الزبدة الفقهيّة - ج ٥

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي

الزبدة الفقهيّة - ج ٥

المؤلف:

السيّد محمّد حسن ترحيني العاملي


الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: سليمان‌زاده
الطبعة: ٥
ISBN: 964-8220-36-0
ISBN الدورة:
964-6307-53-1

الصفحات: ٦٠٠

ما سمع) من الأولى والأخيرة ، ولو سمع الثانية بعد الشروع في العمل فله من الأولى بنسبة ما عمل (١) إلى الجميع ومن الثانية بنسبة الباقي (٢).

(وإنما يستحق الجعل على الرد بتسليم المردود (٣) إلى مالكه مع الإطلاق (٤) أو التصريح بالجعل على إيصاله إلى يده (٥) ، (فلو جاء به إلى باب منزل المالك فهرب فلا شي‌ء للعامل) ، لعدم إتمامه العمل الذي هو شرط الاستحقاق.

______________________________________________________

(١) أي ما عمل من العمل إلى جميع العمل من العوض المسمى.

(٢) أي ما بقي من العمل إلى جميع العمل من عوض الثانية ، هذا وعلّق الشارح على هذا الموضع كما في الطبعة الحجرية بقوله : (هكذا ذكره جماعة من الأصحاب ، منهم المصنف في الدروس في مطلق فسخ المالك في الأثناء ، وكذلك العلامة في أكثر كتبه ، مع حكمه بأن فسخ المالك في الأثناء يوجب الرجوع إلى أجرة المثل ، وهذا لا يخلو من تناقض ، نعم حكم في التذكرة بالرجوع إلى أجرة المثل في الموضعين ، لأن الجعالة الثانية بمنزلة فسخ الأولى ، وهو متجه.

وإن كان القول باستحقاقه بالنسبة إلى المسمى أوجه ، لقدومها على ذلك ، خصوصا لو كانت أجرة المثل أزيد من المسمى ، نعم لو قيل بثبوت أقل الأمرين من أجرة المثل ونسبة المسمى كان وجها) انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

(٣) أي بتسليم المردود إلى يد المالك ، لأن إطلاق الرد في الجعالة عند ما قال الجاعل : (من ردّ علي عبدي فله كذا) منصرف إلى القبض والتسليم باليد ، وعليه فلو جاء به إلى البلد أو المنزل ولم يقبضه المالك ففرّ لم يستحق الجعل ، بلا خلاف فيه ولا إشكال كما في الجواهر ، لعدم قبضه ، لأنه لم يردّه إليه ، وكذا لو جعلت الجعالة على خياطة ثوب فخاطه وتلف قبل التسليم فلا يستحق أجرة.

ولا فرق في عدم التسليم بين فرار العبد وموته ، لاشتراكهما في المقتضي ، وهو صدق عدم الرد إلى المالك.

وعن فخر المحققين أنه بالموت يستحق الأجرة ، لأن الرد الممكن عادة قد حصل ، ورفع الموت عن العبد ليس داخلا تحت قدرة البشر بخلاف الفرار ، ومال إليه المحقق الثاني في جامعه والشارح هنا في روضته.

ولكنه ضعيف إذ لا يصدق عليه الرد ، والجعل قد جعل على الرد المخصوص ، ولذا ضعّفه في المسالك.

(٤) مع إطلاق الرد في الجعالة حيث هو منصرف إلى التسليم باليد والقبض.

(٥) أي إيصال الآبق إلى يد الجاعل.

٥٨١

ومثله (١) ما لو مات قبل وصوله إلى يده وإن كان بداره ، مع احتمال الاستحقاق هنا ، لأن المانع من قبل الله تعالى ، لا من قبل العامل ، ولو كان الجعل على إيصاله إلى البلد ، أو إلى منزل المالك استحق الجميع بالامتثال (٢) ، (ولا يستحق (٣) الأجرة إلا ببذل الجاعل (٤) أي استدعائه الرد ، سواء كان مع بذل

______________________________________________________

(١) أي ومثل الهرب.

(٢) ولو لم يصل إلى المالك.

(٣) المالك إما أن يعيّن الجعل ويصفه بما يرفع الجهالة كقوله : من رد عبدي فله دينار ، أو يطلق العوض مع التعرض لذكره كقوله : من ردّ عبدي فله مال ، أو يستدعي الرد ويطلبه من غير تعرض للأجرة كقوله : من يردّ عليّ عبدي منكم ، أو لا يستدعي الرد ولا يطلبه ويعمل العامل له مطلوبه بأن يردّ عليه ضالته أو يخيط له ثوبه وعلى الأول يلزم المالك ما عيّن عند تمام العمل ، إذ لم يفعله العامل بنية التبرع ، وهذا مما لا خلاف فيه ولا إشكال.

وعلى الثاني تلزم أجرة المثل على المالك ، إما لكون العقد فاسدا لاشتراط العلم بالعوض ولم يتحقق ، وإما لكون العقد صحيحا ومع ذلك وقع اتفاقهم أنه يثبت بالرد أجرة المثل إلا في موضع واحد ، وهو رد العبد الآبق فهل تثبت أجرة المثل أم يثبت دينار إذا كان الرد من مصره ، على خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى.

وعلى الثالث ـ لو استدعى الرد ولم يعيّن أجرة أبدا ـ فعن العلامة في القواعد والإرشاد والتحرير والمحقق في الشرائع ، وهو ظاهر اللمعة أنه لا شي‌ء للرادّ ، للأصل من براءة ذمة المالك من الأجرة عند الشك ، وطلبه للرد أعم من كونه بأجرة أو لا ، فلا يجب عليه شي‌ء ، فالعامل هنا متبرع حيث أقدم على العمل من غير بذل.

وأشكل عليه بمنع كون العامل متبرعا ، إلا إذا قصد التبرع منضم ، ويثبت له أجرة المثل ، لأن عمله صدر بأمر من المالك ولعمله أجر بحسب العادة ، فيثبت له أجرة المثل ، لقاعدة احترام عمل المسلم.

وعلى الرابع لا شي‌ء للعامل ، لأن المالك لم يأمر ولم يطلب الرد ، فيتعين التبرع على العامل لو عمل.

ومثله ما لو استدعى العمل مجانا كقوله : من ردّ عليّ عبدي وأجره على الله.

(٤) ظاهر المتن أنه لا أجرة للعامل إلا مع البذل ، فلو استدعى المالك مع عدم البذل كما في الصورة الثالثة فلا شي‌ء للعامل.

إلا أن الشارح فسر البذل بالاستدعاء ، وهو تفسير على خلاف ظاهر البذل ليصحح مبنى المصنف.

٥٨٢

عوض أم لا (١) (فلو رد بغيره (٢) كان متبرعا) لا عوض له مطلقا (٣) ، وكذا لو رد من لم يسمع الجعالة على قصد التبرع (٤) ، أو بقصد يغاير ما بذله المالك (٥) جنسا ، أو وصفا ، ولو رد بنية العوض مطلقا (٦) وكان ممن يدخل في عموم الصيغة ، أو إطلاقها (٧) ففي استحقاقه قولان (٨) ،

______________________________________________________

(١) ليشمل الصورة الأولى والثانية والثالثة.

(٢) أي بغير الاستدعاء كما في الصورة الرابعة ، هذا على تفسير الشارح ، أو رد بغير البذل كما في الصورة الثالثة والرابعة كما هو ظاهر اللمعة.

(٣) أي لا عوض للعامل مطلقا ، أي قصد التبرع أو لا.

(٤) أي مع قصد التبرع فلا شي‌ء له ، لأنه متبرع.

(٥) أي رد مع قصد عوض مغاير لما بذله المالك ، والمغايرة إما جنسية بأن قصد الدرهم والمالك بذل الدينار ، وإما وصفية ، فلا شي‌ء للعامل ، لأن ما قصده العامل لم يلتزمه المالك حتى يثبت عليه ، والأصل براءة ذمته منه.

(٦) أي ردّ العامل بنية العوض من غير تعيين شي‌ء خاص ليشمل ما بذله المالك.

(٧) حتى تخرج الصيغة التي تخاطب شخصا معينا ، لأنه لو خاطب المالك شخصا معينا بقوله : (إن رددت عبدي فلك كذا) فردّه غيره مع نية العوض فلا شي‌ء له ، لأنه متبرع ، ولم يأمره المالك.

والفرق بين العموم والإطلاق هو : أن المالك لو قال : (من ردّ عبدي) فهو عموم ، ولو قال : (الردّ عليّ عبدي فله كذا) فهو إطلاق.

(٨) ذهبت جماعة إلى أن غير السامع للجعالة لو فعل الرد بدون قصد التبرع فله الأجرة ، منهم العلامة في القواعد وولده في الإيضاح ، وفي الدروس أنه الأقرب ، لوجود المقتضي وعدم المانع.

أما المقتضي فهو عمل العامل بدون قصد التبرع ، بل بإذن الجاعل ، وهذا يقتضي ثبوت الأجرة لعمله.

وأما عدم المانع إذ لا يتوهم أنه مانع إلا عدم سماعه ، وهو ليس بمانع ، لأننا مع الشك في مانعيته فالأصل عدمه.

ولدليل ثان ، وهو صدور عمل من العامل مطابقا لجعل الجاعل فيستحق عوضها.

وذهبت جماعة إلى عدم ثبوت أجرة للعامل غير السامع ، وإن لم يقصد التبرع ، لأنه مع عدم علمه بالجعالة فكأنه أقدم على العمل من دون ثبوت جعل من المالك الجعل فلا شي‌ء له وإن لم يقصد التبرع.

٥٨٣

منشأهما : فعله (١) متعلّق الجعل مطابقا لصدوره (٢) من المالك على وجه يشمله (٣) ، وأنه (٤) عمل محترم لم يقصد به فاعله التبرع وقد وقع بإذن الجاعل فقد وجد المقتضي (٥) ، والمانع ليس إلا عدم علمه (٦) بصدور الجعل ، ومثله (٧) يشك في مانعيته ، لعدم الدليل عليه (٨) فيعمل المقتضي عمله ، ومن أنه (٩) بالنسبة إلى اعتقاده متبرع ، إذ لا عبرة بقصده من دون جعل المالك ، وعدم سماعه (١٠) في قوة عدمه عنده (١١).

وفصّل (١٢) ثالث ففرق بين من رد كذلك (١٣) عالما بأن العمل بدون الجعل

______________________________________________________

وفصّل المحقق الثاني في جامعه بين العامل الذي يجهل أن العمل بدون جعل تبرع وغيره.

أما الأول فلجهله يكون عمله غير متبرع به فيستحق على المالك الأجرة لاحترام عمله ، وأما الثاني فهو عالم بأن العمل بدون جعل تبرع ، فهو متبرع به ، لأنه أقدم على العمل مع علمه بعدم الجعل ، فهو متبرع لا شي‌ء له وإن قصد العوض.

(١) أي فعل العامل ، وهو دليل استحقاق العوض.

(٢) أي صدور الجعل.

(٣) يشمل فعل العامل.

(٤) أي عمل العامل ، وهو دليل ثان على استحقاق العوض.

(٥) للاستحقاق ، ويشكل على هذا الدليل أنه لم يثبت أنه المقتضي ، لأن الثابت أن عمله مع سماع الصيغة هو المقتضي ، وأما بدون السماع فالأصل براءة ذمة المالك من العوض.

(٦) أي عدم علم العامل.

(٧) أي ومثل عدم العلم يشك في مانعيته بناء على كون الجعالة إيقاعا ، أما لو كانت عقدا فهو مانع قطعا.

(٨) على المانع.

(٩) دليل عدم استحقاق العوض ، والمعنى من أن العامل.

(١٠) أي وعدم سماع العامل في قوة عدم الجعل من المالك ، فكأنه أقدم على عمل لا جعالة فيه ، فلا شي‌ء للعامل حينئذ.

(١١) عند من ذهب إلى عدم الاستحقاق.

(١٢) وهو المحقق الثاني في جامعه.

(١٣) مع عدم سماع الجعالة وبنية العوض مطلقا.

٥٨٤

تبرع (١) وإن قصد العامل العوض ، وبين غيره (٢) ، لأن الأول متبرع محضا ، بخلاف الثاني. واستقرب المصنف (٣) الأول (٤). والتفصيل متجه.

مسائل

(كلما لم يعيّن جعل (٥) إما لتركه أصلا بأن استدعى الرد وأطلق (٦) ، أو لذكره مبهما (٧) كما سلف (٨) (فأجرة المثل) لمن عمل مقتضاه (٩) ، سامعا للصيغة غير متبرع بالعمل ، إلا أن يصرح بالاستدعاء مجانا (١٠) فلا شي‌ء.

وقيل : لا أجرة مع إطلاق الاستدعاء (١١) ، والأول أجود. نعم لو كان العمل مما لا أجرة له عادة لقلته فلا شي‌ء للعامل (١٢) ، كمن أمر غيره بعمل (١٣) من غير أن يذكر له أجرة (إلا في رد الآبق من المصر) الذي فيه (١٤) مالكه إليه (١٥)

______________________________________________________

(١) فلا شي‌ء له.

(٢) بحيث يجهل أن العمل بدون الجعل تبرع فيستحق الأجرة.

(٣) في الدروس.

(٤) وهو استحقاق العامل للعوض مطلقا.

(٥) من قبل المالك.

(٦) هذه هي الصورة الثالثة المتقدمة في شرحنا ، ومعنى الإطلاق أنه لم يعيّن الأجرة لا جملة.

ولا تفصيلا.

(٧) هذه هي الصورة الثانية المتقدمة في شرحنا ، والمعنى لذكر المالك العوض مبهما ومجملا.

(٨) عند قول المصنف (كمن ردّ عبدي فله مال أو شي‌ء).

(٩) أي مقتضى الاستدعاء.

(١٠) كما في الصورة الرابعة المتقدمة في شرحنا.

(١١) إشارة إلى الخلاف في الصورة الثانية ، وهو قول المحقق والعلامة والمصنف في اللمعة كما سبق.

(١٢) لأن الإطلاق محمول على العرف ، ولا أجرة لمثله عند العرف.

(١٣) في غير الجعالة.

(١٤) في المصر.

(١٥) أي رده مالك الآبق.

٥٨٥

(فدينار (١) ، وفي رده من غيره) ، سواء كان من مصر آخر أم لا (أربعة دنانير) في المشهور ومستنده ضعيف.

ولو قيل بثبوت أجرة المثل فيه كغيره كان حسنا. والمراد بالدينار على القول به : الشرعي وهو المثقال الذي كانت قيمته عشرة دراهم.

(والبعير (٢) كذا) أي كالآبق في الحكم المذكور ، ولا نص عليه بخصوصه ، وإنما ذكره الشيخان (٣) وتبعهما عليه جماعة.

______________________________________________________

(١) مقتضى القاعدة أجرة المثل ، إلا أن المشهور حكم بثبوت دينار إن رده من مصره ، وإلا فأربعة دنانير اعتمادا على خبر مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه‌السلام (أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل في الآبق دينارا إن أخذ في مصره ، وإن أخذ في غير مصره فأربعة دنانير) (١).

وفي الرواية ضعف ففي سندها محمد بن الحسن بن شمون ، وهو غال وضّاع ، وكذلك عبد الله بن عبد الرحمن الأصم وحاله كذلك ، ولذا حملها الشيخ في المبسوط على الأفضل ، وتبعه الآبي والمقداد والشارح ، وإلا فالواجب أجرة المثل.

وذهب الكركي وفخر المحققين إلى أن الواجب أقل الأمرين من أجرة المثل والمقدّر شرعا جمعا بين الدليلين.

وعلى المقدّر شرعا لا فرق في الآبق بين الصغير والكبير والمسلم والكافر والصحيح والمعيب لإطلاق النص ، وكذا لا فرق في الآبق بين من كانت قيمته تساوي المقدّر شرعا أو لا ، وكذا لا فرق في غير مصره بين مصر آخر أو لا.

(٢) ألحق المشهور تبعا للشيخ المفيد في المقنعة البعير بالعبد ، حيث قال المفيد في مقنعته : (إذا وجد الإنسان عبدا آبقا أو بعيرا شاردا فرده على صاحبه كان له على ذلك جعل ، وإن كان وجده في المصر فدينار قيمته عشرة دراهم جياد ، وإن كان وجده في غير المصر فأربعة دنانير ، قيمتها أربعون درهما جياد ، وبذلك ثبتت السنة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) انتهى.

وهو يشعر بورود النص فيه ، ولم يقف عليه المحقق ولا العلامة كما هو ظاهر عباراتهم في الشرائع والقواعد ، وهذا ما يوجب الشك في الخروج عن قاعدة أجرة المثل ، لاحتمال أن يكون الإلحاق من باب القياس ، خصوصا حيث إنه حكم بالجعل مع عدم بذل عوض من قبل المالك ، وهو مشكل لما تقدم من عدم ثبوت شي‌ء للعامل حينئذ.

(٣) المفيد والطوسي.

__________________

(١) التهذيب ج ٦ ص ٣٩٨ حديث ٤٣.

٥٨٦

ويظهر من المفيد أن به رواية ، لأنه قال : بذلك ثبتت السنة ، وفي إلحاقه على تقدير ثبوت الحكم في الآبق إشكال (١). ويقوى الإشكال لو قصرت قيمتهما عن الدينار والأربعة. وينبغي حينئذ (٢) أن يثبت على المالك أقل الأمرين من قيمته ، والمقدر شرعا ، ومبنى الرواية على الغالب من زيادة قيمته (٣) عن ذلك كثيرا.

(ولو بذل جعلا) لمن رده واحدا كان (٤) أم أكثر (فرده جماعة (٥) استحقوه بينهم بالسوية (٦) ولو كان العمل غير الرد من الأعمال التي يمكن وقوعها أجمع من كل واحد منهم كدخول داره مع الغرض الصحيح (٧) فلكل ما عين.

______________________________________________________

(١) لأنه قياس من العبد إلى البعير.

(٢) حين قصور قيمتهما عن الدينار والأربعة فينبغي إثبات أقل الأمرين من قيمة العبد والبعير والمقدّر شرعا لئلا يلزم المالك بزيادة عن ماله من أجل تحصيله.

(٣) أي قيمة العبد الآبق.

(٤) أي الرادّ.

(٥) إذا بذل المالك جعلا على فعل فلا يخلو إما أن يكون الفعل قابلا للتعدد أولا.

وعلى الثاني فلو قال : من ردّ عبدي فله كذا ، والرد غير قابل للتعدد ، فمن رده فله الجعل ، سواء كان القائل واحدا أو جماعة ، وعلى فرض أنهم جماعة فلا يستحقون إلا العوض الواحد.

وعلى الأول كما لو قال : من دخل داري فله دينار ، والدخول قابل للتعدد ، فلو دخله جماعة استحق كل واحد منهم ذلك العوض ، لصدق الاسم وهو الدخول على كل واحد منهم ، بخلاف السابق إذ لا يصدق على كل واحد أنه رد الآبق ، بل الرد مستند إلى فعل الجماعة بما هم جماعة.

وعن العلامة في المختلف أنه لو قال : من دخل داري فله دينار ، وقد دخله جماعة استحق الجميع دينارا واحدا بالتساوي ، لأن الدينار الواحد هو المبذول ، وهو مردود ، لأن الجعل هو الدينار ـ قد بذل على الدخول ، وكل واحد منهم قد حقق الدخول.

نعم لو بذل جعلا متشخصا على مطلق الدخول كما لو قال : من دخل داري فله هذا الدينار ، فدخله جماعة استحق الجميع الدينار المتشخص بالسوية.

(٦) لأن الفعل غير قابل للتعدد ، والتسوية مبنية على قسمة العوض على الرءوس ، وأما التقسيم على أساس العمل فيجب أن يكون الجعل بينهم كل بحسب عمله.

(٧) أي الغرض الصحيح للدخول ، وإلا فمع عدم الغرض فيكون الجعل مبذولا على نحو السفه ، وهذا ما يوجب التحجير على الجاعل وهو ما يوجب بطلان الجعالة.

٥٨٧

(ولو جعل لكل من الثلاثة جعلا مغايرا) للآخرين (١) كأن جعل لأحدهما دينارا ، وللآخر دينارين ، وللثالث ثلاثة (فردوه فلكل ثلث ما جعل له (٢) ، ولو رده أحدهم فله ما عين له أجمع ، ولو رده اثنان منهم فلكل منهما نصف ما عين له ، (ولو لم يسم لبعضهم) جعلا مخصوصا (فله ثلث أجرة المثل) ولكل واحد من الآخرين ثلث ما عين له ، ولو رده من لم يسم له وأحدهما فله (٣) نصف أجرة مثله ، وللآخر نصف ما سمي له ، وهكذا ، (ولو كانوا أزيد) من ثلاثة (فبالنسبة) (٤) أي لو

______________________________________________________

(١) إذا جعل لكل واحد جعالة منفردة على عمل واحد ، فإما أن يساوي بينهم في الجعل ، وإما أن يخالف فيما بينهم ، وإما أن يعيّن للبعض ويطلق للبعض الآخر.

وعلى التقادير الثلاثة إما أن يكون الفعل المجعول عليه قابلا للاختلاف كخياطة الثوب ، وإما أن لا يقبل الاختلاف كردّ العبد.

إذا تقرر ذلك فإذا جاء أحدهم بالعمل فله جعله مع التعيين وإلا فأجرة المثل ، وإن اشتركوا في العمل وكان مما لا يختلف كرد العبد فلكل واحد بنسبة ما جعل له من مجموع العاملين ، فمثلا لو قال الأول : (إن رددت عبدي فلك عشرة دنانير) ، وقال للثاني : (إن رددت عبدي فلك خمسة عشر دينارا) وقال للثالث : (إن رددت عبدي فلك عشرون) ، فردّ الثلاثة العبد فيستحق الأول ثلث جعله ، وكذا الثاني والثالث.

وإن كان العمل مما يختلف فيكون لكل واحد بنسبة عمله من مجموع العمل ، فلو خاط الأول مثلا نصف الثوب والأخيران أكملا العمل ، استحق الأول نصف جعله والثاني ربعا وكذا الثالث.

هذا كله إن اختلف الجعل ، وأما إذا اتفق فنفس الحكم السابق من أنه لكل واحد بنسبة ما جعل له من مجموع العاملين إن لم يختلف العمل ، وإن اختلف فله بنسبة عمله من مجموع العمل.

وأما الفاعل الذي لم يعيّن له عوض خاص كأن يقول المالك : (إن رددت عبدي ، أو قال : إن خطت الثوب فعلي العوض) كان له تمام أجرة المثل لو فعل العمل بمفردة ، ومع المشاركة فعلى أساس ما تقدم من أجرة المثل.

(٢) لأن العمل غير قابل للاختلاف في الفعل ، وقد اشتركوا فيه من الابتداء إلى الانتهاء ، فيكون لكل واحد بنسبة ما جعل له من مجموع العاملين.

(٣) أي لمن لم يسمّ له.

(٤) إلى مجموع العاملين.

٥٨٨

ردوه أجمع فلكل واحد بنسبة عمله (١) إلى المجموع من أجرة المثل ، أو المسمى.

(ولو اختلفا في أصل الجعالة (٢) بأن ادعى العامل الجعل وأنكره المالك وادعى التبرع (حلف المالك) ، لأصالة عدم الجعل ، (وكذا) يحلف المالك لو اختلفا (في تعيين الآبق) (٣) مع اتفاقهما على الجعالة ، بأن قال الملك. إن المردود ليس هو المجعول وادعاه العامل ، لأصالة براءة ذمته (٤) من المال الذي يدّعي العامل استحقاقه.

(ولو اختلفا في السعي (٥) بأن قال المالك : حصل في يدك قبل الجعل) بفتح

______________________________________________________

(١) فلو كانوا أربعة وقد اشتركوا في الرد من الابتداء إلى الانتهاء كان لكل واحد ربع ما جعل له ، وإلا ربع أجرة المثل.

(٢) بأن قال العامل : شارطتني وآمرتني بالعمل وجعلت لي جعلا معينا ، فقال المالك : لم أشارطك ولم آمرك ، كان القول قول المالك مع يمينه ، لأنه منكر ، إذ الأصل عدم الأمر وعدم الشرط ، والأصل عدم اشتغال ذمته بلا خلاف في ذلك ولا إشكال.

(٣) بحيث جاء العامل بأحد الآبقين ، فقال المالك : لم أقصد هذا عند الجعالة وإنما قصدت الآخر ، فقال العامل : بل قصدت هذا كان القول قول المالك مع يمينه ، لأن العامل يدعي العوض على المالك بالنسبة لهذا الآبق ، والمالك ينكره ، والأصل عدم ثبوت العوض بلا خلاف فيه ولا إشكال أيضا.

وفي هذا الفرع قد اتفقا على أصل الجعالة مع اختلافهما في المجعول عليه ، وبهذا خالف الفرع السابق.

(٤) أي ذمة المالك.

(٥) بأن قال المالك : حصل العبد في يدك قبل حصول الجعالة فلا شي‌ء لك ، بناء على أنه إذا حصل الآبق بيد الفاعل قبل الجعالة فلا شي‌ء له ، ويجب عليه حينئذ إعلام المالك به ، لأن حصول الآبق بيد العامل لم يكن بدافع العوض بل يكون العامل متبرعا فلا شي‌ء له ، فقال العامل : بل حصل في يدي بعد حصول الجعالة فاستحق شيئا عليك. فالقول قول المالك مع يمينه ، لأنه منكر ، لأن العامل يدعي ثبوت العوض على المالك والمالك ينكره مع أصالة عدم اشتغال ذمته.

إن قلت : إذا شككنا في حصول الآبق قبل الجعالة أو بعدها فالأصل عدم حصوله قبل الجعالة وهذا ما يجعل العامل منكرا.

٥٨٩

الجيم ، وقال الرّاد : بل بعده (حلف) المالك (أيضا ، للأصل) وهو براءة ذمته من حق الجعالة ، أو عدم تقدم الجعل على حصوله (١) في يده (٢) ، وإن كان الأصل أيضا عدم تقدم وصوله إلى يده على الجعل ، إلا أنه بتعارض الأصلين لا يثبت في ذمة المالك شي‌ء (٣) ، ومثله (٤) ما لو قال المالك : حصل في يدك قبل علمك بالجعل ، أو من غير سعي (٥) وإن كان (٦) بعد صدوره.

(وفي قدر الجعل كذلك (٧) يحلف المالك ، لأصالة براءته من الزائد ، ولأن

______________________________________________________

قلت : هو معارض بعدم تحقق الجعالة قبل حصوله بيد العامل ، وهذا ما يجعل المالك منكرا ، فيتعارض الأصلان ويتساقطان.

(١) أي حصول الآبق.

(٢) أي يد العامل.

(٣) لعدم اشتغال ذمته ، ومنه تعرف أن لا معنى لعطف (أو عدم تقدم الجعل على حصوله في يده) لأنه ساقط بالتعارض.

(٤) أي ومثل الاختلاف في السعي الاختلاف في سماع العامل للجعالة قبل الحصول أو بعد الحصول ، وهذا مبني على أن العامل إذا ردّ ولم يسمع الجعالة فهو متبرع ولا شي‌ء له.

(٥) من العامل فلا يستحق شيئا لعدم صدور عمل منه ، والجعل قد رتب على الرد المسبوق بالسعي.

(٦) أي كان الحصول في يد العامل بعد صدور الجعل.

(٧) لو اختلفا في قدر الجعل والعوض فيقدم قول المالك مع يمينه ، وقد وقع الخلاف في هذه المسألة ، وتحريرها ما لو قال المالك : بذلت خمسين ، فقال العامل : بل مائة ، مع اتفاقهما على الجنس والصفة.

والخلاف على خمسة أقوال :

القول الأول : للشيخ وجماعة أنه يحلف المالك ، ويثبت للعامل أجرة المثل ، أما تقديم قول المالك ، فلأن الاختلاف في فعله فيقدم قوله فيه مع اليمين ، ولأنه ينكر ما يدعيه العامل من الزائد.

وأما ثبوت أجرة المثل للعامل ، فلأن المالك بيمينه ينفي ما يدعيه العامل ، ولا يثبت بيمينه نفس دعواه ، لأن اليمين للإنكار ، وهو منكر لما يدعيه العامل ، وعليه فإذا انتفى ما يدعيه العامل ولم يثبت ما يدعيه المالك فتثبت أجرة المثل ، للاتفاق على وقوع عمل بعوض.

القول الثاني : إنه يحلف المالك ويثبت أقل الأمرين من أجرة المثل ومما يدعيه العامل ، أما حلفه فلما تقدم.

٥٩٠

العامل مدّع للزيادة ، والمالك منكر (فيثبت للعامل) بيمين المالك (أقل الأمرين من أجرة المثل ، ومما ادعاه (١) ، لأن الأقل إن كان الأجرة فقد انتفى ما يدعيه العامل بيمين المالك (٢) ، وإن كان ما يدعيه العامل (٣) ، فلاعترافه بعدم استحقاقه للزائد ، وبراءة ذمة المالك منه (٤) ، والحال أنهما معترفان بأن عمله بجعل في الجملة ، وأنه عمل محترم فتثبت له الأجرة (٥) إن لم ينتف بعضها (٦) بإنكاره (٧) ، (إلا أن يزيد ما ادعاه المالك (٨) عن أجرة المثل فتثبت الزيادة ، لاعترافه باستحقاق العامل إياها ، والعامل لا ينكرها.

(وقال) الشيخ نجيب الدين (ابن نما (٩) رحمه‌الله : إذا حلف المالك على نفي

______________________________________________________

وأما ثبوت أقل الأمرين ، فلأن أجرة المثل إن كانت أقل مما يدعيه ، فقد انتفى ما يدعيه العامل بيمين المالك ، وإن كان ما يدعيه العامل أقل من أجرة المثل فلاعتراف العامل بعدم استحقاقه عما يزيد من أجرة المثل ، لأنه يدعي الأقل فكيف يثبت له الزائد.

وهذا ما اختاره العلامة في جملة من كتبه والمحقق في الشرائع ، وأما بقية الأقوال فسيأتي التعرض لها.

(١) أي العامل.

(٢) وتثبت أجرة المثل وهي الأقل.

(٣) هو الأقل ، فينتفي الزائد من أجرة المثل ، لاعترافه بعدم استحقاقه الزائد.

(٤) من الزائد.

(٥) أي تثبت للعامل أجرة المثل.

(٦) بعض أجرة المثل.

(٧) أي بإنكار العامل هذا البعض ، وذلك فيما لو كان الجعل أقل من أجرة المثل ، فهو بدعواه الجعل ينكر الزائد من أجرة المثل.

(٨) وهذا هو القول الثالث ، أما حلف المالك وثبوت أقل الأمرين مما يدعيه العامل وأجرة المثل فقد تقدم ، وأما لو كان ما يدعيه المالك أزيد من أجرة المثل فالمالك عند ما ادعى بأزيد من أجرة المثل فهو معترف بثبوت الزائد في ذمته ، فيؤخذ الزائد منه بإقراره ، والعامل لا ينكر هذه الزيادة.

(٩) وهو شيخ المحقق ، إنه يقدم قول المالك مع يمينه ويثبت ما يدعيه المالك لا أجرة المثل ولا الأقل منها ومما يدعيه العامل ، وهو القول الرابع ، ودليله أنهما متفقان على وقوع العقد ومتفقان على تشخيصه بأحد العوضين ، إما بحسب دعوى المالك وإما بحسب

٥٩١

ما ادعاه) العامل (ثبت ما ادعاه) هو ، لأصالة (١) عدم الزائد ، واتفاقهما (٢) على العقد المشخص بالعوض المعين ، وانحصاره (٣) في دعواهما ، فإذا حلف المالك على نفي ما ادعاه العامل ثبت مدّعاه ، لقضية الحصر (وهو قوي كمال الإجارة) إذا اختلفا في قدره (٤).

وقيل (٥) : يتحالفان ، لأن كلا منهما مدع ومدّعى عليه فلا ترجيح لأحدهما فيحلف كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر ويثبت الأقل كما مر.

والتحقيق أن اختلافهما في القدر إن كان مجردا عن التسمية (٦) بأن قال

______________________________________________________

دعوى العامل ، والعقد منحصر بينهما.

وإذا حلف المالك على ما يدعيه العامل فتنتفي دعوى العامل ويثبت أن العوض في العقد على حسب ما يدعيه المالك قضاء لحق الحصر ، وإليه ذهب الشهيد في الدروس أيضا.

وبهذا البيان يرتفع عنه إشكال المحقق وهو كيف يثبت ما يدعيه المالك باليمين الصادر منه ، مع أن يمين المالك لنفي ما يدعيه العامل لا لإثبات ما يدعيه الجاعل.

وفيه أنه بالحلف ينتفي ما يدعيه العامل ، وبالحصر ـ لأن العقد مردد بين قول العامل وقول المالك ـ يثبت ما يدعيه المالك.

(١) تعليل لحلف المالك.

(٢) تعليل لثبوت ما يدعيه المالك.

(٣) أي العقد.

(٤) أي قدر مال الإجارة وقد تقدم في بابها.

(٥) وهو القول الخامس وقد اختاره العلامة في القواعد ، ووجهه أن كلا منهما مدع ومنكر ، فلا ترجيح لأحدهما فيحلف كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر ، ولأن العقد الذي يدعيه المالك متشخص بعوض ما ، وهو غير العقد المتشخص بعوض آخر بحسب دعوى العامل.

وأشكل عليه بأن العقد متفق عليه ، وإنما الخلاف في زيادة العوض ونقصانه بعد اتفاقهما على قدر منه ، فالعامل يدعي الزيادة عن الاتفاق والمالك ينكرها ، وأما قاعدة التحالف فهي عند عدم اجتماعهما على شي‌ء ، بل يكون كل منهما منكر لما يدعيه الآخر.

هذا من جهة ومن جهة أخرى ذهب العلامة إلى أنه بعد التحالف يثبت أقل الأمرين من أجرة المثل ومما يدعيه العامل ، إلا أن يدعي المالك زيادة عن أجرة المثل فتثبت الزيادة على ما سبق بيانه.

(٦) أي تسمية العوض بقدر خاص.

٥٩٢

العامل : إني أستحق مائة من جهة الجعل الفلاني (١) فأنكر المالك وادعى أنه خمسون ، فالقول قول المالك ، لأنه منكر محض والأصل براءته من الزائد ، كما يقدم قوله لو أنكر أصل الجعل. ولا يتوجه اليمين هنا من طرف العامل أصلا.

وإن قال : جعلت لي مائة (٢) فقال المالك : بل خمسين ففيه الوجهان الماضيان في الإجارة (٣).

والأقوى تقديم قول المالك أيضا (٤) ، لاتفاقهما على صدور الفعل بعوض ، واختلافهما في مقداره خاصة ، فليس كل منهما مدعيا لما ينفيه الآخر.

وإن كان اختلافهما في جنس المجعول (٥) مع اختلافه بالقيمة (٦) فادعى المالك جعل شي‌ء معين يساوي خمسين ، وادعى العامل جعل غيره مما يساوي مائتين فالتحالف هنا متعين ، لأن كلا منهما يدعي ما ينكره الآخر ، إلا أن ذلك (٧)

______________________________________________________

(١) ومن دون تحديد للجعل بأنه مائة.

(٢) بأن اختلف في القدر مع تسمية العوض بقدر خاص.

(٣) وهما تقديم قول المالك أو التحالف.

(٤) كما في الفرع السابق الذي جرد عن تسمية العوض بقدر خاص ، وتقديم قول المالك في قبال التحالف ، وبتقديم قول المالك يثبت ما يدعيه لحصر العقد بين دعواهما على ما تقدم بيانه ، وهو الذي قواه في المسالك.

(٥) بأن اختلفا في جنس الجعل فقال المالك : جعلت درهما ، فقال العامل : بل دينارا ، وفيه قولان :

القول الأول : وهو مختار الشيخ والمحقق وجماعة من تقديم قول المالك ، لأن القول قوله في أصل الجعل ، وكذا في قدره فيكون قوله مقدما في جنسه ، ولأن الاختلاف في فعله فيرجع إليه فيه.

القول الثاني : التحالف والرجوع إلى أجرة المثل ، لأن كلا منهما مدع ومنكر ، وهي ضابطة التحالف ، ومع حلفهما يرتفع الدرهم والدينار وتثبت أجرة المثل ، لاحترام عمل العامل بعد صدوره بإذن المالك.

(٦) كأن ادعى المالك : إني جعلت العوض ثوبا ، فقال العامل : بل كتابا ، والقيمة مختلفة بين الثوب والكتاب.

(٧) من كون كل منهما يدعي ما ينكره الآخر.

٥٩٣

نشأ من اختلاف الجعل جنسا (١) ، أو وصفا (٢) ، لا من اختلافه (٣) قدرا ، وإذا فرض اختلاف الجنس فالقول بالتحالف أولى وإن تساويا قيمة (٤). وإنما ذكرنا اختلاف الجنس في هذا القسم (٥) ، لأن جماعة كالمحقق والعلامة شرّكوا بينه (٦) وبين الاختلاف قدرا في الحكم (٧) ، وليس بواضح (٨).

ويبقى في القول بالتحالف مطلقا (٩) إشكال آخر وهو (١٠) فيما إذا تساوت الأجرة وما يدعيه المالك ، أو زاد ما يدعيه (١١) عنها (١٢) ، فإنه لا وجه لتحليف العامل بعد حلف المالك على نفي الزائد (١٣) الذي يدعيه العامل (١٤) ، لثبوت (١٥)

______________________________________________________

(١) كدعوى الدرهم من أحدهما والدينار من الآخر ، أو الثوب من أحدهما والكتاب من الآخر.

(٢) كدعوى الثوب الفلاني من أحدهما ، والثوب الفلاني الآخر المختلف وصفا عن الآخر.

(٣) أي اختلاف الجعل.

(٤) بأن كانت قيمة الثوب تساوي قيمة الكتاب.

(٥) وهو اختلافهما في قدر الجعل.

(٦) بين الاختلاف في الجنس.

(٧) متعلق بقوله (شرّكوا).

(٨) لأن الاختلاف في الجنس ضابطة التحالف ، والاختلاف في القدر ضابطه اليمين على المنكر.

(٩) سواء قيل بالتحالف في المختلفين جنسا فقط ، أو فيهما وفي الاختلاف قدرا.

(١٠) أي الإشكال ، وحاصله أنه على القول بالتحالف تثبت أجرة المثل ، فلو ساوت أجرة المثل ما يدعيه المالك فلا وجه لتحليف العامل على نفي ما يدعيه المالك ، وكذا لو زاد ما يدعيه المالك عن أجرة المثل فلا وجه لتحليف العامل أيضا ، فالمالك معترف بما يدعيه وإن كان أزيد من أجرة المثل فلا معنى لحلف العامل عليه ، نعم لو كانت أجرة المثل أزيد مما يدعيه المالك فالزيادة من أجرة المثل تنتفي بحلف العامل على نفيها.

(١١) ما يدعيه المالك.

(١٢) عن أجرة المثل.

(١٣) متعلق بقوله (بعد حلف المالك).

(١٤) لأن العامل يدعي أزيد من أجرة المثل عند تساويها مع دعوى المالك ، ولأن العامل يدعي أزيد مما يدعيه المالك عند زيادة دعوى المالك عن أجرة المثل.

(١٥) تعليل لعدم الوجه لتحليف العامل.

٥٩٤

ما حكم به من مدعى المالك (١) زائدا عن الأجرة ، أو مساويا باعترافه (٢) فتكليف العامل باليمين حينئذ (٣) لا وجه له ، لاعتراف المالك به (٤) ، وإنما يتوجه (٥) لو زادت أجرة المثل عما يدعيه (٦) المالك فيتوقف إثبات الزائد من الأجرة عما يدّعيه على يمين المدعي وهو العامل (٧).

______________________________________________________

(١) ومدعاه إما مساو لأجرة المثل وإما زائدا عنها ، فما ادعاه ثابت باعترافه.

(٢) أي باعتراف المالك.

(٣) أي حين التحالف لثبوت أجرة المثل.

(٤) بمدعاه سواء زاد عن أجرة المثل أو ساواها.

(٥) أي اليمين على العامل.

(٦) أي عما يدعيه المالك.

(٧) لأنه يدعي الأزيد من أجرة المثل وأزيد مما يدعيه المالك ، ويمينه باعتبار أنه منكر لما يدعيه المالك فإذا حلف انتفى ما يدعيه المالك ، وما ادعاه هو فمنتف بيمين المالك فتثبت أجرة المثل وإن كانت أزيد مما يدعيه المالك.

٥٩٥
٥٩٦

الفهرس

(کتاب الدن)

کتاب الدن.................................................................. ٥

القرض....................................................................... ٧

دين العبد................................................................... ٤٣

(كتاب الرهن)

كتاب الرهن................................................................ ٤٩

شروط الرهن................................................................ ٦٥

شروط المتعاقدين............................................................. ٧٧

شروط الحق................................................................. ٨٠

شرط الوكالة في الرهن........................................................ ٨٣

ابتياع الرهن................................................................. ٨٧

التصرف في الرهن............................................................ ٨٨

حكم الاستقلال بالاستيفاء................................................... ٩١

بيع الرهن من أحدهما......................................................... ٩٢

لزوم الرهن وجوازه............................................................ ٩٧

النماء المتجدد............................................................. ١٠١

انتقال الرهانة للوارث........................................................ ١٠١

ضمان المرتهن.............................................................. ١٠٣

٥٩٧

لو اختلفا في الحق.......................................................... ١٠٥

(كتاب الحجر)

كتاب الحجر.............................................................. ١١٣

أسباب الحجر............................................................. ١١٦

أحكام الحجر.............................................................. ١١٨

(كتاب الضمان)

كتاب الضمان............................................................ ١٣٣

شروط الضامن............................................................. ١٣٦

المال المضمون.............................................................. ١٤٨

الاختلاف في الضمان...................................................... ١٥٢

(كتاب الحوالة)

كتاب الحوالة.............................................................. ١٥٧

شروط الحوالة.............................................................. ١٦٠

أحكام الحوالة.............................................................. ١٦٤

(كتاب الكفالة)

كتاب الكفالة............................................................. ١٧٧

أحكام الكفالة............................................................. ١٨٠

(كتاب الصلح)

كتاب الصلح.............................................................. ١٩٧

شروط الصلح............................................................. ٢٠٠

أحكام الصلح............................................................. ٢٠٦

مسائل في الصلح........................................................... ٢١٠

(كتاب الشركة)

كتاب الشركة.............................................................. ٢٢٩

٥٩٨

سبب الشركة.............................................................. ٢٣٣

المعتبر من الشركة........................................................... ٢٣٤

أحكام الشركة............................................................. ٢٤٠

الاختلاف في الشركة....................................................... ٢٤٢

(كتاب المضاربة)

كتاب المضاربة............................................................. ٢٤٩

أحكام المضاربة............................................................ ٢٥٢

(كتاب الوديعة)

كتاب الوديعة............................................................. ٢٧٣

عقد الوديعة............................................................... ٢٧٦

حفظ الوديعة.............................................................. ٢٨٠

ضمان الوديعة............................................................. ٢٨٢

التنازع في الوديعة........................................................... ٣٠٤

(كتاب العاريه)

کتاب العارة.............................................................. ٣٠٧

شروط العارية.............................................................. ٣١٢

جواز العارية............................................................... ٣١٦

ضمان العارية.............................................................. ٣١٨

التنازع في العارية........................................................... ٢٣٦

(كتاب المزارعة)

كتاب المزارعة.............................................................. ٣٣٥

عقد المزارعة............................................................... ٣٣٨

أحكام المزارعة............................................................. ٣٤٢

الاختلاف في المزارعة....................................................... ٣٥٢

٥٩٩

(كتاب المساقاة)

كتاب المساقاة............................................................. ٣٦١

أحكام المساقاة............................................................. ٣٧٤

(كتاب الإجارة)

كتاب الإجارة............................................................. ٣٨٣

شروط الإجارة............................................................. ٣٩٦

أحكام الإجارة............................................................. ٤٠٠

مسائل في الإجارة.......................................................... ٤٣١

(كتاب الوكالة)

كتاب الوكالة.............................................................. ٤٥١

عقد الوكالة................................................................ ٤٥٤

شروط الوكالة.............................................................. ٤٧٠

التنازع في الوكالة........................................................... ٤٨٩

(كتاب الشفعة)

كتاب الشفعة............................................................. ٤٩٣

شروط الشفعه............................................................. ٥٠١

أحكام الشفعة............................................................. ٥٠٨

فسخ الشفعة.............................................................. ٥١٧

التنازع في الشفعة........................................................... ٥٣٠

(كتاب السبق والرماية)

كتاب السبق والرماية....................................................... ٥٣٥

شروط السبق والرماية....................................................... ٥٤٨

(كتاب الجعالة)

كتاب الجعالة.............................................................. ٥٦٧

أحكام الجعالة............................................................. ٥٧٦

مسائل الجعالة............................................................. ٥٨٦

٦٠٠