جامع المقدّمات

جمع من العلماء

جامع المقدّمات

المؤلف:

جمع من العلماء


المحقق: الشيخ جليل الجراثيمي
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
ISBN: 978-964-470-030-9
الصفحات: ٦٣٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

نسبة إضافيّة وإسناديّة ، فإن تضمّن الثاني حرفاً فيجب بناؤهما على الفتح كأحَدَ عَشَرَ ، إلى تِسْعَةَ عَشَرَ ، إلّا اثْنا عَشَرَ فإنّها معربة كالمثنّى. وإن لم يتضمّن الثاني حرفاً ففيها ثلاث لغات أفصحها بناء الأوّل على الفتح وإعراب الثاني إعراب غير المنصرف ك‍ : بَعْلَبَكَّ ومَعْدي كَرَبَ.

النوع السابع : الكنايات

وهي أسماء وضعت لتدلّ على عدد مبهم وهي : كَمْ وكَذا ، أو حديث مبهم وهو : كَيْتَ وذَيْتَ.

واعلم أنّ كم على قسمين : استفهاميّة وهي ما بعدها مفرد منصوب على التمييز نحو : كَمْ رَجُلاً عِنْدَك ؟

وخبريّة وهي ما بعدها مجرور ومفرد نحو : كَمْ مالٍ أنْفَقْتُهُ ، أو مجموع نحو : كَمْ رِجالٍ لَقِيتُهُمْ ؛ ومعناه التكثير.

وقد تدخل «مِنْ» فيهما تقول : كَمْ مِنْ رَجُلٍ لقيتُهُ ؟ وكَمْ مِنْ مالٍ أنْفَقْتُهُ ؟ وقد يحذف مميّزها لقيام قرينة ، نحو : كَمْ مالُك ؟ أي كم ديناراً مالك ؟ وكَمْ ضَرَبْتَ ؟ أي كم رجلاً ضربتَ ؟

واعلم أنّ كم في الوجهين يقع منصوباً إذا كان بعده فعل غير مشتغل عنه بضميره نحو : كَمْ رَجُلاً ضَرَبْتَ ؟ وكَمْ غُلامٍ مَلَكْتَ ، كان مفعولاً به ، أو مصدراً نحو : كَمْ ضَرْبَةً ضَرَبْتَ ؟ أو مفعولاً فيه نحو : كَمْ يَوْماً سِرْتَ ؟ وكَمْ يَوْماً صُمْتَ ؟

ويقع مجروراً إذا كان ما قبلها حرف جرّ أو مضافاً نحو : بِكَمْ رَجُلٍ مَرَرْتَ ؟ وعَلى كَمْ رَجُلٍ حَكَمْتَ ؟ وغُلامُ كَمْ رَجُلٍ ضَرَبْتَ ؟ ومالُ كَمْ رَجُلٍ سَلَبْتَ ؟

ومرفوعاً إذا لم يكن شيء من الأمرين ، مبتدأ إذا لم يكن تمييزه

٤٠١

ظرفاً نحو : كَمْ رَجُلاً أخُوك ؟ أو كَمْ رَجُلٍ ضَرَبْتُهُ. وخبراً إن كان ظرفاً نحو : كَمْ يَوْماً سَفَرُكَ ؟ وكَمْ شَهْرٍ صَومي.

النوع الثامن : الظروف المبنيّة

على أقسام : منها ما قطع عن الإضافة بأن حذف المضاف إليه ك‍ : «قَبْلُ» ، «وبَعْد» ، «وفَوْق» ، «وتَحْت» ، قال الله تعالى : «لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ» (١) ، أي من قبل كلّ شيء ومن بعده ، ويسمّى الغايات. هذا إذا كان المحذوف منويّاً للمتكلّم. وإلّا كانت معربة. وعلى هذا قرئ : «لله الأمر من قبلِ ومن بعدِ».

ومنها : «حيْثُ» وإنّما بنيت تشبيهاً بالغايات لملازمتها الإضافة ، وشرطها أن تضاف إلى الجملة ك‍ : اجْلِسْ حَيْثُ زَيْدٌ جالِسٌ ، قال الله تعالى : «سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ» (٢) وقد تضاف إلى المفرد كقول الشاعر :

أما تَرىٰ حَيْثُ سُهَيْلٍ طالِعاً

نَجْمٌ يُضيءُ كَالشِهابِ ساطِعاً

أي مكان سهيل. «فحيث» بمعنى «مكان» هنا.

ومنها : «إذا» وهي للمستقبل ، وإذا دخلت على الماضي صار مستقبلاً نحو قوله تعالى : «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ» (٣) وفيها معنى الشرط غالباً. ويجوز أن يقع بعدها الجملة الاسميّة نحو : أتَيْتُكَ إذا الشَّمْسُ طالِعَةٌ ، والمختار الفعليّة نحو : أتَيْتُكَ إذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وقد يكون للمفاجأة فيختار بعدها المبتدأ نحو : خَرَجْتُ فَإذا السَّبُعُ واقِفٌ.

____________________________

(١) الروم : ٤.

(٢) الاعراف : ١٨٢ والقلم : ٤٤.

(٣) النصر : ١.

٤٠٢

ومنها : «اِذْ» وهي للماضي نحو : جِئْتُكَ إذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، وإذ الشَّمْسُ طالِعَةٌ.

ومنها : «أيْنَ» و «أنّى» للمكان بمعنى الاستفهام نحو : أيْنَ تَمْشي ؟ وأنّى تَقْعُدُ ؟ وبمعنى الشرط نحو : أيْنَ تَجْلِسْ أجْلِسْ ، وأنّى تَقُمْ أقُمْ.

ومنها : «مَتىٰ» للزمان شرطاً واستفهاماً نحو : مَتىٰ تُسافِرْ اُسافِرْ ، ومَتىٰ   تَقْعُدْ أقْعُدْ ؟

ومنها : «كَيْفَ» للاستفهام حالاً نحو : كَيْفَ أنْتَ ؟ أي في أيّ حال.

ومنها : «أيّانَ» للزمان استفهاماً نحو : «أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ» (١).

ومنها : «مُذْ» و «مُنْذُ» بمعنى أوّل المدّة جواباً لمَتىٰ نحو : ما رَأيْتُ زَيْداً مُذْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، في جواب من قال : مَتىٰ ما رَأيْتَ ؟ ، أي أوّل مدّة انقطع رؤيتي إيّاه يوم الجمعة. وبمعنى جميع المدّة إن صلح جواباً لِكمْ نحو : ما رَأيْتُهُ مُذْ يَوْمانِ ، في جواب من قال كَمْ مُدَّة ما رَأيْتَ زَيْداً ؟ أي جميع مدّة ما رأيته فيها يومان.

ومنها : «لَدىٰ» و «لَدُنْ» بمعنى «عند» نحو : الَمالُ لَدَيْكَ ، والفرق بينهما أنّ «عِنْد» للمكان ولا يشترط فيه الحضور ، ويشترط ذلك في لَدىٰ ولَدُنْ ، وجاء فيه لغات : لَدَنْ ، لَدُنْ ، لَدِنْ ، لَدْ ، لُدْ ، لِدْ.

ومنها : «قَطُّ» للماضي المنفيّ نحو : ما رَأيْتُهُ قَطُّ.

ومنها : «عَوْضُ» للمستقبل المنفيّ نحو : لا أضْرِبُهُ عَوْضُ.

واعلم أنّه إذا اضيف الظروف إلى جملة ، جاز بناؤها على الفتح نحو قوله تعالى : «يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ» (٢) ويَوْمَئِذٍ وحينَئِذٍ. وكذلك مِثْل ، وغَيْر ، مع ما ، وأنْ وأنَّ تقول : ضَرَبْتُ مِثْلَ ما ضَرَبَ زَيْدٌ ،

____________________________

(١) الذاريات : ١٢.

(٢) المائدة : ١١٩.

٤٠٣

وضَرَبْتُهُ غَيْرَ أنْ ضَرَبَ زَيْدٌ ، وقيامي مِثْلَ أنَّكَ تَقُومُ.

الخاتمة

في سائر أحكام الاسم ولواحقه غير الإعراب والبناء

وفيه فصول :

فصل : اعلم أنّ الاسم على قسمين : معرفة ، ونكرة.

المعرفة اسم وضع لشيء معيّن ، فهي ستّة أقسام :

المضمرات ، والأعلام ، والمبهمات ـ أعنى أسماء الإشارات والموصولات ـ والمعرّف باللام ، والمضاف إلى أحدها إضافة معنويّة ، والمعرّف بالنداء.

فصل : العَلَم ، ما وضع لشيء معيّن بحيث لا يتناول غيره بوضع واحد. وأعرف المعارف المضمر المتكلّم نحو : أنَا ونَحْنُ ، ثمّ المخاطب نحو : أنْتَ ، ثمّ الغائب نحو : هُوَ ، ثمّ العَلَم نحو : زَيْد ، ثمّ المبهمات ، ثمّ المعرّف باللام ، ثمّ المعرّف بالنداء ، ثمّ المضاف إلى أحدها ، والمضاف في قوّة المضاف إليه.

والنكرة ما وضع لشيء غير معيّن ك‍ : رَجُل ، وفَرَس.

فصل : أسماء الأعداد ، ما وضع ليدلّ على كمّيّة آحاد الأشياء واُصول العدد اثنتا عشرة كلمة ، واحد إلى عَشَر ، ومائة ، وألف. واستعماله من واحِد واثْنَيْن على القياس ، أعني يكون المذكّر بدون التاء ، والمؤنّث بالتاء تقول في رجل : واحِد ، وفي رجلين : اثْنَيْنِ ، وفي امرأة : واحِدَة ، وفي امرأتين : اثْنَتَيْن. ومن ثَلاثَة إلى عَشَرَة على خلاف القياس ، أعني للمذكّر بالتّاء تقول : ثَلاثةُ رجال إلى عَشَرةِ رجال ، وللمؤنّث بدونها تقول : ثَلاثُ نِسْوَةٍ إلى عَشَرَ نِسْوَةٍ. وبعد العشر تقول : أحَدَ عَشَرَ رَجُلاً ، واثنا عَشَرَ

٤٠٤

رَجُلاً ، وإحْدىٰ عَشَرَة امرأة ، واثنتا عَشَرَة امرأة ، وثَلاثَة عَشَرَ رَجُلاً ، وثَلاثَ عَشَرَة امرأة ، إلى تسعة عشر رجلاً ، وإلى تسع عشرة امرأة. وبعد ذلك تقول : عِشْرُونَ رَجُلاً وعِشْرُونَ امرأة بلا فرق إلى تِسْعينَ رَجُلاً وامرأة ، وأحَدَ وَعِشْرُونَ رَجُلاً وإحْدىٰ وَعِشْرُونَ امرأةً إلى تِسْعَة وَتِسْعينَ رَجُلاً والى تِسْع وتِسْعينَ امرأة. ثمّ تقول : مائةُ رَجُلٍ ومائةُ امرأة ، وألْفُ رَجُلٍ وألْف امرأة ، ومائتا رَجلٍ ، ومائتا امرأة ، وألْفا رَجُلٍ ، وألْفا امرأة بلا فرق بين المذكّر والمؤنّث. فإذا زاد على الألف والمائة يستعمل على قياس ما عرفت ، وتقدّم الألف على المائة والآحاد على العشرات تقول : عِنْدي ألْفٌ ومائة وأحَد وعِشْرُونَ رَجُلاً ، وألْفانِ وَثَلاثمائةٍ واثْنانِ وَعِشْرُونَ رَجُلاً ، وأربعة آلاف وسبعمائة وخمسة وَأرْبَعُونَ رَجُلاً ، وعلى ذلك القياس.

واعلم أنّ الواحد والاثنين لا مميّز لهما ، لأنّ لفظ المميّز مستغن عن ذكر العدد فيهما كما تقول : عِنْدي رَجُلٌ وَرَجُلانِ.

وأمّا سائر الأعداد فلا بدّ لها من مميّز فتقول في مميّز الثلاثة إلى عشرة مخفوضاً ومجموعاً تقول : ثَلاثَة رجالٍ وثَلاثُ نِسْوَةٍ ، إلّا إذا كان المميّز لفظ المائة فحينئذ يكون مخفوضاً مفرداً تقول : ثلاثمائة ، والقياس ثلاث مئات أو مِئين.

ومميّز أحَدَ عَشَرَ إلى تِسْعٍ وتِسْعينَ منصوب مفرد تقول : أحَدَ عَشَرَ رَجُلاً ، وإحْدىٰ عَشَرَة امرأة ، وتِسْعَةٌ وتِسْعُونَ رَجُلاً ، وتِسْعٌ وتِسْعُونَ امرأةً. ومميّز مائة وألْف وتثنيتهما وجمع الألف مخفوض مفرد تقول : مائة رَجُلٍ ، ومائتا رَجُلٍ ، ومائة امرأة ، ومائتا امرأةٍ ، وَالْفُ رَجُلٍ ، وألْفا رَجُلٍ ، وألْفُ امرأةٍ ، وألْفا امرأةٍ ، وثَلاثُ آلافِ رَجُلٍ ، وثَلاثُ آلافِ امرأةٍ ، وقس على هذا.

٤٠٥

فصل : الاسم إمّا مذكّر وإمّا مؤنّث ، والمؤنّث ما فيه علامة التأنيث لفظاً أو تقديراً والمذكّر هو ما بخلافه.

وعلامة التأنيث ثلاثة : التاء كطَلْحَة ، والألف المقصورة كحُبلىٰ ، والممدودة كحَمْراء وصَفْراء. والمقدّر إنّما هو التاء فقط كأرْض ودار ، بدليل ارَيْضَة ودُوَيْرَة ، ثمّ المؤنّث على قسمين :

حقيقيّ : وهو ما بازائه حيوان مذكّر كامرأة وناقة.

ولفظيّ : وهو مجازيّ بخلافه كظلْمَة وعَيْن. وقد عرفت أحكام الفعل إذا اُسند إلى المؤنّث فلا نعيدها.

فصل : المثنّى : اسم ما اُلحق بآخره ألفٌ أو ياءٌ مفتوح ما قبلها ونون مكسورة ليدلّ على أنّ معه آخر مثله نحو : رَجُلانِ رفعاً ، ورَجُلَيْنِ نصباً وجرّاً ، هذا في الصحيح.

أمّا في المقصور : فإن كان الألف منقلبة عن الواو وكان ثلاثيّاً ردّ إلى أصله ك‍ : عَصَوان في عَصا.

وإن كانت عن ياء ، أو عن واو ، وكانت أكثر من الثلاثي ، أو ليس منقلبة عن شيء تقلب ياء ك‍ : رَحَيانِ ومَلْهَيانِ وحُبارَيان.

وأمّا الممدودة : فإن كانت همزته أصليّة كقُرّاء تثبت ك‍ : قُرّاءان ، وإن كانت للتأنيث تقلب واواً كحَمْراوان ، وإن كانت بدلاً من واو أو ياء من الأصل جاز فيه الوجهان ك‍ : كساوانِ وكَساءان ، ورَداوان ورداءان.

ويجب حذف نونه عند الإضافة تقول : جاءَ غُلاما زَيْدٍ.

ويحذف تاء التأنيث في الخصية والإلية خاصّة تقول : خُصْيانِ وإلْيانِ لأنّهما متلازمان فكأنّهما تثنية شيءٍ واحد لا زوج.

واعلم أنّه إذا اُريد إضافة المثنّى إلى المثنّى يعبّر عن الأوّل بلفظ الجمع

٤٠٦

كقوله تعالى : «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا» (١). وذلك لكراهيّة اجتماع التثنيتين فيما يكون اتّصالهما لفظاً ومعنىً.

فصل : المجموع : اسم ما دلّ على آحاد ، وتلك الآحاد مقصودة بحروف مفردة بتغييرٍ مّا ، لفظيّ كرجال ، جمع رجل ، أو تقديريّ كفُلْك على وزن اُسْد ، فإنّ مفرده أيضاً فُلْك لكنّه على وزن قُفْل.

فالقوم ونحوه وإن دلّ على آحاد ليس بجمع إذ لا مفرد له [ من لفظه ]. ثمّ الجمع على قسمين : مصحّح : وهو ما لم يتغيّر بناء مفرده كمُسْلِمُونَ ، ومكسّر : وهو ما يتغيّر بناء واحده وذلك نحو : رجال.

والمصحّح على قسمين : مذكّر : وهو ما لحق آخره واو مضموم ما قبلها ونون مفتوحة ك‍ : مُسْلِمُونَ ، أو ياء مكسور ما قبلها ونون كذلك ، ليدلّ على أنّ معه أكثر منه نحو : مُسْلِمينَ. هذا في الصحيح ، أمّا المنقوص فتحذف ياؤه نحو : قاضُونَ وداعُونَ ، والمقصورة يحذف ألفه ويبقى ما قبلها مفتوحاً ليدلّ على الألف المحذوف مثل مُصْطَفَونَ ، وشرطه إن كان اسماً أن يكون مذكّراً علماً لا يعقل ويختصّ باُولي العلم.

وأمّا قولهم سِنُونَ وأرَضُونَ وثُبُونَ وقُلُونَ بالواو والنون فشاذّ.

ويجب أن لا يكون أفْعَلَ مؤنّثه فَعْلاء كأحْمَر مؤنّثه حَمْراء ، ولا فَعْلان مؤنّثه فَعْلىٰ كسَكْران مؤنّثه سَكْرىٰ ، ولا فَعيل بمعنى مَفْعُول كَجريح بمعنى مَجْرُوح ، ولا فَعُول بمعنى فاعِل كصَبُور بمعنى صَابِر. ويجب حذف نون بالإضافة نحو : مُسْلِمُو مِصْر.

ومؤنّث : وهو ما اُلحق بآخره ألف وتاء. وشرطه إن كان صفة وله

____________________________

(١) المائدة : ٣٨.

٤٠٧

مذكّر فأنْ يكون مذكّره قد جمع بالواو والنون كمُسْلِمات ، وإن لم يكن له مذكّر فشرطه أن لا يكون مؤنّثاً مجرّداً من التاء ـ كالحائِضِ والحامِلِ ـ وإن كان اسماً يجمع بالألف والتاء بلا شرط كهِنْدات.

والمكسّر : صيغته في الثلاثي كثيرة غير مضبوطة تعرف بالسماع ك‍ : أرْجُل وأضْراس وقُلُوب.

وفي غير الثلاثي على وزن فَعالِلْ كجَعافِر وجَداول ، جمع جَعْفَر ، وجَدْوَل قياساً كما عرفت في التصريف.

واعلم أنّ الجمع أيضاً على قسمين :

جمع قلّة : وهو ما يطلق على العشرة فما دونها ، وأبنية جمع القلّة : أفْعُل وأفْعال وفِعْلَة وأفْعِلَة.

وجمع كثرة : وهو ما يطلق على ما فوق العشرة وأبنيته ما عدا [ هذه الأربعة ].

ويستعمل كلّ منهما في موضع الآخر على سبيل الاستعارة نحو قوله تعالى : «ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ» (١) مع وجود أقراء.

فصل : المصدر : اسم يدلّ على الحدث فقط. ويشتقّ منه الأفعال كالضَرْب والنَصْر مثلاً ، وأبنيته من الثلاثي المجرّد غير مضبوط تعرف بالسماع ، ومن غير الثلاثي قياسيّة ك‍ : الإْفعالِ والاْنفِعالِ والاسْتِفْعال مثلاً.

والمصدر إن لم يكن مفعولاً مطلقاً يعمل عمل فعله أعنى : يرفع فاعلاً إن كان لازماً ك‍ : أعْجَبَني قِيامُ زَيْدٍ ، وينصب مفعولاً به أيضاً إن كان متعدّياً نحو : ضَرْبُ زَيْدٍ عَمْراً.

____________________________

(١) البقرة : ٢٢٨.

٤٠٨

ولا يجوز تقديم معمول المصدر عليه فلا يقال : أعْجَبَني زَيْداً ضَرْبٌ.

وإن كان مفعولاً مطلقاً فالعمل للفعل الّذي قبله نحو : ضَرَبْتُ ضَرْباً عَمْراً ، فعمراً منصوب بضَرَبْتُ لا بضَرْباً.

فصل : اسم الفاعل : اسم يشتقّ من يَفْعَلُ ليدلّ على ما قام به الفعل بمعنى الحدوث وصيغته من مجرّد الثلاثي على وزن : الفاعِل ، كضارِب وناصِر ، ومن غيره على وزن صيغة المضارع من ذلك الفعل بميم مضمومة مكان حرف المضارعة وكسر ما قبل الآخر ك‍ : مُدْخِل ومُسْتَخْرِج.

ويعمل عمل الفعل المعروف إن كان فيه معنى الحال والاستقبال ومعتمداً على المبتدأ. نحو : زَيْدٌ قائِمٌ أبُوهُ ، أو ذي الحال نحو : جاءني زَيْدٌ ضارباً أبُوهُ عَمْراً ، أو همزة الاستفهام نحو : أقائِمٌ زَيْدٌ ؟ أو حرف النفي نحو : ما قائِمٌ زَيْدٌ الآنَ أوْ غَداً ، أو موصوف نحو : عِنْدي رَجُلٌ ضاربٌ أبُوهُ عَمْراً.

فإن كان فيه معنى الماضي وجبت الإضافة نحو : زَيْدٌ ضاربُ عَمْروٍ أمْسِ. هذا إذا كان منكّراً ، أمّا إذا كان معرّفاً باللام يستوي فيه جميع الأزمنة نحو : زَيْدٌ الضاربُ أبُوهُ عَمْراً الآن أو غداً أو أمْسِ.

فصل : اسم المفعول : مشتق من يُفْعَلُ بالمجهول متعدّياً ليدلّ على من وقع عليه الفعل وصيغته من الثلاثي المجرّد على المَفْعُول لفظاً كمَضْرُوب ، أو تقديراً كمَقُول ومَرْمِيَّ ، ومن غيره كاسم الفاعل منه بفتح ما قبل الآخر كمُدْخَل ومُسْتَخْرَج ويعمل عمل فعله المجهول بالشرائط المذكورة في اسم الفاعل نحو : زَيْدٌ مَضْرُوبٌ غُلامُهُ الآن أوْ غَداً.

٤٠٩

فصل : الصفة المشبّهة : اسم مشتقّ من فعل لازم ليدلّ على من قام به الفعل بمعنى الثبوت. وصيغتها على خلاف صيغة اسم الفاعل والمفعول ، وإنّما يعرف بالسماع ك‍ : حَسَنٍ وصَعْبٍ وشُجاعٍ وشَريفٍ وذَلُولٍ.

وهي تعمل عمل فعلها مطلقاً بشرط الاعتماد المذكور ، ومثالها ثَمانِيَةَ عَشَرَ ، لأنّ الصفة إمّا باللام أو مجرّدة عنها ومعمولها إمّا مضاف أو باللام أو مجرّد عنهما ، فهذه ستّة ، ومعمول كلّ واحد منهما إمّا مرفوع أو منصوب أو مجرور فلذلك كانت ثمانية عشر.

وتفصيلها نحو : جاءني زَيْدٌ الْحَسَنُ وَجْهَـِـُهِ ثلاثة ، كذلك الْحَسَنُ الْوَجْهَُِ ، والْحَسَنُ وَجْهًٌ ، وحَسَنٌ وَجْهَـِـُه ثلاثة وكذلك ، حَسَنُ الْوَجْهَُِ ، وَحَسَنٌ وَجْهًٌ وهي خمسة أقسام : الأوّل ممتنع الْحَسَنُ وَجْهِهِ ، والْحَسَنُ وَجْهٍ ، ومختلف فيه حَسَنٌ وَجْهِهِ ، والبواقي أحسن إن كان فيه ضمير واحد ، وحسن إن كان فيه ضميران ، وقبيح إن لم يكن فيه ضمير.

ومتى رفعت بها معمولها فلا ضمير في الصفة ومتى نصبتَ أو جررتَ ففيها ضمير الموصوف.

فصل : اسم التفضيل : اسم اشتقّ من فعل ليدلّ على الموصوف بزيادة على غيره ، وصيغته أفْعَلُ غالباً ، ولا يبنى إلّا من ثلاثيّ مجرّد ليس بلون ولا عيب نحو : زَيْدٌ أفْضَلُ الناسِ ، فإن كان زائداً على الثلاثة ، أو كان لوناً أو عيباً يجب أن يبنى من الثلاثي المجرّد ما يدلّ على المبالغة أو الشدّة أو الكثرة ثمّ تذكر بعده مصدر ذلك الفعل منصوباً على التمييز كما تقول : هُوَ أشَّدُ اسْتِخْراجاً ، وأقْوىٰ حُمْرَةً ، وأقْبَحُ عَرَجاً ، وأكْثَرُ اضْطِراباً مِنْ زَيْدٍ.

وقياسه أن يكون للفاعل كما مرّ ، وقد جاء للمفعول نحو : أنْدَر وأشْغَل وأشْهَر. واستعماله على ثلاثة أوجه :

٤١٠

مضافاً ك‍ : زَيْدٌ أفْضَلُ الْقَوْم ، أو معرّفاً باللام نحو : زَيْدٌ الْأفْضَلُ ، أو بمِنْ نحو : زَيْدٌ أفْضَلُ مِنْ عَمْروٍ.

ويجوز في الأوّل الإفراد ومطابقة اسم التفضيل للموصوف نحو : زَيْدٌ أفْضَلُ الْقَوْمِ ، والزَّيْدانِ أفْضَلا الْقَوْمِ ، والزَّيْدُونَ أفْضَلُوا الْقَوْمِ واَفْضَلُ الْقَوْمِ ، والْهِنْدُ والهِنْدانِ فُضْلَى الْقَوْمِ وفُضْلَيَا الْقَوْمِ ، والْهِنْداتُ فُضْلَياتُ الْقَوْمِ.

وفي الثاني يجب المطابقة نحو : زَيْدٌ الأفْضَلُ ، والزَّيْدانِ الأفْضَلانِ ، والزَّيْدُونَ الأفْضَلُونَ وهند الفضلى والهندان الفضليان والهندات الفضليات.

وفي الثالث يجب كونه مفرداً مذكّراً أبداً نحو : زَيْدٌ أفْضَلُ مِنْ عَمْروٍ ، والزَّيْدانِ أفْضَلُ مِنْ عمروٍ ، والزَّيْدُونَ أفْضَلُ مِنْ عمروٍ ، والهِنْدُ والهِنْدانِ والهِنْدات أفضلُ من عمروٍ.

وعلى الأوجه الثلاثة يضمر فيه الفاعل وهو يعمل في ذلك المضمر ، ولا يعمل في مظهر أصلاً إلّا في مثل قولهم : ما رَأيْتُ رَجُلاً أحْسَنَ في عَيْنِهِ الْكُحْلُ مِنْهُ في عَيْنِ زَيْدٍ ، فإنّ الكحل فاعل لِأحْسَن وهاهنا بحث.

القسم الثاني : في الفعل

وقد سبق تعريفه ، وأقسامه ثلاثة : ماض ، ومضارع ، وأمر.

الأوّل : الماضي

وهو فعل دلّ على زمان قبل زمان الخبريّة ، وهو مبنيّ على الفتح إن لم يكن معه ضمير مرفوع متحرّك ، فهو مبنيّ على السكون كضَرَبْتُ ، وعلى الضمّ مع الواو كَضَربُوا.

٤١١

الثاني : المضارع

وهو فعل يشبه الاسم بأحد حروف «أتَيْنَ» في أوّله لفظاً في اتّفاق حركاتهما وسكناتهما ك‍ : يَضْربُ ويَسْتَخْرجُ فهو كضارب ومُسْتَخْرج ، وفي دخول لام التأكيد في أوّلهما تقول : إنَّ زَيْداً لَيَقَومُ ، كما تقول : إنَّ زَيْداً لَقائِمٌ ، وتساويهما في عدد الحروف ، ومعنى في أنّه مشترك بين الحال والاستقبال كاسم الفاعل ولذلك سمّوه مضارعاً ، والسين وسوف يخصّصه بالاستقبال نحو : سَيَضْربُ ، واللام المفتوحة بالحال نحو : لَيَضْربُ.

وحروف المضارعة مضمومة في الرباعيّ كيُدَحْرجُ ، أي فيما كان ماضيه على أربعة أحرف ، ومفتوحة فيما عداه كيَضْربُ ويَسْتَخْرجُ.

وإعرابه مع أنّ الأصل في الفعل البناء لمضارعته ، أي لمشابهته الاسم ، والأصل في الاسم الإعراب ، وذلك إذا لم يتّصل به نون التأكيد ، ولا نون الجمع المؤنّث ، وأنواع الإعراب فيه ثلاثة أيضاً ، رفع ، ونصب ، وجزم نحو : يَضْربُ وأنْ يَضْربَ ولَمْ يَضْربْ.

فصل : في أصناف الإعراب للفعل

وهو أربعة أصناف :

الأوّل : أن يكون الرفع بالضمة والنصب بالفتحة والجزم بالسكون. ويختصّ بالمفرد الصحيح الغير المخاطبة نحو : يَضْربُ وأنْ يَضْربَ ولَمْ يَضْربْ.

الثاني : أن يكون الرفع بثبوت النون والنصب والجزم بحذفها ويختصّ بالتثنية والجمع المذكّر والمفردة المخاطبة صحيحاً أو غيره ، تقول : هُما يَفْعَلانِ ، وهُمْ يَفْعَلُونَ ، وأنْتِ تَفْعَلينَ ، ولَنْ تَفْعَلا ، ولَنْ تَفْعَلُوا ، ولَنْ

٤١٢

تَفْعَلي ، ولَمْ تَفْعَلا ، ولَمْ تَفْعَلُوا ، ولَمْ تَفْعَلي.

الثالث : أن يكون الرفع بتقدير الضمّة ، والنصب بالفتحة ، والجزم بحذف اللام ، ويختصّ بالناقص اليائيّ الواويّ غير التثنية ، والجمع ، والمخاطبة تقول : هُو يَرمي ويَغْزُو ، ولَنْ يَغْزُوَ ولَنْ يَرْمِيَ ، ولَمْ يَرْمِ ولَمْ يَغْزُ.

الرابع : أن يكون الرفع بتقدير الضمّة ، والنصب بتقدير الفتحة ، والجزم بحذف اللام ، ويختصّ بالناقص الألفيّ في غير التثنية ، والجمع ، والمخاطبة نحو : هُوَ يَسْعىٰ ، ولَنْ يَسْعىٰ ، ولَمْ يَسْعَ.

فصل : المضارع المرفوع عامله معنويّ وهو تجريده عن الناصب والجازم نحو : هُوَ يَضْربُ ، وهُوَ يَغْزُو ، وهُوَ يَرْمي ، وهُوَ يَسْعىٰ.

فصل : المضارع المنصوب عامله خمسة أحرف : «أنْ ، ولَنْ ، وكَيْ ، وإذَنْ ، وأنْ المقدّرة» ، نحو : اُريدُ أنْ تُحْسِنَ إلَيَّ ، وأنَا لَنْ أضْربَكَ ، وأسْلَمْتُ كَيْ أدْخُلَ الْجَنَّةَ ، وإذَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكْ.

وبتقدير أنْ في سبعة عشر موضعاً :

بعد حتّى نحو : أسْلَمْتُ حتّى أدْخُلَ الْجَنَّة.

ولام كَيْ نحو : قامَ زَيْدٌ لِيَضْربَ ، ولام الجحود نحو قوله تعالى : «وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ» (١).

والفاء الواقعة في جواب الأمر والنهي والاستفهام والنفي والتمنّي والعرض نحو : أسْلِمْ فَتَسْلِمَ ، ولا تَعْصِ فَتُعَذَّبَ ، وهَلْ تَعْلَمُ فَتَنْجُوَ ، وما تَزُورُنا فَنُكْرمَكَ ، وَلَيْتَ لي مالاً فَانْفِقَهُ وألا تَنْزلُ بِنا فَتُصيبَ خَيْراً.

____________________________

(١) الانفال : ٣٣.

٤١٣

وبعد الواو الواقعة كذلك في جواب هذه الأشياء نحو : أسْلِمْ وَتَسْلِمَ إلى آخر الأمثلة.

وبعد أو بمعنى إلى نحو : جِئْتُكَ أوْ تُعْطِيَني حَقّي.

وبعد واو العطف إذا كان المعطوف عليه اسماً صريحاً نحو : أعْجَبَني قِيامُكَ وَتَخْرُجَ.

ويجوز إظهار أنْ مع لام كَيْ نحو : أسلَمْتُ لأنْ أدْخُلَ الجنَّةَ ، ومع واو العطف نحو : أعجبنى قيامُك وَأنْ تَخْرُجَ.

ويجب إظهارها مع لا ولام كي نحو : لِئَلّا يَعْلَمَ.

واعلم أنّ الواقعة بعد العِلم ليست هي الناصبة للمضارع بل إنّما هي المخفّفة من المثقّلة نحو قوله تعالى : «عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ» (١) ، فالواقعة بعد الظنّ جاز فيه الوجهان : أن تنصب بها ، وأن تجعلها كالواقعة بعد العِلم.

فصل : [ المضارع ] المجزوم عامله : «لَمْ ، ولَمّا ، ولام الامر ، ولاء النهي ، وكلمة المجازاة وهي : إنْ ، ومَهْما ، واِذْما ومتىٰ ، وأيْنَ ، وحَيْثُما ، ومَنْ وما ، وأيّ ، وأنّى ، وإنْ المقدّرة نحو : لَمْ يَضْرِبْ ، ولَمّا يَضْرِبْ ، ولِيَضْرِبْ ، ولا يَضْرِبْ ، وإنْ تَضْربْ أضْربْ ، إلى آخرها.

واعلم أنّ «لَمْ» تقلب المضارع ماضياً منفيّاً ، و «لَمّا» كذلك إلّا أنّ فيها توقّعاً بعده ودواماً قبله ، وأيضاً يجوز حذف الفعل بعد لَمّا تقول : نَدِمَ زَيْدٌ ولَمّا ، أي لمّا ينفعه الندم ، ولا تقول : نَدِمَ زَيْدٌ وَلَمْ.

وأمّا كلمة المجازاة حرفاً كانت أو اسماً فهي تدخل على الجملتين لتدلّ

____________________________

(١) المزّمل : ٢٠.

٤١٤

على أنّ الاُولىٰ سبب للثانية ، وتسمّى الاُولى شرطاً ، والثانية جزاء ، ثمّ إن كان الشرط والجزاء مضارعين يجب الجزم فيهما نحو : إنْ تُكْرِمْني اُكْرِمْكَ ، وإن كانا ماضيين لم يعمل فيهما لفظاً نحو : إنْ ضَرَبْتَ ضَرَبْتُ ، وإن كان الجزاء وحده ماضياً يجب الجزم في الشرط نحو : إنْ تَضْربْني ضَرَبْتُكَ ، وإن كان الشرط وحده ماضياً جاز فيه الوجهان نحو : إنْ جِئْتَني اُكْرِمْكَ ، وإنْ أكْرَمْتَني اُكْرِمُكَ.

واعلم أنّه إذا كان الجزاء ماضياً بغير قد لم يجز الفاء فيه نحو : إنْ أكْرَمْتَني أكْرَمْتُكَ ، قال الله تعالى : «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا» (١).

وإن كان مضارعاً مثبتاً أو منفيّاً جاز الوجهان نحو : إنْ تَضْربْني أضْرِبْكَ أو فَأضْرِبْكَ ، وإن تَشْتِمْني لا أضْربْكَ أو فَلا أضْربْكَ.

وإن لم يكن الجزاء أحد القسمين المذكورين يجب الفاء ، وذلك في أربع صور : إحداها : أنْ يكون الجزاء ماضياً مع «قد» كقوله تعالى : «إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ» (٢).

الثانية : أنْ يكون الجزاء مضارعاً منفياً بغير لا نحو قوله تعالى : «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ» (٣).

الثالثة : أنْ يكون جملة اسميّة كقوله تعالى : «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» (٤).

الرابعة : أنْ يكون جملة انشائيّة إمّا امراً كقوله تعالى : «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي» (٥) ، وإمّا نهياً كقوله تعالى : «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ» (٦) ، أو استفهاماً كقولك : إنْ تَرَكْتَنا

____________________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٤) الانعام : ١٦٠.

(٢) يوسف : ٧٧.

(٥) آل عمران : ٣١.

(٣) آل عمران : ٨٥.

(٦) الممتحنة : ١٠.

٤١٥

فَمَنْ يَرْحَمْنا ، أو دعاء كقولك : إنْ أكْرَمْتَنا فَيَرْحَمْكَ اللهُ. وقد يقع «إذا» مع الجملة الاسميّة موضع الفاء كقوله تعالى : «وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ» (١).

وإنّما يقدّر «إنْ» بعد الأفعال الخمسة الّتي هي : الأمر نحو : تَعَلَّمْ تَنْجَحْ ، والنهي نحو : لا تكْذِبْ يَكُنْ خَيْراً ، والاستفهام نحو : هَلْ تَزُورُنا نُكْرِمْكَ ، والتمنّي نحو : لَيْتَكَ عِنْدي أخْدِمْكَ ، والعرض نحو : ألا تَنْزلُ بِنا تُصِبْ خَيْراً.

كلّ ذلك إذا قصد أنّ الأوّل سبب للثاني كما رأيت في الأمثلة ، فإنّ معنى قولك : تَعَلَّمْ تَنْجَحْ ، هو إنْ تتعلّمْ تنجحْ ، وكذلك البواقي ، فلذلك امتنع قولك : لا تكْفُرْ تَدْخُلِ النارَ لامتناع السببيّة إذ لا يصحّ أن يقال : إنْ لا تكفرْ تدخُلِ النارَ.

القسم الثالث : الأمر

وهو فعل يطلب به الفعل من الفاعل المخاطب ك‍ : اضْربْ ، واغْزُ ، وارْمِ ، بأن تحذف من المضارع حرف المضارعة ثمّ تنظر فإن كان ما بعد حرف المضارعة ساكناً زِدْتَ همزة الوصل مضمومة إن انضمّ ثالثه نحو : انْصُرْ ، ومكسورة إن انفتح ثالثه ك‍ : اعْلَمْ ، أو انكسر ثالثه كاضْرِبْ واسْتَخْرجْ ، وإن كان متحرّكاً فلا حاجة إلى الهمزة نحو : عِدْ ، وحاسِبْ ، وباب الإفعال من القسم الثاني. وهو مبني على علامة الجزم كما في المضارعة نحو : اِضْربْ ، واغْزُ ، وارْمِ ، واسْعَ ، واضْربا ، واضْربُوا ، ودَحْرِجْ.

____________________________

(١) الروم : ٣٠.

٤١٦

فصل : فعل ما لم يسمّ فاعله

هو فعل حذف فاعله واُقيم المفعول به مقامه ويختصّ بالمتعدّي.

وعلامته في الماضي أن يكون لفظ الأوّل مضموماً فقط ، وما قبل آخره مكسوراً ، وذلك في الأبواب الّتي ليس في أوائلها همزة وصل ، ولا تاء زائدة نحو : ضُرِبَ ودُحْرِجَ ، وأن يكون أوّله مضموماً وما قبل آخره مكسوراً وذلك فيما أوّله تاء زائدة نحو : تُفُضِّلَ وتُقُورِئ ، أو يكون أوّل حرف متحرّك منه مضموماً وما قبل آخره مكسوراً فيما أوّله همزة وصل نحو : اُسْتُخْرِجَ واقْتُدِرَ ، والهمزة تتبع المضموم إن لم تدرج.

وفي المضارع أن يكون حرف المضارع مضموماً وما قبل آخره مفتوحاً نحو : يُضْرَبُ ويُسْتَخْرَجُ ، إلّا في باب الإفعال والتّفعيل والمفاعلة والفعللة وملحقاتها ، فإنّ العلامة فيها فتح ما قبل الآخر نحو : يُحاسَبُ ويُدَحْرَجُ.

وفي الأجوف ماضيه مكسورة الفاء نحو : بيعَ وقِيلَ ، والإشمام نحو : قُيْلَ وبُيْعَ ، وبالواو نحو : قُولَ وبُوعَ.

وكذلك باب اُخْتيرَ وانْقيدَ ، دون اُسْتُخيرَ واُقيمَ لفقدان «فُعِلَ» فيهما. ومضارعه تقلب العين ألفاً نحو : يُقالُ ويُباعُ كما مرّت في التصريف مستقصىً.

فصل :

الفعل إمّا متعدٍّ وهو ما يتوقّف فهم معناه على متعلّق غير الفاعل ك‍ : ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْراً ، وإمّا لازم وهو ما بخلافه ك‍ : قَعَدَ زَيْدٌ.

والمتعدّي يكون إلى مفعول واحد ك‍ : ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْراً ، وإلى مفعولين ك‍ : أعْطىٰ زَيْدٌ عَمْراً دِرْهَماً ، ويجوز فيه الاقتصار على أحد

٤١٧

مفعوليه ك‍ : أعْطَيْتُ زَيْداً ، وأعْطَيْتُ دِرْهَماً ، بخلاف باب عَلِمْتُ ؛ وإلى ثلاثة مفاعيل نحو : أعْلَمَ اللهُ زَيْداً عَمْراً فاضِلاً ، ومنه أرىٰ ، وأنْبَأَ ونَبَّأَ ، وأخْبَرَ ، وخَبَّرَ ، وحَدَّثَ. وهذه الأفعال السبعة مفعولها الأوّل مع الأخيرين كمفعولي أعْطَيْتُ في جواز الاقتصار على أحدهما نحو : أعْلَمَ اللهُ زَيْداً ، والثاني مع الثالث كمفعولي عَلِمْتُ في عدم جواز الاقتصار على أحدهما فلا يقال : أعْلَمْتُ زَيْداً خَيْرَ الناسِ ، بل يقال : أعْلَمْتُ زَيْداً عَمْراً خَيْرَ الناسِ.

فصل : افعال القلوب

وهي سبعة : «عَلِمْتُ ، وظَنَنْتُ ، وحَسِبْتُ ، وخِلْتُ ، ورَأَيْتُ ، وزَعَمْتُ ، ووَجَدْتُ» ، وهي تدخل على المبتدأ والخبر فتنصبهما على المفعوليّة نحو : عَلِمْتُ زَيْداً فاضِلاً ، وظَنَنْتُ عَمْراً عالِماً.

واعلم أنّ لهذه الأفعال خواصّ ، منها : أن لا يقتصر على أحد مفعوليها بخلاف باب أعْطَيْتُ ، فلا تقول : عَلِمْتُ زَيْداً ، ومنها : جواز إلغائها إذا توسّطت نحو : زَيْدٌ ظَنَنْتُ عالِمٌ ، أو تأخّرت نحو : زَيْدٌ قائِمٌ ظَنَنْتُ ، ومنها : إنّها تُعَلَّقُ إذا وقعت قبل الاستفهام نحو : عَلِمْتُ أزَيْدٌ عنْدَك أم عَمْروٌ ، وقبل النفي نحو : عَلِمْتُ ما زَيْدٌ فِي الدار ، وقبل لام الابتداء نحو : عَلِمْتُ لَزَيْدٌ مُنْطَلِقٌ ، فهي في هذه المواضع لا تعمل ، لفظاً وتعمل معنىً ولذلك سمّي تعليقاً.

ومنها : إنّه يجوز أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين متّصلين من الشيء الواحد نحو : عَلِمْتُني مُنْطَلِقاً ، وظَنَنْتكَ فاضِلاً.

واعلم أنّه قد يكون ظَنَنْتُ بمعنى اتَّهَمْتُ ، وعَلِمْتُ بمعنى عَرَفْتُ ، ورَأَيْتُ بمعنى أبْصَرْتُ ، ووَجَدْتُ بمعنى أصَبْتُ الضالَّة ، فتنصب مفعولاً

٤١٨

واحداً فقط فلا تكون حينئذٍ من أفعال القلوب.

فصل : الأفعال الناقصة

أفعال وضعت لتقرير الفاعل على صفة غير صفة مصدرها وهي : «كانَ ، وصارَ ، وأصْبَحَ ، وأمْسىٰ» الى آخره ، وتدخل على الجملة الاسميّة لإفادة نسبتها حكم معناها ، ترفع الأوّل وتنصب الثاني فتقول : كانَ زَيْدٌ قائِماً.

و «كان» تكون على ثلاثة أقسام :

ناقصة : وهي تدلّ على ثبوت خبرها لفاعلها في الماضي إمّا دائماً نحو : «كَانَ اللَّـهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» (١) أو منقطعاً نحو : كانَ زَيْدٌ شابّاً.

وتامّة : وهي بمعنى ثَبَتَ وحَصَلَ نحو : كانَ الْقِتالُ ، أي حصل القتال.

وزائدة : وهي لا يتغير به المعنى كقول الشاعر :

جِيادُ بني أبي بَكْرٍ تَسامىٰ

عَلىٰ كانَ الْمُسَوَّمَةِ الْعِرابِ (٢)

أي على المسوّمة.

و «صار» للانتقال نحو : صارَ زَيْدٌ غَنِيّاً.

و «أصبح» و «أمْسىٰ» و «أضْحىٰ» تدلّ على اقتران معنى الجملة بتلك الأوقات نحو : أصْبَحَ زَيْدٌ ذاكِراً ، أي كان ذاكراً في وقت الصبح ، وبمعنى دخل في الصباح.

وكذلك «ظَلَّ» و «باتَ» يدلّان على اقتران معنى الجملة بوقتها ، وبمعنى صار.

____________________________

(١) فتح : ٤.

(٢) يعنى : اسبهاى نجيب پسران أبى بكر بلندى دارند بر اسبهاى داغدار عربى ، شاهد در وقوع «كان» است زايدة در ميان جار ومجرور كه «على المسوّمة» باشد بر سبيل ندرت. (جامع الشواهد).

٤١٩

و «ما زالَ» و «ما بَرَحَ» و «ما فَتئَ» و «ما انْفكَّ» تدلّ على ثبوت خبرها لفاعلها نحو : ما زالَ زَيْدٌ أميراً ، ويلزمها حرف النفي.

و «ما دام» تدلّ على توقيت أمر بمدّة ثبوت خبرها لفاعلها نحو : أقُومُ ما دامَ الأميرُ جالِساً ، و «لَيْسَ» تدلّ على نفي معنى الجملة حالاً ، وقيل مطلقاً نحو : لَيْسَ زَيْدٌ قائِماً. وقد عرفت بقيّة أحكامها في القسم الأوّل فلا نعيدها.

فصل : أفعال المقاربة

أفعال وضعت للدلالة على دنوّ الخبر لفاعلها. وهي على ثلاثة أقسام :

الأوّل : للرجاء وهو : «عَسىٰ» ، فعل جامد ولا يستعمل منه غير الماضي وهو في العمل مثل كان نحو : عَسىٰ زَيْدٌ أنْ يَقُومَ ، إلّا أنّ خبره فعل المضارع مع «أنْ» نحو : عَسىٰ زَيْدٌ أنْ يَخْرُجَ ، ويجوز تقديمه نحو : عَسىٰ أنْ يَخْرُجَ زَيْدٌ ، وقد يحذف أنْ نحو : عَسىٰ زَيْدٌ يَقُومُ.

والثاني : للحصول وهو : «كادَ» ، وخبره مضارع دون «أنْ» نحو : كادَ زَيْدٌ يَقُومُ. وقد تدخل «أنْ» نحو : كادَ زَيْدٌ أنْ يَخْرُجَ.

والثالث : للأخذ والشروع في الفعل وهو : «طَفِقَ» و «جَعَلَ» و «كَرَبَ» و «أخَذَ» ، واستعمالها مثل كادَ نحو : طَفِقَ زَيْدٌ يَكْتُبُ ، إلى آخره. و «أوْشَكَ» ، واستعماله نحو عَسىٰ وكاد.

فصل : فعل التعجّب

وهو ما وضع لإنشاء التعجّب وله صيغتان :

«ما أفْعَلَهُ» ، نحو : ما أحْسَنَ زَيْداً أي أيّ شيء أحسنَ زيداً ؟ وفي أحسَنَ ضمير وهو فاعله.

«وأفْعِلْ بِه» نحو : أحْسِنْ بِزَيْدٍ.

٤٢٠