موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٥٢
الجزء ١ الجزء ٢

والمراد أحدهما أي أنه متساوي الطرفين ، أو لا يمتنع أي لا يجزم بعدمه. وقيل المراد من أن الجائز يطلق على المشكوك فيه أنه يطلق على ما يشك في أنه لا يمتنع شرعا ، أو يشك في أنه لا يمتنع عقلا ، أو يشك في أنه يستوى فيه الأمران شرعا أو يشك في أنه يستوى فيه الأمران عقلا. وأنت خبير بأنّ مثل هذا الفعل لا يكون جائزا بل مجهول الحال. فالمحتمل على هذا ما شككت وترددت في أنه متساوي الطرفين أو ليس بممتنع الوجود في نفس الأمر أو في حكم الشرع انتهى ما حاصلهما. ولا خفاء في أنّ مرجع بعض هذه المعاني الخمسة إلى الإمكان الخاص وبعضها إلى الإمكان العام.

الجواهر العلوية : [في الانكليزية] Superior substances (heavenly bodies and spirits) ـ [في الفرنسية] Substances superieures (corps celestes et esprits)

هي الأفلاك والكواكب والأرواح كذا في كشف اللّغات.

الجود : [في الانكليزية] Generosity ، mercy ـ [في الفرنسية] Generosite misericorde

بالضم وسكون الواو إفادة ما ينبغي لا لعوض [ولا لغرض] (١) ويجئ في لفظ الرحمة.

جودة الفهم : [في الانكليزية] Good understanding ـ [في الفرنسية] Bonne comprehension

صحة الانتقال من الملزومات إلى اللوازم كذا في اصطلاحات السيّد الجرجاني.

جور : [في الانكليزية] Iniquity ـ [في الفرنسية] Iniquite

عند الصوفية ما يمنع السالك من السير في العروج (٢).

الجوزهر : [في الانكليزية] Moon ، head and tail ، zenith and nadir ـ [في الفرنسية] Lune ، tete et queue ، zenith et nadir

بفتح الجيم بعدها واو ثم زاء معجمة بعدها هاء ثم راء عند أهل الهيئة هو العقدة أي عقدة الرأس والذّنب على ما في بحر الفضائل (٣). ويطلق أيضا على ممثل القمر سمّي به إذ على محيطه نقطة مسماة بالجوزهر. وقال عبد العلي البرجندي في حاشية الچغمني في باب حركات الأفلاك الجوزهر بغير الإضافة يطلق على ممثل القمر وبالإضافة يطلق على العقدة ويجئ أيضا في لفظ الذّنب.

الجوع : [في الانكليزية] Hunger ـ [في الفرنسية] Faim

گرسنگى وگرسنه شدن. قال الأطباء سببه إحساس فم المعدة بالخلو ولذع السوداء المنصبة إليه من الطحال. وقد يراد به الحاجة إلى الغذاء. والجوع المغشي هو أن لا يملك صاحبه بطنه إذا جاع وإذا تأخّر عنه الطعام غشي عليه وسقطت قوته. والجوع البقري هو جوع الأعضاء مع شبع المعدة. والفرق بينه وبين الجوع الكلبي أنّ في (٤) جوع الكلب تكون الأعضاء شبعا مع جوع المعدة وفي البقري عكسه كذا في بحر الجواهر.

الجوف : [في الانكليزية] Stomach ، abdomen ـ [في الفرنسية] Ventre ، abdomen

بالفتح وسكون الواو لغة التقعير. ويطلق

__________________

(١) [ولا لغرض] (+ م ، ع).

(٢) جور نزد صوفيه بازداشتن سالك بود از سير در عروج.

(٣) كتاب باللغة الفارسية لمحمد بن قوام بن رستم. سلسلة فهارس المكتبات الخطية النادرة ، الهند ، ساستري ، ١٩٣٩ ، ج ١ ، ص ٤٤٥.

(٤) في (ـ م).

٦٠١

في الطب على شيئين : أحدهما يسمّى الجوف الأعلى وهو الحاوي لألات التنفس وهو الصدر ، والثاني يسمّى الجوف الأسفل وهو الحاوي لألات الغذاء. وقد فصل بينهما بالحجاب المؤرّب صيانة لأعضاء التنفس خصوصا القلب عن مضارات (١) الأبخرة والأدخنة التي لا يخلو عنها طبخ الغذاء كذا في بحر الجواهر.

الجوهر : [في الانكليزية] Substance ، eence ـ [في الفرنسية] Substance ، eence

يطلق على معان : منها الموجود القائم بنفسه حادثا كان أو قديما ويقابله العرض بمعنى ما ليس كذلك. ومنها الحقيقة والذات ، وبهذا المعنى يقال أي شيء هو في جوهره أي ذاته وحقيقته ، ويقابله العرض بمعنى الخارج من الحقيقة. والجوهر بهذين المعنيين لا شكّ في جوازه في حقّ الله تعالى وإن لم يرد الإذن بالإطلاق. ومنها ما هو من أقسام الموجود الممكن ، فهو عند المتكلمين لا يكون إلاّ حادثا إذ كل ممكن حادث عندهم. وأما عند الحكماء فقد يكون قديما كالجوهر المجرّد وقد يكون حادثا كالجوهر المادي. وعند كلا الفريقين لا يجوز إطلاقه بهذا المعنى على الله تعالى بناء على أنّه قسم من الممكن. فتعريفه عند المتكلّمين الحادث المتحيز بالذات ، والمتحيز بالذات (٢) هو القابل للإشارة الحسّية بالذات بأنه هنا أو هناك ، ويقابله العرض. فقال الأشاعرة : العرض هو الحادث القائم بالمتحيّز بالذات فخرج الإعدام والسّلوب لعدم حدوثها لأنّ الحادث من أقسام الموجود. وخرج أيضا ذات الربّ وصفاته لعدم كونها حادثة ولا قائمة بالمتحيّز بالذات ، فإنّ الربّ تعالى ليس بمتحيّز أصلا. وبالجملة فذات الربّ تعالى وصفاته ليست بأعراض ولا جواهر. وقال بعض الأشاعرة العرض ما كان صفة لغيره وينبغي أن يراد بما الحادث بناء على أنّ العرض من أقسام الحادث وألاّ ينتقض بالصفات السلبية وبصفات الله تعالى إذا قيل بالتغاير بين الذات والصفات كما هو مذهب بعض المتكلمين ، وإن لم يكن بالتغاير بينهما فصفات الله تعالى تخرج بقيد الغيرية. وقال المعتزلة العرض هو ما لو وجد لقام بالمتحيّز. وإنما اختاروا هذا لأنّ العرض ثابت عندهم في العدم منفكا عن الوجود الذي هو زائد على الماهية ولا يقوم بالمتحيّز حال العدم ، بل إذا وجد العرض قام به. وهذا بناء على قولهم بأنّ الثابت في العدم ذوات المعدومات من غير قيام بعضها ببعض ، فإنّ القيام من خواص الوجود إلاّ عند بعضهم ، فإنّهم قالوا باتصاف المعدومات بالصفات المعدومة الثابتة. ويردّ عليهم فناء الجواهر فإنه عرض عندهم وليس على تقدير وجوده قائما بالمتحيّز الذي هو الجوهر عندهم لكونه منافيا للجواهر ، ولا ينعكس أيضا على من أثبت منهم عرضا لا في محل كأبي هذيل العلاّف ، فإنه قال : إنّ بعض أنواع كلام الله لا في محل ، وكبعض البصريين القائلين بإرادة قائمة لا في محل. وأما ما قيل من أنّ خروجها (٣) لا يضرّ لأنه لا يطلق العرض على كلام وإرادة حادثين فمما لا يلتفت إليه ، إذ عدم الإطلاق تأدّبا لا يوجب عدم دخولهما فيه. ومعنى القيام بالمتحيّز إمّا الطبيعة (٤) في المتحيّز أو اختصاص الناعت كما يجئ في لفظ الوصف ، ويجئ أيضا في

__________________

(١) قذارات (هامش م ، ع).

(٢) والمتحيز بالذات (ـ م).

(٣) خروجهما (م).

(٤) التبعية (م ، ع).

٦٠٢

لفظ القيام ولفظ الحلول.

واعلم أنه ذكر صاحب العقائد النسفية أنّ العالم إمّا عين أو عرض لأنّه إن قام بذاته فعين وإلاّ فعرض ، والعين إمّا جوهر أو جسم لأنه إمّا متركّب من جزءين فصاعدا وهو الجسم أو غير متركّب وهو الجوهر ، ويسمّى الجزء الذي لا يتجزأ أيضا. قال أحمد جند في حاشيته هذا مبني على ما ذهب إليه المشايخ من أنّ معنى العرض بحسب اللغة ما يمتنع بقاؤه ومعنى الجوهر ما يتركّب منه غيره ، ومعنى الجسم ما يتركّب من غيره انتهى. فالجوهر على هذا مرادف للجزء الذي لا يتجزأ وقسم من العين وقسم (١) للجسم. وقيل هذا على اصطلاح القدماء. والمتأخرون يجعلون الجوهر مرادفا للعين ويسمّون الجزء الذي لا يتجزأ بالجوهر الفرد ، ويؤيده ما وقع في شرح المواقف من أنه قال المتكلمون لا جوهر إلاّ المتحيّز بالذات ، فهو إمّا يقبل القسمة في جهة واحدة أو أكثر وهو الجسم عند الأشاعرة ، أو لا يقبلها أصلا وهو الجوهر الفرد وقد سبق تحقيق تعريف الجوهر الفرد في لفظ الجزء. ثم لا يخفى أنّ هذا التقسيم إنّما يصح حاصرا عند من قال بامتناع وجود المجرّد أو بعدم ثبوت وجوده وعدمه. وأمّا عند من ثبت وجود المجرّد عنده كالإمام الغزالي والراغب القائلين. بأنّ الإنسان موجود ليس بجسم ولا جسماني كما عرفت فلا يكون حاصرا. وأعمّ من هذا ما وقع في المواقف من أنّه قال المتكلمون الموجود في الخارج إمّا أن لا يكون له أول وهو القديم أو يكون له أول وهو الحادث. والحادث إمّا متحيّز بالذات وهو الجوهر أو حال في المتحيّز بالذات وهو العرض أو لا يكون متحيّزا ولا حالا فيه وهو المجرد انتهى. وهذا التقسيم أيضا ليس حاصرا بالنسبة إلى من ثبت عنده وجود المجرّد فإنّ صفات المجرّد خارجة عن التقسيم. ثم الظاهر أنّ القائل بوجود المجرّد يعرّف العرض بما كان صفة لغيره فإنّ الغير أعمّ من المتحيّز وغيره ، ويقسّم الحادث إلى ما كان قائما بنفسه وهو الجوهر ، فإن لم يكن متحيّزا فهو المجرّد. والمتحيّز إمّا جسم أو جوهر فرد ، وإلى ما لا يكون قائما بنفسه بل يكون صفة لغيره وهو العرض. ويؤيده ما في الچلپي حاشية شرح المواقف من أنّ الراغب والغزالي قالا النفس الناطقة جوهر مجرد عن المادة انتهى. فإنهما وصفا الجوهر بالمجرّد. فالمجرّد يكون قسما من الجوهر بلا واسطة لا من الحادث والله أعلم بحقيقة الحال.

فائدة : الجوهر الفرد لا شكل له باتفاق المتكلّمين لأنّ الشكل هيئة أحاطها حدّ أو حدود ، والحدّ أي النهاية لا يعقل إلاّ بالنسبة إلى ذي النهاية فيكون هناك لا محالة جزءان. ثم قال القاضي ولا يشبه الجوهر الفرد شيئا من الأشكال لأنّ المشاكلة الاتحاد في الشكل ، فما لا شكل له كيف يشاكل غيره. وأمّا غير القاضي فلهم فيه اختلاف. فقيل يشبه الكرة في عدم اختلاف الجوانب ولو كان مشابها للمضلع لاختلف جوانبه فكان منقسما. وقيل يشبه المربّع إذ يتركب الجسم بلا انفراج إذ الشكل الكروي وسائر المضلعات وما يشبهها لا يتأتى فيها ذلك الانفراج (٢). وقيل يشبه المثلّث لأنه أبسط الأشكال.

فائدة : الجواهر يمتنع عليها التداخل وإلاّ يكون هذا الجسم المعيّن أجساما كثيرة وهذا خلف. وقال النّظّام بجوازه. والظاهر أنه لزمه ذلك فيما قال من أنّ الجسم المتناهي المقدار مركّب من أجزاء غير متناهية العدد إذ لا بدّ

__________________

(١) قسيم (م).

(٢) بالانفراج (م).

٦٠٣

حينئذ من وقوع التداخل فيما بينها. وأمّا أنه التزمه وقال به صريحا فلم يعلم كيف وهو جحد للضرورة وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى شرح المواقف في موقف الجوهر.

وتعريف الجوهر عند الحكماء الممكن الموجود لا في موضوع ويقابله العرض بمعنى الممكن الموجود في موضوع أي محل مقوّم لما حلّ فيه. ومعنى وجود العرض في الموضوع أنّ وجوده هو وجوده في الموضوع بحيث لا يتمايزان في الإشارة الحسّية كما في تفسير الحلول. وقال المحقق التفتازاني إنّ معناه أنّ وجوده في نفسه هو وجوده في الموضوع ، ولذا يمتنع الانتقال عنه. فوجود السّواد مثلا هو وجوده في الجسم وقيامه به بخلاف وجود الجسم في الحيّز فإنّ وجوده في نفسه أمر ووجوده في الحيّز أمر آخر ولهذا ينتقل عنه. وردّ بأنّه يصح أن يقال وجد في نفسه فقام بالجسم فالقيام متأخّر بالذات من وجوده في نفسه. وأجيب بأنّا لا نسلّم صحة هذا القول. كيف وقد قالوا إنّ الموضوع شرط لوجود العرض ولو سلّم فيكفي للترتيب بالفاء التغاير الاعتباري كما في قولهم رماه فقتله. إن قيل على هذا يلزم أن لا تكون الجواهر الحاصلة في الذهن جواهر لكونها موجودة في موضوع مع أنّ الجوهر جوهر سواء نسب إلى الإدراك العقلي أو إلى الوجود الخارجي. قلت المراد بقولهم الموجود لا في موضوع ماهية إذا وجدت كانت لا في موضوع ، فلا نعني به الشيء المحصّل في الخارج الذي ليس في موضوع ، بل لو وجد لم يكن في موضوع ، سواء وجد في الخارج أو لا ، فالتعريف شامل لهما. ثم إنها أعراض أيضا لكونها موجودة بالفعل في موضوع ولا منافاة بين كون الشيء جوهرا وعرضا ، بناء على أنّ العرض هو الموجود في موضوع لا ما يكون في موضوع إذا وجدت فلا يشترط الوجود بالفعل في الجوهر ويشترط في العرض. فالمركّب الخيالي كجبل من ياقوت وبحر من زيبق لا شكّ في جوهريته ، إنّما الشكّ في وجوده. وفيه بحث لأنّ هذا مخالف لتصريحهم بأنّ الجوهر والعرض قسما الممكن الموجود ، وأنّ الممكن الموجود منحصر فيهما ، فإذا اشترط في العرض الوجود بالفعل ولم يشترط في الجوهر يبطل الحصر إذ تصير القسمة هكذا الموجود الممكن إمّا أن يكون بحيث إذا وجد في الخارج كان لا في موضوع ، أو يكون موجودا في الخارج في موضوع فيخرج ما لا يكون بالفعل في موضوع ، ويكون فيه إذا وجد كالسواد المعدوم. والحقّ أنّ الوجود بالفعل معتبر في الجوهر أيضا كما هو المتبادر من قولهم الموجود لا في موضوع. وتفسيره بماهية إذا وجدت الخ ليس لأجل أنّ الوجود بالفعل ليس بمعتبر فيه بل الإشارة إلى أنّ الوجود الذي به موجوديته في الخارج زائد على ماهية الجوهر والعرض كما هو المتبادر إلى الفهم. ولذا لم يصدق حدّ الجوهر على ذات الباري تعالى لأنّ موجوديته تعالى بوجود هو نفس ماهيته ، وإن كان الوجود المطلق زائدا عليها. وإلى أنّ المعتبر في الجوهرية كونه بهذه الصفة في الوجود الخارجي ، لا في العقل (١) ، أي أنه ماهية إذا قيست إلى وجودها الخارجي ولوحظت بالنسبة إليه كانت لا في موضوع. ولا شكّ أن تلك الجواهر حال قيامها بالذهن يصدق عليها أنها موجودة في الخارج لا في موضوع وإن كانت باعتبار قيامها بالذهن في موضوع فهي جواهر وأعراض باعتبار القيام بالذهن وعدمه وكذا الحال في العرض.

وبالجملة فالممتنع أن يكون ماهية شيء

__________________

(١) الفعل (م).

٦٠٤

توجد في الأعيان مرة عرضا ومرة جوهرا حتى تكون في الأعيان تحتاج إلى موضوع ما وفيها لا تحتاج إلى موضوع ، ولا يمتنع أن يكون معقول تلك الماهية عرضا. وظهر بما ذكرنا أنّ معنى الموجود لا في موضوع وماهية إذا وجدت كانت لا في موضوع واحد ، كما أنّ معنى الموجود في موضوع وماهية إذا وجدت كانت في موضوع واحد لا فرق بينهما إلاّ بالإجمال والتفصيل. وهذا على مذهب من يقول إنّ الحاصل في الذهن هو ماهيات الأشياء. وأما عند من يقول إن الحاصل في الذهن هو صور الأشياء وأشباهها المخالفة لها في الماهية ، فلا تكون صور الجواهر عنده إلاّ أعراضا موجودة بوجود خارجي قائمة بالنفس كسائر الأعراض القائمة بها ، هكذا حقّق المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المواقف.

التقسيم

قال الحكماء : الجوهر إن كان حالاّ في جوهر آخر فصورة إمّا جسمية أو نوعية. وإن كان محلا لجوهر آخر فهيولى ، وإن كان مركّبا منهما فجسم ، وإن لم يكن كذلك أي لا حالا ولا محلا ولا مركّبا منهما ، فإن كان متعلقا بالجسم تعلّق التدبير والتصرّف والتحريك فنفس وإلاّ فعقل. وإنما قيد التعلّق بالتدبير والتصرّف والتحريك لأنّ للعقل عندهم تعلّقا بالجسم على سبيل التأثير ، وهذا كلّه بناء على نفي الجوهر الفرد إذ على تقدير ثبوته لا صورة ولا هيولى ولا المركّب منهما بل هناك جسم مركّب من جواهر فردة كذا في شرح المواقف.

الجوهر الفرد : [في الانكليزية] Atom ، indivisible part ـ [في الفرنسية] Atome ، partie indivisible

هو الجزء الذي لا يتجزأ. وعند الشعراء يراد به المعشوق وشفته كذا في كشف اللّغات.

الجيب : [في الانكليزية] Sine ، cosine ـ [في الفرنسية] Sinus ، cosinus

بالفتح وسكون المثناة التحتانية في اللّغة گريبان كما في الصّراح. وعند المهندسين والمنجمين هو نصف وتر ضعف القوس. وجيب ربع الدائرة يسمّى جيبا أعظم لكونه مساويا لنصف قطر الدائرة ، ومقداره ستون درجة إذا اعتبر في مناطق الأفلاك ، فإذا صارت قوس الجيب أعظم من ربع الدائرة انتقص الجيب إلى أن صارت قوس الجيب نصف الدائرة ، فحينئذ ينعدم الجيب ، فنصف الدائرة وكذا تمام الدائرة لا جيب له. قال عبد العلي البرجندي ولا يخفى أنّ هذا التعريف مختص بجيب قوس تكون أقل من نصف الدائرة فحينئذ ينعدم الجيب. فالأصوب أن يقال جيب كل قوس عمود داخل في الدائرة يخرج من أحد طرفي تلك القوس على قطر يمرّ ذلك القطر بالطرف الآخر لتلك القوس ، والقطر هو الخطّ المنصّف للدائرة أي المارّ بالمركز. وإنما قيدنا بقولنا داخل في الدائرة مع أنهم لم يذكروه للاحتراز عن عمود خارج من طرف قوس هي نصف الدائرة على القطر فإنّ هذا العمود لا يقع في سطح الدائرة البتّة. فكل أربعة أقواس قسّمت الدائرة إليها جيب واحد. وكل قوس نقصت من نصف الدور فجيبه وجيب الباقي واحد. وكل قوس تكون أزيد من نصف الدور فجيب فضلها على نصف الدور وجيب الباقي منها إلى تمام الدور بعد نقصان تلك القوس من تمام الدور واحد. وإذا نقص مربع جيب قوس من مربع نصف قطر الدائرة فجذر الباقي منه جيب تمام تلك القوس إلى الربع.

اعلم أنّ نسبة جيب كل قوس إلى تمامها كنسبة ظل أول تلك القوس إلى نصف القطر المقسوم إلى ستين جزء. ونسبة جيب تمام كل قوس إلى جيب تلك القوس كنسبة الظل الثاني أي المستوي إلى المقياس إذا قسم إلى ستين

٦٠٥

جزء. وإذا عرفت هذا يسهل عليك استعلام الظلّ الأول والظلّ الثاني لكل قوس كما لا يخفى.

واعلم أيضا أنّ كلّ قوس تكون أزيد من الربع وأنقص من نصف الدور فيؤخذ تمامها إلى نصف الدور. وكل قوس تكون أزيد من النصف وأنقص من ثلاثة أرباع فيؤخذ فضلها على نصف الدور. وكل قوس تكون أزيد من ثلاثة أرباع الدور فتنقص تلك القوس من الدور ويؤخذ الباقي. فما حصل من هذا العمل يسمّى قوسا منقّحا بضم الميم وفتح النون وتشديد القاف المفتوحة وبالحاء المهملة مأخوذا من التنقيح. وهذا الذي ذكر هو الجيب المستوي. وما وقع من القطر بين جيب القوس وطرف القوس هو الجيب المعكوس ويسمّى بسهم القوس أيضا. وإذا قسمت قوس القطعة بقسمين وأخرج عمود من نقطة الانقسام على قاعدة القطعة فذلك العمود هو جيب ترتيب كل قوس. وجيب الزاوية هو جيب قوس هي مقدار تلك الزاوية. والأسطرلاب الذي يوضع فيه درجات الجيب بطريق معروف مذكور في كتب ذلك العلم يسمّى اسطرلابا مجيبا. هذا كله خلاصة ما في شرح بيست باب في علم الأسطرلاب وغيره.

الجيش : [في الانكليزية] Army ـ [في الفرنسية] Armee

بالفتح وسكون المثناة التحتانية في اللغة لشكر. وسرية پاره از لشكر ـ أي قطعة من الجيش ـ كما في الصّراح وقد فرّق بينهما أبو حنيفة رحمه‌الله بأنّ أقلّ الجيش أربعمائة وأقل السّرية مائة. وقال الحسن بن زياد (١) أقل السّرية أربعمائة وأقل الجيش أربعة ألاف ، كذا في قاضي خان وهكذا في جامع الرموز والبرجندي في كتاب الجهاد. وفي الدّرر : السّريّة من أربعة إلى أربعمائة من المقاتلة.

__________________

(١) هو الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي ، أبو علي. توفي عام ٢٠٤ هـ / ٨١٩ م. قاض ، فقيه ، من أصحاب أبي حنيفة ، وكان عالما بمذهب الرأي. تولى القضاء. وله عدة مؤلفات في الفرائض والفقه. الأعلام ٢ / ١٩١ ، الفوائد البهية ٦٠ ، ميزان الاعتدال ١ / ٢٢٨ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣١٤.

٦٠٦

حرف ال چ الفارسي

(چ)

چاغ : [في الانكليزية] One twelfth of a day ، time ـ [في الفرنسية] Un douzieme d\'un jour ، temps

بغين معجمة بعد ألف. وهو نصف سدس اليوم ، وقد مر في لفظ التاريخ. (وفي القاموس التركي العثماني : وقت ، حين) (١).

چشم : [في الانكليزية] Eye ـ [في الفرنسية] Eil

معناها بالفارسية عين. وعند الصوفية تقال للجمال. وكذلك هي صفة البصر الإلهي.

و (چشم مست) : عين سكرانه ، تقال للسر الإلهي ، على تقدير أنها تأتي للوجود من السالك. و (چشم پرخمار) هي عين مملوة بأثر السكر. ويعنون بها : ستر السالك الصادق عن السالك ، ولكن كشف تلك الأحوال عند أهل الكمال أمر ظاهر. و (چشم نرگسي) عين نرجسية يعنون بها ستر المراتب العالية التي يحرص أهل الكمال على إخفائها. ولا يطّلع عليها إلاّ الله (٢).

چليپا : [في الانكليزية] Cro ـ [في الفرنسية] Croix

هو في الأصل من اللغة السريانية ومعناه الصليب. وعند الصوفية هو العالم الطبيعي (٣).

چوكان : [في الانكليزية] Sceptre ، stick ، butt end ـ [في الفرنسية] Sceptre ، croe

هو الصولجان الذي يلعب به في لعبة الكرة والصولجان على ظهور الخيل (پولو). وعند الصوفية مقادير الأحكام بالنسبة للعاشق (٤).

__________________

(١) چاغ بغين معجمه بعد الف وان نصف سدس شبانروز است وقد مر في لفظ التاريخ.

(٢) چشم نزد صوفيه جمال را گويند ونيز صفت بصر إلهي را گويند وچشم مست سر إلهى را گويند بر تقديرى كه از سالك در وجود آيد وچشم پرخمار ستر كردن سالك راست از سالك ليكن كشف ان احوال نزد اهل كمال ظاهر است وچشم نرگسى ستر مراتب عاليه بود كه اهل ان را پنهان دارند وجز خداى را اطلاع نباشد.

(٣) چليپا نزد صوفيه عالم طبيعى را گويند.

(٤) چوگان نزد صوفيه مقادير احكام را گويند نسبت بعاشق.

٦٠٧

حرف الحاء

(ح)

الحائل : [في الانكليزية] Foreign ، outsider ـ [في الفرنسية] Etranger ، xenisme

هو عند بعض شعراء العجم الدخيل (١).

الحابطية : [في الانكليزية] Al ـ Habitiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Habitiyya (secte)

بالباء الموحدة فرقة من المعتزلة أتباع أحمد بن حابط (٢) ، وهو من أصحاب النّظّام ، قالوا : للعالم إلهان ، قديم هو الله تعالى ومحدث هو المسيح ، والمسيح هو الذي يحاسب الناس في الآخرة ، وهو المراد بقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (٣) ، وهو الذي يأتي في ظلل من الغمام ، وهو المعني بقوله عليه‌السلام : «خلق الله آدم على صورته» (٤) ، وبقوله «يضع الجبّار قدمه في النار» (٥). وإنّما سمّي المسيح لأنه ذرع الأجسام وأحدثها. قال الآمدي : وهؤلاء كفار مشركون ، كذا في شرح المواقف. ولنعم هذا الاسم في حقّهم فإنه ينبئ عن حبط أعمالهم (٦).

الحاجب : [في الانكليزية] Hitch ، anaphora ـ [في الفرنسية] Empechement ، repetition

هو في الشرع ما ستعرف لاحقا وكذا المحجوب. أما الحاجب والمحجوب عند الشعراء فما وقع في منتخب تكميل الصناعة حيث قال : الحاجب هو عبارة عن كلمة أو أكثر تستعمل قبل القافية الأصلية مكرّرة بنفس المعنى ، أو شيئا له نفس الحكم. ومثال الأوّل في البيت التالي لفظة يار : والمعنى :

مع أنه في كل نفس يصل من الحبيب غم

فلا ينبغي للقلب أن يتكدّر من الحبيب لحظة

ومثال النوع الثاني :

لقد أشعل العشق نارا في روحي

فاحترقت روحي فعالجها بالوصل

__________________

(١) نزد بعضي شعراى عجم اسم دخيل است.

(٢) هو أحمد بن حابط وقيل بن خابط كما ذكرته معظم المصادر. توفي عام ٢٣٢ ه‍. من أصحاب النظام. زنديق ملحد كان يقول بالتناسخ. رأس الفرقة الخابطية من القدرية. التبصير ١٣٦ ، الفرق بين الفرق ٢٢٨ ، ٢٧٧ ، شرح عقيدة السفاريني ١ / ٧٩ ، الملل والنحل ٦٠ ، خطط المقريزي ٢ / ٣٤٧ ، تحقيق ما للهند من مقولة ٢٤.

(٣) الفجر / ٢٢.

(٤) جاء في صحيح البخاري ، كتاب الاستئذان ، باب بدء السلام ، حديث (١) ، ٨ / ٩١.

(٥) جاء في صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، باب (في قوله وتقول من مزيد) ، حديث (٣٤٣) ، ٦ / ٢٤٦ ، بلفظ حتى يضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها (النار).

(٦) فرقة من غلاة القدرية المعتزلة أتباع أحمد بن حابط أو خابط. ويقال لها أيضا الخابطية كما ذكرت معظم المصادر. كانوا يقولون بالتناسخ ، وأن للخلق إلهين وربين أحدهما قديم هو الله والآخر مخلوق هو عيسى بن مريم. وقد كانت لهم ضلالات كبيرة وبدع كثيرة. كما أخذوا كثيرا عن المجوس والثنوية. الفرق بين الفرق ٢٧٧ ، التبصير ١٣٨ ، الملل والنحل ٦٠ ، تحقيق ما للهند من مقولة ص ٢٤.

٦٠٨

وإذا وقع الحاجب بين القافيتين فإنّه يكون ألطف ، ومثاله : والمعنى :

يا ملك الأرض لك سرير على السّماء

عدوك رخو ما دمت تملك قوسا قويا

والشعر الذي يتضمّن الحاجب يسمّى محجوبا ، وليس واجبا مراعاة التّكرار في الحاجب بل هو مستحسن. والحاجب والرديف هو من ابتكار شعراء العجم ، وليس له اعتبار لدى شعراء العربية. ويقول في مجمع الصنائع بأنّ بعضهم يطلقون الحاجب على الرديف والمحجوب على الرّدف (١).

الحاجة : [في الانكليزية] Need ـ [في الفرنسية] Besoin

يقول في مجمع السلوك : الحاجة : هي المقدار الضروري لبقاء الإنسان ، ويقال لها أيضا : حقوق النفس. والحاجة أيضا هي ما يمكن للإنسان أن يبقى بدونها ولكنه محتاج إليها ، مثل الملابس فوق الألبسة الداخلية وكالنعلين في القدم. ويقال لما عدا هذين النوعين الفضول. والفضول أمر لا نهاية له.

إذا ، فعلى المريد المبتدئ أن يترك الفضول ، أمّا الضرورة فلا. انتهى (٢).

الحارثية : [في الانكليزية] Al ـ Harithiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Harithiyya (secte)

بالراء المهملة فرقة من الإباضية أصحاب أبي الحارث الإباضي (٣).

الحازمية : [في الانكليزية] Al ـ Hazimiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Hazimiyya (secte)

بالزاء المعجمة فرقة من الخوارج أصحاب حازم بن عاصم (٤) وافقوا الشيعة (٥). ويحكى عنهم أنهم متوقّفون في علي كرم الله وجهه ، ولا يصرّحون بالتبري على غيره (٦) ، كذا في شرح المواقف (٧).

__________________

(١) حاجب عبارتست از كلمه يا بيشتر كه مستعمل باشد در تلفظ وقبل از قافيه اصلي بيك معني تكرار يابد ويا چيزي كه در حكم اين مستعمل باشد مثال اوّل لفظ از يار درين : بيت.

هرچند رسد هر نَفَس از يار غمي

بايد نشود رنجه دل از يار دمي

مثال دوم لفظ در درين بيت.

زده عشق تو آتشم در جان

سوخت جانم بوصل كن درمان

واگر حاجب در ميان دو قافيه واقع شود الطف آيد مثاله بيت.

اي شاه زمين بر آسمان دارى تخت

سست است عدو تا تو گمان دارى سخت

وشعرى كه مشتمل باشد بر حاجب آن را محجوب نامند ورعايت تكرار حاجب واجب نيست بلكه مستحسن وحاجب ورديف از مخترعات شعراى عجم است نزد فصحاى عرب معتبر نيست. ودر مجمع الصنائع آرد كه بعضى حاجب را بمعني رديف ومحجوب را بمعني مردف بتشديد دال اطلاق كنند

(٢) در مجمع السلوك ميگويد ضرورت مقدارى را گويند كه آدمي بي آن بقا نيابد وآن را حقوق نفس نيز گويند. وحاجت مقدارى را گويند كه آدمي بي آن بقا يابد مع هذا بدو محتاج شود چون جامه دوم بالاى پيراهن ونعلين در پاي. وفضول آن را گويند كه ازين هر دو قسم بيرون بود وآن پاياني ندارد پس بايد كه مريد مبتدي ترك حاجت وفضول نمايد وترك ضرورت نكند انتهى.

(٣) هو الحارث بن يزيد أو بن مزيد الإباضي. رأس الفرقة الحارثية من الإباضية أتباع عبد الله بن إباض. ولا يعرف له تاريخ ولادة ولا وفاة. التبصير ٥٩ ، مقالات الاسلاميين ١ / ١٧١ ، الملل والنحل ١٣٦ ، الفرق ١٠٥.

(٤) اختلفت المصادر فيه. ولم يعثر على اسمه. وإنما ذكر صاحب الملل والنحل أنه حازم بن علي رأس الفرقة الحازمية من خوارج العجاردة. ولا يعرف له تاريخ ولادة ولا وفاة. الملل والنحل ١٣١.

(٥) الشعيبية (م ، ع).

(٦) [ولا يصرحون بالبراءة عنه ، كما يصرحون بالبراءة على غيره] (م ، ع).

(٧) فرقة من خوارج العجاردة أصحاب حازم بن علي. كما يقول الشهرستاني في الملل وذكرها البغدادي في الفرق والأشعري في المقالات باسم الخازمية. افترقوا عن الخوارج العجاردة وكانت لهم بدع وآراء ضالة.

٦٠٩

الحاصل : [في الانكليزية] Total ، result ، product ، remainder ـ [في الفرنسية] Total ، resultat ، produit ، reste

اسم فاعل من الحصول. وفي اصطلاح المحاسبين يطلق على ما يحصل بعمل من الأعمال الحسابية من التّنصيف والتّضعيف (١) والجمع والتفريق والضرب. وحاصل الضرب يسمّى بالمضروب أيضا ، وما حصل من القسمة يسمّى بالخارج من القسمة.

الحافظة : [في الانكليزية] Memory ـ [في الفرنسية] Memoire

عند الحكماء قوة تحفظ ما يدركه القوة الوهمية من المعاني وتذكرها ، ولذلك سمّيت ذاكرة أيضا ، ومحلّها البطن الأخير من الدّماغ ، كذا في بحر الجواهر. وهي قوة محلّها التجويف الأخير من الدماغ من شأنها حفظ ما يدركه الوهم من المعاني الجزئية ، فهي خزانة للوهم كالخيال للحسّ المشترك. كذا في اصطلاحات السيد الجرجاني وقد ذكر مفصلا في لفظ الحواس.

الحاكم : [في الانكليزية] Supreme Judge (God) ـ [في الفرنسية] Le Juge supreme (Dieu)

عند الأصوليين والفقهاء هو الله تعالى والمحكوم عليه هو من وقع له الخطاب أي المخاطب بالفتح وهو المكلّف والمحكوم به هو ما يتعلّق به الخطاب وهو فعل المكلّف ويسمّى بالمحكوم فيه. فإذا قيل الصلاة واجبة ، فالمحكوم عليه هو المكلّف والمحكوم به هو الصلاة ، وهذا كما يقال حكم الأمير على زيد بكذا ، وهذا بخلاف اصطلاح المنطقيين فإنهم يطلقون المحكوم عليه وبه على طرفي القضية. فالمحكوم عليه في المثال المذكور عندهم الصلاة والمحكوم به هو الوجوب لا فعل المكلّف وهذا ظاهر فيما هو صفة فعل المكلّف كالوجوب ونحوه ، وفيما هو حكم تعليقي كالسببية ونحوها ، فإنه خاطب المكلّف بأنّ فعله سبب لشيء أو شرطه أو غير ذلك. وأما فيما هو أثر لفعل المكلّف كملك الرقبة أو المتعة أو المنفعة أو ثبوت الدّين في الذمة فكون المحكوم به فعل المكلّف ليس بظاهر ، بل إذا جعلنا الملك نفس الحكم فليس هاهنا ما يصلح محكوما به كذا في التلويح.

الحال : [في الانكليزية] Attribute ، quality ، situation ـ [في الفرنسية] Attribut ، qualite ، situation

بتخفيف اللام في اللغة الصفة. يقال كيف حالك أي صفتك. وقد يطلق على الزمان الذي أنت فيه ، سمّي بها لأنها تكون صفة لذي الحال كذا في الهداية حاشية الكافية (٢). وجمع الحال الأحوال والحالة أيضا بمعنى الصفة. وفي اصطلاح الحكماء هي كيفية مختصة بنفس أو بذي نفس وما شأنها أن تفارق ، وتسمّى بالحالة أيضا ، هكذا يفهم من المنتخب وبحر الجواهر. ويجيء في بيان الكيفيات النفسانية ما يوضح الحال.

وفي اصطلاح الأطباء يطلق على أخصّ من هذا ما في بحر الجواهر الأحوال تقال باصطلاح العام على كل عارض. وبالاصطلاح الخاصّ للأطباء على ثلاثة أشياء فقط : الأول الصحة ، والثاني المرض ، والثالث الحالة المتوسطة بينهما ، فلا تكون العلامات والأسباب بهذا الاصطلاح من الأحوال انتهى.

__________________

(١) التضيّف (م ، ع).

(٢) هداية النحو : لمؤلف مجهول قال أنه مختصر مضبوط في النحو جمعت فيه مهمات النحو على ترتيب الكافية لابن الحاجب (ـ ٦٤٦ هـ). ويذكر بروكلمان أنه تهذيب للكافية ومؤلّفة مجهول ، إلا انه ينسب في رامپور ١ / ٥٥٧ لمولوي سراج الدين الأودهي الذي ألّف كتاب ميزان الصرف. معجم المطبوعات العربية والمعرّبة ، ص ٢٠٢٤. بروكلمان ، ج ٥ ، ص ٣٢٦.

٦١٠

قوله على كل عارض أي مفارق إذ الراسخ في الموضوع يسمّى ملكة لا حالا كما يجيء. والحالة الثالثة وتسمّى بالحالة المتوسطة أيضا عندهم هي الحالة التي لا توجد فيها غاية الصحة ولا غاية المرض كما وقع في بحر الجواهر أيضا ويجيء في لفظ الصحة.

وفي اصطلاح المتكلّمين يطلق لفظ الحال على ما هو صفة لموجود لا موجودة ولا معدومة. فقيد الصفة يخرج الذوات فإنها أمور قائمة بأنفسها ، فهي إمّا موجودة أو معدومة ولا [تكون] (١) واسطة بينهما. والمراد بالصفة ما يكون قائما بغيره بمعنى الاختصاص الناعت فيدخل الأجناس والفصول في الأحوال ، والأحوال القائمة بذاته تعالى كالعالمية والقادرية عند من يثبتها. وقولهم لموجود أي سواء كان موجودا قبل قيام هذه الصفة أو معه فيدخل الوجود عند من قال فإنه حال ، فهذا القيد يخرج صفة المعدوم فإنها معدومة فلا تكون حالا. والمراد بصفة المعدوم الصفة المختصة به فلا يرد الأحوال القائمة بالمعدوم كالصفات النفسية عند من قال بحاليتها. لا يقال إذا كانت صفات المعدوم معدومة فهي خارجة بقيد لا معدومة فيكون قيد لموجود مستدركا ، لأنّا نقول الاستدراك أن يكون القيد الأول مغنيا عن الآخر دون العكس. نعم يرد على من قال إنها لا موجودة لا معدومة قائمة بموجود. ويجاب بأنّ ذكره لكونه معتبرا في مفهوم الحال لا للإخراج. وقولهم لا موجودة ليخرج الأعراض فإنها متحقّقة باعتبار ذواتها ، وإن كانت تابعة لمحالها في التحيّز فهي من قبيل الموجودات. وقولهم لا معدومة ليخرج السّلوب التي تتصف بها الموجودات فإنها معدومات. وأورد عليه الصفات النفسية فإنها عندهم أحوال حاصلة للذوات حالتي وجودها وعدمها. والجواب أنّ اللام في قولهم لموجود ليس للاختصاص بل لمجرد الارتباط والحصول فلا يضرّ حصولها للمعدوم أيضا ، إلاّ أنّها لا تسمّى حالا إلاّ عند حصولها للموجود ليكون لها تحقّق تبعي في الجملة. فالصفات النفسية للمعدومات ليست أحوالا إلاّ إذا حصل تلك المعدومات ، حينئذ تكون أحوالا. هذا على مذهب من قال بأنّ المعدوم ثابت ومتّصف بالأحوال حال العدم. وأمّا على مذهب من لم يقل بثبوت المعدوم أو قال به ولم يقل باتّصافه بالأحوال فالاعتراض ساقط من أصله. وقد يفسّر الحال بأنه معلوم يكون تحقّقه بغيره ومرجعه إلى الأول ، فإنّ التفسيرين متلازمان.

التقسيم

الحال إمّا معلّل أي بصفة موجودة قائمة بما هو موصوف بالحال كما يعلّل المتحركية بالحركة الموجودة القائمة بالمتحرك ، ويعلل القادرية بالقدرة. وإمّا غير معلّل وهو بخلاف ما ذكر ، فيكون حالا ثابتا للذات لا بسبب معنى قائم به نحو الأسودية للسواد والعرضية للعلم والجوهرية للجوهر والوجود عند القائل بكونه زائدا على الماهية ، فإنّ هذه أحوال ليس ثبوتها لمحالها بسبب معان قائمة بها. فإن قلت جوّز أبو هاشم تعليل الحال بالحال في صفاته تعالى فكيف اشترط في علّة الحال أن تكون موجودة؟ قلت : لعلّ هذا الاشتراط على مذهب غيره.

فائدة :

الحال أثبته إمام الحرمين أولا والقاضي من الأشاعرة وأبو هاشم من المعتزلة ، وبطلانه ضروري لأنّ الموجود ما له تحقّق والمعدوم ما ليس كذلك ، ولا واسطة بين النفي والإثبات ضرورة ، فإن أريد نفي ما ذكرنا من أنّه لا

__________________

(١) [تكون] (+ م ، ع).

٦١١

واسطة بين النفي والإثبات فهو سفسطة ، وإن أريد معنى آخر بأن يفسّر الموجود مثلا بما له تحقق أصالة والمعدوم بما لا تحقّق له أصلا ، فيتصوّر هناك واسطة هي ما يتحقق تبعا ، فيصير النزاع لفظيا. والظاهر هو أنّهم وجدوا مفهومات يتصوّر عروض الوجود لها بأن يحاذي بها أمر في الخارج فسمّوا تحققها وجودا وارتفاعها عدما ، ووجدوا مفهومات ليس من شأنها ذلك كالأمور الاعتبارية التي يسمّيها الحكماء معقولات ثانية ، فجعلوها لا موجودة ولا معدومة ، فنحن نجعل العدم للوجود سلب الإيجاب ، وهم يجعلونه عدم ملكة ، كذا قيل. وقد ظهر بهذا التأويل أيضا أنّ النزاع لفظي. وإن شئت زيادة التحقيق فارجع إلى شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم في مقدمة الأمور العامة وأخيرها. وفي اصطلاح الأصوليين يطلق على الاستصحاب. وفي اصطلاح السالكين هو ما يرد على القلب من طرب أو حزن أو بسط أو قبض كذا في سلك السلوك (١). وفي مجمع السلوك وتسمّى الحال بالوارد أيضا. ولذا قالوا لا ورد لمن لا وارد له. أحوال عمل القلب التي ترد على قلب السّالك من صفاء الأذكار. وهذا يعني أنّ الأحوال لها علاقة بالقلب وليس بالجوارح. وهذا المعنى الذي هو غيبي بعد حصول الصّفاء بسبب الأذكار يظهر في القلب. إذن الأحوال هي من جملة المواهب. وأمّا المقامات فمن جملة المكاسب وقيل : الحال معنى يتّصل بالقلب وهو وارد من الله تعالى. وقد يمكن تحصيله بالتكلّف ولكنه يذهب. ويقول بعض المشايخ : للحال دوام وبقاء لأنّ الموصوف إذا لم يتّصف بصفة البقاء فلا يكون حالا. بل لوائح. ولم يصل صاحبه إلى الحال. ألا ترى أنّ المحبة والشوق والقبض والبسط هي من جملة الأحوال ، فإن لم يكن لها دوام فلا المحب يكون محبا ولا المشتاق مشتاقا وما لم يتّصف العبد بصفة الحال فلا يطلق عليه ذلك الاسم. ويقول بعضهم بعدم بقاء ودوام الحال (٢) ، كما قال الجنيد : الحال نازلة تنزل بالقلب ولا تدوم. وفي الاصطلاحات الصوفية لكمال الدين الأحوال هي المواهب الفائضة على العبد من ربه ، إمّا واردة عليه ميراثا للعمل الصالح المزكّي للنفس المصفّي للقلب ، وإمّا نازلة من الحق تعالى امتنانا محضا. وإنّما سميت الأحوال أحوالا لحول العبد بها من الرسوم الخلقية ودركات البعد إلى الصفات الحقية ودرجات القرب وذلك هو معنى الترقّي. وفي اصطلاح النّحاة يطلق لفظ يدل على الحال بمعنى الزمان الذي أنت فيه وضعا نحو (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) (٣) صيغته صيغة المستقبل بعينها ، وعلى لفظ يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به لفظا أو معنى على ما ذكره ابن الحاجب في الكافية. والمراد بالهيئة

__________________

(١) في التصوف للسيد ضياء الدين البدايوني الهندي (ـ ٧٥١ هـ) كشف الظنون ، ١ / ٢٣. هدية العارفين ، ١ / ٤٢٩.

(٢) أحوال كار دل است كه فرود مى آيد سالك از صفائي اذكار يعني احوال تعلق بدل دارد نه بجوارح وآن معني است كه از عالم غيب بعد حصول صفائي اذكار در دل پديد آيد پس احوال از جمله مواهب بود ومقامات از جمله مكاسب باشد وقيل حال معني باشد كه از حق سبحانه تعالى بدل پيوندد ويا بتكلف توان آورد چون برود. وبعضي مشايخ حال را بقا ودوام گويند چه اگر موصوف بصفت بقا نباشد حال نبود لوائح باشد هنوز صاحب آن بحال نرسيده است نه بيني كه محبت وشوق وقبض وبسط جمله احوال اند اگر دوام نباشد نه محب محب باشد ونه مشتاق مشتاق وتا حال بنده را صفت نگردد اسم آن بر وى واقع نشود وبعضي حال را بقا ودوام نگويند.

(٣) يوسف / ١٣.

٦١٢

الحالة أعم من أن تكون محقّقة كما في الحال المحقّقة أو مقدّرة كما في الحال المقدّرة. وأيضا هي أعمّ من حال نفس الفاعل أو المفعول أو متعلّقهما مثلا نحو جاء زيد قائما أبوه ، لكنه يشكّل بمثل جاء زيد والشمس طالعة ، إلاّ أن يقال : الجملة الحالية تتضمّن بيان صفة الفاعل أي مقارنة بطلوع الشمس. وأيضا هي أعمّ من أن تدوم الفاعل أو المفعول أو تكون كالدائم لكون الفاعل أو المفعول موصوفا بها غالبا كما في الحال الدائمة ، ومن أن تكون بخلافه كما في الحال المنتقلة. ولا بدّ من اعتبار قيد الحيثية المتعلّقة بقوله يبيّن أي يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به من حيث هو فاعل أو مفعول. فبذكر الهيئة خرج ما يبيّن الذات كالتمييز ، وبإضافتها إلى الفاعل والمفعول به يخرج ما يبيّن هيئة غيرهما كصفة المبتدأ نحو : زيد العالم أخوك. وبقيد الحيثية خرج صفة الفاعل أو المفعول فإنّها تدلّ على هيئة الفاعل أو المفعول مطلقا لا من حيث إنّه فاعل أو مفعول. ألا ترى أنهما لو انسلخا عن الفاعلية والمفعولية وجعلا مبتدأ وخبرا أو غير ذلك كان بيانها لهيئتهما محالا (١). وهذا الترديد على سبيل منع الخلوّ لا الجمع ، فلا يخرج منه نحو ضرب زيد عمروا راكبين. والمراد بالفاعل والمفعول به أعمّ من أن يكون حقيقة أو حكما فيدخل فيه الحال عن المفعول معه لكونه بمعنى الفاعل أو المفعول به ، وكذا عن المصدر مثل : ضربت الضرب شديدا فإنه بمعنى أحدثت الضرب شديدا ، وكذا عن المضاف إليه كما إذا كان المضاف فاعلا أو مفعولا يصحّ حذفه وقيام المضاف إليه مقامه ، فكأنّه الفاعل أو المفعول نحو : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) (٢) إذ يصح أن يقال : بل نتبع إبراهيم حنيفا ، أو كان المضاف فاعلا أو مفعولا وهو جزء المضاف إليه ، فكان الحال عنه هو الحال عن المضاف ، وإن لم يصح قيامه مقامه كمصبحين في قوله تعالى (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) (٣) فإنّه حال عن هؤلاء باعتبار أن الدابر المضاف إليه جزؤه وهو مفعول ما لم يسمّ فاعله باعتبار ضميره المستكن في المقطوع. ولا يجوز وقوع الحال عن المفعول فيه وله لعدم كونهما مفعولين لا حقيقة ولا حكما. اعلم أنّه جوّز البعض وقوع الحال عن المبتدأ كما وقع في چلپي التلويح ، وجوّز المحقق التفتازاني والسيّد الشريف وقوع الحال عن خبر المبتدأ ، وقد صرّح في هداية النحو (٤) أنّه لا يجوز الحال عن فاعل كان. فعلى مذهبهم هذا الحدّ لا يكون جامعا ، والظاهر أنّ مذهب ابن الحاجب مخالف لمذهبهم ، ولذا جعل الحال في : زيد في الدار قائما عن ضمير الظرف لا من زيد المبتدأ ، وجعل الحال في : هذا زيد قائما عن زيد باعتبار كونه مفعولا لأشير أو أنبه المستنبطين من فحوى الكلام. وقوله لفظا أو معنى أي سواء كان الفاعل والمفعول لفظيا بأن يكون فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول باعتبار لفظ الكلام ومنطوقه من غير اعتبار أمر خارج يفهم من فحوى الكلام ، سواء كانا ملفوظين حقيقة نحو ضربت

__________________

(١) بحاله (م ، ع).

(٢) البقرة / ١٣٥.

(٣) الحجر / ٦٦.

(٤) هداية النحو : لمؤلف مجهول ، قال أنه مختصر مضبوط في النحو جمعت فيه مهمات النحو على ترتيب الكافية لابن الحاجب (ـ ٦٤٦ هـ). ويذكر بروكلمان انه تهذيب للكافية ومؤلّفه مجهول ، إلا انه ينسب في رامپور ١ / ٥٥٧ لمولوي سراج الدين الأودهي الذي ألّف كتاب ميزان الصرف. معجم المطبوعات العربية والمعرّبة ، ص ٢٠٢٤. بروكلمان ، ج ٥ ، ص ٣٢٦.

٦١٣

زيدا قائما أو حكما نحو زيد في الدار قائما ، فإنّ الضمير المستكن في الظرف ملفوظ حكما أو معنويا بأن يكون فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول باعتبار معنى يفهم من فحوى الكلام ، نحو : هذا زيد قائما ، فإنّ لفظ هذا يتضمن الإشارة والتنبيه أي أشير أو أنبّه إلى زيد قائما.

التقسيم

تنقسم الحال باعتبارات. الأول : انقسامها باعتبار انتقال معناها ولزومه إلى قسمين منتقلة وهو الغالب وملازمة وذلك واجب في ثلاث مسائل إحداها الجامدة الغير المؤوّلة بالمشتقّ نحو هذا مالك ذهبا وهذه جبّتك خزّا. وثانيتها المؤكّدة نحو (وَلَّى مُدْبِراً) (١). وثالثتها التي دلّ عاملها على تجدّد صاحبها نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٢). وتقع الملازمة في غير ذلك بالسماع ، ومنه (قائِماً بِالْقِسْطِ) (٣) إذا أعرب حالا. وقول جماعة إنها مؤكّدة وهم لأنّ معناها غير مستفاد مما قبلها هكذا في المغني (٤). الثاني انقسامها بحسب التبيين والتوكيد إلى مبيّنة وهو الغالب وتسمّى مؤسّسة أيضا. وإلى مؤكّدة وهي التي يستفاد معناها بدونها وهي ثلاثة : مؤكّدة لعاملها نحو ولى مدبرا ، ومؤكّدة لصاحبها نحو جاء القوم طرا ونحو (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (٥) ومؤكّدة لمضمون جملة نحو زيد أبوك عطوفا. وأهمل النحاة المؤكّدة لصاحبها ، ومثّل ابن مالك وولده بتلك الأمثلة للمؤكّدة لعاملها وهو سهو هكذا في المغني. قال المولوي عصام الدين الحال الدائمة ما تدوم ذا الحال أو تكون كالدائم له والمنتقلة بخلافها ، وقد سبق إليه الإشارة في بيان فوائد قيود التعريف. وصاحب المغني سمّاها أي الحال الدائمة بالملازمة ، إلاّ أنّ ظاهر كلامهما يدلّ على أنها تكون دائمة لذي الحال لا أن تكون كالدائمة له فليس فيما قالا مخالفة كثيرة إذ يمكن التوفيق بين كلاميهما بأن يراد باللزوم في كلام صاحب المغني أعمّ من اللزوم الحقيقي والحكمي ، فعلم من هذا أنّ المنتقلة مقابلة للدائمة وأنّ المؤكّدة قسم من الدائمة مقابلة للمؤسّسة. ومنهم من جعل المؤكّدة مقابلة للمنتقلة. فقد ذكر في الفوائد الضيائية أنّ الحال المؤكدة مطلقا هي التي لا تنتقل من صاحبها ما دام موجودا غالبا ، بخلاف المنتقلة وهي قيد للعامل بخلاف المؤكّدة انتهى. وقال الشيخ الرضي : الحال على ضربين : منتقلة ومؤكّدة ، ولكل منهما حد لاختلاف ماهيتهما. فحدّ المنتقلة جزء كلام يتقيد بوقت حصول مضمونه تعلق الحدث بالفاعل أو المفعول وما يجري مجراهما. وبقولنا جزء كلام تخرج الجملة الثانية في ركب زيد وركب مع ركوبه غلامه إذا لم تجعلها حالا. وبقولنا بوقت حصول مضمونه يخرج نحو : رجع القهقرى لأنّ الرجوع يتقيّد بنفسه لا بوقت حصول مضمونه. وقولنا تعلق الحدث فاعل يتقيّد ويخرج منه النعت فإنّه لا يتقيد بوقت حصوله ذلك التعلّق ، وتدخل الجملة الحالية عن الضمير لإفادته تقيّد ذلك التعلّق وإن لم يدلّ على هيئة الفاعل والمفعول. وقولنا وما يجري مجراهما يدخل فيه الحال عن الفاعل والمفعول المعنويين وعن المضاف إليه. وحدّ المؤكّدة اسم غير حدث

__________________

(١) النمل / ١٠ القصص / ٣١.

(٢) النساء / ٢٨.

(٣) آل عمران / ١٨.

(٤) المغني ، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب للأنصاري ورد سابقا.

(٥) يونس / ٩٩.

٦١٤

يجيء مقررا لمضمون جملة. وقولنا غير حدث احتراز عن نحو رجع رجوعا ، انتهى حاصل ما ذكره الرضي. وفي غاية التحقيق ما حاصله أنّهم اختلفوا. فمنهم من قال لا واسطة بين المنتقلة والمؤكّدة فالمؤكّدة ما تكون مقررة لمضمون جملة اسمية أو فعلية والمنتقلة ما ليس كذلك. ومنهم من أثبت الواسطة بينهما فقال : المنتقلة متجدّدة لا تقرّر مضمون ما قبلها سواء كان ما قبلها مفردا أو جملة اسمية أو فعلية ، والمؤكّدة تقرّر مضمون جملة اسمية ، والدائمة تقرّر مضمون جملة فعلية انتهى. الثالث انقسامها بحسب قصدها لذاتها والتوطئة بها إلى قسمين : مقصودة وهو الغالب وموطئة وهي اسم جامد موصوف بصفة هي الحال في الحقيقة بأن يكون المقصود التقييد بها لا بموصوفها ، فكأنّ الاسم الجامد وطّاء الطريق لما هو حال في الحقيقة ، نحو قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) (١) ، ونحو (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) (٢) ، فإنّ القرآن والبشر ذكرا لتوطئة ذكر عربيا وسويّا. وتقول جاءني زيد رجلا محسنا. فما قيل القول بالموطئة إنّما يحسن إذا اشترط الاشتقاق ، وأما إذا لم يشترط فينبغي أن يقال في جاءني زيد رجلا بهيّا إنّهما حالان مترادفان ليس بشيء. الرابع انقسامها بحسب الزمان إلى ثلاثة أقسام : مقارنة وتسمّى الحال المحققة أيضا وهو الغالب نحو (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) (٣) ومقدّرة وهي المستقبلة نحو (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) (٤) ، أي مقدّرين الخلود ونحو (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا) (٥) أي مقدّرا نبوته ، ومحكية وهي الماضية نحو جاء زيد أمس راكبا. الخامس انقسامها باعتبار تعدّدها واتحاد أزمنتها واختلافها إلى المتوافقة والمتضادة ، فالمتوافقة هي الأحوال التي تتحد في الزمان والمتضادة ما ليس كذلك. السادس انقسامها باعتبار وحدة ذي الحال وتعدّده إلى المتزادفة والمتداخلة. فالمترادفة هي الأحوال التي صاحبها واحد والمتداخلة ما ليس كذلك بل يكون الحال الثانية من ضمير الحال الأولى. وفي الإرشاد يجوز تعدّد الحال متوافقة سواء كانت مترادفة أو متداخلة ، وكذا متضاده مترادفة لا غير. فالمتوافقة المتداخلة نحو جاءني زيد راكبا قارئا على أن يكون قارئا حالا من ضمير راكبا. فإن جعلت قارئا حالا من زيد يصير هذا مثالا للمتوافقة المترادفة. والمتضادة المترادفة نحو رأيت زيدا راكبا ساكنا.

فائدة :

إن كان الحالان مختلفتين فالتفريق واجب نحو لقيته مصعدا منحدرا أي لقيته وأنا مصعد وهو منحدر أو بالعكس. وإن كانتا متفقتين فالجمع أولى نحو لقيته راكبين أو لقيت راكبا زيدا راكبا أو لقيت زيدا راكبا راكبا. قال الرضي إن كانتا مختلفتين فإن كان قرينة يعرف بها صاحب كلّ واحد منهما جاز وقوعهما كيف كانتا نحو لقيت هندا مصعدا منحدرة ، وإن لم تكن فالأولى أن يجعل كلّ حال بجنب صاحبه نحو لقيت منحدرا زيدا مصعدا. ويجوز على ضعف أن يجعل حال المفعول بجنبه ويؤخّر حال الفاعل ، كذا في العباب.

__________________

(١) يوسف / ٢.

(٢) مريم / ١٧.

(٣) هود / ٧٢.

(٤) الزمر / ٧٣.

(٥) الصافات / ١١٢.

٦١٥

فائدة : يجتمع الحال والتمييز في خمسة أمور : الأول الاسمية. والثاني التنكير. والثالث كونهما فضلة. والرابع كونهما رافعين للإبهام. والخامس كونهما منصوبين. ويفترقان في سبعة أمور : الأول أنّ الحال قد تكون جملة وظرفا وجارا ومجرورا والتمييز لا يكون إلاّ اسما. والثاني أنّ الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها نحو (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) (١) بخلاف التمييز. الثالث أنّ الحال مبيّنة للهيئات والتمييز مبيّن للذوات. الرابع أنّ الحال قد تتعدّد بخلاف التمييز. الخامس أنّ الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلا متصرفا أو وصفا يشبهه ، بخلاف التمييز على الصحيح. السادس أنّ الحال تؤكّد لعاملها بخلاف التمييز. السابع أنّ حقّ الحال الاشتقاق وحق التمييز الجمود. وقد يتعاكسان فتقع الحال جامدة نحو هذا مالك ذهبا ، والتمييز مشتقا نحو لله دره فارسا. وكثير منهم يتوهّم أنّ الحال الجامدة لا تكون إلاّ مؤوّلة بالمشتق وليس كذلك. فمن الجوامد الموطئة كما مرّ. ومنها ما يقصد به التشبيه نحو جاءني زيد أسدا أي مثل أسد. ومنها الحال في نحو (٢) بعت الشاة شاة ودرهما ، وضابطته أن تقصد التقسيط فتجعل لكل جزء من أجزاء المتجزئ قسطا وتنصب ذلك القسط على الحال ، وتأتي بعده بجزء تابع بواو العطف أو بحرف الجر نحو بعت البرّ قفيزين بدرهم ، كذا في الرضي والعباب. ومنها المصدر المؤوّل بالمشتق نحو أتيته ركضا أي راكضا ، وهو قياس عند المبرّد (٣) في كل ما دلّ عليه الفعل. ومعنى الدلالة أنه في المعنى من تقسيمات ذلك الفعل وأنواعه نحو أتانا سرعة ورجلة خلافا لسيبويه حيث قصره على السماع. وقد تكون غير مصدر على ضرب من التأويل بجعله بمعنى المشتق نحو جاء البرّ قفيزين. ومنه ما كرّر للتفصيل نحو بينت حسابه بابا بابا أي مفصّلا باعتبار أبوابه ، وجاء القوم ثلاثة ثلاثة أي مفصّلين باعتبار هذا العدد ، ونحو دخلوا رجلا فرجلا ، أو ثم رجلا أي مرتّبين بهذا الترتيب. ومنه كلّمته فاه إلى فيّ وبايعته يدا بيد انتهى. والحال في اصطلاح أهل المعاني هي الأمر الداعي إلى التكلّم على وجه مخصوص أي الداعي إلى أن يعتبر مع الكلام الذي يؤدّى به أصل المعنى خصوصية ما هي المسمّاة بمقتضى الحال ، مثلا كون المخاطب منكرا للحكم حال يقتضي تأكيد الحكم والتأكيد مقتضاها ، وفي تفسير التكلّم الذي هو فعل اللسان باعتبار الذي هو فعل القلب مسامحة مبالغة في التنبيه على أنّ التكلّم على الوجه المخصوص إنما يعدّ مقتضى الحال إذا اقترن بالقصد والاعتبار ، حتى إذا اقتضى المقام التأكيد ووقع ذلك في كلام بطريق الاتفاق لا يعدّ مطابقا لمقتضى الحال. وفي تقييد الكلام بكونه مؤدّيا لأصل المعنى تنبيه على أنّ مقتضيات الأحوال تجب أن تكون زائدة على أصل المعنى ، ولا يرد اقتضاء المقام التجرّد عن الخصوصيات لأنّ هذا التجرّد زائد على أصل المعنى. وهذا هو مختار الجمهور ، وإليه ذهب صاحب الأطول ، فقال : مقتضى الحال هو الخصوصيات والصفات القائمة بالكلام.

فالخصوصية من حيث إنها حال الكلام ومرتبط

__________________

(١) النساء / ٤٣.

(٢) نحو (ـ م ، ع).

(٣) هو محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي ، أبو العباس ، المعروف بالمبرّد. ولد بالبصرة عام ٢١٠ هـ / ٨٢٦ م. وتوفي ببغداد عام ٢٨٦ هـ / ٨٩٩ م. إمام العربية في زمنة ، عالم كبير بالأدب والأخبار. له مؤلفات قيّمة وهامة. الاعلام ٧ / ١٤٤ ، بغية الوعاة ١١٦ ، وفيات الاعيان ١ / ٤٩٥ ، تاريخ بغداد ٣ / ٣٨٠ ، لسان الميزان ٥ / ٤٣٠ ، طبقات النحويين ١٠٨.

٦١٦

به مطابق لها من حيث إنها مقتضى الحال والمطابق والمطابق متغايران اعتبارا على نحو مطابقة نسبة الكلام للواقع. وعلى هذا النحو قولهم : علم المعاني علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال أي يطابق صفة اللفظ مقتضى الحال ، وهذا هو المطابق بعبارات القوم حيث يجعلون الحذف والذكر إلى غير ذلك معلّلة بالأحوال. ولذا يقول السكّاكي الحالة المقتضية للذكر والحذف والتأكيد إلى غير ذلك ، فيكون الحال هي الخصوصية وهو الأليق بالاعتبار لأنّ الحال عند التحقيق لا تقتضي إلاّ الخصوصيات دون الكلام المشتمل عليها كما ذهب إليه المحقّق التفتازاني ، حيث قال في شرح المفتاح : الحال هو الأمر الداعي إلى كلام مكيّف بكيفية مخصوصة مناسبة. وقال في المطول : مقتضى الحال عند التحقيق هو الكلام المكيّف بكيفية مخصوصة. ومقصوده إرادة المحافظة على ظاهر قولهم هذا الكلام مطابق لمقتضى الحال ، فوقع في الحكم بأنّ مقتضى الحال هو الكلام الكلّي والمطابق هو الكلام الجزئي للكلّي ، على عكس اعتبار المنطقيين من مطابقة الكلّي للجزئي ، فعدل عمّا هو ظاهر المنقول وعمّا هو المعقول ، وارتكب التكلّف المذكور.

فائدة : قال المحقّق التفتازاني الحال والمقام متقاربان بالمفهوم والتغاير بينهما بالاعتبار ، فإنّ الأمر الداعي مقام باعتبار توهّم كونه محلا لورود الكلام فيه على خصوصية ، وحال باعتبار توهّم كونه زمانا له. وأيضا المقام يعتبر إضافته في أكثر الأحوال إلى المقتضى بالفتح إضافة لامية ، فيقال مقام التأكيد والإطلاق والحذف والإثبات والحال إلى المقتضي بالكسر إضافة بيانية ، فيقال حال الإنكار وحال خلوّ الذهن وغير ذلك. ثم تخصيص الأمر الداعي بإطلاق المقام عليه دون المحلّ والمكان والموضع إمّا باعتبار أنّ المقام من قيام السوق بمعنى رواجه ، فذلك الأمر الداعي مقام التأكيد مثلا أي محل رواجه ، أو لأنه كان من عادتهم القيام في تناشد الأشعار وأمثاله فأطلق المقام على الأمر الداعي لأنهم يلاحظونه في محل قيامهم. وقال صاحب الأطول : الظاهر أنهما مترادفان إذ وجه التسمية لا يكون داخلا في مفهوم اللفظ حتى يحكم بتعدد المفهوم بالاعتبار ، ولذا حكمنا بالترادف. وهاهنا أبحاث تطلب من الأطول والمطوّل وحواشيه.

الحالّ : [في الانكليزية] Change ، accident ، inherent ، incarnation ـ [في الفرنسية] Changement ، accident ، inherent ، incarnation

بتشديد اللام قد علم تعريفه ممّا سبق. وهو عند الحكماء منحصر في الصورة والعرض في شرح حكمة العين إن كان المحل غنيا عن الحال فيه مطلقا أي من جميع الوجوه يسمّى موضوعا والحال فيه يسمّى عرضا وإن كان له أي للمحلّ حاجة إلى الحال بوجه يسمّى هيولى والحال فيه يسمّى صورة. فالموضوع والهيولى يشتركان اشتراك أخصّ تحت أعمّ وهو المحل ، ويفترقان بأنّ الموضوع محل مستغن في قوامه عمّا يحلّ فيه والهيولى محل لا يستغني في قوامه عمّا يحلّ فيه ، والعرض والصورة تشتركان اشتراك أخصّ تحت أعمّ أيضا وهو الحال ، ويفترقان بأنّ العرض حال يستغني عنه المحلّ ويقوم دونه ، والصورة حال لا يستغني عنه المحلّ ولا يقوم دونه انتهى.

الحالية : [في الانكليزية] Al ـ Haliya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Haliya (secte)

فرقة من المتصوّفة المبطلة وهم يقولون بأنّ الرّقص والسّماع والتّصفيق والمشي في حلقات والإنشاد حلال ، وبسبب هذه الأعمال يغيبون عن

٦١٧

الوعي ، ويقول المريدون لهؤلاء المشايخ بأنّ الشيخ قد تصرّف فصار له حال. ومذهبهم هو عين الضلالة والبطالة وهو بدعة ومخالف للسنة كذا في توضيح المذاهب (١).

الحامل : [في الانكليزية] Constellation ـ [في الفرنسية] Constellation

عند أهل الهيئة هو الخارج لغير الشمس.

الحامل الموقوف : [في الانكليزية] Incomplete sens ـ [في الفرنسية] Sens incomplet

هو عند الشعراء أن يأتي الشاعر بمعنى لا يتمّ في بيت واحد. ويضطر لذلك إلى إكماله في بيت تال له. إذا فسياق التركيب يقتضي أن يكون البيت الأوّل موقوفا في فهمه على البيت الثاني الذي يسمّى الحامل ، ومثاله :

أ تدري لما ذا دار الفلك؟

أ تدري لما ذا الأرض في مكانها؟

إنّه رأى مقامك فدار رأسه

وهي رأت قدرتك فقرّت في مكانها (٢)

الحامل الموقوف المتولّد : [في الانكليزية] Incomplete but implied sens ـ Sens incomplet mais sou

E ـ [في الفرنسية] entenduهو لدى الشعراء أن يعرف الحامل ولو لم يقرأ أو يكتب ومثاله :

في حسنك لا أحد يشبهك إلاّ

الشمس التي تشرق صباحا لكي

تعرض خدمتها وتقبّل قدمك ، ولكن

أنت تنظر إليها كما ننظر نحن إلى عبدنا

فجميع المصاريع موقوفة والحامل في المصراع الأخير غير مكتوب ولكنه علم وهو لفظه بيني (٣) ، كذا في جامع الصنائع.

الحبّة : [في الانكليزية] Weight of two grains of barley ـ [في الفرنسية] Pois de deux grains d\'orge

بالفتح هي مقدار وزن الشعيرتين وسيأتي في لفظ المثقال. وقد تطلق على ثلث الطسوج وعلى سدس عشر الدينار ويجيء في لفظ الدينار. وفي بحر الجواهر الحبة شعيرتان وقيل شعيرة واحدة.

الحبّية : [في الانكليزية] Al ـ Hubbiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Hubbiyya (secte mystique)

[أي المنسوبة إلى الحب بالضم] (٤) ، فرقة من المتصوفة المبطلة. وقولهم ومعتقدهم أنّه ما إن يصل الإنسان إلى درجة المحبّة حتى تسقط التكاليف الشرعية ، وتحلّ له المباحات ويجوز له ترك الصلاة والصيام والحج والزكاة وسائر شعائر الإسلام كما يباح له ارتكاب الآثام. نعوذ بالله

__________________

(١) ميگويند كه رقص وسماع ودست زدن وچرخ رفتن وسرود شنيدن حلال است وباين افعال حالتي مى آرند كه بيهوش شوند ومريدان ايشان گويند كه شيخ تصرف كرده حال آورده ومذهب ايشان عين ضلالت وبطالت است وبدعت ومخالف سنت كذا في توضيح المذاهب.

(٢) نزد شعراء عبارتست از آنكه در تركيب معني انگيزد كه در يك بيت تمام نشود بضرورت در بيت دوم تمام كند پس سياق تركيب چنان آرد كه بيت اوّل موقوف ماند وبيت دوم حامل گردد مثاله.

هيچ داني چرا است چرخ بگشت

هيچ داني چرا زمين است بجا

او بقدر تو ديد گشت سرش

قدرتت اين بديد ماند بجا

(٣) نزدشان آنست كه حامل ناخوانده ونانوشته معلوم گردد مثاله.

در حسن ترا كسي نماند الا

خورشيد كه صبح بيرون آيد تا

خدمت كند وپاي تو بوسد اما

(بيني) تو به سوى او چو ما بنده ما

همه مصراعها موقوف اند وحامل مصراع اخيرنا نوشته معلوم ميگردد وان بيني است كذا في جامع الصنائع.

(٤) (أي المنسوبة إلى الحب بالضم) (+ م).

٦١٨

من هذا الاعتقاد فإنّه كفر صريح بلا ريب ، كذا في توضيح المذاهب (١).

الحجّ : [في الانكليزية] Pilgrimage ـ [في الفرنسية] Pelerinage

بالفتح والتشديد لغة القصد إلى شيء. وشريعة القصد إلى بيت الله الحرام أي الكعبة بأعمال مخصوصة في وقت مخصوص كما قالوا. وفتح الحاء وكسرها لغة. وقيل الكسر لغة أهل نجد والفتح لغيرهم. وقيل بالفتح اسم وبالكسر المصدر. وقيل بالعكس كما في فتح الباري وكذا في جامع الرموز. وقي البرجندي هو لغة القصد غلب على قصد الكعبة للنّسك المعروف. والحجّة بالكسر المرة والقياس الفتح ، إلاّ أنه لم يسمع. وقال الخليل حجّ فلان علينا أي قدم ، فأطلق هذا اللفظ على القدوم إلى مكة انتهى. ثم الحج نوعان : الحج الأكبر وهو حج الإسلام والحج الأصغر وهو العمرة ، كذا في جامع الرموز. وأما الحج عند الصوفية فإشارة إلى استمرار القصد في الطلب لله تعالى. فالإحرام إشارة إلى ترك شهود المخلوقات. ثم ترك المخيط إشارة إلى تجرّده عن صفاته المذمومة بالصفات المحمودة. ثم ترك حلق الرأس إشارة إلى ترك الرئاسة البشرية. ثم ترك تقليم الأظفار إشارة إلى شهود فعل الله في الأفعال الصادرة منه. ثم ترك الطّيب إشارة إلى التجرّد عن الأسماء والصفات بتحقّقه بحقيقة الذات. ثم ترك النكاح إشارة إلى التعفّف عن التصرف في الوجود. ثم ترك الكحل إشارة إلى الكف عن طلب الكشف بالاسترسال في هوية الأحدية. ثم الميقات عبارة عن القلب. ثم مكة عبارة عن المرتبة الإلهية. ثم الكعبة عبارة عن الذات. ثم الحجر الأسود عبارة عن اللطيفة الإنسانية واسوداده عبارة عن تلوّثه بالمقتضيات الطبعية وإليه الإشارة بقوله عليه‌السلام : «نزل الحجر الأسود أشدّ بياضا من اللبن فسوّدته خطايا بني آدم (٢). وهذا معنى قوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) (٣). فإذا فهمت هذا فاعلم أنّ الطواف عبارة عمّا ينبغي له من أن يدرك هويته ومحتده ومنشأه ومشهده ، فكونه سبعة إشارة إلى أوصافه السبعة التي بها تمّت ذاته وهي الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام. ثم النكتة في اقتران هذا العدد بالطواف هو ليرجع من هذه الصفات إلى صفات الله تعالى فينسب حياته إلى الله وعلمه إلى الله وكذا البواقي ، فيكون كما قال عليه‌السلام : «أكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (٤) الحديث. ثم الصلاة مطلقا بعد الطواف إشارة إلى بروز الأحدية وقيام ناموسها فيمن تمّ له ذلك. وكونها تستحب أن تكون خلف مقام إبراهيم إشارة إلى مقام الخلّة ، فهو عبارة عن ظهور الآثار في جسده ، فإن مسح بيده أبرأ الأكمه والأبرص ، وإن مشى برجله طويت له الأرض وكذلك باقي أعضائه لتحلّل الأنوار الإلهية فيها من غير حلول. ثم زمزم إشارة إلى علوم الحقائق والشرب منها إشارة إلى التضلّع من ذلك. ثم الصفا إشارة إلى التصفّي عن الصفات الخلقية. ثم المروة إشارة إلى الارتواء

__________________

(١) وقول ومعتقد ايشان آنست كه بنده چون به درجه محبت رسد تكليفات شرعية ازو وساقط شود ومحرمات برو مباح ميگردد وترك صلاة وصيام وحج وزكاة وسائر شعائر اسلام وارتكاب آثام برو مباح گردد.

(٢) رواه الترمذي ، الجامع ، كتاب الحج ، باب (في فصل الحجر الاسود) ، حديث (٨٧٧) ، ٧ / ٢٢٦.

(٣) التين / ٥.

(٤) جاء في صحيح البخاري ، كتاب الرقاق ، باب التواضع ، حديث (٨٩) ، ٨ / ١٨٩ ، بلفظ : فإذا أجبته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به.

٦١٩

من الشرب بكأسات الأسماء والصفات الإلهية. ثم الحلق حينئذ إشارة إلى تحقّق الرئاسة الإلهية في ذلك المقام. ثم القصر إشارة لمن قصر فنزل عن درجة التحقيق التي هي مرتبة أهل القربة ، فهو في درجة العيان وذلك حظّ كافة الصّديقين. ثم الخروج من الإحرام عبارة عن التوسّع للخلق والنزول إليهم بعد العندية في مقعد الصدق. ثم عرفات عبارة عن مقام المعرفة بالله والعلمين عبارة عن الجمال والجلال اللذين عليهما سبيل المعرفة بالله لأنهما الأدلة على الله تعالى. ثم المزدلفة عبارة عن شسوع المقام وتعاليه. ثم المشعر الحرام عبارة عن تعظيم الحرمات الإلهية بالوقوف مع الأمور الشرعية. ثم منى عبارة عن بلوغ المنى لأهل مقام القربة. ثم الجمار الثلاث عبارة عن النفس والطّبع والعادة ، فيحصب كلا منهم بسبع حصوات يعني يفنيها ويدحضها بقوة آثار السبع الصفات الإلهية. ثم طواف الإفاضة عبارة عن دوام الترقّي لدوام الفيض الإلهي وأنه لا ينقطع بعد الكمال الإنساني إذ لا نهاية لله تعالى. ثم طواف الوداع إشارة إلى الله تعالى بطريق الحال لأنه إيداع سرّ الله في مستحقّه فأسرار الحق تعالى وديعة عند الولي لمن يستحقها لقوله تعالى : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (١) ، كذا في الإنسان الكامل.

الحجاب : [في الانكليزية] Veil ، barrier ، diaphragm ـ [في الفرنسية] Voile ، cloison ، diaphragme

بالكسر والجيم المفتوحة المخففة وبالفارسية : پرده وما حجبت به بين الشيئين فهو حجاب. ويطلق الحجاب على باريطون حجابا للدماغ هما اللين والصلب. والحجاب الحاجز ويسمّى بالحجاب المؤرب أيضا هو الحجاب المعترض الذي بين القلب والمعدة. وأما الحجاب المستبطن للصدر والأضلاع فقال الشيخ هما واحد ، ويسمّى ورمه بذات الجنب ، وهو غشاء يستبطن لأضلاع الصدر يمنة ويسرة ويكون للصدر كالبطانة كذا في بحر الجواهر. قال الصوفية اعلم أنّ الحجاب الذي يحتجب به الإنسان عن قرب الله إمّا نوراني وهو نور الروح ، وإمّا ظلماني وهو ظلمة الجسم. والمدركات الباطنة من النفس والعقل والسرّ والروح والخفي كلّ واحد له حجاب. فحجاب النّفس الشهوات واللّذات واللاّهوية. وحجاب القلب الملاحظة في غير الحقّ. وحجاب العقل وقوفه مع المعاني المعقولة. إذن ، فكلّ من اغترّ بالشهوات واللّذائذ فهو بعيد عن معرفة النّفس ، وكلّ من كان بعيدا عن معرفة النّفس فهو بعيد عن معرفة الله ، وكل من غفل عن الحقّ أو ناظر عن غير الحق ، فلا جرم أن يحرم قلبه من الوصول. وكلّ من وقف مع المعاني العقلية فهو بعيد عن كمال العقل. لأنّ كمال العقل هو أن ينظر إلى ذات وصفات الله ، لا أن يكون مطّلعا على المعاني العقلية كالفلاسفة الذين قالوا : بقدر ما يرفع السالك الحجاب حتى يرى صفاء العقل الأوّل ، فإنّ عقله ينفتح ، وتبدو له معاني المعقولات ويصير مكاشفا لأسرار المعقولات. وهذا كشف نظري ولا ينبغي الاعتماد عليه. وحجاب السّرّ هو الوقوف مع الأسرار ، فإذا انكشفت للسّالك أسرار الخلق وحكمة الوجود لكلّ شيء ، فهذا يقال له كشف إلهي. فعليه إن بقي في هذا وظنّ أنّه هو المقصد الأصلي فذلك يصير له حجابا. وعليه أن يخطو خطوة أخرى ليزيل حجاب الروح فيصل إلى المكاشفة ، وهو الذي يقال له الكشف الروحاني. وفي هذا المقام يرتفع عنه حجاب الزمان والمكان والجهة ، فيصير الزمان ماضيا

__________________

(١) النساء / ٦.

٦٢٠