فضائل الشّام

فضائل الشّام

المؤلف:


المحقق: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-3322-5
الصفحات: ٣٥٩

علي : إذا قام قائم آل محمد جمع له أهل المشرق وأهل المغرب ليجتمعون كما يجتمع قرع الخريف فإما [....](١) فمن أهل الكوفة ، وأما الأبدال فمن أهل الشام.

ـ وروى ابن لهيعة ، عن خالد بن يزيد السكسكي ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن علي قال : النجباء بمصر والأبدال بالشام وهم قليل.

ـ وقال كعب : الأبدال ثلاثون.

وهذا منقطع ورواه عن الليث بن سعد عن عباس بن عياش عن علي وهو أيضا منقطع.

ـ وروي عن علي من وجوه. فهذا الأثر صحيح عن علي ـ رضي الله عنه ـ من قوله.

وقد روى موقوفا من غير حديث علي أيضا من رواية عمرو بن واقد : (٢٠ / أ) حدثنا يزيد بن أبي مالك ، عن شهر بن حوشب ، قال : لما فتح معاوية مصر جنح أهل مصر يسبون أهل الشام ، فقال عوف ـ وأخرج وجهه من برنسه ـ : يا أهل مصر أنا عوف بن مالك ، لا تسبوا أهل الشام ، فإني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يقول : «فيهم الأبدال ، وبهم يرزقون وبهم ينصرون» (٢).

عمرو بن واقد فيه ضعف.

وروى من حديث أنس من طريق العلاء بن زيدل ، عن أنس ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «البدلاء أربعون : اثنان وعشرون بالشام وثمانية عشر بالعراق ، كلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه آخر فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة».

__________________

(١) كلمة غير واضحة بالأصل.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٣١) ، وقد تقدم برقم (٢٠) جزء ابن عبد الهادي. وفي إسناده عمرو بن واقد وهو متروك.

٢٠١

والعلاء بن زيدل متروك.

ـ وروى من وجه آخر من طريق يزيد الرقاشي ، وهو ضعيف جدا من قبل حفظه.

ـ وروى عن أنس عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «دعائم أمتي عصائب اليمن أربعون رجلا ، من الأبدال بالشام ، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا ، أما إنهم لم يبلغوا ذلك بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بسخاء الأنفس ، وسلامة الصدور ، والنصيحة للمسلمين».

ـ وقد روي في ذلك آثار موقوفة كثيرة ، فروى سيف بن عمر ـ وفيه ضعف ـ عن ابن عمرو ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : كان الشام قد أقبل فإذا أقبل جند من اليمن وممن بين المدينة واليمن فاجتاز أحدهم بالشام ، قال عمر : يا ليت شعري عن الأبدال هل مرت بها الركبان.

ورواه سيف من طريق آخر منقطع ، عن عمرو.

وروى عيسى بن يونس ، عن هشام ، عن من سمع الحسن ، يقول : لن تخلو الأرض من سبعين صديقا وهم الأبدال لا يهلك منهم رجل إلا أخلف مكانه مثله ، أربعون بالشام وثلاثون في سائر الأرض.

وروى إسماعيل بن عياش : حدثتني أم عبد الله ابنة خالد بن معدان ، عن أبيها قال : قالت الأرض للرب عز وجل كيف تدعني وليس علي نبي؟ قال : سوف أدع عليك أربعين صديقا بالشام.

وروى زيد بن الحباب : حدثنا معاوية أراه عن أبي الزاهرية ، قال : الأبدال ثلاثون رجلا بالشام بهم يجأرون وبهم يرزقون ، فإذا مات رجل أبدل الله عز وجل مكانه.

وروى بقية بن الوليد ، أن كامل البجلي ، قال : سمعت الفضل بن فضالة ،

٢٠٢

يقول : إن الأبدال بالشام : [من](١) حمص خمسة وعشرون رجلا ، و [من](٢) دمشق ثلاثة عشر رجلا وببيسان اثنان (٣).

وروى عن رجاء بن حياة ، أنه بلغه : أن بيسان رجائي من الأبدال.

وعن الحسن بن يحيى الخشني (٢١ / أ) قال : بدمشق من الأبدال سبعة عشر نفسا وببيسان أربعة.

وعنه قال : بدمشق من الأبدال خمسة ، وأربعة ببيسان.

وروى ابن أبي خيثمة في" تاريخه" : حدثنا هارون بن معروف ، عن ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال : الأبدال سبعون فستّون بالشام وعشرة بسائر الأرضين (٤).

وقال ضمرة ، عن عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه : الأبدال أربعون إنسانا ، قلت : أربعون رجلا ، قال : لا تقل أربعون رجلا قل أربعون إنسانا لعل فيهم نساء.

وقال أحمد بن أبي الحواري : سمعت أبا سليمان ، يقول : الأبدال بالشام ، والنجباء بمصر ، والعصب باليمن ، والأخيار بالعراق.

وروى ابن أبي الدنيا عن هارون بن عبد الله ، عن سيار ، عن جعفر بن سليمان : حدثنا شيخ من أهل صنعاء من جلساء وهب بن منبه ، قال : رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام فقلت : يا رسول الله ، أين [نكلأ](٥) أمتك؟ فأومأ بيده نحو الشام. فقلت : يا رسول الله أما بالعراق

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي" التاريخ" : " في".

(٢) كذا بالأصل ، وفي" التاريخ" : " في".

(٣) أخرجه ابن عساكر (١ / ١٣٥) من طريق كثير بن عبيد ، عن بقية ، به.

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ١٣٥) من طريق ابن أبي خيثمة ، عن هارون بن معروف ، به.

(٥) كذا بالأصل : " نكلأ" وهو تصحيف والصواب : بدلاء من" تاريخ دمشق".

٢٠٣

منهم أحد؟ قال : بلى محمد بن واسع وحسان بن أبي سنان ومالك بن دينار الذي يمشي في الناس بمثل زهد أبي ذر في زمانه (١).

وقد رويت أحاديث كثير في الأبدال لا تخلو من ضعف في أسانيدها وبعضها موضوع ، ولكن ليس فيها ذكر الشام فلم نذكرها (٢١ / ب) لذلك ، وفي بعضها أن أعمالهم أنهم يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويواسون فيما أتاهم الله عز وجل.

وقد روي ذكر الأبدال عن الحسن وقتادة وغيرهم من السلف. وفي مراسيل ابن أبي رباح ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «الأبدال من الموالي».

خرّجه الترمذي (٢).

ومن أحسن ما ورد في وصفهم :

ما رواه ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس : حدثنا [عثمان بن مطيع : حدثنا سفيان بن عيينة](٣) ، قال : قال أبو الزناد : لما ذهبت النبوة وكانوا أوتاد الأرض أخلف الله مكانهم أربعين رجلا من أمّة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقال : هم الأبدال ، لا يموت الرجل منهم حتى

__________________

(١) ضعيف منكر. أخرجه ابن عساكر (١ / ١٣٦) " تاريخ دمشق" ، وفي إسناده أكثر من علة.

الأولى : الإرسال فإن وهبا تابعي.

الثانية : جهالة الراوي عن وهب.

الثالثة : جعفر بن سليمان وسيار بن حاتم كلاهما عنده مناكير.

(٢) لم أجده عند الترمذي وهو عند السيوطي في الصغير وعزاه للحاكم في الكنى ، ورمز له بالضعف ، والحديث أخرجه الذهبي في" الميزن" (٢ / ٤٧) ترجمة الرحال بن سالم فهو مجهول لا يدرى من هو وقال صاحب" فيض القدير" : الخبر منكر.

(٣) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه : " عثمان بن مطيع : حدثنا سفيان بن عيينة" كما في" التاريخ" لابن عساكر.

٢٠٤

ينشىء الله مكانه آخر يخلفه وهم أوتاد الأرض ، قلوب ثلاثين منهم على مثل يقين إبراهيم عليه السلام ، لم يفضلوا الناس بكثرة الصلاة ولا بكثرة الصيام ولا بحسن التخشع ولا بحسن الحلية ، ولكن بصدق الورع ، وحسن النية ، وسلامة القلوب ، والنصحية لجميع المسلمين ابتغاء مرضاة الله بصبر وخير ولب حليم ، وبتواضع في غير مذلّة ، واعلم أنهم لا يلعنون شيئا ، ولا يؤذون أحدا فوقهم ، ولا يتطاولون على أحد تحتهم ، ولا يحقرون ، ولا يحسدون ليسوا بمتخشعين ، ولا متماوتين ، ولا معجبين (٢٢ / أ) ولا يحبون الدنيا ليسوا اليوم في خشية وغدا في غفلة (١).

وروى إبراهيم بن هانىء عن الإمام أحمد ، قال : إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال فلا أدري من هم؟!

ومراده بأصحاب الحديث من حفظ الحديث وعلمه وعمل به ، فإنه نص أيضا على أن أهل الحديث من عمل بالحديث ، لا من اقتصر على طلبه.

ولا ريب أن من علم سنن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعمل بها وعلمها الناس فهو من خلفاء الرسل ، وورثة الأنبياء ، ولا أحد أحق بأن يكون من الأبدال منه ، والله أعلم.

ومما يشهد لذلك الأبدال ، وكونهم في الشام حديث خرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث قتادة ، عن أبي الخليل ، عن صاحب له ، عن أم سلمة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فيخف فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه [أبدال أهل اليمن وعصابة أهل الشام](٢)

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ١٣٨).

(٢) كذا بالأصل ، وعند أحمد وأبو داود : " أبدال الشام وعصائب أهل العراق".

٢٠٥

فيبايعونه ...» (١) وذكر بقية الحديث.

وقد اختلف في تسمية هذا الرجل المتهم في إسناده ، فقيل : هو مجاهد ، وقيل : هو عبد الله بن الحارث (٢٢ / ب) ورجحه محمد بن حاتم الرازي ، والله أعلم.

__________________

(١) أخرجه أحمد (٦ / ٣١٦) ، وأبو داود (٤٢٨٦ ، ٤٢٨٧ ، ٤٢٨٨) من طريق قتادة ، عن أبي الخليل ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أم سلمة ، به.

٢٠٦

الباب السابع

فيما ورد في بركة الشّام

قال الله عز وجل : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها)(١) وإنما أورث الله بني إسرائيل أرض الشام.

وقال سبحانه وتعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ)(٢).

وقال تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ)(٣) ، وقال تعالى : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها)(٤).

وقال تعالى : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً)(٥).

روى الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، أنه قال في قوله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها ،) قال : الشام ، وما من ماء عذب إلا يخرج من تلك الصخرة التي ببيت المقدس (٦).

وروي بإسناد ضعيف ، عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها)(٧) يعني : الأرض المقدسة أرض الشام (٨).

__________________

(١) سورة الأعراف الآية : (١٣٧).

(٢) سورة الإسراء الآية : (١).

(٣) سورة الأنبياء الآية : (٧١).

(٤) سورة الأنبياء الآية : (٨١).

(٥) سورة سبأ الآية : (١٨).

(٦) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٦٣).

(٧) سورة سبأ الآية : (١٨).

(٨) أخرجه ابن جرير في" تفسيره" (٢٢ / ٥٨) بإسناد ضعيف جدا.

٢٠٧

وعن حسن في قوله تعالى : (مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها ،) يقول : مشارق الشام (٢٣ / أ) ومغاربها (١).

وكذا قال زيد بن أسلم ، وقتادة ، وسفيان (٢).

وقال السّدي في قوله : تعالى : (تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها)(٣) قال : أرض الشام (٤).

قال الوليد بن مسلم : حدثنا زهير بن محمد ، قال : حدّثت ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «إن الله تعالى بارك ما بين العريش والفرات وخصّ فلسطين بالتقديس» يعني : التطهير (٥).

ويروى عن كعب ، قال : إن الله تعالى بارك في الشام من الفرات إلى العريش (٦).

وعنه قال : بارك الله في أرض الشام من الفرات إلى العريش ، وخصّ بالتقديس من أرض مصر إلى رمح (٧).

وعنه أنه [جاء إليه](٨) فقال : إني أريد الخروج ابتغي من فضل الله قال : عليك بالشام فإنه ما ينقص من بركة الأرضين يزاد بالشام (٩).

وقال عقبة بن وساج ، عمن حدّثه ، قال : ما ينقص من الأرض شيء

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٦٣).

(٢) انظر تاريخ دمشق (١ / ٦٤).

(٣) سورة الأنبياء الآية : (٨١).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٦٤).

(٥) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٦٣).

(٦) أخرجه الربعي رقم (١٩).

(٧) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٦٤) من طريق إسماعيل بن عياش وهو ضعيف ، عمن حدثه وهو مجهول عن كعب ، به.

(٨) في" تاريخ دمشق" : " جاء إليه رجل".

(٩) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٦٥).

٢٠٨

يزاد في الشام ، وما ينقص من الشام يزاد في فلسطين (١).

وقال سليمان بن عبد الرحمن : حدثنا أبو عبد الملك الجزري قال : إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط كان الشام في رخاء وعافية ، وإذا [كان الشام في بلاء وقحط كان بيت المقدس](٢) في رخاء وعافية.

وقال : الشام مباركة ، وفلسطين مقدسة ، وبيت المقدس قدس المقدس (٣).

ويروى عن كعب ، قال : قدست ميسرة الشام مرتين (٢٣ / ب) وقدست سائر الشام مرة واحدة.

وعن ثور بن يزيد ، قال : قدس الأرض الشام ، وقدس الشام فلسطين ، وقدس فلسطين بيت المقدس ، وقدس بيت المقدس الجبل ، وقدس الجبل المسجد ، وقدس المسجد القبة.

واعلم أن البركة في الشام تشمل البركة في أمور الدين والدنيا ولهذا سميت الأرض المقدسة ، قال تعالى ـ حاكيا عن موسى عليه السلام ـ : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ)(٤).

ولما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي ذر : «كيف نصنع إن أخرجت من المدينة؟» قال : انطلق إلى الشام والأرض المقدسة المباركة (٥).

وقد أخرجه الإمام أحمد وغيره.

وفي رواية الإمام أحمد قال : " الحق بالشام ، فإن الشام أرض الهجرة

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٦٤).

(٢) كذا بالأصل وفي" تاريخ دمشق" : " إذا كان الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية ، وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بيت المقدس".

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٦٥)

(٤) سورة المائدة الآية : (٢١).

(٥) إسناده ضعيف أخرجه أحمد (٥ / ١٧٨) ، وابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٦٥) وقد تقدم برقم (١٣) جزء ابن عبد الهادي.

٢٠٩

وأرض المحشر وأرض الأنبياء".

وكتب أبو الدرداء إلى سلمان : هلم إلى أرض الجهاد.

وقال قتادة : الأرض المقدسة أرض الشام.

وقال عكرمة والسّدي : هي أريحا.

وقال الكلبي : دمشق وفلسطين.

والمراد بالمقدسة المطهرة من الشرك وتوابعه ولذلك كانت أرض الأنبياء.

قال ضمرة بن ربيعة : سمعت أنه لم يبعث [نبي](١) إلا من الشام فإن لم يكن فيها أسري به إليها.

وروى الوليد بن مسلم : حدثنا عفير بن معدان ، عن سليم بن عامر ، عن أبي أمامة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «أنزل القرآن (٢٤ / أ) في ثلاثة أمكنة : مكة ، والمدينة ، والشام» (٢).

قال الوليد : يعني : بيت المقدس.

أخرجه الحاكم ، وقال : صحيح الإسناد كذا قال.

وفي رواية : «أنزلت النبوة في ثلاثة أمكنة ...» فذكره.

وعفير بن معدان : ضعيف.

وقد سمى الله الشام مبوّأ صدق ، قال تعالى : (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ)(٣) قال قتادة : بوأهم الشام وبيت المقدس (٤).

__________________

(١) زيادة لعلها ساقطة من الأصل وهي من" تاريخ دمشق" (١ / ٧٤).

(٢) منكر ، أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ١٥٣) وعفير بن معدان عامة رواياته غير محفوظة وانظر الكلام على الحديث برقم (١١) جزء السمعاني.

(٣) سورة يونس الآية : (٩٣).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٦٨).

٢١٠

وأمّا حدّ الشام : فروى الشافعي : أخبرني [عمر بن محمد بن عياش](١) عن حسن بن القاسم الأزرقي ، قال : وقف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على بنية تبوك فقال : «ما ها هنا شام» وأشار بيده إلى جهة المدينة (٢).

وزعم الواقدي في" مغازيه" بغير إسناد ، أن وادي القرى أول طرف الشام من جهة الحجاز ، وما وراءه إلى المدينة حجاز (٣).

وزعم بعض الأئمة المتأخرين أن حدّ الشام من جهة الحجاز عقبة الصوان ، قال : وتسمى المنحنا فيما فوقها شام ما تحتها حجاز.

وهو غريب لم يتابع عليه.

وقال سالم بن عبد الأعلى : حدثنا أبو الأعيس [القرني](٤) ، وكان قد أدرك أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : سئل عن البركة التي تدرك في الشام أين مبلغ حدّه؟ قال : أول حدوده : عريش مصر ، والحدّ الآخر جبل طرف الثنية ، والحدّ الآخر الفرات ، والحدّ الآخر (٢٤ / ب) جبل فيه قبر هود النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (٥).

وقال أبو حاتم ابن حبان في" صحيحه" : أول الشام بالس ، وآخره عريش مصر (٦).

__________________

(١) كذا بالأصل وفي" تاريخ دمشق" : " عمي محمد بن العباس". وهو الصواب.

(٢) أخرجه الحافظ ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٨٩).

(٣) " المغازي" (٢ / ٧٦٠).

(٤) كذا بالأصل ، وفي" تاريخ دمشق" : " القرشي"

(٥) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٨٩) من طريق سالم بن عبد الأعلى ، به.

(٦) أخرجه ابن حبان في" صحيحه" (١٦ / ٢٩٥) ، وأخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٨٩) من طريق أبي القاسم الشحامي ، عن أبي الحسن على بن محمد ، عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون ، عن أبي حاتم بن حبان.

٢١١

ويروى عن معاذ بن جبل ، قال : الأرض المقدسة ما بين العريش إلى الفرات (١).

ولكن إسناده لا يصح.

وقد دعا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للشام بالبركة.

ففي" صحيح البخاري" عن ابن عمر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا» قالوا : وفي نجدنا. قال : «اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا». قالوا : وفي نجدنا ، قال : «هناك الزلازل والفتن وبها ـ أو قال ـ : منها يخرج قرن الشيطان» (٢).

ولحديث ابن عمر طرق متعددة عنه قد ذكرنا في شرح الترمذي.

وخرّج الطبراني من حديث ابن عباس ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معناه (٣).

__________________

(١) أخرجه الحافظ أبو القاسم بن عساكر (١ / ٦٧) وفي إسناده خالد بن معدان عن معاذ وخالد لم يسمع من معاذ كما قرره الأئمة وانظر" المراسيل" لابن أبي حاتم قال : لم يسمع من معاذ بينهما اثنان.

(٢) أخرجه البخاري (٧٠٩٤) وقد تقدم من طرق انظر جزء ابن عبد الهادي رقم (١ ، ٢٧) وانظر" تاريخ دمشق" (١ / ٥٨ ـ ٦١)

(٣) أخرجه الطبراني (١٢ / ٨٤ ـ ٨٥) وفي إسناده ضعف.

٢١٢

فصل

ومن بركتها الدينية أنها أرض الجهاد ، فأهلها في جهاد ورباط ونفقتهم على أنفسهم كالنفقة في سبيل الله تضاعف سبعمائة ضعف وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان هلم إلى الأرض المقدسة أرض الجهاد.

وكذلك كان السلف يختارون الإقامة بها للجهاد كما [فعل](١) ذلك رؤساء مسلمة الفتح من قريش.

قال أرطاة بن المنذر ، قال عمر : أعظم الناس أجرا رويجل بالشام (٢٥ / أ) آخذ بلجام فرسه يكلأ من وراء بيضة المسلمين لا يدري أسبع يفترسه أم هامّة تلدغه أو عدوّ يغشاه.

وكان ابن [...](٢) وغيره من العلماء يقولون : من أراد علم السير فعليه بأهل الشام ، فإنهم لكثرة جهادهم أعلم الناس بأحكام الجهاد.

وعن الشافعي قال : من أراد علم الملاحم فعليه بأهل الشام.

وقد صنّف أبو إسحاق الفزاري كتابا كبيرا في السير فيه علم كثير مما يتعلق بالجهاد لا يكاد يوجد في غيره مجموعا.

وقد ورد حديث مرفوع غريب من رواية أبي مطيع معاوية بن يحيى :

حدثنا أرطاة بن المنذر ، عمن حدثه ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «أهل الشام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم إلى منتهى الجزيرة مرابطون فمن نزل مدينة من المدائن فهو في رباط أو في ثغر من الثغور فهو في جهاد» (٣).

__________________

(١) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.

(٢) ما بين المعقوفين بياض بالأصل ، ولعله : " عيينة" كما عند ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ١٤٩).

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ١٢٦) ، والطبراني وانظر جزء الربعي رقم (١٨). وإسناده ضعيف.

٢١٣

أخرجه الطبراني وغيره.

ورواه ابن جوصا : حدثنا عمرو بن عثمان : حدثنا [ضمير](١) ، عن سعيد البجلي ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي الدرداء ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «ستفتح على أمتى من بعدي الشام وشيكا فإذا فتحها فاتحها فأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة ورجالهم ونساؤهم وصبيانهم وعبيدهم فمن أحتل ساحلا من تلك السواحل فهو في جهاد (٢٥ / ب) ومن أحتل بيت المقدس وما حولها فهو في رباط» (٢).

غريب جدّا وسعيد هذا غير معروف.

وروى أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشّيباني ، عن عبد الله بن ناشرة ، أنه أخبره ، عن سعيد بن سفيان القاري ، قال : توفي أخي وأوصى بمائة دينار في سبيل الله فلم يكن منذ غازية فقدمت المدينة في حج أو عمرة فدخلت على عثمان بن عفان وعنده رجل قاعد ، فقلت : يا أمير المؤمنين توفي أخي وأوصى بمائة دينار في سبيل الله تعالى فلم يجئنا غازية فقال عثمان : إن الله أمرنا بالإسلام فأسلمنا كلنا فنحن المسلمون ، وأمرنا بالهجرة فنحن المهاجرون أهل المدينة ، ثم أمرنا بالجهاد فجاهدنا فأنتم المجاهدون أهل الشام أنفقها على نفسك أو على أهلك وعلى ذوي الحاجة ممن حولك فإنك لو خرجت بدرهم ثم اشتريت بها لحما فأكلت أنت وأهلك كتب لك بسبعمائة درهم فخرجت من عنده ، فسألت عن الرجل الذي كان عنده فإذا هو علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ (٣).

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي" تاريخ دمشق" : " ابن حمير" وهو الصواب له ترجمة في" التهذيب".

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٢٧) وشهر بن حوشب ضعيف ، وابن حمير هو : محمد بن حمير قال أبو حاتم : لا يحتج به.

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١١١).

٢١٤

فصل

ومن بركات الشام الدينية ، أن نور النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند ولادته سطع إليها فأشرقت قصورها منه فكان أول مبدأ دخول نوره ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشام ، ثم دخلها نور دينه وكتابه فأشرقت به وطهرت (٢٦ / أ) مما كان فيها من الشرك والمعاصي وكمل بذلك قدسها وبركتها.

فخرج الإمام أحمد والحاكم في" صحيحه" من حديث العرباض بن سارية ، قال : سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يقول : «إني عبد الله وخاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، سأخبركم عن ذلك ، دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت ، وكذلك أمهات [المؤمنين](١) يرين ، وأن أم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأت حين وضعته نورا أضاء منه قصور الشام» (٢).

وخرّج أبو القاسم البغوي نحوه من حديث فرج بن فضالة ، عن لقمان ابن عامر ، عن أبي أمامة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (٣).

وخرّج الحاكم أيضا من حديث خالد بن معدان ، عن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنهم قالوا : يا رسول الله أخبرنا عن نفسك ... فذكره.

وفي حديثه : «قصور بصرى من أرض الشام» (٤).

وقال : صحيح الإسناد.

__________________

(١) كذا بالأصل وهو خطأ وصوابه : كما في مصادر التخريج : " النبيين".

(٢) أخرجه أحمد (٤ / ١٢٧) ، والحاكم (٢ / ٦٠٠) وفي إسناده سعيد بن سويد الكلبي قال البخاري : لا يصح حديثه انظر" تعجيل المنفعة" رقم (٣٧٦).

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٧٥) وذكره ابن عدي في" الكامل" (٦ / ٢٩) ترجمة فرج بن فضالة وقال ابن عدي : غير محفوظ.

(٤) أخرجه الحاكم (٢ / ٦٠٠).

٢١٥

وأخرجه الإمام أحمد من حديث خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن [عيينة](١) بن عبد ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أن أمّه قالت : إني رأيت خرج مني نور أضاءت به قصور الشام (٢).

ورواه الأحوص بن حكيم ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والذي قبله أصّح (٢٦ / ب).

وروى الطبراني وأبو نعيم من حديث بقية بن الوليد : حدثني صفوان ابن عمرو ، عن [صخر بن مالك](٣) الكندي ، عن أبي مريم الكندي ، قال : أقبل أعرابي من بهز حتى جلس إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال : أيّ شيء ، كان من أمر نبوتك أول؟ قال : «أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم وتلا (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)(٤) وبشّر بي المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام ورأت أم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت لها منه قصور الشام» فقال الأعربي : هاه ، وأدنى رأسه منه ـ وكان في سمعه شيء ـ فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «ووراء ذلك ووراء ذلك مرتين» (٥) مرتين أو ثلاثا.

أبو مريم الكندي قيل : إنه صحابي نزل حمص.

وروى محمد بن عائذ : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن عثمان بن أبي عاتكة وغيره أن آمنة بنت وهب أنها حين وضعته كفأت عليه برمة حتى يتفرع له

__________________

(١) كذا بالأصل وهو تحريف وصوابه : " عتبة".

(٢) أخرجه أحمد (٤ / ١٨٤) ، والدارمي في" سننه" (١٣) مطولا.

(٣) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه : " صخر بن مالك" كما في" تاريخ دمشق".

(٤) سورة الأحزاب الآية : (٧).

(٥) أخرجه الحافظ ابن عساكر في" التاريخ" (١ / ٧٦) والطبراني (٢٢ / ٣٣٣).

٢١٦

قالوا : فوجدت البرمة قد انشقت عن نور أضاء منه قصور كثيرة من قصور الشام.

فكان مولد رسول الله بمكة وابتداء النبوة له بها وإنزال الكتاب عليه بمكة ، ثم أسري به إلى الشام من المسجد الحرام (٢٧ / أ) إلى المسجد الأقصى ، ثم رجع إلى مكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، ثم في آخر عمره كتب إلى الشام وإلى هرقل وإلى كثير من أتباعه ، ثم غزا بنفسه غزوة تبوك ، ثم بعث سريّة إلى مؤتة ، ثم بعث جيش أسامة فتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل خروجهم ثم ابتدأ أبو بكر الصديق بفتوح الشام واستكمل في زمن عمر ـ رضي الله عنه ـ.

وذكر ابن عائذ ، قال : قال الوليد بن مسلم : أخبرني ابن لهيعة ، عن أبي الأسود القرشي ، عن عروة ، أنه كان في كتاب أبي بكر إلى خالد بن الوليد أن أعجل إلى إخوانكم بالشام فو الله لقرية من قرى الأرض المقدسة يفتحها الله علينا أحبّ إلي من رستاق من رساتيق العراق.

وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أنه لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى.

ففي" الصحيحين" عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى» (١).

وهذه النار خرجت من وادي بقرب مدينة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنة أربع وخمسين وستمائة واشتهر أمرها وشوهد من ضوئها بالليل أعناق الإبل ببصرى واستفاض ، وبعد ذلك بقليل ثم خراب العراق بواقعة بغداد المشهورة (٢٧ / ب) ودخول أكثر الكفار إليها ، وقتل خليفة بني

__________________

(١) أخرجه البخاري في" صحيحه" (٧١١٨) ، ومسلم (٢٩٠٢ / ٤٢) من طريق ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، به.

٢١٧

العباس وعامة أهلها وبذلك ، ثم خراب بلاد المشرق على أيدي التتار ، وانتقل من حينئذ إلى الشام عامّة أهل العراق وخيارهم كما أخبر بذلك أبو أمامة ، وقد سبق كلامه وعظم أمر الشام وكثر أهلها واتسعت عمارتها وكثر بها علم النبوة الموروث عن خاتم النبيين ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم في آخر الزمان تخرج نار تحشر الناس كلهم إلى الشام وهي أول أشراط الساعة كما في" صحيح البخاري" عن أنس ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أنه قال : «أول أشراط الساعة نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب» (١).

ويجتمع الناس كلهم حينئذ بالشام وإنها أرض المحشر والمنشر وتقوم الساعة بعد ذلك.

وسنذكر هذه النّار فيما بعد إن شاء الله.

__________________

(١) أخرجه البخاري في" صحيحه" (٣٣٢٩) وغير موضع من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ.

٢١٨

الباب الثامن

في حفظ الله تعالى الشام بالملائكة الكرام

خرّج الإمام أحمد والترمذي والحاكم من حديث زيد بن ثابت ، قال :

كنا عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نؤلف القرآن من الرّقاع ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «طوبى للشام» قلنا : لأي ذلك يا رسول الله؟ قال : «لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها» (١).

وقال الترمذي : حسن صحيح غريب.

وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين.

وفي رواية أخرجها ابن خزيمة : «إن ملائكة الرحمة».

وفي رواية للطبراني في الحديث : «إن الرحمن باسط رحمته عليه» (٢).

وفي رواية رويناها في كتاب" فضائل الشام" لابي الحسن الربعي ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «طوبى لأهل الشام ..» (٣) فذكره.

وذكر الحافظ أبو القاسم من رواية معروف الخيّاط ، قال : سمعت واثلة ابن الأسقع ، يقول : " إن الملائكة تغشى مدينتكم هذه ـ يعني : دمشق ـ ليلة الجمعة فإذا كان بكرة افترقوا على أبواب دمشق براياتهم وبنورهم فيكونون سبعين رجلا ، ثم ارتفعوا ويدعون الله لهم اشف مريضهم وردّ غائبهم" (٤).

__________________

(١) أخرجه أحمد (٥ / ١٨٤) ، والترمذي (٣٩٥٤) ، وغيرهما من طرق عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الرحمن بن شماسة ، عن زيد بن ثابت ، به وقد تقدم برقم (٢٩) جزء ابن عبد الهادي ، رقم (١٧) جزء الربعي.

(٢) أخرجه الطبراني (٥ / ١٧٦).

(٣) تقدم في جزء الربعي رقم (١٧).

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ٥٨) من طريق سليمان بن عبد الرحمن ، عن معروف ، به.

٢١٩

الباب التاسع

فيما ورد في بقاء الشام بعد خراب غيرها من الأمصار

ذكر الحافظ أبو القاسم من طريق محمد بن هارون [عن](١) بكار بن بلال : حدثنا أبي ، عن أبيه محمد بن بكار ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن عوف بن مالك ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «تخرب الدنيا ـ أو قال : الأرض ـ قبل الشام بأربعين سنة» (٢).

هذا غريب منكر ، منقطع ، ومحمد بن بكار متكلم فيه (٢٨ / ب).

وإسناده عن كعب الأحبار ، قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل أن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاما (٣).

وبإسناده عن ابن عبد ربه ، قال : [يبعت ببيعا](٤) أكثر من ثلاثين مرة ، يقول : تخرب الأرض وتعمر الشام حتى يكون من العمران كالرمانة ، ولا يبقى فيها خربة في سهل ولا جبل إلا عمرت وليغرسنّ فيها من الشجر ما لم يغرس في زمن نوح وتبنى فيها القصور اللائحة في السماء فإذا رأيت ذلك فقد نزل بك الأمر (٥).

وبإسناده عن بحير بن سعد ، قال : يقيم بالشام بعد خراب الأرض أربعين عاما (٦).

وروينا في كتاب" فضائل الشام" لأبي الحسن الربعي من طريق عبد الخالق بن زيد بن واقد ، عن أبيه ، عن عطية بن قيس ، قال : قال كعب :

__________________

(١) كذا بالأصل وهو تصحيف ، والصواب : " بن".

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٨٨).

(٣) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٨٨) وقد تقدم برقم (١٠).

(٤) كذا بالأصل وهو تصحيف والصواب : " سمعت تبيعا" كما في" التاريخ".

(٥) أخرجه الحافظ ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٨٨).

(٦) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٨٨) من طريق أبي بكر بن أبي مريم ، عن بحير ، به.

٢٢٠