فضائل الشّام

فضائل الشّام

المؤلف:


المحقق: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-3322-5
الصفحات: ٣٥٩

كثيرة وبذلت مالا فامتنعوا عليّ ، فقال له المغيرة : يا أمير المؤمنين ، لا تغتم قد دخل خالد بن الوليد من باب الشرقي ، وباب الجابية دخل منه أبو عبيدة بن الجراح في الأمان فماسحهم إلى أي موضع بلغ السيف ، فإن كان لنا فيه حق أخذناه ، وإن لم يكن لنا فيه حق داريناهم حتى نأخذ باقي الكنيسة فندخلها في المسجد. فقال له : فرّجت عني ، فتولّ أنت هذا ، قال : فتولاه ، فبلغت المسحة إلى سوق الريحان حتى حاذى من القنطرة الكبيرة بأربعة أذرع (٩ / أ) وكسر بالذراع القاسمي ، فإذا باقي الكنيسة قد دخل في المسجد ، فبعث إليهم فقال لهم : هذا حق قد جعله الله لنا ، لم يصل المسلمون في غصب ولا ظلم ، نحن نأخذ حقنا الذي جعله الله لنا ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أقطعتنا أربع كنائس ، وبذلت لنا من المال كذا وكذا ، فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تتفضل به علينا فافعل ، فامتنع عليهم حتى سألوه وطلبوا إليه ، قال : فأعطاهم كنيسة حميد بن درة ، وكنيسة أخرى حيث سوق يحيى ، وكنيسة مريم ، وكنيسة المصلّبة ، قال : ثم إن الوليد بعث إلى المسلمين حتى اجتمعوا لهدم الكنيسة ، واجتمع النصارى ، فقال الأقساء للوليد والفأس على كتفه وعليه قباء خز سفرجلي ، وقد شد بخرقة قباءه ، فقال له : إني أخاف عليك من الشاهد يا أمير المؤمنين ، فقال له : ويلك ما أضع فأسي إلا في رأس الشاهد ، وإنه صعد فأول من صعد ووضع فأسه في هدم الكنيسة الوليد ، وتسامع الناس في هدم الكنيسة ، وكبر الناس ثلاثة تكبيرات وزادها في المسجد.

قال أبو إسحاق : ومات أبي في سنة ثلاث وأربعين ، وله إحدى وتسعون سنة.

فهذا ما كان من خبر المسجد ، وخبر هدم الكنيسة التي كانت فيه.

٧٣ ـ حدثنا علي : أنا أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم : أنا أبو الفرج عمران بن الحسن الخفاف : أنا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن عبد الله

٨١

ابن نصر السلمي بدمشق : نا أبو حارثة أحمد بن إبراهيم بن هشام الغسّاني : حدثني أبي ، عن أبيه قال : لما قدم المهدي الشام يريد بيت المقدس دخل مسجد دمشق ومعه أبو عبيد الله الأشعري ـ رضي الله عنه ـ كاتبه ، فقال له : يا أبا عبيد الله ، سبقتنا بنو أمية بثلاث قال : وما هن يا أمير المؤمنين؟ قال : بهذا البيت يعني مسجد دمشق ، ولا أعلم على ظهر الأرض مثله ، وبنبل الموالي فإن لهم موالي ليس لنا مثلهم ، وبعمر بن عبد العزيز و [لم](١) يكن فينا والله مثله أبدا ، ثم أتى بيت المقدس فدخل الصخرة فقال : يا أبا عبيد الله ، وهذه رابعة.

٧٤ ـ قال وبه قال : نا أبو حارثة قال : دخل المأمون دمشق ومعه المعتصم ويحيى بن أكثم. فقال لهما : ما أعجب ما في هذا المسجد؟ فقال له المعتصم : ذهبه وبقاؤه (٩ / ب) فإنا نهيئه في قصورنا ، فلا تمضي به العشرون سنة حتى يتغير ، قال : ما ذاك أعجبني ، فقال [يحيى](٢) : تأليف رخامه ، فإني رأيت فيه عقدا ما رأيت مثلها ، قال : ما ذاك أعجبني فقال : فما الذي أعجبك منه يا أمير المؤمنين؟ قال : بنيانه على غير مثال متقدم.

٧٥ ـ حدثنا علي قال : أنا علي : نا عمران : نا أحمد : نا محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث : نا أبو الفضل إسحاق بن إبراهيم : نا معاوية بن يحيى : نا أرطاة بن المنذر ، عن سنان بن قيس قال : سمعت خالد بن معدان قال : يهزم السفياني الجماعة مرتين ثم يهلك ، وسمعته يقول : لا يخرج المهدي حتى يخسف بقرية بالغوطة تسمى حرستا.

__________________

(١) في (ط) : لا.

(٢) في (ط) : يحيى بن أكثم.

٨٢

ما ورد في أن دمشق أكثر المدن أبدالا وزهادا

٧٦ ـ حدثنا علي : أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر الإمام : نا أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي : نا محمد بن أحمد بن أبي الخطاب : نا أبي : نا محمد بن إبراهيم : نا هشام بن خالد الأزرق : نا الوليد بن مسلم : نا ابن جابر ، عن ابن عامر ، عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «ستكون دمشق أكثر المدن أبدالا ، وأكثرها زهادا ، وأكثرها مساجد ، وهي لأهلها معقلا ، وأكثر المدن أهلا ، وأكثرها مالا ورجالا». (١)

٧٧ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : نا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم : نا محمد قال : نا هشام بن خالد : نا الوليد : نا ابن جابر ، عن ابن عامر ، عن واثلة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «ستكون دمشق في آخر الزمان أكثر المدن أهلا ، وهي لأهلها معقلا ، وأكثرها أبدالا ، وأكثرها مساجد ، وأكثرها زهادا ، وأكثرها مالا ، وأكثرها رجالا ، وأقلها كفارا ، ألا وإن مصر أكثر المدن فراعنة ، وأكثرها كفورا ، وأكثرها ظلما ، وأكثرها [زنى](٢) وفجورا وسحرا وشرا ، فإن عمرت أكنافها بعث الله عليهم الخليفة الزائد البنيان ، والأعور الشيطان ، والأخرم الغضبان فويل لأهلها من أتباعه وأشياعه ، ثم قرأ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) [فإذا قتل ذلك الخليفة بالعراق خرج عليهم](٣) رجل مربوع القامة ، أسود الشعر ، كث اللحية ،

__________________

(١) منكر ، ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق في إسناده محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هشام الغساني وهو مجهول ، وقال الشيخ الألباني في تحقيقه لفضائل الشام : ويظهر من أحاديثه التي يرويها عن الثقات أنه منكر الحديث.

(٢) في (ط) : ربا.

(٣) ما بين القوسين غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

٨٣

براق الثنايا ، فويل لأهل العراق من أشياعه المراق ، ثم يخرج المهدي منا أهل البيت ، (١٠ / أ) (فيملأ الأرض) (١) عدلا كما ملئت جورا» ، وذكر باقي الحديث. (٢)

٧٨ ـ حدثنا علي : أنا تمام : نا أبي : نا أبو الخليل العباس بن الخليل : نا كثير بن عبيد : نا بقية ، عن الوليد بن كامل البجلي قال : سمعت فضيل بن فضالة يقول : إن الأبدال بالشام ، في حمص خمسة وعشرون رجلا ، وفي دمشق ثلاثة عشر رجلا ، وببيسان اثنان. (٣)

٧٩ ـ حدثنا علي : وأنا تمام : نا أبي قال : أخبرني أسلم بن محمد : نا محمد بن هارون بن بكار : نا سليمان بن عبد الرحمن : سمعت الحسن بن يحيى الخشني يقول : بدمشق من الأبدال سبعة عشر نفسا ، وببيسان أربعة. (٤)

__________________

(١) ما بين القوسين غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

(٢) انظر التعليق على الحديث السابق.

(٣) إسناده ضعيف جدا فيه الوليد بن كامل بن معاذ البجلي قال فيه البخاري : عنده عجائب وقال أبو حاتم : شيخ ، وقال ابن القطان : لا تثبت عدالته ، وقال الأزدي : ضعيف.

(٤) فيه الحسن بن يحيى يخطئ كثيرا انظر الميزان (١ / ٥٢٥) والمجروحين (١ / ٢٣٥). وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال الدارقطني : متروك.

٨٤

البناء بدمشق

٨٠ حدثنا علي : أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر الإمام : نا أبو الميمون بن راشد : نا أحمد بن معلى : نا عمران بن يزيد قال : نا سليمان بن عتبة ، عن يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس ، عن كعب قال : كل ما يبنيه العبد في الدنيا يحاسب عليه يوم القيامة إلا بناء في دمشق.

٨١ ـ حدثنا علي : وأنا عبد الرحمن : نا خالد بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي : نا جدي أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي : نا أبي ، عن أبيه : نا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير قال : منزل بدمشق خير من عشرة منازل في غيرها من أرض حمص ، ومنزل في داخل دمشق خير من عشرة منازل في الفراديس ، وإياك وأريافها فإن في سكناها الهلاك.

٨٢ ـ حدثنا علي : نا تمام بن محمد : نا أبو بكر أحمد بن عبد الله البرامي : نا أبو بكر محمد بن أيوب بن إسحاق الرافقي : نا محمد بن الخضر : نا وهيب : نا سليمان بن عطاء ، عن مسلمة بن عبد الله الجهني ، عن كعب قال : أول حائط وضع على وجه الأرض بعد الطوفان حائط حران ودمشق ، وبابل.

ذكر من قبر بدمشق

٨٣ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : نا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي : نا محمد بن هشام بن خالد ، عن الوليد يعني ابن مسلم ، عن سعيد ابن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن كعب قال : بطرسوس من قبول الأنبياء عشرة ، وبالمصيصة خمسة ، وهي التي تغزوها الروم في آخر الزمان ، فيمرون فيقولون : إنا رجعنا من بلاد الشام أخذنا هؤلاء ، فيرجعون وقد علقت بين السماء والأرض. قال كعب : وبالثغور (١٠ / ب) وسواحل الشام من قبور

٨٥

الأنبياء ألف قبر وبأنطاكية قبر حبيب النجار ، وبحمص ثلاثون قبرا ، وبدمشق خمسمائة قبر ، وببلاد الأردن مثل ذلك ، وبفلسطين مثل ذلك ، وببيت المقدس ألف قبر ، وبالعريش عشرة ، وقبر موسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدمشق.

٨٤ ـ نا علي : أنا عبد الرحمن بن عمر بن نصر : نا أبو الفوارس الصابوني بمصر : نا الربيع بن سليمان : نا محمد بن إدريس الشافعي ـ رضي الله عنه ـ قال : توفي عبد المطلب بدمشق ودفن بها.

[وروى أن بلالا مؤذن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مات بدمشق ودفن بها](١).

وروي أن أبا الدرداء وواثلة بن الأسقع ، وفضالة بن عبيد وأسامة بن زيد وحفصة بنت عمر وأم حبيبة زوجتي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعدة من الصحابة ماتوا بدمشق ودفنوا بها.

٨٥ ـ حدثنا علي : أنا عبد الرحمن بن عمر : نا جعفر بن محمد الكندي : نا إسحاق بن الحريص : نا هشام بن عمار : نا الحسن بن يحيى الخشني ، عن عثمان بن أبي العاتكة قال : قبلة مسجد دمشق قبر هود النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

٨٦ ـ حدثنا علي : وأنا عبد الرحمن : نا أبو يعقوب الأذرعي : نا شيخ ممن أثق به : نا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، عن الوليد بن مسلم ، عن سعيد ، عن مكحول ، عن عبد الله بن سلام قال : بالشام من قبور الأنبياء ألفا قبر وسبعمائة قبر ، وقبر موسى عليه السلام بدمشق ، فإن دمشق معقل الناس في آخر الزمان من الملاحم (٢).

٨٧ ـ وبه عن مكحول ، عن ابن عباس قال : من أراد ان يرى الموضع

__________________

(١) ما بين القوسين سقط من (ط).

(٢) يأتي عند ابن رجب ص (٢٥١).

٨٦

الذي قال الله تعالى : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) فليأت النيرب الأعلى بدمشق بين النهرين ، وليصعد إلى الغار الذي في جبل قاسيون فيصلي فيه ، فإن فيه بيت عيسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمه وإنه [كان معقلهم من اليهود](١) ، ومن أراد أن ينظر إلى (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) فليأت نهرا في [حصن](٢) دمشق يقال له : بردا. ومن أراد أن ينظر إلى المقبرة التي فيها مريم بنت عمران والحواريون فليأت مقبرة الفراديس.

٨٨ ـ حدثنا علي : أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر : حدثنا الفضل ابن جعفر التميمي المؤذن : نا عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي : نا أبو مسهر : نا خالد بن يزيد ، بن صبيح : نا حبيب الوصابي ، عن دهم بن ربيعة. أن كعب الأحبار كان يقول : (١١ / أ) في مقبرة باب الفراديس : يبعث منها سبعون ألف شهيد ، فيشفع كل إنسان في سبعين (٣).

٨٩ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : نا أبي : نا أحمد بن عمير : نا أحمد ابن عبد الواحد : نا أبو مسهر : نا خالد بن يزيد بن صالح أنه سمع حبيب الوصابي وعمير بن ربيعة الأوزاعي يحدثان عن كعب الأحبار كان يقول في مقبرة الفراديس : يبعث منها سبعون ألف شهيد يشفعون في سبعين يعني [من](٤) كل رجل منهم [في](٥) سبعين.

__________________

(١) ما بين القوسين غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

(٢) ما بين القوسين غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

(٣) يأتي في جزء الربعي ص (١٢٢).

(٤) ليست في (ط).

(٥) زيادة من (ط).

٨٧

حديث الربوة

٩٠ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : نا أحمد بن عبد الله بن الفرج : إبراهيم بن دحيم : نا هشام بن عمار : نا الوليد : نا الأوزاعي ، عن حسان بن عطية أن ملكا من ملوك إسرائيل حضره الموت ، وأوصى بالملك لرجل حتى يدرك ابنه ، فكانوا يؤملون أن يدرك ابنه فيملكونه ويكون مكان أبيه ، قال : فأتى عليه وقبض ، قال : فخرجوا عليه ، فلما خرجوا بجنازته وفيهم عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ فدنا من أمه وقال : أرأيت إن أنا أحييت لك ابنك أتؤمنين بي وتتبعينني؟ قالت : نعم ، فدعا الله ـ عز وجل ـ فجعل أكفانه تنحل عنه حتى استوى جالسا ، فقالوا : هذا من عمل ابن الساحرة وطلبوه حتى انتهوا إلى شعب النيرب واعتصم منهم بقلعة على صخرة متعالية في الربوة ، فاتاه إبليس فقال : جئتك أعتذر إليك من شر هؤلاء ، أنت تنافسهم في دنياهم ولا بشبر من الأرض صنعوا بك ما صنعوا ، فلو ألقيت نفسك من هذا المكان فيلقاك روح القدس فيذهب بك إلى ربك فتستريح منهم ، فقال عيسى ـ عليه السلام ـ : يا غوي الطويل الغواية ، إني أجد فيما علمني ربي أني لا أجرب ربي حتى أعلم أراض عني أم ساخط علي وزجره الله عنه ، قال : فأقبلت عليهم أم الغلام ، فقالت : يا معشر بني إسرائيل ، كنتم قبل تبكون ، وتشقون ثيابكم جزعا عليه ، فلما أحياه الله لكم أردتم قتله ، قالوا : فما تأمرينا؟ قالت : ايتوه فآمنوا به ، فأتوه فقالوا : خصلة بيننا وبينك ، إن أنت فعلتها آمنا بك واتبعناك ، قال : وما هي؟ قالوا : تحيي لنا عزيرا ، قال : دلوني على قبره ، فنزل يمشي معهم حتى انتهوا به إلى قبره.

قال : فنزل فصلى ركعتين ودعا. فجعل ينفرج عنه التراب حتى خرج وقد ابيض نصف لحيته ونصف رأسه (١١ / ب) وهو يقول : هذا فعلك يا ابن مريم فقال : ما أصنع بك ، هذا فعل قومك ، زعموا أنهم لا يؤمنون بي ولا

٨٨

يتبعوني حتى أحييك لهم ، وهذا في هدى قومك يسير ، فأقبل عليهم يعظهم ويأمرهم بالإيمان واتباعه فقال له قومه : عهدناك وأنت أسود الرأس واللحية فما لنصف رأسك قد ابيض ، قال : إني سمعت الصيحة فظننت أنها دعوة الداعي حتى أدركني ملك فقال : إنما هو دعوة ابن مريم فانتهى الشيب إلى ما ترون.

ما ورد في فضل الصلاة بجبل قاسيون

والدعاء فيه

٩١ ـ حدثنا علي : أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر الإمام : نا أبو يعقوب الأذرعي : نا محمد بن أحمد بن إبراهيم : نا هشام بن خالد ، عن الوليد بن مسلم ، عن ابن جريج ، عن عروة ، عن أبيه قال : سمعت علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ يقول : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأله رجل عن الأمارات بدمشق ، فقال : «بها جبل يقال له قاسيون فيه قتل ابن آدم آخاه ، وفي أسفله من الغرب ولد إبراهيم ، وفيه آوى الله عيسى ابن مريم وأمه من اليهود ، وما من عبد أتى معقل روح الله فاغتسل وصلى ودعا لم يرده الله خائبا». فقال رجل : يا رسول الله ، صفه لنا ، قال : «هو بالغوطة ، مدينة يقال لها دمشق ، وأزيدكم أنه جبل كلمه الله ، وفيه ولد أبي إبراهيم ، فمن أتى ذلك الموضع فلا يعجز في الدعاء». فقال رجل : يا رسول الله ، أكان ليحيى بن زكريا معقلا؟ قال : «نعم ، احترس فيه يحيى من هدار ، رجل من عاد ، في الغار الذي تحت دم ابن آدم المقتول ، وفيه احترس إلياس النبي من ملك قومه ، وفيه صلى إبراهيم [ولوط](١) وموسى وعيسى وأيوب ، فلا تعجزوا من الدعاء فيه ، فإن الله ـ عز وجل ـ أنزل عليّ» (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) فقال رجل : يا رسول الله ، ربنا

__________________

(١) سقط من (ط).

٨٩

يسمع الدعاء أم كيف ذلك؟ فأنزل الله ـ عز وجل ـ : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ)(١).

٩٢ ـ حدثنا علي : وأنا تمام : وحدثني أبو الحارث بن عمارة [حدثني أبي : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم](٢) ثنا هشام ، عن الوليد ، عن ابن جريج ، عن عروة بن رويم ، عن أبيه قال : سمعت معاوية يقول سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسأله رجل عن (١٢ / أ) دمشق ، فقال : بها جبل يقال له قاسيون. وذكر قريبا من الحديث الأول. (٣)

٩٣ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد الحافظ : نا أبو يعقوب الأذرعي : نا محمد ، عن هشام بن خالد ، [عن الوليد بن مسلم](٤) عن سعيد ، عن مكحول ، عن كعب الأحبار أنه قال : إنه موضع الحاجات والمواهب من الله ـ عز وجل ـ لا يرد سائلا فيه.

قال أبو يعقوب : حدثنا محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن سعيد ، عن مكحول قال : قال لي كعب : اتبعني فاتبعته حتى وصلنا إلى غار في الجبل يقال

__________________

(١) منكر فيه محمد بن أحمد بن إبراهيم منكر وقد تقدم الكلام عليه برقم (٧٦) وهو مجهول الحال وتقدم كلام الشيخ الألباني رحمه الله بأنه يظهر من روايته عن الثقات أنه منكر الحديث كما فيه تدليس الوليد بن مسلم وقد عنعن وأيضا ابن جريج فهو مدلس ولا يدلس إلا ما سمع من مجروح فتدليسه شر التدليس. وكذا قال الشيخ الألباني رحمه الله.

وقال صاحب كنز العمال : وأنا أخشى أن يكون هذا الحديث موضوعا. كنز العمال (١٤ / ١٤٩) رقم (٣٨٢٠٢).

(٢) ما بين القوسين غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

(٣) منكر وانظر التعليق على الحديث السابق. ولعل ما حدث في هذا الطريق (من إبدال علي رضي الله عنه ب معاوية رضي الله عنه) حدث من محمد بن أحمد بن إبراهيم هذا أو من غيره. وهذا يزيد إسناده ضعفا.

(٤) ما بين القوسين سقط من (ط).

٩٠

له قاسيون ، فصلى فيه ، وصليت معه فسمعته يجتهد في الدعاء ، ثم سارا إلى مسجد أسفل الجبل ، فنزل يصلي ، فصليت معه ، فسمعته يجتهد في الدعاء ، ثم سار حتى دخلنا المدينة من باب الفراديس فسمعته يقول : يا أيها الناس ، أنا كعب الأحبار وجدت في ألواح شيث بن آدم مرتين يقول : الفراديس جنتي ، وإليها يجتمع أهل محبتي.

٩٤ ـ حدثنا علي قال : أنا تمام قال : وأخبرني أبو الحارث بن عمارة : حدثني أبي : نا محمد بن أحمد : نا هشام ، عن الوليد ، عن سعيد ، عن مكحول قال : قال لي كعب الأحبار : اتبعني فاتبعته حتى وصلنا إلى غار في جبل يقال له قاسيون ، فصلى وصليت معه ، فسمعته يجتهد في الدعاء ، [ثم خرج حتى وصلنا إلى موضع قتل ابن آدم أخاه فصلى وصليت معه ، فسمعته يجتهد في الدعاء](١) ثم سار حتى وصلنا إلى مسجد في أسفل الجبل ، فصلى وصليت معه ، فسمعته يجتهد في الدعاء ، ثم سار حتى دخلنا المدينة من باب الفراديس ، فسمعته يقول : يا أيها الناس ، أنا كعب الأحبار وجدت في ألواح شيث بن آدم أن الله ـ عز وجل ـ يقول : الفراديس جنتي ، وإليها يجتمع أهل عنايتي ، فقلت : سمعتك تدعو مجتهدا ففيم ذلك؟ قال : سألت الله أن يصلح بين هذين الرجلين علي ومعاوية وسألته أن يرزقني كفافا وولدا ذكرا ، ثم لقيته بعد ذلك فسألته فقال : قد والله استجاب الله لي ورزقني ولدا ذكرا وبعث إليه معاوية بألف درهم وكسوة ، وكتب معاوية إلى علي ـ رضي الله عنه ـ يسأله الصلح والكف عن الحرب ، فاصطلحا وتكاتبا على ذلك.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط من (ط).

٩١

ما ورد في غوطة دمشق

٩٥ ـ حدثنا علي : أنا أبو محمد عبد الرحمن بن [عثمان : حدثنا أبو علي الحسن بن حبيب : حدثنا أبو داود بن الأشعث](١) (١٢ / ب) قال : نا أبو توبة : نا ابن مهاجر ، عن ابن حلبس قال : أشرف عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ على الغوطة فقال : يا غوطة ، إن عجز الغني أن يجمع منك كنزا ، لم يعجز المسكين أن يشبع منك خبزا (٢).

باب ذكر الجبال المقدسة

٩٦ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : نا أحمد بن سليمان بن حذلم : نا أبي : نا سليمان بن عبد الرحمن : نا ابن عياش : نا سليمان بن سليم ، عن يحيى ابن جابر ، عن يزيد بن ميسرة قال : أربعة أجبل مقدسة بين يدي الله ـ عز وجل ـ : طور زيتا ، وطور تينا ، وطور سيناء ، وطور تيمانا ، قال : فطور زيتا بيت المقدس ، وطور سيناء طور موسى ، وطور تينا مسجد دمشق ، وطور تيمانا مكة.

ما جاء في فضل المغارة

٩٧ ـ حدثنا علي : قال : أنا تمام بن محمد : أنا أحمد بن عبد الله : نا أحمد ابن أنس : نا هشام بن عمار : نا إبراهيم بن أعين : نا طلحة بن زيد ، عن عبد الله ابن يزيد ، عن المخارق بن ميسرة ، عن عمرو بن جابر الشعباني قال : كنت مع كعب الأحبار على جبل دير مرّان ، فرأى لمعة سائلة في الجبل فقال : ها هنا قتل ابن آدم أخاه ، هذا أثر دمه ، جعله الله آية للعالمين ، ومصلى للمتقين.

٩٨ ـ حدثنا علي : أنا تمام : أنا أحمد : نا إبراهيم بن مروان قال : سمعت

__________________

(١) ما بين القوسين غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

(٢) يأتي عند ابن رجب ص (١٨٥).

٩٢

أحمد بن بلاس يقول : سمعت عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل ، عن عبيد الله ابن أبي المهاجر يقول : كان خارج باب الساعات صخرة يوضع عليها القربان ، فما تقبل منه جاءت نار فأحرقته ، وما لم يتقبل منه بقي على حاله ، فكان هابيل صاحب غنم ، وكان منزله في مقرى ، وكان قابيل في قينية ، وكان صاحب زرع ، وكان آدم ـ عليه السلام ـ في بيت أبيات ، وكانت حواء في بيت لهيا ، قال : فجاء هابيل بكبش سمين من غنمه فجعله على الصخرة ، فأخذته النار ، قال : وجاء قابيل بقمح من غلته فوضعه على الصخرة فبقي على حاله ، فحسده ، قال : وتبعه في هذا الجبل قال : فأراد قتله فلم يدر كيف يقتله ، قال : فجاء إبليس فأخذ حجرا فضرب به رأس نفسه. قال : فأخذ هو حجرا فضرب رأس أخيه فقتله ، قال : فصاحت حواء ، فقال لها آدم : عليك وعلى بناتك لا عليّ وعلى بنيّ.

٩٩ ـ وبه قال : أنا أحمد قال : سمعت محمد بن يوسف الهروي يقول : سمعت أبا زرعة عبد الرحمن (١٣ / أ) ابن عمرو يقول : سألت أبا مسهر عن خبر مغارة الدم ، فقال : مغارة الدم موضع الحمرة ، موضع الحوائج ـ يعني بذلك الدعاء فيها والصلاة ـ.

١٠٠ ـ حدثنا علي : نا عبد الرحمن بن عمر : أنا أبو يعقوب الأذرعي : حدثنا يزيد بن عبد الصمد ، وأحمد بن المعلى ، وسليمان بن أيوب بن حذلم ، وأحمد بن إبراهيم ، ومحمد بن يزيد ، ومحمد بن هارون بن أحمد بن محمد بن عثمان ، ومحمد بن سعيد وغيرهم من مشايخنا يقولون : سمعنا هشام بن عمار ، وهشام بن خالد ، وسليمان بن عبد الرحمن ، وأحمد بن أبي الحواري ، والقاسم ابن عثمان الجوعي ، وعياش بن عثمان ، ومحمود بن خالد يقولون : سمعنا الوليد بن مسلم يقول : سمعت ابن عياش يقول : كان أهل دمشق إذا احتبس القطر أو غلا سعرهم ، أو جار عليهم سلطان أو كانت لأحدهم حاجة

٩٣

صعدوا إلى موضع دم ابن آدم المقتول ، فيسألون الله ـ عز وجل ـ فيعطيهم ما سألوا.

قال هشام : ولقد صعدت مع أبي وجماعة من أهل دمشق نسأل الله سقيا ، فأرسل الله علينا مطرا غزيرا ، حتى أقمنا في المغارة التي تحت الدم ثلاثة أيام ، ثم دعونا أن يرفع عنا وقد رويت الأرض.

قال هشام : سمعت الوليد بن مسلم يقول : سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول : صعدنا في خلافة هشام بن عبد الملك إلى موضع دم ابن آدم نسأل الله سقيا ، فأتانا فأقمنا في المغارة ستة أيام.

قال الوليد : قال سعيد وبهذا الحديث حدثني مكحول عن نفسه أنه صعد مع محمد بن عبد العزيز إلى موضع دم ابن آدم ، يسأل الله سقيا يسقينا فأسقاهم.

قال مكحول : وسمعت من يذكر أن معاوية خرج بالمسلمين إلى موضع الدم يسألون الله تعالى أن يسقيهم ، فلم يبرحوا حتى جرت الأودية.

قال مكحول : وسمعت كعب الأحبار يذكر أنه موضع الحاجات والمواهب من الله ـ عز وجل ـ ، فإنه لا يرد سائلا في ذلك الموضع.

قال هشام بن عمار : وسمعت من يذكر عن كعب أنه قال : إن إلياس اختفى من ملك قومه في الغار الذي تحت الدم عشر سنين ، حتى أهلك الله الملك ووليهم غيره ، فأتاه إلياس فعرض عليه الإسلام فأسلم وأسلم من قومه خلق عظيم غير عشرة آلاف منهم ، فأمر بهم فقتلهم عن آخرهم.

قال هشام : وسمعت من يرفع الحديث (١٣ / ب) إلى وهب بن منبه أنه قال : سمعت ابن عباس يقول : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : «اجتمع الكفار يتشاورون في أمري» فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «يا ليتني بالغوطة بمدينة يقال لها : دمشق ، حتى آتي موضع مستغاث

٩٤

الأنبياء حيث قتل ابن آدم أخاه ، فأسأل الله أن يهلك قومي فإنهم ظالمون» ، فأتاه جبريل قال : «يا محمد ، ايت بعض جبال مكة فأو [إلى بعض غاراتها](١) فإنها معقلك من قومك» قال : فخرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر حتى أتيا الجبل ، فوجدوا غارا كثير الدواب ، فجعل أبو بكر يمزق رداءه ويسد [الثقب](٢) والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : " اللهم لا تنساها لأبي بكر ..." وذكر الحديث بطوله. (٣) [واختفى إلياس في جبل يقال له قاسيون ، فأما عيسى ـ عليه السلام ـ فإن الله ـ عز وجل ـ آواه إلى دمشق إلى غار قاسيون ، واحتمى يحيى بن زكريا من هذار في جبل يقال له : قاسيون تحت دم ابن آدم عليه السلام]. (٤)

وعن مكحول ، عن ابن عباس قال : موضع [الدم](٥) في جبل قاسيون موضع شريف ، كان يحيى بن زكريا وأمه فيه أربعين عاما ، وصلى فيه عيسى ابن مريم والحواريون ، فلو كنت أتيته لسألت الله أن يغفر لعبده ابن عباس يوم يحشر البشر ، فمن أتى ذلك الموضع فلا يقصر عن الصلاة والدعاء فيه ، فإنه موضع الحوائج ، من أراد أن يرى (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) فليأت النيرب الأعلى بين النهرين ، وليصعد إلى الغار في جبل قاسيون فليصل

__________________

(١) غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

(٢) في (ط) : الثغور والثقب.

(٣) حديث منكر في إسناده مبهم لم يسم وهو الراوي عن وهب ومتنه مخالف لأصول الشريعة ولما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من النهي عن اتخاذ القبور مساجد ومن اتباع آثار الأنبياء والصالحين وقصة هجرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشهورة في الصحاح وليس في شيء منها تمني النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يكون بدمشق فلا شك في أنه مكذوب على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وراجع المقدمة تجد فائدة عظيمة.

(٤) ما بين القوسين ساقط من (ط).

(٥) في (ط) : ابن آدم.

٩٥

فيه ، فإنه بيت عيسى وأمه ، وهو كان معقلهم من اليهود ، ومن أراد أن ينظر إلى إرم فلينظر نهرا في حصن دمشق يقال له بردا ، ومن أراد أن ينظر إلى المقبرة التي فيها مريم بنت عمران وأمها والحواريون فليأت مقبرة الفراديس.

١٠١ ـ حدثنا علي : أنا تمام قال : أخبرني أبو الحارث بن عمارة قال : حدثني أبي : نا محمد بن إبراهيم : نا هشام قال : سمعت الوليد يقول : سمعت سعيد بن عبد العزيز قال : وحدثني مكحول أنه صعد مع عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ إلى موضع الدم فسأل الله أن يسقينا فسقانا.

قال مكحول : وخرج معاوية والمسلمون إلى موضع الدم يستسقون ، فلم يبرحوا حتى سالت الأودية.

وروي عن الزهري أنه قال : (١٤ / أ) لو يعلم الناس ما في مغارة الدم من الفضل لما هنأهم طعام ولا شراب إلا فيها.

١٠٢ ـ وبإسناده عن هشام بن عمار قال : سمعت من يذكر عن كعب أنه قال : إن إلياس اختفى من ملك قومه في الغار الذي تحت الدم عشر سنين ، حتى أهلك الله الملك ووليهم غيره ، فأتاه إلياس وعرض عليه الإسلام فأسلم وأسلم من قومه خلق كثير.

١٠٣ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : حدثنا أبو يعقوب الأذرعي : نا أحمد بن كثير قال : صعدت إلى موضع الدم في جبل قاسيون ، فسألت الله ـ عز وجل ـ الحج فحججت ، وسألته الجهاد فجاهدت ، وسألته الرباط فرابطت ، وسألته الصلاة في بيت المقدس فصليت ، وسألته أن يغنيني عن البيع والشراء ، فرزقت ذلك كله ، ولقد رأيت في المنام كأني في ذلك الموضع قائما أصلي فإذا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر وعمر وهابيل بن آدم ، فقلت له : أسألك بحق الواحد الصمد ، وبحق أبيك آدم ، وبحق هذا النبي هذا دمك؟ قال : إي والواحد الصمد إن هذا دمي جعله الله آية للناس ، وإني

٩٦

دعوت الله رب أبي آدم وأمي حواء ومحمد النبي المصطفى أن يجعل دمي مستغاثا لكل نبي وصدّيق ومؤمن دعا فيه فتجيبه ، وسألك فتعطيه ، فاستجاب الله لي ، وجعله طاهرا وآمنا ، وجعل هذا الجبل أمنا ومغيثا ، ثم وكل الله ـ عز وجل ـ به ملكا ، وجعل معه من الملائكة بعدد النجوم يحفظون من أتاه لا يريد إلا الصلاة فيه ، فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام : «قد فعل الله ذلك كرما وإحسانا ، وإني آتيه كل خميس وصاحباي وهابيل فنصلي فيه» (١).

فضل المسجد الذي ببرزة

وهو مسجد إبراهيم ـ عليه السلام ـ

١٠٤ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد بن عبد الله الرازي ـ رحمه الله ـ : أنا أبو علي الحسن بن أحمد وكيل جامع دمشق : نا يحيى بن محمد بن سهل نا محمد بن يعقوب بن حبيب الغسّاني قال : قلت لعبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله : حدثني محمود بن خالد عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية قال : أغار ملك نبط هذا الجبل على لوط فسباه وأهله. فبلغ إبراهيم خليل الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك ، فأقبل في طلبه (١٤ / ب) في عدة أهل بدر ، ثلاثمائة وثلاثة عشر ، فالتقى هو وملك الجبل في صحراء يعفور فعبأ إبراهيم ـ عليه السلام ـ ميمنة وميسرة وقلبا ، وكان أول من عبّى الحرب هكذا ، فاقتتلوا فهزمه إبراهيم واستنقذ لوطا وأهله ، فأتى هذا الموضع الذي في برزة فصلى فيه واتخذه مسجدا.

قال : وعن الزهري أنه قال : مسجد إبراهيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في

__________________

(١) تقدم قبل صفحتين أن هذا الكلام لا يجوز وهو مخالف لأصول الشريعة فقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه نهى عن اتخاذ القبور مساجد فراجعه. وانظر المقدمة.

٩٧

قرية يقال لها برزة ، فمن صلى فيه أربع ركعات خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، ويسأل الله ما شاء فإنه لا يرده خائبا.

١٠٥ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : نا أبو الحارث أحمد بن محمد بن عمار : [نا أبي : نا محمد بن إبراهيم : نا هشام بن عمار](١) عن الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول ، عن ابن عباس أنه قال : ولد إبراهيم بغوطة دمشق ، في قرية يقال لها برزة ، في جبل يقال له : قاسيون.

ذكر الموضع الذي ينزل فيه

عيسى ـ عليه السلام ـ من دمشق

١٠٦ ـ حدثنا علي : أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر : أنا أبو بكر أحمد بن القاسم بن معروف : نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو : حدثني محمد ابن زرعة الرّعيني : نا محمد بن شعيب : حدثني يزيد بن عبيدة : حدثني أبو الأشعث ، عن أوس الثقفي أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : «ينزل عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق». (٢)

١٠٧ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : نا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الفرج الدمشقي البرامي نا محمد [بن الفيض بن محمد](٣) الفياض ، نا هشام

__________________

(١) ما بين المعقوفين سقط من المطبوع.

(٢) ذكره الهيثمي في المجمع (٨ / ٢٠٥) وعزاه للطبراني وقال : رجاله ثقات ويأتي من طرق أخرى.

وأخرجه ابن عساكر (١ / ١٠١) وفيه قال محمد بن شعيب : ولا أعلم حدثنا به عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو عن كعب ، ويأتي عند ابن رجب ص (٢٦٦).

ورجح أبو حاتم في العلل أنه عن أوس الثقفي عن كعب من قوله ، كذا يرويه الثقات. انظر العلل (٢ / ٤٢٢).

وهو عند الطبراني (١ / ٢١٧) رقم (٥٩٠) من طرق عن محمد بن شعيب بإسناده ـ به.

(٣) ما بين القوسين غير واضح بالأصل وإثباته من (ط).

٩٨

ابن خالد : نا الوليد بن مسلم : حدثني ربيعة ، عن نافع بن كيسان ، عن أبيه كيسان قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : «ينزل عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق». (١)

١٠٨ ـ حدثنا علي قال : وأنا تمام : أنا أحمد : نا أبو محمد عبد الصمد ابن عبد الله بن أبي يزيد : أنا العباس بن الوليد : أخبرني أبي : نا سعيد بن عبد العزيز ، عن شيخ له أنه سمع ابن عباس الحضرمي قال : يخرج عيسى ابن مريم عند المنارة عند باب الشرقي ، ثم يأتي مسجد دمشق حتى يقعد على المنبر ، ويدخل المسلمون والنصارى واليهود ، وكلهم يرجوه ، حتى لو ألقيت شيئا لم يصب إلا رأس إنسان من كثرتهم ، ويأتي مؤذن المسلمين فيقوم ويأتي صاحب بوق اليهود ، (١٥ / أ) وصاحب ناقوس النصارى ، فيقول صاحب اليهود : اقرع ، فيكتب سهم المسلمين ، وسهم النصارى ، وسهم اليهود ، ثم يقرع عيسى فيخرج سهم المسلمين ، فيقول صاحب اليهود : إن القرعة ثلاث ، فيقرع فيخرج سهم المسلمين ، ثم يقرع الثالثة فيخرج سهم المسلمين ، فيؤذن المؤذن ، ويخرج اليهود والنصارى من المسجد ، ثم يخرج يبتغي الدجال بمن معه من أهل دمشق ، ثم يأتي بيت المقدس وهي مغلقة قد حصرها الدجال ، فيأمر بفتح الأبواب ويتبعه حتى يدركه بباب لد ، ويذوب كما يذوب الشمع ، ويقول عيسى ـ عليه السلام ـ : إنّ لي فيه ضربة ، فيضربه فيقتله الله على يديه ، فيمكث في المسلمين ثلاثين سنة أو أربعين الله أعلم أي العددين ،

__________________

(١) ذكره صاحب كنز العمال (١٤ / ٣٣٨) رقم (٣٨٨٦١) وعزاه لتمام وابن عساكر وهو عند ابن عساكر مختصر تاريخ دمشق من طريق المصنف به (٨ / ٢٧٨) وفي تاريخ دمشق المخطوط (٦ / ٢١١).

وفي إسناده الوليد بن مسلم وهو مدلس تدليس شيوخ وأيضا ربيعة بن ربيعة الدمشقي وهو مجهول الحال انظر ترجمته في : لسان الميزان (٢ / ٤٤٩) وتاريخ البخاري (٣ / ٢٩٠) ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا وذكره ابن حبان في الثقات (٨ / ٢٤٠).

٩٩

قال فيخرج على إثره يأجوج ومأجوج فيهلك الله يأجوج ومأجوج على يديه ، فلا تبقى منهم عين تطرف ، وترد إلى الأرض بركتها ، حتى إن العصابة يجتمعون في العنقود ، وعلى الرمانة وينزع الله من كل وذكر كلاما انقطع من الكتاب ، حتى إن الحية تكون مع الصبي ، والأسد مع البقرة لا يضره شيئا ، ثم يبعث الله ريحا طيبة تقبض روح كل مؤمن ، ويبقى شرار الناس ، تقوم عليهم الساعة. (١)

١٠٩ ـ حدثنا علي : أنا عبد الرحمن بن عمر الإمام : نا أبو الحسن أحمد ابن سليمان بن حذلم : نا أبي : نا هشام بن خالد : نا الوليد : نا ربيعة ، عن نافع ابن كيسان ، عن أبيه كيسان قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : «ينزل عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق» (٢).

١١٠ ـ حدثنا علي : أنا تمام بن محمد : أنا أحمد بن عبد الله بن الفرح : نا أبو هشام عبد الرحمن بن عبد الصمد : نا [ابن عائذ](٣) : نا الوليد : نا من سمع عبد الرحمن بن ربيعة يحدث عن عبد الرحمن بن نافع بن كيسان ، عن أبيه ، عن جده نافع بن كيسان صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «ينزل عيسى ابن مريم عند باب الشرقي». (٤)

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق المخطوط (١ / ١٠٢) بسنده ومتنه وفي سنده اختلاط سعيد بن عبد العزيز وجهالة الراوي عن عباس الحضرمي ، ويأتي ص (٢٦٧) جزء ابن رجب.

(٢) تقدم برقم (١٠٧) ويأتي بعد.

(٣) كذا بالأصل وقد تحرف عند ابن عساكر إلى : عائذ وما عندنا هو الصواب فهو محمد ابن عائذ الدمشقي.

(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق المخطوط (٩ / ٨٨٤) بنفس الإسناد. والحديث فيه ـ ـ اضطراب هل هو من مسند نافع بن كيسان كما هنا أم من مسند كيسان كما سبق وانظر ما سبق برقم (١٠٩) وفي هذا الإسناد أيضا راو لم يسم وهو الراوي عن عبد الرحمن بن ربيعة.

وقال الشيخ الألباني : مسلسل بالمجاهيل وصوابه : " عند المنارة البيضاء شرقي دمشق" كما سبق.

١٠٠