موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٥٢
الجزء ١ الجزء ٢

لأنّه عليه الصلاة والسلام مظهر التعيّن الأول. فالربوبية المختصّة به في هذه الربوبية العظمى انتهى. والربّ مطلقا لا يطلق إلاّ عليه تعالى وعلى غيره بالإضافة نحو : ربّ الدّار مثلا كذا في البيضاوي.

الرّبا : [في الانكليزية] Exce ، surplus ، usury ـ [في الفرنسية] Excedent ، usure

بالكسر والقصر اسم من الرّبو بالفتح والسكون ، كما قال ابن الأثير ، فلامه واو. ولذا قيل في النسبة ربوي ويكتب بالألف كالعصا والياء كالدّجى والواو كالصلاة كما في التهذيب ، لكنّ الياء كوفية. وفي الكافي إنّه قد يكتب بالواو ، وهذا أقبح من كتابة لفظ الصلاة لأنّها في الطرف متعرّضة للوقف. وأقبح منهم أنّهم زادوا بعد الواو ألفا تشبيها بواو الجمع ، وخطّ القرآن لا يقاس عليه ، فالأول أوجه. وهو لغة الفضل ، وشرعا مشترك بين معان. الأوّل كلّ بيع فاسد. والثاني عقد فيه فضل والقبض فيه مفيد للملك الفاسد. والثالث فضل شرعيّ خال عن عوض شرط لأحد المتعاقدين في عقد المعاوضة. والفضل الشّرعي هو فضل الحلول على الأجل والعين على الدّين كما في ربا النّسا ، أو أفضل أحد المتجانسين على الآخر بمعيار شرعي ، أي الكيل والوزن كما في ربا النّقدين. وهذا للاحتراز عن بيع ثوب ببرّ نسيئة ، وبيع كرّ بر وشعير بكري بروشعير وحفنته بحفنتين وذراع من الثوب بذراعين نقدا ، فإنّ الفضل فيهما لم يعتبر شرعا. وقولنا خال عن عوض للاحتراز عن نحو بيع كري بر بكر بر وفلس. وقولنا شرط لأحد المتعاقدين للاحتراز عمّا إذا شرط لغيرهما. وقولنا في عقد المعاوضة للاحتراز عن الهبة بعوض زائد بعد العقد ، ويدخل فيه ما إذا شرط فيه من الانتفاع بالرّهن كالاستخدام والرّكوب والزّراعة واللّبس وشرب اللّبن وأكل الثّمر ، فإنّ الكلّ ربا حرام ، كذا في جامع الرموز. وفي البحر الرائق شرح كنز الدقائق : الرّبا شرعا فضل مالي بلا عوض في معاوضة مال بمال شرط لأحد المتعاقدين. وفي البناية (١) : قال علماؤنا هو بيع فيه فضل مستحقّ لأحد المتعاقدين خال عمّا يقابله من عوض شرط في هذا العقد. وعلى هذا سائر أنواع البيوع الفاسدة من قبيل الرّبا. وفي جمع العلوم (٢) : الرّبا شرعا عبارة عن عقد فاسد وإن لم تكن فيه زيادة لأنّ بيع الدّرهم بالدّرهم نسيئة ربّا وإن لم تتحقق فيه زيادة انتهى. ولا يرد على المصنّف ما في جمع العلوم من ربا النّسيئة لأنّ فيه فضلا حكميا ، والفضل في عبارته أعمّ منه ومن الحقيقي ، انتهى كلامه.

رباط كوكب : [في الانكليزية] Residence of a planet ـ [في الفرنسية] Domification ، domicile d ، une planete

هو عند أهل الهيئة حد إقامة الكوكب (٣) ، وقد سبق في لفظ الإقامة.

الرّباعي : [في الانكليزية] Quadriliteral ـ [في الفرنسية] Quadrilitere

بالضم عند الصّرفيين كلمة فيها أربعة أحرف أصول فحسب ، سواء كانت اسما كجعفر أو فعلا كبعثر. وعند النحاة كلمة فيها أربعة أحرف سواء كانت أصولا كبعثر أو لا كأكرم وصرّف وقاتل. قال المولوي عصام الدين في حاشية الفوائد الضيائية في بحث الأمر : هذا المعنى مستعمل في

__________________

(١) هو كتاب «النهاية» لمحمود بن أحمد العيني (ـ ٨٥٥ هـ) من شروحات «الهداية» للمرغيناني برهان الدين (ـ ٥٩٣ هـ). ويذكر سركيس في معجمه أنّ اسم الكتاب هو «البناية في شرح الهداية» كما خطه المؤلف بيده. بروكلمان ، ج ٦ ، ص ٣١٣. معجم المطبوعات العربية والمعربة ، ص ١٤٠٣.

(٢) هو كتاب في فروع الحنفية. كشف الظنون ، ١ / ٥٩٩.

(٣) نزد اهل هيئت حد اقامت كوكب را گويند.

٨٤١

علم النحو. وأمّا في علم الصّرف فهو ما كان الحروف الأصول فيه أربعة انتهى.

الرّباعية : [في الانكليزية] Quatrain ـ [في الفرنسية] Quatrain

عند المنطقيين هي القضيّة الموجّهة. والتأنيث لموافقة الموصوف وهو القضية. والرّباعي عند الشّعراء هو عبارة الدوبيت ، وهو بيتان من الشعر متّفقان في الوزن والقافية. وليس من شرطه موافقة المصراع الثالث. ويقال لهذا النوع من الشعر الخصي والدوبيت والمصاريع الأربعة والأغنية. مثاله ما ترجمته :

أضع النار على قلبي وأملأه بالدم أيضا

غير مبال بالورد ولا بالشراب الأحمر اللون

وأدسّ يد القلب في وسط الحبيب

مفتونا وأجعله ممنونا بلا شيء.

مثال آخر ، وقد توافق المصراع الثالث أيضا مع البقية وترجمته :

معنا كالمخمور ومع الآخرين كالخمر

مع الجميع كالربيع ومعنا كالشتاء

كلّ هذا التراخي من (قلة) حظنا

وإلاّ فلست رخوا هكذا أيضا

كذا في مجمع الصنائع. وقال في جامع الصنائع : القافية في المصراع الثالث ليس شرطا ولكنّه صناعة. وأصل وضعه هو على أن لا يأتي بالبيت الثاني خاليا من اللطيفة أو النكتة أو المثل. ومن استقراء هذا النوع من الشعر لدى المتقدمين والمتأخرين صار من المعلوم أنّ المصاريع الأربعة لا تكون إلاّ على وزن بحر الهزج الأخرب أو الأخرم. (١)

الرّباني : [في الانكليزية] Divine ، heavenly ، doctor in theology ـ [في الفرنسية] Divin ، celeste ، docteur en theologie

بالفتح وتشديد الموحدة ، قيل سرياني إلاّ أنّه لم يوجد في كلامهم. وقيل منسوب إلى الرّبّان كالرّبان. وقيل إلى الرّب الذي هو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى الحدّ التامّ ، ولا يقال مطلقا إلاّ عليه تعالى. فالألف والنون فيه كما في الرّبّان للمبالغة. وفي المعالم (٢) إنّه الفقيه. وقيل الفقيه المعلم. وقال ابن الأثير العالم الراسخ في العلم والدين. وقيل العالم العامل ، كذا في جامع الرموز في الخطبة.

الرّبع : [في الانكليزية] Quartan fever ـ [في الفرنسية] Fievre quarte

بالكسر وسكون الموحدة الحمى التي تستمرّ يوما ثم تغيب يومين ، (٣) كذا في بحر الجواهر. وقد سبق بيان الرّبع في لفظ الحمّى.

__________________

(١) ورباعي نزد شعراء عبارت است از دو بيتى كه متفق باشند در قافيه ووزنى كه مختص بدانست ومصراع سيوم او را قافيه شرط نيست ورباعي را خصي ودو بيتي وچهار مصراعي وترانه نيز نامند مثاله.

هم داغ نهم بر دل وهم خون كنمش

فارغ ز گل وشراب گلگون كنمش

دست دل خود در كمر دوست زنم

مفتون كنم وبه هيچ ممنون كنمش

مثال ديگر كه در ان در مصراع سيم نيز قافيه است.

با ما بخماري به حريفان چو ميي

با جمله بهاري وبما همچو ديى

از بخت منست اين همگى سست پيي

ورنه تو چنين سست گمان نيز نيى

كذا في مجمع الصنائع ودر جامع الصنائع گفته قافيه در مصراع سيوم شرط نيست وليكن صنعت است واصل وضع او بر آنست كه در بيت دوم مقصود را بى لطيفه وبى نكته وبى مثلى نيارند وبحكم استقراء از متقدمين ومتأخرين معلوم گشته كه هر چهار مصراع بر وزن هزج اخرب يا هزج اخرم باشد وبر اوزان ديگر نه.

(٢) أو الاربعين في أصول الدين والمعالم في أصول الفقه للإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي (ـ ٦٠٦ هـ). والكتاب مشتمل على خمسة أنواع من العلوم : علم أصول الدين ، علم أصول الفقه ، أصول معتبرة في الخلاف ، أصول آداب النظر والجدل. كشف الظنون ، ٢ / ١٧٢٦. كشف الظنون ، ١ / ٦١.

(٣) تبى كه يك روز گيرد ودو روز بگذارد.

٨٤٢

الرّبع المسكون والرّبع المعمور : [في الانكليزية] Inhabited region ، populated zone ـ [في الفرنسية] Region habitee ، zone peuplee

بضم الراء ، وقد سبق في لفظ الإقليم.

الرّبو : [في الانكليزية] Asthma ـ [في الفرنسية] Asthme

بالفتح وسكون الموحدة عند الأطباء علّة حادثة في الرّئة خاصة بها ، لا يجد صاحب السكون معها بدّا من نفس متواتر ، ويقال له البهر أيضا ، كذا قال الشيخ نجيب الدين كما في بحر الجواهر. وفي الآقسرائي (١) الرّبو (٢) عسر في النّفس يشبه نفس صاحبها نفس المتعب ، وهو لا يخلو عن سرعة وتواتر وصغر ، سواء كان معه ضيق أولا ، هذا كلام الشيخ. والسّمرقندي لم يفرّق بين ضيق النّفس والبهر وجعل البهر والرّبو وضيق النّفس أسماء مترادفة انتهى. وقد فرّق البعض بينه وبين البهر كما قال في بحر الجواهر. وقال العلاّمة الفرق بين الرّبو والبهر أنّ الربو مادّيّة تحتبس داخل العروق الخشنة والبهر مادّيّة في الشرايين ، وأنّ في البهر يكون ملمس الصدر حارا ، وفي الرّبو لا يكون كذلك ، وأنّ في البحر يحمرّ الوجه عند السّعال أكثر من احمراره في الرّبو لاحتباس الأبخرة الدّخانية في الشرايين.

الرّبيع : [في الانكليزية] Spring ـ [في الفرنسية] Printemps

بالفتح فصل من فصول [السنة] (٣) وقد سبق في لفظ خط الإستواء ويجيء أيضا في لفظ الفصل.

الرّتق : [في الانكليزية] Membrane of mending ـ [في الفرنسية] Membrane de raccommodage

بالفتح وسكون المثناة الفوقانية هو أن يخرج على فم فرج امرأة شيء زائد عضلي أو غشائي يمنع الجماع ، كذا في المؤجز. والرّتق عند الصوفية هو تجميد مادّة الوحدانية التي يقال لها : العنصر الأعظم المطلق الذي كان مرتوقا قبل خلق السموات والأرض ، وصار مفتوقا بعد التعيّن أو بالخلق. (٤) كذا في كشف اللغات. وقد يطلق على نسب الحضرة الواحدية باعتبار لا ظهورها ، وعلى كلّ بطون وغيبة كالحقائق المكنونة في الذّات الأحدية قبل تفاصيلها في الحضرة الواحدية ، مثل الشجرة في النواة ، كذا في الاصطلاحات الصوفية لكمال الدين.

الرّجاء : [في الانكليزية] Hope ، fear ـ [في الفرنسية] Esperance ، crainte

بالفتح والجيم والقصر والمدّ أيضا في اللغة الطّمع كما في المنتخب. وفي بعض شروح هداية النحو الرّجاء مصدر رجا يرجو من حدّ نصر. وأصله رجا وفصارت الواو همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة كدعاء وهو بمعنى الطمع. وجاء أيضا بمعنى الخوف لقوله تعالى (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) (٥) كذا في القاموس والصراح. وعند أهل السلوك عبارة عن إسكان القلب بحسن الوعد. وقيل الرّجاء الثقة بالجود من الكريم الودود. وقيل توقّع الخير عمّن (٦) بيده الخير. وقيل قوت الخائفين وفاكهة المحرومين. وقيل هو من جملة مقامات الطّالبين وأحوالهم. وإنّما سمي الوصف مقاما

__________________

(١) وفي الأقسرائي (ـ م).

(٢) البهر (م).

(٣) [السنة] (+ م ، ع).

(٤) ورتق نزد صوفيه اجماد ماده وحدانيت است كه آن را عنصر اعظم مطلق گفته اند كه مرتوق بود قبل از آفريدن آسمان وزمين ومفتوق بعد از تعين او بخلق.

(٥) نوح / ١٣.

(٦) ممن (م).

٨٤٣

إذا ثبت وأقام. وإنّما سمي حالا إذا كان عارضا سريع الزوال. وقيل هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب. فاسم الرّجاء إنّما يصدق على انتظار محبوب تمهّدت جميع أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد. والفرق بينه وبين الأمل أنّ الأمل يطلق في مرضي والرّجاء في غير مرضي أيضا انتهى. فالأمل أخصّ من الرّجاء لأنّه مخصوص برجاء محمود. وفي مجمع السلوك : وقيل الرجاء رؤية الجلال بعين الجمال. وقيل قرب القلب من ملاطفة الرّب. والرّجاء أن تقبل التوبة ، والأعمال الصالحة مقبولة وأنّ الرجاء للمغفرة مع الإصرار على المعصية فهو رجاء كاذب. والفرق بين الرّجاء والتمنّي هو : أنّ أحدهم لا يعمل عملا صالحا ويتقاعس عن القيام بالواجبات فهذا يقال له متمنّ وهو مذموم. وأمّا الرّجاء فهو مبني على العمل ولديه أمل بالقبول فهذا محمود. (١) وفي إحياء العلوم : ينبغي للعبد أن يحسن الظّنّ بكرم الله. وأمّا التمنّي للمغفرة فحرام. والفرق أنّ حسن الظّنّ (٢) بعد التوبة وفعل الحسنات والتمنّي بأن لا يتوب ويتمنّى المغفرة انتهى. وعند الأطباء هو حالة تحدث للنّساء شبيهة بالحبل من احتباس الطمث وتغيّر اللون وسقوط الشّهوة وانضمام فم الرّحم ، ويقال له الحبل الكاذب ، سمّيت به لأنّ صاحبته ترجو أن يكون بها حبل صادق. وقيل بالحاء المهملة لأنّه يثقل بطن صاحبتها أثقال الرّحى لاستدارتها وهذا أصحّ ، لأنّ اسم هذه القطعة باليونانية مولى وهو اسم للرّحى كذا في بحر الجواهر.

رجال الغيب : [في الانكليزية] Very clever or gifted people ـ [في الفرنسية] Les surdoues

وهم الذين يقال لهم النّجباء كما سيأتي ذكرهم في مادة : صوفي. (٣)

الرّجز : [في الانكليزية] Rajaz (prosodic metre) ـ [في الفرنسية] Rajaz (metre prosodique)

بفتح الراء والجيم هو نوع من الشّعر القصير وبحر من بحور الشّعر ، ووزنه مستفعلن ست مرات. ولا يعدّه الخليل من الشّعر بل نصف أو ثلث بيت (٤).

هكذا في المنتخب والصراح :

وبالجملة فالرّجز يستعمل بمعنيين : أحدهما الشعر الذي له ثلاثة أجزاء كمشطور الرجز والسريع. والذي كان الغالب على شعره الرجز يسمّى راجزا شاعرا ، فإنّ الشاعر هو الذي غلب على شعره القصيدة ، كذا في بعض رسائل القوافي العربية. وفي بعض حواشي البيضاوي في آخر سورة الشعراء الرّجز شعر يكون كلّ مصراع منه مفردا وتسمّى قصائده أراجيز ، واحدتها أرجوزة ، فهو كهيئة السّجع إلاّ أنّه في وزن الشعر ويسمّى قائله راجزا كما سمّي قائل الشعر شاعرا. قال الحربي (٥) ولم يبلغني

__________________

(١) ورجاء بر قبول توبه وقبول كار نيكو پسنديده است ورجاى مغفرت با وجود اصرار بر معصيت رجاى دروغ است وفرق ميان رجاء وتمنا آنست كه يكى كار نكند وكاهلي پيش گيرد اين را متمنى گويند واين مذموم است ورجاء آنست كه كار بكند واميد دارد واين محمود است.

(٢) وأما التمني ... حسن الظن (ـ م).

(٣) نجباء را گويند چنانچه در لفظ صوفي مذكور خواهد شد.

(٤) نوعى از شعر كوتاه وبحرى از بحور شعر وزن او شش بار مستفعلن است ونزد خليل رجز داخل شعر نيست بلكه نصف بيت يا ثلث بيت است.

(٥) هو إبراهيم بن إسحاق بن بشير بن عبد الله البغدادي الحربي ، أبو إسحاق ولد بمرو عام ١٩٨ هـ / ٨١٥ م. وتوفي ببغداد عام ٢٨٥ هـ / ٨٩٨ م. من أعلام المحدّثين. حافظ عارف بالفقه والأحكام والأدب ، زاهد. له الكثير من المؤلفات. الأعلام ١ / ٣٢. تذكرة الحفاظ ٢ / ١٤٧ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٢٨ ، تاريخ بغداد ٦ / ١٢٧ ، اللباب ١ / ٢٩٠.

٨٤٤

أنّه جرى على لسان النبي عليه الصلاة والسلام من ضروب الرّجز إلاّ ضربان المنهوك والمشطور ، ولم يعدّهما الخليل شعرا. فالمنهوك قوله (أنا النّبي لا كذب. أنا ابن عبد المطلب) (١) والمشطور قوله (هل أنت إلاّ إصبع دميت. وفي سبيل الله ما لقيت) (٢) انتهى. قال عليه الصلاة والسلام حين أصيبت إصبعه بالقطع والجرح عند عمل من الأعمال دون الجهاد فقال تحسّرا وتحزّنا ، وهذا لا يسمّى شعرا لما في الأشباه أنّ الشعر عند أهله كلام موزون مقصود به ذلك. أمّا ما وقع موزونا اتفاقا لا عن قصد من المتكلّم فإنّه لا يسمّى شعرا. وعلى ذلك خرج ما وقع في كلام الله تعالى كقوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (٣) وفي كلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم كقوله (هل أنت إلاّ إصبع دميت. وفي سبيل الله ما لقيت) انتهى. لأنّ الله تعالى نفى الشعر عن القرآن ونفى وصف الشاعر عن النبي عليه الصلاة والسلام بقوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ، وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ) (٤) الآية وبقوله : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (٥) الآية ، نزلت هذه الآية ردّا لقول الكفار إنّ ما أتى به شعر ، فقال ما علمنا النبي شعرا وما يسهل له. ونقل في كتب الشمائل أنّ النبي عليه الصلاة والسلام لم يقدر على قراءة الشعر موزونا بعد ما نزلت الآية المذكورة وهي (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ) الآية. وفي الحموي حاشية الأشباه إنّما يتأتّى الاستشهاد بقوله عليه‌السلام هل أنت إلخ بناء على أنّ الرّجز شعر. أمّا على القول بأنّه ليس بشعر إنّما هو نثر مقفّى فلا. وأيضا إنّما يتأتّى الاستشهاد به على رواية كسر التاء مع الإشباع ، أمّا على رواية سكونها فلا انتهى. وثانيهما بحر من البحور المشتركة بين العرب والعجم وهو مستفعلن ستة أجزاء كما في عنوان الشرف. وفي عروض سيفي هذا (٦) البحر يستعمل مسدّسا ومثمّنا ، والمثمن يستعمل سالما وغير سالم ، وغير السالم قد يكون مذالا وقد يكون مطويا ، وقد يكون مطويا مخبونا وقد يكون مخبونا مطويا. والمسدّس أيضا يستعمل سالما وغير سالم ، وغير السالم قد يكون مخبونا وقد يكون مطويا. وفي بعض رسائل العروض العربي الرّجز مسدّس ومربّع انتهى. والمرجّز اسم مفعول من الترجيز قسم من الكلام المنشور.

الرجعة : [في الانكليزية] Return of the husband to the repudiated E ، retrogradation ـ [في الفرنسية] Retour du mari a la femme repudiee ، retrogradation

بالكسر وسكون الجيم ، وفتح الراء أفصح في اللغة : الإعادة. وشرعا عبارة عن ردّ الزوج الزوجة وإعادتها إلى النّكاح كما كانت بلا

__________________

(١) «أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب». ـ شرح السنة للبغوي ج ١١ ، ص ٦٤ ، رقم ٢٧٠٦. ـ حديث متّفق على صحته. البخاري ٦ / ٧٦ في الجهاد باب من قاد دابة غيره في الحرب ، مسلم ١٧٧٦ ، في الجهاد والسير باب غزوة حنين.

(٢) ـ «هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت» ـ هذا حديث متّفق على صحته. شرح السنة للبغوي ج ١٢ ، ص ٣٧١. رقم ٣٤٠١ ، والبخاري ١٠ / ٤٤٦ في الأدب ، مسلم ١٧٩٦ في الجهاد والسير.

(٣) آل عمران / ٩٢ /

(٤) الحاقة / ٤٠ ـ ٤١.

(٥) يس / ٦٩.

(٦) هذا (ـ م).

٨٤٥

تجديد عقد ، في العدة لا بعدها ، إذ هي استدامة الملك ولا ملك بعد انقضائها. والمراد (١) عدّة الطلاق الذي يكون بعد الوطء ، حتى لو خلا بالمنكوحة وأقرّ أنّه لم يطأها ثم طلقها فلا رجعة له عليها كذا في البرجندي. وهي على ضربين سنّي وبدعي. فالسّنّي أن يراجعها بالقول ويشهد على رجعتها شاهدين ، ويعلمها بذلك. فإذا راجعها بالقول نحو أن يقول لها راجعتك أو راجعت امرأتي ولم يشهد. على ذلك ، أو أشهد ولم يعلمها بذلك فهو بدعي مخالف للسّنّة ، كذا في مجمع البركات (٢). وفي المسكيني (٣) شرح الكنز : الرجعة عند أصحابنا هي استدامة النّكاح القائم في العدة. وعند الشافعي هي استباحة الوطء. وعند المنجّمين وأهل الهيئة عبارة عن حركة غير حركة الكواكب المتحيّرة إلى خلاف توالي البروج وتسمّى رجوعا وعكسا أيضا ، وذلك الكوكب يسمّى راجعا كما في شرح الملخص.

وعند أهل الدّعوة عبارة عن رجوع الوبال والنّكال والملال على صاحب الأعمال ، بصدور فعل قبيح من الأفعال ، أو بتكلّم قول سخيف من الأقوال. والسّبب في ذلك ترك شرائط العمل والإجازة. والرّجعة في الأعمال غير منسوب للشمس ولا للقمر لأنّه لا رجعة للشمس ولا للقمر. ومما ينسب للشمس كدفع الأمراض والأدوية وأمثال ذلك. ومما ينسب للقمر مثل كشف الحجاب وثبوت نور الإيمان وإزالة الشّكّ وصلاح العقيدة والعفاف وحسن نتاج المواشي وأمثال ذلك. فإذن في مثل هذه الأعمال لا تكون رجعة. وأمّا الأعمال التي تنسب لباقي الكواكب فالرّجعة ممكنة. وهكذا في بعض الرسائل. (٤).

الرّجل : [في الانكليزية] Man ، male ـ [في الفرنسية] Homme ، male

بالفتح وضم الجيم لغة مقابل المرأة. وفي اصطلاح الفقهاء يطلق على الذّكر الذي بإزائه أنثى من أحد الثقلين. قال الله تعالى (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) (٥) والصّبي والخصيّ داخلان في آية المواريث في قوله تعالى (وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً) (٦) ، كذا في البزازية في آخر كتاب الحلف.

الرّجوع : [في الانكليزية] Retraction ، retrogradation ـ [في الفرنسية] Retraction ، retrogradation

عند أهل الهيئة هو الرجعة كما عرفت. وعند أهل البديع هو العود إلى الكلام السابق بالنقض ، أي بنقضه وإبطاله لنكتة وهو من المحسّنات المعنوية كقول زهير :

__________________

(١) والمقصود (م ، ع).

(٢) هو النصف الثاني من عمل يتعلق بفتاوى في الفروع عن طرق الحنيفة لأبي البركات بن شيخ حسام الدين بن شيخ سلطان المفتي الدهلوي. ـ سلسلة فهارس المكتبات الخطية النادرة ، فهرست المخطوطات العربية بالمكتب الهندي ، اعداد : ستوري ، آربري ، ليفي ، لندن ١٩٣٠ ، آكسفورد ١٩٣٦ ، لندن ١٩٣٧ ، لندن ١٩٤٠ ، مجلد ٢ ، ص ٢٧٨.

(٣) هذا الشرح لمعين الدين الهروي المعروف بمسكين (ملا مسكين) (ـ ٩٧٠ هـ). والكنز وهو كتاب كنز الدقائق في فروع الحنفية للشيخ الإمام أبي البركات عبد الله بن أحمد المعروف بحافظ الدين النسفي (ـ ٧١٠ هـ) كشف الظنون ، ٢ / ١٥١٥.

(٤) وسبب آن ترك شرائط عمل واجازت است ورجعت در اعمال منسوب بشمس وقمر نباشد چه شمس وقمر را رجعت نمى باشد واز منسوبات شمس است مثل دفع امراض وادويه ومانند آن واز منسوبات قمر است مثل كشف حجاب وثبوت نور ايمان وازاله شك وصلاح عقيده وروزى شدن عفت وحسن نتاج مواشي ومانند آن پس در اين چنين اعمال رجعت نمى شود ودر اعمال منسوب به بقيه كواكب رجعت مى توان شد هكذا في بعض الرسائل.

(٥) الجن / ٦.

(٦) النساء / ١٢.

٨٤٦

قف بالديار التي لم يعفها القدم

بلى وغيّرها الأرواح والدّيم

دلّ الكلام السابق على أنّ تطاول الزمان لم يعف الديار أي لم يغيّرها ، ثم عاد إليه ونقضه بأنّه قد غيّرها الرياح والأمطار لنكتة ، هي إظهار الكآبة والحزن والحيرة حتى كأنّه أخبر أولا بما لم يتحقّق ثم رجع إليه عقله وأفاق بعض الإفاقة ، فتدارك كلامه قائلا بلى عفاها القدم وغيّرها الأرواح والدّيم. ومثله : فأفّ لهذا الدّهر [لا] (١) بل لأهله ، كذا في المطول. ومثاله في الفارسي على ما في مجمع الصنائع وترجمته :

ذهب قلبي مع معرفته بالصبر

لقد أخطأت فأين كان قلبي

العينان النفّاذتان ليستا نائمتين ولا مستيقظتين.

لقد أخطأت بقولي : ليس سكرانا ولا صاحيا. (٢)

الرّحاء : [في الانكليزية] Hope ، fear ـ [في الفرنسية] Esperance ، crainte

بالحاء المهملة قد عرفت في الرّجاء بالجيم.

الرّحمة : [في الانكليزية] Mercy ، clemency ـ [في الفرنسية] Misericorde clemence

بالفتح وسكون الحاء المهملة لغة رقّة القلب وانعطاف يقتضي التّفضّل والإحسان ، وهي من الكيفيات التابعة للمزاج ، والله سبحانه منزّه عنها ، فإطلاقه عليه مجاز عمّا يترتّب عليه من إنعامه على عباده ، كالغضب فإنّه لغة ثوران النفس وهيجانها عند إرادة الانتقام ، فإذا أسند إلى الله تعالى أريد به المنتهى والغاية. ولذا قيل أسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي تكون انفعالات. وذكر بعض المحققين أنّ الرحمة من صفات الذات وهي إرادة إيصال الخير ودفع الشّر. فالباري سبحانه رحمن ورحيم لأنّ إرادته أزلية ، ومعنى ذلك أنّه تعالى أراد في الأزل أن ينعم على عبيده المؤمنين فيما لا يزال. وقال آخرون هي من صفات الفعل وهي إيصال الخير ودفع الشرّ ، ونسبتها إليه سبحانه عبارة عن عطاء الله تعالى العبد ما لا يستحقّه من المثوبة ودفع ما يستوجبه من العقوبة. وقيل هي ترك عقوبة من يستحقّ العقوبة. وذكر الإمام الرازي في مفاتيح الغيب أنّ الرحمة لا تكون إلاّ لله تعالى لأنّ الجود هو إفادة ما ينبغي لا لغرض ، وكل أحد غير الله إنّما يعطي ليأخذ عوضا ، إلاّ أنّ العوض أقسام. منها جسمانية كمن أعطى دينارا ليأخذ كرباسا. ومنها روحانية وهي أقسام. أحدها إعطاء المال لطلب الخدمة. والثاني إعطاؤه لطلب الثناء الجميل. والثالث إعطاؤه لطلب الإعانة. والرابع إعطاؤه لطلب الثّواب الجزيل. والخامس إعطاؤه لدفع الرّقة الجنسية عن القلب. والسادس إعطاؤه ليزيل حبّ المال عن قلبه ، فكلّ من أعطى إنّما يعطي لغرض تحصيل الكمال ، فيكون ذلك في الحقيقة معاوضة. وأمّا الحقّ سبحانه فهو كامل في نفسه فيستحيل أن يعطي ليستفيد به كمالا.

اعلم أنّ الفرق بين الرحمن والرحيم أنّ الرحمن اسم خاص بصفة عامة ، والرحيم اسم عام بصفة خاصة ، وخصوص اللفظ في الرحمن بمعنى أنّه لا يجوز أن يسمّى به لما سوى الله تعالى. وعموم المعنى من حيث إنّه يشتمل على جميع الموجودات من طريق الخلق والرزق والنفع والدفع. وعموم اللفظ في الرحيم من حيث اشتراك

__________________

(١) ([لا] (+ م).

(٢) ومثاله في الفارسي على ما في مجمع الصنائع.

دلم رفت آنكه با صبر آشنا بود

خطا گفتم مرا دل خود كجا بود

دو چشم شوخ ني خفته نه بيدار

غلط گفتم كه ني مست ونه هوشيار.

٨٤٧

المخلوقين في التسمية به. وخصوص المعنى لأنّه يرجع إلى اللطف والتوفيق المخصوصين بالمؤمنين. وفي الرحمن مبالغة في معنى الرحمة ليست في الرحيم ، هي إمّا بحسب شموله للدارين واختصاص الرحيم بالدنيا كما وقع في الأثر (يا رحمن الدنيا والآخرة ويا رحيم الدنيا) (١) ، وإمّا بحسب كثرة أفراد المرحومين وقلتها كما ورد (يا رحمن الدنيا ويا رحيم الآخرة) (١) ، فإنّ رحمة الدنيا تعم المؤمن والكافر ورحمة الآخرة تخص المؤمن ، وإما باعتبار جلالة النّعم ودقتها فيقصد بالرحمن رحمة زائدة بوجه ما. وعلى هذا يحمل في قولهم يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها ، فالمراد (٣) بالرحمن نوع من الرحمة أبعد من مقدورات العباد وهي ما يتعلّق بالسعادة الأخروية ، والرحمن هو العطوف على عباده بالإيجاد أولا والهداية ثانيا والإسعاد في الآخرة ثالثا والإنعام بالنظر إلى وجه الكريم رابعا. والأقوال للمفسرين في الفرق بينهما كثيرة ، فإن شئت الاطلاع عليها فارجع إلى أسرار الفاتحة (٤).

وقال أبو البقاء الكفوي الحنفي في كلياته : اعلم أنّ جميع أسماء الله تعالى ثلاثة أقسام : أسماء الذات وأسماء الأفعال وأسماء الصفات. والبسملة مشتملة على أفضل الأقسام الثلاثة. فلفظ الله اسم للذات المستجمع لجميع الكمالات. ولفظ الرحمن اسم لفعل الرحمة على العباد في الدنيا والآخرة شيئا فشيئا من حيث حدوث المرحومين وحدوث حاجاتهم ، فمتعلّقه أثر منقطع فيشتمل المؤمن والكافر. ولفظ الرحيم اسم لصفة الرحمة الثابتة الدائمة فيختصّ في حقّ المؤمن ، فمتعلّقه أثر غير منقطع. فعلى هذا الرحيم أبلغ من الرحمن انتهى.

قال الصوفية : الرحمانية هي الظهور لحقيقة (٥) الأسماء والصفات ، وهي بين ما يختص به من ذاته كالأسماء الذاتية وبين ما له وجه إلى المخلوقات كالعالم والقادر ونحوهما ممّا له تعلّق إلى الحقائق الوجودية. فالرحمانية اسم جميع المراتب الحقّية دون الخلقية ، فهي أخصّ من الألوهية لانفرادها بما يتفرّد الحقّ سبحانه. والألوهية جميع الأحكام الحقيّة والخلقية. فالرحمانية جمع بهذا الاعتبار أعزّ من الألوهية لأنها عبارة عن ظهور الذات في المراتب العليّة وتقدّسها عن المراتب الدنيّة ، وليس للذات في مظاهرها مظهر يختصّ بالمراتب العليّة بحكم الجمع إلاّ المرتبة الرحمانية ، فنسبتها إلى الألوهية نسبة النبات إلى القصب ، فالنبات على مرتبة توجد في القصب ، والقصب توجد فيه النبات وغيره. فإن قلت بأفضلية النبات بهذا الاعتبار فالرحمانية أفضل. وإن قلت بأفضلية القصب لعمومه وجمعه له ولغيره فالألوهية أفضل. والاسم الظاهر في المرتبة الرحمانية هو الرحمن ، وهو اسم يرجع

__________________

(١) (يا رحمن الدنيا والآخرة ويا رحيم الدنيا) (يا رحمن الدنيا ويا رحيم الآخرة). صحّحها ابن حجر الهيثمي في مقدمة كتابه فتح المبين لشرح الأربعين ، ص ٦ ، ولكن لم يخرّجهما. وذلك بلفظ «يا رحمن الدنيا ورحيمها» ، «يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الآخرة». ولم نجدهما في كتب الصحاح والمسانيد.

(٣) فالمقصود (م ، ع).

(٤) رسالة في اسرار الفاتحة ، لم يعلم مؤلفها. أولها : معلوم اوله كه دعا ايدنجه لازم ولا بد در كه آنك حالي ... الخ. نسخة مخطوطة بقلم نسخ معتاد ، بدون تاريخ. ـ فهرس المخطوطات التركية العثمانية التي اقتنتها دار الكتب القومية منذ عام ١٨٧٠ حتى نهاية ١٩٨٠ م ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، دار الكتب القومية ، قسم الفهارس الشرقية / القسم الاول (١ ـ ح) ص ٢٤ والقسم الثاني (خ ـ س) ص ١٧٠.

(٥) بحقائق (م).

٨٤٨

إلى الأسماء الذاتية والأوصاف النفسية وهي سبعة : الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر. والأسماء الذاتية كالأحدية والواحدية والصّمدية ونحوها. واختصاص هذه المرتبة بهذا الاسم للرحمة الشاملة لكلّ المراتب الحقّية والخلقية فإنّه لظهورها في المراتب الحقّية ظهرت المراتب الخلقية ، فصارت الرحمة عامة في جميع الموجودات فإن شئت الزيادة فارجع إلى الإنسان الكامل.

وفي الاصطلاحات الصوفية لكمال الدين : الرحمن اسم للحقّ باعتبار الجمعية الأسمائية التي في الحضرة الإلهية الفائض منها الوجود وما يتبعه من الكمالات على جميع الممكنات. والرحيم اسم له باعتبار فيضان الكمالات المعنوية على أهل الإيمان كالمعرفة والتوحيد. والرحمة الامتنانية هي الرحمانية المقتضية للنّعم السابقة على العمل ، وهي التي وسعت كلّ شيء في قوله تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) (١) والرحمة الوجوبية هي الرحمة الموعودة للمتّقين والمحسنين في قوله تعالى (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) (٢) وفي قوله تعالى (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٣) انتهى.

الرّخ : [في الانكليزية] Roc (fabulous bird) ، rook (che) ـ [في الفرنسية] Roc (oiseau fabuleux) ، tour (jeu d، echecs)

بالضّمّ أحد أحجر الشّطرنج ، «القلعة» وهو في الأصل بالتشديد ، والعجم ينطقونها بالتخفيف. وهو اسم لحيوان (أسطوري) يأكل الفيل والذئب. وله معنى الوجه والطّرف والجانب والنّبات الطّري ، كذا في مدار الأفاضل (٤). وفي اصطلاح الصوفية عبارة عن ظهور تجلّي الجمال الذي هو سبب وجود أعيان العالم وسبب ظهور أسماء الحقّ جلّ جلاله. وفي كتاب «گلشن راز» : ومعناه حديقة السّر تأليف محمود شبستري متوفّى في / ٧٢٠ / ه. شبّه الرّخ بصفات اللّطف الإلهية مثل اللّطيف والهادي والرازق. وقال الشيخ جمال : إنّ الرّخ عبارة عن الواحدية ، يعني مرتبة تفصيل الأسماء. وأيضا فالرّخ إشارة إلهيّة باعتبار ظهور كثرة الأسماء والصّفات منه. كذا في كشف اللغات. ويذكر في بعض رسائل الصّوفية أنّ الرخ لدى الصوفيّة هو التجلّيات الإلهيّة التي كانت في المادة (٥).

الرّخصة : [في الانكليزية] Easine ، permiion ـ [في الفرنسية] Facilite ، permiion

بالضّمّ وسكون الخاء المعجمة في اللغة اليسر والسّهولة. وعند الأصوليين مقابل للعزيمة. وقد اختلفت عباراتهم في تفسيرهما بناء على أنّ بعضهم جعلوا الأحكام منحصرة فيهما ، وبعضهم لم يجعلوها كذلك. فبعض من لم يحصرها عليهما قال : العزيمة ما لزم العباد

__________________

(١) الأعراف / ١٥٦.

(٢) الأعراف / ١٥٦.

(٣) الأعراف / ٥٦.

(٤) بحر الأفاضل في اللغة تأليف فيضي الله داد السرهندي الهندي ، كان في زمن أكبر شاه. كشف الظنون ، ١ / ٤٥٣.

(٥) بالضم مهره شطرنج وآن در اصل بتشديد است فارسيان بتخفيف استعمال كنند ونام جانوري بزرگ كه پيل وگرگ طعمه اوست وبمعني رخساره وطرف وجانب ونبات تازه كذا في مدار الافاضل. ودر اصطلاح صوفيان عبارت است از ظهور تجلي جمالي كه سبب وجود اعيان عالم وسبب ظهور اسماى حق است. ودر گلشن راز رخ را بصفات لطف إلهي تشبيه كرده اند چون لطيف وهادي ورازق. وبندگي شيخ جمال فرموده كه رخ عبارت از واحديت يعني مرتبه تفصيل اسماء ونيز رخ اشارت إلهي است باعتبار ظهور كثرت اسمائي وصفاتي از وى كذا في كشف اللغات. ودر بعضى رسائل صوفيه مذكور است كه رخ نزد صوفيه تجليات إلهي را گويند كه در ماده بود.

٨٤٩

بإيجاب الله تعالى كالعبادات الخمس ونحوها ، والرّخصة ما وسع للمكلّف فعله لعذر فيه مع قيام السّبب المحرّم ، فاختصّ العزيمة بالواجبات وخرج النّدب والكراهة عنها من غير دخول في الرّخصة. وعليه يدلّ ما قال القاضي الإمام من أنّ العزيمة ما لزمنا من حقوق الله تعالى من العبادات والحلّ والحرمة أصلا بأنّه إلهنا ونحن عبيده ، فابتلانا بما شاء. والرّخصة إطلاق بعد الحظر لعذر تيسيرا. وبعبارة أخرى الرّخصة صرف الامر أي تغييره من عسر إلى يسر بواسطة عذر في المكلّف. وبعض من اعتبر الحصر فيهما قال : الرخصة ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام المحرّم لو لا العذر. والعزيمة بخلافها ، هكذا في أصول الشافعية على ما قيل.

وحاصله أنّ دليل الحرمة إذا بقي معمولا به وكان التخلّف عنه لمانع طارئ في المكلّف لولاه لثبتت الحرمة في حقه فهو الرخصة ، أي ذلك الحكم الثابت بطريق التخلّف عن المحرّم هو الرّخصة ، وإلاّ فهو العزيمة. فالمراد (١) بالمحرّم دليل الحرمة وقيامه بقاؤه معمولا به ، وبالعذر ما يطرأ في حقّ المكلّف فيمنع حرمة الفعل أو التّرك الذي دلّ الدليل على حرمته. ومعنى قوله لو لا العذر أي المحرّم كان محرما ومثبتا للحرمة في حقّه أيضا. لو لا العذر فهو قيد لوصف التحريم لا للقيام وهذا أولى مما قيل من أنّ الرّخصة ما جاز فعله لعذر مع قيام السبب المحرّم. وإنّما قلنا انه اولى لأنه يجوز ان يراد بالفعل في هذا التعريف ما يعمّ الترك بناء على أنّه كفّ ، فخرج من الرّخصة الحكم ابتداء لأنّه لا محرّم ، وخرج ما نسخ تحريمه لأنّه لا قيام للمحرّم حيث لم يبق معمولا به وخرج ما خصّ من دليل المحرّم لأنّ التخلّف ليس لمانع في حقّه بل التخصيص بيان أنّ الدليل لم يتناوله ، وخرج أيضا وجوب الطعام في كفارة الظّهار عند فقد الرّقبة لأنّه الواجب في حقّه ابتداء على فاقد الرقبة ، كما أن الاعتاق هو الواجب ابتداء على واجدها ، وكذا خرج وجوب التيمّم على فاقد الماء لأنّه الواجب في حقّه (٢) ابتداء ، بخلاف التيمّم للخروج ونحوه. وبالجملة فجميع ما ذكره داخل في العزيمة وهي ما شرع من الأحكام لا كذلك أي لا لعذر مع قيام المحرّم لو لا العذر بل إنّما شرع ابتداء.

ثم الرخصة قد يكون واجبا كأكل الميتة للمضطر أو مندوبا كقصر الصلاة في السفر أو مباحا كترك الصوم في السفر. وقيل العزيمة الحكم الثابت على وجه ليس فيه مخالفة دليل شرعي ، والرّخصة الحكم الثابت على خلاف الدليل لمعارض راجح. ويرد عليه جواز النّكاح فإنّه حكم ثابت على خلاف الدليل إذ الأصل في الحرّة عدم الاستيلاء عليها ووجوب الزكاة والقتل قصاصا ، فإنّ كلّ واحد منهما ثابت على خلاف الدليل ، إذ الأصل حرمة التعرّض في مال الغير ونفسه مع أن شيئا منها (٣) ليس برخصة. وقيل العزيمة ما سلم دليله عن المانع والرّخصة ما لم يسلم عنه.

وقال فخر الإسلام : العزيمة اسم لما هو أصل من الأحكام غير متعلّق بالعوارض والرّخصة اسم لما بني على أعذار العباد وهو ما يستباح [لعذر] (٤) مع قيام المحرّم. فقوله اسم لما هو أصل من الأحكام معناه اسم لما ثبت ابتداء بإثبات الشارع وهو من تمام التعريف. وقوله غير متعلّق بالعوارض تفسير لأصالتها لا

__________________

(١) فالمقصود (م ، ع).

(٢) في حقه (ـ م).

(٣) منهما (م).

(٤) [لعذر] (+ م ، ع).

٨٥٠

تقييد ، فدخل فيه ما يتعلّق بالفعل كالعبادات وما يتعلّق بالترك كالمحرّمات ، ويؤيّده ما ذكره صاحب الميزان بعد تقسيم الأحكام إلى الفرض والواجب والسّنّة والنّفل والمباح والحرام والمكروه وغيرها أنّ العزيمة اسم لكل أمر أصلي في الشرع على الأقسام التي ذكرنا ، من الفرض والواجب والسّنة والنّفل ونحوها لا بعارض ، وتقسيم فخر الإسلام العزيمة إلى الفرض والواجب والسّنة والنّفل بناء على أنّ غرضه بيان ما يتعلّق به الثواب من العزائم ، أو على أنّ الحرام داخل في الفرض أو الواجب ، والمكروه داخل في السّنّة أو النّفل ، لأنّ الحرام إن ثبت بدليل قطعي فتركه فرض ، وإن ثبت بظني فتركه واجب ، وما كان مكروها كان ضده سنّة أو نفلا.

والإباحة أيضا داخلة في العزيمة باعتبار أنّه ليس إلى العباد رفعها. وقوله وهو ما يستباح الخ في تعريف الرّخصة تفسير لقوله (١) ما بني على أعذار العباد. فقوله ما يستباح عام يتناول الترك والفعل. وقوله لعذر احتراز عما أبيح لا لعذر. وقوله مع قيام المحرّم احتراز عن مثل الصيام عند فقد الرّقبة في الظّهار إذ لا قيام للمحرّم عند فقد الرّقبة. واعترض عليه بأنه إن أريد بالاستباحة الإباحة مع قيام الحرمة فهو جمع بين المتضادين ، وإن أريد الإباحة بدون الحرمة فهو تخصيص العلّة لأنّ قيام المحرّم بدون حكمه لمانع تخصيص له. وأجيب بأنّ المراد (٢) من قوله يستباح يعامل به معاملة المباح برفع الإثم وسقوط المؤاخذة لا المباح حقيقة ، لأنّ المحرّم قائم ، إلاّ أنّه لا يؤاخذ بتلك الحرمة بالنّص ، وليس من ضرورة سقوط المؤاخذة انتفاء الحرمة ، فإنّ من ارتكب كبيرة وقد عفى الله عنه لا يسمّى مباحا في حقه. ولهذا ذكر صدر الإسلام الرّخصة ترك المؤاخذة بالفعل مع وجود السّبب المحرّم للفعل وحرمة الفعل ، وترك المؤاخذة بترك الفعل مع وجود الموجب والوجوب. وذكر في الميزان الرّخصة اسم لما تغيّر عن الأمر الأصلي إلى تخفيف ويسر ترفيها وتوسعة على أصحاب الأعذار. وقال بعض أهل الحديث الرّخصة ما وسع على المكلّف فعله لعذر مع كونه حراما في حق من لا عذر له ، أو وسع على المكلّف تركه مع قيام الوجوب في حق غير المعذور.

التقسيم

الرّخصة أربعة أنواع بالاستقراء عند أبي حنيفة. فنوعان منها رخصة حقيقة ثم أحد هذين النوعين أحقّ بكونه رخصة من الآخر ، ونوعان يطلق عليهما اسم الرّخصة مجازا ، لكن أحدهما أتمّ في المجازية من الآخر ، أي أبعد من حقيقة الرّخصة من الآخر. فهذا تقسيم لما يطلق عليه اسم الرّخصة لا لحقيقة الرّخصة. أما الأول وهو الذي هو رخصة حقيقة وأحقّ بكونه رخصة من الآخر وتسمّى بالرّخصة الكاملة فهو ما استبيح مع قيام المحرّم والحرمة. ومعنى ما استبيح ما عومل به معاملة المباح كما عرفت كإجراء كلمة الكفر مكرها بالقتل أو القطع ، فإنّ حرمة الكفر قائمة أبدا ، لكن حقّ العبد يفوت صورة ومعنى وحقّ الله تعالى لا يفوت معنى لأنّ قلبه مطمئن بالإيمان ، فله أن يجري على لسانه وإن أخذ بالعزيمة وبذل نفسه حسبة لله في دينه فأولى وأحبّ إذ يموت شهيدا ، لحديث

__________________

(١) في تفسير الرخصة بقوله (م ، ع).

(٢) المقصود (م ، ع).

٨٥١

عمار بن ياسر (١) رضي‌الله‌عنه حيث ابتلي به ، وقال له النبي عليه الصلاة والسلام : «كيف وجدت قلبك؟ قال مطمئنا بالإيمان. فقال عليه‌السلام فإن عادوا فعد» (٢) ، وفيه نزل قوله تعالى : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (٣) الآية. وروي أنّ المشركين أخذوه ولم يتركوه حتى سبّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه ، فلمّا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما دراك (٤). قال : شرّ. ما تركوني حتى نبلت (٥) منك وذكرت آلهتهم بخير. فقال كيف تجد قلبك؟ قال : أجده مطمئنا بالإيمان. قال عليه‌السلام : فإن عادوا فعد إلى طمأنينة القلب بالإيمان» (٦). وما قيل فعد إلى ما كان منك من النّبل (٧) مني وذكر آلهتهم بخير ، فغلط لأنّه لا يظنّ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه يأمر أحدا بالتكلّم بكلمة الكفر. وإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورا لأنّ خبيبا (٨) رضي‌الله‌عنه صبر على ذلك حتى صلب وسمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيّد الشهداء ، وقال في مثله : «هو رفيقي في الجنة» (٩). وقصته أنّ المشركين أخذوه وباعوه من أهل مكة فجعلوا يعاقبونه على أن يذكر آلهتهم بخير ويسبّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو يسب آلهتهم ويذكر محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخير ، فأجمعوا على قتله. فلما أيقن أنهم قاتلوه سألهم أن يدعوه ليصلّي ركعتين فأوجز صلاته وقال : إنّما أوجزت لكيلا تظنّوا أنّي أخاف القتل. ثم سألهم أن يلقوه على وجهه ليكون ساجدا حتى يقتلوه فأبوا عليه ذلك. فرفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إنّي لا أرى هاهنا إلاّ وجه عدوّ فاقرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مني السلام. ثم قال : اللهم احص هؤلاء عددا واجعلهم مددا ولا تبق منهم أحدا. ثم أنشأ يقول :

ولست أبالي حين أقتل مسلما

على أي جنب كان لله مصرعي

فلمّا قتلوه وصلبوه تحوّل وجهه إلى القبلة ، وسمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل الشهداء ، وقال هو رفيقي في الجنّة. وهكذا في الهداية والكفاية. والثاني وهو الذي هو رخصة حقيقة ولكنه دون الأول وتسمّى رخصة قاصرة فهو ما استبيح مع قيام المحرّم دون الحرمة كإفطار المسافر ، فإنّ المحرّم للإفطار وهو شهود الشهر قائم لقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (١٠) ،

__________________

(١) هو عمار بن ياسر بن عامر الكناني العنسي القرطاني ، أبو اليقظان. ولد عام ٥٧ ق. هـ / ٥٦٧ م. وتوفي عام ٣٧ هـ / ٦٥٧ م. صحابي جليل من السابقين إلى الإسلام. هاجر إلى المدينة وشهد بدرا وأحدا وبيعة الرضوان. قاتل مع علي وقتل في صفين ، روى بعض الأحاديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. الأعلام ٥ / ٣٦ ، الاستيعاب ٢ / ٤٦٩ ، الطبري ٦ / ٢١ ، حلية الأولياء ١ / ١٣٩ ، صفة الصفوة ١ / ١٧٥.

(٢) حلية الأولياء للأصبهاني ، ج ١ ، ص ١٤٠.

(٣) النحل / ١٠٦.

(٤) ما وراءك (م) ما أدراك (ع).

(٥) نلت (م ، ع).

(٦) حلية الأولياء للأصبهاني ، ج ١ ، ص ١٤٠.

(٧) النيل (م).

(٨) هو خبيب بن عدي بن مالك بن الأوس الأنصاري. من صحابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. شهد بدرا واستشهد في عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. الإصابة ٢ / ١٠٣.

(٩) جاء بلفظ (لكل نبي رفيق ، ورفيقي في الجنة عثمان) سنن الترمذي ، كتاب المناقب ، باب مناقب عثمان ، ح (٣٦٩٨) ، ٥ / ٦٢٤. ولم نعثر هو رفيقي في الجنة لغيره ...

(١٠) البقرة / ١٨٥.

٨٥٢

لكن حرمة الإفطار غير قائمة ، فرخّص بناء على تراخي حكم المحرّم لقوله تعالى : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (١) ، لكنّ العزيمة هاهنا أولى أيضا لقيام السبب ، ولأنّ في العزيمة نوع يسر بموافقة المسلمين. ففي النوع الأول لمّا كان المحرّم والحرمة قائمين فالحكم الأصلي فيه الحرمة بلا شبهة في أصالته ، بخلاف هذا النوع فإنه وجد السبب للصوم لكن حكمه متراخ عنه ، فصار رمضان في حقّه كشعبان ، فيكون في الإفطار شبهة كونه حكما أصليا في حقّ المسافر ، فلذا صار الأول أحقّ بكونه رخصة دون الثاني.

والثالث وهو الذي هو رخصة مجازا وهو أتم في المجازية هو ما وضع عنّا من (٢) الإصر والأغلال وتسمّى رخصة مجازا لأنّ الأصل لم يبق مشروعا أصلا. ومما كان في الشرائع السابقة من المحن الشاقة والأعمال الثقيلة وذلك مثل قطع الأعضاء الخاطئة ، وقرض موضع النجاسة ، والتوبة بقتل النفس ، وعدم جواز الصلاة في غير المسجد ، وعدم التطهير بالتيمّم ، وحرمة أكل الصائم بعد النوم ، وحرمة الوطء في ليالي أيام (٣) الصيام ، ومنع الطيّبات عنهم بصدور الذنوب ، وكون الزكاة ربع المال ، وعدم صلاحية أموال الزكاة والغنائم لشيء من أنواع الانتفاع إلاّ للحرق بالنار المنزلة من السماء ، وكتابة ذنب الليل بالصبح على الباب ، ووجوب خمسين صلاة في كلّ يوم وليلة ، وحرمة العفو عن القصاص ، وعدم مخالط الحائضات في أيامها ، وحرمة الشحوم والعروق في اللحم ، وتحريم الصيد يوم السبت وغيرها ، فرفع كل هذا عن أمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تخفيفا وتكريما ، فهي رخصة مجازا لأنّ الأصل لم يبق مشروعا قط حتى لو عملنا بها أحيانا أثمنا وغوينا ، وكان القياس في ذلك أن يسمّى نسخا ، وإنّما سمّيناه رخصة مجازا محضا ، هكذا في نور الأنوار.

والرابع وهو الذي هو رخصة مجازا لكنه أقرب في حقيقة الرّخصة من الثالث ، هو ما سقط مع كونه مشروعا في الجملة ، أي في غير موضع الرّخصة. فمن حيث إنه سقط كان مجازا ، ومن حيث إنّه مشروع في الجملة كان شبها بحقيقة الرّخصة ، بخلاف الثالث كقول الراوي : رخّص في السّلم ، فإنّ الأصل في البيع أن يلاقي عينا موجودا لكنه سقط في السّلم حتى لم يبق التعيّن عزيمة ولا مشروعا ، هذا كله خلاصة ما في كشف البزدوي والتلويح والعضدي وغيرها.

وفي جامع الرموز : الرّخصة على ضربين. رخصة ترفيه أي تخفيف ويسر كالإفطار للمسافر ، ورخصة إسقاط أي إسقاط ما هو العزيمة أصلا كقصر الصلاة للمسافر انتهى. ولا يخفى أنّ هذا داخل في الأنواع السابقة الأربعة.

الرّد : [في الانكليزية] Restitution ، reduction ـ [في الفرنسية] Restitution ، reduction

في اللغة الصرف. وفي الاصطلاح صرف ما فضل عن فرض ذوي الفروض ، ولا يستحق له أحد من العصبات إليهم بقدر حقوقهم هكذا في الجرجاني. وهو ضدّ العول إذ بالعول ينتقص سهام ذوي الفروض ويزداد أصل المسألة ، وبالرّد يزداد السّهام وينتقص أصل المسألة. وبعبارة أخرى في العول يفضل السّهام على المخرج ، وفي الرّد يفضل المخرج على السّهام ، كذا في الشريفية. مثلا إذا ترك شخص بنتا واحدة ، فأصل المسألة من اثنين ، إذ للبنت

__________________

(١) البقرة / ١٨٥.

(٢) عن (ع).

(٣) أيام (ـ م).

٨٥٣

هاهنا النّصف. فلما أعطي للبنت واحد من اثنين بقي واحد. ولما لم يكن هاهنا عصبة ، ردّ الواحد الباقي إلى البنت فصار المسألة حينئذ من واحد بعد كونها في الأصل من اثنين ، فقد انتقص أصل المسألة.

وعند المنجّمين يطلق على نوع من الاتّصال كما سبق ذكره.

وعند المحاسبين اسم عمل مخصوص وهو أن تنظر بين عدد الكسر ومخرجه نسبة. فإن كانت النسبة بينهما تباينا فلا يعمل فيه ، إذ لا رد حينئذ ، كواحد من خمسة يعبّر عنه بالخمس. وإن كانت توافقا فيقسّم كلّ من عدد الكسر والمخرج على عدد ثالث عادلهما. وإن كانت تداخلا فيقسّم الأكثر منهما على الأقل ، ثم يقسّم الأقلّ على نفسه ، ثم ينسب الخارج من قسمة عدد الكسر إلى الخارج من قسمة المخرج ، فيحصل المطلوب. فالستة من الثمانية يعبّر عنها بثلاثة أرباع ، والاثنان من الثمانية يعبّر عنه بالرّبع. وإنّما فعلوا ذلك لأنّ النسبة بين الكسر ومخرجه توجد في أعداد غير متناهية. والمختار عندهم أقل عددين على نسبتهما ليسهل الحساب ويقرب إلى الفهم ، وإيراد ما سواهما قبيح.

وقد يطلق الرّدّ عندهم على عمل من أعمال الجبر والمقابلة ، ويقابله التكميل وذلك أنّهم قالوا إذا كان في أحد المعادلين أكثر من مال واحد ردّ إلى الواحد ، وإن كان في أحدهما أقل من مال واحد يكمل ويؤخذ سائر الأجناس في العملين بتلك النسبة ، بأن يقسم عدد كل جنس على عدد الأموال فيخرج من قسمة المال على نفسه واحد. مثلا خمسة أموال وعشرة أشياء تعدل ثلاثين ، قسمنا كلاّ من الخمسة والعشرة والثلاثين على خمسة لأنّها عدد المال ، فخرج مال واحد وشيئان يعدل ستّة ويسمّى هذا العمل بالرّد ، ومرجعه إلى المقابلة إذ فيه إسقاط المشترك بين الطرفين من الطرفين ، وإن كان نصف مال وخمسة أشياء مثلا معادلا لسبعة قسمنا كلا من النصف والخمسة والسبعة على النصف ، فخرج مال واحد. وعشرة أشياء يعدل أربعة عشر عددا ويسمّى هذا العمل بالتكميل ومرجعه إلى الجبر كما لا يخفى. وإن شئت توضيح ما ذكرنا مع البراهين فارجع إلى شرحنا لضابط قواعد الحساب المسمّى بموضح البراهين في فصل ضرب الكسور ، وفي مقدمة علم الجبر والمقابلة. وقيل الرّدّ إلى الواحد ردّ وكذا التكميل إليه تكميل. أمّا أخذ سائر الأجناس في العملين بتلك النسبة فيسمّى تعديلا كذا في بعض الرسائل.

الرّدء : [في الانكليزية] Support forces ـ [في الفرنسية] Forces de soutien

بالكسر وسكون الدال المهملة في الأصل الناصر. وشرعا الذين يخدمون المقاتلين في الجهاد. وقيل هم الذين وقفوا على مكان حتى إذا ترك المقاتلون القتال قاتلوا ، كذا في جامع الرموز والبرجندي في كتاب الجهاد.

الرّداء : [في الانكليزية] Dre ، clothes ، robe ، unveiling ، manifestation ـ [في الفرنسية] Vetementhabit ، habit ، robe ، devoilement ، manifestation

بالكسر وفتح الدال المهملة وبالمد ، هو الملحفة للنّساء واسم لثوب يستر الرّأس والقامة لدى الإنسان. وفي اصطلاح الصوفية عبارة عن ظهور صفات الحقّ على العبد والتي هي إظهار صفات الحقّ من العبد كذا في لطائف اللغات (١).

__________________

(١) چادر ونيز نام جامه كه بر سر وقد گيرند. ودر اصطلاح صوفيه عبارتست از ظهور صفات حق بر عبد كه آن اظهار صفات حق است بحق از بنده كذا في لطائف اللغات.

٨٥٤

رد العجز على الصّدر : [في الانكليزية] Inversion of the hemistich ـ [في الفرنسية] Renversement dhemistiche

عند أهل البديع هو التصدير وسيجيء.

الرّدف : [في الانكليزية] Conclusion ـ [في الفرنسية] Conclusion

بالكسر وسكون الدال المهملة عند المنطقيين هو النتيجة ويجيء في لفظ القياس. وعند أهل القوافي حرف مدّ ولين يكون قبل الروي ولا شيء بينهما. ويجوز في الرّدف دخول الواو على الياء والياء على الواو ، ولا يجوز دخول الألف عليهما ، ويجوز دخول الضمّة على الكسرة والكسرة على الضمّة لأنهما أختان ، ولا يجوز أن تدخل فتحة عليهما ، فإن دخلته فهو شاذ ، كذا في عنوان الشرف. وقد وقع ذلك كثيرا في قصيدة بانت سعاد ، وهذا في اصطلاح أهل العربية. وأما اصطلاح أهل العجم فيخالفه. فيقول في منتخب تكميل الصّناعة : الرّدف على القول المشهور عبارة عن حرف مدّ ولين قبل حرف الرّويّ بدون واسطة حرف متحرّك ، سواء مع عدم وجود حرف واسطة كالألف في خراب وشراب أو كان ثمة حرف واسطة مثل الفاء في «تافت» و «يافت» ومعناهما : لمع ، ووجد ، التي هي حرف الرّوي. وفي هذا الوقت يسمّون هذا الحرف الساكن ردفا زائدا. وذلك الحرف الذي هو مدّ ولين يسمّى الرّدف الأصلي ورعاية تكرار الرّدف واجبة مطلقا.

والقافية المشتملة على ردف تسمّى مردفة بسكون الراء وفتح الدال ، وتلك التي تشتمل على ردف أصليّ فقط فيقال لها مردفة بردف مغرّد. وأمّا التي اشتملت على ردفين أصلي وزائد فتلك التي يقال لها مردف بردف مركب. وقال صاحب معيار الأشعار : إنّ الرّدف الزائد إذا جمع مع الرّويّ حتى صار داخلا مع الرّويّ فإنّه يسمّى لدى شعراء العجم باسم الرّويّ المضاعف (١).

الرّديف : [في الانكليزية] Homonym ـ [في الفرنسية] Homonyme

مثل الكريم عند شعراء العجم عبارة عن كلمة أو أكثر توضع قبل القافية بشكل مكرّر ، لها معنى واحد ، والشعر إذا كان مشتملا على الرّديف فيسمّى المردّف ، وليس الرّديف عند الشعراء العرب معتبرا.

ثم إنّ الرّديف على نوعين :

الأوّل : الكلمة تكون تامّة مثل البيت وترجمته :

أيها الحبيب لقد أخذت القلب من العبد (منّي)

وما أحسن أخذ القلب من العبد (منّي)

والثاني : حرف بدلا من الكلمة التّامة. والمقصود حرف مفيد للمعنى مثل ضمير المخاطب (ت) أو الغائب (ش) أو المتكلّم (م) ومثاله في البيت وترجمته :

أيّها الملك ، السّماء مرتبتك وأمّا عند أعتابك

وضعت الشمس رأسها ، والفلك دار حول رأسك

كذا في جامع الصنائع ورسالة (عبد الرحمن) الجاميّ.

ويقول في منتخب تكميل الصناعة : هذا

__________________

(١) ودر منتخب تكميل الصناعة ميگويد ردف بر قول مشهور عبارتست از حرف مد ولين كه پيش از روي باشد بى واسطه متحركى خواه هيچ حرف واسطه نباشد چون الف در خراب وشراب وخواه حرف ساكن واسطه باشد چون فاء تافت ويافت كه واسطه است ميان الف كه ردف است وميان تاء كه رويست ودرين هنگام اين حرف ساكن را ردف زائد نامند وآن حرف مد ولين را ردف اصلي وارعيت تكرار ردف مطلقا واجب است. وهر قافيه كه مشتمل باشد بر ردف آن را مردف خوانند بسكون راء وفتح دال وآنكه مشتمل بر ردف اصلي است فقط آن را مردف به ردف مفرد گويند وآنكه مشتمل باشد بر ردف اصلي وزائد آن را مردف به ردف مركب گويند وصاحب معيار الاشعار ردف زائد را چون با روي جمع شود داخل روي داشته وگفته كه بعرف شعراء عجم مجموع را روي مضاعف نام است.

٨٥٥

التعريف المذكور هو على القول المشهور ، ويقول صاحب معيار الأشعار : المختار في تعريف الرّديف هو تكرار اللّفظ وليس للمعنى اعتبار ما. فإذا كان الرّديف في كلّ القصيدة بمعنى واحد أو بمعان مختلفة أو بعضها له معنى وبعضها الآخر لا معنى له ، والسّبب أنّه قد يكون للفظ معنى وهو منفرد وأحيانا قد يكون الرّديف جزءا من كلمة. وكل ذلك جائز.

وقال أيضا : في الرديف ليس للمقدار اعتبار ، فلو كان المصراع مشتملا على القافية والرّديف فهو جائز. وكذلك في القلّة أيضا لا أهمية لذلك. وقال أيضا : كلّ ما جاء بعد الرّوي والوصل فالأولى أن تحسب الجملة من الرديف. وهذا عكس المتعارف عليه. وقال شمس قيس (الرازي) في تعريف الرّديف : يجب أن يكون الشّعر محتاجا للرديف سواء من ناحية المعنى أو الوزن. وهذا موضع بحث لأنّه قال هو نفسه في آخر المبحث : إذا كانت كلمة الرّديف ليست متمكنة في موضعها فلا يكون الشعر من حيث المعنى بحاجة إليها وهذا عيب.

فإذن معلوم أنّه على تقدير عدم الاحتياج يبقى الرّديف على حاله إلاّ أنّه يتضمّن عيبا. وهذا مناف لقول الأول ، إلاّ إذا قلنا بأنّ المراد هو تعريف الرّديف الذي لا عيب فيه ، وليس مطلق رديف.

واعلم بأنّ الشعر المشتمل على القافية يقال له مقفّى ، والمشتمل على القافية والرّديف فهو المقفّى المردّف بفتح الراء وتشديد الدال.

وفي الشعر المقفّى المردّف كما أنّ عدم اختلاف القافية واجب فهكذا عدم اختلاف الرّديف أيضا واجب ، ولو أنّ الرّديف ليس واجبا في الأصل بل مستحسن. انتهى كلامه (١).

الرّديف المتجانس : [في الانكليزية] Paronomasia ، paronymy ـ [في الفرنسية] Paronomase ، paronymie

هو عند الشّعراء له معنيان : الأول : أن يأتي الشّاعر بعد القافية بلفظ رديف ويكون له معنيان ، وذلك على طريق الجناس. ومثاله ما ترجمته :

إنّ الكريم خان الممدوح هو سحاب يمطر الجوهر

والناس يحملون من بابه الذّهب على الجمال

__________________

(١) مثل الكريم نزد شعراء عجم عبارت است از يك كلمه يا زياده كه بعد از قافيه در ابيات بيگ معنى مكرر شود وشعرى كه مشتمل باشد بر رديف آن را مردف گويند بفتح راء ودال مشدده وشعراء عرب رديف را اعتبار نكرده اند واين بر دو نوع است يكى كلمه تام مثاله.

أي دوست كه دل ز بنده برداشته

نيكوست كه دل ز بنده برداشته

دوم حرفى كه به جاى كلمه تام باشد اعني حرف مفيد المعنى چون تاء خطاب وشين غائب وميم متكلم مثاله.

سپهر مرتبة شاها توئى كه پيش درت

نهاده مهر سر وچرخ گشت گرد سرت

كذا في جامع الصنائع ورسالة الجامي ودر منتخب تكميل الصناعة گويد اين تعريف مذكور بقول مشهور است وصاحب معيار الاشعار گفته كه اختيار در تعريف رديف بتكرار الفاظ است وبمعنى اعتبارى نيست چه اگر رديف در همه قصيده بيك معنى بود يا بمعاني مختلفه يا بعضى را معنى وبعضى را نبود بسبب آنكه بعضى بانفراده لفظى باشد وبعضى جزء از لفظى روا بود وگفته كه در رديف مقدار اعتبار ندارد چه اگر تمام مصراع مشتمل بر قافيه ورديف باشد روا است ودر قلت هم اعتبار ندارد ونيز گفته هرچه بعد از روي ووصل بود اولى آنست كه جمله را از حساب رديف شمرند واين خلاف متعارف است وشمس قيس گفته در تعريف رديف مى بايد كه شعر در وزن ومعنى بدو محتاج باشد واين محل بحث است زيرا كه خود در آخر مبحث گفته كه چون كلمه رديف در موضع خويش متمكن نيفتد معني شعر را از روي معنى بدان احتياج نبود عيب است پس معلوم شد كه بر تقدير عدم احتياج هم رديف است غايتش آنكه عيبى دارد واين منافي قول اوّل او است مگر آنكه گوئيم كه مراد تعريف بى عيب است نه مطلق رديف. بدان كه شعر مشتمل بر قافيه را مقفى گويند ومشتمل بر قافيه ورديف را مقفى مردف بفتح را وتشديد دال گويند ودر شعر مقفى مردف چنانچه عدم اختلاف قافيه واجب است همچنين عدم اختلاف رديف اگرچه در اصل ذكر رديف واجب نيست بلكه مستحسن انتهى كلامه.

٨٥٦

فلفظة «بار» في المصراع الأول من (باريدن) أي نزول المطر ، وهي في المصراع الثاني بمعنى (حمل). الثاني : أن يؤتى بلفظ في الشعر أو الغزل يكون رديفا وفي الأبيات الأخرى يمكن أن يكون لفظ الرّديف في آن واحد قافية ورديفا. مثاله وترجمته : ذلك المعشوق (جاذب القلب) الذي وجهه في كلّ وقت كالقمر يبدو. وتماما يظهر كالمرآة. ومثال آخر ترجمته :

يا لطيف الروح الذي في كلّ وقت

نظر (العاشق) إلى المرآة رأى وجهك

فلفظ «آئينه» ومعناها : مرآة. هي رديف في المصراع الأوّل ولفظ «هر» ومعناها : كلّ هي القافية. وأمّا في المصراع الثاني فلفظة : «هرآئينه» ومعناها : كل وقت فهي رديف وقافية معا ، كذا في جامع الصنائع. ووجه التّسمية ظاهر ذلك لأنّ الرّديف بالحقيقة كلمة مكرّرة بمعنى واحد وهنا المعنى مختلف إلاّ أنّه بسبب الجناس اللفظي قيل للرّديف : الرّدف المتجانس (١).

الرّديف المحجوب : [في الانكليزية] Pun ـ [في الفرنسية] Antanaclase

هو عند الشعراء لفظ مكرّر في قافية الشّعر الذي هو ذو قافيتين. مثاله ما ترجمته :

إنّ كريم خان الممدوح ذلك الغمام الذي يمطر الجوهر

والذي بيده سيف مطعّم بالجوهر

فكلمة «جوهر» رديف محجوب كذا في جامع الصنائع. وأورد في مجمع الصنائع : إذا وقعت كلمة بين القوافي في الشّعر ذي القافيتين فيقال لها متوسّطة ، كما سيأتي بيانه في لفظ ذو القافيتين (٢).

رديف المعنيين : [في الانكليزية] Syllepsis ـ [في الفرنسية] Syllepse

هو عند الشعراء : أن يكون لفظ الرّديف له معنيان تامان ومفيدان. مثاله ما ترجمته :

ليطر سهمك كالنّسر حتى يدع العنقاء لا عمل لها

وليطر كالببّغاء قلمك حتى يصير الطاوس مربيا للروح

لفظ پركم له معنيان. ١ ـ عاطل عن العمل والثاني : ريشه قليل والطاوس العزيز صاحب ريش أو مربيا للروح. كذا في مجمع الصنائع. والمقصود هنا لفظپرور الذي هو رديف وجان قافية (٣).

__________________

(١) نزد شعراء دو معنى دارد يكى آنكه شاعر بعد از قافيه رديف لفظى را آرد كه ذو معنيين باشد وآن را بر طريق تجنيس دارد مثاله.

ستوده خان كريم آن سحاب گوهر بار

كه برد از در او خلق اشتر زر بار

لفظ بار كه رديف است در مصراع اوّل از باريدنست ودر مصراع دوم از بار گردنست دوم آنكه لفظى را در شعري يا غزلى رديف سازد در مصراع اوّل ودر ابيات ديگر لفظى آرد كه از آن لفظ قافيه ورديف هر دو خيزد مثاله.

آن يار دلربا كه رخش را هر آينه

چون مه نموده راست نمايد هرآينه

مثال ديگر.

أي خنك جانى كه در هر آينه

ديد روي يار خود هر آينه)

لفظ آئينه رديف است در مصراع اوّل از هر آينه لفظ هر قافيه است ولفظ آئينه رديف ودر مصراع دوم قافيه ورديف از يك لفظ هرآينه آورده است كذا في جامع الصنائع ووجه تسميه ظاهر است چرا كه رديف بالحقيقة كلمه ايست مكرر بيك معنى واين اينجا معنى مختلف است ليكن بسبب مجانست لفظي به رديف متجانس موسوم گشت.

(٢) نزد شعراء لفظيست مكرر كه در دو قافية شعري ذى القافيتين افتد مثاله.

ستوده خان كريم آن غمام گوهر بار

كه هست بر كف دستش حسام گوهر دار

لفظ گوهر رديف محجوب است كذا في جامع الصنائع. ودر مجمع الصنائع آرد اگر كلمه در ميان قوافي شعر ذى القافيتين مكرر واقع شود آن را متوسط نامند چنانچه در لفظ ذو القافيتين گذشت.

(٣) نزد شعراء آنست كه از يك لفظ رديف دو معني تام ومفيد حاصل شود مثاله.

پرد چون كركس تيرت كند سيمرغ را پر كم

پرد چون طوطي كلكت شود طاوس جان پرور

پركم دو معنى دارد يكى بيكار دوم پر او كم شود وطاوس جان صاحب پر شود ويا جان پرورد كذا في جامع الصنائع ومقصود درين جا لفظپرور است كه رديف است وجان قافيه.

٨٥٧

الرّزق : [في الانكليزية] Resources ، supplies ، provisions ، fortunes ، subsistence ـ [في الفرنسية] Reources ، vivres ، fortunes ، subsistance

بالكسر وسكون الزاء المعجمة عند الأشاعرة ما ساقه الله تعالى إلى الحيوان فانتفع به بالتغذّي أو غيره مباحا كان أو حراما ، وهذا أولى من تفسيرهم بما انتفع به حيّ ، سواء كان بالتغذّي أو بغيره ، مباحا كان أو حراما ، لخلوّ هذا التفسير من معنى الإضافة إلى الله تعالى مع أنّه معتبر في مفهوم الرّزق. فالتعريف الأول هو المعوّل عليه عندهم. وبالجملة فهذان التعريفان يشتملان المطعوم والمشروب والملبوس وغير ذلك. ويرد على كليهما العارية إذ لا يقال في العرف للعارية إنّه مرزوق (١). وقيل إنّه يصحّ أن يقال إنّ فلانا رزقه الله تعالى العواري. وقال بعضهم الرّزق ما يتربى به الحيوانات من الأغذية والأشربة لا غير ، فيلزم على هذا خروج الملبوس والخلوّ عن الإضافة إلى الله تعالى. وقيل هو ما يسوقه الله تعالى إلى الحيوان فيأكله ، ويلزم خروج المشروب والملبوس. وإن أريد بالأكل التناول خرج الملبوس. وأيضا يلزم على هذين القولين عدم جواز أن يأكل أحد رزق غيره مع أنّ قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٢) يدلّ على الجواز. وأجيب بأنّ إطلاق الرزق على المنفق مجاز عندهم لأنّه بصدده ، أي بصدد أن يكون رزقا قبل الإنفاق. ولا يرد هذا على التعريفين الأولين لجواز أن ينتفع بالرزق أحد من جهة الإنفاق على الغير وينتفع به الآخر من جهة الأكل. فإطلاق الرّزق على المنفق حقيقة عندهم.

اعلم أنّ قولهم مباحا كان أو حراما في التعريفين ليس من تتمّة التعريف. ولذا لم يذكر في التعريفين الأخيرين ، بل إنما ذكر للتنبيه على الرّدّ على المعتزلة القائلين بأنّ الحرام ليس برزق. فملخص التعريفين أنّ الرّزق هو ما ساقه الله تعالى إلى الحيوان فانتفع به سواء كان متصفا بالحلّة أو الحرمة أو لم يكن ، فاندفع ما قيل من أنّه يلزم عدم كون حيوان لم يأكل حلالا ولا حراما مرزوقا كالدابة ، فإنّه ليس في حقّها حلّ ولا حرمة كذا يسنح بخاطري.

وعند المعتزلة هو الحلال. ففسّروه تارة بمملوك يأكله المالك ، والمراد (٣) بالمملوك المجعول ملكا ، بمعنى الإذن في التصرّف الشّرعي ، وإلاّ لخلا التعريف عن معنى الإضافة إلى الله تعالى ، وهو معتبر عندهم أيضا. ولا يرد خمر المسلم وخنزيره إذا أكلهما معه حرمتهما ، فإنّهما مملوكان له عند أبي حنيفة ، فيصدق حدّ الرّزق عليهما لأنّهما ليسا من حيث الأكل مملوكين له. فقيد الحيثية معتبر. وتارة بما لا يمنع من الانتفاع به وذلك لا يكون إلاّ حلالا. ويرد على الأول أن لا يكون ما يأكله الدواب رزقا ، إذ لا يتصوّر في حقّها حلّ ولا حرمة ، مع أنّ قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها) (٤) يعمّها (٥). ويرد على التفسيرين أنّ من أكل الحرام طول عمره لم يرزقه الله أصلا ، وهو خلاف الإجماع ، هكذا يستفاد من شرح المواقف وشرح العقائد وحواشيه. وقال في مجمع السلوك في فصل أصول الأعمال في بيان التّوكّل :

وقد قسّم المشايخ الرزق إلى أربعة أقسام :

__________________

(١) رزق (م).

(٢) البقرة / ٣.

(٣) والمقصود (م ، ع).

(٤) هود / ٦.

(٥) يعمهما (م).

٨٥٨

وقال في مجمع السلوك في فصل أصول الأعمال في بيان التوكل : (١) ـ الرّزق المضمون : وهو ما يساق إليه من طعام وشراب وكلّ ما يؤمّن له حدّ الكفاف. وهذا ما يقال له الرّزق المضمون. ذلك لأنّ الله سبحانه قد ضمنه (للعباد) : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (هود : ٦). (٢) ـ الرزق المقسوم : وهو ما قسّم في الأزل وسجّل في اللوح المحفوظ. (٣) ـ الرزق المملوك : وهو ما اتّخذه الإنسان من مدّخرات مالية أو ملابس وأسباب مادية أخرى. (٤) ـ الرزق الموعود : وهو ما وعد الله عباده الصالحين (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق : ١٥) والتوكّل إنّما يكون في الرّزق المضمون ، أمّا في الأرزاق الأخرى فلا. وعليه ينبغي أن يؤمن بأنّ ما هو كفاف له فهو مقطوع بوصوله إليه فينبغي إذن عليه أن يتوكّل على الله لهذه الجهة. انتهى كلامه (١). وفي خلاصة السلوك ، قال أهل الحقيقة الرّزق ما قسم للعبد من صنوف ما يحتاج إليه مطعوما ومشروبا وملبوسا. وقال حكيم : الرّزق ما يعطي المالك لمملوكه قدر (٢) ما يكفيه ، وهو لا يزيد ولا ينقص بالترك انتهى. والفرق بين الرّزق وبين العطيّة والكفاية مع بيان معانيه الأخر يجيء في لفظ العطية.

الرّس : [في الانكليزية] First accent ، prelude to a fever ـ [في الفرنسية] premier accent ، prelude d ، une fievre

بالفتح عند أهل القوافي حركة ما قبل التأسيس كذا في عنوان الشرف ويقول في منتخب تكميل الصناعة : هذه الحركة لن تكون غير الفتحة نحو حركة الميم في مائل والزاي في زائل ، ومتى تكرّر التأسيس في القوافي فالرّسّ أيضا يلزم تكراره ضرورة. ومن كان يظنّ أنّ التأسيس ليس من حروف القافية فهو أيضا لا يظن الرّسّ من حركات القافية. والرّسّ عند الأطباء اسم لدواء مركّب. وفي بحر الجواهر : الرّسّ بالفتح مركّب من المواد الآتية : البيش (وهو سمّ نباتي). والزنجبيل ، والفلفل وبراعم شجرة الفلفل و (عاقر قرحا) و (المويزج) وهو نوع من العشب المتسلّق على الشجر. تؤخذ منها مقادير متساوية. وقيل : ورسّ الحمّى ورسيسها أوّل ارتفاع الحرارة في البدن (٣).

الرّسالة : [في الانكليزية] MIive ، epistle ، eay ، meage ـ [في الفرنسية] Miive ، epitre ، eai ، meage

في الأصل الكلام الذي أرسل إلى الغير. وخصّت في اصطلاح العلماء بالكلام المشتمل على قواعد علمية. والفرق بينها وبين الكتاب على ما هو المشهور إنّما هو بحسب الكمال والنقصان والزيادة والنقصان. فالكتاب هو الكامل في الفن والرسالة غير الكامل فيه ، كذا

__________________

(١) مشايخ رزق را چهار قسم كرده اند رزق مضمون وآن آنچه بدو رسد از طعام وشراب وآنچه او را كفاف است واين را رزق مضمون گويند چرا كه خداى ضامن اوست (وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها) ورزق مقسوم وآن آنست كه در ازل قسمت شده است ودر لوح محفوظ نوشته شده است ورزق مملوك وآن آنست كه ذخيره او باشد از درم وجامه واسباب ديگر ورزق موعود وآن آنست كه حق تعالى مر صالحان وعابدان را بدان وعده كرده است (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب). وتوكل در رزق مضمونست ودر رزقهاى ديگر نه پس بايد كه بداند كه آنچه كفاف است بالقطع خواهد رسيد وتوكل كند انتهى كلامه.

(٢) بقدر (م).

(٣) ودر منتخب تكميل الصناعة گويد اين حركت البته سوي فتحه نخواهد بود چنانچه حركت ميم مائل وزاء زائل وچون تاسيس در قوافي تكرار يابد بالضرورة رس نيز تكرار يابد وآن كس كه تاسيس را از حروف قافيه نداشته رس را نيز از حركات قافيه نپنداشته ورس نزد اطباء اسم دوائى مركب است. وفي بحر الجواهر الرّسّ بالفتح مركّب صفته هذه بيش وزنجبيل وفلفل ودار فلفل وعاقر قرحا ومويزج على السواء. وقيل : ورسّ الحمّى ورسيسها أول تب انتهى.

٨٥٩

ذكر الچلپي في حاشية الخيالي. ويستعمل في الشريعة بمعنى بعث الله تعالى إنسانا إلى الخلق بشريعة سواء أمر بتبليغها أو لا ، ويساوقها النّبوّة. وقد تخصّ الرّسالة بالتبليغ أو بنزول جبرئيل عليه‌السلام أو بكتاب أو بشريعة جديدة أو بعدم كونه مأمورا بمتابعة شريعة من قبله من الأنبياء. وبالجملة فالرّسول بالفتح إمّا مرادف للنبي وهو إنسان بعثه الله تعالى بشريعة سواء أمر بتبليغها أم لا ، وإليه ذهب جماعة. وإمّا أخصّ منه كما ذهب إليه جماعة أخرى. واختلفوا في وجه كونه أخصّ. فقيل لأنّ الرّسول مختصّ بالمأمور بالتبليغ إلى الخلق بخلاف النبي. وقيل لأنه مختصّ بنزول جبرئيل عليه‌السلام بالوحي. وقيل لأنّه مختصّ بشريعة خاصة بمعنى أنّه ليس مأمورا بمتابعة شريعة من قبله. وقيل لأنّه مختصّ بكتاب هكذا يستفاد من العلمي حاشية شرح هداية الحكمة وبعض شروح مختصر الأصول. وقال بعضهم إنّ الرّسول أعمّ وفسّره بأنّ الرّسول إنسان أو ملك مبعوث بخلاف النبي فإنّه مختص بالإنسان ، كذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في بحث خبر الرسول. وفي أسرار الفاتحة : النبي هو الذي يرى في المنام والرّسول هو الذي يسمع صوت جبرئيل عليه‌السلام ولا يراه ، والمرسل هو الذي يسمع صوته ويراه انتهى. والمفهوم من مجمع السلوك عدم الفرق بين الرّسول والمرسل حيث قال : المرسل عند البعض ثلاثمائة وثلاثة عشر وعند البعض ثمانية عشر وأولو العزم منهم ستة نفر : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين انتهى. ولا شك في إطلاق الرسل عليهم أيضا.

والفرق بين الرسول والمرسل عند الكرّامية يذكر في لفظ المشبهة. وفي فتح المبين شرح الأربعين للنووي : الرسول إنسان حرّ ذكر من بني آدم يوحى إليه بشرع وأمر بتبليغه ، سواء كان له كتاب أنزل عليه ليبلغه ناسخا لشرع من قبله أو غير ناسخ له ، أو أنزل على من قبله وأمر بدعوة الناس إليه أم لم يكن له ذلك ، بأن أمر بتبليغ الموحى إليه من غير كتاب. ولذلك كثرت الرسل إذ هم ثلاثمائة وثلاثة عشر وقلّت الكتب إذ هي التوراة والإنجيل والزّبور وصحف آدم وشيث وإدريس وإبراهيم. وهو أخص من النبي فإنّه إنسان حر ذكر من بني آدم أوحي إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه.

وقال ابن عبد السلام بتفضيل النّبوّة لتعلّقها بالحقّ على الرّسالة لتعلّقها بالخلق. وردّ بأنّ الرّسالة فيها التعلّقان كما هو ظاهر ، والكلام في نبوّة الرّسول مع رسالته ، وإلاّ فالرسول أفضل من النبي قطعا. وليس من الجنّ رسول عن الله عند جماهير العلماء انتهى. وكذا من غير الحرّ ، وكذا من النساء على ما يشعر به قوله حرّ ذكر ، وكذا الحال في النبي في الكل. وبعضهم على أنّ من الجنّ رسلا كما مرّ في لفظ الجن. وبعضهم على أنّ مريم أمّ عيسى عليه‌السلام من الأنبياء كما ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية. وفي اصطلاح الفقه وهو الذي أمره المرسل بأداء الرّسالة في عقد من العقود أو في أمر آخر كتسليم المبيع وقبض الثمن في البيع أو أخذ المبيع وأداء الثّمن في الشراء. وصورة الإرسال في البيع أن يرسل البائع شخصا فيقول : بعت هذا من فلان الغائب بألف درهم فاذهب إليه فقل مني له هذا. فهو لا يضيف العقد إلى نفسه ولا يرجع حقوق العقد إليه ، بل إذا جاء إلى المرسل إليه يقول : قال لك فلان بعت هذا منك الخ فإذا قال المرسل إليه في مجلس البلوغ اشتريته منه تمّ البيع فلا يملك القبض والتسليم إذا كان رسولا في البيع ، ولا يكون خصما حتى لا يردّ بالعيب ، إذا كان رسولا في الشراء ، ولا يردّ عليه إذا كان رسولا في البيع ، ولا يقبل بينة الأداء أو الإبراء إذا

٨٦٠