المنصوب على الاختصاص
ومما أصله النداء باب الاختصاص ، وذلك أن تأتي بأيّ وتجريه مجراه في النداء من ضمه والمجئ بهاء التنبيه في مقام المضاف إليه ووصف «أي» بذي اللام ، وذلك بعد ضمير المتكلم الخاص كأنا وإني ، أو المشارك فيه نحو : نحن وإنّنا ، لغرض بيان اختصاص مدلول ذلك الضمير من بين أمثاله بما نسب إليه ، وهو إما في معرض التفاخر ، نحو : أنا أكرم الضيف أيها الرجل ، أي أنا أختص من بين الرجال باكرام الضيف ، أو في معرض التصاغر (١) ، نحو : أنا المسكين أيها الرجل ، أي مختصا بالمسكنة من بين الرجال ، أو لمجرّد بيان المقصود بذلك الضمير ، لا للافتخار ولا للتصاغر ، نحو : أنا أدخل أيها الرجل ونحن نقرّ أيها القوم ، فكل هذا في صورة النداء وليس به ؛ بل المراد بصفة «أي» هو ما دل عليه ضمير المتكلم السابق ، لا المخاطب ، وإنما نقل من باب النداء إلى باب الاختصاص لمشاركة معنوية بين البابين ، إذ المنادى ، أيضا ، مختص بالخطاب من بين أمثاله.
ولا يجوز في باب الاختصاص إظهار حرف النداء مع «أي» لأنه لم يبق فيه معنى النداء ، لا حقيقة كما في يا زيد ، ولا مجازا كما بقي في المتعجب منه والمندوب ، فكره استعمال علم النداء في الخالي عن معناه بالكلية.
وحال ظاهر «أيّ» ووصفه من ضم الأول ولزوم رفع الثاني كحالها في النداء ، لكن مجموع نحو : أيها الرجل في باب الاختصاص في محل النصب ، لوقوعه موقع الحال ، أي مختصا من بين الرجال.
وهذا كما قيل في نحو : سواء أقمت أم قعدت ، إن : أقمت أم قعدت ، وإن كان
__________________
(١) يريد التواضع.