعل بين بين (٢) ؛ لأن الألف لا تحمل الحركة والإدغام (٣) ، نحو : سائل ، وقائل.

وإذا اجتمعت (٤) الهمزتان ، وكانت الأولى مفتوحة والثانية ساكنة تقلب الثانية ألفا (٥) ، نحو : آخذ ، وآدم (٦) ، وإذا كانت الأولى مضمومة تقلب الثانية واوا ، نحو :

______________________________________________________

(١) قوله : (أصلية) لكونها مبدلة من الهمزة الأصليّة ومن حيث إنها جاء في مقابلة اللام في خطيئة ومقروءة وفي مقابلة العين في قوله : أفيئيس ، فلما كان كذلك فلم يكن ضعيفة كياء جيل فإن هذه الياء في مقابلة الأصل وهو عين جعفر فلا تكون ضعيفة. اه عصام الدين.

(٢) المشهور لا غير ، أي : لا بين بين الغير المشهور لسكون ما قبلها.

فإن قلت : فهلا امتنع جعلها بين بين لسكون الألف وقرب همزة بين بين من الساكن ، وهم لا يجمعون بين الساكن وما قرب منه؟.

قلت : سوغ ذلك أمران أحدهما خفاء الألف فكأنه ليس قبلها شيء ، وثانيهما زيادة المد الذي فيها فإنه قائم مقام الحركة كالمدغم كذا ذكره الجاربردي. اه أحمد.

(٣) قوله : (والإدغام ... إلخ) أي : الألف لا يقبل الإدغام أيضا ؛ لأن الإدغام يستلزم تحرك الثّاني وذا غير ممكن ههنا فتعين جعلها بين بين فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين الهمزة والألف نحو قراءة ، وإن كانت مضمومة جعلت بين الهمزة والواو نحو تساؤل وإن كانت مكسورة جعلت بين الهمزة والياء نحو سائل ... إلخ. اه فلاح.

قوله : (والإدغام ... إلخ) ؛ لأن الإدغام إنما يتأتى فيما يقبل الحركة ، والألف لا تقبلها فلا تدغم وإنما قلنا ذلك إذ الغرض من الإدغام هو التخفيف وذا حاصل بدونه كما لا يخفى. اه لمحرره.

(٤) قوله : (وإذا اجتمعت ... إلخ) لما فرغ من بيان تخفيف الهمزة الواحدة شرع في بيان تخفيف الهمزتين فقال : وإذا اجتمعت ... إلخ. اه تحرير.

(٥) قوله : (تقلب الثّانية ألفا) للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها. اه

(٦) قوله : (آدم) وهو أبو البشر أصله أأدم بهمزتين الأولى زائدة مفتوحة ، والثّانية فاء الكلمة ساكنة فقلبت الثّانية ألفا وجوبا ؛ لسكونها وانفتاح ما قبلها فقيل : آدم فوزنه أفعل ، ولا يجوز أن يقال : الأولى فاء الكلمة ، والثّانية زائد بوجهين ، الأول أنه يكثر زيادتها أولا ، وقلّت حشوا ، والحمل على الأكثر أولى ، الثّاني أنه لو كان كذلك لكان وزنه فاعلا كشامل فيجب أن يصرف فلما لم يصرف دلّ على أنه بوزن أفعل كأحمر ، ومن هذا علم أنه لا يجوز أن يكون على فاعل بفتح العين كخاتم بأن يكون الألف زائدة غير منقلبة من الهمزة ؛ لأنه حينئذ يجب صرفه أيضا. اه أحمد.

١٩٧

أوثر (١) ، وأودم ، وإذا كانت الأولى مكسورة تقلب الثانية ياء ، نحو : إيسر (٢) ، إلّا في : «أئمّة» (٣) جعلت همزتها ألفا كما في : «آخذ» ثم جعلت ياء (٤) ، وكسرت (٥)

______________________________________________________

(١) مجهول أثر الحديث بالمد أي : رواه أصله أؤثر بهمزتين فقلبت الثّانية واوا ؛ لسكونها وانضمام ما قبلها فصار أوثر. اه ف.

(٢) بكسر السين أصله إئسر بهمزتين أمر من أسر يأسر بوزن ضرب يضرب ، فقلبت الهمزة الثّانية ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها فصار إيسر ، وإنما لم يجز الجمع بين همزتين في كلمة واحدة وأوجبوا التخفيف بقلب ثانيهما ؛ لأنهم يخففون في كلامهم الهمزة الواحدة في الأكثر ، وإذا اجتمعتا لزمت الثّانية البدل ؛ لأن التلفظ بالثّاني الساكن عسير كذا قيل ، فحاصل ما ذكره المصنف رحمه‌الله أنه إذا اجتمع همزتان وكانت الثّانية ساكنة تقلب الثّانية حرفا يوافق حركة الأولى. اه شمس الدين صاحب رحمه‌الله تعالى.

(٣) قوله : (إلا في أئمة) استثناء من قوله : تقلب الثّانية ألفا إذا كانت ساكنة والأولى مفتوحة أي :

تقلب الثّانية ألفا فقط إلا في أئمة فإنها تقلب ياء أيضا بعد قلبها ألفا ؛ لاجتماع الساكنين ، أو من قوله : وإذا كانت الأولى مكسورة فقلبت الثّانية ياء ، فإنه يدل بطريق المفهوم أن الأولى إذا لم تكن مكسورة لا تقلب الثّانية ياء إلا في أئمة فإنها قلبت بالياء مع أن الأولى غير مكسورة ؛ لاجتماع الساكنين.

ثم قوله : أيمة بالياء الصريحة المكسورة جمع إمام كأزمة جمع زمام ، والأصل أءممة بإثبات همزة ساكنة متوسطة بين الهمزة الأولى والميم فنقلوا أولا كسرة الميم إلى الهمزة الساكنة ، ثم أدغموها في الميم الثّانية فصار أئمة بفتح الهمزة الأولى وكسر الثّانية ، ثم جعلت ... إلخ.

اه من المولوي والفلاح.

(٤) لمناسبة بحركة الميم المدغم في الأصل ؛ لأن أصله أءممة بسكون الهمزة وكسر الميم الأولى ، وما ذكره المصنف في الكتاب غير مشهور أنه نقلت حركة الميم إلى الهمزة عند قصد إدغام الأولى في الثّانية

فصار أئمّة فكره اجتماع الهمزتين فقلبت الهمزة الثّانية ياء لمناسبة الياء الكسرة كذا في شرح الشافية ، وعليه الاعتماد وهذا عند البصريين. اه عبد الحكيم.

(٥) لأنه متى اجتمع الساكنان على غير حدّة يوجب أحد الأمرين إما الحذف وإما التّحريك ، لا سبيل إلى الأول لأنه يصير بعد الحذف أمّة فيلتبس بالآمّة الموضوعة من الأمّ وهو القصد ، ولا يمكن التّحريك أيضا ؛ لأن الألف لا يقبل الحركة ولو حرك يلزم اجتماع الهمزتين ، فوقعنا فيما فررنا عنه من المحذور وهو التكلم بالهمزتين وذلك متروك للثقل ، ولا سبيل إلى حذف الثّاني لكونه حرفا صحيحا ولا إلى تحريكه إلا بفك الإدغام فيلزم حينئذ الثقل ، فتعين إبدال الأول ولا يمكن إبداله بالواو ؛ لكونه ثقيلا خصوصا إذا حركت فتعين إبداله بالياء ، وحرك بالكسر ؛ لأنه الأصل في تحريك الساكن ، ولتكون علامة على الهمزة المحذوفة فصار أئمة. ـ

١٩٨

لاجتماع الساكنين ، وعند الكوفيين لا تقلب بالألف حتى لا يلزم اجتماع الساكنين ، وقرئ عندهم : (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) (١) [التوبة : ١٢] بالهمزتين.

فإن قيل : ههنا اجتماع الساكنين في حدّه وهو جائز ، فلم لا يجوز في :

«آمّة»؟.

قلنا : الألف في : «آمّة» ليست بمدّة (٢) ، فكيف يكون اجتماع الساكنين في حدّه؟.

وأما (٣) : كل ، وخذ ، ومر ، فشاذّ.

______________________________________________________

لا يقال : فينبغي أن يدغم أولا بنقل حركة الميم إلى الهمزة وهي الكسرة ؛ لئلا يقع التغيرات المذكورة ، لأنه يلزم حينئذ إهمال أصل وهو إبدال الهمزة الثّانية الساكنة التي وقعت بعد الهمزة المفتوحة بالألف والأصل في الدلائل الإعمال لا الإهمال ، ولهذا أعمل في يدعى بأصلين ولم تقلب الواو أولا بالألف بالاتفاق ، هذا مختار البصريين والمصنف تبعهم ، وعند غيرهم أدغم الميم في الميم بنقل الحركة فصار أئمة ثم أبدلت الثّانية بالياء ؛ لأنه متى اجتمع الهمزتان وكان ثانيهما مكسورة والأولى مفتوحة قلبت الثّانية بالياء. اه مولوي رحمه‌الله.

(١) قوله : (أئمة ... إلخ) فإن قيل : لم لا تبدل الهمزة ياء مع وجود قانون الإبدال؟.

قلت : تلك الضابطة ليست مطلقة بل إذا كانت الكسرة أصلية غير نقلية. اه جلال الدين.

(٢) أي : مدة معتبرة لالتقاء الساكنين على حدهما ؛ لأن المدة المعتبرة لالتقائهما هي حرف علّة ساكنة غير مبدلة عن حرف أصلي تكون زائدة وتكون حركة ما قبلها موافقة لها كما في قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ) [الأنعام : ٣٨] ، وألف آمّة ليس كذلك ؛ لأنها منقلبة عن الهمزة ، فإذا لم تكن الألف مدة لا يكون اجتماع الساكنين على حدهما. اه عبد.

(٣) (وأما كل ... إلخ) ، لما توجه أن يقال : إن قولكم : إذا اجتمعت الهمزتان وكانت الأولى منهما مضمومة والثّانية ساكنة تقلب الهمزة الثّانية واوا ، منقوض بكل وخذ ومر فإنها صيغ الأمر إذ مضارعها يأكل ويأخذ ويأمر ، فإذا بني الأمر منها يجتمع همزتان إحداهما فاء الكلمة وهي ساكنة ، والثّانية الهمزة المجتلبة وهي مضمومة ؛ لأن كلها من الباب الأول فصار أؤكل وأؤخذ وأؤمر ، والحال أن الثّانية لم تقلب واوا كما ترى ، فأجاب بقوله : وأما كل ... إلخ ، خلاصته أن حذف الهمزتين وعدم الامتثال بالقانون خلاف القياس.

وتوضيح الجواب : الأصل أن يقال : اوكل واوخذ واومر بالواو الساكنة المنقلبة من الهمزة الساكنة الثّانية بناء على القانون المذكور ، لما كثر استعمال لهذه الكلمات خالفوا القياس وخففوا الهمزة الثّانية بالحذف فبقي ما بعد الهمزة المجتلبة متحركا فاستغني عنها ـ

١٩٩

وهذا إذا كانتا في كلمة واحدة.

وإذا كانتا في كلمتين (١) تخفّف الثانية عند الخليل ، نحو :

______________________________________________________

(فَقَدْ جاءَ) ـ فحذفت أيضا فبقي كل وخذ ومر ، هذا ما أراده المصنف.

لكن فيها تفصيل وهو أن مخالفة القياس في كل وخذ على سبيل الوجوب والالتزام ، وأما مر فساغ فيه القياس أيضا كقوله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) [طه : ١٣٢] ، والسر فيه أن مر لما لم يبلغ مبلغ باب خذ وكل في كثرة الاستعمال لم يلزموا حذف الهمزة فيه ولم يقصر في قلة الاستعمال ، كما في باب إيسر حتى أثبتوها فيه أيضا بلا خلاف فجعلوا له حكما متوسطا وهو جواز الأمرين ، إثبات الهمزة جريا على القياس ، وحذفها على خلاف القياس ، إلا أنهم إذا ابتدؤوا به كان مر عندهم أفصح من أومر ، لاستثقال الهمزتين ؛ وإذا ابتدؤوا بغيره قبله كان اومر على الأصل أفصح من مر ، لأنهم إذا قالوا : وأمر فقد استغنوا عن همزة الوصل المضمومة لأجل الدرج ، وإيصال الواو المفتوحة بالهمزة التي هي فاء الفعل فلا يستثقل كذا قالوا. اه ابن سليمان رومي.

(١) قوله : (إذا كانتا في كلمتين) واعلم أنه إذا اجتمع همزتان في كلمتين يتحقق فيه اثنا عشر صورة ، الثّانية مفتوحة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ أحد بعد جاء ، ومن تلقاء ويدرأ ولم يدرأ ، ومكسورة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ إبل بعد كل من هذه الألفاظ ، ومضمومة وقبلها الأربعة يتحقق بإيراد لفظ أولئك عقيب كل منها متصلا ، إذا عرفت هذا فاعلم أن في تخفيفهما مذاهب ثلاثة ، وقول لبعض الحجازيين وهو تخفيفهما بلا فصل بينهما ، أما التخفيف فلأنه أوفى بمقصود التخفيف ، وكونه بدون الفصل بينهما فلعدم لزوم اجتماعهما إذ قد ينفك إحدى الكلمتين عن الأخرى ، ولم يذكره المصنف.

وأشار إلى الأول بقوله : وعند أهل الحجاز تخفف كلاهما ، ثم طريق تخفيفهما أن تخفيف الأول بقاء نون تخفيف الهمزة المنفردة ، والثّانية بقاعدة تخفيف الهمزتين في الكلمة الواحدة نحو : رأيت قار أبيك ، فيقال فيه قاري وبيك ، بقلب الأولى ياء كما في بير ، والثّانية واوا على قياس أوادم أو قاري أبيك بجعل الثّانية بين بين.

مذهب الكوفيين وهو إثباتهما إذ اجتماعهما في الكلمتين أسهل منه في كلمة واحدة ، مذهب بعض الصراف وهو تخفيف أحدهما.

ثم اختلفوا في هذا المذهب الأخير ، فذهب سيبويه إلى أن أي الهمزتين خفف جاز وكفى لحصول التخفيف به ، واختار أبو عمرو تخفيف الأولى ؛ لأن الاستثقال إنما يحصل من اجتماعهما ، فعلى أيهما وقع التخفيف جاز لكنهم قد أبدلوا أول المثلين في مثل دينار وديوان بالنون والواوين ، وكان ذلك للتخفيف فكذا في الهمزتين ، واختار الخليل خلاف ذلك وإليه أشار بقوله : تخفف الثّانية عند الخليل ؛ لأن الثقل في التلفظ إنما يحصل ـ

٢٠٠