موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ٢

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٠٨٦
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

٣
٤

٥
٦

حرف الصاد (ص)

الصّاحب : [في الانكليزية] follower ، poeor ، owner ـ [في الفرنسية] companion ، poeeur ، proprietaire بالحاء المهملة بمعنى يار وخداوند وهمراه ـ صديق والرفيق ، ومالك الشيء ـ الصاحبون والأصحاب والصحابة والصّحاب والصحبان والصحبة والصّحب جمع كما في المهذب.

والصاحبان في عرف الحنفية هما أبو يوسف ومحمد ، سمّيا بذلك لأنهما صاحبان وتلميذان لأبي حنيفة ، والصاحبيّة فرقة من المتصوفة المبطلة كما سيأتي (١). صاحب الزمان وصاحب الوقت والحال هو المتحقّق بجمعية البرزخية الأولى المطّلع على حقائق الأشياء ، الخارج عن حكم الزمان وتصرّفات ماضيه ومستقبله إلى الآن الدائم ، فهو ظرف أحواله وصفاته وأفعاله ، فلذلك يتصرّف في الزمان بالطّيّ والنّشر ، وفي المكان بالبسط والقبض ، لأنّه المتحقّق بالحقائق والطبائع ، والحقائق في القليل والكثير والطويل والقصير والعظيم والصغير سواء ، إذ الوحدة والكثرة والمقادير كلّها عوارض ؛ وكما يتصرّف في الوهم فيها كذلك في العقل ، فصدّق وافهم تصرّفه فيها في الشّهود والكشف الصريح ، فإنّ المتحقّق بالحقّ المتصرّف بالحقائق يفعل ما يفعل في طور وراء طور الحسّ والوهم والعقل ويتسلّط على العوارض بالتغيير والتبديل ، كذا فى الاصطلاحات الصوفية.

الصّاعقة : [في الانكليزية] Thunderbolt ـ [في الفرنسية] foudre

المحراق (٢) الذي بيد الملك السائق للسّحاب ، ولا يأتي على شيء إلاّ أحرقه ، أو نار تسقط من السماء كذا في القاموس. اعلم أنّ الدّخان الذي هو أجزاء نارية تخالطها أجزاء صغار أرضية ، إذا ارتفع مع البخار وانعقد السّحاب من البخار واحتبس الدخان فيما بين السحاب ، فما صعد من الدخان إلى العلوّ لاشتعال حرارته أو نزل إلى السّفل لانتقاص حرارته يمزّق السّحاب في صعوده ونزوله تمزيقا أنيقا ، فيحصل صوت هائل فيسمّى هذا الصوت رعدا. وإن اشتعل الدّخان لها (٣) فيه من الدهنية بالحركة العنيفة المقتضية للحرارة فيحصل لمعان وضوء فيسمّى هذا برقا ، وإن كان الدخان كثيفا غليظا جدا حتى يصير ثقيلا فيمزّق السّحاب لشدة حرارته وينزل إلى الأرض لثقالته فيحرق كلّ شيء لحرارته ويمزّقه لغلظه وثقله فيسمّى صاعقة هكذا في الميبدي (٤) وغيره. وقد مرّ في لفظ البرق. وذكر في التفسير العزيزي أنّ أهل

__________________

(١) وصاحبيه فرقه از متصوفه مبطله چنانكه در فصل فاء خواهد آمد

(٢) المخراق (م ، ع)

(٣) لما (م)

(٤) الميبدي : للقاضي الإمام حسين بن معين الدين الميبدي (٩٠٤ ه‍) ، والكتاب مجموعة في الفلسفة والطبيعيات. معجم سركيس ، ص ١٤٨٧

٧

الحكمة قالوا : بما أنّ القوى الفلكية تؤثّر في العناصر بواسطة التّسخين والتّبخير فتتحرّك وتختلط ببعضها ، وينشأ من اختلاط العناصر ببعضها عدة مخلوقات من مخلوقات أخرى.

فمثلا : بما أنّ حرارة الصيف تؤثّر في العناصر فيتصاعد بخار الماء من البحار والدّخان من الأرض نحو السماء ، ومن ثمّ يعلو الدّخان حينا عن الهواء حتى يصل إلى كرة النار فيشتعل ، وقد يستمرّ حينا من الزمن لعدة أيام في اشتعال بسبب غلظ قوام مادّة الدخان. ويبدو للناظر بشكل مذنّب أو حربة أو سالفة من الشعر أو غير ذلك ، وإذا كان بعد الاشتعال زائلا عن قريب فيكون شهابا.

وفي بعض الحالات لا يشتعل بل يكون قابلا للاحتراق ويبدو للناظر للسّماء كقطعة حمراء أو سوداء أو زرقاء بين السّماء والأرض.

وينقسم البخار حال ارتفاعه من الأرض إلى عدد من الأقسام : فمرة يكون لطيفا وخفيفا فيعلو كثيرا فيصل إلى مكان ينقطع فيه انعكاس أشعة الشمس من الأرض فيبرد ويتكثّف ثمّ ينزل إلى الأرض على شكل قطرات. ويقال لهذا البخار المتكيّف الغيم. وتلك القطرات من الماء تسمّى المطر. وحينا آخر لا يكون البخار لطيفا بل ثقيلا ، ولذلك فإنّه لا يرتفع عن سطح الأرض كثيرا ، ثم إنّه بسبب البرد في أواخر الليل فإنّه يتجمّد (يتكثف) فيقع ويقال له آنذاك قطر النّدى. وإذا اشتدّ البرد بدرجة أكبر فإنّ البخار يتجمّد وينزل على الأرض بصورة حبّات من الثلج تسمّى البرد.

وقالوا أيضا : متى ارتفع الغبار والبخار والدّخان المخلوطة بعضها ببعض ثم انفصل كلّ منها عن الآخر ، فحينئذ تهبّ ريح قوية وأعاصير شديدة.

وإذا وصل البخار والدّخان إلى درجة البرودة فإنّ البخار يبرد فيتغلغل فيه الدّخان حتى ينفذ إلى الطبقات العليا ، وعن هذا التغلغل يحدث صوت قوي هو الذي يقال له الرّعد ، وأحيانا بسبب شدّة التغلغل والحركة يشتعل ذلك الدّخان فيكون منه البرق.

وحينا آخر بسبب شدّة التكثّف والبرودة معا فإنّ البخار يتجمّد فيقع على الأرض وهو ما يسمّى حينئذ بالصاعقة.

هذا وإنّ هؤلاء الحكماء (أصحاب هذه الأقوال) بسبب ضعف وسائلهم لم يستطيعوا أن يتصوّروا شيئا آخر مؤثّرا في العناصر سوى قابلية تلك المواد للتأثير والتأثّر فلذلك اكتفوا بذلك.

وفي الحقيقة : هناك أسباب أخرى بالإضافة إلى الأسباب المذكورة وهي مؤثّرة وعاملة في هذا المصنع العظيم (الكون) ، بل جميع الكائنات ، وتلك هي الأرواح (الملائكة) المدبّرة والموكلة في إدارة شئون الكائنات المادّية وصورها.

وهذه الأرواح تابعة لأمر الله (كن فيكون) ، ولا تقوم بأيّ عمل من تلقاء ذاتها. وعليه فالاقتصار على رؤية الأسباب المادية الظاهرة خطأ وغفلة عن قدرة مسبّب الأسباب ، سبحانه ما أعظم شأنه. كما أنّ نفي تأثير الأسباب هو إنكار لحكمة الحكيم على الإطلاق ولفوائد الأسباب في هذا الكون ، فسبحانه ما أحكم بنيانه.

وإذن فالأسلم في عدم الإفراط ولا التفريط بل التوسّط وهو الاعتقاد بأنّ الله سبحانه هو الفاعل الحقيقي والمكوّن لكلّ كائن بلا واسطة.

أمّا توسيط الأسباب فبناء على إجراء وتنفيذ عادته ، ومن أجل إظهار قدرته وحكمته.

وأمّا في حال الاعتقاد حسب الصورة الأولى فإنّه يؤدّي إلى تعطيل قدرة الله سبحانه ، وأمّا على التقدير الثاني فيؤدي للاعتقاد بالعبثية

٨

وأنّ الأسباب لا لزوم لها. نعوذ بالله منهما.

انتهى ملخصا (١).

الصّالح : [فى الانكليزية] Convenient.appropriate ـ [في الفرنسية] Convenable ، approprie عند المحدّثين حديث هو دون الحسن.

قال أبو داود (٢) وما كان في كتابي السنن (٣) من حديث فيه وهن شديد فقد بيّنته ، وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصلح من بعض انتهى. قال الحافظ ابن حجر لفظ صالح في كلامه أعمّ من أن يكون للاحتجاج أو للاعتبار ، فما ارتقى إلى الصّحة ثم إلى الحسن فهو بالمعنى الأول ، وما عداهما فهو بالمعنى الثاني ، وما قصر عن ذلك فهو الذي فيه وهن شديد ، كذا في الإرشاد الساري شرح صحيح البخاري.

الصّالحيّة : [فى الانكليزية] Al ـ Salihiyya (sect) ـ Al ـ [في الفرنسية] salihiyya (secte) فرقة من المعتزلة أصحاب الصالحي وهم جوّزوا قيام العلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر بالميّت ، ويلزمهم جواز كون الناس مع

__________________

(١) ودر تفسير عزيزي مذكور است كه اهل حكمت گفته اند كه چون قواي فلكيه در عناصر تاثير ميكنند به تسخين وتبخير عناصر بحركت مى آيند وباهم مخلوط ميشوند واز اختلاط عناصر باهم مخلوقات چند از چند متكون مى شوند مثلا چون گرمى تابستان در عناصر تاثير مى كند از دريا بخار واز زمين دخان بر مى خيزد وبه سوى آسمان مى رود پس دخان گاهى از حيز هوا برتر مى رود وبحد كره آتش ميرسد ومشتعل مى گردد وگاهى تا چند روز آن اشتعال مى ماند بسبب غلظت ماده دخاني وبصورت ستاره دم دار ويا نيزه ويا گيسو وجز آن در نظر مى آيد واگر بعد از اشتعال عن قريب زائل مى گردد شهاب مى باشد وگاهى مشتعل نمى شود بلكه احتراق مى پذيرد وعلامات سرخ ويا سياه ويا كبود در ميان آسمان وزمين ظاهر مى شود وبخار در وقت برخاستن از زمين چند قسم مى باشد گاهى لطيف مى باشد وبسبب خفت بسيار بلند مى رود وبمكاني ميرسد كه انعكاس شعاع آفتاب از زمين تا آن مكان منقطع ميگردد وسردى وتكاثف ميپذيرد وقطره شده بر زمين مى چكد وآن بخار متكاثف را ابر گويند وآن قطرات را باران نامند وگاهى چندان لطيف نمى باشد بلكه ثقلي در وهم موجود است وبنا بر ثقالت بسيار بلند نمى رود واين بخار بسبب سردى وبرودت آخر شب زود منجمد شده مى افتد وآن را شبنم گويند وگاهى بسبب شدت برودت هوا بخار متكاثف كه نزول مى كند در راه منجمد شده بر زمين مى افتد وآن را ژاله گويند ونيز گفته اند هرگاه بخار ودخان وغبار از زمين مخلوط شده برمى خيزند وبعد از برخاستن از هم جدا مى شوند پس بادهاى تند مى وزد وكورباد مى آيد وگرد باد مى انگيزد ونيز چون بخار ودخان بحد برودت ميرسند بخار سرد ميگردد ودخان در اثناي آن تغلغل مى كند تا راه نفوذ به بالا پيدا كند وازين تغلغل آواز تند حادث ميشود كه او را رعد ميگويند وگاهى بسبب شدت حركت وتغلغل آن دخان مشتعل ميشود وبرق مى نمايد وگاهى بسبب شدت تكاثف وكثرت برودت بخار منجمد شده بر زمين مى افتد كه آن را صاعقه مى نامند اما نظر ايشان بسبب قصور رسائي غير از استعداد مواد وتاثير صور عنصرية را نمى توانند دريافت لا جرم بر اين قدر اكتفا كردند وفى الحقيقت همراه اين اسباب أسباب ديگر هم براى اين كارخانه بلكه جميع كارخانه عالم در كاراند كه آن اسباب ارواح مجرده اند كه مدبره وموكله بر اين مواد وصوراند وآن ارواح را در شرع ملائكه گويند وخصوصيات زماني ومكاني وتخلف اثر آن با وجود اسباب ماديه وصوريه از اختلاف وتخلف همين ارواح است واينهمه ارواح تابع أمر تكويني الهي اند كه از طرف خود هيچ نمى كنند پس اختصار بر اسباب ماديه وصوريه كمال غفلت است از قدرت مسبب الاسباب سبحانه ما اعظم شانه ونفي اسباب وتاثير آنها انكار است از حكمت حكيم على الاطلاق وفوائد اسباب كارخانه اين عالم سبحانه ما احكم بنيانه پس سلامت روي در ميان افراط وتفريط همين است كه اعتقاد كند كه أو تعالى فاعل حقيقي هر متكون بلا واسطه است اما توسيط اسباب بنا بر اجراي عادت خود مى فرمايد وبراى اظهار قدرت وحكمت او مى نمايد اما در صورت اوّل پس مفضي به سوى اعتقاد تعطل او تعالى است وبر تقدير ثاني مؤدي به سوى عبث از خلق اسباب است نعوذ بالله منهما ، انتهى ملخّصا.

(٢) ابو داود : هو سليمان بن الاشعث بن اسحاق بن بشير الازدي السجستاني ، ابو داود. ولد عام ٢٠٢ ه‍ / ٨١٧ م وتوفي بالبصرة عام ٢٧٥ ه‍ ٨٨٩ م. إمام المحدثين في زمانه. له عدة مؤلفات هامة. الاعلام ٣ / ١٢٢ ، تذكرة الحفاظ ٢ ١٥٢ ، تهذيب ابن عساكر ٦ / ٢٤٤ ، تاريخ بغداد ٩ ٥٥ ، وفيات الاعيان ١ / ٢١٤

(٣) لأبي داود سليمان بن الجارود بن الاشعث الازدي السجستاني (٢٧٥ ه‍). ويعتبر هذا الكتاب من كتب الصحاح الستة.

بروكلمان ، ج ٣ ، ص ١٨٥ ـ ١٨٦.

٩

اتصافهم بهذه الصفات أمواتا ، وأن لا يكون الباري تعالى حيّا ، وجوّزوا خلوّ الجوهر عن الأعراض كلها ، كذا في شرح المواقف.

الصّامت : [في الانكليزية] Consonant[في الفرنسية] Consonne

بالميم قسم من الحروف كما مرّ.

الصّبا : [في الانكليزية] Wind of the east[في الفرنسية] Vent de l\'est

بفتح الصاد والباء الموحدة وقصر الألف هي رياح تهبّ في فصل الربيع من طرف الشّرق. وجاء في تذكرة الأولياء أنّ الصّبا ريح تهبّ من تحت العرش وذلك في وقت الصّبح ، وهي ريح لطيفة ومنعشة ، وطيبة ، تنفتح بسببها البراعم ، ويفضي إليها العشاق بأسرارهم.

وفي اصطلاح عبد الرزاق الكاشي : الصّبا نفحات رحمانية تأتي من جهة مشرق الروحانيات. كذا في كشف اللغات. وفي شرح اصطلاحات الصوفية لابن العطّار حيث يقول : الصّبا صولة ورعب الروح واستيلاؤها على الإنسان حتى لا يصدر عنه شيء إلاّ موافقا للشرع والعقل.

والدّبور هي الريح المقابلة للصّبا. كذا في لطائف اللغات. وذكر في مدارج النبوة أنّ الصّبا ريح تهبّ من مطلع الثّريا إلى بنات النّعش ، وتقابلها ريح الدّبور.

وريح الشّمال ، بفتح الشين وكسرها هي ريح تهبّ من جهة الشمال إلى الجنوب ، والصحيح هو أنّها ريح تهبّ ما بين مطلع الشمس وبنات نعش. وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور» ، وسبب هذا الحديث هو أنّه في يوم الخندق دعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذا الدعاء : «يا صريخ المكروبين ويا مجيب المضطرين ، اكشف همّي وغمّي وكربي. ترى ما نزل بي وبأصحابي».

فحينئذ استجيب الدّعاء وأرسل الحقّ جلّ وعلا جماعة من الملائكة فقطعوا أطناب خيام المشركين وقلعوا أوتادهم وأطفأ نيرانهم وألقى في قلوبهم الرّعب فلم يروا بدا من الفرار.

وحينئذ جاءت ريح الصّبا وقلعت الأوتاد وألقت بالخيام على الأرض وكفأت وقلبت قدورهم وأثارت التراب والحصى في وجوههم ، وأخذوا يسمعون التكبير في كلّ ناحية من نواحي المعسكر ، فحينئذ أخذوا في الهرب ليلا وخلفوا وراءهم أمتعتهم الثقيلة.

وذكر الشيخ عماد الدين في تفسيره : لو لا أنّ الله سبحانه أرسل محمدا رحمة للعالمين لكانت تلك الريح أشدّ قوة عليهم من الريح العقيم التي أرسلت على قوم عاد.

وذكر ابن مردويه في تفسيره عن ابن عباس نكتة غريبة وهي أنّه في ليلة الأحزاب قالت ريح الصّبا لريح الشّمال تعالي معي لننصر رسول الله.

فقالت ريح الشمال : «إنّ الحرة لا تسير بالليل» فغضب الله سبحانه حينئذ على ريح الشّمال فجعلها عقيما. وعليه فإنّ الريح التي نصر بها الرسول في تلك الليلة كانت ريح الصّبا. ولهذا قال : نصرت بالصّبا. انتهى من المدارج (١).

__________________

(١) بفتح صاد وباء موحده وقصر الف بادى كه از طرف مشرق آيد در فصل بهار ودر تذكرة الاولياء مذكور است صبا باديست كه از زير عرش مى خيزد وآن بوقت صبح مى وزد بادى لطيف وخنك است نسيمى خوش دارد وگلها از ان بشگفد وعاشقان راز با او گويند. ودر اصطلاح عبد الرزاق كاشي صبا نفحات رحمانية كه از جهت مشرق روحانيات مى آيد كذا في كشف اللغات. ودر شرح اصطلاحات صوفيه ابن عطار ميگويد كه صبا صولت ورعب روح است واستيلاء آن به حيثيتى است كه صادر شود از شخص چيزى كه موافق شرع وعقل است ودبور كه ذكر يافت مقابل اينست كذا في لطائف اللغات [در مدارج النبوة مذكور است كه صبا بادى است كه مهب آن از مطلع ثريا تا بنات النعش است ومقابل آن دبور است وشمال ـ

١٠

الصّبائي (١) : [في الانكليزية] Sabaean ـ [في الفرنسية] Sabeen.Sabeisme

بالموحدة واحد الصّابئة ، وتلك فرقة تعبد الملائكة ويقرءون الزّبور ويتّجهون نحو القبلة كما في كنز اللغات (٢). وفي جامع الرموز في كتاب النّكاح الصّبائية (٣) فرقة من النصارى يعظّمون الكواكب كتعظيم المسلمين الكعبة. وفي الغرر الصبائية (٤) عابدو كوكب لا كتاب لهم. وفي شرحه الدّرر اختلف في تفسير الصبائية (٥) ، فعندهما هم عبدة الأوثان لأنّهم يعبدون النجوم.

وعند أبي حنيفة ليسوا بعبدة الأوثان وإنّما يعظّمون النّجوم كتعظيم المسلمين الكعبة انتهى.

وفي فتح القدير إنهم عند أبي حنيفة قوم يؤمنون بدين نبي ويقرّون بكتاب ويعظمون الكواكب كتعظيم المسلم الكعبة.

الصّبابة : [فى الانكليزية] Burning desire ، paion ـ [في الفرنسية] Desir ardent ، paion

بالموحدة وهو الولع المشتد ، وقد سبق في لفظ الإرادة.

الصّبر : [في الانكليزية] Patience ، endurance ، spiritual power ـ [في الفرنسية] Patience ، endurance ، force de lame

بالفتح وسكون الموحدة وبالفارسية : بمعنى شكيبائى. قال السالكون التّصبّر هو حمل النفس على المكاره وتجرّع المرارة. يعني إن لم يكن المرء مالك الصّبر فينبغي أن يجتهد ويكلّف نفسه الصّبر. والصّبر هو ترك الشكوى إلى غير الله.

وقال سهل : الصّبر انتظار الفرج من الله وهو أفضل الخدمة وأعلاها. وقال غيره : الصّبر أن تصبر في الصّبر معناه أن لا تطالع فيه الفرج.

يعني : أن لا يرى الخروج من المحن والشّدائد. وقالوا : الصبر : هو أنّ العبد إذا أصابه البلاء لا يتأوّه.

والرّضا : هو أنّ العبد إذا أصابه البلاء لا يصير متبرّما. فلله ما أعطى ولله ما أخذ فمن أنت في البين. ويقول بعضهم : إنّ أهل الصبر على ثلاث درجات :

الأولى : عدم الشكوى : وهذه درجة التّائبين.

__________________

ـ بفتح شين وگاهى بكسر نيز خوانده ميشود بادى است كه از جانب شمال بجانب جنوب وزد وصحيح آنست كه بادى كه مهب وى ميان مطلع شمس وبنات النعش باشد وآن حضرت صلى‌الله‌عليه‌وسلم فرمود نصرت بالصبا واهلكت عاد بالدبور وقصه آن باين وجه است كه روز خندق آن حضرت دعاء كرد باين دعاء يا صريخ المكروبين ويا مجيب المضطرين اكشف همي وغمي وكربي ترى ما نزل بي وباصحابي پس مستجاب شد دعاء وفرستاد حق تعالى جماعه از ملائكه را تا طنابهاى خيمهاي ايشان مى بريدند وميخها را مى كنديدند وآتش ها را مى كشتند وترسى ورعبى در دلهاى ايشان پيدا شد كه غير از فرار چاره نديدند پس آمد باد صبا وكنديد ميخها را وانداخت خيمها را وبر زمين افگند ديگها را وريخت بر روي ايشان خاك را وانداخت سنگريزها را ومى شنيدند در هر گوشه از معسكر خود تكبير را پس گريختند شبا شب وگذاشتند بارهاى گران را. وشيخ عماد الدين در تفسير خود آورده كه اگرنه آن بودى كه خداوند تعالى محمد را رحمة للعالمين آفريده آن باد صبا بر ايشان شد بودى از باد عقيم كه بر عاديان فرستاد. وابن مردويه در تفسير خويش از ابن عباس رضي الله تعالى عنه نكته غريب آورده كه در ليلة الاحزاب باد صبا با باد شمال گفت بيا تا برويم ورسول خدا را يارى دهيم باد شمال گفت در جواب باد صبا ان الحرة لا تسير بالليل زن اصيل سير نمى كند در شب پس حق تعالى بر باد شمال غضب كرده وى را عقيم گردانيد پس بادى كه در ان شب نصرت رسول خدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم كرد باد صبا بود ولهذا فرمود نصرت بالصّبا انتهى من المدارج.

(١) الصائبي (م)

(٢) واحد صابئون است وآن فرقه است كه مى پرستند ملائكه را وميخوانند زبور وتوجه ميكنند قبله را كما في كنز اللغات.

(٣) الصابئة (م)

(٤) الصابئة (م)

(٥) الصابئة (م)

١١

الثانية : الرّضا بالمقدور وهذه درجة الزّهاد.

الثالثة : المحبّة لكلّ ما يفعله المولى بعبده وهذه درجة الصّدّيقين.

وهذا التقسيم للصّبر باعتبار حلول المصائب والبلاء.

وأمّا حكم الصبر فاعلم بأنّه ينقسم إلى فرض ونفل ومكروه وحرام. فالصّبر عن المحظور فرض وهو عن المكروهات نفل ، والصّبر على ما يصيبه من ألم لترك المحظور كما لو قصد شهوة محرّمة وقد بلغ درجة الهيجان ، فيكظم شهوته ويصبر. وكذلك الصّبر على ما يصيبه من مصائب في أهله.

وأمّا الصّبر المكروه فهو صبره على ما كره فعله في الشرع. وعليه فالمعيار هو الشرع وهو المحكّ الحقيقي للصبر. كذا في مجمع السلوك (١). وقيل الصّبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى إلى غير الله لا إلى الله ، لأنّ الله تعالى أثنى على أيوب عليه‌السلام بالصبر بقوله (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً) (٢) مع دعائه في دفع الضّرّ عنه بقوله (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٣) فعلمنا أنّ العبد إذا دعا الله تعالى في كشف الضّرّ عنه لا يقدح في صبره ، ولئلاّ يكون كالمقاومة مع الله تعالى ودعوى التحمّل بمشاقه. قال الله تعالى (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) (٤) ، فإنّ الرضاء بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره وإنما يقدح بالرضاء في المقضي ، ونحن ما خوطبنا بالرضاء بالمقضي ، والضّرّ هو المقضي به وهو مقتضى عين العبد سواء رضي به أو لم يرض ، كما قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٥) : [من وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه] (٦). كذا في الجرجاني. وفي التفسير الكبير في تفسير قوله تعالى (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (٧). الصّبر ضربان : أحدهما بدني لتحمّل المشاق بالبدن والثّبات عليه وهو إما بالعقل كتعاطي الأعمال الشّاقة أو بالاحتمال كالصّبر على الضّرب الشديد والألم العظيم. وثانيهما هو الصّبر النّفساني وهو منع النّفس عن مقتضيات الشّهوة ومشتهيات الطّبع.

ثم هذا الضّرب إن كان صبرا عن شهوة البطن والفرج يسمّى عفّة ، وإن كان على احتمال مكروه اختلفت أساميه عند الناس باختلاف المكروه الذي يدلّ عليه الصّبر ، فإن كان في مصيبة اقتصر عليه اسم الصّبر ويضادّه حالة

__________________

(١) يعني در بلاها وشدائد خروج از آن نبيند وگفته اند صبر آنكه بنده را اگر بلا برسد ننالد. ورضاء آنكه بنده را اگر بلا برسد ناخوش نگردد لله ما اعطى ولله ما اخذ فمن انت في البين. وبعضى گويند كه اهل صبر بر سه مقام اند اوّل ترك شكايت واين درجه تائبانست دوم رضاء بمقدور است واين درجه زاهدانست سيوم محبت آنست كه مولى با وى كند واين درجه صديقانست واين انقسام صبريست كه در مصيبت وبلا باشد بدان كه صبر باعتبار حكم منقسم مى شود بفرض ونفل ومكروه وحرام چه صبر از محظور فرض است واز مكروهات نفل وصبر بر رنجه داشت محظور محظور است چنانكه او قصد حرام كند به شهوتى محظور وغيرت او در هيجان آيد آنگاه از اظهار غيرت صبر كند وبر آنچه بر اهل رود صبر كند وصبر مكروه صبرى باشد بر رنجه داشتى كه به جهتى مكروه در شرع بدو رسد پس شرع بايد كه محك صبر باشد كذا في مجمع السلوك.

(٢) ص ٤٤.

(٣) الأنبياء / ٨٣.

(٤) المؤمنون ٧٦.

(٥) صحيح مسلم ، كتاب البر ، باب تحريم الظلم ، حديث ٥٥ ، ٤ / ١٩٩٤.

(٦) [من وجد ... نفسه] (+ م)

(٧) البقرة ١٥٥.

١٢

تسمّى الجزع والهلع وهو إطلاق داعي الهوى في رفع الصّوت وضرب الخدّ وشقّ الجيوب وغيرها. وإن كان في حال الغنى يسمّى ضبط النفس وتضادّه حالة تسمّى البطر ، وإن كان في حرب ومقاتلة يسمّى شجاعة ويضادّه الجبن.

وان كان في كظم الغيظ والغضب يسمّى حلما ويضادّه البرق. وإن كان في نائبة من نوائب الزمان مضجرة يسمّى سعة الصّدر ويضادّه الضّجر والنّدم وضيق النفس. وإن كان في إخفاء كلام يسمّى كتمان النفس ويسمّى صاحبه كتوما.

وإن كان في فضول العيش يسمّى زهدا ويضادّه الحرص. وإن كان على قدر يسير من المال يسمّى القناعة ويضادّه الشّره. وقد جمع الله أقسام ذلك وسمّى الكلّ صبرا فقال : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ) (١) أي الفقر ، وحين البأس أي المحاربة. قال القفال (٢) : ليس الصّبر هو حمل النّفس على ترك إظهار الجزع ، فإذا كظم الحزن وكفّ النّفس عن إبراز آثاره كان صاحبه صابرا وإن ظهر دمع عين أو تغيّر لون. وقال عليه‌السلام «الصّبر عند الصّدمة الأولى» (٣) ، وهو كذلك لأنّ من ظهر منه في الابتداء ما لا يعدّ معه من الصابرين ثم ظهر فذلك يسمّى سلوا ، وهو مما لا بدّ منه. قال الحسن : لو كلّف الناس إدامة الجزع لم يقدروا عليه.

فائدة :

قال الغزالي : الصّبر من خواص الإنسان ولا يتصوّر في البهائم لأنّها سلّطت عليهم الشّهوات وليس لهم عقل يعارضها ، وكذا لا يتصوّر في الملائكة لأنّهم جرّدوا للشّوق إلى الحضرة الربوبية والابتهاج بدرجة القرب ولم يسلّط عليهم شهوة صارفة عنها حتى يحتاج إلى مصادمة ما يصرفها عن حضرة الجلال بجهد آخر. وأمّا الإنسان فإنّه خلق في الابتداء ناقصا مثل البهيمة ثم يظهر فيه شهوة اللّعب ثم شهوة النكاح إذا بلغ ، ففيه شهوة تدعوه إلى طلب اللذات العاجلة والإعراض عن الدار الآخرة ، وعقل يدعوه إلى الإعراض عنها وطلب اللذات الروحانية الباقية. فإذا عرف العارف أنّ الاشتغال عنها يمنعه عن الوصول إلى اللذات صارت صادّة ومانعة لداعية الشهوة من العمل فيسمّى ذلك الصّدّ والمنع صبرا ، انتهى ما في التفسير الكبير.

صبيح الوجه : [في الانكليزية] Graceful ـ [في الفرنسية] Gracieux

هو المتحقّق بحقيقة اسم الجواد ومظهريته ولتحقّق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم به. روى جابر رضي الله تعالى عنه (أنّه ما سئل عنه عليه‌السلام شيء قط قال لا. ومن استشفع به إلى الله لم يرد سؤاله) (٤) ، كما أشار إليه أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه إذا كانت لك إلى الله سبحانه تعالى حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم اسأل حاجتك فإنّ الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي أحدهما ويمنع الأخرى.

والمتحقّق بوراثته في جوده عليه‌السلام هو الأشعث من الأخفياء الذي قال فيه عليه

__________________

(١) البقرة / ١٧٧

(٢) هو محمد بن احمد بن الحسين بن عمر ، ابو بكر الشاشي ، القفال الفارقي. ولد عام ٤٢٩ ه‍ ١٠٣٧ م ، وتوفي ببغداد عام ٥٠٧ ه‍ / ١١١٤ م. لقب بفخر الاسلام ، وكان شيخ الشافعية في عصره بالعراق. درّس بالمدرسة النظامية وله عدة مؤلفات هامة. الاعلام ٥ ٣١٦ ، وفيات الاعيان ١ / ٤٦٤ ، طبقات السبكي ٤ ٥٨.

(٣) صحيح البخاري ، كتاب الجنائز. باب الصبر عند الصدمة ، حديث ٦٠ ، ٢ / ١٧٩.

(٤) روى جابر رضي‌الله‌عنه انه ما سئل عنه عليه‌السلام شيء قط قال لا. رواه مسلم في الصحيح ، كتاب الفضائل باب (ما سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا قط) ، حديث ٥٦ ، ٤ ١٨٠٥. بلفظ : ما سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا قط فقال : لا. أما «ومن استشفع به إلى الله لم يرد سؤاله» فليس تتمة للحديث ، بل هو من كلام المصنف وقد استدل عليه بقول الامام علي رضي‌الله‌عنه.

١٣

السلام : (ربّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرّه) (١). وإنّما سمّي صبيح الوجه لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (اطلبوا الحوائج عند صباح الوجوه) (٢) ، كذا في الاصطلاحات الصوفية.

الصّحابي : ـ [في الانكليزية] Follower of the Prophet ـ [في الفرنسية] Compagnon du Prophete بالفتح منسوب إلى الصّحابة وهي مصدر بمعنى الصّحبة ، وقد جاءت الصحابة بمعنى الأصحاب ، والأصحاب جمع صاحب ، فإنّ الفاعل يجمع على أفعال كما صرّح به سيبويه وارتضاه الزمخشري والرّضي. فالقول بأنّه جمع صحب بالسكون اسم جمع كركب أو بالكسر مخفّف صاحب إنّما نشأ من عدم تصفّح كتاب سيبويه ، هكذا يستفاد من جامع الرموز والبرجندي. وفي الصّراح أصحاب جمع الصّحب مثل فرخ وأفراخ وجمع الأصحاب الأصاحيب. وفي المنتخب صاحب بمعنى يار جمع أو صحب وجمع صحب أصحاب وجمع أصحاب أصاحيب.

وعند أهل الشرع هو من لقي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الثّقلين مؤمنا به ومات على الإسلام. والمراد (٣) باللقاء ، أعمّ من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكالمه ، ويدخل فيه رؤية أحدهما الآخر سواء كان ذلك اللقاء بنفسه أو بغيره ، كما إذا حمل شخص طفلا وأوصله إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسواء كان ذلك اللقاء مع التمييز والعقل أو لا ، فدخل فيه من رآه وهو لا يعقل فهذا هو المختار.

وقيل كلّ من روى عنه حديثا أو كلمة ورآه رؤية فهو من الصّحابة فقد اشترط المكالمة. وقيل كلّ من أدرك الحلم وقد رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعقل أمر الدين فهو من الصّحابة ، ولو صحبه عليه‌السلام ساعة واحدة فقد اشترط العقل والبلوغ. والتعبير باللّقى أولى من قول بعضهم الصّحابي من رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأنّه يخرج به ابن أمّ مكتوم ونحوه من العميان مع كونهم صحابة بلا تردد ، والمراد (٤) بالرؤية واللقاء ما يكون حال حياته عليه‌السلام. فلو رأى بعد موته قبل دفنه كأبي ذؤيب الهذلي (٥) فليس بصحابي على المشهور. فقولنا من جنس.

وقولنا لقي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم احتراز عمّن لم يلقه كالمخضرمين فإنّهم على الصحيح من كبار التابعين كما عرفت.

قيل إن ثبت أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة الإسراء كشف له عن جميع من في الأرض فينبغي أن يعدّ من كان مؤمنا به في حياته في هذه الليلة

__________________

(١) «رب اشعث اغبر مدفوع بالابواب لو اقسم على الله لأبره». صحيح مسلم ، كتاب البر ، باب فضل الضعفاء والخاملين ، حديث ١٣٨ ، ٤ / ٢٠٢٤.

(٢) المتقي الهندي ، كنز العمال ، فصل في آداب طلب الحاجة ، حديث ١٦٨١١ ، ٦ ٥٢٠ ، بلفظ عند حسان الوجوه وعزاه إلى ابن أبي الدنيا عن ابن عمر والخرائطي في اعتلال القلوب والهيثمي ، مجمع الزوائد ، باب ما يفعل طالب الحاجة ، ٨ / ١٩٤ وعزاه إلى الطبراني في الصغير والاوسط في بيت من الشعر بلفظ :

أنت شرط النبي إذ قال يوما

فابتغوا الخير في صباح الوجوه

(٣) المقصود (م ، ع)

(٤) المقصود (م ، ع)

(٥) هو خويلد بن خالد بن محرّث ، ابو ذؤيب ، من بني هذيل ، توفي نحو عام ٢٧ ه‍ نحو عام ٦٤٨ م. شاعر فحل مخضرم.

أدرك الجاهلية والاسلام. سكن المدينة وشارك في الجهاد والفتوح. له شعر جيد جمع في ديوان مطبوع.

الاعلام ٢ / ٣٢٥ ، الاغاني ٦ ٥٦ ، معاهد التنصيص ٢ / ١٦٥ ، الشعر والشعراء ٢٥٢ ، خزانة البغدادي ١ ٢٠٣ ، الكامل ٣ / ٣٥.

١٤

وإن لم يلاقه في الصحابة لحصول الرؤية من جانبه صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقيل لا يعدّ في الصّحابة لأنّ إسناد لقي إلى ضمير من دون النبي يخرجه. وقولنا من الثقلين يخرج الملائكة لأنّ الثقلين هما الإنس والجنّ كما في الصراح وغيره. وقولنا مؤمنا به يخرج من لقيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم حال كونه غير مؤمن به ، سواء لم يكن مؤمنا بأحد من الأنبياء كالمشرك ، أو يكون مؤمنا بغيره من الأنبياء عليهم‌السلام كأهل الكتاب. لكن هل يخرج من لقيه مؤمنا بأنّه سيبعث ولم يدرك البعثة كورقة بن نوفل (١)؟ ففيه تردّد كما قال النووي.

فمن أراد اللقاء حال نبوته عليه‌السلام فيخرج عنه ، ومن أراد أعمّ من ذلك يدخل فيه. وقولنا ومات على الإسلام يخرج من ارتدّ بعد أن لقيه مؤمنا ومات على الرّدّة مثل عبد الله بن جحش (٢) وابن خطل (٣). وأمّا من لقيه مؤمنا به ثم ارتدّ ثم أسلم سواء أسلم حال حياته أو بعد موته ، وسواء لقيه ثانيا أم لا فهو صحابي على الأصح ، وقيل ليس بصحابي. ويرجّح الأول قصة الاشعث بن قيس فإنّه ممّن ارتدّ وأتي به إلى أبي بكر الصديق أسيرا فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوّجه أخته ، ولم يتخلف أحد من ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.

وفي عدم تقييد اللقاء بزمان محدود أو غير محدود قليلا كان أو كثيرا إشارة إلى اختيار مذهب جمهور المحدّثين والشافعي واختاره أحمد بن حنبل ولذا قال : الصّحابي من صحبه عليه‌السلام صغيرا كان أو كبيرا ، سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة ، أو رآه. واختاره أيضا ابن الحاجب لأنّ الصّحبة تعمّ القليل والكثير بحسب اللغة ، فأهل الحديث نقلوا على وفق اللغة.

وقال سعيد بن المسيب لا يعد صحابيا إلا من أقام مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنة أو سنتين ، وغزا معه غزوة أو غزوتين.

ووجهه أنّ لصحبته عليه‌السلام شرفا عظيما فلا ينال إلاّ باجتماع يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص ، كالغزو المشتمل على السّفر الذي هو قطعة من السّقر. والسنة المشتملة على الفصول الأربع التي بها يختلف المزاج. وعورض بأنّه عليه‌السلام لشرف منزلته أعطى كلّ من رآه حكم الصّحبة. وأيضا يلزم أن لا يعدّ جوير بن عبد الله (٤) ونحوه من الصّحابة ، ولا خلاف في أنّهم صحابة.

وقال أصحاب الأصول : الصّحابي من طالت مجالسته له على طريق التّبع له والأخذ عنه فلا يدخل من وفد عليه وانصرف بدون مكث. وقيل الأصوليون يشترطون في الصّحابي ملازمة ستة أشهر فصاعدا. وقيل لا حدّ لتلك الكثرة بتقدير بل بتقريب. ويؤيّده ما قال أبو

__________________

(١) هو ورقة بن نوفل بن اسد بن عبد العزّى القريشي. توفي عام ١٢ ق. ه نحو ٦١١ م. من حكماء الجاهليين. اعتزل الاوثان قبل الاسلام ثم تنصّر. وهو ابن عم خديجة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد اخبر النبي عن بعثته. وله قصة طويلة ذكرها اصحاب التواريخ والحديث. الاعلام ٨ / ١١٤ ، الروض الأنف ١ ١٢٤ ، صحيح البخاري ١ / ٤ ، صحيح مسلم ١ ١٤١ ، تاريخ الاسلام ١ / ٦٨ ، الأغاني ٣ ١١٩ ، خزانة البغدادي ٢ / ٣٨.

(٢) هو عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر الاسدي. توفي عام ٣ ه‍ ٦٢٥ م صحابي جليل ، من المهاجرين إلى الحبشة ثم إلى المدينة. شهد المواقع مع الرسول ومات شهيدا يوم أحد. الاعلام ٤ / ٧٦ ، حلية الاولياء ١ ١٠٨ ، حسن الصحابة ٣٠٠ ، إمتاع الأسماع ١ / ٥٥.

(٣) ابن خطل الكافر : هو عبد العزى وقيل غالب بن عبد الله بن عبد مناف بن اسعد بن جابر بن كثير بن تميم بن غالب ، كذا سماه ابن الكلبي. وقيل عبد الله بن خطل. أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتله يوم فتح مكة لأنه اسلم ثم ارتد. تهذيب الاسماء ٢ ٢٩٨.

(٤) لعله يقصد جابر بن عبد الله الأنصاري وهو من أطفال الانصار.

١٥

منصور الشيباني (١) الصحابي من طالت صحبته وكثر مكثه وجلوسه معه مستفيدا منه. قال النووي : مذهب الأصوليين مبني على مقتضى العرف ، فإنّ العرف مخصّص اسم الصحبة بمن كثرت صحبته واشتهرت متابعته.

فائدة :

لا خفاء في رجحان رتبة من لازمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقاتل معه أو قتل تحت رايته على من لم يلازمه أو لم يحضر معه مشهدا ، وعلى من كلّمه يسيرا أو ماشاه قليلا أو رآه على بعد أو في حال الطفولية ، وإن كان شرف الصحبة حاصلا للجميع ، ومن ليس [له] (٢) منهم سماع من النبي عليه‌السلام فحديثه مرسل من حيث الرواية ، وهم مع ذلك معدودون في الصّحابة لما نالوا من شرف الرؤية.

فائدة :

يعرف كونه صحابيا بالتواتر أو الاستفاضة أو الشهرة أو بإخبار بعض الصحابة أو بعض ثقات التابعين أو بإخباره عن نفسه بأنّه صحابي إذا كانت دعواه تدخل تحت الإمكان بأن لا يكون بعد مائة سنة من وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم. واعلم أنّ الصّحابة كلهم عدول في حقّ رواية الحديث ، وإن كان بعضهم غير عدل في أمر آخر. هذا كله خلاصة ما في شرح النخبة وشرحه وجامع الرموز والبرجندي ومجمع السلوك وغيره.

الصّحّة : [في الانكليزية] Health ، exactitude ، Well ـ founded ، validity ـ [في الفرنسية] Sante ، exactitude ، bien ـ fonde ، validite

بالكسر وتشديد الحاء في اللغة مقابلة للمرض. وتطلق أيضا على الثبوت وعلى مطابقة الشيء للواقع ، ذكر ذلك المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في بحث أنّ الإلهام ليس من أسباب المعرفة بصحة الشيء.

قال الحكماء : الصّحة والمرض من الكيفيات النفسانية. وعرّفهما ابن سينا في الفصل الأول من القانون بأنّها ملكة أو حالة تصدر عنها الأفعال الموضوع لها سليمة أي غير مئوفة. فقوله ملكة أو حالة إشارة إلى أنّ الصّحة قد تكون راسخة وقد لا تكون كصحة الناقة.

وإنما قدمت الملكة على الحالة مع أنّ الحالة متقدّمة عليها في الوجود لأنّ الملكة صحة بالاتفاق ، والحالة قد اختلف فيها. فقيل هي

صحة ، وقيل هي واسطة. وقوله تصدر عنها (٣) أي لأجلها وبواسطتها. فالموضوع أي المحلّ فاعل للفعل السليم ، والصحة آلة في صدوره عنه. وأما ما يقال من أن فاعل أصل الفعل هو الموضوع وفاعل سلامة هو الحالة أو الملكة فليس بشيء ، إلاّ أن يؤوّل بما ذكرنا. والسليم هو الصحيح ، ولا يلزم الدور لأنّ السلامة المأخوذة في التعريف هو صحة الأفعال.

والصحة في الأفعال محسوسة ، والصحة في البدن غير محسوسة ، فعرّف غير المحسوس بالمحسوس لكونه أجلى. وهذا التعريف يعمّ صحة الإنسان وسائر الحيوانات والنباتات أيضا إذ لم يعتبر فيه إلاّ كون الفعل الصادر عن الموضوع سليما. فالنبات إذا صدرت عنه أفعاله من الجذب والهضم والتغذية والتنمية والتوليد سليمة وجب أن يكون صحيحا. وربّما تخصّ الصحة بالحيوان أو الإنسان فيقال هي كيفية لبدن الحيوان أو الإنسان الخ ، كما وقع في

__________________

(١) ابو منصور الشيباني : هو عبد الرحمن بن المحدث أبي غالب محمد بن عبد الواحد بن حسن بن منازل الشيباني البغدادي القزاز. ولد عام ٤٥٣ ه‍ ومات عام ٥٣٥ ه‍. راوي تاريخ بغداد للخطيب. من كبار العلماء وقد مدحه العلماء. سير اعلام النبلاء ٢٠ / ٦٩ ، اللباب ٢ ٦٧ ، مرآة الزمان ٨ / ١٠٧ ، العبر ٤ ٩٥ ، شذرات الذهب ٤ / ١٠٦.

(٢) [له] (+ م ، ع)

(٣) بها (م)

١٦

كلام ابن سينا حيث قال في الشفاء الصحة ملكة في الجسم الحيواني تصدر عنه لأجلها أفعاله الطبعية (١) وغيرها من المجرى الطبيعي غير مئوفة ، وكأنّه لم يذكر الحالة هنا إمّا لاختلاف فيها أو لعدم الاعتداد بها ، وقال في موضع آخر من القانون : الصحة هيئة بها يكون بدن الإنسان في مزاجه وتركيبه بحيث تصدر عنه الأفعال صحيحة سالمة. ثم المرض خلاف الصحة فهو حالة أو ملكة تصدر بها الأفعال عن الموضوع لها غير سليمة بل مئوفة ، وهذا يعمّ مرض الحيوان والنبات. وقد يخصّ على قياس ما تقدّم في الصحة بالحيوان أو بالإنسان فعلى هذا التقابل بينهما تقابل التضاد. وفي القانون أنّ المرض هيئة مضادة للصحة. وفي الشفاء أنّ المرض من حيث هو مرض بالحقيقة عدمي لست أقول من حيث هو مزاج أو ألم ، وهذا يدلّ على أنّ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة.

وفي المباحث المشرقية لا مناقضة بين كلامي ابن سينا إذ في وقت المرض أمران أحدهما عدم الأمر الذي كان مبدأ للأفعال السليمة وثانيهما مبدأ الأفعال المئوفة. فإن سمّي الأول مرضا كان التقابل العدم والملكة ؛ وإن جعل الثاني مرضا كان التقابل من قبيل التضاد.

والأظهر أن يقال إن اكتفى في المرض بعدم سلامة الأفعال فذلك يكفيه عدم الصحة المقتضية للسلامة ، وإن ثبتت هناك آفة وجودية فلا بدّ من إثبات هيئة تقتضيها ، فكأنّ ابن سينا كان متردّدا في ذلك.

واعترض الإمام بأنّهم اتفقوا على أنّ أجناس الأمراض المفردة ثلاثة سوء المزاج وسوء التركيب وتفرّق الاتصال ، ولا شيء منها بداخل تحت الكيفية النفسانية. أمّا سوء المزاج الذي هو مرض إنّما يحصل إذا صار إحدى الكيفيات الأربع أزيد أو أنقص مما ينبغي ، بحيث لا تبقى الأفعال سليمة. فهناك أمور ثلاثة : تلك الكيفيات وكونها غريبة منافرة واتصاف البدن بها. فإن جعل سوء المزاج عبارة عن تلك الكيفية كأن يقال الحمّى هي تلك الحرارة الغريبة كان من الكيفيات المحسوسة.

وإن جعل عبارة عن كون تلك الكيفيات غريبة كان من باب المضاف. وإن جعل عبارة عن اتّصاف البدن بها كان من قبيل الانفعال. وأمّا سوء التركيب فهو عبارة عن مقدار أو عدد أو وضع أو شكل أو انسداد مجرى يخلّ بالأفعال وليس شيء منها من الكيفيات النفسانية. وكون هذه الأمور غريبة من قبيل المضاف واتصاف البدن بها من قبيل الانفعال. وأمّا تفرّق الاتصال فظاهر أنّه عدمي فلا يكون كيفية. وإذا لم يدخل المرض تحت الكيفيات النفسانية لم تدخل الصّحة تحتها أيضا لكونه ضدا لها. والجواب بعد تسليم كون التضاد حقيقيا أنّ تقسيم المرض إلى تلك الأقسام تسامح ، والمقصود أنّه كيفية نفسانية تحصل عند هذه الأمور وتنقسم باعتبارها. وهذا معنى ما قيل إنّها منوّعات أطلق عليها اسم الانواع.

تنبيه :

لا واسطة بين الصّحة والمرض على هذين التعريفين ، إذ لا خروج من النفي والإثبات.

ومن ذهب إلى الواسطة كجالينوس ومن تبعه وسمّاها الحالة الثالثة فقد شرط في الصّحة كون صدور الأفعال كلها من كلّ عضو في كلّ وقت سليمة لتخرج عنه صحة من يصح وقتا كالشتاء ، ويمرض ، ومن غير استعداد قريب لزوالها لتخرج عنه صحة الأطفال والمشايخ والفاقهين (٢) لأنّها ليست في الغاية ولا ثابتة قوية ، وكذا في

__________________

(١) الطبيعية (م)

(٢) الناقهين (م)

١٧

المرض. فالنزاع لفظي بين الشيخ وجالينوس منشأه اختلاف تفسيري الصّحة والمرض عندهما. ومعنوي بينه وبين من ظنّ أنّ بينهما واسطة في نفس الأمر ومنشأه نسيان الشرائط التي تنبغي أن تراعى فيما له وسط ما ليس له وسط. وتلك الشرائط أن يفرض الموضوع واحدا بعينه في زمان واحد وتكون الجهة والاعتبار واحدة ، وحينئذ جاز أن يخلو الموضوع عنهما كأنّ هناك واسطة وإلاّ فلا ، فإذا فرض إنسان واحد واعتبر منه عضو واحد في زمان واحد ، فلا بدّ إمّا أن يكون معتدل.

المزاج وإمّا أن لا يكون كذلك فلا واسطة ، هكذا يستفاد من شرح حكمة العين وشرح المواقف.

وعند الصرفيين كون اللفظ بحيث لا يكون شيء من حروفه الأصلية حرف علّة ولا همزة ولا حرف تضعيف ، وذلك اللفظ يسمّى صحيحا. هذا هو المشهور ، فالمعتل والمضاعف والمهموز ليس واحد منها صحيحا.

وقيل الصحة مقابلة للإعلال. فالصحيح ما ليس بمعتلّ فيشتمل المهموز والمضاعف وسيأتي في لفظ البناء أيضا. والسّالم قيل مرادف للصحيح.

وقيل أخصّ منه وقد سبق. وعند النحاة كون اللفظ بحيث لا يكون في آخره حرف علّة. قال في الفوائد الضيائية في بحث الإضافة إلى ياء المتكلم : الصحيح في عرف النحاة ما ليس في آخره حرف علّة ، كما قال قائل منهم شعرا ملمعا : أتدري ما الصحيح عند النحاة (١). ما لا يكون آخره حرف علة. والملحق بالصحيح ما في آخره واو أو ياء ما قبلها ساكن. وإنّما كان ملحقا به لأنّ حرف العلة بعد السكون لا تثقل عليها الحركة انتهى. فعلى هذا المضاعف والمهموز والمثال والأجوف كلها صحيحة.

وعند المتكلمين والفقهاء فهي تستعمل تارة في العبادات وتارة في المعاملات. أمّا في العبادات فعند المتكلمين كون الفعل موافقا لأمر الشارع سواء سقط به القضاء به أو لا. وعند الفقهاء كون الفعل مسقطا للقضاء. وثمرة الخلاف تظهر فيمن صلى على ظنّ أنّه متطهّر فبان خلافه ، فهي صحيحة عند المتكلمين لموافقة الأمر على ظنّه المعتبر شرعا بقدر وسعه ، لا عند الفقهاء لعدم سقوط القضاء به.

ويرد على تعريف الطائفتين صحة النوافل إذ ليس فيها موافقة الأمر لعدم الأمر فيها على قول الجمهور ، ولا سقوط القضاء. ويرد على تعريف الفقهاء أنّ الصلاة المستجمعة لشرائطها وأركانها صحيحة ولم يسقط به القضاء ، فإنّ السقوط مبني على الرفع ولم يجب القضاء ، فكيف يسقط؟ وأجيب عن هذا بأنّ المراد (٢) من سقوط القضاء رفع وجوبه ؛ ثم في الحقيقة لا خلاف بين الفريقين في الحكم لأنّهم اتفقوا على أنّ المكلّف موافق لأمر الشارع فإنّه مثاب على الفعل ، وأنّه لا يجب عليه القضاء إذا لم يطلع على الحدث وأنّه يجب عليه القضاء إذا اطلع.

وإنّما الخلاف في وضع لفظ الصحة. وأمّا في المعاملات فعند الفريقين كون الفعل بحيث يترتّب عليه الأثر المطلوب منه شرعا مثل ترتّب الملك على البيع والبينونة على الطلاق ، لا كحصول الانتفاع في البيع حتى يرد أنّ مثل حصول الانتفاع من البيع قد يترتّب على الفاسد وقد يتخلّف عن الصحيح ، إذ مثل هذا ليس مما يترتّب عليه ويطلب منه شرعا. ولا يردّ البيع بشرط فإنّه صحيح مع عدم ترتّب الثمرة عليه في الحال أنّ الأصل في البيع الصحيح ترتّب ثمرته عليه ، وهاهنا إنّما لم يترتّب لمانع وهو عارض.

وقيل لا خلاف في تفسير الصحة في العبادات

__________________

(١) داني صحيح چيست بنزديك نحويان؟

(٢) المقصود (م ، ع)

١٨

فإنّها في العبادات أيضا بمعنى ترتّب الأثر المطلوب من الفعل على الفعل إلاّ أنّ المتكلمين يجعلون الأثر المطلوب [بأصله دون وصفه] (١) في العبادات هو موافقة الأمر ، والفقهاء يجعلونه رفع وجوب القضاء ؛ فمن هاهنا اختلفوا في صحة الصلاة بظنّ الطهارة. ويؤيّد هذا القول ما وقع في التوضيح من أنّ الصّحة كون الفعل موصلا إلى المقصود الدنيوي. فالمقصود الدنيوي بالذات في العبادات تفريغ الذّمّة والثواب وإن كان يلزمها وهو المقصود الأخروي ، إلاّ أنّه غير معتبر في مفهوم الصّحة أوّلا وبالذات ، بخلاف الوجوب فإنّ المعتبر في مفهومه أوّلا وبالذات هو الثواب ، وإن كان يتبعه تفريغ الذّمّة ، والمقصود الدنيوي في المعاملات الاختصاصات الشرعية أي الأغراض المترتّبة على العقود والفسوخ كملك الرقبة في البيع وملك المتعة في النكاح وملك المنفعة في الإجارة والبينونة في الطلاق. فإن قيل ليس في صحّة النفل تفريغ الذّمّة ، قلنا لزم النفل بالشروع فحصل بأدائها تفريغ الذمة انتهي.

اعلم أنّ نقيض الصّحة البطلان فهو في العبادات عبارة عن عدم كون الفعل موافقا لأمر الشارع أو عن عدم كونه مسقطا للقضاء. وفي المعاملات عبارة عن كونه بحيث لا يترتّب عليه الأثر المطلوب منه. والفساد يرادف البطلان عند الشافعي. وأما عند الحنفية فكون الفعل موصلا إلى المقصود الدنيوي يسمّى صحّة. وكونه بحيث لا يوصل إليه يسمّى بطلانا. وكونه بحيث يقتضي أركانه وشروطه الإيصال إليه لا أوصافه الخارجية يسمّى فسادا. فالثلاثة معان متقابلة.

ولذا قالوا الصحيح ما يكون مشروعا بأصله ووصفه ، والباطل ما لا يكون مشروعا لا بأصله ولا بوصفه ، والفاسد ما يكون مشروعا بأصله دون وصفه (٢). وبالجملة فالمعتبر في الصحة عند الحنفية وجود الأركان والشرائط ، فما ورد فيه نهي وثبت فيه قبح وعدم مشروعية ، فإن كان ذلك باعتبار الأصل فباطل. أما في العبادات فكالصلاة بدون بعض الشرائط والأركان ، وأمّا في المعاملات فكبيع الملاقيح وهي ما في البطن من الأجنّة لانعدام ركن البيع ، أعني المبيع. وإن كان باعتبار الوصف ففاسد كصوم الأيام المنهيّة في العبادات وكالربا في المعاملات فإنّه يشتمل على فضل خال عن العوض ، والزوائد فرع على المزيد عليه ، فكان بمنزلة وصف. والمراد (٣) بالوصف عندهم ما يكون لازما غير منفكّ ، وبالمجاور ما يوجد وقتا ولا يوجد حينا ، وأيضا وجد أصل مبادلة المال بالمال لا وصفها الذي هي المبادلة التامة. وإن كان باعتبار أمر مجاور فمكروه لا فاسد كالصلاة في الدار المغصوبة والبيع وقت نداء الجمعة. هذا أصل مذهبهم. نعم قد يطلق الفاسد عندهم على الباطل كذا ذكر المحقق التفتازاني في حاشية العضدي.

فائدة :

المتّصف على هذا بالصّحة والبطلان والفساد حقيقة هو الفعل لا نفس الحكم. نعم يطلق لفظ الحكم عليها بمعنى أنّها تثبت بخطاب الشارع ، وهكذا الحال في الانعقاد واللزوم والنفاذ. وكثير من المحققين على أنّ أمثال ذلك راجعة إلى الأحكام الخمسة. فإنّ معنى صحة البيع إباحة الانتفاع بالمبيع ، ومعنى بطلانه حرمة الانتفاع به. وبعضهم على أنّها من خطاب الوضع

__________________

(١) [بأصله دون وصفه] (+ م ، ع)

(٢) [من العبادات هو موافقه ... دون وصفه] (م ، ع)

(٣) والمقصود (م ، ع)

١٩

بمعنى أنّه حكم بتعلّق شيء بشيء تعلّقا زائدا على التعلّق الذي لا بدّ منه في كلّ حكم وهو تعلّقه بالمحكوم عليه وبه. وذلك أنّ الشارع حكم بتعلّق الصّحة بهذا الفعل وتعلّق البطلان أو الفساد بذلك. وبعضهم على أنّها أحكام عقلية لا شرعية فإنّ الشارع إذا شرع البيع لحصول الملك وبيّن شرائطه وأركانه فالعقل يحكم بكونه موصلا إليه عند تحقّقها وغير موصل عند عدم تحقّقها ، بمنزلة الحكم بكون الشخص مصلّيا أو غير مصلّ ، كذا في التلويح. وأمّا عند المحدّثين فهي كون الحديث صحيحا ؛ والصحيح هو المرفوع المتّصل بنقل عدل ضابط في التحمّل والأداء سالما عن شذوذ وعلّة. فالمرفوع احتراز عن الموقوف على الصحابي أو التابعي ، فإنّ المراد (١) به ما رفع إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. والاتّصال بنقل العدل احتراز عمّا لم يتّصل سنده إليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سواء كان الانقطاع من أول الإسناد أو أوسطه أو آخره ، فخرج المنقطع والمعضّل والمرسل جليا وخفيا والمعلّق ، وتعاليق البخاري في حكم المتّصل لكونها مستجمعة لشرائط الصّحة ، وذلك لأنّها وإن كانت على صورة المعلّق ، لكن لمّا كانت معروفة من جهة الثقات الذين علّق البخاري عنهم أو كانت متصلة في موضع آخر من كتابه لا يضرّه خلل التعليق ، وكذا لا يضرّه خلل الانقطاع لذلك. وعمّا اتصل سنده ولكن لم يكن الاتصال بنقل العدل بل تخلّل فيه مجروح أو مستور العدالة إذ فيه نوع جرح. والضابط احتراز عن المغفّل والساهي والشّاك لأنّ قصور ضبطهم وعلمهم مانع عن الوصول إلى الصحة. وفي التحمّل والأداء احتراز عمن لم يكن موصوفا بالعدالة والضبط في أحد الحالين. والسالم عن شذوذ احتراز عن الشّاذ وهو ما يخالف فيه الراوي من هو أرجح منه حفظا أو عددا أو مخالفة لا يمكن الجمع بينهما. وعلة احتراز عن المعتلّ وهو [ما] (٢) فيه علّة خفية قادحة لظهور الوهن في هذه الأمور فتمنع من الصحة ، هكذا في خلاصة الخلاصة. ولا يحتاج إلى زيادة قيد ثقة ليخرج المنكر. أمّا عند من يسوّي بينه وبين الشاذ فظاهر. وأمّا عند من يقول إنّ المنكر هو ما يخالف فيه الجمهور أعمّ من أن يكون ثقة أو لا ، فقد خرج بقيد العدالة كما في شرح شرح النخبة. والقسطلاني ترك قيد المرفوع وقال الصحيح ما اتّصل سنده بعدول ضابطين بلا شذوذ ولا علّة. وقال صاحب النخبة : خبر الواحد بنقل عدل تامّ الضبط متّصل السّند غير معلّل ولا شاذ هو الصحيح لذاته ، فإن خفّ الضبط مع بقية الشروط المعتبرة في الصحيح فهو الحسن لذاته.

وفي شرح النخبة وشرحه هذا أول تقسيم المقبول لأنّه إمّا أن يشتمل من صفات القبول على أعلاها أو لا والأوّل الصحيح لذاته ، والثاني إن وجد أمر يجبر ذلك القصور بكثرة الطّرق فهو الصحيح أيضا لكن لا لذاته ، بل لغيره. وحيث لا جبر فهو الحسن لذاته وإن قامت قرينة ترجّح جانب قبول ما يتوقّف فيه فهو الحسن أيضا لكن لا لذاته ، بل لغيره فقولنا لذاته يخرج ما يسمى صحيحا بأمر خارج عنه. فإذا روي الحديث الحسن لذاته من غير وجه كانت روايته منحطّة عن مرتبة الأوّل ، أو من وجه واحد مساو له ، أو راجح يرتفع عن درجة الحسن إلى درجة الصحيح وصار صحيحا لغيره ، كمحمد بن عمرو بن علقمة (٣) فإنّه مشهور الصدق والصيانة ولكنه ليس من أهل الاتفاق بحيث ضعّفه البعض من

__________________

(١) فالمقصود (م ، ع)

(٢) (ما) (+ م ، ع)

(٣) محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني. صدوق من الطبقة السادسة مات سنة ٢٤٥ ه‍. تقريب التهذيب ٤٩٩.

٢٠