جامع المقدّمات

جمع من العلماء

جامع المقدّمات

المؤلف:

جمع من العلماء


المحقق: الشيخ جليل الجراثيمي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-470-030-9
الصفحات: ٦٣٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

الفعل فالاسم منه متحرّك العين أي يتحرّك عين فعله في الجمع نحو : تمرات ( بفتح الميم ) في تمرة ، والصفة مبقات العين أي يبقى عين فعلها على السكون نحو : ضَخْمات ( بسكون الخاء ) في ضخْمة وهي الغليظة وذلك للفرق بين الاسم والصفة ولم يفعل بالعكس لأنّ الصفة ثقيلة لكثرة الاستعمال وهي بالسكون أولى وأمّا معتلّ العين من فعلة فعلى السكون أي يبقى عين فعله على السكون في وقت الجمع وإن كان اسماً واويّاً كان أو يائيّاً كبيضات في بيضة ، وجوزات في جوزة وذلك للفرق بين المصحّح والمعتلّ ولم يفعل بالعكس لأنّ الخفّة بالمعتلّ أولى.

قال : وفواعل يجمع عليه فاعل اسماً نحو : كواهل أو صفة إذا كان بمعنى فاعلة نحو : حوائض وطوالق ، وفاعلة اسماً أو صفة نحو : كواثب وضوارب وقد شذّ نحو : فوارس.

أقول : وزن فواعل إنّما يجمع عليه كلّ كلمة تكون على وزن فاعل إذا كان اسماً نحو : كواهل في كاهل ـ وهو ما بين الكتفين ـ أو صفة إذا كان ذلك الفاعل بمعنى فاعلة نحو : حوائض وطوالق في حائض وطالق إذا كانتا بمعنى حائضة وطالقة. ويجمع أيضاً على وزن الفواعل كلّ كلمة تكون على وزن فاعلة سواء كانت اسماً نحو : كواثب في كاثبة ـ وهي ما يقع عليه يد الفارس من عنق الفرس ـ أو صفة نحو : ضوارب في ضاربة ، وقد شذّ نحو : فوارس في جمع فارس لأنّ فاعل الصفة إذا لم يكن بمعنى فاعلة فالقياس أن يجمع على وزن فُعَّل أو فُعّال أو فَعَلَة كَجُهَّل وجُهّال وجَهَلَة ، وإنّما قال : نحو فوارس لأنّه قد جاء غير هذا اللفظ مثل هوالك في هالك ونواكس في ناكس وهو الّذي يخفض رأسه.

* * *

٥٠١

قال : ويجمع الجمع نحو : أكالب وأساور وأناعيم وَرجالات وجمالات.

أقول : قد يجمع الجمع للمبالغة والتكثير نحو : أكالب في أكلب جمع الكلب وأساور في أسْورة جمع سوار وهو ما تضع المرأة في يدها من الحليّ ، وأناعيم في أنعام جمع نعم وهو ما يرعى من الحيوان ورجالات في رجال جمع رجل وجمالات في جمال جمع جمل وهو المذكّر من الإبل.

واعلم أنّ الفرق بين الجمع وجمع الجمع أنّ الجمع إنّما يدلّ على آحاد كلّ واحد منها يكون فرداً من ذلك الجنس وجمع الجمع يدلّ على جموع كلّ واحد منها يشتمل على أفراد من ذلك الجنس فالجموع في جمع الجمع بمنزلة الآحاد في الجمع فإذا قيل : أكلب فالمراد أفراد الكلب فإذا قيل : أكالب فالمراد جموع من الكلب ولذلك قيل أنّ جمع الجمع لا يطلق على أقلّ من تسعة من أفراده كما أنّ الجمع لا يطلق على أقلّ من ثلاثة.

قال : المعرفة والنكرة.

فالمعرفة ما دلّ على شيء بعينه وهو على خمسة أضرب : العلم والمضمر ، والمُبْهم وهُوَ شيئان : (أسماء الإشارة والموصولات) ، والمعرّف باللام ، والمضاف إلى أحدها إضافة حقيقيّة.

والنكرة ما شاع في اُمّته نحو : جاءني رجل ، وركبت فرساً.

أقول : لمّا فرغ من الصنف السابع شرع في الصنف الثامن والتاسع ، أعني المعرفة والنكرة ، فقال : المعرفة ما دلّ على شيء بعينه ، وقد عرفته في أوّل الكتاب ، والمعرفة على خمسة أضرب :

العلم ، والمضمر ، والمبهم ، والمضاف إلى أحدها ـ وقد ذكرت ـ والمعرّف باللام سيجيء ، وقيّد المضاف بقوله : إلى أحدها أي إلى أحد المذكورات لأنّ الإضافة إلى غير المعارف لا توجب التعريف بل توجب

٥٠٢

التخصيص مثل : غلام رجل. وقيّد بقوله : إضافة حقيقيّة أي معنويّة لأنّ الإضافة اللفظيّة لا تفيد التعريف بل توجب التخفيف كما مرّت.

وقال : النكرة ما شاع في اُمّته نحو : جاءني رجل ، وركبت فرساً ، وقد عرفت معناها أيضاً ، وشاع أي انتشر في اُمّته أي في أفراده ، فإنّ رجلاً وفرساً منتشر شامل لكلّ واحد من أفراد الرجال والأفراس على البدليّة وإنّما مثّل بمثالين لأنّ أحدهما من ذوي العلم والثاني من غيره.

قال : المذكّر والمؤنّث المذكّر : ما ليس فيه تاء التأنيث والألف المقصورة والألف الممدودة ، والمؤنّث : ما فيه إحداهنّ كغرفة وحبلى وحمراء.

أقول : لمّا فرغ من الصنف الثامن والتاسع شرع في الصنف العاشر والحادي عشر أعني المذكّر والمؤنّث ، فعرّف المذكّر بأنّه اسم ليس فيه تاء التأنيث والألف المقصورة والممدودة كرجل ، والمؤنّث بأنّه اسم فيه إحداهنّ أي التاء كغرفة ، أو الألف المقصورة كحبلى أو الممدودة كحمراء.

قال : التأنيث على ضربين : حقيقيّ : كتأنيث المرأة والحبلى والناقة ، وغير حقيقيّ : كتأنيث الظلمة والبشرى.

أقول : التأنيث على ضربين : حقيقيّ ، وغير حقيقيّ لأنّ المؤنّث لا يخلو من أن يكون لها مذكّر من الحيوان بإزائه أو لا فإن كان فهو الحقيقيّ كتأنيث المرأة والحبلى والناقة فإنّ لها الرجل والجمل وإن لم يكن لها مذكّر من الحيوان فهو غير حقيقي كتأنيث الظلمة والبشرى وهي البشارة.

قال : والحقيقي أقوى ولذلك امتنع جاء هند ، وجاز طلع الشمس ، فإن فصل جاز نحو : جاء اليوم هند ، وحسن طلع اليوم الشمس.

٥٠٣

أقول : التأنيث الحقيقيّ أقوى من التأنيث الغير الحقيقيّ لوجود معنى التأنيث فيه بخلاف الغير الحقيقيّ فإنّه إنّما يقال له التأنيث لوجود علامة التأنيث في لفظه ولأجل أنّ الحقيقيّ أقوى امتنع أن يقال : جاء هند بتذكير الفعل المسند إلى هند الّتي هي المؤنّث الحقيقيّ لأنّ المطابقة بين الفعل والفاعل المؤنّث الحقيقيّ في التأنيث واجب ، وجاز في غير الحقيقي نحو : طلع الشمس لضعف تأنيثه.

فإن فصل بين الفعل والفاعل المؤنّث بشيء جاز ترك التاء في الحقيقيّ نحو : جاء اليوم هند لضعفه بالفاصلة مع أنّ عدم الترك أولى ، وحسن الترك في غير الحقيقي نحو : طلع اليوم الشمس لزيادة ضعفه مع أنّ عدم الترك جائز.

قال : هذا إذا اُسند الفعل إلى ظاهر الاسم المؤنّث أمّا إذا اُسند إلى ضميره تعيّن إلحاق العلامة نحو : الشمس طلعت.

أقول : جواز ترك التاء في الفعل المسند إلى المؤنّث إنّما هو إذا اُسند ذلك الفعل إلى ظاهر ذلك الاسم المؤنّث. وأمّا إذا اُسند الفعل إلى ضمير الاسم المؤنّث تعيّن إلحاق العلامة ـ أي التاء ـ بفعله سواء كان مؤنّثاً حقيقيّاً أو غير حقيقيّ ، وذلك لأنّه لو لم يلحق التاء لتوهّم أنّ الفاعل مذكّر يجيء من بعد نحو : الشمس طَلَعَتْ ، فلا يجوز الشمس طلع كما مرّ. وإذا لم يجز في غير الحقيقيّ ففي الحقيقيّ أولى ولذلك اقتصر في المثال على غير الحقيقيّ.

قال : والتاء تقدّر في بعض الأسماء نحو : أرض ونعل بدليل اُريضة ونُعيلة.

أقول : تاء التأنيث قد تكون مقدّرة في بعض الأسماء المؤنّثة نحو : أرض ونعل ، فإنّ التاء فيهما مقدّرة بدليل تصغيرهما على اُريضة ونُعيلة فإنّ التاء

٥٠٤

الّتي تظهر في المصغّر تدلّ على أنّ المكبّر مؤنّث وهذا الدليل إنّما يكون في الثلاثي لا في الرباعي ، ومن الدلائل المشتركة بينه وبين غيره تأنيث الفعل كقوله تعالى : «وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا» (١) و «وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ» (٢) والصفة كقوله تعالى : «فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ» (٣) و «وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ» (٤) والإشارة كقوله تعالى : «هَـٰذِهِ النَّارُ الَّتِي» (٥) و «قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي» (٦) والإضمار كقوله تعالى : «وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا» (٧) و «وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا» (٨) والخبر كقوله تعالى : «يَدُ اللَّـهِ مَغْلُولَةٌ» (٩) و «إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ» (١٠) والحال كقوله تعالى : «وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً» (١١) وقولنا : سقتنا السماء ممطرة.

قال : وممّا يستوي فيه المذكّر والمؤنّث فعول وفعيل بمعنى مفعول نحو : حلوب وقتيل وبغيّ وجريح.

أقول : من الأسماء الّتي يستوي فيه المذكّر والمؤنّث فعول كحَلوب وبغيّ فإنّه يقال رجل حلوب وبغيّ أي حالب وباغٍ بمعنى زانٍ وامرأة حلوب وبغيّ أي حالبة وباغية بمعنى زانية. وأصل بغيّ بغوي قلبت الواو ياءً واُدغمت الياء في الياء وكسر ما قبلها. وفعيل بمعنى مفعول كقتيل وجريح فإنّه يقال رجل قتيل وجريح أي مقتول ومجروح ، وامرأة قتيل وجريح أي مقتولة ومجروحة ، وإنّما قال في الفعيل بمعنى المفعول لأنّه إذا كان بمعنى الفاعل يجب إلحاق التاء في المؤنّث نحو : امرأة قتيلة وجريحة أي قاتلة وجارحة ،

____________________________

(١) الزلزلة : ٢.

(٥) الطور : ١٤.

(٩) المائدة : ٦٤.

(٢) النازعات : ٣٦.

(٦) يوسف : ١٠٨.

(١٠) الانشقاق : ١.

(٣) الغاشية : ١٢.

(٧) الذاريات : ٤٨.

(١١) الأنبياء : ٨١.

(٤) البروج : ١.

(٨) الذاريات : ٤٧.

٥٠٥

وإنّما قلنا أنّ قوله بمعنى المفعول قيد في الفعيل لا قيد في الفعول لأنّ مذهب المصنّف أنّ فعولاً لا يكون إلّا بمعنى الفاعل وهو الحقّ.

قال : وتأنيث الجموع غير حقيقيّ ولذلك قيل : فعل الرجال ، وجاء المسلمات ومضى الأيّام.

أقول : النحويّون اصطلحوا أنّ كلّ جمع مؤنّث إلّا جمع المذكّر السالم أمّا تأنيث غيره فلأنّه في معنى الجماعة فإنّ قولنا : الرجال والمسلمات والأيّام بمعنى جماعة الرجال ، وجماعة المسلمات ، وجماعة الأيّام ، وأمّا تذكيره فلسلامة بناء المفرد فيه فقال : تأنيث الجموع غير حقيقيّ لأنّ الجماعة ليست ممّا في إزائها مذكّر من الحيوان ولأجل أنّ تأنيث الجموع غير حقيقيّ قيل : فعل الرجال ، وجاء المسلمات ، ومضى الأيّام بترك التاء في الأفعال المسندة إلى هذه الجموع. وإنّما مثّل بثلاثة أمثلة ليعلم أنّ تأنيث الجموع غير حقيقيّ سواء كان مفردها مؤنّثاً حقيقياً أو مذكّراً حقيقيّاً أو غير حقيقيّ.

قال : وتقول في الضمير : الرجال فعلوا وفَعَلت ، والمسلمات جئنَ وجاءت والأيّام مَضَيْن ومَضَتْ.

أقول : لمّا بيّن حكم الفعل المسند إلى ظاهر الجموع أراد أن يبيّن حكم الأفعال المسندة إلى ضميرها فقال : وتقول إلى آخره يعني الضمير إذا كان لجمع المذكّر العاقل يجوز أن يؤتى به جمعاً مذكّراً على الأصل نحو : الرجال فعلُوا أو مفرداً مؤنّثاً لكونه في معنى الجماعة نحو : الرجال فَعَلَت ، وإذا كان لجمع المؤنّث العاقل يجوز أن يؤتى به جمعاً مؤنّثاً على الأصل نحو : المسلمات جئن أو مفرداً مؤنّثاً لكونها بمعنى الجماعة نحو : المسلمات

٥٠٦

جاءت ، وكذلك إذا كان لجمع المذكّر الغير العاقل نحو : الأيّام مضين ومَضَت.

قال : ونحو : النخل والتمر ممّا يفرق بينه وبين واحده بالتاء يذكّر ويؤنّث.

أقول : أسماء الأجناس إذا اُطلقت واُريد بها الجنس فلا يدخلها التاء وإذا اُطلقت واُريد بها واحد من ذلك الجنس يدخلها التاء فأراد أن يشير إلى حكم ذلك الجنس في التذكير والتأنيث فقال : ونحو النخل والتمر من أسماء الأجناس الّتي يفرق بين جنسها وبين الواحد من جنسها بالتاء يذكّر ويؤنّث فإنّ النخل والتمر إنّما يقال للجنس والنخلة والتمرة للواحد منه ويجوز في الصفة الّتي للجنس التذكير والتأنيث أمّا التذكير فلأنّ اللفظ مذكّر وأمّا التأنيث فلأنّهما بمعنى جماعة النخل وجماعة التمر وقد ورد في القرآن والأمثلة قال الله تعالى : «كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ» (١) و «أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ» (٢) ويقال : تمر طيّب وتمرٌ طيّبة.

قال : المصغّر وهو ما ضمّ أوّله وفتح ثانيه وزيد قبل ثالثه ياء ساكنة.

أقول : لمّا فرغ من الصنف العاشر والحادي عشر شرع في الصنف الثاني عشر أعني المصغّر ، فعرّفه بما عرّفه وهذا التعريف إنّما هو للمتمكّن من الأسماء المصغّرة وإنّما قال ضمّ أوّله لأنّه فرع للمكبّر كالمبنيّ للمفعول فرع للمبنيّ للفاعِل فكما أنّ أوّل ذلك مضموم ضمّ أوّل هذا وإنّما فتح ثانيه لأنّه ربّما لا يحصل الفرق بين المصغّر والمكبّر بضمّ أوّله نحو : قفل وإنّما زيدت الياء لأنّه قد لا يحصل الفرق أيضاً بدونها كما في صُرَد بضمّ الصاد

____________________________

(١) الحاقّة : ٧.

(٢) القمر : ٢٠.

٥٠٧

وفتح الراء اسم لطائر وإنّما خصّت الزيادة بحرف اللين لكونها أخفّ من غيره وبالياء لكونها أخفّ من الواو ، وإنّما لم يزد الألف مع أنّها أخفّ من الياء لأنّها زيدت في الجمع المكسّر الّذي بينه وبين المصغّر مؤاخاة بحيث يتغيّر بناء الواحد فيهما كرجال ورجيل فإنّ التكسير والتصغير متناسبان في التغيير ، وإنّما لم يفعل بالعكس لأنّ الألف أخفّ وجمع التكسير أثقل ، وإنّما زيدت الياء ثالثة لأنّها إن كانت في الأوّل يلتبس بالمضارع وبين الأوّل وبين الثاني يلزم تحريكها وفي الآخرة يلتبس بياء الإضافة فلمّا تعيّنت في الثلاثي حمل الباقي عليه ، وإنّما كانت ساكنة لئلّا تنقلب ألفاً.

قال : وأمثلته فُعَيْل كفُلَيْس وفُعَيْعِلْ كدُرَيهِم وفُعَيعيل كدُنَيْنير.

أقول : أمثلة المصغّر فعيل في الثلاثي المجرّد كفُلَيْس في فلس ، وفُعَيْعِل في الرباعي بلا مدّ كدُرَيْهم في درهم ، وفُعَيْعيل في الخماسي مع مدّة كدنينير في دينار فإنّ أصله دِنْنارٌ بنونين قلبت الاُولى ياء فردّ في التصغير إلى أصله وقلبت ألفه ياء لكسرة ما قبلها.

قال : وقالوا : اُجَيْمال وحُميراء وسكيران وحُبَيْلى للمحافظة على الألفات.

أقول : كأنّه جواب عن سؤال مقدّر وتقديره أن يقال لِمَ لمْ يكسر ما بعد ياء التصغير في الأمثلة المذكورة حتى ينقلب ألفاتها ياء لكسرة ما قبلها كما في دينار جوابه أنّهم قالوا : اُجَيْمال إلى آخره على خلاف القياس محافظة لألفاتها فإنّها لو انقلبت ياء انتفت معانيها المقصودة أعني الجمعيّة في اُجَيْمال ، والتأنيث في حميراء وحُبَيْلى والتذكير في سُكيران.

قال : وتقول في ميزان وباب وناب وعصاً مويزين وبُوَيْب ونُيَيْب وعُصَيَّة ،

٥٠٨

وفي عدة وُعيد ، وفي يد يُدَيَّة ، وفي سَهْ سُتَيْهَة ترجع إلى الأصل.

أقول : كلّ اسم غيّر من أصله بالقلب أو الحذف يجب أن يرجع إلى الأصل عند التصغير إن لم يبق ما يقتضي تغييره ، أمّا القلب فتقول في تصغير ميزان مُوَيْزين بردّ يائه إلى الواو ، وفي تصغير باب وناب بُوَيْب ونُيَيْب بردّ ألفهما إلى الواو والياء ، وفي تصغير عصاً عُصَيَّة بردّ ألفها إلى الواو ثمّ قلبها ياء وإدغامها في ياء التصغير لأنّ أصل ميزان مِوْزان من الوزن قلبت واوه ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، وأصل باب وناب وعصاً بَوَب ونَيَب وعَصَوٌ قلبت الواو والياء ألفاً لتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما فلمّا زال في التصغير ما يقتضي هذه التغييرات وجب أن يرجع كلّ واحد من المغيّرات إلى أصله ، والناب سنّ من الأسنان.

وأمّا الحذف فتقول في تصغير عدة وعَيْداً بردّ واوه الّتي حذفت وعوّضت عنها التاء ، وفي تصغير يد يُديّة بردّ لامه المحذوفة وإدغامها في ياء التصغير ، وفي تصغير سهٍ سُتَيْهة بردّ عينه المحذوفة لأنّ أصل عِدة وعِدْ فنقلت كسرة فائه إلى العين وحذفت الفاء للتخفيف ثمّ عوّضت التاء عنها. وأصل يد يَدَى على وزن فَعَل حذفت لامه على خلاف القياس ، وأصل سَهْ سَتَه وهو الْإسْت حذفت عَيْنه على خلاف القياس فلمّا زال مقتضى الحذف وجب ردّ المحذوف إلى أصله ، وإنّما مثّل بثلاثة أمثلة ليعلم أنّ ردّ المحذوف واجب سواء كان فاءً أو عيناً أو لاماً ، وإنّما حذف تاء عدة في التصغير لئلّا يجتمع العوض والمعوّض عنه فإنّها عوض من الواو كما مرّ ، وإنّما أتى بالتاء في عصيّة ويديّة وسُتَيْهة لأنّها مقدّرة فيها فيجب أن تظهر في التصغير كما سيجيء بُعيَد هذا.

قال : وتاء التأنيث المقدّرة في الثلاثي تثبت في التصغير إلّا ما شذّ من نحو :

٥٠٩

عُرَيْب وعُرَيس ، ولا تثبت في الرباعيّ كقولك : عُقَيْربٌ إلّا ما شذّ من نحو : قُدَيديمةٌ ووُرَيئة.

أقول : لا فرق في ذلك بين المؤنّث الحقيقي وغيره فتقول : هُنَيْدة في هند ، والشميسة في الشمس ، وذلك لأنّ التصغير كالصفة فكما أنّه يجب تأنيث صفة المؤنّث نحو : هند المليحة ، والشمس المضيئة فكذا يجب تأنيث مصغّره ، والعُرَيْب تصغير العرب ، والعريس تصغير العرس بكسر العين وهي امرأة الرجل وكان قياسهما عُرَيبَة وعُرَيْسة. وإنّما لا تثبت في الرباعي لطوله سواء كان حقيقيّاً كَزُيَيْنِبْ في زَيْنب أو غيره كعُقريب في عقرب ، والقديديمة تصغير قدّام والوريئة تصغير وراء.

قال : وجمع القلّة يحقّر على بنائه نحو : اُكيلب واُجَيْمال ، وجَمع الكثرة يُردّ إلى واحده ثم يُصغّر ثمّ يجمع جمع السلامة نحو : شويعرون ومُسَيْجدات في شعراء ومساجد أو إلى جمع قلّته إن وجد نحو : غليمة في غلمان وإن شئت قلت غليّمون.

أقول : لمّا تناسب التصغير والقلّة جاز أن يحقّر أي يصغّر جمع القلّة على بنائه نحو : اُكيليب في أكلب واُجيمال في أجمال واُغيلمة في اغلمة وغليمة في غلمة ، ولمّا لم يكن الكثرة والتصغير متناسبين وجب أن يردّ جمع الكثرة في التحقير إمّا إلى واحده إذا لم يوجد له جمع قلّة ويجب أن يجمع بعد التصغير بالواو والنون أو بالألف والتاء على ما يقتضيه القياس ليصير جمع السلامة كالعوض من جمع الكثرة نحو : شُوَيْعرُونَ في شعراء فإنّه ردّ إلى شاعر ثمّ صغّر على شُوَيْعر ثمّ جُمع ، ونحو : مسيجدات في مساجد فإنّه ردّ إلى مَسجد ثمّ صغّر ثمّ جمع. وإمّا إلى جمع قلّة إن وجد له جمع قلّة نحو : غليمة في غلمان فإنّه ردّ إلى غلمة ثمّ صغّر ويجوز أن يردّ هذا أيضاً إلى

٥١٠

واحده كالّذي ليس له جمع قلّة وأشار إلى ذلك بقوله : وإن شئت قلت غليّمون ، أي وإن شئت قلت غليّمون في غلمان بردّه إلى غلام وتصغيره ثمّ جمعه جمع السلامة والحاصل أنّ جمع الكثرة إن لم يوجد له جمع قلّة يجب ردّه إلى الواحد ثمّ جمعه جمع السلامة وإن وجد يجوز الردّ إلى جمع القلّة من غير تغيير آخر أو إلى الواحد ثمّ جمعه جمع السلامة.

قال : وتحقير الترخيم وهو أن يحذف منه زوائد الاسم نحو : زهير وحُرَيْث في أزهر وحارث.

أقول : ومن التحقير نوع يسمّى تحقير الترخيم وهو أن يحذف زوائد الاسم ثمّ يصغّر نحو : زهير في أزهر بحذف الهمزة ، وحريث في حارث بحذف الألف.

قال : وتقول في ذا وتا ذَيّا وتَيّا ، وفي الّذي والّتي اللَّذيّا واللَّتيّا.

أقول : لمّا خالفت الأسماء الغير المتمكّنة الأسماء المتمكّنة ناسَبَ أن تصغّر على خلاف تصغيرها فيبقى أوائلها على الفتح ويزاد قبل آخرها ياء وبعده ألف وتقلب ألفاتها ياء وتدغم وذلك في المفرد فتقول في ذاوتا ذَيّا وتيّا بتشديد الياء لأنّه إذا زيدت قبل الآخر ياء وبعده ألف يجتمع ألفان فتقلب الاُولى ياء وتدغم ، وتقول في الّذي والّتي اللَّذَيّا واللَّتيّا بتشديد الياء أيضاً لأنّه إذا زيدت قبل الآخر ياء وبعده ألف يجتمع ياءان فتدغم.

قال : المنسوب وهو الملحق بآخره ياء مشدّدة للنسبة إليه.

أقول : لمّا فرغ من الصنف الثاني عشر شرع في الصنف الثالث عشر أعني المنسوب فعرّفه بما عرّفه وإنّما احتاجت النسبة إلى زيادة حرف لأنّها معنى

٥١١

حادث كالتثنية والجمع فلا بدّ لها من علامة تدلّ عليها وإنّما تعيّنت الياء لأنّها من حروف اللين ، وإنّما لم يزد الواو لأنّ الياء أخفّ من الواو ، وإنّما لم يزد الألف مَعَ أنّها أخفّ من الياء لأنّ النسبة في معنى الإضافة فإنّ قولنا : رجل بغداديّ في معنى رجل مضاف إلى بغداد والياء قد تقع مضافاً إليها نحو : غلامي ، وإنّما شدّدت الياء لئلّا يلتبس بياء الإضافة وإنّما خصّوا بالآخر قياساً على ياء الإضافة ، والألف واللّام في الملحق بمعنى الّذي وهو عبارة عن الاسم فيكون بمنزلة الجنس أي الاسم الّذي اُلحق بآخره ياء ، وبقوله اُلحق بآخره ياء يخرج ما لم يلحق بآخره شيء أو اُلحق غير الياء كرجل ورجلان ، وبقوله مشدّدة يخرج نحو : غلامي ، وبقوله للنسبة إليه يخرج نحو : كرسيّ وفائدة النسبة فائدة الصفة.

قال : وحقّه أن يحذف منه تاء التأنيث ونون التثنية والجمع كبصريّ وزيديّ وقنّسريّ.

أقول : وحقّ المنسوب أن يحذف من المنسوب إليه تاء التأنيث إن كانت فيه نحو : بصريّ في بصرة لئلّا يقع علامة التأنيث في الوَسَط ، وأن يحذف زيادة التثنية والجمع نحو : زيديّ في زيدان وزيدين وزيدون لئلّا يلزم إعرابان في اسم واحد أحَدهما الإعراب بالحروف والآخر بالحركة ، وكذا قنّسريّ بتشديد النون في قنّسرين لأنّ نونه مشابه لنون الجمع اسم بلدة بالشام.

قال : وأن يقال في نحو : نمر ودئل نمريّ ودئليّ.

أقول : وحقّ المنسوب أن يقال في نحو : نمر ودئل بكسر العين اسم لقبيلتين نمريّ ودئليّ بفتح العين لئلّا يجتمع كسرتان مع الياءين.

٥١٢

قال : وفي حنيفة حنفيّ.

أقول : وحقّ المنسوب أن يقال في نحو : حنيفة ممّا هو على وزن فعيلة مَعَ صحّة العين واللام وعدم التضعيف حنفيّ أي يحذف تاؤه كما مرّ ثمّ يحذف ياؤه للفرق بينه وبين فعيل نحو : كريميّ في كريم ولم يعكس لأنّ المؤنّث لثقله أولى بالحذف وحينئذٍ يصير على وزن نَمِر فيفتح ثانيه ولا يحذف من المعتلّ العين نحو : طويليّ في طويلة ، ولا من المضاعف نحو : شديديّ في شديدة ، وأمّا معتلّ اللام فيجيء عقيب هذا.

قال : وفي نحو : غنيّة وضريّة واُميّة ، غَنَويّ وضَرَويّ واُمَويّ.

أقول : وحقّ المنسوب أن يقال في فعيلة بفتح الفاء نحو : غنيّة وضريّة اسم قرية ، وفعيلة بضمّها نحو : اُميّة اسم قبيلة من المعتلّ اللام غنويّ وضرويّ واُمَويّ أي يحذف تاؤه ثمّ ياؤه الاُولى ثمّ تقلب الياء الأخيرة واواً لئلّا يجتمع ثلاث ياءات ثمّ يفتح ثانيه إن لم يكن مفتوحاً ويكسر الواو مناسبة للياء.

قال : وفيما آخره ألف ثالثة أو رابعة منقلبة عن واو كعصاً وأعشى عَصَوِيّ وأعْشَويّ.

أقول : وحقّ المنسوب في اسم آخره ألف ثالثة أو رابعة منقلبة عن واو كعصا وأعشى ، أو ياء كرحىٰ وأعمى ، عَصَوِيّ وأعشويّ ورحويّ وأعمويّ تقلب الألف واواً لالتقاء الساكنين ولا تقلب ياء لئلّا يجتمع الياءات.

قال : وفي الزائدة الرابعة القلب والحذف كحبليّ وحبلويّ في حُبْلى.

أقول : وحقّ المنسوب في الألف الزائدة الرابعة القلب والحذف مثل حبلى ،

٥١٣

أمّا الحذف فقياساً على تاء التأنيث كحبليّ ، وأمّا القلب فقياساً على أعشى كحبلويّ.

قال : وفي الخامسة الحذف لا غير كحباريّ في حبارى.

أقول : وحقّ المنسوب في الألف الخامسة الحذف لا غير يعني لا يجوز القلب للاستثقال كحباريّ في حُبارى ويعلم من ذلك أولويّة وجوب الحذف في السادسة نحو : قبعثريّ في قبعثرى وهو الإبل القويّ.

قال : وفيما آخره ياء ثالثة كعم عمويّ وفي الرابعة كقاض قاضيّ وقاضويّ ، والحذف أفصح ، وفي الخامسة الحذف لا غير كمشتريّ في مشتري.

أقول : وحقّ المنسوب في الاسم الّذي آخره ياء ثالثة كعم بمعنى جاهل واصله عمي أعلّ إعلال قاض عَمَوِيّ أي القلب بالواو لاجتماع الياءات وفي الرابعة كقاض قاضيّ أي الحذف وقاضويّ أي القلب ، والحذف أفصح لثقل الرباعي ، وفي الياء الخامسة مشتريّ في مشتري أي الحذف لا غير لزيادة الثقل ويعلم من ذلك أولويّة وجوب الحذف في السادسة كمستسقيّ في مستَسقي.

قال : وفي المنصرف من الممدود كسائيّ وحربائيّ وفي غير المنصرف من الممدود حمراويّ وزكريّاويّ.

أقول : وحقّ المنسوب في الممدود المنصرف أي الّذي همزته بدل من الأصل نحو : كساء أو للإلحاق نحو : حرباء كسائيّ وحربائي أي بإثبات الهمزة ويعلم منه أنّ إثبات الهمزة الأصليّة بالطريق الأولى نحو : قرّائيّ في قرّاء

٥١٤

وحقّ المنسوب في الممدود الغير المنصرف أي الّذي همزته للتأنيث نحو : حمراء وزكريّاء حمراويّ وزكريّاويّ أي القلب بالواو ، أمّا القلب فلأنّ الحذف يخلّ مع التأنيث والإثبات يستلزم كون علامة التأنيث في الوَسَط وأمّا الواو فلئلّا يجتمع الياءات وزكريّاء وإن كان أعجميّاً لكنّه اُجري مجرى العربي.

قال : وإذا نسب إلى الجمع ردّ إلى واحده كفرضيّ وصحفيّ في الفرائض والصحائف.

أقول : الفرضيّ الماهر في الفرائض والصحفيّ كثير النظر في الصحف وهما منسوبان إلى فرائض وصحائف بعد أن يردّ الى فريضة وصحيفة وفُعِل بهما ما فعل بحنيفة.

قال : أسماء العدد وتقول ثلاثة إلى عشرة في المذكّر وفي المؤنّث ثلاث إلى عشر.

أقول : لمّا فرغ من الصنف الثالث عشر شرع في الصنف الرابع عشر ، اعني أسماء العدد ، وقد عرفت معناها في أوّل الكتاب والغرض هنا بيان كيفيّة استعمالها ، وإنّما لم يذكر واحداً أو اثنين لأنّهما لا يستعملان إلّا على القياس ففي المذكّر تقول : واحد واثنان بالتذكير وفي المؤنّث واحدة واثنتان أو ثنتان بالتأنيث ، وبعد ذلك يكون بخلاف القياس أي يؤنّث في المذكّر ويذكّر في المؤنّث فتقول : ثلاثة رجال وأربعة رجال إلى عشرة رجال بتاء التأنيث ، وثلاث نسوة وأربع نسوة إلى عشر نسوة من غير التاء وذلك لأنّ الثلاثة فما فوقها بمعنى الجماعة فهي في المعنى مؤنّث فينبغي أن يزاد علامة التأنيث ، أعني التاء في اللفظ ليطابق المعنى والمذكّر لكونه

٥١٥

أصلاً هو أولى برعاية هذه المطابقة وإذا روعيت فيه ففي المؤنّث لا يمكن وإلّا لم يبق فرق بينهما.

قال : والمميّز مجرور ومنصوب ، فالمجرور مفرد وهو مميّز المائة والألف ، ومجموع وهو مميّز الثلاثة إلى العشرة نحو : مائة درهم وألف دينار وثلاثة أثواب وعشرة غلمة وقد شذّ نحو : ثلاثمائة وأربعمائة.

أقول : العدد لابهامه لا بدّ له من مميّز يمتاز به المعدود من غيره وتقسيمه مع الأمثلة ظاهر ، وإنّما يجوز الجرّ لإضافة العدد إليه وإنّما يكون في المائة وتثنيتها والألف وتثنيته وجمعه مفرداً لاستغنائه عن الجمع ، وإنّما يكون في الثلاثة إلى العشرة مجموعاً ليطابق العدد المعدود ، وأمّا الشذوذ في ثلاثمائة وأربعمائة إلى تسعمائة فلأنّ مائة مفرد وقد وقعت مميّز الثلاثة إلى تسعة وقد قلنا أنّ مميّز ذلك يجب أن يكون جمعاً فالقياس أن يقال ثلاث مئات أو مئين إلى تسع مئات أو مئين.

قال : والمنصوب مميّز أحد عشر إلى تسعة وتسعين ولا يكون إلّا مفرداً.

أقول : أمّا النصب فلامتناع إضافة المركّب لأنّه يمتنع أن يصير ثلاثة أشياء كشيء واحد ، وأمّا الإفراد فلاستغنائه عن الجمع ومثاله : عندي أحد عشر درهماً وعشرون ديناراً وتسعة وتسعون ثوباً.

قال : ومميّز العشرة فما دونها حقّه أن يكون جمع قلّة نحو : عشرة أفْلُسٍ ، إلّا إذا أعْوز نحو : ثلاثة شُسوع.

أقول : معناه ظاهر وسببه أنّ العدد لمّا كان من مرتبة الآحاد الّتي هي أقلّ مراتب العدد جعل مميّزه ما يطابقه في القلّة إلّا إذا أعوز أي : فُقِد جمع

٥١٦

القلّة بأن لا يكون من ذلك المميّز مسموعاً من العرب فيؤتى بجمع الكثرة نحو : ثلاثة شُسوع فإنّه لم يسمع عن العرب. جمع القلّة من الشسع وهو زمام النعل.

قال : وتقول في تأنيث الأعداد المركّبة : إحدى عشرة ، واثنتا عشرة وثلاث عشرة إلى تسع عشرة يؤنّث الأوّل.

أقول : يعني بالأعداد المركّبة ما يتركّب من الآحاد والعشرة أعني إحدى عشرة إلى تسع عشرة فتقول في تأنيثها : إحدى عشرة واثنتا عشرة وثلاث عشرة إلى تسع عشرة امرأة أمّا تأنيث إحدى واثنتا فقياساً على حالة الإفراد ، وأمّا تأنيث ثلاث إلى تسع فكذلك أيضاً ، وأمّا إدخال التاء في عشرة مع ثلاث إلى تسع فلأنّ إسقاطها حالة الإفراد إنّما كان للّبس بالمذكّر ولا لبس حالة التركيب لحصول الفرق بالجزء الأوّل ، وأمّا إدخالها فيها مع إحدى واثنتا فلإجراء الباب على نهج واحد فقوله : يؤنّث الأوّل ، معناه أنّ الجزء الأوّل من إحدى عشرة واثنتا عشرة وثلاث عشرة إلى تسع عشرة يؤتى به على ما هو القياس في المؤنّث أي بإدخال الألف والتاء في إحدى واثنتا وبإسقاط التاء في ثلاث إلى تسع في المؤنّث إذ الإسقاط فيه دليل التأنيث.

قال : وتسكن الشين من عشرة أو تكسرها.

أقول : الإسكان حجازيّة وذلك لئلّا يلزم توالي أربع حركات والكسرة تميميّة وذلك لئلّا يتولى أكثر من ثلاث فتحات في كلمة واحدة.

قال : الأسماء المتّصلة بالأفعال فالمصدر هو الاسم الّذي يشتقّ منه الفعل

٥١٧

ويعمل عمل فعله نحو : عجبت من ضرب زيدٌ عمرواً ، ومن ضرب عمراً زيدٌ.

أقول : لمّا فرغ من الصنف الرابع عشر شرع في الصنف الخامس عشر الّذي هو آخر أقسام الاسم أعني الأسماء المتصلة بالأفعال. فمنها المصدر وهو الاسم الّذي يشتقّ منه الفعل ، فقوله : الاسم ، شامل لجميع الأسماء ، وبقوله : يشتقّ منه الفعل ، يخرج غيره ، ويعمل المصدر عمل فعله الّذي يشتقّ منه سواء كان بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال نحو : عجبتُ من ضَرْب زيدٌ عمراً أمسِ أو الآن أو غداً برفع زيد على الفاعليّة وبنصب عمراً على المفعوليّة ، كما في عجبت من أن ضَرَبَ أو يَضْرِبُ الآن أو غداً زيدٌ عمراً ، وإن شئت قدّمت المفعول على الفاعل نحو : عجبت من ضرب عمراً زيدٌ.

قال : ويضاف إلى الفاعل فيبقى المفعول منصوباً نحو : عجبت من ضَرْب زيدٍ عمراً ، وإلى المفعول فيبقى الفاعل مرفوعاً نحو : عجبت من ضرب عمرو زيدٌ.

أقول : إنّما جوّزت الإضافة للتخفيف وهذه إضافة معنويّة بمعنى اللام بدليل قولهم : عجبت من قيامك الحَسَن فإنّ الحَسَن صفة للقيام مع أنّه معرفة.

قال : ولا يتقدّم عليه معموله.

أقول : المراد بالمعمول المفعول وسببه أنّ المصدر مقدّر بأن مع الفعل فكما لا يتقدّم معمُول ما بَعد أن عَلَيْها فكذلك لا يتقدّم ما بعد المصدر عليه فلا يقال : زيداً ضَرْبُك خَيْرٌ له ، كما لا يقال : زيداً أنْ تَضْرب خير له.

* * *

٥١٨

قال : واسم الفاعل يعمل عمل يفعل من فعله إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال نحو : زيد ضارب غلامُه عمراً اليوم أو غداً ، ولو قلت : أمْسِ لم يجز إلّا إذا اُريد به حكاية حال ماضية.

أقول : من الأسماء المتّصلة بالأفعال اسم الفاعل ، وهو اسم مشتقّ من يفعل لمن قام به الفعل على معنى الحدوث ، ويعمل عمل يفعل من فعله أي عمل المضارع المبنيّ للفاعل المشتقّ من مَصْدره بشرط أن يكون اسم الفاعل بمعنى الحال أو الاستقبال نحو : زيدٌ ضارب غلامُهُ عمراً اليوم أو غداً ، وإنّما اختصّ بعمل المضارع واشترط فيه الحال والاستقبال لأنّه إنّما يعمل لمشابهة الفعل ، وهو في اللفظ مشابه للمضارع من حيث الحروف والحركات والسكنات فإنّ ضارباً مثل يضرب في الحروف والحركة والسكون ، فإذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال كان مشابهاً له في المعنى أيضاً فيقوى مشابهته بالفعل لفظاً ومعنى بخلاف المصدر فإنّه إنّما يعمل عمل فعله لأنّه أصل الفعل ومشتمل على معناه ، ولذلك قال : ويعمل عمل فعله ، أي سواء كان ماضياً أو غيره وإذا كان كذلك فلو قلت : زيد ضارب غلامه عمراً أمس لم يجز لفقدان المشابهة المعنويّة حينئذٍ إلّا إذا اُريد بذلك الماضي حكاية حال ماضية فحينئذٍ يجوز أن يعمل كقوله تعالى : «وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ» (١) فإنّ ذِرَاعَيْهِ منصوب بباسط مع أنّ هذا البسط في قصّة أصحاب الكهف وهي ماضية لكن لمّا وردت في مورد الحكاية صارت كالموجود في الحال.

قال : واسم المفعول يعمل عمل يُفْعَل من فعله نحو : زيد مضروب غلامه.

____________________________

(١) الكهف : ١٨.

٥١٩

أقول : ومن الأسماء المتّصلة بالأفعال اسم المفعول وهو المشتقّ من يفعل لمن وقع عليه الفعل ، ويعمل عمل يُفعَل من فعله أي عمل المضارع المبنيّ للمفعول المشتقّ من مصدره نحو : زيد مضروب غلامه ، وسبب ذلك كما مرّ في اسم الفاعل ويشترط هاهنا ما يشترط هنالك.

قال : والصفة المشبّهة نحو : كريمٌ وحَسَنٌ عملها كعمل فعلها نحو : زيدٌ كريم حَسَبُهُ وحَسَنٌ وَجْهُهُ.

أقول : ومن الأسماء المتصلة بالأفعال الصفة المشبّهة وهي ما اشتقّ من فعل لازم لمن قام به الفعل على معنى الثبوت نحو : زيد كريم وحَسَن فإنّهما مشتقّان من الكرامة والحُسن لذاتين متّصفتين بهما وعمل الصفة المشبّهة كعمل فعلها الّذي اشتقّ من مصدرها نحو : زيد كريم حَسَبُه ، وحَسَن وجهُهُ ، فيرفع حسبه بكريم ووجهه بحسن كما في زيد كَرُمَ حَسَبُه وحَسُنَ وجهُه وسمّيت صفة مشبّهة لشبهها باسم الفاعل في الإفراد التثنية والجمع والتذكير والتأنيث فإنّه يقال : حَسَنٌ حَسَنانِ حَسَنُونَ حَسَنَةٌ حَسَنتانِ حَسَناتٌ ، كما يقال : ضاربٌ ضاربان ضاربونَ ضاربةٌ ضاربتانِ ضارباتٌ مَعَ اشتراكهما في قيام الفعل بهما ولذلك لم يشبه باسم المفعول وإنّما لم يشترط في عملها أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال لأنّها بمعنى الثبوت والحال والاستقبال من خواصّ الحدوث.

قال : وأفعل التفضيل لا يعمل في الظاهر فلا يقال : مررت برجل أفضل منه أبوه.

أقول : ومن الأسماء المتّصلة بالأفعال أفعل التفضيل ، وهو المشتقّ من الفعل الموصوف بالزيادة على غيره نحو : الأفضل ، فإنّه مشتقّ من الفضل

٥٢٠