موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٥٢
الجزء ١ الجزء ٢

أو من حيث أنّ سبّ الدّهر يؤول إلى الله لأنّه هو الفاعل الحقيقي ، نعوذ بالله من ذلك ، كذا قالوا انتهى (١).

الدّهني : [في الانكليزية] Drug based upon oil or fat ـ [في الفرنسية] Medicament a base d ، huile ou de graie

عند الأطباء دواء في جوهره دهن كاللبوب كذا في المؤجز في الأدوية.

الدّواء : [في الانكليزية] Drug ، medicine ـ [في الفرنسية] Medicament

بالحركات الثلاث والفتح أشهر وبالمد في اللغة دمان. والجمع الأدوية. وعرفه الأطباء بما يؤثر في البدن أثرا ما بكيفية ، أي بسبب كيفية ، وهي احتراز عمّا يؤثّر فيه بمادته أو بصورته النوعية ، فإنّ كلاّ منهما خارج عن حكم الدواء المطلق ويدخل فيه الدواء المطلق والدواء السمّي (٢) وكذا الدواء الغذائي والغذاء الدوائي لأنّ كلاّ منهما دواء من وجه وغذاء من وجه ، وكذا الدواء الذي له خاصية ونحوها على ما يجيء في لفظ الغذاء ، ويخرج منه الدواء المعتدل إذ لا أثر له أصلا ، ولا ضير في خروجه إذ لا يقال له دواء إلاّ مجازا. ولذا لا يقال إلاّ مقيدا بأنّه معتدل. وهذا كما يقال للحجر المعمول على شكل السفينة إنّه سفينة حجر ، ولا يقال إنّه سفينة مطلقا ، وإذا أطلق الأطباء الدواء أرادوا به المستفرغ ، هكذا يستفاد من شرح القانونچه وبحر الجواهر.

وفي كليات أبي البقاء الداء وهو ما يكون في الجوف والكبد والرئة والقلب والأمعاء والكلية ، والمرض هو ما يكون في سائر الأبدان. والدواء اسم لما يستعمل لقصد إزالة المرض أو الألم أو لأجل حفظ الصحة ليبقى على الصحة بخلاف الغذاء ، فإنّه اسم لما يستعمل لقصد تربية البدن وإبقائه ليتحصّل بدل ما يتحلّل بسبب الحرارة الغريزيّة أو بسبب عروض العوارض. (٣)

التقسيم

الدواء إمّا مفرد وهو الدواء الواحد وإمّا مركّب وهو ما يكون مركّبا من دواءين أو أكثر ومن الأدوية ما هو مركّب القوى وهو الذي له المزاج الثاني لتركّبه من ذوات الأمزجة. وتركيب ما له مزاج ثان قسمان : طبيعي كاللبن وصناعي كالترياق ويجيء في لفظ المزاج.

فائدة :

قالوا للأدوية أربع درجات. أمّا الدرجة الأولى فهي أن يكون فعل الدواء فعلا غير محسوس أي بالإحساس الظاهر ، فهو احتراز عن باقي الدرجات والدواء المعتدل غير داخل في مطلق الدواء فلا حاجة إلى الاحتراز عنه ، ولو سلم دخوله مجازا ، فخرج بقولنا الظاهر لأنّه لا يحس بتأثيره أصلا ، وإن تكثّر مقداره

__________________

(١) ودر ترجمه مشكاة از شيخ عبد الحق دهلوي در شرح حديث يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وانا الدهر إلى آخره مذكور است كه دهر بمعني فاعل ومدبر ومتصرف است چون سب كردن دهر را مشعر باعتقاد فاعليت وتصرف اوست گويا دهر نام فاعل متصرف شد پس فرمود منم دهر يعني دهر را كه فاعل ومتصرف اعتقاد ميكنيد آن فاعل ومتصرف منم يا مضاف محذوف است اي انا مقلب الدهر چنانچه آخر حديث بر ان دلالت مى كند اعني بيدى الامر اقلب الليل والنهار. وكرماني گفته مراد بأنا الدهر أنا المدهر است اي مقلبه وبعضى گفته اند دهر از اسماى حسناي إلهي است وخطّابى آن را منكر شده اما از قاموس صحت آن مفهوم ميشود وبا قطع نظر از ان درين مقام جودت معني ندارد مگر آنكه دهر بمعني فاعل ومتصرف دارند ووجود ايذا در سب دهر بجهت آنست كه ذم وسب دهر مشعر است به نسبت تصرف به او يا بجهت آنكه سب دهر راجع بجناب إلهي ميگردد زيرا كه چون فاعل حقيقي اوست سب بروي راجع ميگردد ، نعوذ بالله منه كذا قالوا انتهى.

(٢) المسمّى (م ، ع).

(٣) الاعراض (م ، ع).

٨٠١

وتعدّد استعماله بخلاف الدواء الذي هو في الدرجة الأولى فإنّه يسخن ويبرد مثلا تسخينا وتبريدا لا يحسّ به إحساسا ظاهرا ، لكن إن تكرّر التناول أو يكثر مقدار المتناول فيحسّ به إحساسا ظاهرا. وأمّا الدرجة الثانية فهي أن يكون الفعل فيه أقوى من ذلك بأن يكون تأثيره محسوسا ، لكن لا يبلغ ذلك الفعل إلى أن يضر بالأفعال ضررا بيّنّا إلاّ أن يتكثّر أو يتكرّر. وأمّا الدرجة الثالثة فهي أن يكون الفعل فيه موجبا بالذات إضرارا بيّنّا ، لكن لا يبلغ إلى أن يفسده ويهلكه إلاّ أن يتكثّر أو يتكرّر. وأمّا الدرجة الرابعة فهي أن يكون الفعل بحيث يبلغ إلى أن يهلكه ويفسده ، ويسمّى الدواء الذي في هذه الدرجة بالدواء السّمّي ، وهو غير السّم لأنّ هذا الدواء قاتل بكيفيّته والسّم قاتل بصورته النوعية ، ولذا لا يعرض من النار ما يعرض من السّموم كسمّ الأفعى والعقرب وغير ذلك.

اعلم أنّه لا يوصل إلى تحقيق درجة الدواء إلاّ بالتناول والمراد به المعتدل في نوعه والمأخوذ بمقدار مخصوص وهو المقدار المستعمل منه عادة وذلك لأنّ الشيخ قال في طبيعيات الشفاء إنّ كمية الشيء إذا ازدادت ازدادت الكيفية ، ولذا أشكل المسيحي أنّ الحارّ في الثانية مثلا لا يخلو إمّا أن يكون قد عيّن له مقدار مخصوص أولا يكون. فإن كان الأول لزم من زيادة مقداره خروجه عن درجة إلى التي فوقها ومن نقصانه خروجه إلى التي تحتها ، ويلزم منه أن يكون كل دواء حار حارا في الدرجات الأربع بحسب زيادة مقداره ونقصانه ، وكذلك البارد وهو مخالف مذهب الأطباء. وإن كان الثاني يلزم أن يكون تسخين أرطال من الفلفل كتسخين أقلّ قليل منه وهو ظاهر البطلان. والجواب عنه أن نقول قد عيّن له مقدار مخصوص وهو المقدار الذي إذا أورد على البدن فعل تسخينا غير مضرّ بالفعل وهذا التعيين ليس شرطا لكون درجته ثانية بل لتعلم درجته ، ولذلك لو زال ذلك التعيين لا يخرج الدواء عن درجته لأنّ معنى الحار في الأولى أنّه يخرج عن المعتدل بجزء واحد حار وفي الثانية عن الأولى بجزء واحد ، وكذلك الثالثة عن الثانية والرابعة عن الثالثة ، فيكون الحار في الرابعة فيه خمسة أجزاء حارة وواحد بارد ، فنسبة البارد إلى الأجزاء الحارة في الرابعة الخمس وفي الثالثة الربع وفي الثانية الثلث وفي الأولى النصف ، فما دامت هذه النسبة محفوظة بين البارد والحار كان الدواء في تلك الدرجة ولا يخرج بالتكرار وزيادة المقدار وقوة التأثير عندهما إلى درجة أعلى كما قال القرشي ، كذا في شرح القانونچه.

والحاصل أنّ معنى الدرجة الأولى بالحقيقة كون الدواء الواقع فيها أزيد بجزء واحد من أجزاء المعتدل وكونه فاعلا لفعل غير محسوس لازم له لا أنّه معنى حقيقي لها ، وتعريفها بهذا المعنى اللازم للمعنى الحقيقي لتضمنه الإشارة إلى طريقة معرفة هذه الدرجة ، والتعريف باللازم شائع كثير لا محذور فيه وعلى هذا فقس معاني سائر الدرجات. قال في بحر الجواهر مراد (١) الأطباء أنّ من الدواء في الدرجة الأولى هو أن يؤثّر في هواء البدن وفي الثانية أنّه يتجاوز عنه ويؤثّر في الرطوبة وفي الثالثة أنّه يتجاوز عنها ويؤثّر في الشحم وفي الرابعة أنّه يتجاوز عنها ويؤثّر في اللحم والأعضاء الأصلية ويستولي على الطبيعة انتهى.

__________________

(١) مقصود (م ، ع).

٨٠٢

قال الإمام الرازي ليعلم أنّ بدن الإنسان مركّبة من أربعة أشياء وهي الروح والعضو والخلط والفضاء ، فكلّ ما يرد على البدن دواء يسخن الفضاء فهو في الدرجة الأولى ، وما يفعل هذا ويسخن الخلط فهو في الدرجة الثانية ، وما يفعل هذين الفعلين ويسخن العضو فهو في الثالثة ، وما يفعل هذه الأفاعيل ثم يسخن الروح فهو في الدرجة الرابعة ، وهو بمنزلة السّم وما ذكر رسومات أيضا وليست بحدود وإلاّ يرد عليه مثل الإيراد المذكور أيضا.

دوائر الأزمان : [في الانكليزية] Cycles of time ، orbit ، revolution of stars ـ [في الفرنسية] Les cycles du temps ، orbite ، revolution des astres

هي المدارات اليومية كما ستعرف.

دوائر العروض : [في الانكليزية] Cycles of prosody ـ [في الفرنسية] Les cycles de la prosodie

اعلم أنّ بعض علماء العروض وضعوا للبحور خمس دوائر من أجل سهولة تفهيم اختلاف البحور ومنعا لاختلاطها بعضها ببعض. وقد وضعوا اسما خاصا مناسبا لكلّ دائرة.

الدائرة الأولى : الدائرة المختلفة ووجه التّسمية هو اختلاف أركانها فبعضها خماسي وبعضها سباعي : وتشتمل هذه الدائرة على كلّ من البحر الطويل والمديد والبسيط. وهي على النحو الآتي : فعولن مفاعيلن مرتان ، وقد فرّقوا حروفها تحت خط محيط الدائرة. وحرف الميم التي هي علامة متحرّكة ، والألف التي حرف ساكن قد وضعت فوق تلك الحروف.

فإذا ابتدءوا من فعولن على هذا الشكل : فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ، فإذن يحصل لنا البحر الطويل.

وأمّا إذا بدأ من لن كانت البداية على النحو التالي :

لن مفاعي لن فعو لن مفاعي لن فعو أي ما يعادل :

فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن. حينئذ يحصل لدينا البحر المديد. وأما إذا ابتدئ من عيلن على هذا النحو : عيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفا أي ما يعادل : مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن. فحينئذ يحصل لدينا البحر البسيط. ويقول بعضهم : يمكن استخراج خمسة أبحر من الدائرة المختلفة ؛ لأنّه لو بدئ من الجزء الأول فسيحصل لدينا البحر الطويل كما مرّ. وأما إذا بدئ من الجزء الثاني كان الابتداء أي لن فالبحر المديد يحصل كما ذكر آنفا ، وأما إذا ابتدئ من الجزء الثالث أي مفا على هذا الوزن :

مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعول فهذا بحر الطويل المقلوب والذي يسمّى أيضا البحر العريض لأنّه مقابل للطويل. ولم يوجد شعر في العربية على وزن هذا البحر. بينما يقول البهرامي : لقد رأيت في الفارسي شعرا على هذا الوزن.

ثم إذا ابتدئ من الجزء الرابع يعني عيلن فيحصل لدينا البحر البسيط كما هو مشار إليه آنفا. وأمّا إذا ابتدئ من الجزء الخامس فقرئ أولا أي من لفظ لن الثانية على هذا النحو : لن فعولن مفاعي لن فعولن مفاعي أي على وزن :

فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن.

فهذا بحر مقلوب المديد. ويسمّى أيضا البحر العميق. لأنّه يقابل المديد وهذا البحر أيضا ليس في العربية.

وقد نظم الشطر الآتي في الدائرة ليمكن قراءة بحور هذه الدائرة وهو من الطويل : بمن برگذر أي مه بمن درنگر گه گه.

وترجمة هذا الشطر :

٨٠٣

مرّ بي أيها القمر ، وانظر الي حينا بعد حين.

ويكون على وزن المديد هكذا :

برگذر أي مه بمن درنگر گه گه بمن

وعلى وزن مقلوب الطّويل :

گذر أي مه بمن درنگر گه گه بمن بر

وعلى وزن البحر البسيط :

أي مه بمن درنگر گه گه بمن برگذر

ويكون على وزن مقلوب المديد :

مه بمن درنگر گه گه بمن برگذر أي.

وصورة الدائرة المختلفة هي :

الدائرة الثانية : الدائرة المؤتلفة : ووجه التّسمية هو تآلف واتفاق أركانها. فكلّ واحد فيها سباعي الحروف. وهذه الدائرة هي دائرة البحر الكامل والوافر. وطريقها أن تكتب مفاعلتن ثلاث مرات أو أربعة على خط الدائرة. فإذا ابتدئ من مفا على هذا النحو :

مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن

فحينئذ يكون لدينا البحر الوافر. وإذا تكرّرت مفاعلتن ثلاث مرات فالبحر هو الوافر المسدّس وإن تكرّرت أربع مرات فالوافر المثمّن.

وهكذا البحر الكامل فإن شرع من علتن على النحو التالي.

علتن مفا علتن فعا علتن فعا أي على وزن :

متفاعلن متفاعلن متفاعلن.

فيحصل لدينا البحر الكامل.

ويقول بعضهم : يمكن الحصول من الدائرة المؤتلفة على ثلاثة أبحر : الوافر والكامل كما مر. وكذلك إذا ابتدئ من تن على النحو التالي :

تن مفاعلن تن مفاعلن تن مفاعلن أي على وزن :

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن. ولكن هذا الوزن متروك ، ولهذا لم يوضع له اسم. ولا يخفى أنّ حرف اللام من مفاعلتن متحرّك وحرف النون في فاعلاتن ساكن. وعليه فلا ينطبق. وقد وضعوا مصراعا في هذه الدائرة ليمكن قراءة البحور الثلاثة بها : وهي على وزن الوافر المسدّس.

بگو دل من كجا طلبم ز بهر خدا

ومعناها : قل يا قلبي : أين أطلب من أجل الله.

وعلى وزن الكامل المسدّس يكون المصراع :

دل من كجا طلبم ز بهر خدا بگو.

وأما على وزن المتروك فهكذا : من كجا طلبم ز بهر خدا بگو دل.

وصورة الدائرة هي :

الدائرة الثالثة وهي المجتلبة : ووجه التّسمية هو أن أركانها مأخوذة ومجلوبة من أركان الدائرة الأولى ؛ وهذه الدائرة هي دائرة بحر الهزج وبحر الرجز وبحر الرمل الملتوي على هذا النحو : تكتب مفاعلين ثلاث أو أربع مرات.

٨٠٤

تحت خطّ محيط الدائرة. فإذا ابتدئ من مفا على هذا النحو مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن ، فيكون لدينا بحر الهزج. فإن كانت مفاعيلن كتبت ثلاث مرات فالنتيجة هي بحر الهزج المسدّس وإن كتبت أربع مرات نتج معنا بحر الهزج المثمّن وهكذا يكون كلّ من بحر الرجز والرمل. وأمّا إذا كان الشروع من عيلن على هذه الصورة :

عيلن مفا عيلن مفا عيلن مفا أي على وزن :

مستفعلن مستفعلن مستفعلن فالبحر هو بحر الرجز.

وأما إذا كان الابتداء من : لن مفا لن مفا لن مفاعي أي وزن :

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن.

فالبحر هو بحر الرّمل :

وثمّة مصراع من الشّعر يمكن قراءته في هذه الدائرة على حسب أوزان البحور الثلاثة المذكورة. والمصراع المذكور هو على وزن بحر الهزج المسدّس : مرا دل بى دلارامي دلارامى نيارامد. ومعنى المصراع : لا يستريح قلبي بدون حبيب القلب. وأمّا على وزن الرجز المسدّس فيقرأ هكذا :

دل بى دلا / ارامى نيارا / مدمرا

وأما على وزن الرّمل المسدس فيكتب هكذا :

بى دلارامى نيارامد مرا دل. وإذا أضفنا كلمة «نگارينا» في آخر الشطر فيصير الوزن مثمّنا. وهذه صورة الدائرة المجتلبة :

الدائرة الرابعة : وهي الدائرة المشتبهة : ووجه التّسمية في ذلك هو تشابه أركان البحور بعضها ببعض.

وتشتمل هذه الدائرة على ستّة بحور هي : السريع والمنسرح والخفيف والمضارع والمقتضب والمجتث وذلك بكتابة :

مستفعلن مستفعلن فعولات. على محيط الدائرة.

فإذا شرع من مستفعلن ـ مستفعلن مفعولات فيكون معنا البحر السريع. وأما إذا ابتدئ من مستفعلن الثانية : أي مستفعلن فعولات مستفعلن. فينتج لدينا البحر المنسرح المسدّس.

٨٠٥

وأما إذا كانت البداية من : تفعلن على هذا النحو :

تفعلن مف عولات مس تفعلن مس أي على وزن.

فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن

فالناتج هو بحر الخفيف.

وأما إذا كان الابتداء من علن الثانية أي

علن مفعولات مستف علن مستف أي على وزن

مفاعيلن فاعلات مفاعلين.

فيكون لدينا البحر المضارع. وأمّا الشروع من مفعولات مستفعلن مستفعلن. فينتج منه بحر المقتضب المسدّس.

وأمّا إذا ابتدئ من عولات أي :

عولات مس تفعلن مس تفعلن مس أي على وزن

مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن.

فيكون لدينا البحر المجتثّ المسدس.

ويقول بعضهم : يمكن من الدائرة المشتبهة استخراج سبعة بحور ، ستة منها كما ذكر سابقا. والسابع : إذا ابتدئ من علن الأولى على هذا الشكل : علن مستف علن مفعولات مستف أي على وزن

مفاعيلن مفاعيلن فاعلاتن

فنحصل على البحر القريب. وقد صنع مصراع يتناسب مع البحور السّبعة ، فيمكن قراءته بها ، وهو على وزن البحر السريع :

باده بمن ده تو بتا هم يكبار.

ومعناه : أعطني الخمر يا صنمي مرة واحدة.

وعلى وزن البحر القريب :

بمن ده تو بتا هم يكبار باده.

وعلى وزن البحر المنسرح :

ده تو بتا هم يكبار باده بمن

وعلى وزن البحر الخفيف :

تو بتا هم يكبار باده بمن ده

وعلى وزن البحر المضارع :

بتا هم يكبار باده بمن ده تو

وعلى وزن البحر المقتضب :

هم يكبار باده بمن ده تو بتا وعلى وزن البحر المجتث : يكبار باده بمن ده تو بتا هم. وهذه صورة الدائرة المشتبهة :

الدائرة الخامسة : الدائرة المتّفقة ، ووجه تسميتها هو اتّفاق أركانها ، فكلّ واحد منهما خماسي. وتشتمل هذه الدائرة على البحر المتقارب والمتدارك وذلك بأن يكتب فعولن أربع مرات تحت خط الدائرة. فإذا كانت البداية من : فعولن فعولن فعولن فعولن.

٨٠٦

فيحصل لدينا البحر المتقارب.

وأما إذا كانت البداية من لن فعو لن فعو لن فعو لن فعو أي على وزن

فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن.

فالناتج معنا هو البحر المتدارك.

وقد صنع مصراع واحد من الشعر يمكن أن يقرأ به كلّ من البحر المتقارب والمتدارك وهو على وزن المتقارب :

مرا بي دلا رام شادي نيايد.

ومعناه : لا يكون لي السرور بدون الحبيب / الذي يدخل السّكينة على القلب.

وأما على وزن البحر المتدارك فيقرأ هكذا : بي دلا رام شادي نيايد مرا.

وصورة الدائرة المتفقة.

هذا خلاصة ما في كتاب منهج البيان (١) وحدائق البلاغة (٢) ومعيار الأشعار (٣). وقد اخترع بعض العروضيين دائرة سادسة وسمّوها : الدائرة المنتزعة. وبما أنّ الدوائر الخمسة السابقة قد اشتملت على جميع بحور الشعر ، لذا فإنّ الدائرة السادسة تطويل بما لا طائل تحته ، فما ذكرناه كاف (٤).

__________________

(١) منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان : من الأدوية المفردة والمركبة مرتب على الحروف لابن جزله علي «يحي» ابن عيسى الكاتب (ـ ٤٩٣ هـ). وهو من تلامذه نصير الطوسي. كشف الظنون ، ٢ / ١٨٧.

(٢) حدائق البلاغة لشمس الدين ، يبحث في البيان والبديع وعلم العروض والقوافي والألغاز ، (المعمّيات) ، والسرقات الشعرية وما يتصل بها. وهو مخطوط محفوظ بالمكتبة الوطنية بايران رقم ١٢١٦ / أدب. فهرس مخطوطات المكتبة الوطنية بايران ، عمل سيد عبد الله أنوار ، المجلد الثالث ، ص ٢٥١.

(٣) لعز الدين عبد الوهاب بن ابراهيم بن عبد الوهاب الخزرجي الزغباني. وكان المؤلف حيا في سنة ٦٥٤ ه‍. كشف الظنون ، ٢ / ١٧٤٣. كشف الظنون ، ٤ / ٥١٦ ـ ٥١٧.

(٤) بدان كه از بعضى عروضيان براى سهولت تفهيم انفكاك بحور از يكديگر واختلاط يكى با ديگر پنج دائرة وضع كرده اند وآن را دائره عروض مى نامند وبراى هر دائرة نامى جداگانه مناسب مقرر نموده اند اوّل دائره مختلفة ووجه تسميه آن اختلاف اركان آنها است كه بعضى خماسي وبعضى سباعي است واين دائره بر بحر طويل ومديد وبسيط مشتمل است باين طريق كه فعولن مفاعيلن را دو بار اخذ نموده حروف آنها را تفريق كرده زير خط محيط دائره نويسند وحرف ميم كه علامت متحرك است والف كه نشان ساكن است بالاى آنها بمقابل هريك حروف موزون به نويسند پس اگر از فعولن آغاز كنند باين طور كه فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن پس بحر طويل برمى خيزد واگر از لن شروع كنند باين طريق كه لن مفاعي لن فعولن لنمفاعي لن فعو بر وزن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن پس بحر مديد پيدا مى شود واگر از عيلن ابتدا كنند باين طرز كه عيلن فعولن مفاعيلن فعولن مفا بر وزن مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن پس بحر بسيط حاصل مى شود. وبعضي ميگويند كه از دائره مختلفة پنج بحر برمي خيزد زيرا كه اگر از جزء اوّل آغاز كنند بحر طويل برمى خيزد چنانچه گذشت واگر از جزء

٨٠٧

الدّوار : [في الانكليزية] Vertigo ، blackout ، dizzine ، seasickne ـ [في الفرنسية] Vertige ، etourdiement ، mal de mer

بالضم وتخفيف الواو هو حالة يتخيل لصاحبها أنّ الأشياء تدور عليه وأنّ بدنه ودماغه يدوران فلا يملك أن يثبت ويسكن بل يسقط. والفرق بينه وبين الصّرع أنّ الدوار يثبت مدة والصرع يكون دفعة فيسقط صاحبه كذا في الآقسرائي.

__________________

دوم اعنى لن شروع كنند بحر مديد پيدا مى شود چنانچه مذكور شد واگر از جزء سيم اعني مفا ابتدا كنند برين وزن كه مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن واين بحر مقلوب طويل است واين را بحر عريض نيز نامند زيرا كه مقابل طويل است اما برين وزن به تازى شعري نيافته اند. وبهرامى ميگويد كه به پارسى برين وزن شعر ديده ام واگر از جزء چهارم اعني عيلن بدايت كنند بحر بسيط بر مى آيد چنانچه مرقوم شد واگر از جزء پنجم نخست بخوانند اعني از لفظ لن دوم ابتدا كنند برين روش كه لن فعولن مفاعي لن فعولن مفاعي بر وزن فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن واين بحر مقلوب مديد است واين را بحر عميق خوانند زيرا كه مقابل مديد است واين بحر نيز در تازي نيافته اند ومصراعي گفته درين دائره نهاده اند تا همه بحور مذكوره بر توان خواند وآن مصراع بر وزن طويل اين است. ع. بمن برگذر اي مه بمن درنگر گه گه وبر وزن مديد چنين است. ع. برگذر اي مه بمن درنگر گه گه بمن وبر وزن مقلوب همين است. ع. گذر اي مه بمن درنگر گه گه بمن بر وبر وزن بسيط. ع. اي مه بمن درنگر گه گه بمن برگذر وبر وزن مقلوب مديد. ع. مه بمن درنگر گه گه بمن برگذر اي وصورت دائره اين است. دوم دائره مؤتلفه ووجه تسميه آن ايتلاف واتفاق اركان آن است كه هر واحد سباعي است واين دائره بر بحر وافر وكامل محتوي است باين طريق كه مفاعلتن را سه يا چهار بار بر خط دائره بنويسند پس اگر از مفا آغاز كنند باين طور كه مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن پس بحر وافر برمى خيزد پس اگر سه بار بود وافر مسدس باشد واگر چهار بار باشد وافر مثمن بود وهمچنين بحر كامل واگر از علتن شروع كنند باين طرز كه علتن مفاعلتن مفاعلتن مفا بر وزن متفاعلن متفاعلن متفاعلن پس بحر كامل حاصل مى شود وبعضى گفته اند كه از دائره مؤتلفه سه بحر حاصل مى توان شد بحر وافر وكامل چنانچه گذشت واگر از تن ابتدا كنند باين روش كه تن مفاعل تن مفاعل تن مفاعل بر وزن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن اما اين وزن متروك است لهذا براى آن نامى ننهاده اند. ومخفي مباد كه حرف لام در مفاعلتن متحرك است وحرف نون در فاعلاتن ساكن پس منطبق نخواهد شد. ومصراعى وضع كرده درين دائره نوشته اند تا هر سه بحور مرقومه از ان توان خواند وآن مصراع بر وزن وافر مسدس اين است. ع. بگو دل من كجا طلبم ز بهر خدا وبر وزن كامل مسدس چنين است. ع. دل من كجا طلبم ز بهر خدا بگو. وبر وزن متروك اين چنين باشد. ع. من كجا طلبم ز بهر خدا بگو دل وصورت دائره اين است. سيوم دائره مجتلبه ووجه تسميه آن جلب واخذ اركان آن از اركان دائره اولى است واين دائره بحر هزج وبحر رجز وبحر رمل را ملتوي است باين وضع كه مفاعيلن را سه يا چهار بار زير خط محيط دائره نويسند پس اگر از مفا آغاز نمايند باين نمط كه مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن پس بحر هزج برمى آيد پس اگر سه بار باشد هزج مسدس بود واگر چهار بار بود هزج مثمن باشد وهمچنين بحر رجز ورمل است واگر از عيلن افتتاح كنند باين نهج كه عيلن مفاعيلن مفاعيلن مفا بر وزن مستفعلن مستفعلن مستفعلن پس بحر رجز مأخوذ مى شود واگر از لن ابتدا سازند باين طرز كه لن مفاعي لن مفاعي لن مفاعي بر وزن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن پس بحر رمل خارج ميگردد ومصراعى فراهم آورده درين دائره رقم كرده اند تا هر سه بحور مذكوره از ان بيرون توان آورد وآن مصراع بر وزن هزج مسدس اين است. ع. مرا دل بى دلآرامى دلارامى نيارامد. وبر وزن رجز مسدس چنين است. ع. دل بى دلآرامى دلارامى نيارامد مرا. وبر وزن رمل مسدس اين چنين است. ع. بى دلآرامى دلارامى نيارامد مرا دل. واگر بعد از نيارامد نگارينا افزوده شود جمله مثمن شود وصورت دائره مجتلبه اين است. چهارم دائره مشتبهة ووجه تسميه آن اشتباه اركان بعض بحور با بعض ديگر است واين دائره محيط بر شش بحور است اعنى سريع ومنسرح وخفيف ومضارع ومقتضب ومجتث باين طور كه مستفعلن مستفعلن مفعولات را زير خط محيط دائره رقم كنند پس اگر از مستفعلن اوّل آغاز كنند باين طريق كه مستفعلن مستفعلن مفعولات پس بحر سريع برمى آيد واگر از مستفعلن دوم ابتدا نمايند باين وضع كه مستفعلن مفعولات مستفعلن پس بحر منسرح مسدس بيرون مى آيد واگر از تفعلن بدايت كنند باين نمط كه تفعلن مف عولات مس تفعلن مس بر وزن فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن پس بحر خفيف خارج ميشود واگر از علن دوم افتتاح نمايند باين طرز كه علن مفعولات مستف علن مستف بر وزن مفاعيلن فاعلات مفاعيلن پس بحر مضارع حاصل ميشود. واگر از مفعولات شروع كنند باين روش كه مفعولات مستفعلن مستفعلن پس بحر مقتضب مسدس

٨٠٨

الدّوالي : [في الانكليزية] Varix ـ [في الفرنسية] Varice

بالفتح وبالواو هو اتساع عروق الساق والقدم لكثرة ما ينزل إليها من الدم السوداوي أو الدم الغليظ أو البلغم اللزج ، وقد يكون في الصفن ويقال له دوالي الصفن ، وهي عروق خضر تمنع الحركة كذا في بحر الجواهر. والفرق بينه وبين داء الفيل قد مرّ.

الدّوام : [في الانكليزية] Constancy ، duration ، perpetuity ـ [في الفرنسية] Constance ، duree ، perpetuite

بالفتح وبالواو عند المنطقيين هو ثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه في جميع الأزمنة يعني عدم انفكاك شيء عن شيء والضرورة امتناع انفكاك شيء عن شيء ، فالدوام أعمّ من الضرورة وهو ثلاثة أقسام. الأول الدوام الأزلي وهو أن يكون المحمول ثابتا للموضوع أو مسلوبا عنه أزلا وأبدا كقولنا كلّ فلك متحرك بالدوام الأزلي. والثاني الدوام الذاتي وهو أن يكون المحمول ثابتا للموضوع أو مسلوبا عنه ما دام ذات الموضوع موجودة مطلقا كقولنا كلّ زنجي أسود دائما أو مقيدا بنفي الضرورة الأزلية أو الذاتية أو الوصفية أو بنفي الدوام الأزلي. والثالث الدوام الوصفي وهو أن يكون الثبوت أو السلب ما دام ذات الموضوع موصوفا بالوصف العنواني إمّا مطلقا كقولنا كل أمي فهو غير كاتب ما دام أميا وإمّا مقيّدا بنفي (١) الضرورة الأزلية أو الذاتية أو الوصفية أو بنفي الدوام الذاتي أو الأزلي. ونسبة بعضها إلى بعض ، وإلى الضرورات لا تخفى لمن أحاط بما سنذكره في لفظ الضرورة إن شاء الله تعالى. اللادوام إمّا لا دوام الفعل وهو الوجودي اللادائم كقولنا كل إنسان متنفس بالفعل لا دائما ولا شيء منه بمتنفس بالفعل لا دائما ، ومعناه مطلقة عامة مخالفة للأصل في الكيف أي الإيجاب والسلب ، لأن الإيجاب إذا لم يكن دائما يكون السلب بالفعل ، والسلب إذا لم يكن دائما يكون الإيجاب بالفعل. وإمّا لا دوام الضرورة وهو الوجودي اللاضروري كقولنا كل إنسان ضاحك بالفعل لا بالضرورة ولا شيء منه بضاحك بالفعل لا بالضرورة ، ومفهومه ممكنة عامة مخالفة للأصل في الكيف فإنّ

__________________

پيدا ميشود واگر از عولات بر خوانند باين وضع كه عولات مس تفعلن مس تفعلن مف بر وزن مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن پس بحر مجتث مسدس مستخرج مى گردد وبعضى مى گويند كه از دائره مشتبهة هفت بحور خارج مى توان شد شش بحور چنانچه مزبور شد وهفتم آن ست كه اگر از علن اوّل اخذ كنند باين طور كه علن مستف علن مفعولات مستف بر وزن مفاعيلن مفاعيلن فاعلاتن بحر قريب صورت مى پذيرد ومصراعى ترتيب داده درين دائره نگارش نموده اند تا هر هفت بحور مسطوره از ان استخراج توان كرد وآن مصراع بر وزن سريع چنين بود. ع. باده بمن ده تو بتا هم يكبار. وبر وزن قريب. ع. بمن ده تو بتا هم يكبار باده. وبر وزن منسرح. ع. ده تو بتا هم يكبار باده بمن. وبر وزن خفيف. تو بتا هم يكبار باده بمن ده وبر وزن مضارع. ع. بتا هم يكبار باده بمن ده تو. وبر وزن مقتضب. ع. هم يكبار باده بمن ده تو بتا. وبر وزن مجتث. يكبار باده بمن ده تو بتا هم. وصورت دائره اين است. پنجم دائره متفقه ووجه تسميه آن اتفاق اركان آنست كه هر واحد خماسي است واين دائره بحر متقارب ومتدارك را شامل است باين طور كه فعولن را چهار بار زير خط دائره نويسند پس اگر از فعو آغاز كنند باين طور كه فعولن فعولن فعولن فعولن پس بحر متقارب حاصل مى گردد واگر از لن شروع نمايند باين طرز كه لن فعولن فعولن فعولن فعو بر وزن فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن پس بحر متدارك خارج ميشود ومصراعى تاليف كرده درين دائره نگاشته اند تا هر دو بحر از ان تحصيل مى توان نمود وآن مصراع بر وزن متقارب اين است. ع. مرا بى دلارام شادي نيايد وبر وزن متدارك چنين است. ع. بي دلارام شادي نيايد مرا. وصورت دائره اين است. هذا خلاصة ما في كتاب منهج البيان وحدائق البلاغة ومعيار الاشعار وبعضى عروضيان دائره ششم اختراع نموده باسم منتزعه نام نهاده افزوده اند اما از آنجا كه دائره خمسه مرقومه همه بحور آن دائره مخترعه را محيط است لهذا آن را تطويل لا طائل انگاشته بر بحور خمسه اكتفاء نموده شد.

(١) بنفس (م).

٨٠٩

الإيجاب إذا لم يكن ضروريا فهناك سلب ضرورة الإيجاب وهو الإمكان العام السالب ، والسلب إذا لم يكن ضروريا فهو سلب ضرورة ، السلب وهو الإمكان العام الموجب كذا في شرح المطالع في بحث الموجهات.

الدّور : [في الانكليزية] Cycle ، period ، cyclical ـ [في الفرنسية] Cycle ، periode ، cyclique

بالفتح لغة الحركة وعود الشيء إلى ما كان عليه كما في بحر الجواهر. والدور والدورة عند المهندسين وأهل الهيئة والمنجمين هو أن يعود كل نقطة من الكرة إلى الوضع الذي فارقته ، وبهذا المعنى يقال الفلك الأعظم تتم دورته في قريب من اليوم بليلته والشمس تتم دورتها في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وكسر ، والزحل يتم دورته في ثلاثين سنة ونحو ذلك. وأمّا ما يقال دور الفلك في الموضع الفلاني دولابي (١) وفي الموضع الفلاني رحوي مثلا ، فالمراد (٢) بالدور فيه الحركة كما لا يخفى هكذا يستفاد مما ذكره عبد العلي البرجندي في حاشية شرح الملخص للقاضي. وفي بحر الجواهر الدورة عبارة عن حركة القمر من مقارنة جزء من أجزاء فلك البروج الذي فيه الشمس إلى رجوعه إلى الجزء الذي فيه الشمس انتهى. أقول هذا إنّما يصلح تعريفا لدورة القمر بالقياس إلى الشمس فيكون أخصّ من التفسير الأول ، لا بالقياس إلى الجزء الذي كان فيه الشمس كما لا يخفى ، إذ القمر بهذه الحركة عاد إلى الموضع الذي فارقه وهو مقارنة الشمس ، وإن لم تقع هذه المقارنة الثانية في الجزء الذي وقعت المقارنة الأولى فيه. ودور الكبيسة والدور العشري والدور الاثنا عشري والدور الستيني والدور الرابع عند المنجمين قد سبقت في لفظ التاريخ. وقد ذكر في زيج ألغ بيگى : وأمّا الأدوار فهكذا : وضعوا دورا ومدّته أربعة آلاف وخمسمائة وتسعين سنة بقدر عطايا عظماء الكواكب : فالشمس ألف وأربعمائة وواحد وستون سنة ، والزهرة ألف ومائة وواحد وخمسون سنة ولعطارد أربعمائة وثمانون سنة ، والقمر خمسمائة وعشرون سنة ، وزحل مائتان وخمس وستون سنة ، والمشتري أربعمائة وتسع وعشرون سنة ، والمريخ مائتان وثمانون سنة. وحين تنقضي هذه المدّة ترجع النوبة للشمس. وفي مبدأ التاريخ الملكي : لقد مرت خمسمائة وثمانون سنة من سني الشمس ، انتهى كلامه.

ويقول في كشف اللغات : إنّ دور القمر هو الدّور الأخير لجميع النجوم ، وكلّ نجم له دور مدّته سبعة آلاف سنة : منها ألف سنة عمل ذلك النجم ، وستة آلاف سنة يشاركه ستة نجوم أخرى. وآدم عليه‌السلام كان في دور القمر. انتهى. (٣)

أقول إطلاق لفظ الدور على ما ذكرت بناء على أنّ فيه عودا إلى الحالة السابقية كما لا يخفى وكذا الحال في دور الحمّيات إلاّ أنّ الدور في الدور (٤) القمري بمعنى العهد

__________________

(١) في الموضع الفلاني دولابي (ـ م).

(٢) فالمقصود (م ، ع).

(٣) ودر زيج الغ بيگى مى آرد اما ادوار چنانست كه دورى نهاده اند مدت آن چهار هزار وپانصد ونود سال بقدر مجموع عطاياى عظماى كواكب آفتاب را هزار وچهار صد وشصت ويك سال وزهره را يك هزار وصد وپنجاه ويك سال عطارد را چهار صد وهشتاد سال وقمر را پانصد وبيست سال وزحل را دويست وشصت وپنج سال ومشترى را چهار صد وبيست ونه سال ومريخ را دويست وهشتاد سال وچون اين مدت بگذرد باز نوبت به آفتاب رسد ودر مبدأ تاريخ ملكي پانصد وهشتاد سال از سالهاى آفتاب گذشته بود انتهى كلامه. ودر كشف اللغات ميگويد دور قمري اين دور آخر ادوار همه ستارگانست ودور هر ستاره هفت هزار سال است هزار سال تنها عمل آن ستاره وشش هزار سال ديگر بمشاركت شش ستاره ديگر وآدم عليه‌السلام در دور قمري بود انتهى.

(٤) في الدور (ـ م ، ع).

٨١٠

والزمان. ويقول في مدار الأفاضل : الدّور بالفتح معروف ويقال له : العهد والزّمان وكلّ كوكب دورته ألف سنة ، والدور الأخير هو قمري حيث بعث فيه خاتم النبيين. (١)

والدور عند الحكماء والمتكلّمين والصوفيّة توقّف كل من الشيئين على الآخر إمّا بمرتبة ويسمّى دورا مصرحا وصريحا وظاهرا كقولك الشمس كوكب نهاري والنهار زمان كون الشمس طالعة ، وإمّا بأكثر من مرتبة ويسمّى دورا مضمرا وخفيا كقولك الحركة خروج الشيء من القوة إلى الفعل بالتدريج ، والتدريج وقوع الشيء في زمان ، والزمان مقدار الحركة والدور المضمر أفحش إذ في المصرّح يلزم تقدم الشيء على نفسه بمرتبتين. وفي المضمر بمراتب ، فمراتب التقدّم تزيد على مراتب الدور بواحد دائما. وفي العضدي التوقّف ينقسم إلى توقف تقدم كما للمعلول على العلة والمشروط على الشرط ، والتوقف من الطرفين بهذا المعنى دور ومحال ضرورة استلزامه تقدّم الشيء على نفسه وإلى توقّف معية كتوقف كون هذا ابنا لذلك على كون ذلك أبا له ، وبالعكس. وهذا التوقّف لا يمتنع من الطرفين وليس دورا مطلقا وإن كان يعبّر عنه بدور المعية مجازا ، فالمعتبر في الدور الحقيقي هو توقف التقدم انتهى.

اعلم أنّ الدور هو توقّف كلّ واحد من الشيئين على الآخر فالدور العلمي هو توقّف العلم بكون كل المعلومين على العلم بالآخر والإضافي المعي هو تلازم الشيئين في الوجود بحيث لا يكون أحدهما إلاّ مع الآخر والدور المساوي كتوقّف كل من المتضايفين على الآخر وهذا ليس بمحال ، وإنّما المحال الدور التوقّفي التقدّمي وهو توقف الشيء بمرتبة أو بمراتب على ما يتوقف عليه بمرتبة أو بمراتب. فإذا كان التوقّف في كل واحد من الشيئين بمرتبة واحدة كان الدور مصرحا وإن كان أحدهما أو كلاهما بمراتب كان الدور مضمرا. مثال التوقّف بمرتبة كتعريف الشمس بأنّه كوكب نهاري ، ثم تعريف النهار بأنه زمان طلوع الشمس. [فوق الأفق] (٢) ومثال التوقّف بمراتب كتعريف الاثنين بأنه زوج أول ، ثم تعريف الزوج بالمنقسم بمتساويين ، ثم تعريف المتساويين بأنه الاثنان. والدور يكون في التصوّرات والتصديقات ، والمصادرة مخصوصة بالتصديقات. والمصادرة كون المدّعى عين الدليل أي كون الدليل عين الدعوى ، أو كون كون الدعوى جزء الدليل أي إحدى مقدّمتي الدليل ، أو عين ما يتوقّف عليه الدليل ، أو عين ما يتوقّف عليه مقدمة الدليل أو جزء ما يتوقّف عليه مقدمة الدليل هكذا في كليات أبي البقاء.

فائدة :

قالوا الدور يستلزم التسلسل. بيان ذلك أن نقول إذا توقّف آ على ب و ب على آ كان آ مثلا موقوفا على نفسه ، وهذه (٣) وإن كان محالا لكنه ثابت على تقدير الدور. ولا شكّ أنّ الموقوف عليه غير الموقوف ، فنفس آ غير آ ، فهناك شيئان آ ونفسه ، وقد توقّف الأول على الثاني. ولنا مقدمة صادقة هي أنّ نفس آ ليست إلاّ آ وحينئذ يتوقّف نفس آ على ب و ب على آ ، فيتوقّف نفس نفس (٤) آ على نفسها يعني على نفس نفس آ فتتغايران لما مرّ. ثم نقول إنّ نفس نفس آ ليست إلا آ فيلزم أن يتوقّف على ب ، و ب على

__________________

(١) ودر مدار الافاضل ميگويد دور بالفتح معروف وعهد زمان گويند دور هر ستاره هزار سال است ودور آخرين قمري است كه درو بعث خاتم النبيين شد.

(٢) [فوق الأفق] (+ م ، ع).

(٣) وهذا (م ، ع).

(٤) نفس (ـ م).

٨١١

نفس نفس آ ، وهكذا نسوق الكلام حتى تترتّب نفوس غير متناهية في كلّ واحد من جانبي الدور. وفيه بحث وهو أنّ توقّف الشيء على الشيء في الواقع يستلزم المغايرة لا توقف الشيء على الشيء على تقدير تحقّق الدور ، واللازم هاهنا هو هذا ، فلا يصح قوله. فنفس آ غير آ والجواب أنّ تحقّق الدور يستلزم توقّف الشيء على نفسه في الواقع ، إذ من المعلوم أنّه إن تحقّق الدور في الواقع تحقّق توقّف الشيء على نفسه في الواقع ، وتوقّف الشيء على الشيء في نفس الأمر مطلقا يستلزم المغايرة بينهما في الواقع إذ من البيّن أنّه إن تحقّق توقّف الشيء على نفسه في الواقع فتحقّقت المغايرة بينهما في الواقع ، فتحقّق الدور في الواقع يستلزم المغايرة بين الشيء ونفسه في الواقع. نعم يتجه أنّه لا يمكن الجمع بين صدق ما لزم من الدور وبين ما هو في نفس الأمر. فصدق قولنا نفس آ مغايرة لا لا يجامع صدق قولنا نفس آ ليست إلا آ ، هكذا في حواشي شرح المطالع.

والدور في الحمّيات عند الأطباء عبارة عن مجموع النوبة عن ابتداء أخذها إلى زمان تركها وزمان تركها أي مجموع النوبة وزمان الترك. وقد يطلق الدور على زمان النوبة من ابتداء أخذها إلى زمان تركها. والنوبة عندهم زمان أخذ الحمى. قالوا دور المواظبة أي البلغمية أربعة وعشرون ساعة ، ومدّة نوبتها اثنتا عشرة ساعة ، ودور السوداوية ثمانية وأربعون ساعة ومدة نوبتها أربع وعشرون ساعة ، كذا في بحر الجواهر.

الدّوران : [في الانكليزية] Argumentation ، proof ـ [في الفرنسية] Argumentation ، preuve

بفتحتين عند الأصوليين من مسالك العلّيّة أي من طرق إثبات كون العلّة علّة ، وهو ترتّب الحكم على الوصف أي العلّة بأن يوجد الحكم في جميع صور وجود الوصف ويسمّى الطرد. وقيل ترتبه عليه وجودا وعدما بأن يوجد الحكم في جميع صور وجود الوصف ، ويعدم عند عدمه ويسمّى الطرد والعكس كالتحريم مع السّكر ، فإنّ الخمر يحرّم إذا كان مسكرا ، وتزول حرمته إذا زال إسكاره بصيرورته خلًّا ، بخلاف بقية أوصاف الخمر كالرقة واللون والذوق والرائحة فإنّه لا تزول حرمته بزوال شيء من تلك الأوصاف ، هكذا يستفاد من التلويح. وعلى الاصطلاح الأخير ما وقع في بعض الكتب الوجود عند الوجود هو الطرد والعدم عند العدم هو العكس ، والمجموع هو المسمّى بالدوران انتهى. وقد يطلق الطرد مرادفا للدوران على كلا الرأيين ، يدلّ عليه ما وقع في التلويح في بحث المناسبة الملائمة هي المناسبة وأنها تقابل الطرد أعني وجود الحكم عند وجود الوصف من غير اشتراط ملائمة وتأثير أو وجوده عند وجوده وعدمه عند عدمه على اختلاف الرأيين انتهى.

فائدة :

قد اختلف في إفادة الدوران العلّية أي دلالته عليها ، فقيل يفيد مجرد الدوران ظنا ، ومعنى كونه مجردا أن لا يعقل معه معنى آخر من تأثير أو إخالة ملائمة أو شبه أو سير. وقيل يفيد قطعا. وقيل لا يفيد لا قطعا ولا ظنا. وتحقيق هذه الأقوال يطلب من العضدي والتلويح.

دوستى : [في الانكليزية] Friendship ـ [في الفرنسية] Amitie

معناها الصداقة. وعند الصوفية سبق المحبة الإلهية. (١)

__________________

(١) نزدشان سبق محبت إلهي را گويند.

٨١٢

الدّويّ : [في الانكليزية] Humming ، buzzing noise in the ear ـ [في الفرنسية] Bourdonnement ، bourdonnement doreille

بالفتح وكسر الواو وتشديد المثناة التحتانية قال السيد الشريف هو الصوت الذي لا يفهم منه شيء من الذباب والنحل. وعند الأطباء هو صوت يسمعه الإنسان لا من خارج. والفرق بينه وبين الطنين أنّ الطنين وإن كان في عرفهم يطلق على صوت يسمعه الإنسان لا من خارج إلاّ أنّ صوت الطنين أحدّ وأدق وصوت الدوي ألين وأعظم كذا في بحر الجواهر. وقال الأقسرائي هما يستعملان بمعنى واحد عند الأطباء وهو صوت لا يزال يسمعه الإنسان من غير شيء من خارج.

الدّيانة : [في الانكليزية] Faith ، belief ، piety ، righteousne ـ [في الفرنسية] Foi ، croyance ، piete ، droiture

بالكسر وبالفارسية : راستى ودين دارى ـ الصدق والتديّن ـ كما في الصراح. وعند الفقهاء هي والتنزّه وما بينه وبين الله تعالى ألفاظ مترادفه كالقضاء والحكم والشرع. في جامع الرموز في كتاب الطلاق في فصل شرط صحة الطلاق إن علّق الزوج طلقة واحدة بولادة ذكر وطلقتين بولادة أنثى فولدتهما ولم يدر الأول طلقت الزوجة واحدة قضاء واثنتين تنزّها أي ديانة ، يعني فيما بينه وبين الله تعالى كما ذكره المصنّف وغيره. وفيه إشارة إلى أنّ الثلاثة عندهم بمعنى كالقضاء والحكم والشرع. وإلى أنّ قوله تنزها كقوله قضاء منصوب على الظرف أي في قضاء ، ونظر القاضي وتصديقه وفي التنزه ، ونظر المفتي وتصديقه كما في علاقة المجاز من الكشف وغيره انتهى كلامه.

اعلم أنّ القاضي يجب عليه الحكم بظاهر حال المكلّف ويلزم بما يثبت عنده بالإقرار أو الشهادة ولا يلتفت إلى خلاف الظاهر من القرائن أو إظهار المكلّف ، فحكمه إلزام وحتم بحيث يجب على المحكوم امتثاله ، ولا يعذر على امتناعه بل يعزر عليه. فإن كان حكمه مطابقا للواقع يؤاخذ المحكوم بتركه في الدنيا والآخرة ، وإن كان مخالفا له فيؤاخذ في الدنيا إجماعا ، وفي الآخرة أيضا عند الإمام الأعظم ، ولهذا يسمّى حكم القاضي قضاء بخلاف المفتي فإنّه إنّما يحكم على حسب إظهار المكلّف سواء كان موافقا للظاهر أو مخالفا له ، ويختار ما هو الأحوط في حقه تنزّها وتورّعا ويفوّض أمره إلى الله تعالى. فإن كان صادقا في إظهاره يجازى على حسب إخباره ، وإن كان كاذبا لا ينفعه حكم المفتي. ولهذا يسمّى حكم المفتي ديانة وفيما بينه وبين الله تعالى هكذا في التلويح وحاشيته.

الدّية : [في الانكليزية] Blood money ، blood ـ fine ـ [في الفرنسية] Prix du sang verse ، dedommagement paye pour les parents dun tue

بالكسر محذوفة الواو كالعدة ، مصدر ودى القاتل المقتول أي أعطى وليّه المال الذي هو بدل النّفس. ثم قيل لنفس ذلك المال دية. وقد تطلق على بدل ما دون النّفس من الأطراف وهو الأرش. وقد يطلق الأرش على بدل النّفس وحكومة العدل ، كذا في جامع الرموز. وفي البرجندي الدّية كما تطلق على المال الذي هو بدل النّفس كذلك قد تطلق بحيث تشتمل المال الذي هو بدل ما دون النّفس. وقد يخصّ هذا باسم الأرش. ثم الدّية عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما‌الله أحد أشياء ثلاثة : ألف دينار من الذّهب وعشرة آلاف دراهم من الفضة ومائة من الإبل. والدّية المغلّظة الواجبة في القتل شبه العمد عنده خمس وعشرون من بنت مخاض ، وكذلك من بنت لبون ، وكذلك من حقّه ، وكذلك من جذعة ومجموعها مائة إبل ، ويقال

٨١٣

لها المعظّمة أيضا لوجوبها من حيث السّنّ دون العدد. وأما عند محمد رحمه‌الله فهي ثلاثون جذعة وثلاثون حقّة وأربعون ثنية ، كلّها خلفات أي حوامل في بطونها أولاد ، وهو مرويّ عن عمر رضي الله تعالى عنه. وعن علي رضي الله تعالى عنه أنها ثلاث وثلاثون جذعة وثلاث وثلاثون حقّة وأربع وثلاثون خلفة.

ديدة : [في الانكليزية] Eye ـ [في الفرنسية] Oeil

ومعناها العين. وعندهم هي الاطلاع الإلهي على جميع أحوال السالك من خير أو شر (١).

دير : [في الانكليزية] Monastery ، the world ـ [في الفرنسية] Monastere ، le monde

معناها معروف. وعندهم عالم الانسان (٢).

الدّين : [في الانكليزية] Religion ، submiion ، sentence ، doomsday ـ [في الفرنسية] Religion ، soumiion ، sentence Jugementdernier

بالكسر والسكون في اللغة يطلق على العادة والسيرة والحساب والقهر والقضاء والحكم والطاعة والحال والجزاء ، ومنه (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٣) و (كما تدين تدان) (٤) ، والسياسة والرأي. ودان عصى وأطاع وذلّ وعزّ فهو من الأضداد ، كذا في فتح المبين شرح الأربعين للنووي. وفي الشرع يطلق على الشرع. ويقال الدين هو وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم إيّاه إلى الصّلاح في الحال والفلاح في المآل. وهذا يشتمل العقائد والأعمال. ويطلق على كل ملّة كل نبي. وقد يخصّ بالإسلام كما قال الله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٥) كذا في البيضاوي وحواشيه. ويضاف إلى الله تعالى لصدوره عنه وإلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لظهوره منه وإلى الأمة لتدينهم وانقيادهم ، ويجيء ما يتعلّق بذلك في لفظ الملّة ، وفي لفظ الشرع.

الدّين : [في الانكليزية] Debt ـ [في الفرنسية] Dette ، creance

بالفتح وسكون المثناة التحتانية شرعا مال واجب في الذمة بالعقد أو الاستهلاك أو الاستقراض ويجيء في لفظ القرض. ويطلق أيضا على المثلي ، ويقابله العين. وبهذا المعنى وقع في تعريف الإجارة كما مرّ. والدين حقيقة وصف في الذمة عبارة عن شغل الذمة بمال وجب بسبب من الأسباب ، ويطلق على المال الواجب في الذمة مجازا لأنّه يئول إلى المال في المآل. ثم الدين باعتبار السقوط وعدمه على قسمين الأول الدين الصحيح وهو الدين الثابت بحيث لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء كدين القرض ودين المهر ودين الاستهلاك وأمثالها. والثاني الغير الصحيح وهو ما يسقط بغير الأداء والإبراء بسبب آخر مطلقا مثل دين بدل الكتابة فإنّه يسقط بتعجيز العبد المكاتب نفسه. ثم الدين مطلقا ينقسم باعتبار وجوب الأداء وعدمه على قسمين الأول الحال وهو ما يجب أداؤه عند طلب الدائن ، ويقال له الدّين المعجّل أيضا. والثاني المؤجّل وهو ما لا يجب أداؤه قبل حلول الأجل ، لكن لو أدّى قبله يصحّ ويسقط عن ذمته هكذا في كتب الفقه. وعند المحاسبين هو العدد المنفي وسيجيء في لفظ

__________________

(١) نزدشان اطلاع إلهي را گويند بر جميع احوال سالك از خير وشر.

(٢) نزدشان عالم انسانى را گويند.

(٣) الفاتحة / ٤.

(٤) رواه بلفظ : البر لا يبلي والإثم لا ينسى والديان لا يموت فكن ما شئت كما تدين تدان. عبد الرزاق الصنعاني ، المصنّف ، كتاب الجامع باب الاغتياب والشتم ، ج ٢٠٢٦٢ ، ١١ / ١٧٨ ـ ١٧٩.

(٥) آل عمران / ١٩.

٨١٤

المثبت.

الدّينار : [في الانكليزية] Dinar (currency) ـ [في الفرنسية] Dinar (monnaie en or)

بالكسر من دنر وجهه أي أشرق ، أصله دنّار بتشديد النون فأبدل النون الأولى ياء لئلاّ يلتبس بالمصادر التي تجيء على فعال بالكسر نحو كذاب. وقيل إنّه معرّب دين آر أي جاءت به الشريعة ، وهي في الأصل اسم لمضروب مدور من الذهب ، وفي الشريعة اسم لمثقال من ذلك المضروب ، كذا في جامع الرموز. وفي شرح خلاصة الحساب الدينار يقسم ستة أقسام يسمّى كل قسم دانقا ، ويقسم كل دانق بأربعة طساسيج ، وتقسيم كل طسوج إلى أربعة شعيرات ، وقد تقسم الشعيرة إلى ستة أقسام يسمّى كل قسم خردلا ، وقد يقسم الطسوج إلى ثلاثة أقسام يسمّى كل قسم حبة. وبعضهم يقسم الدينار إلى ستين قسما يسمّى كل قسم حبة. فالحبة على هذا تكن سدس العشر.

ديوانگى : [في الانكليزية] Madne ، frailty ـ [في الفرنسية] Folie ، fragilite ، faiblee

معناها الجنون. وعندهم ضعف العاشق (بالنسبة لمعشوقه) (١).

__________________

(١) نزدشان مغلوبى عاشق را گويند.

٨١٥

حرف الذال

(ذ)

الذّات : [في الانكليزية] Eence ، substance ، the self ـ [في الفرنسية] Eence ، substance ، le soi

هو يطلق على معان. منها الماهيّة بمعنى ما به الشيء هو هو وقد سبق تحقيقه في لفظ الحقيقة. وعلى هذا قال في الإنسان الكامل : إنّ مطلق الذّات هو الأمر الذي تستند إليه الأسماء والصّفات في عينها لا في وجودها ، فكلّ اسم أو صفة استند إلى شيء ، فذلك الشيء هو الذّات ، سواء كان معدوما كالعنقاء أو موجودا. والموجود نوعان نوع هو موجود محض وهو ذات الباري سبحانه ، ونوع هو موجود ملحق بالعدم وهو ذات المخلوقات.

واعلم أنّ ذات الله تعالى عبارة عن نفسه التي هو بها موجود لأنّه قائم بنفسه ، وهو الشيء الذي استحقّ الأسماء والصفات بهويّته ، فيتصوّر بكلّ صورة تقتضيها منه كل معنى فيه ، أعني اتّصف بكلّ صفة تطلبها كلّ نعت واستحقّ بوجوده كلّ اسم دلّ عل مفهوم يقتضيه الكمال. ومن جملة الكمالات عدم الانتهاء ونفي الإدراك ، فحكم بأنّها لا تدرك ، وأنّها مدركة له لاستحالة الجهل عليه تعالى. فذاته غيب الأحديّة التي كلّ العبارات واقعة عليها من كلّ وجه غير مستوفية لمعناها من وجوه كثيرة ، فهي لا تدرك بمفهوم عبارة ولا تفهم بمعلوم إشارة ، لأنّ الشيء انّما يعرف بما يناسبه فيطابقه ، وبما ينافيه فيضادّه ، وليس لذاته في الوجود مناسب ولا مناف ولا مضادّ فارتفع من حيث الاصطلاح ، إذ أمعنّاه في الكلام ، وانتفى لذلك أن يدرك للأنام انتهى.

وفي شرح المواقف للمتكلّمين هاهنا مقامان. الأول الوقوع ، فذهب جمهور المحقّقين من الفرق الإسلامية وغيرهم إلى أنّ حقيقة الله تعالى غير معلوم للبشر ، وقد خالف فيه كثير من المتكلّمين من أصحاب الأشعري والمعتزلة. والثاني الجواز ، وفيه خلاف. فمنعه الفلاسفة وبعض أصحابنا كالغزالي وإمام الحرمين. ومنهم من توقّف كالقاضي أبي بكر وضرار بن عمرو (١) ، وكلام الصوفية في الأكثر مشعر بالامتناع.

اعلم أنّهم اختلفوا في أنّ ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات. فذهب نفاة الأحوال إلى التّخالف وهو مذهب الأشعري وأبي الحسين البصري ، فهو منزّه عن المثل والنّدّ. وقال قدماء المتكلّمين ذاته مماثلة لسائر الذّوات في الذاتية والحقيقة ، وإنّما يمتاز عن سائر الذوات بأحوال أربعة. الوجوب والحياة والعلم التّام والقدرة التامة أي الواجبيّة والحييّة والعالميّة والقادريّة التامّتين هذا عند الجبائي. وأما عند أبي هاشم

__________________

(١) هو ضرار بن عمرو الغطفاني. توفي عام ١٩٠ هـ / ٨٠٥ م. قاض من كبار المعتزلة له الكثير من المؤلفات. الأعلام ٣ / ٢١٥ ، لسان الميزان ٣ / ٣٠٣.

٨١٦

فإنه يمتاز بحالة خامسة هي الموجبة لهذه الأربعة وهي المسمّاة بالإلهية. والمذهب الحقّ هو الأول انتهى.

ومنها الماهيّة باعتبار الوجود وإطلاق لفظ الذات على هذا المعنى أغلب من الإطلاق الأول وقد سبق أيضا في لفظ الحقيقة.

ومنها ما صدق عليه الماهيّة من الأفراد كما وقع في شرح التجريد في فصل الماهيّة ، وبهذا المعنى يقول المنطقيون : ذات الموضوع ما يصدق عليه ذلك الموضوع من الأفراد. ثم المعتبر عندهم في ذات الموضوع في القضية المحصورة ليس أفراده مطلقا ، بل الأفراد الشخصية إن كان الموضوع نوعا أو ما يساويه من الخاصّة والفصل ، والأفراد الشخصية والنوعية إن كان جنسا أو ما يساويه من العرض العام. وبعضهم خصّ ذلك مطلقا بالأفراد الشخصيّة وهو قريب إلى التحقيق ، وتفصيله يطلب من شرح الشمسية وشرح المطالع في تحقيق المحصورات. وهذه المعاني الثّلاثة تشتمل الجوهر والعرض.

ومنها ما يقوم بنفسه وهذا لا يشتمل العرض ، وتقابله الصّفة بمعنى ما لا يقوم بنفسه ، ومعنى القيام بالذات يجيء في محله ، هكذا ذكر أحمد جند في حاشية شرح الشمسية في بحث التّصوّر والتصديق ، والسّيد السّند في حاشية المطول في بحث هل في باب الإنشاء.

ومنها ما يقوم به غيره سواء كان قائما بنفسه كزيد في قولنا : زيد العالم قائم ، أو لا يكون قائما بنفسه كالسّواد في قولنا : رأيت السّواد الشديد. وبهذا المعنى وقع في تعريف النّعت بأنّه تابع يدلّ على ذات كذا في چلپي المطول في باب القصر.

ومنها الجسم كما في الأطول وحاشية المطوّل للسّيد السّند في بحث الاستفهامية.

ومنها المستقلّ بالمفهومية أي المفهوم الملحوظ بالذّات ، وهذا معنى ما قالوا : الذّات ما يصحّ أن يعلم ويخبر عنه وتقابله الصّفة بمعنى ما لا يستقلّ بالمفهومية ، أي ما يكون آلة لملاحظة مفهوم آخر. فالنّسب الحكمية صفات بهذا المعنى ، وأطرافها من المحكوم عليه والمحكوم به ذوات لاستقلالهما بالمفهومية ؛ هكذا ذكر السّيد الشريف أيضا في بحث هل. قال في الأطول هذا المعنى للذّات والصّفة الذي ادّعاه السّيد الشريف لم يثبت في ألسنة مشاهير الأنام انتهى. وقد ذكر الچلپي أيضا هذا المعنى في حاشية المطوّل في بحث الاستعارة الأصلية.

ومنها الموضوع سمّي به لأنّه ملحوظ على وجه ثبت له الغير كما هو شأن الذّوات وتقابله الصّفة بمعنى المحمول سمّيت به لأنّه ملحوظ على وجه الثّبوت للغير ، هكذا في الأطول في بحث هل ، وهكذا في العضدي حيث قال : في المبادئ : المفردان من القضية التي جعلت جزء القياس الاقتراني يسمّيها المنطقيون موضوعا ومحمولا ، والمتكلّمون ذاتا وصفة ، والفقهاء محكوما عليه ومحكوما به ، والنحويون مسندا إليه ومسندا انتهى. قيل ما ذكره من اصطلاح المتكلّمين انّما يصحّ في ما هو موضوع ومحمول بالطّبع كقولنا : الإنسان كاتب لا في عكسه أي الكاتب إنسان. وأجيب بأنّ المحكوم عليه يراد به ما صدق عليه وهو الذات والمحكوم به يراد به المفهوم وهو الصّفة ، وما قيل إنّ المسند إليه عند النّحاة قد يكون سورا عند المنطقيين كقولك كلّ إنسان حيوان ، فجوابه أنّ المحكوم عليه بحسب المعنى هو الإنسان ، هكذا ذكر (١) السّيد الشريف في حاشيته ، وبقي

__________________

(١) ذكر (ـ م).

٨١٧

أنّ ما ذكره من اصطلاح الفقهاء مخالف لما مرّ في محلّه فلينظر ثمّة. منها الاسم الجامد وتقابله الصّفة بمعنى الاسم المشتق. ومنها الجزء الدّاخل بأن يكون محقّق (١) الذاتي وتقابله الصّفة بمعنى الأمر الخارج ، هكذا ذكر أحمد جند في حاشية شرح الشمسية في بحث التصوّر والتّصديق ويجيء ما يتعلق بهذا المقام في لفظ الذّاتي.

الذّات : [في الانكليزية] Fitted with ، poeing ـ [في الفرنسية] Pourvu de ، doue ، poeeur

هي النّفس اسم ناقص تمامها ذوات. ألا ترى عند التّثنية تقول ذواتان ، مثل نواة ونواتان ، كذا في بحر الجواهر. ولهذا ذكرناه مع لفظ الذّاتي وذات الجنب وغيرها.

ذات الجنب : [في الانكليزية] Pleurisy ـ [في الفرنسية] Pleuresie

عند الأطباء ورم حارّ مؤلم في نواحي الصّدر إمّا في العضلات الباطنة أو في الحجاب المستبطن أي الدّاخل أو الحجاب الحاجز بين آلات الغذاء وآلات التّنفّس ، أو في العضلات الخارجة الظاهرة ، أو الحجاب الخارج بمشاركة الجلد أو بغير مشاركته. وأهول هذا الورم ما كان في الحجاب الحاجز نفسه ويسمّى ذات الجنب الخالص. هذا عند الشيخ فإنّه لم يفرّق بينها وبين الشّوصة والبرسام ، فهي ألفاظ مترادفة عنده. وقال السّمرقندي (٢) إنّ البرسام هو الورم العارض للحجاب الذي بين الكبد والمعدة ، وهو حجاب يحول عارضا بينها يتّصل بالحجاب الحاجز ، والشّوصة هو الورم العارض في أضلاع الخلف ، وذات الجنب الخالص هو الورم العارض للغشاء المستبطن للأضلاع والحجاب الحاجز إمّا في الجانب الأيمن والأيسر كذا في الأقسرائي. وفي بحر الجواهر ذات الجنب ورم حارّ مؤلم في نواحي الصّدر ، فان كان في عضل الصّدر وخصوصا الدّاخلة أو في حجاب الأضلاع من داخل يسمّى شوصة ، وإن كان في الغشاء المستبطن للصّدر يسمّى برساما ، وإن كان في الحجاب الحاجز يسمّى ذات الجنب باسم العام.

ذات الرّئة : [في الانكليزية] Pneumonia ، pulmonary ، tuberculosis ـ [في الفرنسية] Pneumonie ، tuberculose pulmonaire

عندهم هي ورم في الرئة كذا في بحر الجواهر. وفي الأقسرائي هي ورم حارّ في الرئة.

ذات الصّدر : [في الانكليزية] Consumption ، phthisis ـ [في الفرنسية] Phtisie

عندهم هي ورم يحدث في الحجاب القاسم للصّدر بنصفين في الجانب الموضوع على البطن ، وإن كان في الجانب الموضوع على القفاء يسمّى ذات العرض ، وقال صاحب الذّخيرة : ذات الصّدر تجمّع الصديد في فراغ الصّدر (٣).

ذات الكبد : [في الانكليزية] Hepatitis ـ [في الفرنسية] Hepatite

عندهم هي ورم يحدث في الكبد لموادّ حارّة أو باردة تنصبّ وتورمها.

الذّاتي : [في الانكليزية] Particular ، eential ، proper ، subjective ـ [في الفرنسية] Particulier ، eentiel ، propre ، subjectif

بياء النّسبة عند المنطقيين يطلق بالاشتراك

__________________

(١) مخفف (م ، ع).

(٢) هو محمد بن علي بن عمر ، أبو حامد ، نجيب الدين السمرقندي. توفي عام ٦١٩ هـ / ١٢٢٢ م. من العلماء بالطب. وقد تقدمت ترجمته تحت اسم : الشيخ نجيب الدين.

(٣) وصاحب ذخيره گفته كه ذات الصدر گردآمدن ريم است در فضاء سينه.

٨١٨

على معان. منها يقال الذّاتي لكلّ شيء ما يخصّه ويميّزه عن جميع ما عداه. وقيل ذات الشّيء نفسه وعينه وهو لا يشتمل العرض. والفرق بين الذّات والشخص أنّ الذات أعمّ من الشخص ، لأنّ الذات يطلق على الجسم وغيره ، والشخص لا يطلق إلاّ على الجسم هكذا في الجرجاني. منها في كتاب إيساغوجي فإنّه يطلق في هذا المقام على جزء الماهيّة والمراد (١) به الجزء المفرد المحمول على الماهيّة وهو منحصر في الجنس والفصل. وربّما يطلق على ما ليس بخارج وهذا أعمّ من الأول لتناوله نفس الماهيّة وجزئها. والتسمية على الأول ظاهرة وعلى الثاني اصطلاحية محضة ، والخارج عن الماهيّة يسمّى عرضيّا. وربّما يطلق الذّاتي على الجزء مطلقا سواء كان محمولا على الماهية أو لم يكن كالواحد للثلاثة.

ثم إنّهم ذكروا للذاتي خواصا ثلاثا ، الأولى أن يمتنع رفعه عن الماهيّة بمعنى أنّه إذا تصوّر الذاتي وتصوّر معه الماهيّة امتنع الحكم بسلبه عنها ، بل لا بدّ من أن يحكم بثبوته لها. الثانية أن يجب إثباته للماهيّة على معنى أنّه لا يمكن تصوّر الماهيّة إلاّ مع تصوّره موصوفة به أي مع التّصديق بثبوته لها ، وهي أخصّ من الأولى لأنّه إذا كان تصوّر الماهيّة بكنهها مستلزما لتصوّر التصديق بثبوته لها ، كان تصوّرهما معا مستلزما لذلك التصديق كلّيا بدون العكس ، إذ لا يلزم من كون التصوّرين كافيين في الحكم بالثبوت أن يكون أحدهما كافيا مع ذلك. وهاتان الخاصّتان ليستا خاصّتين مطلقتين لأنّ الأولى تشتمل اللوازم البيّنة بالمعنى الأعمّ ، والثانية بالمعنى الأخصّ. الثالثة وهي خاصّة مطلقة لا يشارك الذّاتي فيها العرضي اللازم ، وهي أن يتقدّم على الماهيّة في الوجودين الخارجي والذهني بمعنى أنّ الذاتي والماهيّة إذا وجدا بأحد الوجودين كان وجود الذاتي متقدما عليها بالذّات ، أي العقل يحكم بأنّه وجد الذاتي أولا فوجدت الماهيّة ، وكذا في العدميين. لكن التقدّم في الوجود بالنسبة إلى جميع الأجزاء وفي العدم بالقياس إلى جزء واحد.

فإن قيل هذه الخاصّة تنافي ما حكموا به من أنّ الذّاتي متّحد مع الماهيّة في الجعل والوجود لاستحالة أن يكون المتقدّم في الوجود متّحدا فيه مع المتأخّر عنه وتنافي صحّة حمل الذّاتي على الماهيّة لامتناع حمل أحد المتغايرين في الوجود على الآخر ، ويستلزم أن يكون كلّ مركّب في العقل مركّبا في الخارج ، مع أنّهم صرّحوا بخلافها.

قلنا ما ذكرناه خاصّة للجزء مطلقا فإنّه أينما كان جزء كان متقدّما في الوجود والعدم هناك ، فالجزء العقلي متقدّم على الماهيّة في العقل لا في الوجود ولا في الخارج ، فلا يلزم شيء مما ذكرتموه. فإذا أريد تميّزه أيضا عن الجزء الخارجيّ زيد الحمل على اعتبار التّقدّم المذكور ليمتاز به عنه أيضا. وهذه الخواص إنّما توجد للذاتي إذا خطر بالبال مع ما له الذّاتي ، لا بمعنى أنّه لا تكون ثابتة للذاتي إلاّ عند الإخطار بالبال ، فربّما لا تكون الماهيّة وذاتياتها معلومة. وتلك الخاصيّات ثابتة لها فضلا عن إخطارها بالبال ، بل بمعنى أنّها إنّما يعلم ثبوتها للذاتيات إذا كانت مخطورة بالبال والشيء خاطر بالبال أيضا ، كذا قيل. وقد يعرف الذّاتي أي الجزء مطلقا بما لا يصحّ توهّمه مرفوعا مع بقاء الماهيّة كالواحد للثّلاثة ، إذ لا يمكن أن يتوهّم ارتفاعه مع بقاء ماهيّة الثلاثة ، بخلاف وصف الفردية إذ يمكن أن يتوهّم ارتفاعها عنها مع بقائها. نعم يمتنع

__________________

(١) المقصود (م ، ع).

٨١٩

ارتفاعها مع بقاء ماهية الثلاثة موجودة ، فالحال (١) هاهنا المتصوّر فقط ، وهناك التّصوّر والمتصوّر معا ، والسّرّ في ذلك أنّ ارتفاع الجزء هو بعينه ارتفاع الكلّ لا أنّه ارتفاع آخر. ومن المستحيل أن يتصوّر انفكاك الشيء عن نفسه ، بخلاف ارتفاع اللوازم فإنّه مغاير لارتفاع الماهيّة تابع له فأمكن تصوّر الانفكاك بينهما مع استحالته ، وكذا ارتفاع الماهيّة مغاير لارتفاعها مستتبع له ، فجاز أن يتصوّر انفكاك أحدهما عن الآخر. ويقال أيضا الذّاتي ما لا يحتاج إلى علّة خارجة عن علّة الذّات بخلاف العرضي فإنّه محتاج إلى الذّات وهي خارجة عن علّتها ، كالزوجية للأربعة المحتاجة إلى ذات الأربعة. ويقال أيضا هو ما لا تحتاج الماهيّة في اتّصافها به إلى علّة مغايرة لذاتها ، فإنّ السّواد لون لذاته لا بشيء آخر يجعله لونا ، وهذه خاصة إضافية لأن لوازم الماهية كذلك ، فإن الثلاثة فرد في حد ذاته لا بشيء آخر يجعلها متّصفة بالفردية. هذا كلّه خلاصة ما في شرح المطالع ، وما حقّقه السّيد الشريف في حاشيته.

وذكر في العضدي أنّ الذّاتي ما لا يتصوّر فهم الذات قبل فهمه. وقال السّيد الشريف في حاشيته مأخذه هو ما قيل من أنّ الجزء لا يمكن توهّم ارتفاعه مع بقاء الماهيّة بخلاف اللاّزم إذ قد يتصوّر ارتفاعه مع بقائها. فمعناه أنّ الذّاتي محمول لا يمكن أن يتصوّر كون الذات مفهوما حاصلا في العقل بالكنه ، ولا يكون هو بعد حاصلا فيه. وهذا التعريف يتناول نفس الماهيّة إذ يستحيل تصوّر ثبوتها عقلا قبل ثبوتها فيه. والجزء المحمول إذ يمتنع تصوّر ثبوت الذّات في العقل وهو معنى كونه مفهوما قبل ثبوته فيه ، أي مع ارتفاعه عنه.

ثم قال صاحب العضدي وقد يعرف الذاتي بأنّه غير معلّل. قال المحقق التفتازاني أي ثبوته للذّات لا يكون لعلّة لأنّه إمّا نفس الذّات أو الجزء المتقدّم ، بخلاف العرضي فإنّه إن كان عرضا ذاتيا أوليا يعلّل بالذات لا محالة كزوجية الأربعة ، وإلاّ فبالوسائط كالضحك للإنسان لتعجبه. وما يقال إنّه إن كان لازما بيّنا يعلّل بالذّات ، وإلاّ فبالوسائط إنّما يصحّ لو أريد العلة في التصديق ، ولو أريد ذلك انتقض باللوازم البيّنة فإنّ التصديق بثبوتها للملزومات لا يعلّل بشيء أصلا. نعم يشكل ما ذكر بما أطبق المنطقيون من أنّ حمل الأجناس العالية على الأنواع إنّما هو بواسطة المتوسّطات ، وحمل المتوسّطات بواسطة السّوافل ، حتى صرّح ابن سينا أنّ الجسمية للإنسان معلّلة بحيوانيّته انتهى. ومرجع هذا التعريف إلى ما مرّ سابقا من أنّ الذاتي ما لا يحتاج إلى علّة خارجة عن علّة الذات كما لا يخفى. ثم قال صاحب العضدي : وقد يعرف الذّاتي بالترتّب العقلي ، وهو الذي يتقدّم على الذّات في التّعقّل انتهى. وذلك لأنّهما في الوجود واحد لا اثنينية أصلا ، فلا تقدّم ، وهذا التفسير مختصّ بجزء الماهيّة والأوّلان يعمّان نفس الماهيّة أيضا. وحقيقة التّعريفين الأخيرين يرجع إلى الأوّل ، وهو ما لا يتصوّر فهم الذات قبل فهمه لأنّ عدم تعليل الذّاتي مبني على أنّه لا يمكن فهم الذّات قبل فهمه ، بل بالعكس ، والتقدّم في التعقّل مستلزم لذلك. وإن لم يكن مبنيا عليه. كذا ذكر المحقّق التفتازاني في حاشيته.

ومنها في غير كتاب إيساغوجي ، قال شارح المطالع والسّيد الشريف ما حاصله إنّ للذّاتي معان أخر في غير كتاب إيساغوجي يقال عليها بالاشتراك ، وهي على كثرتها ترجع إلى أربعة أقسام :

__________________

(١) المحال (م).

٨٢٠