جامع المقدّمات

جمع من العلماء

جامع المقدّمات

المؤلف:

جمع من العلماء


المحقق: الشيخ جليل الجراثيمي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-470-030-9
الصفحات: ٦٣٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

ومَنْ للاستفهام ، نحو : مَنْ أنت ؟

ومهما لاستفهام الزمان ، نحو :

مَهْما ليَ اللَّيلةَ [ مَهْمٰا لِيَهْ

أَودى بِنَعْليَّ وسِربَالِيَهْ ] (١)

وبمعنى ما ، نحو : مهما نذره من الهيئة المشروعة انعقد. وما للاستفهام ، نحو : ما هذا ؟ وموصُوفة ، نحو : مررتُ بما مُعْجِب لكَ ، وصفة ، نحو : اضْرِبه ضَرْباً مّا ، وموصولة ، نحو : فيه ما فيهِ ، وَتامّة ، نحو : ما أحْسَنَ زَيْداً ، وأيّ مثل ما إلّا في التامّ. ومَنْ مثل أيّ إلّا في الصفة ، ومن وما قد يتعاطيان المعنى فتكون ما لذوي العقول ، نحو : «وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا» (٢) ، ومَنْ لغير ذوي العقول ، نحو : «وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ» (٣) وأمّا الجزم بكيفما وإذا فشاذّ.

تنبيهان : الأوّل : كيف لاستفهام الحال ويقع حالاً وخبراً ومصدراً ، نحو : كيفَ سِرْت راكباً أم راجِلاً ؟ وكيفَ أَنْتَ ؟ وكَيْفَ قَرَأْتَ سِرّاً أم جَهْراً ؟

الثاني : إذا للمُضيّ ، نحو : «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا» (٤) ، وعاملها الجزاء ويكون للحال بعد القسم ، نحو : «وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ» (٥) وهي مما يضاف إلى الجملة ويكون للمفاجأة فيقع بعدها المبتدأ والخبر ، نحو : خَرَجْتُ فَإذا السَّبُعُ بالباب. فقيل زمان ، وقيل

____________________________

(١) چه شبى است اين شب من ! چه شبى است امشب من ! كه ناپديد شده كفشها و پيراهن من ، شاهد در واقع شدن مهما براى استفهام زمانى است ، جامع الشواهد.

(٢) الشمس : ٥.

(٣) النور : ٤٥.

(٤) الجمعه : ١١.

(٥) الليل : ١.

٣٦١

مكان ، وناصبها معنى فاجأت المفهوم من الفحوى والتقدير خرجت ففاجأت مكان وقوف السبع أو زمانه.

النوعُ الثالث عشر : أسماء تنصب أسماء النكرات على التمييز وهيَ أربعة : كَمْ وكَأيّنْ وكذا بمعنى العَدَد ، وبعض العدد.

فكَمْ ، تكون استفهاميّة وخبريّة ، والاستفهامية : تنصب بلا فصل ومعه ، نحو : كم رَجُلاً في الدار ؟ وكم في الدار رَجلاً ؟ ومَعَ حرف الجرّ تَنصب وتجرّ ، نحو : بكَمْ دِرْهَماً أو دِرْهَمٍ اشتريتَ ؟

وأمّا الخبريّة : وهي للتكثير فمع الفصل ، بالجملة تنصب وجوباً ، نحو : كَمْ نالني مِنهُمْ فَضْلاً ، وبالظرف وشبهه على المختار ، نحو : كم عندك أو في الدار رجلاً ، وبدونه تجرّ حملاً على رُبَّ حمل النقيض على النقيض ، أو النظير على النظير ، نحو : كم رَجُلٍ كَريمٍ لقيته ، وتميم ينصبون بها ومميّز الاستفهامية يفرد ، والخبريّة يفرد ويجمع ، وقد يجرّ بمن فيهما ، نحو : كم مِنْ رَجُلٍ ضربته ، «وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا» (١) ، وقد يحذف ، نحو : كم مالك وكم ضربت.

وكَأيّن ، ككمْ الخبريّة في التكثير ودخول من على مميّزها ، ويتصدّر وينصب غالباً ، نحو : كَأيّنْ رجلاً عندي ، «فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا» (٢) ، وفيها خمس لغات كأيّن كأيٍّ بالكاف ، وكَأْيً كرَأْىٍ ، وكاءٍ كَجاءٍ ، كيء كشيءٍ ، وكَإٍكَيدٍ.

وكذا : لمطلق العدد وتنصب غالباً ، نحو : عندي كذا درهماً ، وقد يجرّ

____________________________

(١) الاعراف : ٤.

(٢) الحج : ٤٥.

٣٦٢

الاسم بالإضافة ، نحو : عندي كذا دِرْهَمٍ ، وقد يرفع ما بعده على البدل ، نحو : عندي كذا درهمٌ ، وقد تكون كناية عن غير العدد ، نحو : خرجتُ يومَ كذا فهو مضاف إليه.

وأمّا بعض العَدَد ، فهو من أحَدَ عشر إلى تسعة وتسعين ، نحو : «رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا» (١) و «لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً» (٢).

تنبيهُ : إذا أردت التنصيص على كميّة شيء فتقول رجل ورجلان مثلاً ، ثمّ تأتي بالعدد وما يميّزه على ما نظمت :

ثَماناً بَعْدَ ما جاوَزْتَ الإثْنَين

بِمَجْموعٍ ومَجْروُرٍ فَمَيِّزْ

عَدا ما كانَ مِنْها قَدْ اُضيفَتْ

إلىٰ مائةٍ بِفَرْدٍ فَهُوَ مَيِّزْ

وَفيما بَعْدَ عَشْرٍ فَرْداً انْصِبْ

إلىٰ تِسْعٍ وَتِسعينَ الْمُمَيِّزْ

وَلَمّا جازَ مِنْ تِسْعٍ وتِسْعينَ

فَجُرَّ عِنْدَ ذا فَرْداً تُمَيِّزْ

وأمّا كيفيّة تذكير الأعداد وتأنيثه فعلى ما نظمت أيضاً تسهيلاً للضبط :

في ثَلاثٍ وَسَبْعَةٍ بَعْدَه

ذَكِّرْ أنِّثْ بِعَكس ما اشتَهَرَا

وَفي الإثنين قَبْلَها وَكذا

بَعْدَها ما هُوَ القياسُ جَرىٰ

كُلُّ تِلْكَ الثَّمانِ في التَّركيبِ

ما خَلاَ الْعَشْرِ فيهِ مَا اسْتُطِرا

وَادْرِ في الْعَشْرِ عَكسَ ما مَعَه

في سِوىٰ كُلّها السَّواءُ تَرىٰ

وإذا سمعت العوامل السماعية فاستمع السبع القياسية.

* * *

____________________________

(١) يوسف : ٤.

(٢) ص : ٢٣.

٣٦٣

السبعَ القياسيّة :

الأوّل منها الفعل : غير ما ذكر وهو معلوم ومجهول ، والمعلوم لازم ومتعدّ ، فالمتعدّي يرفع اسم من قام به على الفاعليّة وينصب اسم من وقع عليه على المفعوليّة ، نحو : ضَرَبَ زَيْدٌ عمراً ، واللازم مثله في الأوّل دون الثاني إذ هو ما قام ولم يقع ، نحو : قامَ عَمْروٌ.

والفاعل ، إمّا ظاهر وقد ظهر ، أو مضمر بارز أو مستتر ، والاستتارِ يجب في نحو : أنْتَ تَضْرِبُ ، وأنَا أضْرِبُ ، ونَحْنُ نَضْرِبُ ، وأنْتَ اضْرِب ، وما أحْسَنَ زَيْداً ، وفي عَدا وخَلا وليس ولا يَكُون ، وأسماء الأفعال ما كانَ لغير الماضي ، ويجوز فيما عَداها ، نحو : هُوَ ضَرَبَ ويَضْرِبُ وهِيَ ضَرَبَتْ وتَضْرِبُ.

والمفعول ، أيضاً يكون ظاهراً ، نحو : ضَرَبْتُ زَيْداً ، أو مضمراً بارزاً لا غير ، نحو : ضَرَبْتُه.

والفعل قد يتعدّى ، إلى واحد وهو كثير ، وإلى اثنين ثانيهما عين الأوّل أو غيره وقد مرّ ، وإلى الثلاث ، وهي أعْلَمَ وأرى ونَبَّأ وأنْبَأَ وخَبَّرَ وأخْبَرَ وحَدَّثَ ، نحو : أعْلَمْتُ زَيْداً عَمْراً فاضِلاً و «أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا» (١). وقد يحذف الأوّل ويذكر الأخيران معاً أو بالعكس كمفعولي باب أعطيت ، فالأخيران متلازمان كمفعولي باب علمت ، وله معمُولات اُخر غيرهما منصوبات.

منها : ما هو بمعناه ويسمّى مصدراً ومفعولاً مطلقاً ، نحو : ضربت ضرباً ، وقعدت جلوساً ، وقمتُ مثل قيامك ، ومنها ما هو واقع فيه من

____________________________

(١) الانفال : ٤٤.

٣٦٤

زمان أو مكان ويسمّى ظرفاً ومفعولاً فيه ، نحو : صُمْتُ يوم الجمعة ، وصَلَّيْتُ أمامَك.

ومنها : ما فُعِل فعْل لأجله ويسمّى مفعولاً له ، نحو : ضربته تأديباً وقَعَدْت عن الحرب جُبْناً.

ومنها : ما هو فاعل له معنى ويرفع الإبهام عن ذات مقدّرة ، نحو : «وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا» (١) ، وطاب زَيْدٌ نفساً وأباً واُبُوّةً وداراً وعِلْماً ، وأمّا ما يرفع الابهام عن ذات مذكورة فهو معمُول لقسم آخر من القياسيّات سيجيء إن شاء الله تعالىٰ.

وكلاهما يسمّى تمييزاً وهو لا يكون إلّا نكرة.

ومنها ما يبيّن هيئة الفاعل عند صدوره عنه ، والمفعُول عند وقوعه عَليه ويسمّى حالاً ، نحو : جِئْتُ راكباً ورَأَيتها راكبَةً ورَأَيتهم راكبين ، وقد يحذف عاملها وجوباً ، نحو : زَيْدٌ أبُوك عَطُوفاً ، أي أحقّه عَطوفا ، وبِعْه بِدِرْهمٍ فصاعِداً ، أي فاذهَبْ صاعِداً ، وتلزم لها النكارة.

ومنها المنصوب بنزع الخافض ، نحو : جاءني وتَعسَفْنَ رَمْلاً أي جاءَ إليَّ ، وصارت النِعاجُ في الرَّمْل.

وأمّا المفعول معه ، والمستثنى فليسا من معمولاته بل عاملهما سماعيّ كما قدّمناه.

وأمّا المجهول ، فيبنى من المعلوم بتغيير الصيغة ، ويحذف الفاعل ويقام معمُول آخر مقامه ويرتفع به ويسمّى مفعُول ما لم يسمّ فاعله ، ولا يصلح لذلك الثاني من باب عَلِمْتُ ، ولا المفعُول له والمفعول فيه والحال والتمييز كذلك ، وأمّا غيرها فان وُجد المفعول به تعيّن له ،

____________________________

(١) مريم : ٤.

٣٦٥

والأوّل من باب أعطيت ، أولى من الثاني ، وإلّا فالجميع سواء ، نحو : ضُرِبَ زيدٌ يوم الجُمعة أمام الأمير ضَرباً شديداً في داره.

تنبيهُ : قد يحذف الفعل إمّا جوازاً كقولك : زيد ، لمن قال : من قامَ ؟ وإمّا وجوباً كما في باب التحذير ، نحو : إيّاك والأسَد ، أي بَعِّد نَفْسَك عن الأسَد ، والأسَد من نفسك ، وإيّاك من الأسد ، أي بَعِّدْ نفسك من الأسَد ، وإيّاك أن تَحْذُفَ بتقدير من أي بعّدْ نفسك من حذف الأرنبِ ، والطَّريق الطريق أي اتّق.

وباب ما اُضمر عامله ، وهو مفعول حذف فعله مع التفسير ، نحو : زَيْداً ضَرَبْتُهُ ، أي ضَرَبتُ زَيداً فحذف فعله وفسّر بضربته.

وباب الاختصاص ، نحو : نحن العربَ أسْخَى الناس للضيف ، أي نخصُّ العرب.

وباب المدح والذمّ والترحّم ، نحو : الحَمدُ لله أهل الحمد ، ومَرَرْت بزيد الفاسِقَ والمسكينَ ، أي أعني أهل الحمد وأعني الفاسق والمسكين ، وباب الإغراء ، نحو : الغَزالَ الغَزال أي ارمه.

الثاني المصدر : وهو يعمل عمل فعله لازماً أو متعدّياً ، معلوماً أو مجهولاً ، فالمعلوم ، نحو : بلغني قيامُ زَيْدٍ ، وأعْجَبَني ضَرْبُ زَيْدٍ عَمراً يومَ الجُمعةِ أمامَ الأمير ضرباً شديداً تأديباً له ، ولله دَرُّهُ فارِساً ، والمجهول ، نحو : «وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ» (١) ، أي من بعد أنْ غُلبوا ، وإعماله باللام ضَعيف ، وقد يضاف إلى الفاعل والمفعول على إعرابه ،

____________________________

(١) الروم : ٣.

٣٦٦

نحو : أعْجَبَنَي ضَرْبُ زَيْدٍ عَمْراً ، وبالعكس ، نحو : أعْجَبَني ضَرْبُ عَمْروٍ زَيْدٌ ، وقد يحذف أحدهما والآخر على إعرابه أو مجروراً بالإضافة ، ولا يتقدّم معمُوله عليه ولا يضمر فيه ، وتابعهما في الجرّ يتبع اللفظ والمحلّ ، نحو : عَجِبْتُ مِنْ ضَرْب زَيْد الظَّريفِ ، والظريفُ ، ومن آكِلِ الخبزِ واللَّحْمِ واللَّحْمَ ، وفي الرَّفع والنصب اللفظ.

هداية : اسم الحدث وهو إن كان علماً كَفَجارِ للفجْرة ، أو بميم كالمَحْمدة ، أو على زنة مصادر الثلاثي وهو لغيره ، نحو : أغْتَسِل غُسْلاً ، وأتَوَضَّؤُ وُضُوءً ، فاسم مصدر وإلّا فمصدر كالضرب والإكرام.

الثالثُ اسم الفاعل : وهو يعمل عمل فعله المعلوم بشرط الحال والاستقبال والاعتماد على المخبر عنه ، أو اللام الموصُولة أو الموصُوف ، أو كان حالاً أو بالهمزة أو حرف النفي أو النداء ، نحو : يا طالعاً جبلاً ، وما قائمٌ زيدٌ ، وأضاربٌ زيدٌ أخاه ، وجاءني زيدٌ راكباً فرسَه ، وجاءَ رَجُلٌ ضاربٌ أبُوهُ غُلامَهُ ، والضاربُ أبوه بكراً ، وزيدٌ ضاربٌ غلامه عمراً يوم الجمعة ، وإن كان باللام فيعمل مطلقاً ، والتثنية والجمع كالمفرد. وهكذا صيغ المبالغة في جميع ما ذكر ، نحو : جاءَ رجل ضرّاب غلامه ، ويضاف إلى فاعله ومفعُوله ، وتابعه كتابع المصدر ، نحو : زيد ضاربٌ عمروٍ وَبَكْرٍ وبكراً.

الرابع اسم المفعول : وهو يعمل عمل فعله المجهُول بشرائط اسم الفاعل ، نحو : أمَضْروبٌ زيدٌ يومَ الجمعةِ أمام الأمير ضرباً شديداً في داره وَالحَوض مَمْلُوءٌ ماءً ؟ ويضاف إلى فاعله ، نحو : زَيْدٌ مَضْروب أبيه ،

٣٦٧

وإن شئتَ تنصبه تشبيهاً بالمفعول والفاعِل مستتر فيه ، ففيه ثلاثة أوجه وكذا اسم الفاعل اللازم.

الخامِسُ الصفة المشبّهة : وهي مشتقّة من فعل لازم لمن قام به على معنى الثبوت لا الحُدوث ويعمل عمله ، نحو : زيدٌ حَسَنٌ وجهُهُ ، وزيدٌ طيّبٌ أبوه.

ومن العوامل القياسيّة : اسم التفضيل ، نحو : ما رأيت رجُلاً أحْسَنَ في عَيْنِهِ الْكُحْلُ مِنْهُ في عَيْن زَيدٍ ، وَهذا بُسراً اَطْيَبُ منه رُطَباً.

السادِسُ المضاف : وهو كلّ اسْم نسب إلى شيء وجرّه بتقدير اللام أو مِنْ أو في ويسمّى المجرور مضافاً إليه ، نحو : هذا غُلامُ زَيْدٍ وخاتَم فِضّةٍ ، وضَرْبُ الْيَوْم ، وقد يقع الفصل بينهما ، نحو : في بئر لا حورٍ وهذا غلام واللهِ زَيْدٍ.

السابعُ كلّ اسم مُبهم قد تمّ بأحد الاشياء الأربعة : التنوين ونون التثنية وشبه الجمع والاضافة ، وهي تنصب اسماً منكراً ويسمّى المنصوب مميّزاً ، نحو : عندي رِطْلٌ زَيْتاً ومَنَوانٍ سمناً ، وعشرون دِرْهماً ، وملؤُهُ عَسَلاً ، وقد عدّ الثالث من السماعيّة.

العاملُ : إمّا لفظي وقد بانَ ، وإمّا معنويّ وهو معنيان ، معنى يرفع غير المبتدأ والخبر وهو تجرّده عن النواصب والجوازم ، نحو : تَضْرِبُ تَضْرِبانِ. ومعنى يرفع المبتدأ وَالخبر وهو تجرّده عن العوامل اللفظيّة للإسناد ، نحو : زَيْدٌ قائم ، فزيد مبتدأ وعامله تجرّده عن العوامل اللفظيّة لإسناد القيام إليه ، وقائم خبره ، وعامله التجرّد عنها لإسناده الى زيد ،

٣٦٨

ونحو : ما قائمٌ الزيدان ، وأقائم الزيدان ؟ فقائم في المثالين مبتدأ وعامله التجرّد لإسناده إلى زيد. ونعني بالعوامل اللّفظيّة هنا ما لا يكون زائدة فدخل نحو : هذا بِحَسْبِك وبِحَسْبِك هذا ، والحمدُ لله ، وهذا خلاصة ما أوردناه وهو جزء ممّا يدّخرون ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون و «لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ» (١).

____________________________

(١) الصّافات : ٦١.

٣٦٩
٣٧٠

كتاب الهداية في النحو

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والعاقبة المتّقين ، والصلاة والسلام على خير خلقه سيّدنا محمّد وآله أجمعين.

أمّا بعد : فهذا مختصر مضبوط في علم النحو جمعت فيه مهمّات النحو على ترتيب الكافية ، مبوّباً ومفصّلاً بعبارة واضحة مع إيراد الأمثلة في جميع مسائلها من غير تعرّض للأدلّة والعِلَل ، لئلّا يشوّش ذهن المبتدئ عن فهم المسائل. وسمّيته بالهداية رجاء إلى أن يهدي الله تعالى به الطالبين ، ورتّبته على مقدّمة وثلاث مقالات وخاتمة بتوفيق الملك العزيز العلّام.

أمّا المقدّمة : ففي المبادئ التي يجب تقديمها ، لتوقّف المسائل عليها ففيها ثلاثة فصول.

الفصل الأوّل : النحو

علم باُصول تعرف بها أحوال أواخر الكلم الثلاث من حيث الإعراب والبناء ، وكيفيّة تركيب بعضها مع بعض. والغرض منه صيانة اللسان عن الخطأ اللفظي في كلام العرب. وموضوعه الكلمة والكلام.

٣٧١

الفصل الثاني : الكلمة

لفظ وضع لمعنى مفرد وهي منحصرة في ثلاثة أقسام : اسم ، وفعل ، وحرف ، لأنّها إمّا أن لا تدلّ على معنى في نفسها وهو الحرف ، أو تدلّ على معنى في نفسها واقترن معناها بأحد الأزمنة الثلاثة وهو الفعل ، أو على معنى في نفسها ولم يقترن معناها بأحد الأزمنة وهو الاسم.

ثم حدّ الاسم : إنّه كلمة تدلّ على معنى في نفسه غير مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة ، أعني الماضي والحال والاستقبال ، ك‍ : رَجُلٌ ، وعِلْمٌ. وعلامته أن يصحّ الإخبار عنه وبه ك : زَيْدٌ قائِمٌ ، والإضافة ك‍ : غُلامُ زَيْدٍ ، ودخول لام التعريف ك : الرَّجُل ، والجرّ والتنوين والتثنية والجمع والنعت والتصغير والنداء. فإنّ كلّ هذه من خواصّ الاسم. ومعنى الإخبار عنه أن يكون محكوماً عليه ، فاعلاً أو مفعولاً ، أو مبتدأً. ويُسمّى اسماً لِسُمُوِّهِ على قَسِيمَيْه ، لا لكونه وَسْماً على المعنى.

وحدّ الفعل : إنّه كلمة تدلّ على معنى في نفسه ، ومقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة ك‍ : ضَرَبَ ، يَضْرِبُ ، اضْرِبْ. وعلامته أن يصحّ الإخبار به لا عنه ، ودخول : «قد» و «السين» و «سَوْفَ» ، و «الجزم» نحو : قَدْ ضَرَبَ وسَيَضْرِبُ ، وسَوْفَ يَضْرِبُ ، ولَمْ يَضْرِبْ ، والتّصريف إلى الماضي والمضارع ، وكونه أمراً ونهياً ، واتصال الضمائر البارزة المرفوعة نحو : ضَرَبْتُ ، وتاء التأنيث الساكنة نحو : ضَرَبَتْ ، ونون التّأكيد نحو : اضْرِبَنَّ. فإنّ كلّ هذا من خواص الفعل. ومعنى الإخبار به أن يكون محكوماً به كالخبر. ويسمّى فعلاً باسم أصله وهو المصدر ، لأنّ المصدر هو فعل للفاعل حقيقة.

وحدّ الحرف : إنّه كلمة لا تدلّ على معنى في نفسها بل في غيرها نحو :

٣٧٢

مِنْ ، فإنّ معناه الابتداء وهي لا تدلّ عليه إلّا بعد ذكر ما يفهم منه الابتداء كالبصرة والكوفة كما تقول : سِرْتُ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْكُوفَةِ.

وعلامته أن لا يصحّ الإخبار عنه ولا به ، وأن لا يقبل علامات الأسماء ولا علامات الأفعال.

وللحرف في كلام العرب فوائد كثيرة ، كالرّبط بين الاسمين نحو : زَيْدٌ في الدار ، أو فعلين نحو : زيدٌ إنْ تَضْرِبْ أضْرِبْ ، أو اسم وفعل كضَرَبْتُ بِالْخَشَبَةِ ، أو جملتين نحو : إنْ جاءني زَيْدٌ فَاُكْرِمْهُ ، وغير ذلك من الفوائد التي سيأتي تعريفها في القسم الثالث إن شاء الله تعالى.

ويسمّى حرفاً لوقوعه في الكلام حرفاً ، أي طرفاً ، لأنّه ليس بمقصود بالذات مثل المسند والمسند إليه.

الفصل الثالث : الكلام

لفظ تضمّن الكلمتين بالإسناد. والإسناد نسبة إحدى الكلمتين إلى الأُخرى بحيث تفيد المخاطب فائدة تامة يصحّ السكوت عليها نحو : قامَ زَيْدٌ.

فعلم أنّ الكلام لا يحصل إلّا من اسمين نحو : زَيْدٌ قائِمٌ ، ويسمّى جملة اسميّة ، أو فعل واسم نحو : قامَ زَيْدٌ ، ويسمّى جملة فعليّة. إذ لا يوجد المسند والمسند إليه معاً في غيرهما ، فلا بدّ للكلام منهما.

فإن قيل : هذا ينتقض بالنداء نحو : يا زَيْدُ ، قلنا حرف النداء قائم مقام أدْعُو وأطْلُبُ ، وهو الفعل ، فلا ينتقض بالنداء. فإذا فرغنا من المقدّمة فلنشرع في الأقسام الثلاثة والله الموفّق المعين.

القسم الأوّل : في الاسم

وقد مرَّ تعريفه وهو ينقسم على قسمين معرب ومبنيّ ، فلنذكر أحكامه

٣٧٣

في بابين.

الباب الأوّل : في الاسم المعرب

وفيه مقدّمة وثلاث مقاصد وخاتمة. أمّا المقدّمة ففيها ثلاثة فصول.

الفصل الأوّل : في تعريف الاسم المعرب

وهو كلّ اسم رُكِّبَ مع غيره ولا يشبه مبنيّ الأصل ، أعني الحرف والفعل الماضي وأمر الحاضر نحو : زَيْدٌ ، في قامَ زَيْدٌ ، لا زَيْدٌ وحده لعدم التركيب ، ولا هٰؤُلاءِ في : قام هٰؤُلاءِ ، لوجود الشبه.

ويسمّى متمكّناً وحكمه أن يختلف آخره باختلاف العوامل ، اختلافاً لفظيّاً نحو : جاءني زَيْدٌ ، رَأَيْتُ زَيْداً ، مَرَرْتُ بِزَيْدٍ ، أو تقديريّاً نحو : جاءني مُوسىٰ ، ورَأَيْتُ مُوسىٰ ، ومَرَرْتُ بِمُوسىٰ.

والإعراب ما به يختلف آخر المعرب كالضمّة والفتحة والكسرة والواو والياء والألف.

وإعراب الاسم ثلاثة أنواع : رفع ونصب وجرّ. والعامل ما يحصل به رفع ونصب وجرّ. ومحلّ الإعراب من الاسم هو الحرف الآخر ، مثال الكلّ نحو : قامَ زَيْدٌ ، فـ «قامَ» عامل ، و «زَيْدٌ» معرب ، و «الضَّمَّة» إعراب ، «والدّالُ» محلّ الإعراب.

اعلم أنّه لا معرب في كلام العرب إلّا الاسم المتمكّن والفعل المضارع ، وسيجيء حكمه في القسم الثاني ، إن شاء الله تعالى.

الفصل الثانى : في أصناف إعراب الاسم وهي تسعة أصناف

الأوّل : أن يكون الرفع بالضمّة ، والنصب بالفتحة ، والجرّ بالكسرة.

٣٧٤

ويختصّ بالاسم المفرد المنصرف الصحيح وهو عند النّحاة ما لا يكون آخره حرف العلّة كَزيْد ، وبالجاري مجرى الصحيح وهو ما يكون آخره واو أو ياء ما قبلها ساكن ك : دَلْو وظَبْي ، وبالجمع المكسّر المنصرف ك‍ : رجال ، تقول : جاءني زَيْدٌ ودَلْوٌ وظَبْيٌ ورجالٌ ، ورَأيْتُ زَيْداً ودَلْواً وظَبْياً ورجالاً ، ومَرَرْتُ بِزَيْدٍ ودَلْوٍ وظَبْيٍ ورجالٍ.

الثاني : أن يكون الرفع بالضمّة والنصب والجرّ بالكسرة ويختصّ بالجمع المؤنّث السالم ك‍ : مُسْلِمات ، تقول : جاءني مُسْلِماتٌ ، ورَأَيْتُ مُسْلِماتٍ ، ومَرَرْتُ بِمُسْلِماتٍ.

الثالث : أن يكون الرفع بالضمّة والنصب والجرّ بالفتحة ، ويختصّ بغير المنصرف ك‍ : عُمَر ، تقول : جاءني عُمَرُ ، رَأيْتُ عُمَرَ ، مَرَرْتُ بِعُمَرَ.

الرابع : أن يكون الرفع بالواو والنصب بالألف والجرّ بالياء. ويختصّ بالأسماء الستة مكبّرة موحّدة مضافةً إلى غير ياء المتكلّم. وهي : أخُوكَ وأبُوكَ وحَمُوكَ وهَنُوكَ وفُوكَ وذُو مالٍ. تقول : جاءني أخُوكَ ، ورَأيْتُ أخاكَ ، ومَرَرْتُ بأخيكَ ، وكذا البواقي.

الخامس : أَن يكون الرفع بالألف والنصب والجرّ بالياء المفتوح ما قبلها. ويختصّ بالمثنّى وكِلا وكِلْتا مضافين إلى ضمير ، واثنين واثنتين تقول : جاءني الرَّجُلانِ كِلاهُما واثْنانِ. ورَأيْتُ الرَّجُليْنِ كِلَيْهِما واثْنَيْنِ ، ومَرَرْتُ بِالرَّجُليْنِ كِلَيْهِما واثْنَيْنِ.

السادس : أن يكون الرفع بالواو المضموم ما قبلها والنصب والجرّ بالياء المكسور ما قبلها. ويختصّ بالجمع المذكّر السالم ، واُولي وعِشْرينَ مع أخواتها تقول : جاءني مُسْلِمُونَ وعِشْرُونَ رَجُلاً واُولُو مالٍ ، ورَأَيْتُ مُسْلِمينَ وعِشْرينَ رَجُلاً واُولي مالٍ ، ومَرَرْتُ بِمُسْلِمينَ وعِشرينَ رَجُلاً واُولي مالٍ.

واعلم أنّ نون التثنية مكسورة أبداً ونون الجمع مفتوحة أبداً. وهما

٣٧٥

يسقطان عند الإضافة نحو : جاءني غُلاما زَيْدٍ ، ومُسْلِمُو مِصْرٍ.

السابع : أن يكون الرفع بتقدير الضمّة والنصب بتقدير الفتحة والجرّ بتقدير الكسرة. ويختصّ بالمقصور ، وهو ما آخره ألف مقصورة ك‍ : عصا ، وبالمضاف إلى ياء المتكلّم غير التثنية والجمع المذكّر السالم ك‍ : غُلامي ، تقول : جاءني الْعَصا وغُلامي ، ورَأَيْتُ الْعَصا وغُلامي ، ومَرَرْتُ بِالعَصا وغُلامي.

الثامن : أن يكون الرفع بتقدير الضمّة والنصب بالفتحة لفظاً والجرّ بتقدير الكسرة ، ويختصّ بالمنقوص وهو ما آخره ياء مكسور ما قبلها كالقاضي ، تقول : جاءني الْقاضي ، ورَأَيْتُ الْقاضِيَ ، ومَرَرْتُ بِالْقاضي.

التاسع : أن يكون الرفع بتقدير الواو والنصب والجرّ بالياء لفظاً. ويختصّ بالجمع المذكّر السالم مضافاً إلى ياء المتكلّم. تقول : جاءني مُسْلِمِيّ ، أصله مُسْلِمُويَ اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة والاُولى منهما ساكنة فقلبت الواو ياء واُدغمت الياء في الياء ، واُبدلت الضمّة بالكسرة مناسبة للياء فصار : مُسْلِمِيَّ ، ورَأَيْتُ مُسْلِمِيَّ ومَرَرْتُ بِمُسْلِمِيَّ.

الفصل الثالث : الاسم المعرب على نوعين

منصرف ، وهو ما ليس فيه سببان من الأسباب التسعة كَزيْد ، ويسمّى متمكّناً ، وحكمه أن تدخله الحركات الثلاث مع التنوين مثل أن تقول : جاءني زَيْدٌ ، رَأَيْتُ زَيْداً ، ومَرَرْتُ بِزَيْدٍ.

وغير منصرف ، وهو ما فيه سببان من الأسباب التسعة ، أو واحدة منها تقوم مقامها.

والأسباب التسعة هي : العَدل ، والوصف ، والتّأنيث ، والمعرفة ،

٣٧٦

والعُجمة ، والجمع ، والتركيب ، ووزن الفعل ، والألف والنون الزائدتان. وحكمه أن لا تدخله الكسرة والتنوين ، ويكون في موضع الجرّ مفتوحاً كما مرّ.

أمّا العدل : فهو تغيير اللفظ من صيغته الأصليّة إلى صيغة اُخرى ، وهو على قسمين :

تحقيقاً وتقديراً ، فلا يجتمع مع وزن الفعل أصلاً ، ويجتمع مع العَلَمِيّة كعُمَر وزُفَر. ويجتمع مع الوصف ثُلٰث ومَثْلَث واُخَر وجُمَع.

أمّا الوصف : فلا يجتمع مع العَلَمِيّة أصلاً ، وشرطه أن يكون وصفاً في أصل الوضع ، فأسْوَد وأَرْقَم غير منصرف ، وإن صارا اسمين للحيّة لأصالتهما في الوصفيّة. وأَرْبَع في قولك : مَرَرْتُ بِنِسْوَةٍ أَرْبَعٍ ، منصرف مع أنّ فيه وصفيّة ووزن الفعل لعدم الأصليّة في الوصف.

أمّا التأنيث بالتاء : فشرطه أن يكون عَلَماً كطَلْحَة ، وكذا المعنويّ كزَيْنَب. ثمّ المؤنّث المعنويّ إن كان ثلاثيّاً ، ساكن الوسط ، غير أعجميّ يجوز صرفه مع وجود السببين كهِنْد ، لأجل الخِفّةِ ، وإلّا يجب منعه كزَيْنَب ، وسَقَر ، وماه ، وجُوْر.

والتأنيث بالألف المقصورة كحُبْلى ، والممدودة كَحْمراء ممتنع صرفه البتّة ، لأنّ الألف ، قائم مقام السببين ، التأنيث ولزومه.

وأمّا المعرفة : فلا يعتبر في منع الصرف بها إلّا العلميّة ، وتجتمع مع غير الوصف.

وأمّا العُجمة : فشرطها أن تكون عَلَماً في العجميّة وزائدةً على ثلاثة أحرف ك‍ : إبراهيم وإسماعيل ، أو ثلاثيّاً متحرّك الوسط ك‍ : سَقَر ، فَلِجام منصرف ، لعدم العَلَمِيّة في العجميّة ، ونوح ولوط منصرف ، لسكون الأوسط.

أمّا الجمع : فشرطه أن يكون على صيغة منتهى الجموع ، وهو أن يكون

٣٧٧

بعد ألف الجمع حرفان متحرّكان كمَساجد ودَوابّ ، أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن غير قابل للتاء كمَصابيح. فصَياقِلَة وفَرازنَة منصرفان لقبولهما التاء. وهو أيضاً قائم مقام السببين ، الجمعيّة وامتناعه أن يجمع مرّة اُخرى جمع التكسير ، فكأنَّه جمع مرّتين.

أمّا التّركيب : فشرطه أن يكون عَلَماً بلا إضافة ولا إسناد كبَعلبَك ، فعَبْد اللهِ منصرف للإضافة ، وشابَ قَرْناها ، مبنيّ للإسناد.

أمّا الألف والنون الزائدتان : فشرطهما إن كانتا في اسم أن يكون عَلَماً كعِمْران وعُثْمان ، فسعْدان ـ اسم نبت ـ منصرف ، وإن كانتا في الصفة فشرطهما أن لا يكون مؤنّثها فَعْلانَة كسَكْران وعَطْشان ، فنَدْمان منصرف لوجود نَدْمانَة.

أمّا وزن الفعل : فشرطه أن يختصّ بالفعل نحو : ضَرَبَ وشَمَّرَ. وإن لم يختصّ به فيجب أن يكون في أوّله إحدى حروف المضارع ، ولا يدخله الهاء كأَحْمَد ويَشْكُر وتَغْلِب ونَرْجس ، فيَعْمل منصرف لقبوله التاء كقولهم ، ناقَة يَعْملَة.

واعلم أنّ كلّ ما يشترط فيه العَلَميّة وهو التأنيث بالتاء والمعنويّ والعُجمة والتّركيب والاسم الّذي فيه الألف والنون الزائدتان ، وما لم يشترط فيه ذلك لكن اجتمع مع سبب آخر فقط وهو العدل ووزن الفعل ، إذا نكّرته انصرف.

أمّا في القسم الأوّل فلبقاء الاسم بلا سبب ، وأمّا في القسم الثاني فلبقائه على سبب واحد. تقول : جاءَ طَلْحَةُ وطَلْحَةٌ آخَر ، وقامَ عُمَرُ وعُمَرٌ آخر ، وقامَ أَحْمَدُ وأَحْمَدٌ آخر.

وكلّ ما لا ينصرف إذا اُضيف أو دخله اللام ، دخله الكسرة في حالة الجرّ كمَرَرْتُ بِأَحْمَدِكُمْ وبِالْأحْمَرِ. تمّت المقدّمة.

٣٧٨

المقصد الأوّل : في المرفوعات

الأسماء المرفوعة وهي ثمانية أقسام : الفاعل ، والمفعول الّذي لم يُسَمَّ فاعله ، والمبتدأ ، والخبر ، وخبر «إنَّ» وأخواتها ، واسم «كان» وأخواتها ، واسم «ما» و «لا» المشبّهتين بليس ، وخبر «لا» الّتي لنفي الجنس.

القسم الأوّل : الفاعل

وهو كلّ اسم قبله فعل أو شبهه اُسند إليه على معنى أنّه قائم به لا واقع عليه نحو : قامَ زَيْدٌ ، وزَيْدٌ ضارِبٌ أبُوهُ ، وما ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْراً.

وكلّ فعل لا بُدَّ له من فاعل مرفوع ، مظهراً كان ك‍ : ذَهَبَ زَيْدٌ ، أو مضمراً ك‍ : زَيْدٌ ذَهَبَ. وإن كان متعدّياً كان له مفعول به أيضاً منصوب نحو : زيدٌ ضَرَبَ عَمْراً.

فإن كان الفاعل مظهراً وُحِّدَ الفعل أبداً نحو : ضَرَبَ زَيْدٌ وضَرَبَ الزَّيْدانِ ، وضَرَبَ الزَّيْدُونَ ، وإن كان الفاعل مضمراً وُحِّدَ الفعل للفاعل الواحد نحو : زَيْدٌ ضَرَبَ ، ويثنّى للمثنّى نحو : الزَّيْدانِ ضَرَبا ، ويجمع للجمع نحو : الزَّيْدُونَ ضَرَبُوا.

وإن كان الفاعل مؤنّثاً حقيقيّاً ـ وهو ما يوجد بأزائه ذكر من الحيوانات ـ اُنِّثَ الفعل أبداً ، إن لم تفصل بين الفعل والفاعل ، نحو : قامَتْ هِنْدٌ ، فإن فصّلت فلك الخيار في التذكير والتأنيث نحو : ضَرَبَ الْيَوْمَ هِنْدٌ ، وإن شئت تقول ضَرَبَتِ الْيَوْمَ هِنْدٌ.

وكذلك في المؤنّث الغير الحقيقيّ نحو : طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وإن شئت قلت : طَلَعَ الشَّمْسُ. هذا إذا كان الفعل مقدّماً على الفاعل ، وأمّا إذا كان متأخّراً اُنّثَ الفعل نحو : الشَّمْسُ طَلَعَتْ.

٣٧٩

وجمع التكسير كالمؤنّث الغير الحقيقيّ تقول : قامَ الرّجالُ ، قامَتِْ الرّجالُ. ويجب تقديم الفاعل على المفعول إذا كانا مقصورين وخفت اللّبس نحو : ضَرَبَ مُوسىٰ عيسىٰ.

ويجوز تقديم المفعول على الفاعل إذا كان قرينة مع كونهما مقصورين ، أو غير مقصورين إن لم تخف اللبس نحو : أكَلَ الْكُمَّثرىٰ يَحْيىٰ ، وضَرَبَ عَمْراً زَيْدٌ.

ويجوز حذف الفعل حيث كانت قرينة نحو : زَيْدٌ ، في جواب من قال : مَنْ ضَرَبَ ؟ وكذا حذف الفاعل والفعل معاً كنَعَمْ في جواب من قال : أَقامَ زَيْدٌ ؟ وقد يحذف الفاعل ويقام المفعول مقامه إذا كان الفعل مجهولاً وهو القسم الثاني من المرفوعات.

القسم الثاني : مفعول ما لم يسمّ فاعله

وهو كلّ مفعول حذف فاعله واُقيم المفعول مقامه نحو : ضُربَ زَيْدٌ ، وحكمه في توحيد فعله وتثنيته وجمعه ، وتذكيره وتأنيثه ، على قياس ما عرفت في الفاعل.

القسم الثالث والرابع : المبتدأ والخبر

وهما اسمان مجرّدان عن العوامل اللّفظية ، أحدهما : مسند إليه ويسمّى المبتدأ ، والثاني : مسند به ويسمّى الخبر نحو : زَيْدٌ قائِمٌ.

والعامل فيهما معنويّ هو الابتداء.

وأصل المبتدأ أن يكون معرفة ، وأصل الخبر أن يكون نكرة. والنكرة إذا وصفت جاز أن تقع مبتدأ نحو قوله تعالى : (وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن

٣٨٠