فضائل الشّام

فضائل الشّام

المؤلف:


المحقق: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-3322-5
الصفحات: ٣٥٩

وقيل : هي الكوفة ، وهو أضعف الأقوال وأردأها ، رواه أهل الكوفة من الشيعة ، عن جعفر الصّادق وأبيه أبي جعفر (١).

ولا يصحّ غيرهما إن شاء الله تعالى.

وقال سبحانه وتعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)(٢).

فطور سينين هو الطور الذي كلم الله عليه موسى ـ عليه السلام ـ ، والبلد الأمين : مكة ، وأما التين والزيتون ، اختلف في تفسيرهما.

وقد روى حديث مرفوع رواه محمد بن بيان بن مسلم : حدثنا الحسن [عن](٣) عرفة : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرح بنزول هذه السورة فرحا شديدا ، قال : فسألنا ابن عباس عن تفسيرهما ، فقال : التين : بلاد الشام والزيتون : بلاد فلسطين ، وذكر بقية الحديث (٤) (٣٧ / ب).

وهذا كذب لا مرية فيه.

قال الحافظ أبو بكر الخطيب : هذا الحديث بهذا الإسناد باطل [لا أصل له](٥) ، والرجال المذكورون في إسناده كلهم أئمة مشهورون غير محمد بن بيان وترى العلة من جهته ، ومن أورد هذا الحديث بهذا الإسناد

__________________

أبي بشير الدولابي ، عن يونس عن ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ـ به.

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٥) من طريق عباد بن يعقوب ، عن موسى بن عثمان عن جابر عن أبي جعفر ـ به.

(٢) سورة التين الآيات : ١ ـ ٣.

(٣) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه : " ابن".

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٥) من طريق محمد بن بيان بن مسلم ـ به.

(٥) كذا بالأصل وفي تاريخ بغداد : " لا أصل له يصح فيما نعلم".

٢٤١

فعد أغنى أهل العلم عن أن ينظروا في حاله ويبحثوا عن أمره (١).

يعني أنه أبان عن كذبه وفضح نفسه.

وأشد من هذا نكرة وأخرجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي من طريق أبي الفضل العباس بن أمنجور مولى أمير المؤمنين : حدثنا أبو محمد المراغي : حدثنا قتيبة : حدثنا أبو عوانة : عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وذكر حديثا طويلا وفيه : " إن الله اختار من المدائن أربعة : [مكة](٢) وهي البلدة ، والمدينة : وهي النخلة ، وبيت المقدس : وهي الزيتون ، ودمشق وهي التينة ...». (٣)

وقال : هذا حديث منكر بمرة وأبو الفضل والمراغي مجهولان.

قلت : هل موضوع لا شك في ذلك.

وروى عوف ، عن يزيد بن عبد الملك ، عن كعب ، قال : التين مسجد دمشق ، والزيتون بيت المقدس (٤).

وروى عبد الرحمن بن أبي عمار ، عن كعب ، قال : التين دمشق ، والزيتون بيت المقدس (٥).

وروى أبو حمزة العطار ، عن الحسن في (التِّينِ وَالزَّيْتُونِ)(٦) قال : جبال ومساجد بالشام (٧).

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٦) وكذلك الخطيب البغدادي في" تاريخ بغداد" (٢ / ٩٨) وفيه زيادة.

(٢) ما بين المعقوفين زيادة من التاريخ لابن عساكر.

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٨).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٦).

(٥) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٦).

(٦) سورة التين الآية : ١.

(٧) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (١ / ٩٦).

٢٤٢

وعن خالد بن معدان في (التِّينِ وَالزَّيْتُونِ) (٣٨ / أ) قال : دمشق (١).

وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : (وَالتِّينِ) قال : الجبل الذي عليه دمشق ، (وَالزَّيْتُونِ) الذي عليه بيت المقدس (٢).

وكذا قال خليد بن دعلج ، عن قتادة (٣).

وروى سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قال : التين : دمشق ، والزيتون : بيت المقدس (٤).

وفي رواية أخرى ، قال : التين مسجد دمشق ، والزيتون مسجد بيت المقدس (٥).

وعن الحكم قال : التين : دمشق ، والزيتون فلسطين (٦).

وعن الحارث بن محمد ، قال : التين مسجد دمشق ، والزيتون مسجد بيت المقدس (٧).

وعن محمد بن كعب ، قال : أقسم الله عز وجل بأربعة مساجد : التين مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون مسجد إيليا ومسجد الطور ومسجد الحرام وعن الربيع بن أنس قال : التين والزيتون جبل عليه التين والزيتون.

وعن يزيد بن ميسرة ، قال : أربعة أجبل مقدسة : طور زيتا ، وطور سيناء ، وطور تينا ، وطور تيمانا.

قال : فطور زيتا : طور بيت المقدس ، وطور سيناء : طور موسى ـ

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٦).

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٦ ـ ٩٧).

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٧).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٧).

(٥) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٧).

(٦) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٧).

(٧) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٢٩٩).

٢٤٣

عليه السلام ـ ، وطور تينا : مسجد دمشق ، وطور تيمانا : مكة (١). شرفها الله تعالى.

وقالت طائفة : المراد به التين والزيتون المأكولان ، روى عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة والكلبي وغيرهم (٢).

وروى العوفي ، عن ابن عباس : التين مسجد نوح الذي بنى عليه الجودي (٣). وإسناده ضعيف.

ولا ريب أن لفظ القرآن يدلّ صريحا (٣٨ / ب) يدل على التين والزيتون المأكولين كما قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما ، ولكنه قد يدلّ على مكانهما من الأرض بدليل أنهما قربا بمكانين شريفين وهما الطور والبلد الأمين ، وهذه البقاع هي أشرف بقاع الأرض ومنها ظهرت النبوات العظيمة والشرائع المتبعة فعامّة أنبياء بني إسرائيل كانوا من الشام ، وهي أرض التين والزيتون ، ومنها ظهرت نبوة عيسى عليه السلام ، وطور سيناء كلّمه الله منه ، والبلد الأمين فمنه ابتدئ الوحي وإنزاله على محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذه النبوات الثلاث هي أعظم النبوات والشرائع ، ونظير ذلك ما ذكر في التوراة من قوله : " جاء الله من طور سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال قاران".

وساعير هي أرض بيت المقدس وما حوله. وجبال قاران : مكة فمن قال من المفسرين : أن التين والزيتون هما المأكولان ، فقوله صحيح باعتبار دلالة التين والزيتون على بقاعهما من الأرض فإن أرض الشام هي أرض التين والزيتون غالبا.

ومن قال : التين دمشق ، والزيتون بيت المقدس أو فلسطين فقوله

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٢٩٩).

(٢) انظر تفسير الطبري (٣٠ / ١٥٣).

(٣) أخرجه الطبري في تفسيره (٣٠ / ١٥٤) بإسناده واه.

٢٤٤

صحيح باعتبار أن دمشق وما حولها هي بلاد التين غالبا وفلسطين وبيت المقدس [و](١) بلاد الزيتون غالبا.

ومن قال : المراد جبل دمشق ، وجبل بيت المقدس ، فالجبل من جملة (٣٩ / أ) أرض التين والزيتون.

ومن قال : المراد مسجد دمشق ومسجد بيت المقدس فهذان المسجدان هما أشرف بقاع أرض الشام ، والله أعلم.

وقد روينا في كتاب" فضائل الشام" لأبي الحسن الربعي بإسناد فيه نظر عن كعب ، أنه قال لواثلة بن الأسقع وهو يريد الخروج إلى بيت المقدس : تعال أريك موضعا من هذا المسجد ـ يعني : مسجد دمشق ـ من صلّى فيه فكأنما صلى في بيت المقدس (٢).

وبإسناد فيه نظر أيضا عن سفيان الثوري. قال : الصلاة في بيت المقدس بأربعين ألف صلاة ، وفي مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة (٣).

وبإسناده عن هشام بن عمار : حدثنا الحسن بن يحيى الخشني ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة أسري به صلى في موضع مسجد دمشق (٤).

والخشني لا يعتمد عليه.

وقال عز وجل : (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ)(٥).

قد قيل : إنها دمشق : قاله سعيد المقبري ، وخالد بن معدان ، وروي عن

__________________

(١) كذا بالأصل ، ولعلها سبق قلم فلا معنى لها.

(٢) تقدم في جزء الربعي رقم (٦٦).

(٣) تقدم في جزء الربعي رقم (٦٥).

(٤) إسناده منقطع معضل : الحسن الخشني لم يدرك أحدا من الصحابة. وقد تقدم بيان ذلك في جزء الربعي رقم (٦٩).

(٥) سورة الفجر الآية : ٧.

٢٤٥

سعيد بن المسيب وعكرمة ، ولا يصح عنهما (١).

أما سعيد : فهو من رواية إسحاق بن بشر ، عن إسحاق ، عمن يخبره ، عنه وإسحاق هذا كذاب مشهور.

وأما عكرمة : فهو من رواية حفص بن عمر العدني ، عن الحكم بن أبان ، عنه وحفص ضعيف جدّا.

وقال مالك : يقال إن إرم ذات العماد دمشق (٢) (٣٩ / ب) ولكن جمهور المفسرين والمحققون من العلماء على خلاف هذا القول ، على اختلاف بينهم في تفسيره ، يطول ذكره ها هنا والله أعلم.

__________________

(١) تقدم قريبا ذكر رواياتهم بالتفصيل.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٩٧ ـ ٩٨).

٢٤٦

الفصل الثاني

فيما ورد في السنّة والآثار من أنها فسطاط

المسلمين ومعقلهم في الملاحم

روى زيد بن أرطاة ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة ، يقال لها : دمشق ، من خير مدائن الشام». (١)

خرّجه أبو داود وغيره.

وخرّجه الطبراني وعنده : «فهي خير مساكن يومئذ».

وخرّجه الحاكم وعنده : «خير منازل المسلمين يومئذ».

وقال : صحيح الإسناد.

وفي رواية في هذا الحديث : «يوم الملحمة الكبرى».

قال إبراهيم بن الجنيد : سمعت يحيى بن معين ـ وقد ذكروا عنده أحاديث من ملاحم الروم ـ فقال يحيى : ليس من حديث الشاميين شيء أصح من حديث يعني : حديث أبي الدرداء ، عن النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ : «معقل المسلمين أيام الملاحم دمشق» (٢).

وروى عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك ، قال : قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «يا عوف اعدد ستة بين يدي الساعة ، أولهنّ : موتي ـ فاستبكيت حتى جعل يسكتني ـ (٤٠ / أ) ثم قال لي : قل أجدر ـ فقلت : أجدر ، قال : والثانية : فتح بيت المقدس ، قل : ثنتان ، قلت : ثنتان ، والثالثة : موتان يكون في أمتي يأخذهم قعاص الغنم. قل : ثلاث ، قلت : ثلاث ، قال : والرابعة : فتنة تكون في أمتي. وعظمها.

__________________

(١) أخرجه أبو داود (٤٢٩٨) وأحمد (٥ / ١٩٧) واختلف فيه فروى عنه زيد بن أرطاة مرسلا. وقد تقدم عند ابن عبد الهادي برقم (١٧). وعند الربعي برقم (٣٥).

(٢) أخرجه ابن عساكر (١ / ١٠٣).

٢٤٧

قل : أربع ، فقلت أربع ، قال : والخامسة : يفيض فيكم المال حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار فيسخطها ، قل : خمس ، فقلت : خمس ، قال : والسادسة : هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيسيرون إليكم على ثمانين غاية تحت كل غاية اثني عشر ألفا ، ففسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال لها الغوطة في مدينة يقال لها دمشق». (١)

وخرجه الطبراني وغيره.

وخرّجه البخاري في" صحيحه" من طريق أبي إدريس ، عن عوف بمعناه إلى قوله : «اثني عشر ألفا» ولم يذكر ما بعده.

ورواه بعضهم : " راية" بالراء وهما بمعنى.

وقيل : إنه روي" غيايه" يعني : السحابة.

ورواه بعضهم : " غابة" بباء موحدة وهي : الأجمة ، وهو بعيد من المعنى.

وقال أبو القاسم الدمشقي الحافظ : وكلا القولين في إسناده صحيح (٢) قول من قال : عن جبير ، عن أبي الدرداء ، وقول من قال : عن جبير ، عن عوف.

واستدل بما خرّجه الإمام أحمد من حديث أبي بكر بن أبي مريم ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، قال : حدثنا أصحاب محمد (٤٠ / ب) ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «ستفتح عليكم الشام فإذا اخترتم المنازل منها فعليكم بمدينة يقال لها : دمشق فإنها معقل المسلمين من الملاحم وفسطاطهم منها بأرض يقال لها :

__________________

(١) أخرجه الطبراني (١٨ / ٤٠ ـ ٤١ ـ ٤٢) وابن عساكر في تاريخه (١ / ١٠٥) وأخرجه البخاري (٣١٧٦) بنحوه وليس فيه : ففسطاط المسلمين ... إلخ. وقد تقدم برقم (١٨) جزء ابن عبد الهادي ، ورقم (١١٨) ، (١١٩) جزء الربعي.

(٢) انظر تاريخ ابن عساكر (١ / ١٠٦).

٢٤٨

الغوطة». (١)

وخرّجه الإمام أحمد من وجه آخر بهذا الإسناد إلا أنه قال فيه : عن رجل من أصحاب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

رواه مكحول ، عن جبير بن نفير ، مرسلا. (٢)

ورواه بعضهم عن مكحول ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، مرسلا من غير ذكر جبير (٣).

وروى الوليد بن مسلم : حدثني سعيد بن عبد العزيز ، أن من أدرك من علمائنا كانوا يقولون : تخرجون أهل مصر من مصرهم إلى ما يلي المدينة ، وتخرج أهل فلسطين والأردن إلى مشارق البلقاء وإلى دمشق ، وتخرج أهل الجزيرة وقنسرين وحمص إلى دمشق ، وذلك لما كان حدثنا به سعيد ، عن مكحول ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «فسطاط المؤمنين يوم الملحمة الكبرى بالغوطة مدينة يقال لها دمشق». (٤)

ورواه أبو القاسم البغوي : حدثنا أبو نصر التمار ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن معاذ ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (٥).

ورويناه بإسناد مجهول لا يصحّ عن جعفر بن محمد بن علي بن حسين ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بنحوه ، وزاد : «معقلهم (٤١ / أ) من الدجال بيت المقدس ، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج

__________________

(١) إسناده ضعيف ، أخرجه أحمد (٤ / ١٦٠) ، (٥ / ٢٧٠) وابن عساكر (١ / ١٠٦) وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم ضعفه الدارقطني. وقال أبو زرعة منكر الحديث ، وقد تقدم برقم (٢٠) جزء ابن عبد الهادي ، ورقم (٢٢) السمعاني.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ١٠٧).

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٠٧).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٠٧).

(٥) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٠٧) وقد تقدم عند ابن عبد الهادي رقم (١٩).

٢٤٩

الطور». (١)

رواه محمد بن علي بن حسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «للمسلمين [ثلاث](٢) معاقل ، فمعقلهم من الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكية دمشق ، ومعقلهم من الدجال بيت المقدس ، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج طور سيناء». (٣)

[.....](٤) مشهور بالكذب ، والوضع ، ولا يصحّ هذا الحديث من هذا الوجه.

وقد روي من وجوه أخر مرسلة.

رواه الوليد بن مسلم : حدثنا جعفر بن غيلان أبو معبد ، عن حسان بن عطية ، قال : ذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كيف يجوز الأعداء أمته من بلد إلى [بلد](٥) ، فقالوا : يا رسول الله هل من شيء؟ قال : «نعم ، الغوطة مدينة يقال لها : دمشق فسطاطهم ومعقلهم من الملاحم لا ينالهم عدو إلا منها».

قال حفص : يقول «لا ينالهم عدوّ لهم إلا منها» من الأمة وهو يوم دخلها عبد الله بن علي بجنوده. (٦)

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ١٠٨) من طريق عبد الله بن سليمان العبدي ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ـ به.

(٢) كذا بالأصل وهو خطأ وصوابه : ثلاثة.

(٣) أخرجه ابن عساكر (١ / ١٠٨).

(٤) ما بين المعقوفين بياض بالأصل ولعله : " محمد بن إسحاق بن إبراهيم العكاشي". فإن الحديث عند ابن عساكر من طريقه وهو كذاب ووضاع. قال ابن عدي : هذه الأحاديث بأسانيدها مع غير هذا مما لم أذكره لمحمد بن إسحاق العكاشي كلها مناكير موضوعة. ا. ه. الكامل (٦ / ١٦٩).

(٥) ما بين المعقوفين بياض بالأصل وإثباته من مصدر التخريج.

(٦) أخرجه ابن عساكر (١ / ١٠٨).

٢٥٠

وروى ابن أبي خيثمة بإسناده عن يحيى بن جابر الطائي ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «للمسلمين ثلاثة معاقل : فمعقلهم من الملاحم دمشق ، ومعقلهم من الدجال بيت المقدس ، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج الطور». (١)

وقد روي هذا عن كعب ـ من قوله ـ قال : معقل المسلمين من الملاحم دمشق ، ومعقلهم من الدجال نهر أبي قطرس.

وفي رواية (٤١ / ب) عن كعب ، قال : الأردن ومعقلهم من يأجوج ومأجوج الطور (٢).

وقال الأوزاعي : بلغني أن بالشام واديا يقال له : الغوطة فيه مدينة يقال لها : دمشق هي خير مدائن الشام يوم الملاحم.

وروينا في كتاب" فضائل الشام" للربعي من حديث واثلة بن الأسقع ، مرفوعا : «ستكون دمشق في آخر الزمان أكثر المدن أهلا وهي لأهلها معقل ، وأكثره أبدالا ، وأكثره مساجد ، وأكثره زهّادا ، وأكثره مالا ، وأكثره رجالا ، وأقلّه كفارا ...» (٣).

وذكره حديثا طويلا ، لا يصحّ ، إسناده واه.

ومن حديث مكحول ، عن عبد الله بن سلام ، قال : دمشق معقل الناس في آخر الزمان من الملاحم (٤).

ومن حديث هشام بن عمار ، قال : سمعت من رفع الحديث إلى وهب

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر نفس الموضع السابق.

(٢) أخرجهما ابن عساكر (١ / ١١٠).

(٣) أخرجه الربعي برقم (٧٦ ، ٧٧) وهو منكر في إسناده محمد بن أحمد الغساني وهو مجهول وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في تحقيقه للفضائل : يظهر من أحاديثه التي يرويها عن الثقات أنه منكر الحديث.

(٤) أخرجه الربعي برقم (٨٦).

٢٥١

ابن منبه : سمع ابن عباس : سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : «اجتمع الكفار يتشاورون في أمري ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : يا ليتني بالغوطة بمدينة يقال لها : دمشق حتى آتي الموضع مستغاث الأنبياء حيث قتل ابن آدم أخاه ، فأسأل الله أن يهلك قومي ، فأتى جبريل ، فقال : يا محمد ائت بعض جبال مكة فأو وبعض غاراتها فإنها معقلك من قومك» (١) هذا منكر جدّا ، ولا يدرى ممن سمعه هشام بن عمار.

وذكر (٤٢ / أ) أبو القاسم الدمشقي الحافظ بإسناد له ، عن عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم ، عن عمرو بن جابر الحضرمي ، قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري ، يقول : من سكن دمشق نجا. فقلت : عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ قال : أفعنّ رأي أحد (٢).

قلت : إسناده فيه ضعف.

وحديث ابن لهيعة : حدثنا عبد الرحمن بن شريح ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي سالم الجيشاني ، أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص : اختر لي فقال له : عليك بالفحص ـ قال : وهي الغوطة ـ ، فإنها فسطاط المسلمين ، ثم قال : عليك بمدينة الأسباط يعني : بانياس ، فإن العافية تحوزها كما تحوز السيل الدمن (٣).

ومن طريق عبد الرحمن بن سابط ، قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص ، إن منزلي قد نبا بي بالعراق والحجاز فخر لي؟ قال : أرضى لك ما أرضى لنفسي ولوالدي ، عليك بدمشق ، ثم عليك بمدينة الأسباط بانياس ، فإنها مباركة السهل والجبل ، وإن البركة عشر بركات خصّ الله بانياس من

__________________

(١) أخرجه الربعي بعد رقم (١٠٠) وهو كذب لا محالة ومتنه منكر مخالف لأصول الشريعة وراجع التعليق عليه في جزء الربعي.

(٢) فيه عمرو بن جابر ، قال الإمام أحمد : بلغني أنه كان يكذب ، وقال النسائي : ليس بثقة.

(٣) أخرجه ابن عساكر (١ / ١٠٩) من طريق يحيى بن حمزة ، عن ابن لهيعة.

٢٥٢

ذلك بركتين ، وإذا وقعت الفتن كانت بها أخف منها في غيرها ، فو الله لفدان بها أحبّ إلي من عشرين بالوهط ، والوهط بالطائف (١).

ومن طريق عبد الله بن حكيم ، عن عبد الله بن عمرو ، قالك ما أودّ أن لي مصر وكنوزها بعد الخمسين ومائة أسكنها ولدمشق خير لو كنتم تعلمون (٢) (٤٢ / ب).

ومن طريق ابن لهيعة ، عن [سليم](٣) بن عبد الرحمن : أخبرني نافع بن كيسان الدمشقي ، قال : لقيت يزيد بن شجرة ، فقلت : إني أردت أن آتي فلسطين. قال : لا تفعل ، فإني أحدثك في دمشق أحاديث ليست في غيرها إن خيل الناس إذا اضطربت كانت عصمتهم ، وإن أهلها مدفوع عنهم ، وأنه لا ينزل بأرض جوع ولا بلاء ولا فتنة إلا خفف ذلك عنهم.

ومن حديث ابن محيريز ، قال : قال لي رويفع بن ثابت الأنصاري ، وكان من أصحاب الشجرة : اسكن فلسطين ما استقامت العرب ، فإذا بادوا بشعار الجاهلية فاسكن دمشق وشرفها خير من غيرها.

وروى نعيم بن حماد بإسناده عن مكحول ، قال : لتمخرن الروم الشام أربعين صباحا لا يمتنع منها إلا دمشق وعمان. (٤)

وبإسناده عن [أبي الأعيس عن عبد الرحمن بن سليمان](٥) ، قال :

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١١٢) مطولا.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٠٩).

(٣) كذا بالأصل وهو تصحيف واضح وصوابه : سليمان ، وانظر ترجمته في" تهذيب الكمال".

(٤) أخرجه أبو داود (٤٦٣٨) ونعيم بن حماد في الفتن (١٢٥٧).

(٥) كذا بالأصل وهو تصحيف صوابه : " أبي الأعيس عبد الرحمن بن سلمان" كما في مصادر التخريج وكتب الرجال.

٢٥٣

سيأتي ملك من ملوك العجم يظهر على المدائن كلها إلا دمشق (١).

وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده ، عن أبي الزاهرية ، عن كعب ، قال : لن تزالوا بخير ما لم يركب أهل الجزيرة أهل قنسرين ، وأهل قنسرين أهل حمص ، فيومئذ تكون الجفلة ويفزع الناس إلى دمشق (٢).

وفي كتاب" الفتن" لنعيم بن حماد بإسناده عن كعب ، أنه قال لمعاوية : ليغشينّ الناس (٤٣ / أ) بحمص أمر يفزعهم من الجفلة حتى يخرجوا منها مبادرين قد تركوا دنياهم خلفهم حتى يموت منهم ما بين باب دمشق إلى ثنية العقاب سبعون ألفا من العطش (٣).

وبإسناده عن كعب ، قال : يهلك ما بين حمص وثنية العقاب سبعون ألفا من الوغاء ـ يعني : العطش ـ فمن أدرك ذلك منكم فعليه بالطريق الشرقية من حمص إلى سربل ، ومن سربل إلى حميراء ومن حميراء إلى الدخيرة ، ومن الدخيرة إلى النبك ، ومن النبك إلى القطيفة ، ومن القطيفة إلى دمشق فمن أخذ هذه الطريق لم يزل في مياه متصلة (٤).

وقال نعيم : حدثنا [أبو المغيرة صفوان](٥) : حدثنا بعض مشايخنا قال : جاء رجل نعرفه خليق للخير حسن ننظر إليه كأنه يلتمس العلم فقال :

هل لكم علم بسويسة؟

قالوا : نعم ، قال : وأين هي؟

قلنا : خربة نحو البحر.

قال : هل فيها عين يهبط إليها بدرج ، وماء بارد عذب؟

__________________

(١) أخرجه أبو داود (٤٦٣٩) ، العجلوني في كشف الخفا (١ / ٥٥٩).

(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ١١١).

(٣) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (١٣٠٢).

(٤) المصدر السابق (١٣٠٤).

(٥) كذا بالأصل وصوابه : أبو المغيرة عن صفوان كما في الفتن.

٢٥٤

قالوا : نعم. قال : فهل إلى جانبها حصن خرب؟

قالوا : نعم. قلنا : ومن أنت يا عبد الله؟

قال : أنا رجل من أشجع. قالوا : فما بال ما ذكرت؟

قال : تقبل سفن الروم في البحر حتى ينزلوا قريبا من تلك العين فيخرقون سفنهم فيبعث الله إليهم أهل دمشق فيمكثون ثلاثا يدعونهم الروم على أن يخلوا لهم البلد فيأبون عليهم ، فيقاتلوهم (٤٣ / ب) المهاجرون ، فيكون أول يوم القتل في الفريقين كلاهما ، واليوم الثاني على العدو ، والثالث يهزمهم الله فلا يبلغ سفنهم منهم إلا أقلهم وقد خرقوا سفنا كثيرة ، وقالوا : لا نبرح هذا البلد ، فيهزمهم الله ، وصف المسلمون يومئذ بحذاء البرج [الحبوب](١) فبينما هم على ذلك ، قد هزم الله عدوهم حتى يأتي آت من خلفهم فيخبرهم أن أهل قنسرين قد أقبلوا مقبلين إلى دمشق ، وأن الروم قد حملت عليهم وكان موعد منهم في البر والبحر فيكون معقل المسلمين يومئذ بدمشق (٢).

" سوسية" ذكر صاحب كتاب" معجم البلدن" : أنها كورة بالأردن لعلها من بلدان السواحل الخربة في ناحية الغور ، والله أعلم.

وروينا في كتاب" فضائل الشام" لأبي الحسن الربعي بإسناده ، عن عبد الله المذحجي : حدثنا أشياخنا ، أنهم لما فتحوا دمشق في أيام عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وجدوا حجرا في جيرون مكتوب عليه باليونانية جبّار إلا قصمه الله ، الجبابرة تبني والقرود تخرب الآخر أشر إلى يوم القيامة. (٣)

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي" الفتن" : " الخرب".

(٢) أخرجه نعيم بن حماد (١٢٩٧).

(٣) أخرجه الربعي برقم (٤١).

٢٥٥

فصل

وقد ورد في تخريب دمشق ما نحن ذاكروه (٤٤ / أ)

ومثبتون معناه

فروى عبد العزيز بن المختار ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «تجيء رايات سود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم ولو حبوا على الثلج حتى يأتوا مدينة دمشق فيهدمونها حجرا حجرا ويقتلون بها أبناء الملوك ..» وذكر الحديث (١).

وهذا الحديث قد رواه الثوري وغيره عن خالد الحذاء ولم يذكروا فيه هذه الزيادة.

وقد خرّجه الإمام أحمد من حديث علي بن زيد ، عن أبي قلابة.

وخرّجه ابن ماجة والحاكم من حديث الثوري ، وفيه ذكر المهدي.

وقد كان إسماعيل بن عليّة ينكر هذا الحديث.

قال عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب" العلل" : حدثنا أبي ، قال : قيل لابن علية في هذا الحديث كان خالد يرويه فلم يلتفت إليه ، ضعّف ابن علية أمره ـ يعني حديث خالد ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان في الرايات السود.

إن صح ، فقد وقع ذلك عند ظهور بني العباس على دمشق ودخول

__________________

(١) أخرجه ابن ماجة (٤٠٨٤) ، والحاكم (٤ / ٤٦٣) كلاهما من طريق سفيان الثوري عن خالد الحذاء ـ به.

وأخرجه أحمد (٥ / ٢٧٧) من طريق وكيع عن شريك عن علي بن زيد ـ به وإسناده :

ضعيف بسبب ضعف علي بن زيد بن جدعان فهو ضعيف لا يحتج به.

وأخرجه الحاكم (٤ / ٥٠٢) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء ـ به.

وانظر العلل لأحمد بن حنبل : (٢ / ٣٢٥) رقم (٢٤٤٣).

٢٥٦

عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس إليها فإنه هدم سورها وقتل بها مقتلة عظيمة من بني أميّة وأتباعهم.

وقد ذكر الحافظ أبو القاسم بإسناده عن يحيى بن حمزة ، قال : قدم عبد الله بن على (٤٤ / ب) على دمشق وحاصر أهلها فلما دخلها هدم سورها فوقع منها حجر كان عليه مكتوب باليونانية : [ويل](١) إرم الجبابرة من رامك [بسوم](٢) قصمه الله ، إذا وهي [متل](٣) جيرون الغربي من باب البريد ، [ويل](٤) من الخمسة أعين نقض سورك على يديه بعد أربعة الآف سنة تعيشين رغدا ، فإذا وهي [منك](٥) جيرون الشرقي إذ ويل لك ممن تعرض لك.

قال : فوجدنا الخمسة أعين : عبد الله بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب.

وذكر أيضا من طريق على بن أبي طلحة ، عن كعب ، قال : إن الله خلق [آدم](٦) بمنزلة الطائر فجعل الجناحين للمشرق والمغرب ، وجعل الرأس الشام ، وجعل رأس الرأس حمص ، وفيها المنقار فإذا انفت المنقار تناقف الناس وجعل الجؤجؤ دمشق وفيها القلب ، فإذا تحرك القلب تحرك الجسد ، والرأس ضربتان ضربة من الجناح الشرقي وهي على دمشق ، وضربة من الجناح الغربي وهي على حمص وهي أثقلهما ، ثم تقبل الرأس على الجناحين

__________________

(١) كذا بالأصل ، وصوابه : (ويك) كما في التاريخ.

(٢) كذا بالأصل ، وصوابه : (بسوء) كما في التاريخ.

(٣) كذا بالأصل ، وصوابه : (منك) كما في التاريخ.

(٤) كذا بالأصل ، وصوابه : (ويلك) كما في التاريخ.

(٥) كذا بالأصل ، وصوابه : (منك) كما في التاريخ.

(٦) كذا بالأصل ، وصوابه : (الدنيا) كما في التاريخ.

٢٥٧

فينتفهما ريشة ريشة (١).

وبإسناده عن كعب أيضا ، قال : ويل للجناحين من الرأس. وويل للرأس من الجناحين ، يرددها ثلاثا ، فالرأس الشام والجناحان المشرق والمغرب.

وهذا أيضا يراد به ما وقع من عبد الله بن على لما دخل إلى دمشق (٤٥ / أ) من بلاد المشرق ، فأما الفتن الواقعة من قبل المغرب فإنما يخشى منها على حمص.

وروى ابن أبي خيثمة : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة : حدثنا جنادة بن مروان ، عن أبيه ، قال : سمعت الأشياخ يقولون : أسعد الناس بالرايات السود من أهل الشام أهل دمشق ، وأسعد الناس بالرايات الصفر من أهل الشام أهل حمص.

وهذا أيضا إشارة إلى ما وقع من ابن العباس عند دخولهم دمشق.

وروى ابن أبي خيثمة بإسناده عن بشر بن غنم ، قال : ليهدمنّ مدينة دمشق حجرا حجرا.

قال الحافظ أبو القاسم : ولعله المراد بذلك ما وجد من هدم عبد الله بن على سورها لما فتحها.

وفي كتاب" العلل" لأبي بكر الخلال بإسناد ضعيف عن الشعبي ، قال : يخرج من خراسان رايات سود يدعو إلى ولد فلان يعني : العباس [يرد](٢) لهم راية حتى يأتي مسجد دمشق فيلقونه حجرا حجرا ، ثم لا يزال الملك فيهم حتى يخرج السفياني (٣).

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ٨٧).

(٢) كذا بالأصل وفي العلل : " فلا يرد" وهو الصواب.

(٣) انظر العلل للخلال مخطوط (٢١٤ / ب) وفي إسناده عثمان بن مطر وقد ضعفه البخاري وأحمد وغيرها.

٢٥٨

وذكر أن الإمام أحمد نهى أن يحدث بهذا ، وبأحاديث أخر من الملاحم (١).

قال الخلال : وأخبرنا المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : كتب إلي ـ يعني : المتوكل ـ أن اكتب إلي بما صحّ عندك من الملاحم.

فكتبت إليه : ما صحّ عندي منها شيء (٢).

وقد سبق حديث أبي معبد (٤٥ / ب) حفص بن غيلان ، عن حسان ابن عطية المرسل في دمشق وأنهم لا ينالهم عدوّ إلا منها.

وتفسير أبي معبد له نار دمشق لا يسلط عليها إلا من هذه الأمة وأنه أريد ما نالها عند دخول بني العباس إليها.

والله المسئول أن يحقق ظن هؤلاء الأئمة ورجاءهم لدمشق أن لا يعيد الله عليها ما كان حصل لها عند دخول بني العباس إليها ، فإنه عند حسن ظنّ عباده بمنّه وكرمه.

وقد كان عبد الله بن سيار الكذاب المفتري يزعم أن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أخبره ، أنه يدخل دمشق ويهدم مسجدها حجرا حجرا. وهذا مما كان يفتريه عليه ابن سيار ، فإن الثابت عن عليّ أنه نهى عن سبّ أهل الشام وأخبر أن فيهم الأبدال.

وقال عند حربه لأهل الشام كلاما فيه تورية فإن الحرب خدعة.

فلم يفهمه من سمعه منه فحرّفه كما روى أميّة بن خالد : حدثنا أبو محصن ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الطّفيل ، قال : سمعت عليّا ، يقول بمسكن : لا أغسل رأسي بغسل حتى آتي البصرة فأحرقها ثم أسوق الناس بعصاي إلى مصر ، قال : فأتيت أبا مسعود.

فأخبرته. فقال : إن عليّا يورد الأمور مواردها ولا تحسنون أن

__________________

(١) انظر العلل للخلال مخطوط (٢١٤ / أ).

(٢) انظر العلل الموضع السابق.

٢٥٩

تصدروها (٤٦ / أ) عليّ لا يغسل رأسه بغسل ولا يأتي البصرة ولا يحرقها ولا يسوق الناس بعصاه إلى مصر ، عليّ رجل أصلع رأسه مثل الطشت إنما حوله مثل الشعرات أو قال : زغيبات.

وروى نعيم بن حماد عن أبي المغيرة ، عن إسماعيل بن عياش : أخبرني بعض أهل العلم ، عن محمد بن جعفر ، قال : سئل على بن أبي طالب عن السفياني؟ فقال : هو من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان رجل ضخم الهامة بوجهه آثار جدري وبعينه نكتة بياض خروجه خروج المهدي ليس بينهما سلطان هو يدفع الخلافة إلى المهدي يخرج من الشام من واد من أرض دمشق يقال له : وادي اليابس يخرج في سبعة نفر مع رجل منهم لواء معقود يتعرفون في لوائه النصر يسير بين يديه على ثلاثين ميلا ، لا يرى ذلك العلم أحد يريده إلا انهزم. يأتي دمشق فيقعد على منبرها ويدني الفقهاء والقراء ويضع السيف في التجار وأصحاب الأموال ، ويستصحب القراء ويستعين بهم على أموره لا يمتنع منهم أحد إلا قتله (١).

وذكر بقيّة الخبر ، وهذا إسناد غير صحيح. والله أعلم.

__________________

(١) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (٨١٢) وفي إسناده إسماعيل بن عياش عمن حدثه وشيخ إسماعيل مجهول.

٢٦٠