تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي
الموضوع : الفقه
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠٧

استظهارا.

ولو سكت المنكر لافة توصل إلى معرفة إقراره أو إنكاره ، ولا يكف المترجم الواحد ، وان كان عنادا حبس حتى يجيب.

الفصل الثالث ـ في الاستحلاف

ولا يجوز بغير أسماء الله تعالى ، ولو كان إحلاف الذمي بدينه أردع جاز.

ويستحب الوعظ والتخويف والتغليظ ، في نصاب القطع (١) فما زاد ، بالقول والمكان والزمان. ويكفى «والله ما له قبلي كذا».

ويمين الأخرس بالإشارة ، ولا يحلف إلا في مجلس القضاء مع المكنة.

واليمين على القطع ، إلا في نفى فعل الغير فإنها على نفى العلم.

ولو ادعى المنكر الإبراء أو الإقباض انقلب مدعيا.

ولا يمين في حد ، ولا مع عدم العلم ، ولا يثبت ما لا لغيره.

وتقبل الشهادة مع اليمين إذا بدأ بالشهادة وعدل ، في الأموال والديون ، لا في الهلال والطلاق والقصاص.

وإذا شهد بالحكم عدلان عند آخر أنفذه الحاكم الثاني ما لم يناف المشروع.

الفصل الرابع ـ في المدعى

ولا بد أن يكون مكلفا مدعيا لنفسه أو لمن له الولاية عنه ما يصح تملكه وله انتزاع العين ، اما الدين فكذا مع الجحد وعدم البينة ومع عدم البذل. ولو ادعى ما لا يد لأحد عليه قضى له به مع عدم المنازع. ويحكم على الغائب مع البينة ويباع ماله في الدين ، ولا يدفع الا بكفيل.

ولو تنازع اثنان ما في يدهما فلهما بالسوية ، ولكل إحلاف صاحبه ، ولو كان في يد أحدهما للمتشبث مع اليمين. ولو كانت في يد ثالث فهي لمن صدقه وللآخر إحلافه ، فإن صدقهما تساويا ولكل إحلاف صاحبه ، وان كذبهما أقرت في يده.

ولو تداعى الزوجان متاع البيت قيل للرجل ما يصلح له وللمرأة ما يصلح لها ،

__________________

(١) أي في نصاب قطع يد السارق : اى ربع دينار.

١٨١

وما يصلح لهما بينهما. وقال في (المبسوط) : إذا لم تكن بينة ويدهما عليه فهو لهما ، ولو تعارضت البينتان قضى للخارج الا ان تشهد بينة المتشبث بالسبب. ولو شهدتا بالسبب فللخارج ، ولو تشبثا قضى لكل بما في يد صاحبه فيكون بينهما بالسوية ، ولو كان في يد ثالث قضى للأعدل فالأكثر عددا ، وان تساويا أقرع فيحلف من تخرجه القرعة ، فإن امتنع أحلف الأخر ، فإن امتنعا قسم بينهما.

الفصل الخامس ـ في صفات الشاهد

وهي ستة : البلوغ ، وكمال العقل ، والايمان ، والعدالة ، وانتفاء التهمة (١) وطهارة المولد.

وتقبل شهادة الصبيان في الجراح مع بلوغ العشر وعدم الاختلاف وعدم الاجتماع على المحرم.

وتقبل شهادة أهل الذمة في الوصية مع عدم المسلمين. ولا تقبل شهادة الفاسق الا مع التوبة ، ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو شريك فيه ، ولا الوصي فيما له الولاية فيه ، وكذا الوكيل ، (٢) ولا العدو ، ولا شهادة الولد على الوالد ، ويجوز العكس ، وتقبل شهادة كل منهما لصاحبه ، وكذا الزوجان.

ولا تقبل شهادة المملوك على مولاه ، وفي غيره قولان. ولو أعتق قبلت له وعليه.

ولو شهد من تحملها مع المانع بعد زواله قبلت.

ولا تقبل شهادة المتبرع (٣) ، ولا شهادة النساء في الهلال والطلاق والحدود ، وتقبل مع الرجال (٤) في الحقوق (٥) والأموال ، وتقبل شهادتهن بانفرادهن في العذرة وعيوب

__________________

(١) التهمة المانعة هي التي يجر الشاهد فيها نفعا الى نفسه كالشريك والأجير والغريم ، وأما ما لا تستلزم نفعا للشاهد فلا تمنع كالصداقة والقرابة والجوار ونحوها ، نعم للخصم أن يجرحه بها فينظر الحاكم فيها ردا أو قبولا.

(٢) في سائر النسخ هنا اضافة : ولا القاذف.

(٣) في حقوق الناس فقط.

(٤) في بعضها : ففي الزنا الموجب للرجم يكفى ثلاثة رجال وامرأتان ، وفي الموجب للجلد رجلان أو أربع نسوة.

(٥) في سائر النسخ : في الحدود. وعلق عليه كاشف الغطاء «قده» يقول : في النسخة الصحيحة :

١٨٢

النساء الباطنة (١) وشهادة القابلة في ربع ميراث المستهل ، وامرأة واحدة في ربع الوصية.

الفصل السادس ـ في بقية مسائل الشهادات

(الاولى) لا يحل للشاهد أن يشهد الا مع العلم ، ولا يكفي رؤية الخطّ مع عدم الذكر وان أقام غيره ، ويكفي في الشهادة بالملك مشاهدته متصرفا فيه.

ويثبت بالسماع (٢) : النسب والملك الطلق والوقف والزوجية.

ولو سمع الإقرار شهد وان قيل له لا تشهد.

(الثانية) لا يجوز للشاهد كتمان الشهادة مع العلم. وانتفاء الضرر غير المستحق (٣) ولو دعى للتحمل وجب على الكفاية ، ولا يشهد على من لا يعرفه إلّا بمعرفة عدلين ، ويجوز له النظر الى وجه امرأة للشهادة.

(الثالثة) تقبل الشهادة على الشهادة في الديون والأموال والحقوق لا الحدود.

ولا يكفي أقل من عدلين على أصل ، ولو شهد اثنان على كل واحد من الأصلين قبلت ، وانما تقبل مع تعذر حضور شاهد الأصل. ولو أنكر الأصل ردت الشهادة مع عدم الحكم ، ولا تسمع الشهادة الثالثة في شي‌ء أصلا.

(الرابعة) إذا رجع الشاهدان قبل الحكم بطل ، وان كان بعده لم ينقض وغرمهما (٤).

ولو ثبت تزويرهما استعيدت العين ، فان تلفت أو تعذر الاستعادة ضمن الشهود.

ولو قال شهود القتل بعد القصاص أخطأنا غرموا ، وان قالوا تعمدنا اقتص منهم أو من بعضهم ويرد (٥) البعض ما وجب عليهم ، فان فضل شي‌ء أتمه الولي ، ولو قال

__________________

في الحقوق.

(١) والولادة والرضاع والحيض.

(٢) في سائر النسخ : بالشياع.

(٣) هذا احتراز عن الضرر المستحق ، كما لو خاف أن يطالبه المشهود عليه بمال له عليه.

(٤) في سائر النسخ هكذا : لم ينقض الحكم وغرما. هذا إذا كانت الشهادة في الحقوق لا الحدود ، وإلا نقض ، واجرى عليهما حد القذف أو عزرا.

(٥) في سائر النسخ هنا اضافة : على ، وهو خطأ ، فكيف يرد على البعض ما وجب عليهم؟ والعجب كيف غفل عنه الكثير.

١٨٣

بعضهم ذلك رد عليه الولي ما يفضل عن جنايته ، واقتص منه ان كان عمدا وأخذ منه ما قابل فعله من الدية ان قال أخطأت.

ولو شهدا بسرقة فقطعت يد المشهود عليه ثم قالا : أوهمنا والسارق غيره ، غرما ـ دية اليد ، ولا يقبل قولهما على الثاني.

(الخامسة) يجب شهرة شاهد الزور وتعزيره بما يراه الامام رادعا.

الفصل السابع ـ في حد الزنا

وهو يثبت بإيلاج فرجه في فرج امرأة ، حتى تغيب الحشفة ، قبلا أو دبرا ، من غير عقد ولا شبهة عقد ولا ملك ، بشرط بلوغه وعقله وعلمه بالتحريم واختياره ، ولو علم التحريم وعقد على المحرم ثبت الحد ، ولو تشبهت الأجنبية عليه حدت دونه ، ولو ادعى الزوجية أو ما يصلح شبهة سقط الحد.

ولو تزوج المعتدة عالما حد مع الدخول ، وكذا المرأة ، ولو ادعى أحدهما الجهالة المحتملة قبل.

ويحد الأعمى مع انتفاء الشبهة المحتملة لا معها.

ويثبت بالإقرار من أهله أربع مرات ، أو بشهادة أربعة رجال عدول أو ثلاثة وامرأتين ، ولو شهد رجلان وأربع نسوة ثبت الجلد دون الرجم ، ولا يقبل رجل واحد مع النساء وان كثرن. ولو شهد أقل من أربعة حدوا للفرية.

ويشترط في الشهادة اتفاقها من كل وجه والمشاهدة عيانا كالميل في المكحلة ، ولو شهدوا بالمضاجعة والمعانقة والتقبيل والتفخيذ ثبت التعزير.

ولو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط ، ولو كان بحد لم يسقط. ولو أقر ثم تاب تخير الامام ، ولو تاب بعد البينة تحتمت الإقامة ، ولو كان قبلها سقط الحد.

ويقتل الزاني بأمه أو بإحدى المحرمات نسبا أو رضاعا أو بامرأة الأب ، أو بالمسلمة إذا كان ذميا ، أو بمن أكرهها عليه ، محصنا كان أو غير محصن عبدا أو حرا مسلما أو كافرا.

أما الزاني بغير المحرمات نسبا أو رضاعا ، فان كان محصنا ـ وهو الذي له فرج مملوك بالعقد الدائم أو الملك يغدو اليه ويروح ـ ويكون عاقلا ، جلد مائة ، ثم رجم ان زنى ببالغة عاقلة ، وان كان بصغيرة أو مجنونة جلد خاصة.

١٨٤

وكذا المرأة المحصنة ترجم بعد الحد ، وإحصانها كإحصان الرجل.

ولو راجع المخالع لم يرجم حتى يطأ ، وكذا العبد إذا أعتق ، والمكاتب إذا تحرر.

ولو زنت المحصنة بصغير حدت ، ولو كان بمجنون رجمت ، وان كان غير محصن جلد مائة سقوط وحلق رأسه وغرب عن البلد (١). وليس على المرأة والمملوك جز ولا تغريب.

فان زنى بعد الحد ثانية تكرر الحد ، وان لم يحد كفى حد واحد ، فان زنى ثالثة بعد الحدين قتل ، وقيل في الرابعة ، وكذا المرأة.

أما المملوك فيجلد (٢) خمسين محصنا كان أو غيره ، وكذا المملوكة ، ويقتل في الثامنة أو التاسعة مع تكرار الحد في كل مرة.

مسائل

(الأولى) للحاكم اقامة الحد على أهل الذمة ، ورفعه الى أهل ملته ليقيموه عليه.

(الثانية) لا يقام الحد على حامل حتى تضع ، ويستغنى الولد ، ولا المريض ولا المستحاضة وترجمان.

ولو اقتضت المصلحة تقديم حد المريض ضرب بضغث فيه مائة سقوط دفعة.

ولا يقام في شدة الحر ولا البرد ، ولا في أرض العدو ، ولا على الملتجئ الى الحرم ، ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقام عليه الحد ، ولو زنى في الحرم حد فيه.

(الثالثة) لو اجتمع الجلد والرجم بدئ بالجلد ، ويدفن المرجوم الى حقويه والمرأة إلى صدرها ، فان فر أحدهما وقد ثبت بالبينة أعيد ، وان كان بالإقرار لم يعد مع اصابة الحجر. ويبدأ الشهود بالرجم ، وفي الإقرار الإمام.

(الرابعة) يجرد للجلد ، ويضرب أشد الضرب ، ويتقى وجهه (٣) وتضرب المرأة جالسة وقد ربطت عليها ثيابها.

__________________

(١) في سائر النسخ هنا اضافة : سنة.

(٢) في سائر النسخ : فيحد.

(٣) في سائر النسخ هنا اضافة : وفرجه.

١٨٥

(الخامسة) من تزوج بأمة على حرة مسلمة فوطأها قبل الاذن كان عليه ثمن حد الزاني ، ومن زنى في زمان شريف أو مكان شريف ضرب زيادة على الجلد (١).

الفصل الثامن ـ في اللواط والسحق والقيادة

يثبت اللواط بما يثبت به الزنا ان أوقب قتل ، أو رجم ، أو ألقي من شاهق ، أو أحرق ، وللإمام إحراقه أو قتله بغيره ، وان كان بصغير أو مجنون.

ولو لاط المجنون أو الصغير بعاقل أدبا ، وقتل العاقل.

ولو ادعى العبد إكراه مولاه قبل والا قتل. ولو لاط الذمي بمسلم قتل وان لم يوقب.

يقتل المفعول مع الإيقاب ، ولو لم يوقب جلد مائة ، حرا كان أو عبدا ، فاعلا أو مفعولا. ولو تكرر الحد قتل في الرابعة.

ويعزر الاجنبيان المجتمعان في إزار واحد مجردين من ثلاثين إلى تسعة وتسعين ، ولو تكرر التعزير حد في الثالثة ، ويعزر من قبل غلاما بشهوة.

ويثبت السحق‌بما يثبت به الزنا ، ويجب فيه جلد مائة على الفاعلة والمفعولة الحرة والأمة سواء ، ولو تكرر الحد قتلت في الرابعة.

ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة كاللواط ولا يسقط بعدها.

وتعزر المجتمعتان تحت إزار واحد مجردتين ، وتحدان لو تكرر التعزير مرتين.

ويحد (٢) القوادخمسا وسبعين جلدة ، ويحلق رأسه ، ويشهر وينفى ، حرا كان أو عبدا مسلما أو كافرا ، ولا جز على المرأة ولا نفى. ويثبت بشاهدين (٣) ، أو الإقرار مرتين.

الفصل التاسع ـ في حد القذف

من قال من المكلفين للبالغ العاقل الحر المسلم المحصن «يا زان» أو «يا لائط» أو «يا منكوحا في دبره» أو «أنت زان» أو «لائط» ، بأي لغة كانت ، مع معرفة القائل

__________________

(١) في سائر النسخ : الحد.

(٢) في سائر النسخ : ويجلد.

(٣) في سائر النسخ هنا اضافة : عدلين.

١٨٦

بالفائدة (١) حد ثمانين جلدة ، حرا كان أو عبدا.

ولو قال لمن اعترف ببنوته «لست بولدي» ، أو قال لغيره «لست لأبيك» ، وجب الحد. ولو قال : «يا بن الزاني أو الزانية» أو «يا بن الزانيين» فالحد للأبوين إذا كانا مسلمين ولو كان المواجه كافرا ، ويعزر لو قال للمسلم : «ابن الكافرة» [أو] «أمك زانية». ولو قال : «يا زوج الزانية» أو «يا أخ الزانية» أو «يا أب الزانية» فالحد للمنسوبة الى الزنا دون المخاطب. ولو قال : «زنيت بفلانة» أو «لاط بك فلان» أو «لطت به» وجب حدان.

ويعزر في كل قول موجب للاستخفاف ، كقوله لامرأته «لم أجدك عذراء» أو «احتلمت بأمك البارحة» أو «يا فاسق» أو «يا شارب الخمر» إذا لم يكن المقول له متظاهرا.

وكذا يعزر قاذف الصبي والمجنون والكافر والمملوك والمتظاهر بالزنا ، والأب إذا قذف ولده.

ولو قذف جماعة ، فان جاؤوا به مجتمعين فعليه حد واحد ، وان جاؤوا متفرقين فلكل واحد حد.

ويثبت القذف بالإقرار مرتين من المكلف ، أو بشهادة عدلين.

ويعزر الصبي والمجنون إذا قذفا.

والحد موروث كالمال ، ولا ميراث للزوجين ، ولو عفى أحد الوراث كان للباقي الاستيفاء على التمام.

ولو تكرر الحد ثلاثا قتل في الرابعة.

ولو تقاذف اثنان عزرا.

ويقتل من سب النبي (عليه‌السلام) أو واحدا من الأئمة (عليهم‌السلام). ويحل لكل سامع قتله مع أمن الضرر ، وكذا يقتل مدعى النبوة ومن قال : لا ادري صدق محمد (عليه‌السلام) وكذبه مع تظاهره بالإسلام أولا ، والساحرإذا كان مسلما ، ويعزر الكافر.

__________________

(١) وان لا يكون قد أفلت منه في حال الغضب أو نحوه ، كما في بعض النصوص كاشف الغطاء (قده)

١٨٧

الفصل العاشر ـ في حد المسكر

من تناول مسكرا وفقاعا أو عصيرا قد غلا قبل ذهاب ثلثيه اختيارا مع العلم بالتحريم والتكليف حد ثمانين جلدة عاريا على ظهره وكتفه ، ويتقى وجهه وفرجه ، بعد الإفاقة ، حرا كان أو عبدا أو كافرا متظاهرا. ولو تكرر الحد ثلاثا قتل في الرابعة.

ولو شرب الخمر مستحلا فهو مرتد ويحد مستحل غيره (١).

ولو باع الخمر مستحلا استتيب ، فان تاب والا قتل ، ويعزر بائع غيره.

ولو تاب قبل قيام البينة سقط الحد ، ولا يسقط بعدها. ولو أقر ثم تاب تخير الامام.

ويثبت بشهادة عدلين ، أو الإقرار مرتين من أهله.

ولو شرب المسكر جاهلا به أو بالتحريم سقط الحد.

ومن استحل ما اجمع على تحريمه كالميتة قتل ، ولو تناوله محرما عزر.

ولا دية لمقتول الحد أو التعزير ، ولو بان فسق الشهود فالدية في بيت المال.

الفصل الحادي عشر ـ في حد السرقة

ويشترط في قطع السارق : التكليف ، وانتفاء الشبهة ، وهتك الحرز ـ وهو المستور بقفل أو غلق أو دفن ـ وإخراج النصاب ـ وهو ما قيمته ربع دينار ذهبا خالصا مضروبا بسكة المعاملة ـ بنفسه سرا.

ومع الشرائط تقطع أصابعه الأربع من يده اليمنى ، فان عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك له العقب ، فان عاد ثالثا خلد السجن ، فان سرق فيه قتل. ولو تكررت السرقة من غير حد كفى حد واحد.

ولو سرق الطفل أو المجنون عزرا ، ولا يقطع العبد بسرقة مال السيد ، ويقطع الأجير والزوج والزوجة والضيف مع الإحراز دونهم. ويستعاد المال من السارق.

ولا يقطع السارق من المواضع المنتابة (٢) كالحمامات والمساجد ، ولا من الجيب

__________________

(١) قال في (شرائع الإسلام) : «واما سائر المسكرات فلا يقتل مستحلها ، لتحقق الخلاف بين المسلمين فيها ، ويقام الحد مع شربها مستحلا ومحرما».

(٢) هي الأمكنة التي يدخل الناس إليها بالنوبة.

١٨٨

والكم الظاهرين ، ولو كانا باطنين قطع (١).

ويقطع سارق الكفن ، وبايع المملوك والحر ، ولو نبش ولم يأخذ عزر. فان تكرر وفات السلطان (٢) قتله.

ويثبت بشهادة عدلين أو الإقرار (٣) مرتين من اهله ، ويكفي في غرم المال المرة وشهادة الواحد مع اليمين. ولو تاب قبل البينة سقط الحد لا بعدها ، ولو تاب بعد الإقرار تخير الإمام.

مسائل

(الاولى) لو سرق اثنان نصابا فالأقوى سقوط الحد عنهما حتى يبلغ نصيب كل واحد النصاب.

(الثانية) قطع السارق موقوف على المرافعة ، فلو لم يرافعه المسروق منه لم يقطع الامام. ولو وهبه أو عفى عن القطع سقط ان كان قبل المرافعة والا فلا (٤).

(الثالثة) لو اخرج النصاب دفعة وجب القطع ، وكذا لو أخرجه مرارا على الأقوى.

(الرابعة) لو سرق الوالد من مال ولده لم يقطع ، ولو سرق الولد قطع (٥).

(الخامسة) يقطع اليمين وان كانت احدى يديه أو هما شلاوين أو لم يكن له يسار (٦) ولو لم يكن له يمين قطعت يساره ، وقيل رجله اليسرى.

__________________

(١) ولا الشريك من شريكه ، وفي بعض النصوص : لا قطع في طير ، ولا رخام ، ولا ثمر ، ولا بيدر إمام جائر ، ولا من بيت المال ، فان له فيه نصيبا.

(٢) في سائر النسخ هنا اضافة : جاز.

(٣) في سائر النسخ هنا اضافة : به. وفي بعض النصوص : إذا كان إقراره بعد الضرب فان جاء بالسرقة قطع ، والا فلا ، لاحتمال ان يكون إقراره لدفع العذاب.

(٤) وفي الخبر : انما الهبة قبل ان يرفع الى الامام ، وذلك قوله تعالى «وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ» فإذا انتهى الى الامام فليس لأحد تركه.

(٥) وفي رواية : لا يقطع ، لان ابن الرجل لا يحجب عن منزل أبيه ، هذا خائن. وكذلك ان أخذ من منزل أخيه أو أخته ان كانا لا يحجبانه عن الدخول ـ كاشف الغطاء (قده).

(٦) وفي بعض النصوص : ان يسراه إذا كانت شلاء لا تقطع يمينه ـ كاشف الغطاء (قده).

١٨٩

الفصل الثاني عشر ـ في حد المحارب وغيره

كل من جرد السلاح للاخافة في بر أو بحر ليلا أو نهارا ، تخير الامام بين : قتله ، وصلبه ، وقطعه مخالفا (١) ، ونفيه. ولو تاب قبل القدرة عليه سقط الحد دون حقوق الناس ، ولو تاب بعدها لم يسقط.

وإذا نفى كتب الى كل بلد بالمنع من معاملته ومؤاكلته ومجالسته الى ان يتوب.

واللص محارب يدفع مع غلبة السلامة ، فإن قتل فهدر.

ومن كابر امرأة على فرجها أو غلاما فلهما دفعه فان قتلاه فهدر.

ومن دخل دار قوم فزجروه فلم ينزجر لم يضمنوا تلفه أو تلف بعض أعضائه.

ويعزر المختلس والمستلب ، والمحتال بشهادة الزور وغيرها ، والمبنج (٢) ، بما يرتدع غيره [به] ويستعاد منه ما أخذه.

مسائل

[الأولى] : إذا وطأ البالغ العاقل بهيمة عزر ، ثم ان كانت مأكولة اللحم حرم لحمها ولحم نسلها ، وتذبح وتحرق ويغرم قيمتها لصاحبها ، ولو اشتبهت قسم القطيع نصفين ثم أقرع ثم قسم الخارج بالقرعة الى ان يقطع إلى واحدة.

ولو كانت غير مأكولة (٣) أخرجت من البلد وبيعت في غيره ، ويغرم قيمتها لصاحبها ان لم يكن له ، ويتصدق بالثمن على رأي.

ويثبت بشهادة عدلين ، أو الإقرار مرتين.

ولو تكرر التعزير قتل في الرابعة.

(الثانية) من زنى بميتة فهو كمن زنى بحية في الحد واعتبار الإحصان ، ويغلظ هاهنا العقوبة ، ولو كانت الميتة زوجة عزر ، ويثبت بأربعة.

__________________

(١) أي اليد اليمنى والرجل اليسرى كقطع السارق من مفصل الأصابع عدا الإبهام. وقد وردت رواية معتبرة فيمن لم يأخذ ما لا ولم يقتل أحدا ولم يجرح ان يقتصر فيه على النفي دون القطع والقتل. نعم لو قتل تعين قتله ـ كاشف الغطاء (قده) بتصرف.

(٢) من البنج معرب بنگ (بالگاف الفارسية) : نبت مسبت مخبط للعقل ـ بديع اللغة.

(٣) في بعض النسخ هنا اضافة «اللحم» ، والمراد بها غير المعدة للأكل وان كانت جائزة الأكل كالخيل والبغال والحمير ، فلا يجرى حكم الذبح والإحراق عليها. ومن هنا يعلم ان اضافة : اللحم غير مقصودة ، لأنها تفيد المعنى المصطلح وهو غير مقصود.

١٩٠

وحكم اللائط بالميت حكم اللائط بالحي ويغلظ عقوبته.

(الثالثة) من استمنى بيده عزر ، ويثبت بشهادة عدلين والإقرار مرة.

(الرابعة) للإنسان الدفع عن نفسه وحريمه وماله ما استطاع. ويجب الأسهل ، فان لم يندفع به انتقل إلى الأصعب. ومن اطلع على قوم فزجروه فلم ينزجر فرموه بحصاة أو عود فجني عليه فهدر.

١٩١
١٩٢

كتاب القصاص [والديات] (١)

وفيه فصول :

[الفصل] الأول

القتل : اما عمد. وهو ان يقصد بفعله الى القتل ، كمن يقصد قتل انسان بفعل صالح له ولو نادرا ، أو يقصد الى فعل يقتل غالبا وان لم يقصد القتل.

واما شبيه عمد. وهو أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده ، كمن يضرب تأديبا فيموت.

واما خطأ محض. بأن يكون مخطئا في الفعل والقصد معا كمن يرمي طائرا فيصيب إنسانا ، وكذا أقسام الجراح.

ويثبت القصاص بالأول مع صدوره من البالغ العاقل ، في النفس المعصومة المتكافئة ، سواء كان مباشرة كالذبح والخنق ، أو تسبيبا كالرمي بالسهم والحجر والضرب المتكرر بالعصا بحيث لا يحتمله مثله ، والإلقاء إلى الأسد فيفترسه ، وكذا لو جرحه فسرت الجناية فمات ، ويدخل قصاص الطرف وديته (٢) في قصاص النفس وديتها. ولو جرحه ثم قتله فان فرق اقتص منهما والا فالنفس.

ولو اكره غيره على القتل اقتص من القاتل ، وكذا لو أمر ، ويخلد الأمر السجن به ، وان كان عبد الأمر.

__________________

(١) ليست في نسخة الأصل.

(٢) في صورة السراية إلى النفس ، يتداخلان.

١٩٣

ولو أمسكه واحد وقتله آخر ونظر ثالث قتل القاتل وخلد الممسك [السجن] وسملت عين الناظر (١).

الفصل الثاني ـ في شرائط القصاص

وهي خمسة :

(الأول) الحرية

إذا كان القاتل حرا ، فلا يقتص من الحر للعبد ، ولا للمكاتب ، ولا لام الولد ، ولا المدبر ، بل يلزمه قيمته يوم قتل (٢) ولا يتجاوز دية الحر ، ولا بقيمة الأمة دية الحرة ، ولا بدية عبد الذمي دية مولاه ، ولا بدية أمته دية الذمية.

ويقتل الحر بمثله ، وبالحرة مع رد نصف الدية ، والحرة بمثلها ، وبالحر ، ولا يؤخذ منها الفضل.

وكذا في قصاص الجراح والأطراف ما لم يبلغ ثلث دية الحر فينتصف دية المرأة ، ويقتص لها من الرجل مع رد الفضل ، وله منها ، ولا رد.

ويقتل العبد بالأمة (٣) والأمة بمثلها وبالعبد.

ولو قتل العبد حرا كان ولى الدم مخيرا بين قتله واسترقاقه ، ولا خيار لمولاه ، ولو جرح اقتص المجروح أو استرقه ان استوعب الجناية قيمته والا فبالنسبة ، أو يباع فيؤخذ من ثمنه الأرش.

ولو كانت الجناية خطأ (٤) فلمولاه أن يفديه بأرش الجناية ، والأقوى : بأقل الأمرين من القيمة وأرش الجناية (٥) ولو قتل مولاه قيد به ان اختار الولي ، ولو قتل عبدا مثله عمدا قتل به ، ولو قتل خطأ للمولى فكه بقيمته أو دفعه ، وله فاضل قيمته عن قيمة

__________________

(١) في (مجمع البحرين) : قضى على عليه‌السلام فيمن رأى المقتول ، ان تسمل عيناه! أي تفقأ بحديدة محماة!

(٢) في سائر النسخ : بل تلزم قيمة عبد يوم قتله.

(٣) في سائر النسخ : العبد بالعبد وبالأمة.

(٤) لا توجد هذه الجملة : «ولو كانت الجناية خطأ» في سائر النسخ ، بل فيها : ولمولاه.

(٥) لا توجد هذه الجملة : «والأقوى بأقل الأمرين من القيمة وأرش الجناية» في سائر النسخ.

١٩٤

المقتول ، ولا يضمن النقص (١).

والمكاتب المشروط أو المطلق الذي لم يؤد شيئا كالقن ، وان كان قد أدى شيئا قيد بالحر لا القن ، بل يسعى في نصيب الحرية ويباع ، أو يسترق في نصيب الرقية.

ولو قتل خطأ فعلى الإمام في نصيب الحرية ، وللمولى الخيار بين فك (٢) الرقية بالأرش أو تسليم الرق للرقية.

ولو قتل الحر حرين قتل بهما.

ولو كان القاتل عبدا ، على التعاقب ، اشتركا (٣) فيه ما لم يحكم به للأول فيكون للثاني (٤).

(الثاني) الإسلام

إذا كان القاتل مسلما ، فلا يقتل مسلم بكافر وان كان ذميا ، بل يعزر ويغرم دية الذمي (٥).

يقتل الذمي بمثله ، وبالذمية بعد رد فاضل ديته ، والذمية بمثلها ، وبالذمي ولا رد.

ولو قتل الذمي مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول ان شاؤوا قتلوه وان شاؤوا استرقوه ، وقيل : يسترق أولاده الصغار أيضا.

ولو أسلم بعد القتل فكالمسلم.

ولو قتل خطأ لزمته الدية في ماله ، فان لم يكن له مال فالعاقلة الامام دون أهله.

__________________

(١) أي ما ينقص من قيمة الجاني عن قيمة المجني عليه.

(٢) في سائر النسخ هنا اضافة : نصيب الرقية.

(٣) ضمير المثنى راجع الى وليي المقتولين.

(٤) سئل الإمام عليه‌السلام عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟ فقال عليه‌السلام هو لأهل الأخير من القتلى ، ان شاؤوا قتلوه ، وان شاؤوا استرقوه لأنه إذا قتل الأول استحقه أولياؤه ، فإذا قتل الثاني استحقه أولياء الثاني وهكذا. وظاهره : أن الحكم للأخير لا للسابق مطلقا ـ كاشف الغطاء (قده) بتصرف.

(٥) وهي نصف دية المسلم : خمسمائة دينار.

١٩٥

(الثالث) أن لا يكون القاتل أبا.

فلا يقتل الأب بالولد بل يؤخذ منه الدية ، ويعزر (١) ويكفر. ولو قتل الولد أباه قتل به ، وكذا الام لو قتلت ولدها قتلت به.

(الرابعة) العقل

فلو قتل المجنون أو الصبي لم يقتلا ، بل أخذت الدية من العاقلة ، لان عمدهما خطأ. ولو قتل البالغ صبيا قتل به ، ولو قتل العاقل مجنونا أخذ منه الدية. الا ان يقصد دفعه فيكون هدرا (٢) ، والأعمى كالمبصر على الأقوى.

(الخامس)

أن يكون المقتول معصوم الدم.

فلو قتل مرتدا أو من أباح الشرع قتله لم يقتل به.

الفصل الثالث ـ في الاشتراك

إذا اشترك جماعة في قتل حر مسلم كان للولي قتل الجميع بعد رد فاضل دية كل واحد عن جنايته عليه ، وله قتل البعض ويرد الآخرون قدر جنايتهم على المقتص منه ، ولو فضل للمقتولين فضل قام به الولي ، وان فضل منهم كان له ، وكذا البحث في الأطراف.

ولو قتلت امرأتان رجلا قتلتا به ولا رد ، ولو كن أكثر قتلن به بعد رد الفاضل عليهن ، وللولي قتل البعض ، وترد الباقيات قدر جنايتهن.

ولو اشترك رجل وامرأة في قتل رجل فللولي قتلهما بعد رد الفاضل على الرجل ، وله قتل الرجل ، وترد المرأة ديتها عليه ، وله (٣) قتل المرأة وأخذ نصف الدية من الرجل.

ولو اشترك عبد وحرفي قتل حر فللولي قتلهما بعد رد نصف الدية على الحر وما يفضل من قيمة العبد عن جنايته على مولاه.

ولو قتل الحر رد السيد عليه نصف الدية ، أو سلم العبد اليه ، ولو زادت قيمته على النصف كان الزيادة للمولى ، ولو قتل العبد رد الحر على المولى ما فضل عن نصف

__________________

(١) وفي الخبر : يضرب ضربا شديدا وينفى من مسقط رأسه.

(٢) بل في معتبرة أبي بصير : تدفع ديته الى ورثته من بيت المال ـ كاشف الغطاء «قده» بتصرف.

(٣) وفي سائر النسخ : ولو قتل المرأة أخذ.

١٩٦

الدية (١) والا كان تمامها لأولياء المقتول.

ولو اشترك عبد وامرأة في قتل الحر فللولي قتلهما ، ولو فضلت قيمة العبد عن جنايته رد الولي على مولاه الفاضل ، وله قتل المرأة واسترقاق العبد ان كانت قيمته بقدر الجناية أو أقل ، والا كان الفاضل لمولاه.

ولو قتل العبد وقيمته بقدر الجناية أو أقل كان للولي أخذ نصف الدية من المرأة ، ولو كانت القيمة أكثر ردت المرأة عليه الفاضل ، فان استوعبت دية الحر والا كان الفاضل لورثة المقتول.

الفصل الرابع ـ فيما يثبت به القتل

وهو ثلاثة :

(الأول) الإقرار. ويكفي المرة من أهله ، ولو أقر بقتله عمدا فأقر آخر أنه الذي قتل ورجع الأول سقط القصاص وكانت الدية على بيت المال ، ولو أقر واحد بقتله عمدا وأقر آخر أنه قتل خطأ كان للولي الأخذ بقول من شاء منهما ولا سبيل له على الآخر.

(الثاني) البينة. وهي عدلان. ويثبت ما يوجب الدية ـ كالخطإ والهاشمة ـ بشاهد وامرأتين ، أو بشاهد ويمين.

(الثالث) القسامة. وهي تثبت مع اللوث (٢) وهو امارة يغلب معها الظن بصدق المدعي ، كالشاهد الواحد. فللولي معه إثبات الدعوى بأن يحلف هو وقومه خمسين يمينا.

ولو لم يكن للمدعي قسامة كررت عليه الايمان ، ولو لم يحلف حلف المنكر خمسين يمينا هو وقومه ، ولو لم يكن له أحد كررت الخمسون عليه ، ولو نكل الزم الدعوى.

والأعضاء الموجبة للدية كالنفس ، ولو نقصت فبالحساب. ولا يثبت اللوث بالفاسق الواحد ولا الصبي ولا الكافر.

ولو أخبر جماعة الفساق أو النساء مع الظن بانتفاء المواطاة ثبت اللوث ، ولو كانوا كفارا أو صبيانا لم يثبت اللوث الا أن يبلغوا حد التواتر.

__________________

(١) في سائر النسخ هنا إضافة : ان كان في العبد فضل ، فان استوعب الدية ، والا.

(٢) أظهر موارد اللوث وجوده قتيلا في دار قوم أو قريتهم أو نحو ذلك.

١٩٧

ولو وجد قتيلا في دار قوم أو محلتهم أو قريتهم كان لوثا ، ولو وجد بين قريتين وهو الى أحدهما أقرب فهو لوث ، ولو تساوت مسافتهما تساويا في اللوث ، ولو وجد في فلاة وجهل قاتله ، أو في عسكر أو سوق فديته على بيت المال ، ومع انتفاء اللوث يكون الدعوى فيه كغيرها من الدعاوي.

الفصل الخامس ـ في كيفية القصاص

قتل العمد يوجب القصاص (١) ولا يثبت الدية إلا صلحا ، وكذا الجراح ، ولا قصاص الا بالسيف (٢) ، ويقتصر على ضرب العنق (٣) ، ولا يضمن سراية القصاص مع عدم التعدي.

ولو كان القصاص لجماعة وقف على الاجتماع. ولو طلب البعض الدية ودفعها القاتل كان للباقي القصاص بعد رد نصيب الآخرين على القاتل ، وكذا لو عفى البعض.

ولو مات القاتل قبل القصاص أخذت الدية من تركته. ولو كان المقتول مقطوع اليد في قصاص أو أخذ ديتها كان للولي القصاص بعد رد دية اليد ، ولو قطعت من غير جناية ولم يأخذ ديتها فلا رد.

ويثبت القصاص في الطرف لكل من يثبت له القصاص في النفس ، ويقتص للرجل من المرأة ولا رد ، وللمرأة من الرجل مع الرد فيما زاد على الثلث.

ويعتبر سلامة العضو ، فلا يقطع الصحيح بالأشل ، ويقطع الأشل بالصحيح إذا كان مما ينحسم. وتساوي المساحة في الشجاج طولا وعرضا لا نزولا بل يعتبر الاسم كالموضحة.

ويثبت القصاص فيما لا تعزير فيه ، ولا قصاص فيما فيه تعزير كالمأمومة (٤)

__________________

(١) للولي ، ولا يجب الثبوت عند الامام ولا اذنه ـ كاشف الغطاء «قده» بتصرف.

(٢) في سائر النسخ هنا اضافة : وشبهه.

(٣) من دون قطعه لانه من المثلة ، الا ان يكون الجاني فعله. ولا يكون الا السيف حتى ولو أحرقه الجاني أو اغرقه ـ كاشف الغطاء (قده).

(٤) المأمومة : الشجة التي بلغت أم الرأس التي تجمع أم الدماغ ، وهي أشد الشجاج ـ المجمع.

١٩٨

والجائفة (١) وكسر العظام. ولا يقتص للذمي من المسلم (٢) ، ولا للعبد من الحر.

ويقطع الأنف الشام بفاقده ، والاذن الصحيحة بالصماء ، ولا يقطع الذكر الصحيح بالعنين ، وتقلع عين الأعور الصحيحة بعين السليم قصاصا وان عمي ، وينتظر بسن الصبي سنة فان عادت فالأرش والا فالقصاص.

والملتجئ الى الحرم يضيق عليه في المطعم والمشرب ليخرج ويقتص منه ، ولو جنى في الحرم اقتص منه فيه.

ولو قطع يد رجل وإصبع آخر اقتص للأول وكان للثاني الدية ، ولو قطع الإصبع أولا اقتص صاحبها ثم صاحب اليد ورجع بدية الإصبع.

الفصل السادس ـ في دية النفس

دية الحر المسلم في العمد : مائة من مسان الإبل (٣) ، أو مائتا بقرة (٤) ، أو مائتا حلة (٥) هي أربعمائة ثوب من برود اليمن ، أو ألف شاة ، أو ألف دينار ، أو عشرة الاف درهم (٦) وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني ، ولا يثبت إلا بالتراضي.

ودية شبيه العمد ، من الإبل : ثلاث وثلاثون بنت لبون ، وثلاث وثلاثون حقة ، واربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل ، أو ما ذكرنا [ه] في مال الجاني. وتستأدى في سنتين.

ودية الخطأ ، من الإبل : عشرون بنت مخاض ، وعشرون ابن لبون ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة. أو ما ذكرنا [ه] من باقي الأصناف. وتؤخذ من العاقلة في ثلاث سنين.

ودية المرأة : النصف من ذلك.

ودية الذمي : ثمان مائة درهم. والذمية أربع مائة درهم.

__________________

(١) التي تبلغ الجوف ـ المجمع.

(٢) الا ان يعتاد المسلم ذلك فيقتل به صاغرا ـ كاشف الغطاء (قده) بتصرف.

(٣) وهي ما دخل في السنة السادسة.

(٤) في سائر النسخ هنا اضافة : مسنة ، وهي ما دخل في الثالثة.

(٥) الحلة : بردان : رداء وإزار من نوع واحد.

(٦) والتخيير للقاتل.

١٩٩

ودية العبد : قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فيرد إليها. ودية الأمة قيمتها فان تجاوزت دية الحرة ردت إليها.

ودية الأعضاء بنسبة القيمة ، فكل ما في الحر كمال ديته ففي العبد كمال قيمته ، لكن ليس للمولى المطالبة بها الا بعد دفع العبد إلى الجاني ، وما فيه دونه بحسابه ، وما لا تقدير فيه ففيه الأرش.

وجناية العبد تتعلق برقبته لا بالمولى ، لكن له فكه بأرش الجناية.

الفصل السابع ـ فيما يوجب ضمان الدية

وهو اثنان :

(الأول) المباشرة. بأن يقع التلف من غير قصد ، كالطبيب يعالج فيتلف المريض بعلاجه (١) والنائم إذا انقلب على غيره فمات ، ومن حمل على رأسه متاعا فأصاب غيره ، وكسر المتاع فإنه يضمنها ، ولو وقع على غيره من علو فمات ضمن ديته ، ولو أوقعه غيره فالدية على الدافع.

ولو اشترك ثلاثة في هدم حائط فوقع على أحدهم فمات كان على الباقين ثلثا ديته. ولو أخرج غيره من منزله ليلا ضمنه الا أن تقوم البينة بموته أو بقتل غيره له.

(الثاني) التسبيب. كمن حفر بئرا في غير ملكه فوقع فيها إنسان ، أو نصب سكينا أو طرح المعاثر في الطريق ، ولو كان ذلك في ملكه لم يضمن. ولو دخل دار قوم بإذنهم فعقره كلبهم ضمنوا جنايته ، ولو كان بغير اذن فلا ضمان.

ومن ركب دابة ضمن ما تجنيه بيديها ، وكذا لو قادها ، ولو وقف بها ضمن جنايتها بيديها ورجليها ، وكذا لو ضربها غيره فالدية على الضارب ، ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان ، ولو كان صاحبها معها ضمن دون الراكب ، ولو ألقت الراكب ضمن المالك ان كان بتنفيره والا فلا.

ولو اجتمع المباشر والسبب كان الضمان على المباشر.

__________________

(١) وفي الخبر المشهور : من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه. والا فهو ضامن ـ كاشف الغطاء (قده).

٢٠٠