فضائل الشّام

فضائل الشّام

المؤلف:


المحقق: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-3322-5
الصفحات: ٣٥٩

الفصل الثالث

فيما ورد في أنّ دمشق خير بلاد الشام في آخر

الزمان ، وأن أهلها خير أهل الشام (٤٦ / ب)

وقد سبق حديث : " هي من خير مدائن الشام" (١).

وقد روي : " هي خير مدائن الشام" كذا رواه مكحول وغيره عن جبير بن نفير مرسلا (٢).

وروي : " خير مساكن المسلمين يومئذ" (٣).

قد ذكرنا في أوائل الكتاب قول أبي الدرداء ـ لما أمره معاوية أن يرجع من دمشق إلى حمص ـ : يا معاوية أتأمرني بالخروج من عقر دار الإسلام.

وروى ابن أبي خيثمة بإسناده عن شريح بن عبيد ، أن معاوية سأل كعبا ، فقال : حمص أعجب إليك أم دمشق؟ قال : بل دمشق. قال : ولم؟ فقال كعب : مربض ثور في دمشق خير من دار عظيمة في حمص.

وروى بإسناد آخر له أن معاوية قال لكعب : ما ترى في حمص وطيبها؟ فقال : يا أمير المؤمنين لموضع من دمشق صغير أحب إلي من دار حمص. قال : ولم ذاك؟ قال : لأنها معقل الناس في الملاحم. قال : لا جرم لا تركب بها حرمة.

روى الحافظ أبو القاسم ، عن الزهري ، عن ربيعة بن عبد الله بن [المهدي](٤) قال : منزل في دمشق خير من عشرة منازل في غيرها في أرض حمص ، ومنزل داخل دمشق خير من عشرة منازل بالفراديس وإياك

__________________

(١) تقدم هنا ص (١٩٩) أول الفصل الثاني.

(٢) تقدم هنا ص (١٠١) أول الفصل الثاني.

(٣) تقدم هنا ص (١٠٠).

(٤) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه : الهدير كما في ترجمته من التهذيب.

٢٦١

وأرباضها فإن في سكناها الهلاك (١).

وبإسناده عن يونس بن ميسرة بن حلبس ، (٤٧ / أ) أن رجلا سكن طبرية بعياله شهرا فكفاهم فيها عشرة أمداد من قمح ، ثم تحول إلى دمشق فكفاهم فيها خمسة أمداد من قمح.

وبإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد [أن](٢) جابرا ، قال : قلت لأبي سلام الأسود : ما نقلك من حمص إلى دمشق؟ قال : بلغني أن البركة تضاعف بها ضعفين (٣).

وبإسناده عن مكحول ، أنه سأل رجلا : أين تسكن؟ قال : الغوطة. فقال له مكحول : ما يمنعك أن تسكن دمشق ، فإن البركة بها مضعّفة.

وبإسناده عن عبيد بن يعلى رجل من أهل بيت المقدس كان بعسقلان وكان عالما ، أنه قال لرجل : ارحل من فلسطين والحق بدمشق فإن بركات الشام كلها مسوقات إلى دمشق.

وبإسناده عن جابر بن أزد الحمصي ، قال : حدّثنا أنه سيأتي على الناس زمان لمربض ثور من دمشق خير من دار عظيمة بحمص وإنها لمعقل المسلمين.

وبإسناده عن كعب قال : كل ما يبنيه العبد في الدنيا يحاسب به العبد يوم القيامة إلا بناء دمشق.

وقال ابن أبي خيثمة : حدثنا هارون بن معروف : حدثنا حمزة ، حدثنا الشيباني ، قال : كان نوف البكالي إماما لأهل دمشق فكان إذا أقبل على الناس بوجهه ، قال : من لا يحبكم فلا أحبه الله (٤٧ / ب) من لا يرحمكم فلا رحمه الله.

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ١١٣).

(٢) كذا بالأصل وهو خطأ وصوابه : " بن". كما في ترجمته من تهذيب الكمال.

(٣) تقدم برقم (٣٧) جزء الربعي.

٢٦٢

وروى عثمان بن أبي العاتكة ، عن سليمان بن حبيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «إذا كانت الملاحم خرج من دمشق بعث من الموالي هم خير عباد الله أبعثهم فرسا وأجوده سلاحا». (١)

وفي رواية : «هم أكرم العرب فرسا وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين». وقد خرّجه الحاكم ، وقال : صحيح على شرط الشيخين.

وليس كما قال فإن عثمان بن أبي العاتكة ليس بالقوي.

وخرّجه ابن ماجه ولكن ليس في روايته : " من دمشق".

وروى أبو بكر بن أبي مريم ، عن عطية بن قيس ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «إذا وقعت الملاحم خرج بعث من دمشق هم خير عباد الله الأولين والآخرين» (٢) وهذا مرسل.

وروى الحافظ أبو القاسم بإسناده عن ابن محيريز ، قال : خير فوارس تظل السماء فوارس من قيس يخرجون من غوطة دمشق يقاتلون الدجال (٣).

وروى نعيم بن حماد في كتابه : حدثنا الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ابن أبي كثير ، عن كعب ، قال : يا معشر قيس أخبر يمنا ، ويا معشر اليمن أخبر قيسا فيوشك أن لا يقاتل على هذا الدين غيركما (٤).

قال الأوزاعي : بلغني ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «قيس فرسان الناس يوم الملاحم ، واليمن [رجال](٥) الإسلام» (٦) (٤٨ / أ).

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في التاريخ (١ / ١٢١ ـ ١٢٢) ونعيم بن حماد في الفتن (١٤٠٢).

والحاكم (٤ / ٥٤٨) وابن ماجة (٤٠٩) وسنده ضعيف وتقدم عند الربعي برقم (١١٥).

(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ١٢٢).

(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ١٢٢).

(٤) أخرجه نعيم بن حماد (١٤٠١).

(٥) كذا بالأصل وفي الفتن لنعيم : " رحا".

(٦) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (١٤٠١).

٢٦٣

وخرّج عبد الرزاق في كتابه بإسناد صحيح عن حذيفة بن اليمان ، قال : إن قيسا لا تزال تبغي دين الله شرّا حتى [يزكها](١) الله بملائكة فلا تمنعوا [ذئب](٢) تلعة ، ثم فإذا رأيت قيسا توالت الشام فخذ حذرك (٣).

وروي بإسناد فيه نظر عن عائشة أنها سألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم الأحزاب : كيف بنا يا رسول الله لو اجتمعت علينا اليمن مع هوازن وغطفان؟ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «كلا أولئك قوم ليس على أهل هذا الدين منهم (٤)».

وخرّج الخطابي في" غريب الحديث" ـ بإسناد فيه ضعف ـ عن غالب ابن الأبجر مرفوعا : «إن لله فرسانا من أهل السماء مسومين ، وفرسانا من أهل الأرض معلمين ، ففرسانه من أهل الأرض قيس ، إن قيسا ضراء الله» (٥).

الضراء : جمع ضرو ، هو ما لهج بالفرائس من السباع ، وبالصيد من الكلاب. واعلم أن العرب كانت من قديم الزمان تنقسم إلى فريقين : " العدنانية" ، و" القحطانية". فمن كان من ولد معد بن عدنان ، يقال في الواحد منهم عدناني وقيسي ونزاري و [خندفي](٦).

ويقال لمن انتسب إلى ما دون عدنان من القبائل : مضري أو ربيعي أو

__________________

(١) كذا بالأصل ، وعند عبد الرزاق : " يركبها".

(٢) كذا بالأصل ، وعند عبد الرزاق : " ذنب".

(٣) أخرجه عبد الرزاق (١١ / ٥٢ ـ ٥٣) مطولا.

(٤) أخرجه عبد الرزاق (١١ / ٥٤) وفيه : ليس على أهل هذا الدين منهم بأس.

(٥) أخرجه الطبراني (١٨ / ٢٦٥) والأوسط (٨٠١١) والبخاري في التاريخ (٧ / ٩٨) ، وانظر غريب الحديث للخطابي (١ / ٣٩٥) كلهم من طريق قتيبة عن عبد المؤمن بن عبد الله نا عبد الله بن خالد عن عبد الرحمن بن مقرن عن غالب ـ به. مطولا ومختصرا.

(٦) كذا بالأصل.

٢٦٤

قرشي وغير ذلك يحسب القبائل التي ينتسب إليها ولد معد بن عدنان.

ومن كان من ولد قحطان. يقال له : (٤٨ / ب) يمني ، ويقال لهم : يمن ، ولا خلاف أن معد بن عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم ـ عليه السلام ـ.

وأما قحطان : فالأكثرون على أنهم ليسوا من ولد إسماعيل ، بل كان جدهم قحطان قبل إسماعيل ـ عليه السلام ـ بكثير.

ومن الناس من يقول : بل هو من ولد إسماعيل ، ويزعم أن العرب كلها من ولد إسماعيل ـ عليه السلام ـ وكان بين العدنانية ، والقحطانية تباين كثير من زمن الجاهلية ، وكانت العدنانية تفتخر على القحطانية ... فإنهم كانوا أشرف منهم وبقيت هذه الأحقاد في أولادهم متوارثة.

ولما مات سفيان الثوري أوصى إلى رجل من كندة يصلي عليه (١) ، فقالت بنو تميم : يماني يصلي على مضري ، فقيل لهم : أوصى بذلك فخلوا سبيله ، والله أعلم.

__________________

(١) انظر السير (٧ / ٢٧٨).

٢٦٥

الفصل الرابع

فيما ورد في نزول عيسى ابن مريم ـ عليهما السلام ـ

في آخر الزمان عند دمشق

روى النواس بن سمعان ، عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «ينزل عيسى ابن مريم على المنارة البيضاء شرقي دمشق». (١)

وفي رواية : «عند المنارة».

وهذا قطعة من حديث طويل فيه ذكر الدجال ويأجوج ومأجوج.

خرّجه مسلم في" صحيحه" بتمامه (٤٩ / أ).

وروى محمد بن شعيب بن شابور : حدثنا يزيد بن عبيدة : حدثني أبو الأشعث عن أوس بن أوس الثقفي ، أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (٢).

وروى الوليد بن مسلم : حدثني ربيعة بن ربيعة ، عن نافع بن كيسان ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يقول : «ينزل عيسى ابن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق». (٣)

وفي" مسند الإمام أحمد" من حديث الحسن ، وعن سمرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «يجيء عيسى عليه السلام من قبل المغرب مصدقا بمحمد

__________________

(١) أخرجه مسلم (٢١٣٧ / ١١٠ ـ ١١١) وأبو داود (٤٣٢١) وابن ماجة (٤٠٧٦) وغيرهم من طرق به. وقد تقدم برقم (١١١ ، ١١٢) جزء الربعي.

(٢) أخرجه الربعي برقم (١٠٦) وابن عساكر (١ / ١٠١) وفيه قال محمد بن شعيب : ولا أعلم حدثنا به عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو عن كعب.

وقال أبو حاتم في العلل (٢ / ٤٢٢) : هو عن أوس بن أوس عن كعب قوله. كذا يرويه الثقات قلت ـ أي ابن أبي حاتم ـ فما قولك في يزيد بن عبيدة هذا؟ قال : لا بأس به.

(٣) أخرجه الربعي برقم (١٠٧) وتقدم تخريجه هناك.

٢٦٦

ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى ملّته فيقتل الدجال ، ثم إنما هو قيام الساعة». (١)

وهذا مما يؤيد ما ذكرنا من قبل المغرب يراد به الشام.

وروى صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد ، عن كعب ، قال : يهبط المسيح ـ عليه السلام ـ عند القنطرة البيضاء على باب دمشق الشرقي تحمله غمامة واضع يديه على منكبي ملكين (٢).

وروى سعيد بن عبد العزيز ، عن شيخ له (٤٩ / ب) ، أنه سمع عباس الحضرمي ، قال : يخرج عيسى ابن مريم عند المنارة عند باب شرقي ، ثم يأتي مسجد دمشق حتى يقعد على المنبر ، ثم يخرج يتبع الدجال بمن معه من أهل دمشق وهي معقله قد حصرها الدجال فيأمر بفتح الأبواب ويتبعه حتى يدركه بباب لدّ ... وذكر بقيّة الحديث (٣).

وروى أبو اليمان ، عن الجراح ، عمن حدثه ، عن كعب ، قال : ينزل عيسى عند المنارة التي عند باب دمشق الشرقي ، ويسير إلى من في بيت المقدس من المسلمين (٤).

وقد جاء من حديث أبي أمامة وغيره ما قد يشعر بأن عيسى ينزل ببيت المقدس ، وليست أسانيدها بالقوية قد يتعين حملها على تقدير صحتها على أنه يأتي بمن معه من المؤمنين إلى بيت المقدس من دمشق كما

__________________

(١) أخرجه أحمد (٥ / ١٣) بإسناد ضعيف ، فيه سعيد بن بشير ، يرويه عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ـ به.

وسعيد هذا ضعيف يروي المنكرات وكذلك فإن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة.

(٢) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٠٢).

(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ١٠٢) وفي سنده اختلاط سعيد بن عبد العزيز ، وجهالة الراوي عن عباس الحضرمي وقد تقدم برقم (١٠٨) جزء الربعي.

(٤) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (١٥٩٩).

٢٦٧

قاله ابن عباس وكعب جمعا بينها وبين حديث النواس المخرج في" الصحيح" وظاهر ما تقدم من الأحاديث والآثار يدلّ على أن عيسى ـ عليه السلام ـ ينزل عند باب مدينة دمشق الشرقي.

وقد ذهبت طائفة إلى أنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي مسجد دمشق الجامع ، وهو مخالف للظاهر ، والله أعلم.

٢٦٨

الفصل الخامس

فيما ورد في أن دمشق من مدن الجنّة

روى الوليد بن محمد الموقري ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، (٥٠ / أ) عن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «أربع مدائن في الدنيا من الجنة : مكية ، والمدينة ، وبيت المقدس ، ودمشق. وأربع مدائن من النار : رومية ، وقسطنطينية ، وأنطاكية ، وصنعاء». (١)

وفي رواية : «القسطنطينية ، والطوانة ، وأنطاكية المحترقة ، وصنعاء». (٢)

وقال : إن المياه المقدسة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس.

قال ابن عدي : هذا حديث منكر ، لا يرويه عن الزهري غير الموقري كذا قال.

وقد روي بإسناد غريب عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن الزهري ، نحوه ، وليس بمحفوظ ، وفيه : ذكر مدائن النار : «القسطنطينية ، وطبرية ، وأنطاكية المحترقة ، وصنعاء». (٣)

وصنعاء هذه قيل : إنها غير صنعاء اليمن وإنها بأرض الروم. وأنطاكية المحترقة بأرض الروم أحرقها العباس بن الوليد بن عبد الملك ، والمعروف أن هذا الحديث موقوف على كعب.

وروى بقية بن الوليد ، عن يزيد بن عبد الله الخولاني ، عن كعب ، قال : خمس مدائن من مدائن الجنة : بيت المقدس ، وحمص ، ودمشق ، وبيت جبرين ،

__________________

(١) أخرجه الربعي رقم (٥٤ ـ ٥٥) والسمعاني برقم (١٩) والحديث موضوع ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (٢ / ٥١) وابن عدي في الكامل (٧ / ٧٣) وقال : والوليد هذا يروي عن الزهري أشياء موضوعة لم يروها الزهري قط.

(٢) انظر التعليق السابق.

(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١ / ٩٨) وقال : المحفوظ حديث الوليد بن محمد الموقري عن الزهري ، وانظر ما تقدم.

٢٦٩

وظفار اليمن. وخمس مدائن من النار : القسطنطينية ، والطوانة ، وأنطاكية ، وتدمر ، وصنعاء ـ صنعاء اليمن ـ». (١)

وكذا رواه محمد بن عبد الله الشعيثي ، عن يزيد الخولاني (٢) إلا أنه (٥٠ / ب) ذكر في مدائن النار : عمورية بدل : الطوانة.

وروى سفيان الثوري ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : الجنة مطوية في قرون [الشمس](٣) بدمشق في كل عام (٤).

وقد روي عن كعب أن أهل كل مدينة من مدائن الشام هم في الجنة خصوصية يختصون بها.

وروى عروة بن رويم ، عن كعب ، أنه لقي رجلا فقال له : من أين أنت؟ قال : من أهل الشام ، فقال له كعب : فلعلك من الجند الذين يشفع شهيدهم في سبعين. قال : ومن هم؟ قال : أهل حمص. قال : لا ، قال : فلعلك من الجند الذين يعرفون في الجنّة بثياب خضر. قال : ومن هم؟ قال : أهل دمشق. قال : لا. قال : فلعلك من الجند الذين في ظل العرش قال : ومن هم؟ قال : أهل الأردن. قال : لا. قال : فلعلك من الجند الذين ينظر الله عز وجل إليهم في كل يوم مرتين. قال : ومن هم؟ قال : أهل فلسطين. قال : نعم (٥).

وفي رواية في هذا الخبر عن كعب أنه قال في أهل حمص : يدخل الجنة

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ٩٩).

(٢) انظر الموضع السابق.

(٣) كذا بالأصل ، وفي" التاريخ" : " الشام".

(٤) أخرجه ابن عساكر في" تاريخه" (١ / ١٠٠).

(٥) أخرجه ابن عساكر (١ / ٢٦٣) وقد تقدم عند الربعي برقم (٣٤) وعند السمعاني برقم (٢٧).

٢٧٠

منهم سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب (١).

وهذا قد روي مرفوعا خرّجه الإمام أحمد بإسناد ضعيف عن عمر بن الخطاب : سمعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، يقول : ـ في حمص ـ «ليبعثنّ الله منها يوم القيامة سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب (٢)» (ق ٥١ / أ).

وخرّج أيضا بإسناد ضعيف عن أنس ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «عسقلان أحد العروسين يبعث الله منها يوم القيامة سبعون ألفا لا حساب عليهم». (٣)

وروينا في" فضائل الشام" للربعي ، عن كعب قال : في مقبرة باب الفراديس يبعث منها سبعون ألف شهيد يشفعون كل إنسان في سبعين (٤).

وفي" مسند الإمام أحمد" من رواية ابن لهيعة ، حدثنا [أبو الحارث ، عن يزيد](٥) ، عن أبي مصعب ، قال : قدم رجل من أهل المدينة شيخ فسألوه فأخبرهم أنه يريد المغرب ، وقال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : «سيخرج ناس إلى المغرب يأتون يوم القيامة وجوههم على ضوء الشمس». (٦)

وقد سبق أن المغرب في كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشام ، وما وراءها إلى مغرب الشمس.

__________________

(١) أخرجه ابن عساكر (١ / ١٢٣).

(٢) أخرجه أحمد (١ / ١٩) بإسناد ضعيف فيه ابن أبي مريم وهو منكر الحديث.

(٣) أخرجه أحمد (٣ / ٢٢٥) وفي إسناده هلال بن زيد أبي عقال وهو متروك الحديث.

(٤) أخرجه الربعي رقم (٨٨).

(٥) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه كما في المسند : الحارث بن يزيد. وانظر ترجمته في التهذيب (٥ / ٣٠٦).

(٦) أخرجه أحمد (٣ / ٤٢٤) وابن لهيعة ضعيف لا يحتج بحديثه.

٢٧١

فصل

وقد ورد في فضل أماكن كثيرة من الشام أشياء لم نذكرها ، لأن الغرض من هذا الكتاب ذكر دمشق وفضلها وحفظها ، ولكن نختم الكتاب بذكر نبذة من" فضائل بيت المقدس" فإنه عين الشام وواسطة عقد النظام ، وقد صنّف العلماء في فضله تصانيف كثيرة وممن أفرد فضله بالتصنيف أبو الفرج بن الجوزي وأبو محمد القاسم بن عساكر (٥١ / ب) ولو استقصينا ما ورد في فضله لطال الكتاب ، وإنما نقتصر على ذكر أعيان الأحاديث المرفوعة في فضله دون الآثار والإسرائيليات ، والله الموفق.

قال الله سبحانه وتعالى في فضله : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ)(١).

وفي" الصحيحين" عن جابر ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «لما كذبني قريش قمت على الحجر فجلى الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه». (٢)

وخرّج مسلم من حديث أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله قط فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم به». (٣)

وفي" صحيح البخاري" عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا

__________________

(١) سورة الإسراء الآية : ١.

(٢) أخرجه البخاري (٣٨٨٦ ، ٤٧١٠) ، ومسلم (١٧٠ / ٢٧٦) كلاهما من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر ـ به.

(٣) أخرجه مسلم (١٧٢ / ٢٧٨) من حديث عبد الله بن الفضل ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ـ به.

٢٧٢

الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ)(١) قال : هي رؤيا عين أريتها (٢) النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليلة أسري به إلى بيت المقدس (٣).

وفي" مسند الإمام أحمد" عن عمر بن الخطاب ، أنه قال لكعب : أين ترى أن أصلي ـ يعني : في بيت المقدس ـ؟ فقال : إن أخذت عني صليت خلف الصخرة فكانت القدس كلها بين يديك ، فقال عمر ـ رضي الله عنه ـ (٥٢ / أ) ضاهيت اليهود ، ولكن أصلي حيث صلّى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتقدم إلى القبلة فصلى (٤).

وخرّج الإسماعيلي في" مسند عمر" ولفظه : أن عمر ، قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد ، ثم دخلت إلى الصخرة التي في بيت المقدس ، فإذا أنا بملك قائم معه آنية ثلاث ...» (٥) وذكر بقية الحديث.

وقد أنكر حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلّى في بيت المقدس ، وقال : لو صلى فيه لكتب عليكم الصّلاة فيه كما كتب عليكم الصّلاة في المسجد الحرام.

ومال إلى قوله طائفة من العلماء ، منهم : أبو بكر الخلال من أصحابنا

__________________

(١) سورة الإسراء الآية : ٦٠.

(٢) كذا بالأصل وهو تحريف وصوابه : أريها.

(٣) أخرجه البخاري (٣٨٨٨) ، (٦٦١٣) من حديث عكرمة عن ابن عباس به.

(٤) أخرجه أحمد (١ / ٣٨) من طريق حماد بن سلمة ، عن أبي سنان ، عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب ، عن عمر ـ به. وأبو سنان هذا قال النسائي فيه : ضعيف وكذا أبو حاتم وغيرهما.

(٥) أخرجه ابن كثير في مسند الفاروق (٢ / ٣٣١) ، الإمام المقدسي في فضائل بيت المقدس (١ / ٨٦) وفي سنده عيسى بن سنان وقد ضعفه النسائي وغيره وفي حديثه نكارة.

وخديجة ـ رضي الله عنها ـ ماتت قبل فرض الصلاة.

٢٧٣

وخالفهم الأكثرون في ذلك.

وفي" الصحيحين" عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، مسجدي هذا ، والمسجد الأقصى». (١)

وفي رواية خرّجها الإمام أحمد : «لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ومسجدي هذا». (٢)

وفي رواية له أيضا ولأبي يعلى الموصلي في" مسنده" : «لا تشدوا رحال المطي إلى مسجد يذكر الله فيه إلا إلى ثلاثة مساجد» (٣) فذكره.

وفي" الصحيحين" عن أبي هريرة (٥٢ / ب) عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي». (٤)

وقد روى هذا الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من رواية جماعة من الصحابة ، والمعنى متقارب ، ولكن في رواية خرّجها الطبراني وغيره ذكر" مسجد الخيف" (٥) بدل : " المسجد الأقصى" ، وليس ذلك

__________________

(١) أخرجه البخاري (١١٩٧ ، ١٨٦٤ ، ١٩٩٥) ومسلم كتاب الحج (٨٢٧ / ٤١٥) من حديث قزعة عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ به.

وأخرجه أحمد (٣ / ٩٣) من طريق شهر بن حوشب عن أبي سعيد ـ به. و (٣ / ٦٤) وأبو يعلى (٢ / ٤٨٩).

(٢) انظر ما تقدم قبله.

(٣) انظر ما تقدم قبله.

(٤) أخرجه البخاري (١١٨٩) ، ومسلم (١٣٩٧ / ٥١١) كلاهما من حديث الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.

(٥) أخرجها الطبراني (٥١١٠) في الأوسط من طريق سريج بن النعمان ، عن حماد بن سلمة ، عن كلثوم بن جبير ، عن خثيم بن مروان ، عن أبي هريرة ـ به وقال الهيثمي

٢٧٤

بمحفوظ.

وكان سفيان بن عيينة يروي حديث أبي هريرة بلفظ : «تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد» ثم يقول : «لا تشد إلا إلى ثلاثة مساجد» سواء كذا رواه الإمام أحمد عنه.

وما قاله ابن عيينة أن اللفظين بمعنى سواء فليس كما قال. وخرّج ابن ماجه والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال «لما فرغ سليمان بن داود ـ عليهما السلام ـ من بناء بيت المقدس سأل الله ثلاثا : حكما يصادف حكمه ، وملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وأن لا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ـ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أما اثنتان فقد أعطياهما وأرجو أن يكون قد أعطي الثالثة». (١)

وروى أبو ذر ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر له الصّلاة في بيت المقدس ـ فقال : «نعم المصلى هو أرض المحشر (٥٣ / أ) والمنشر». (٢)

خرّجه الطبراني والحاكم ، وقال : صحيح الإسناد.

وعن ميمونة مولاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قالت : قلت يا

__________________

في المجمع (٤ / ٤) رواه الطبراني في الأوسط وفيه خثيم بن مروان وهو ضعيف.

(١) أخرجه أحمد (٢ / ١٧٦) والنسائي (٢ / ٣٤) ، وابن ماجة (١٤٠٨) وغيرهم من طرق عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ به.

(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط (٨٢٢٦) والحاكم (٤ / ٥٠٩).

والبزار في مسنده (٩ / ٣٨٢) وقال : وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد ، إلا رجلا حدث به لم يتابع عليه فرواه عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن سعيد بن أبي الحسن ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر.

قلت : سعيد بن بشير هذا لا يحتج بما انفرد به فهو رديء الحفظ فاحش الخطأ يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه كما قال ابن حبان في المجروحين (١ / ٣١٩).

٢٧٥

رسول الله أفتنا في بيت المقدس؟ قال : «أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلّوا فيه ، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره».

قلت : أرأيت إن لم أستطع أن أتحمّل إليه؟

قال : «فتهدي له زيتا يسرج فيه ، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه». (١)

خرّجه الإمام أحمد وابن ماجة.

وخرّجه أبو داود ولم يذكر : فإن الصلاة فيه كألف صلاة في غيره.

وإسناده قوي لأن رواته ثقات ، لكن قد قيل : إن إسناده منقطع ، وفي متنه نكارة.

وقد تأول الأوزاعي آخر الحديث. قال الوليد بن مسلم : ذكر الأوزاعي هذا الحديث ، فقال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن مر بني إسرائيل أن يكثروا في مساجدهم النور ، قال : فظنوا إنما يراد به المصابيح فأكثروها ، وإنما يراد به العمل الصالح.

خرّجه ابن أبي خيثمة.

فحمل الأوزاعي تنويره بكثرة الصّلاة فيه ، والذكر.

ولكن لفظ الحديث يأبى ذلك لمن تأمله ، فإن هذا لا يرسله إليه العاجز عن إتيانه ، والله أعلم.

وروى الواقدي في كتاب" المغازي" : حدثني إبراهيم بن يزيد (٥٣ / ب) هو الخوزي ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : قالت ميمونة زوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إني جعلت على نفسي إن فتح الله عليك

__________________

(١) أخرجه أحمد (٦ / ٤٦٣) وابن ماجة (١٤٠٧) وفي إسناده عثمان بن أبي سودة. قال الذهبي : في النفس شيء من الاحتجاج به ، وقال ابن القطان : لا يعرف حاله.

وأخرجه أبو داود (٤٥٧). وفي سنده سعيد بن عبد العزيز وقد اختلط بآخره فجعله عن زياد بن أبي سودة ، عن ميمونة ، بدون ذكر عثمان بن أبي سودة بين زياد وميمونة ، والصواب أن زيادا سمعه بواسطة أخيه ، كما قاله المزي وغيره.

٢٧٦

مكة أن أصلي في بيت المقدس. فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «لا تقدرين على ذلك يحول بينك وبينه الروم» قالت : آتي بخفير يقبل بي ويدبر. قال : «لا تقدرين على ذلك ، ولكن ابعثي بزيت يستصبح لك به فيه فكأنك أتيتيه». فكانت ميمونة تبعث إلى بيت المقدس كل سنة بمال يشترى به زيت يستصبح به في بيت المقدس حتى ماتت ، فأوصت بذلك (١).

وهذا مرسل ضعيف.

وروى هشام بن [عمارة](٢) : حدثنا أبو الخطاب الدمشقي : حدثنا رزيق الألهاني ، عن أنس ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «صلاة الرجل في بيته بصلاة ، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة ، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة ، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة ، وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة». (٣)

خرّجه ابن ماجه.

وقال الحافظ نصر بن ماكولا : هو حديث منكر ، ورجاله مجهولون.

وقد روي عن أنس نحوه من طرق كلها لا تثبت.

وفي بعضها : «صلاته في المسجد الأقصى بألف صلاة» (٥٤ / أ)

وروى مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، مرفوعا ـ في حديث ذكره ـ : «صلاة الرجل في بيت المقدس بألف صلاة».

__________________

(١) أخرجه الواقدي (٢ / ٨٦٦) وإسناده واه بالإضافة إلى الإرسال ففي سنده إبراهيم بن يزيد الخوزي وهو متروك الحديث متفق على ضعفه.

(٢) كذا بالأصل وهو تصحيف وصوابه : " عمار".

(٣) أخرجه ابن ماجة (١٤١٣) وفيه زيادة : " وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة".

" وقال البوصيري إسناده ضعيف لأن أبا الخطاب الدمشقي لا يعرف حاله. ورزيق فيه مقال ..."

٢٧٧

وهو إسناد ضعيف جدّا.

وروى سعيد بن سالم القدّاح ، عن سعيد بن بشير ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن أم الدرداء ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «فضل الصّلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة ، وفي مسجدي ألف صلاة ، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة». (١)

خرّجه البراز في" مسنده" وقال : إسناده حسن. انتهى.

القدّاح ضعفوه وسعيد فيه لين.

وروى ابن عدي من طريق ابن أبي حيّة الكلبي ـ وفيه ضعف ـ ، عن عثمان بن الأسود ، عن مجاهد ، عن جابر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «الصّلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة ، والصلاة في مسجدي ألف صلاة ، والصلاة في بيت المقدس خمسمائة صلاة». (٢)

وخرّج الإمام أحمد وأبو داود ـ وهذا لفظه ـ وابن ماجه من حديث أم سلمة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : «من أهلّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ووجبت له الجنة». (٣)

شك بعض راويه أيهما قال.

وروى عثمان بن عطاء ، (ق ٥٤ / ب) عن أبي عمران ، عن ذي

__________________

(١) انظر كشف الأستار (٤٢٢).

(٢) أخرجه ابن عدي (٧ / ٢١٣).

(٣) أخرجه أحمد (٦ / ٢٩٩) وأبو داود (١٧٤١) وغيرهما وقال الزيلعي بعد ذكر الحديث من طريقين : أما هذان الأثران فلا يشتغل بهما من له أدنى علم بالحديث ؛ لأن يحيى بن أبي سفيان الأخنسي وجدته حكيمة وأم حكيم بنت أمية لا يدرى من هم ، ولا يجوز مخالفة ما صح بيقين بمثل هذه المجهولات التي لا تصح قط ا. ه نصب الراية (٧ / ٧٦).

٢٧٨

الأصابع ، قال : قلنا يا رسول الله إن بعدك ابتلينا بالبقاء أين تأمرنا؟ قال : «عليك ببيت المقدس فلعله أن تنشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون». (١)

خرّجه عبد الله ابن الإمام أحمد في" المسند".

وأبو عمران هذا شامي ، قال البخاري وأبو أحمد : اسمه سليم. وعثمان ابن عطاء الخراساني فيه ضعف.

وقد اختلف عليه في إسناده ، فرواه عنه ضمرة بن ربيعة ، عن أبي عمران ، عن ذي الأصابع كما ذكرناه.

وخالفه محمد بن شعيب بن شابور فرواه ، عن عثمان بن عطاء ، عن زيادة بن أبي سودة ، أنه حدثه ، عن أبي عمران ، فذكره (٢).

وخرّج الإمام أحمد من حديث جنادة بن أبي أمية : حدثنا رجل من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب وهو يذكر الدجال ، فقال : «يمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ فيها كل منهل لا يقربنّ أربعة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الطور ، ومسجد الأقصى» (٣) وذكر الحديث.

وخرّجه أيضا من حديث سمرة بن جندب ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه ذكر الدجال ، فقال : «إنه سوف يظهر على الأرض كلها إلا الحرم ، وبيت المقدس (٥٥ / أ) فتزلزلوا : زلزالا شديدا ، ثم يهلكه الله عز

__________________

(١) أخرجه أحمد (٤ / ٦٧) ، والطبراني (٤ / ٢٨١) من طريقين وقد اختلف في سنده اختلافا كثيرا.

(٢) هو أحد طريقي الطبراني في الموضع السابق ذكره.

(٣) أخرجه أحمد (٥ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥) من طرق عن مجاهد ، عن جنادة ـ به. وذكره الهيثمي في المجمع (٧ / ٣٤٣) وعزاه لأحمد وقال : رجاله رجال الصحيح.

٢٧٩

وجل» (١) وذكر الحديث بطوله.

وهذا آخر ما وجد بخطّ المصنف عفا الله عنه ،

وغفر له ورحمه ، ورضي عنه ونفع به

آمين

بأصله ما صورته : علقه لنفسه العبد الفقير إلى ربه اللطيف علي بن محمد بن إبراهيم العفيف الحنبلي الجعفري عفا الله عنه وغفر لوالديه ولمشايخه وإخوانه بمنّه وكرمه ، وذلك في رابع عشر من صفر سنة ثمانمائة والحمد لله وحده وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل.

وكان الفراغ من رقم هذه الأحرف البالية باليد الفانية في آواخر شهر جمادى الأولى المنتظم في سلك سنة ثلاث وعشرين وألف من الهجرة المحمديّة على صاحبها الصلاة والسلام.

بأصله ما صورته : وجد أيضا بخط شيخنا المصنف رحمه الله تعالى : قال : قال الخلال في" الجامع" باب كراهية البناء حول سور المدينة : وحدثني أحمد بن محمد بن مطر : ثنا أبو طالب ، قال : سألت أبا عبد الله قال قلت : ثابت كان لا يدع خلف الخندق شيئا كراهية ستر العدو في الرمي والسهام ، فاليوم قد بنوا المساجد والبناء؟ قال : إذا كان هذا ضرر للمسلمين فلا (٥٥ / ب).

حدثنا أبو بكر المروزي ، قال : قيل لأبي عبد الله : قد بنى مروان هذا الخندق وبيوت الروم يتترسون بهذه البيوت يلقونها في الخندق فيسدون

__________________

(١) أخرجه أحمد (٥ / ١٦) وغيره وذكره الهيثمي في المجمع (٧ / ٣٤١) وعزاه لأحمد وقال : رجاله ثقات إلا ثعلبة بن عباد. قلت : وثعلبة هذا مجهول كما في الميزان (١ / ٣٧١).

٢٨٠