فضائل الشّام

فضائل الشّام

المؤلف:


المحقق: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-3322-5
الصفحات: ٣٥٩

ليبنينّ في دمشق مسجد يبقى بعد خراب الأرض أربعين عاما (١).

وبإسناده عن الوليد بن مسلم ، عن عثمان بن أبي العاتكة ، عن علي ابن زيد ، عن القاسم أبي عبد الرحمن ، قال : أوحى الله عز وجل إلى جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك لجبل بيت المقدس ففعل فأوحى الله عز وجل إليه أما إذ فعلت فإني سأبني لي في حضنك بيتا.

قال الوليد : في حضنك أي : في وسطك بيتا وهو هذا المسجد ، يعني : مسجد دمشق (٢٩ / أ) أعبد فيه بعد خراب الدنيا أربعين عاما ، ولا تذهب الأيام والليالي حتى أعبد عليك ظلك وبركتك فهو عند الله بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع (٢).

قال أبو القاسم الحافظ : هذا هو المحفوظ ، وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ضد هذه الأقوال.

ثم ساق من طريق أبي جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة : حدثنا أبي : حدثنا معاوية بن هشام : حدثنا سفيان ، [عن حسين](٣) ، عن أبي ظبيان ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال أول الأرض خرابا الشام (٤).

قلت : أبو جعفر متكلم فيه ، والأدلة تدلّ على صحة القول الأول كما ذكر أبو القاسم أنه المحفوظ ، فإن الشام تبقى عامرة فيها أهلها بعد خراب المدينة وبعد خروج الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وبعد ظهور النار التي هي من أول أشراط الساعة ، وبعد بعث الله الريح الطيبة ، التي تقبض أرواح المؤمنين ، وكل هذا قد ذكر في الأحاديث.

فخرّج الإمام أحمد وأبو داود من حديث معاذ بن جبل ، عن النبي ـ صلى

__________________

(١) تقدم برقم (٦٧) جزء الربعي.

(٢) سبق برقم (٦٨) جزء الربعي.

(٣) ما بين المعقوفين ضرب عليه الناسخ وإثباته من" التاريخ".

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٨٨).

٢٢١

الله عليه وسلم ـ قال : «عمران بيت المقدس خراب يثرب ، وخراب يثرب خروج الملحمة ، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية ، وفتح القسطنطينية خروج الدجال (٢٩ / ب) ثم ضرب بيده وقال : إن هذا لحق كما أنك قاعد» (١).

وقد صحّ أن عيسى ـ عليه السلام ـ ينزل شرقي دمشق وسيأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله.

وثبت في" الصحيح" أيضا أن الدجال يهلك بالشام ، وأن عيسى ـ عليه السلام ـ يتجاوز بمن معه من المؤمنين إلى الطور وهو من الشام (٢).

وفي" صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين لا أدري أربعين يوما أو شهرا أو سنة ، فيبعث الله عيسى ابن مريم ـ كأنه عروة بن مسعود ـ فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل [السماء](٣) فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه ، سمعته من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيبقى شرار الناس في خفّة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، فيتمثل لهم الشيطان ، فيقول : ألا تستجيبون؟ فيقولون : ما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم على ذلك دار رزقهم

__________________

(١) أخرجه الإمام أحمد (٥ / ٢٣٢ ـ ٢٤٥) ، وأبو داود (٤٢٩٤) وذكره الدارقطني في العلل (٦ / ٥٣).

(٢) انظر" صحيح مسلم" (٢٩٣٧ / ١١٠) من حديث النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ مطولا.

(٣) كذا بالأصل ، وفي" صحيح مسلم" : " الشام" وهو أشبه.

٢٢٢

حسن عيشهم ، ثم ينفخ في الصور ...» وذكر بقية الحديث (١).

وقد ذكرنا فيما تقدم عن ابن مسعود ، أن الفرات لا يبقى فيها طست من ماء ويرجع كل ماء (٣٠ / أ) إلى عنصره ويبقى الماء وبقية المؤمنين بالشام (٢).

ولا يبقى مؤمن إلا انحاز مع عيسى ابن مريم إلى جبل الطور ، ولا يبقى ماء إلا بالشام ، فإن أصل مياه الدنيا من الشام فترجع إلى عنصرها.

وروى عن كعب ، قال : والذي نفسي بيده ما شرب ماء عذب [إلا يخرج](٣) من تحت هذه الصخرة حتّى التي بدارين لتخرج من تحت هذه الصخرة (٤). يعني : عينا في البحر.

وروى ابن أبي حاتم في" تفسيره" من حديث شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً)(٥) قال : من أربعة أنهار : سيحان وجيحان والفرات والنيل ، فكل ماء عذب شربه ابن آدم من هذه الأنهار فإنها تخرج من تحت الصخرة التي في بيت المقدس (٦).

[.....](٧) قال : يوشك الرعد والبرق أن

__________________

(١) أخرجه مسلم في" صحيحه" (٢٩٤٠ / ١١٦) من طريق شعبة ، عن النعمان بن سالم ، سمعت يعقوب بن عاصم سمعت عبد الله بن عمرو ، به.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٤١ ـ ١٤٢).

(٣) كذا بالأصل ، وفي" التاريخ" : " إلا ما يخرج".

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٦٨).

(٥) سورة المرسلات الآية : (٢٧).

(٦) أخرجه ابن جرير الطبري في" تفسيره" (٢٩ / ١٦٤) من طريق أبي عاصم ، عن شبيب ابن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، به.

وهو ضعيف ، شبيب بن بشر قال أبو حاتم : لين الحديث ، وانظر" الضعفاء والمتروكين" لابن الجوزي (٢ / ٦).

(٧) ما بين المعقوفين بياض بالأصل ، وهو مروي من قول كعب الأحبار بتمامه في" التاريخ" للحافظ ابن عساكر.

٢٢٣

[يهاجنا](١) إلى الشام حتى لا يكون رعد ولا برق إلا ما بين الفرات والعريش (٢).

وخرّج ابن أبي خيثمة وغيره عن الأوزاعي قال : يهاجر الرعد والبرق إلى مهاجر إبراهيم حتى لا يبقى قطرة إلا فيما بين الفرات والعريش (٣).

وعن عبّاد بن منصور : حدثنا أبو قلابة ، أن الرعد والبرق سيهاجر من أرض العراق إلى أرض الشام حتى لا يبقى بها رعد ولا برق (٤).

ويدل على صحة ذلك أيضا : أن النار التي هي أول أشراط الساعة (٣٠ / ب) تسوق الناس إلى الشام (٥).

وقد ذكرنا في أول الكتاب حديث ابن عمر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «تخرج نار من حضرموت تسوق الناس» قالوا : يا رسول الله ما تأمرنا؟ قال : «عليكم بالشام» (٦).

وهو حديث اختلف فيه نافع وسالم ، فرواه سالم ، عن ابن عمر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. ورواه نافع ، عن ابن عمر ، عن كعب من قوله وفي حديثه : يوشك أن تخرج نار من اليمن تسوق الناس إلى الشام.

__________________

(١) كذا بالأصل : وهو تصحيف ، والصواب : يهاجر ، كما في" التاريخ".

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٧٤) من طريق الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن كعب ، به من قوله.

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٧٤) من طريق محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، به.

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٧٤) من طريق شريح بن سراج الحنفي ، عن عباد ابن منصور ، به.

(٥) ورد ذلك في حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ عند البخاري برقم (٣٣٢٩) كما ورد أيضا من حديث ابن عمر وغيره. وانظر جزء ابن عبد الهادي برقم (٣٠) ، والسمعاني رقم (١٤) ، وقد تقدم هنا ص : (٦٨).

(٦) أخرجه أحمد (٢ / ٨ ـ ٥٣) ، والترمذي (٢٢١٧) ، وقد تقدم في جزء ابن عبد الهادي رقم (٣٠) ، ورقم (٢٣) جزء الربعي ، رقم (١٤) جزء السمعاني.

٢٢٤

وذكرنا أيضا حديث بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «إنكم تحشرون ها هنا» وأشار بيده إلى الشام (١).

وذكرنا حديث عبد الله بن عمرو ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم وتقذرهم نفس الله ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير» (٢).

وفي رواية : «تكون هجرة بعد هجرة خيار الأرض إلى مهاجر إبراهيم ...» (٣) وذكر الحديث.

فهذا كله يدلّ على أن خيار الناس في آخر الزمان مهاجرون إلى مهاجر إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهي الشام طوعا فيجتمعون فيها. وأما شرار الناس فيحشرون [كرمرها](٤) ، تحشرهم النار من بلادهم إلى الشام.

وقد تكاثرت الأحاديث والآثار بذكر هذه النار.

ففي" صحيح البخاري" (٣١ / أ) عن أنس ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «أول أشراط الساعة نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب» (٥).

والمراد" بالمغرب" ها هنا والله أعلم : الشام ، كما سبق في تفسير قوله

__________________

(١) أخرجه الإمام أحمد (٥ / ٣) ، والترمذي (٢٤٢٤) وقد تقدم برقم (٢٥) جزء الربعي ، ورقم (٥) جزء السمعاني رقم (٣٢) جزء ابن عبد الهادي.

(٢) أخرجه أبو داود (٢٤٨٢) ، وأحمد (٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ـ ٢٠٩) ، و" الفتن" لنعيم بن حماد (١٧٦٧) وإسناده ضعيف ، وقد تقدم في أول الباب الرابع فراجعه.

(٣) أخرجه أحمد (٢ / ٢٠٩) وانظر التعليق السابق.

(٤) كذا بالأصل : وهو تصحيف صوابه : " كرها".

(٥) أخرجه البخاري (٣٣٢٩ ، ٣٩١١) وغير موضع من طرق عن أنس به مطولا. وانظر ما تقدم عند الباب السابع.

٢٢٥

ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق». (١)

وفي" الصحيحين" عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «يحشر الناس على ثلاثة طرائق ، راغبين ، وراهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير وتحشر بقيتهم النار ، تقيل معهم حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا ، وتمسي معهم حيث أمسوا» (٢).

فهذه الثلاثة المذكورة في هذا الحديث :

أحدها : من يحشر راغبا هو من يهاجر إلى الشام طوعا.

والثاني : من يحشر رهبة وخوفا على نفسه لظهور الفتن في أرضه.

والثالث : من تحشره النار قسرا وهو شر الثلاثة.

وخرّج الإمام أحمد من حديث أبي ذر ، قال : أقبلنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ [فرآينا](٣) ذا الحليفة فتعجل رجال إلى المدينة ، وبات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبتنا معه فلما أصبح سأل عنهم ، فقيل تعجلوا فقال : «تعجلوا إلى المدينة والنساء أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت» ثم قال : «ليت شعري من تخرج نار من اليمن من جبل الوراق تضيء منها (٣١ / ب) أعناق الإبل بروكا ببصرى كضوء النهار» (٤).

وهذا فيه إشعار بأن هذه النار هي التي تخرج أهل المدينة منها وفي" صحيح مسلم" عن حذيفة ، قال : أخبرني رسول الله ـ صلى الله عليه

__________________

(١) أخرجه مسلم (١٩٢٥ / ١٧٧) من حديث سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ.

وانظر ما تقدم في أول الباب الخامس.

(٢) أخرجه البخاري (١٥٢٢) ، ومسلم (٢٨٦١) من طريق وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة ـ به.

(٣) كذا بالأصل ، وفي" المسند" : " فنزلنا".

(٤) أخرجه أحمد في" المسند" : (٥ / ١٤٤).

٢٢٦

وسلم ـ بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فما منه شيء إلا وقد سألته إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟ (١)

وفي" صحيح البخاري" عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي ـ يريد : عوافي السباع والطير ـ وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمها فيجدونها وحوشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع فرّا على وجوههما» (٢).

وفي" المسند" عن جابر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :

«ليسيرنّ راكب في جانب المدينة ، فيقولنّ : قد كان في هذه مرة حاضر من المؤمنين كثير» (٣).

وقد سبق حديث عمارة بيت المقدس خراب يثرب (٤) ، وهذا يدلّ على خرابها قبل خروج الدجال.

وقد ثبت أن الدّجال ينزل خارجها وأنها ترجف فيخرج إليه كل منافق ومنافقة (٥) ، فأما أن يكون المراد بخرابها ضعف أمرها وقلة سكانها أو

__________________

(١) أخرجه مسلم في" صحيحه" (٢٨٩١ / ٢٤) من طريق شعبة عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد ، عن حذيفة ، به.

(٢) أخرجه البخاري في" صحيحه" (١٨٧٤) من حديث شعيب ، عن الزهري ، عن سعيد ابن المسيب ، به.

(٣) أخرجه أحمد (٣ / ٣٤١ ـ ٣٤٧) من حديث ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، به.

وإسناده ضعيف ، فيه ابن لهيعة وهو ضعيف سيئ الحفظ. وتقدم ص ٧٤ من حديث معاذ ابن جبل عند أحمد وغيره فراجعه.

(٤) أخرجه أحمد (٥ / ٢٣٢ ، ٢٤٥) ، وأبو داود (٤٢٩٤) من حديث معاذ مرفوعا : " عمران بيت المقدس خراب يثرب ، وخراب يثرب خروج الملحمة .." الحديث ، وتقدم في أول هذا الباب.

(٥) أخرجه البخاري ، (١٨٨١) ، ومسلم (٢٩٤٣) من طريق الوليد بن مسلم ، عن

٢٢٧

أن أهلها يخرجون منها في بعض الفتن ، ثم يعودون إليها.

وفي" المسند" عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «يوشك (٢٣ / أ) أن يرجع الناس إلى المدينة حتى يصير مسالحهم بسلاح» (١).

وسلاح بوزن طام أسفل من خيبر.

وقد خرّجه أبو داود وغيره من حديث ابن عمر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «يوشك المسلمون أن يحاصروا المدينة حتى يكون بعد مسالحهم بسلاح» (٢). قال الزهري : سلاح : [موضع](٣) قريب من خيبر.

وفي الترمذي عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة (٤).

وذكر عن البخاري ، أنه تعجب منه يريد أنه استنكره (٥) ، وهو منكر جدّا مخالف للأحاديث ، والله أعلم.

وفي" مسند الإمام أحمد" عن رافع بن بشر أو بسر ، عن أبيه ، عن النبي

__________________

الأوزاعي ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس مرفوعا : بلفظ" ليس من بلد إلا سيطؤه الدّجّال ، إلا مكة والمدينة ، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج الله كل كافر ومنافق" واللفظ للبخاري.

(١) أخرجه أحمد (٢ / ٤٠٢) من طريق عبد الله العمري ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، به. وعبد الله العمري قال النسائي ، وابن المديني وغيرهما : ضعيف.

(٢) أخرجه أبو داود (٤٢٥٠ ، ٤٢٩٩) ، والطبراني في" الأوسط" (٦٤٢٨) وقال : لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر إلا جرير بن حازم ، تفرد به ابن وهب.

(٣) ما بين المعقوفين زيادة لبيان المعنى.

(٤) منكر ، أخرجه الترمذي (٣٩١٩) وفي إسناده جنادة بن سلم السوائي ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما.

(٥) انظر" العلل" للترمذي (٧٠٣).

٢٢٨

ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «يوشك أن تخرج نار من حبس سيل تسير بسير بطيئة الإبل ، تسير النهار وتقيم الليل فتغدوا وتروح يقال : غدت النار أيها الناس فاغدوا ، قالت النار : أيها الناس قيلوا راحت النار أيها الناس روحوا ، من أدركته أكلته» (١).

وفي" صحيح الحاكم" من حديث أبي البداح بن عاصم ، عن أبيه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، «أنه يوشك أن تخرج نار من حبس سيل نار تضيء إليها أعناق الإبل ببصرى» (٢).

حبس سيل الظاهر أنه بقرب المدينة من منازل بني سليم.

وفي" صحيح مسلم" عن حذيفة بن أسيد ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «إن السّاعة لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات (٣٢ / ب) فذكر الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى عليه السلام ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم» (٣).

وفي رواية له : «ونار تخرج من قعر عدن ترحّل الناس» (٤).

وخرّجه الترمذي وعنده : «ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس ـ أو تحشر الناس ـ فتبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا» (٥).

__________________

(١) أخرجه أحمد (٣ / ٤٤٣).

(٢) أخرجه الحاكم" المستدرك" (٤ / ٤٤٣) وقال الذهبي : منكر ، إبراهيم ضعيف وإسماعيل متكلم فيه.

(٣) أخرجه مسلم (٢٩٠١ / ٣٩) من طريق ابن عيينة ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، به مرفوعا.

(٤) أخرجه مسلم (٢٩٠١ / ٤٠).

(٥) أخرجه الترمذي (٢١٨٣) ، من طريق سفيان ، عن فرات ، عن أبي الطفيل ، به.

٢٢٩

وخرّج الحاكم من حديث واثلة بن الأسقع ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نحوه. وقال فيه : «ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر ، تحشر الذر والنمل» (١).

وقال : صحيح الإسناد.

وخرّج أيضا من حديث عبد الله بن عمرو ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «تبعث نار على أهل المشرق فتحشرهم إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا ، يكون لها ما سقط منهم وتخلّف فتسوقهم سوق الجمل الكير» (٢).

وخرّج الإمام أحمد والنسائي والحاكم من حديث أبي ذر ، قال : حدثني الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج : فوج راكبين ، [وفوج](٣) طاعمين كاسين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم (٣٣ / أ) وتحشرهم النار» فقال قائل منهم : هذان قد عرفناهما فما بال هؤلاء الذين يسعون ويمشون؟ قال : «يلقى الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر حتى إن الرجل ليكون له الحديقة المعجبة فيغطيها بالشارف ذي القتب فلا يقدر عليها» (٤).

فقد تضمنت هذه الأحاديث أمرين :

أحدهما : أن الناس تحشرهم النار إلى المحشر.

__________________

(١) أخرجه الحاكم في" المستدرك" (٤ / ٤٢٨) وفي إسناده عمرو بن عبد الله الحضرمي ، ولم يوثقه إلا ابن حبان والعجلي.

(٢) أخرجه الحاكم في" المستدرك" (٤ / ٤٥٨).

(٣) كذا بالأصل ، وهي زائدة وليست في أي من مصادر التخريج.

(٤) أخرجه أحمد (٥ / ١٦٤) والنسائي (٤ / ١١٦) والحاكم في" المستدرك" (٤ / ٥٦٤) من طريق أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد ، عن أبي ذر ، به.

٢٣٠

وفي حديث أنس وعبد الله بن عمرو أنهم يحشرون إلى المغرب ، والظاهر أنه أريد بالمغرب مغرب المدينة وهو الشام ، ويدل على أن المحشر إلى الشام حديث ابن عمر وحديث بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده كما سبق.

وقد روي ذلك صريحا عن جماعة من السلف.

خرّجه نعيم بن حماد في كتاب" الفتن" عن ابن اليمان ، عن حرام (١) ، أرطاة ، عمّن حدثه ، عن كعب ، قال : قال عبد الله بن عمرو : يبعث الله بعد قبض عيسى ابن مريم والمؤمنين بتلك الريح الطيبة نارا تخرج من نواحي الأرض تحشر الناس ، والدواب والذر إلى الشام (٢).

وعن ابن عيينة ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : قال معاذ بن جبل : اخرجوا من اليمن قبل انقطاع الحيل ، وقبل أن لا يكون لكم زاد إلا [الجواد](٣) ، وقبل أن تحشركم نار إلى الشام (٤).

وبإسناده عن أبي هريرة ، قال : يحشر الناس إلى الشام على ثلاثة أصناف : صنف على وجوههم ، (٣٣ / ب) وصنف على الإبل ، وصنف على أقدامهم (٥).

وبإسناده عن كعب ، قال : تخرج نار من القسطنطينية فتركد عند الدّرب بين سيحان وجيحان ، ونار أخرى تخرج من عدن تبلغ بصرى تقوم إذا قاموا ، وتسير إذا ساروا ، وإن الفرات ليجري ماؤه أول النهار ،

__________________

(١) بالأصل : " ابن اليمان ، عن حرام" وهو تصحيف فاحش ، والصواب : (أبي اليمان ، عن جراح) وراجع ترجمة جراح بن مليح الشامي الحمصي" تهذيب الكمال" (٤ / ٥٢٠).

(٢) أخرجه نعيم بن حماد في" الفتن" (١٧٤٥) من طريق الحكم بن نافع أبو اليمان ، به.

(٣) كذا بالأصل ، وفي" الفتن" : " الجراد".

(٤) أخرجه نعيم بن حماد في كتاب" الفتن" (١٧٥٩) من طريق ابن عيينة ، به.

(٥) أخرجه نعيم بن حماد في" الفتن" (١٧٤٩) وفيه جهالة الراوي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.

٢٣١

وبالعشي تجري كبريتا ونارا ، وتخرج نار من نحو الغرب تبلغ العريش ، وأخرى من نحو المشرق فيبلغ كذا وكذا فتقيم زمانا لا تنطفئ حتى يشك الشاك ويقول الجاهل ، لا جنة ولا نار إلا هذه ، تجتنب في مسيرها مكة والمدينة والحرم كله حتى تلج الشام تحشر جميع الناس.

وعنه قال : إذا عثر إنسان أو دابّته قالت له النار : تعست وانتكست لو شئت هاجرت قبل اليوم حتى تنتهي إلى بصرى فتقيم أربعين عاما وحتى يسأل الكافر فيقول : هذه النار التي كانوا يوعدون.

الثاني : أن في بعض الأحاديث خروج النار من اليمن ، وفي بعضها من المشرق ، وفي بعضها ما يدلّ على خروجها من قرب المدينة وكله حق. وقد ذكرنا في هذه الآثار أنها تخرج من أماكن متعددة.

فروى نعيم بن حماد من طريق على بن زيد بن جدعان ، عن رجل ، عن أبي هريرة ، قال : تخرج نار من قبل المشرق ، ونار أخرى من قبل المغرب (٣٤ / أ) تحشران الناس بين أيديهم القردة يسيران بالنهار ويكتمان بالليل حتى يجتمعان بجسر منبج (١).

وهذا كله يدل على أن الشام هي أرض المحشر والمنشر وأن الناس كلهم يجتمعون إليها في آخر الزمان ولذلك تسمى أرض الشام أرض المحشر.

وفي" المسند" عن أبي ذر ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «كيف أنت إذا أخرجوك منه ـ يعني : مسجد المدينة؟» فقلت : إذا ألحق بالشام ، فإن الشام أرض الهجرة وأرض المحشر وأرض الأنبياء .. (٢)

__________________

(١) أخرجه نعيم بن حماد في" الفتن" (١٧٥١ ، ١٧٦١) من طريق ابن عبد الوارث ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، به. وفيه علي بن زيد فيه ضعف لا يحتج به كما قال ابن معين وغيره ، وكذا جهالة الراوي عن أبي هريرة.

(٢) أخرجه أحمد (٦ / ٤٥٧) وقد تقدم تخريجه انظر جزء ابن عبد الهادي رقم (١٣) وجزء ابن رجب هذا ص (٣٥).

٢٣٢

فذكر الحديث.

وخرّج الطبراني والحاكم وغيرهما من حديث أبي ذر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ـ يعني : بيت المقدس ـ ولنعم المصلى هو ـ أرض المحشر والمنشر ـ وليأتين على الناس زمان ولبسطة قوسه من حيث يرى منه بيت المقدس أفضل وخير من الدنيا جميعا» (١).

وخرّج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث ميمونة مولاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قالت : قلت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس؟ قال : «أرض المحشر والمنشر آتوه فصلّوا فيه ...» (٢) وذكر الحديث.

وروى عبد الحميد بن بهز ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، أن اليهود أتوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقالوا : يا أبا القاسم إن كنت (٣٤ / ب) صادقا أنك نبي فالحق بالشام ، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء فصدّق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما قالوا ، فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختم السورة (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) إلى قوله : (تَحْوِيلاً)(٣) فأمره الله تعالى بالرجوع إلى

__________________

(١) أخرجه الطبراني في" الأوسط" (٨٢٢٦) ، والحاكم في" المستدرك" (٤ / ٥٠٩) وفي إسناده سعيد بن بشير. قال ابن حبان في المجروحين (١ / ٣١٩) : رديء الحفظ فاحش الخطأ يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه ا. ه وهذا من حديثه عن قتادة وليس له طريق آخر.

(٢) أخرجه أحمد (٦ / ٤٦٣) ، وأبو داود (٤٥٧) ، وغيرهما ، وفي إسناده عثمان بن أبي سودة. وقال الذهبي : في النفس شيء من الاحتجاج به ، وقال ابن القطان : لا يعرف حاله.

(٣) سورة الإسراء الآيتان : ٧٦ ، ٧٧.

٢٣٣

المدينة ، قال : فيها محياك ومماتك ومنها تبعث (١).

خرّجه آدم بن أبي إياس في" تفسيره" عن عبد الحميد بمعناه.

وفي مراسيل الحسن ، قال : نزلت قريظة على حكم سعد بن معاذ ، فقتل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم ثلاثمائة ، وقال لبقيتهم :

«انطلقوا إلى أرض المحشر فإني في آثاركم ـ يعني : أرض الشام ـ فسيرهم إليها» (٢).

وفي صحة هذا عن الحسن نظر ، فإن قريظة قتلت مقاتلتهم وسبيت ذراريهم ، وإنما الذين سروا إلى الشام بنو النضير وفيهم نزلت سورة الحشر.

وروى أبو سعد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : من شك أن المحشر ها هنا ـ يعني الشام ـ فليقرأ هذه الآية (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ)(٣) قال : قال لهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يومئذ : «اخرجوا»؟ قالوا : إلى أين؟ قال : «إلى أرض المحشر» (٤).

وخرّجه البزار في" مسنده" وعنده : " فقال (٣٥ / أ) رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «هي أرض المحشر ـ يعني الشام ـ».

وروى نعيم بن حماد في" كتابه" عن يزيد بن أبي حكيم ، عن الحكم ابن أبان ، عن عكرمة ، قال : محشر الناس نحو الشام ، وأول من حشر من

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٨١) من طريق يونس بن بكير ، عن عبد الحميد بن بهرام ، به وقال أبو حاتم عن عبد الحميد بن بهرام : لا يحتج به ولا بحديث شهر بن حوشب ولكن يكتب حديثه.

(٢) أخرجه ابن عساكر (١ / ٨٢) وفي إسناده يونس بن بكير وقد ضعفه النسائي وغيره.

(٣) سورة الحشر الآية : (٢).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق (١ / ٨١) وفي سنده أبو سعد البقال وهو سعيد ابن المرزبان وهو منكر الحديث كما قال البخاري.

٢٣٤

هذه الأمة بنو النضير.

وهذا فيه إشارة إلى أن الحشر إلى الشام ليس هو مرة واحدة بل هو مرات كثير ، وأول ما وقع منه حشر بني النضير إليها.

ويدخل في ذلك خروج من خرج من الصحابة ومن بعدهم بعد.

وقد روى عن عامر بن قيس ، أنه لما خرج من البصرة كرها إلى الشام وكان راكبا على بعيره ، قال : الحمد لله الذي حشرني راكبا فجعل مسيره إلى الشام حشرا.

وقد ذكر أن النار التي خرجت بالحجاز وأضاءت منها أعناق الإبل ببصرى تكامل عقيبها خراب بلاد العراق على أيدي التتار وانتقل غالب خيار أهل العراق بعد ذلك إلى الشام فهذا نوع من الحشر ، وهو حشر خيار الناس إلى الشام ، فالشرار هم فتحشرهم النار قسرا بعد قبض المؤمنين.

وحديث عبد الله بن عمرو صريح في هذا المعنى ولفظه : " ستكون هجرة بعد هجرة تنحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها تلفظهم أرضهم تقذرهم نفس الله تحشرهم النار مع القردة والخنازير تبيت معهم إذا باتوا (٣٥ / ب) وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل من تخلف". (١)

وفي رواية : " ستكون هجرة بعد هجرة تخرج خيار أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم عليه السلام هو الشام" (٢).

قال قتادة في قوله عز وجل : (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي)(٣) قال :

__________________

(١) أخرجه أبو داود (٢٤٨٢) ، وأحمد (٢ / ١٩٨) وإسناده ضعيف كما تقدم في أول الباب الرابع.

(٢) أخرجه أحمد (٢ / ٢٠٩) وانظر التعليق السابق.

(٣) سورة العنكبوت الآية : ٣٦.

٢٣٥

إلى الشام كان مهاجره (١). والله أعلم.

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر (١ / ٧٣).

٢٣٦

الباب العاشر

فيما ورد في فضل دمشق بخصوصها

وفيه فصول

الفصل الأول

فيما ورد من ذلك في القرآن

قال الله تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ)(١).

روى تمام الرازي وغيره من حديث مسلمة بن علي : حدثنا أبو سعيد الأسدي ، عن سليم بن عامر ، عن أبي أمامة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه تلى هذه الآية : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) قال : «هل تدرون أين هي؟» قالوا : «الله ورسوله أعلم ، قال : «هي بالشام بأرض يقال لها الغوطة مدينة يقال لها : دمشق هي خير مدائن الشام» (٢).

إسناده ضعيف ، مسلمة بن على ضعيف ، وشيخه لا يعرف.

وروي عن عكرمة ، عن ابن عباس في هذه الآية قال : هي دمشق (٣).

وفي رواية عنه قال : هي أنهار دمشق (٤).

رواه أيضا يحيى الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب من قوله (٥).

ورواه يحيى ، عن سعيد ، (٣٦ / أ) عن عبد الله بن سلام.

__________________

(١) سورة المؤمنون الآية : ٥٠.

(٢) موضوع أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٠) وفيه مسلمة بن علي يروي المناكير والموضوعات وانظر ما تقدم في جزء الربعي رقم (٢٨).

(٣) أخرجه ابن عساكر (١ / ٩١).

(٤) أخرجه ابن عساكر (١ / ٩١) وتقدم عند ابن عبد الهادي برقم (٢١) وعند الربعي برقم (٢٩) ، (٣٣).

(٥) أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق وقد سبق في جزء الربعي برقم (٤٢).

٢٣٧

وفي رواية عن سعيد ، قال : هي دمشق ذات قرار ومعين الغوطة (١).

وفي رواية رويناها في كتاب" فضائل الشام" لأبي الحسن الربعي قال : هي مسجد دمشق (٢).

وقال يزيد بن شجرة : دمشق هي الربوة المباركة (٣).

عن قتادة ، عن الحسن في هذه الآية ، قال : هي أرض ذات أشجار وأنهار يعني : أرض دمشق (٤).

وعنه قال : ذات معيشة تقويهم وتحملهم وماء جار ، قال : هي الربوة ، هي دمشق (٥).

وفي رواية عنه قال : ذات ثمار كثيرة وماء هي دمشق (٦). وعنه قال : هي الغوطة (٧).

ممن قال : إن الربوة هي دمشق : [خليد بن معدان](٨) وغيره من السلف.

وقالت طائفة : هي الرملة.

وروى عبد الرزاق ، عن بشر بن رافع : أخبرني أبو عبد الله ابن عمّ أبي هريرة ، سمع أبا هريرة ، يقول في قوله عز وجل : (إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٢).

(٢) تقدم في جزء الربعي رقم (٤٢).

(٣) تقدم برقم (٤٠) جزء الربعي.

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٢).

(٥) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٣).

(٦) تقدم في جزء الربعي رقم (٣٢).

(٧) تقدم في جزء الربعي (٣٠).

(٨) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه : " خالد بن معدان" كما ورد الأثر عنه عند الربعي برقم (٣٩).

٢٣٨

وَمَعِينٍ)(١) هي الرملة من فلسطين (٢).

وبشر بن رافع ضعيف الحديث.

وخرّج الطبراني وغيره من رواية عباد بن عباد الرملي ، عن أبي زرعة السّيباني ، عن أبي وعلة [العكلي](٣) ، عن كريب السحولي : حدثني مرة البهزي : سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على من ناوأهم وهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» قلنا : يا رسول الله وأين هم؟ قال : «بأكناف بين المقدس» (٤).

قال : وحدثني أن الرملة هي الربوة وذلك أنها مغربة ومشرقة كذا رواه زكريا بن نافع الأرسوفي ومحمد بن عبد العزيز [البرمكي](٥) ، عن عباد وهو أبو عتبة الخواص الزاهد.

والظاهر : أن قوله : وحدثني بشير به إلى مرة فهو من كلام مرة ليس مرفوعا.

ورواه ابن الجراح ـ وقد اختلط بآخره ـ عن عباد ، فرفعه (٦).

ورواه هشام بن عمار : حدثنا المغيرة بن المغيرة : حدثنا يحيى بن أبي عمرو السّيباني ، وهو أبو زرعة ، قال : مرض رجل من عك يقال له : الأقرع على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأتاه يعوده ، فقال له : «إنك لا تموت ولا تدفن إلا بالربوة» ، فمات ودفن بالرملة ، فكانت عك إذا

__________________

(١) سورة المؤمنون الآية : ٥٠.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٤) من طريق عبد الرزاق عن بشر ـ به.

(٣) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه : " الوعلاني".

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٣ ـ ٩٤) والطبراني في" المعجم الكبير" (٢٠ / ٣١٧ ـ ٣١٨).

(٥) كذا بالأصل وهو تصحيف ، وصوابه : " الرملي".

(٦) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٣) من طريق رواد بن الجراح ـ به.

٢٣٩

مات الرجل منهم بالأردن حمل ودفن بالرملة لمكان الأقرع (١).

وهذا مرسل.

وخرّجه ابن منده في" معرفة الصحابة" بإسناد مجهول ، عن الأقرع بن سفي العكي ، قال : دخل عليّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مرض ، فقال : «لتنفينّ ولتهاجرنّ إلى الشام ، وتموت وتدفن بالربوة من أرض فلسطين».

ثم قال : رواه إسماعيل بن رشيد الرملي ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن قادم بن ميسور القرشي ، عن رجال من عك ، عن الأقرع (٢).

قلت : خرّجه آدم بن أبي إياس في" تفسيره" عن ضمرة ، عن قادم بن ميسور ، قال : مرض رجل من أهل عك (٣٧ / أ) يقال له : الأقرع ..

فذكره مرسلا.

وبتقدير صحة الحديث فلا يدل على أن هذه الربوة المذكورة في الحديث هي المذكورة في القرآن ، والله أعلم.

وقالت طائفة : الربوة المذكورة في القرآن بيت المقدس.

قال قتادة ـ فيما رواه مسكين بن بكير ، عن جرير بن حازم ، عنه (٣).

فعلى هذه الأقوال الثلاثة الربوة المذكورة في القرآن هي من أرض الشام.

وقيل : إنها مصر ، روي عن وهب بن منبه (٤).

وقيل : الإسكندرية رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه (٥).

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٤) ، وقال ابن عساكر : هذا حديث منقطع ، وقد روى مسندا. بإسناد غريب.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٤) من طريق ابن منده ـ به.

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٤ ـ ٩٥).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٥) من طريق عبد الصمد بن معقل عن عمه وهب ـ به.

(٥) أخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (١ / ٩٥) من طريق ابن المقرئ ، عن

٢٤٠