موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٥٢
الجزء ١ الجزء ٢

والعقل. وقال في شرح «گلشن» : ان المراد من الخرابات هو مقام الوحدة. والخراباتي هو الرجل الفاني الذي فرغ من وجوده ، وقد ضاع نفسه في عالم العدل فلا يرضى بإضافة فعل أو وصف أو وجود لنفسه ويرى ذلك في الحقيقة كفرا (١).

الخراج : [في الانكليزية] Land tax ، tribute ، crop ، harvest ـ [في الفرنسية] Impot foncier ، tribut ، taxe ، recolte ، moion

بالكسر في اللغة ما حصل من ريع أرض أو كرائها أو أجرة غلام ونحوها ، ثم سمّي ما يأخذه السلطان فيقع على الضريبة والجزية ومال الفيء كما في الأزاهير (٢). وفي الغالب يختص بضريبة الأرض كما في المفردات. وخراج الأراضي نوعان. الأول خراج مقاسمة بالإضافة وهو جزء معيّن من الخارج يوضع (٣) الإمام عليه كما يوضع ربع أو ثلث ونحوهما ونصف الخارج غاية الطاقة. والثاني خراج موظف بالإضافة أيضا ويجوز أن يكون تركيبا وصفيا ويسمّى خراج الوظيفة والمواظفة أيضا ، وهو شيء معيّن من النقد أو الطعام يوضع (٤) الإمام عليه كما وضع عمر رضي‌الله‌عنه على سواد العراق لكل جريب صاعا من برّ أو شعير ودرهما كذا في جامع الرموز في كتاب الزكاة. وفي فتح القدير حقيقة الخراج هو خراج الأرض لأنّه إذا أطلق الخراج فإنّما يتبادر منه خراج الأرض ولا يطلق على الجزية إلاّ مقيّدا ، فيقال خراج الرأس وعلامة المجاز لزوم التقييد انتهى. لكن في جامع الرموز الجزية تسمّى بالخراج وخراج الرأس انتهى. فهذا صريح في جواز إطلاق الخراج على الجزية بلا تقييد.

الخراج : [في الانكليزية] Tumour ، absce ـ [في الفرنسية] Tumeur ، abces

بالضمّ كغراب هو في اصطلاح جمهور الأطباء كل ورم أخذ في جمع المدة سواء كان حارا أو باردا. ومنهم من ذهب إلى أنّ الخراج مخصوص بالأورام الحارّة إذا أخذت في الجمع دون الباردة كذا قال العلامة. وقال مولانا نفيس الخراج ورم حار كبير في داخله موضع تنصبّ إليه المادة وتتقيح كذا في بحر الجواهر. والمدة قيل هي القيح وقيل بالفرق بينهما كما تذكر في موضعها. وفي الموجز الفرق بينه وبين الدّبيلة أن الدّبيلة ورم في داخله موضع تنصب إليه المادة ، وأمّا الخراج فهو ما كان مع ذلك حارا ، وإذا رأيت مع الورم حرقا وضربانا كثيرا وانغمازا تحت الإصبع فهو خراج ويعرف موضع المدة بأنه إذا عصر أحسّ الشيء يتحرّك بإصبع أخرى توضع تحته.

__________________

(١) در لغت بمعني شراب خانه است. ودر اصطلاح صوفيه عبارت است از خراب شدن صفات بشريه وفاني شدن وجود جسماني وروحاني. وخراباتي مرد كامل كه از ومعارف الهيه بى اختيار صادر شود. وخراب نيز خرابي عالم بشريت را گويند هكذا في بعض الرسائل. ودر كشف اللغات ميگويد خرابات عبارت از مظهر جلالي است كه سالك از تجلي قهار محو وفاني گردد فلما تجلى ربه للجبل جعله دكّا وخرّ موسى صعقا كنايت از آنست. وقيل عزلت خانه پير ومرشد را گويند كه چون مريد بجهت خود بالحاح تمام برسد آن جناب او را مست ولا يعقل گرداند. ودر شرح گلشن گفته كه مراد از خرابات مقام وحدت است وخراباتي فاني را گويند كه از خود فراغت يافته وخود را به كوى نيستى در باخته باشد اضافت فعل ووصف وهستى به خود نمودن نسبت بحقيقت كفر است.

(٢) هناك الأزاهير في الفروع ذكره حاجي خليفة ، ج ١ ، ص ٧٢. وهناك أزاهير الرياض المريعة وتفسير المحاورة والشريعة : لأبي الحسن علي بن زيد بن محمد البيهقي الشافعي (ـ ٥٦٥ هـ) ونرجّح كتاب البيهقي. كشف الظنون ، ج ٣ / ٦٥. هدية العارفين ، ج ١ / ٦٩٩.

(٣) يضع (م ، ع).

(٤) يضع (م ، ع).

٧٤١

الخرب : [في الانكليزية] Suppreion of a syllable (prosody) ـ [في الفرنسية] Retranchement d\'une syllabe (prosodie)

بالفتح وسكون الراء المهملة عند أهل العروض اجتماع الخرم والكفّ فيصير مفاعيلن مفعول بضم اللام كذا في عنوان الشرف ، وهكذا في عروض سيفي حيث قال الخرب : هو حذف الميم والنون من مفاعيلن فيصير فاعيل والتي يستعمل بدلا منها مفعول بضم اللام. ويقال للركن الذي وقع فيه الخرب أخرب.

ووجه التسمية لغة أنّ الخرب بمعنى المخرب ، وبما أنّه فقد شيئا من أوّله وآخره فالخراب قد سرى إليه بكامله (١).

خرداد ماه : [في الانكليزية] Khurdad mah (Persian month) ـ [في الفرنسية] Khurdad mah mois perse)

اسم شهر في التقويم الفارسي. (الشهر الثالث من أشهر الربيع) (٢).

الخرقة : [في الانكليزية] Rags ـ [في الفرنسية] Loque ، haillon

بالكسر وسكون الراء المهملة : هي قطعة من الثّوب ، والثوب الذي جمع من عدة خرق كما في المنتخب. وعند الصوفية : ثوب خاص يلبسه الصّوفية وهو قسمان : أحدهما : هو الثوب الذي يلبسه الشيخ لمريده بعد إتمام تربيته. وهذه خرقة الإرادة والتصرّف. والثاني : هو في بداية سير السّالك يلبسها لكي تحجزه عن المعاصي ببركتها ويقال لهذه الخرقة : خرقة التبرك وخرقة التشبّه. والمريد في خرقة التشبّه يسمى مريدا رسميا ، وأمّا في خرقة التصوف فهو مريد حقيقي (٣) ، كذا في مجمع السلوك.

الخرم : [في الانكليزية] Suppreion of a syllable (prosody) ـ [في الفرنسية] Retranchement d\'une syllabe (prosodie)

بالفتح وسكون الراء عند أهل العروض حذف الحرف الأول من الجزء كذا في عنوان الشرف. وفي بعض رسائل العروض العربي الخرم إسقاط أول متحرك من الوتد المجموع إذا كان الجزء صدر البيت. فإن كان ذلك في فعولن سالما فهو الثّلم ، وإن كان في مفاعلن سالما فهو العضب ، والخرم يعمّ الكل انتهى. وفي رسالة قطب الدين السرخسي الخرم إسقاط أول الوتد المجموع. وفي عروض سيفي يقول : الخرم : هو حذف الميم من مفاعيلن ، ولمّا كانت فاعيلن غير مستعملة فيضعون مكانها مفعولن. والركن الذي أصابه الخرم يقولون له. أخرم : ويقول في المنتخب : الخرم هو ذهاب فاء فعولن وميم مفاعيلن ، فانظر في العبارات من الاختلافات (٤).

__________________

(١) خرب : انداختن ميم ونون مفاعيلن است تا فاعيل بماند ومفعول بضم لام كه كلمه مستعمل است به جايش آرند وركنى كه در وخرب واقع شود آن را اخرب نامند ووجه تسميه اينست كه خرب در لغت ويران كردن است وچون از اوّل وآخر چيزى نماند ويرانى تمام به او راه يابد.

(٢) نام ماهيست در تاريخ فرس.

(٣) پاره جامه وجامه كه از پارها دوخته باشند كما في المنتخب. ونزد صوفيه جامه ايست كه صوفيان مى پوشند وآن دو قسم است يكى آنكه مشايخ بعد تربيت تمام مر سالك را بپوشانند واين را خرقه ارادت وتصوف گويند دوم آنكه در اوّل قدم سالك را بپوشانند تا از بركت آن از معاصي بازماند واين را خرقه تبرك وخرقه تشبه گويند. مريد در خرقه تشبه مريد رسمي است ودر خرقه تصوف مريد حقيقي است كذا في مجمع السلوك.

(٤) ودر عروض سيفي مى آرد كه خرم : انداختن ميم مفاعيلن است وچون فاعيلن كلمه غير مستعمل باقي ماند به جايش مفعولن نهند وآن ركن كه درو خرم واقع شود آن را اخرم گويند. ودر منتخب ميگويد خرم رفتن فاي فعولن وميم مفاعيلن ، فانظر في العبارات من الاختلافات.

٧٤٢

الخروج : [في الانكليزية] Exit ، exodus ـ [في الفرنسية] Sortie ، exode

بالضم وتخفيف الراء المهملة في اللغة ضد الدخول. وعند أهل القوافي أحد حروف المدّ واللين الذي يكون بعد الوصل إذا تحرّك كذا في عنوان الشرف. وضمير تحرّك راجع إلى الوصل. ولا يتحرّك من حروف الوصل إلاّ الهاء وحينئذ يلزمها خروج كما وقع في بعض الرسائل لأهل العرب (١). وهذا اصطلاح العرب ، وأما اصطلاح الفرس فكما ذكره في جامع الصنائع قال : الخروج : هو الحرف الذي يأتي بعد الوصل ، ولا يكون حرف الوصل متحركا. مثل الياء في : كاريم ، وباريم ومعناهما : نعمل ، ونحمل أو أحيانا يكون متحرّكا مثل ياء افكنيم وبشكنيم ومعناهما : نرمي ، ونكسر. كما في هذا البيت :

حتى متى نلقي بأنفسنا في صحراء الحماد (أرض صخرية)

ونكسر زجاج قلوبنا بحجر الظلم

وقال صاحب معيار الأشعار : الأولى هو أنّ كل ما يأتي بعد الروي والوصل أن يعتبر من قبل الرديف. وهذا كلام معارض لما هو معروف ، ذلك أنّ المشهور هو أنّ كل ما كان بعد الروي إذا لم يكن كلمة كاملة أو بمنزلة كلمة فلا يعد رديفا. كما أنّ رعاية تكرار الخروج في القوافي هو أمر واجب. كذا في منتخب تكميل الصناعة (٢).

الخريف : [في الانكليزية] Autumn ـ [في الفرنسية] Automne

بالراء المهملة وهو فصل من الفصول الأربعة من السنة ويجيء في لفظ الفصل.

الخزف : [في الانكليزية] Cough ـ [في الفرنسية] Toux

بفتح الخاء والزاء المعجمة هو السّعال. والخزفي هو النوع الرابع من أنواع جرب العين كذا في بحر الجواهر وأنواع جرب العين تطلب من كتب الطب.

الخزل : [في الانكليزية] Suppreion of a syllable (prosody) ـ [في الفرنسية] Retranchement d\'une syllabe (prosodie)

بفتح الجيم أو الخاء وسكون الزاء المعجمة عند أهل العروض هو اجتماع الإضمار والطّي. فمتفاعلن يصير بالإضمار مستفعلن وبالطّي مفتعلن هكذا في بعض رسائل العروض العربي وجامع الصنائع وعنوان الشرف. والخزل في اللغة القطع والمناسبة بين المعنيين ظاهرة.

الخزم : [في الانكليزية] Adding of some letters (one، two or three) ـ [في الفرنسية] Addintion de quelques lettres (une، deux ou trois)

بالفتح وسكون الزاء المعجمة عند أهل العروض هو زيادة حرفين أو ثلاثة أحرف أو أربعة فقط على الحرف الأول كذا في عنوان الشرف. وفي بعض رسائل العروض العربي الخزم بالزاء المعجمة زيادة تلحق أول البيت تسقط في التقطيع ، وذلك إمّا بحرف كالواو في قوله :

وإذا أنت جازيت امرئ السوء فعله

أتيت من الأخلاق ما ليس راضيا

__________________

(١) الغرب (م ، ع).

(٢) واين اصطلاح عربيان است واصطلاح فارسيان آنست كه در جامع الصنائع آرد كه خروج حرفي را گويند كه بعد از وصل در آيد وحرف وصل متحرك نباشد چون ياى كاريم وباريم وگاه باشد كه متحرك باشد چون ياى افگنيم وبشكنيم درين بيت.

تا چند به سنگ لاخ غم افگنيم

وز سنگ ستم شيشه دل بشكنيم

وصاحب معيار الأشعار گفته أولى آنست كه هرچه بعد از روي ووصل آيد جمله را از حساب رديف شمرند واين سخن خلاف متعارف است چرا كه مشهور است كه هرچه بعد از روي مذكور شود ما دام كه كلمه على حده يا به منزله كلمه على حده نباشد رديف نيست ورعايت تكرار خروج در قوافي واجب است كذا في منتخب تكميل الصناعة.

٧٤٣

وإمّا بحرفين كقد في قوله :

قد فاتني اليوم حديثك ما لست مدركه

وإمّا بثلاثة أحرف كنحن في قوله :

نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة (١)

رميناه بسهمين فلم يخطئ فؤاده

وإمّا بأربعة أحرف كأشدد في قوله :

أشدد حيازيمك للموت إنّ الموت ملاقيكا

ولا تجزع من الموت إذا حلّ بواديكا

والخزم في غير الأول قبيح كقوله :

الفخر أوله جهل وآخره حقد

إذا تذكرت الأقوال والكلم

فخزم بحقد في الوسط. وأمّا الخرم بالراء المهملة فجائز في أول البيت وفي أول الابتداء في البيت المقفّى أو المصراع وكذا في غيرهما على رأي انتهى كلامه. ويقول في جامع الصنائع : الخزم بخاء وزاي معجمتين هو أن يزيد في أوّل البيت حرفا إلى ثلاثة حروف. ويجوز أن تسقط هذه الحروف من الوزن فلا تحسب. وكذلك الحرف الذي يسقط في حشو البيت وهو خارج عن الأوزان فانّه يوزن ، وقد دعاه الأخفش أيضا خزما وأجازه ، بينما الخليل لا يراه صحيحا (٢).

الخزمية : [في الانكليزية] Al ـ Khzmiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Khazmiyya (secte)

وهم أصحاب التناسخ والإباحة وهو اسم السّبعية (٣).

الخسوف : [في الانكليزية] Lunar eclipse ـ [في الفرنسية] Eclipse lunaire

هو الكسوف. وقيل بالفرق بينهما. ويجيء ذكره في لفظ الكسوف.

الخسيس : [في الانكليزية] Mean ، vile ، cheap ـ [في الفرنسية] Vil ، ignoble ، bon marche

في اللغة فرومايه كما في الصراح. وفي بعض كتب اللغة الأخس زبون تر وهو مقابل للأشرف. وفي بعض كتب اللغة الخسيس الدنيء وقيل السفلة. وفي التاتارخانية في باب الكفو الخسيس من يخدم الظلمة وإن كان ذا مروة (٤). وفي البرجندي في أول كتاب البيع المراد بالخسيس في باب البيع ما يقل ثمنه كالخبز واللحم ، وبالنفيس ما يكثر ثمنه كالعبد. وفي بعض الكتب الشافعية الخسيس ما دون نصاب السرقة. وقيل ما يعدّ في العادة خسيسا انتهى.

خشم : [في الانكليزية] Wrath ـ [في الفرنسية] Colere

بالفارسية معناها الغضب ، وعند الصوفية يقولون عنها : ظهور صفات القهر الإلهية (٥).

__________________

(١) هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي ، أبو ثابت. مات بحوران قرب الشام عام ١٤ هـ / ٦٣٥ م. صحابي جليل ، أمير ، شريف في الجاهلية والإسلام. كان يلقب في الجاهلية بالكامل. شهد الفتوح والغزوات مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. الأعلام ٣ / ٨٥ ، تهذيب ابن عساكر ٦ / ٨٤ ، صفة الصفوة ١ / ٢٠٢ ، طبقات ابن سعد ٣ / ١٤٢ ، البدء والتاريخ ٥ / ١٢٣.

(٢) ودر جامع الصنائع گويد خزم بخا وزاي معجمتين آنست كه در اوّل بيت حرفى تا سه زياده كنند وآن زيادت اگر از اوزان افتد بالاتفاق جائز است ودر وزن محسوب نيست وحرفى كه در حشو بيت افتد وخارج از اوزان باشد وزن بگردد آن را نير أخفش خزم خواند وجائز ميدارد وخليل درست نمى دارد.

(٣) من الفرق الإباحية والتناسخية. ذكرها كتّاب الفرق والمقالات تحت اسم : الخرّميّة. وهي فرقتان. فرقة قبل الإسلام ومنها المزدكية وغيرها. وفرقة ظهرت في دولة الإسلام ومنها البابكية أتباع بابك الخرمي والمازيارية أتباع مازيار وتسمّى بالمحمرة أيضا. وقد قالوا بتعاليم الفرس والبوذيين. وكانوا إباحيين. التبصير ١٣٥ ، الفرق بين الفرق ٢٦٦ ، مروج الذهب ٣ / ٣٠٥ ، الفصل لابن حزم ١ / ٣٤ ، العبر ١ / ٢٦٧.

(٤) [وفي التاتارخانية ... ذا مروة] (ـ م ، ع).

(٥) نزد صوفيه ظهور صفات قهرى را گويند.

٧٤٤

الخشونة : [في الانكليزية] Roughne ـ [في الفرنسية] Aprete ، durete

بالفتح وضم الشين المعجمة المخففة مقابلة للملاسة عند المتكلمين والحكماء ، فإنّ الملاسة عند المتكلّمين استواء وضع الأجزاء في ظاهر الجسم ، والخشونة عدمها بأن يكون بعض الأجزاء ناتئا وبعضها غائرا فهما على هذا من باب الوضع دون الكيف. وهما عند الحكماء كيفيتان ملموستان قائمتان بالجسم تابعتان للاستواء واللااستواء المذكورين. وقيل قائمتان بسطح الجسم فإنّ قيام العرض بالعرض جائز عندهم ، كذا في شرح المواقف في الملموسات.

الخصوص : [في الانكليزية] Particular ـ [في الفرنسية] Particulier

بالفتح والضم في اللغة الانفراد ويقابله العموم. وعند المنطقيين كون أحد المفهومين غير أشمل من الآخر إمّا مطلقا أو من وجه ، ويسمّى ذلك المفهوم خاصا وأخصّ إمّا مطلقا أو من وجه ، ويجيء في لفظ العموم ولفظ الكلي.

اعلم أنّ الخصوص قد يعتبر بحسب الصدق وقد يعتبر بحسب الوجود وقد يعتبر بحسب المفهوم ، ويجيء في لفظ النسبة. ويطلق عندهم أيضا على كون القضية مخصوصة حملية كانت أو شرطية. وعند الأصوليين كون اللفظ موضوعا بوضع واحد لواحد أو لكثير محصور ، وذلك اللفظ يسمّى خاصا. فاللفظ بمنزلة الجنس يشتمل المستعمل والمهمل ، والموضوع يخرج المهمل والمراد بالوضع تخصيص اللفظ بإزاء المعنى فيدخل فيه الحقيقة والمجاز. وتقييد الوضع بالوحدة يخرج المشترك بالنسبة إلى معانيه المتعددة. والمراد بالواحد في قولهم لواحد أعمّ من الواحد الشخصي كزيد ويسمّى هذا الخصوص خصوص العين ، ومن الواحد الجنسي كالإنسان ويسمّى هذا الخصوص خصوص الجنس ، ومن الواحد النوعي كرجل وامرأة ويسمّى هذا الخصوص خصوص النوع ، وقولهم لكثير يشتمل التثنية والجمع المنكر والعام واسم العدد. وقيد محصور يخرج المنكر والعام. وذكر فخر الإسلام أنّ الخاص كل لفظ وضع لمعنى واحد على الانفراد وكل اسم وضع لمسمّى معلوم على الانفراد. فالوضع يشتمل وضع الحقيقة والمجاز وخرج به المهمل. وبقيد الوحدة خرج المشترك والمطلق أيضا عند من يقول بأنّه واسطة بين الخاص والعام وهو قول بعض مشايخ الحنفية والشافعية لأنّ المطلق ليس بمعترض للوحدة ولا للكثرة لأنها من الصفات ، والمطلق متعرض للذات دون الصفات. وبعضهم جعل المطلق من الخاص النوعي ، وكذا الحال في التعريف الأول في شموله للمطلق وعدم شموله له. وبقيد الانفراد خرج العام ولم تخرج التثنية لأنّه أراد بالانفراد عدم المشاركة بين الأفراد ، وقد تمّ التعريف بهذا ، ويتناول خصوص العين والجنس والنوع إلاّ أنّه أفرد خصوص العين بالذكر بطريق عطف الخاص على العام إشارة إلى كمال مغايرته لخصوص الجنس والنوع وقوة خصوصه بحيث لا شركة في مفهومه أصلا. فعلى هذا المراد بالمعنى مدلول اللفظ وقيل المراد بالمعنى ما يقابل العين كالعلم والجهل. هذا تعريف لقسمي الخاص الاعتباري والحقيقي تنبيها على جريان الخصوص في المعاني والمسمّيات بخلاف العموم فإنّه لا يجري العموم في المعاني ، وهذا وهم إذ ليس المراد بعدم جريان العموم في المعاني أنه مختص باسم العين دون اسم المعنى للقطع بأنّ مثل لفظ العلوم والحركات عام ، بل المراد أنّ المعنى الواحد لا يعمّ متعددا. واعترض عليه أيضا بأنّه إذا كان تعريفا لقسمي الخاص كان الواجب إيراد كلمة أو دون الواو

٧٤٥

لأنّ المحدود ليس مجموع القسمين. وجوابه أنّ هذا بيان لقسميه على وجه يؤخذ منه تعريف القسمين بدليل أنه ذكر كلمة كل والخاص اسم لكل من القسمين لا لأحد القسمين ، على أن الواو قد تستعمل بمعنى أو. وقيل المراد أنّ لفظ الخاص مقول بالاشتراك على معنيين أحدهما الخاص مطلقا والآخر خاص الخاص أعني الاسم الموضوع للمسمّى المعلوم أي المعين المشخص. وبالجملة فعلى هذا الخاص يطلق على معنيين أحدهما ما يعمّ الأقسام الثلاثة ، وثانيهما ما هو أحد أقسامه وهو خاص العين. هذا كله خلاصة ما في التلويح وكشف البزدوي ويجيء ما يتعلق بهذا في لفظ العموم.

الخصوصية : [في الانكليزية] Particularity ـ [في الفرنسية] Particularite

بالفتح أفصح وحينئذ تكون صفة وإلحاق الياء المصدرية لكون المعنى على المصدرية والتاء للمبالغة. وإذا ضمّ يحتاج إلى أن يجعل المصدر بمعنى الصفة أو الياء للنسبة والتاء للمبالغة كذا في كليات أبي البقاء.

الخضر : [في الانكليزية] Prophet ، joy ، Holy ghost ـ Prophete ، joie ، Saint ـ [في الفرنسية] Esprit

بالكسر وسكون الضاد المعجمة هو اسم لنبي عليه‌السلام. وهو عند الصوفية : كناية عن البسط ، وإلياس كناية عن القبض ، كذا في كشف اللغات (١). وفي الاصطلاحات الصوفية لكمال الدين أبي الغنائم : الخضر كناية عن البسط وإلياس عن القبض. وأما كون الخضر عليه‌السلام شخصا إنسانيا باقيا من زمان موسى عليه‌السلام إلى هذا العهد أو روحانيا يتمثل بصورته لمن يرشده فغير محقّق عندي ، بل قد يتمثل معناه له بالصفة الغالبة عليه ثم يضمحل وهو روح ذلك الشخص أو روح القدس.

الخضراء : [في الانكليزية] Green ـ striped suit ـ [في الفرنسية] Habit vert raye

بفتح الضاد المعجمة والألف الممدودة في اللغة الفارسية يقولون لها : سبز. وفي اصطلاح المحدّثين : الثوب الذي فيه خطوط خضراء (٢) كما في تيسير القارئ ، ترجمة صحيح البخاري.

وقد سبق في لفظ الحمراء أيضا.

الخط : [في الانكليزية] Writing ، handwriting ـ [في الفرنسية] Ecriture ، calligraphie

بالفتح والتشديد لغة تصوير اللفظ بحروف هجائه المعبّر عنه بالفارسية ب نوشتن. وعند الصوفية هو ما قال في كشف اللغات : الخط في اصطلاح الصوفية هو إشارة للحقيقة المحمدية من حيث شمولها للخفاء والظهور والكمون والبروز. وقالوا أيضا : الخط عبارة عن عالم الأرواح الذي هو أقرب مراتب الوجود لغيب الهوية في التجرّد وعدم السمة (٣). وعند بعض المتكلّمين هو الجوهر المركّب من جواهر فردة بحيث لا يكون له إلا طول ويسمّى أيضا بالخط الجوهري وقد سبق في لفظ الجسم ، ويجيء أيضا في لفظ المقدار. وعند الحكماء والمهندسين عرض هو كم متّصل له طول فقط أي مقدار له طول فقط. وفي أشكال التأسيس الخط طول بلا عرض. وقال شارحه كأنّ المراد به ما له طول فقط. ثم الخط إمّا مفرد وهو ما يعبّر عنه باسم واحد كثلاثة وجذر ثلاثة ، وإمّا مركّب وهو ما يعبّر عنه باسمين ويسمّى ذا الاسمين أيضا كثلاثة

__________________

(١) نام پيغمبريست عليه‌السلام ونزد صوفيه كنايت از بسط است والياس كنايت از قبض است كذا في كشف اللغات.

(٢) در لغت سبز را گويند ودر اصطلاح محدّثين جامه را گويند كه درو خطهاى سبز باشند.

(٣) خط در اصطلاح صوفيان اشارت بحقيقت محمدي است من حيث هي شامل خفا وظهور وكمون وبروز است ونيز گفته اند كه خط عبارت است از عالم ارواح كه اقرب مراتب وجود است بغيب هويت در تجرد وبى نشاني.

٧٤٦

وجذر ثلاثة مجموعين على ما في حواشي تحرير أقليدس. وأيضا الخط إمّا مستقيم أو محدّب. فالمستقيم أقصر الخطوط الواصلة بين النقطتين اللتين هما طرفاه. فإنّ النقطتين يمكن أن يوصل بينهما بخطوط غير متناهية العدد فما كان منها بحيث لا يمكن أن يوجد أقصر منها فهو المستقيم ، ولا يكفي في ذلك أن يكون أقصر بالفعل لجواز أن تكون الخطوط الواصلة بالفعل ، ويمكن أن يوصل بينهما أقصر منه ، فلا تكون تلك الخطوط مستقيمة. وعرّف أيضا بأنه الذي بعده مساو للبعد الذي بين طرفيه ، وهذا الرسم قريب من الأول ، وبأنّه الذي يستر طرفه ما عداه إذا وقع في امتداد شعاع البصر ، والمحدب بخلاف المستقيم. والخط إذا أطلق فالمراد منه عندهم هو الخط المستقيم. وأسماء الخط المستقيم عشرة : الضلع والساق ومسقط الحجر والعمود والقاعدة والجانب والقطر والوتر والسهم والارتفاع ، وتفسير كل في موضعه. ثم الخط المحدّب قسمان : مستدير ويسمّى فرجاريا أيضا لحصوله بحركة رأس الفرجار ، ومنحن ويسمّى غير فرجاري أيضا. فالمستدير خط توجد في داخله نقطة يتساوى جميع الخطوط المستقيمة الخارجة من تلك النقطة إليه أي إلى ذلك الخط. ورسم أيضا بأنه الذي يتوهّم حدوثه من حركة نقطة حول نقطة ثابتة ، حركة تكون بحيث لا يختلف البعد بسبب تلك الحركة بينهما أي بين النقطتين وبأنّه الذي يتوهّم حدوثه من إدارة خط مستقيم مع ثبات أحد طرفيه إلى أن يعود على وضعه الأول ويسمّى الخط المستدير دائرة أيضا مجازا ، تسمية للحال باسم المحل. وقد يطلق الخط المستدير على ما فيه انحناء مطلقا ، فيشتمل محيطات القطعات المختلفة. والخط المنحني ما لا يكون كذلك ، أي لا يكون مستديرا بالمعنى الأول فهو ما يوجد فيه انحناء ما. هكذا يستفاد من ضابطة قواعد الحساب وشرح خلاصة الحساب. والخط المقسوم على نسبة ذات وسط وطرفين هو الذي تكون نسبته إلى أعظم قسميه كنسبة أعظم قسميه إلى أصغرهما. هكذا في صدر المقالة السادسة من تحرير أقليدس.

الخطأ : [في الانكليزية] Mistake ـ [في الفرنسية] Erreur ، faute

بفتحتين نقيض الصواب وقد يمدّ ، وقرئ بالقصر والمد قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) (١) وبالكسر الإثم ، قال تعالى (إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) (٢) أي إثما كذا في الصراح والمنتخب. وفي المهذب الخطأ بالفتح خلاف صواب وگناه. والمفهوم من الفتح المبين شرح الأربعين أنّ الخطأ يطلق على ثلاثة معان : الإثم وضد العمد وضد الصواب. قال المراد بالخطإ في قوله عليه‌السلام : (إنّ الله تجاوز عن أمّتي الخطأ) (٣) ضد العمد ، وهو أن يقصد بفعله شيئا فيصادف غير ما قصد ، لا ضد الصواب ، خلافا لمن زعمه ، لأنّ تعمد المعصية يسمّى خطأ بالمعنى الثاني ، وهو غير ممكن الإرادة هاهنا. ولفظه يمدّ ويقصر ويطلق على الذنب أيضا من خطأ وأخطأ بمعنى على ما قاله أبو عبيدة. وقال غيره المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره. والخاطئ من تعمّد إلى غيره انتهى كلامه. ومن قال الخطأ فعل يصدر بلا قصد إليه عند مباشرة أمر مقصود سواه فقد أراد ما هو به ضد العمد. ثم الخطأ بهذا المعنى يجوز المؤاخذة به لكن عفي عنه المؤاخذة تفضلا خلافا للمعتزلة فإنّهم قالوا لا يؤاخذ به لأنّ المؤاخذة إنّما هي على

__________________

(١) النساء / ٩٢.

(٢) الأسراء / ٣١.

(٣) سنن ابن ماجه ، كتاب الطلاق ، باب (١٦) ، حديث (٢٠٤٣) ، ١ / ٦٥٩.

٧٤٧

الجناية وهي بالقصد. والجواب أنّ ترك التثبّت منه جناية وقصد. وبهذا الاعتبار جعل الأصوليون الخطأ من العوارض المكتسبة. وفي الحماية الخطأ والصواب يستعملان في المجتهدات وقد سبق في لفظ الحق.

خط الإستواء : [في الانكليزية] Equator ، equatorial line ـ [في الفرنسية] Ligne equatoriale ، equateur

هو عند أهل الهيئة دائرة عظيمة حادثة على سطح الأرض عند توهمنا معدل النهار قاطعا للعالم ، فهي في سطح معدل النهار. وهذه الدائرة تنصّف الأرض بنصفين : شمالي وجنوبي. فالشمالي ما كان في جهة القطب الذي يلي بنات النعش ، والجنوبي ما يقابله. ومن خواصّه أنّ معدل النهار يسامت أبدا رءوس سكانه والشمس تسامت رءوسهم في كلّ سنة مرتين ، مرة في أوّل الحمل ومرة في أوّل الميزان ، ويسمّى أفقه أفق الفلك المستقيم وأفق الكرة المنتصبة لاستقامة كرة الفلك هناك وانتصابها في الحركة ، فإنّ حركة الفلك هناك دولابية. ولما كان أفقه منصفا للمعدل والمدارات اليومية على زوايا قوائم اعتدل الليل والنهار كمية هناك أبدا ولهذا سميت به. والفصول هناك ثمانية. صيفان وخريفان وشتاءان وربيعان. ومدّة كل فصل شهر ونصف. فالشمس إذا وصلت أحد الاعتدالين كان مبدأ الصيف لمرور الشمس على سمت رءوسهم وإذا وصلت أحد الانقلابين كان في غاية بعد عن سمت الرأس ، فكان مبدأ شتائهم وإذا بلغت الاعتدال الآخر كان صيفا آخر وإذا نزلت إلى الانقلاب الآخر كان شتاء آخر ، وبين كل صيف وشتاء خريف ، وبين كل شتاء وصيف ربيع. فمن أول الحمل إلى نصف الثور صيف ، ومن نصف الثور إلى أول السرطان خريف وهكذا. وقد يطلق خط الإستواء على خط المشرق والمغرب أيضا كما سيجيء.

خط التّقويم : [في الانكليزية] Line of the astronomical statement ، almanac ـ [في الفرنسية] Ligne de la relevee astronomique ، almanach

ويسمّى بالخط التقويمي أيضا ، هو عندهم خط يخرج من مركز العالم مارا بمركز الكوكب منتهيا إلى سطح الفلك الأعلى.

خط السّمت : [في الانكليزية] Line of the azimuth ـ [في الفرنسية] Ligne de l\'azimut

هو عندهم الخط الواصل بين نقطتي السّمت. وخط سمت القبلة عندهم يجيء في لفظ السمت.

خط سياه : [في الانكليزية] Black handwriting ـ [في الفرنسية] Ecriture noire

معناها بالفارسية : الخط الأسود. وهو عند الصوفية إشارة إلى عالم الغيب ، وخط سبز : ومعناها الخط الأخضر. ويعني لدى الصوفية عالم البرزخ (١).

خط الظّل : [في الانكليزية] Line of the tangent ـ [في الفرنسية] Ligne de la tangente

ويسمّى قطر الظل أيضا ، وهو عندهم الخط الواصل بين رأس المقياس ورأس الظّل.

الخط المدير : [في الانكليزية] Ecliptic ـ [في الفرنسية] Ecliptique

عندهم هو الخط الخارج من مركز معدّل المسير إلى مركز التدوير ويجيء في لفظ المعدل مع بيان مركز الخط المدير.

خط المركز المعدّل : [في الانكليزية] Heavenly equator ـ [في الفرنسية] Equateur celee

هو عندهم خط يخرج من مركز العالم إلى المركز التدوير منتهيا إلى فلك البروج.

__________________

(١) سياه نزد صوفيه عالم غيب را گويند وخط سبز عالم برزخ را گويند.

٧٤٨

خط المشرق والمغرب : [في الانكليزية] Equator ـ [في الفرنسية] Equateur

عندهم هو الخط الواصل بين نقطتي المشرق والمغرب ويسمّى خط الاعتدال أيضا. وفي شرح الچغميني للقاضي ويسمّى أيضا خط الاعتدال والإستواء انتهى. وهذا الخط وخط نصف النهار يخرجان في سطوح الرخامات المعمولة لمعرفة الارتفاعات.

خط نصف النهار : [في الانكليزية] Meridian ـ [في الفرنسية] Meridien

عندهم وهو الخط الواصل بين نقطتي الشمال والجنوب سمّي به لأنّه في سطح دائرة نصف النهار. وبعبارة أخرى هو الفصل المشترك بين سطحي الأفق ونصف النهار. وقد يطلق على الفصل المشترك بين سطح الأرض ودائرة نصف النهار لكونه في سطح نصف النهار أيضا ويسمّى خط الزوال أيضا إذ هو أي الزوال يعرف به ، والمعنى الأول هو المشهور. هكذا يستفاد من شرح التذكرة لعبد العلي البرجندي. وفي شرح الچغميني الخط الواصل بين نقطتي الجنوب والشمال يسمّى خط نصف النهار وخط الزوال وخط الجنوب والشمال انتهى.

خط الوسط : [في الانكليزية] Median ، middle line ، ecliptic ـ [في الفرنسية] Ligne mediane ، ecliptique

ويسمّى الخط الوسطي أيضا يجيء تفسيره في لفظ الوسط.

الخطاب : [في الانكليزية] Discorse ، speach ـ [في الفرنسية] Discours

بالكسر وتخفيف الطاء المهملة على ما في المنتخب وهو بحسب أصل اللغة توجيه الكلام نحو الغير للإفهام ، ثم نقل إلى الكلام الموجّه نحو الغير للإفهام. وقد يعبّر عنه بما يقع به التخاطب. قال في الأحكام : الخطاب اللفظ المتواضع عليه المقصود به إفهام من هو متهيّئ لفهمه. فاحترز باللفظ عن الحركات والإشارات المفهمة بالمواضعة وبالمتواضع عليه عن الأقوال المهملة. وبالمقصود به الإفهام عن كلام لم يقصد به إفهام المستمع فإنّه لا يسمّى خطابا. وبقوله لمن هو متهيّئ لفهمه عن الخطاب لمن لا يفهم كالنائم ، والظاهر عدم اعتبار القيد الأخير ؛ ولهذا يلام الشخص على خطابه من لا يفهم. والكلام يطلق على العبارة الدّالّة بالوضع على مدلولها القائم بالنفس. فالخطاب إمّا الكلام اللفظي أو الكلام النفسي الموجّه به نحو الغير للإفهام. والمتبادر من عبارة الإحكام الكلام اللفظي ، والمراد بالخطاب في تفسير الحكم هو الكلام النفسي كما سبق. ثم الخطاب قسمان تكليفي ووضعي وقد سبق في لفظ الحكم. اعلم أنه قد جرى الخلاف في تسمية كلام الله تعالى خطابا في الأزل قبل وجود المخاطبين تنزيلا لما سيوجد منزلة الموجود أولا. وهو مبني على تفسير الخطاب. فإن قلنا إنّه الكلام الذي علم أنّه يفهم كان خطابا ، وإنّما اعتبر العلم ولم يقل من شأنه لفائدتين : إحداهما أنّ المتبادر منه الإفهام بالقوّة ، فيخرج عنه الخطاب المفهم بالفعل. وثانيتهما أنّ المعتبر فيه العلم بكونه مفهما في الجملة. فما لا يفهم في الحال ولم يعلم إفهامه في المآل لا يكون خطابا ، بل إن كان مما يخاطب يكون لغوا بحسب الظاهر على ذلك التقدير ، وليس المراد من صيغة يفهم معنى الحال أو الاستقبال ، بل مطلق الاتصاف بالإفهام الشامل لحال الكلام وما بعده. وإن قلنا إنّه الكلام الذي أفهم لم يكن خطابا ، والمراد بالإفهام هاهنا الإفهام الواقع بالفعل أعمّ من الماضي والحال ، ويبتني عليه أنّ الكلام حكم في الأزل أو يصير حكما فيما لا يزال. هذا كله خلاصة ما في العضدي وحاشيته للسيد الشريف. والحاصل أنّ من قال الخطاب هو الكلام

٧٤٩

الذي يقصد به الإفهام سمّي الكلام في الأزل خطابا لأنّه يقصد به الإفهام في الجملة. ومن قال هو الكلام الذي يقصد به إفهام من هو أهل للفهم على ما هو الأصل لا يسمّيه في الأزل خطابا. والأكثر ممن أثبت لله تعالى الكلام النفسي من أهل السّنة على أنّه كان في الأزل أمر ونهي وخبر واستخبار ونداء. والأشعرية على أنّه تعالى تكلّم بكلام واحد وهو الخبر ، ويرجع الجميع إليه لينتظم له القول بالوحدة. وليس كذلك إذ مدلول اللفظ ما وضع له اللفظ لا ما يقتضي مدلوله أو يئول إليه أو يأول به وإلاّ لجاز اعتباره في الخبر أيضا ، فحينئذ يرتفع الوثوق عن الوعد والوعيد لاحتمال معنى آخر من البشارة والإنذار وغيرهما. ومن يريد أن يأمر أو ينهى أو يخبر أو يستخبر أو ينادي يجد في نفسه قبل التلفّظ معناها ثم يعبّر عنه بلفظ أو كتابة (١) أو إشارة ، وذلك المعنى هو الكلام النفسي وما يعبّر به هو الكلام اللفظي. وقد يسمّى الكلام الحسّي ، ومغايرتهما بيّنة ، إذ المعبّر به قد يختلف دون المعنى ، والفرق بين الكلام النفسي والعلم هو أنّ ما خاطب به مع نفسه أو مع غيره فهو كلام وإلاّ فهو علم. ونسبة علمه تعالى إلى جميع الأزمنة على السّنوية فيكون جميع الأزمنة من الأزل إلى الأبد بالقياس إليه تعالى كالحاضر في زمان واحد ، فيخاطب بالكلام النفسي مع المخاطب النفسي ، ولا يجب فيه حضور المخاطب الحسّي فيخاطب الله تعالى كل قوم بحسب زمانه وتقدّمه وتأخّره ، مثلا إذا أرسلت زيدا إلى عمرو تكتب في مكتوبك إليه أني أرسلت إليك زيدا مع أنّه حين ما تكتبه لم يتحقّق الإرسال فتلاحظ حال المخاطب. وكما تقدّر في نفسك مخاطبا فتقول له تفعل الآن كذا وستفعل بعده كذا ، ولا شكّ أنّ هذا المضي والحضور والاستقبال إنّما هو بالنسبة إلى زمان الوجود المقدّر لهذا المخاطب لا بالنسبة إلى زمان المتكلّم. ومن أراد أن يفهم هذا المعنى فليجرّد نفسه عن الزمان يجد هذا المعنى معاينة وهذا سرّ هذا الموضع والله الموفق ، هكذا في كليات أبي البقاء. ودليل الخطاب عند الأصوليين هو مفهوم المخالفة وفحوى الخطاب ، ولحن الخطاب عندهم هو مفهوم الموافقة والبعض فرّق بينهما ، ويجيء في لفظ المفهوم.

الخطابة : [في الانكليزية] Rhetoric ـ [في الفرنسية] Rhetorique

بالفتح بمعنى فريفتن بزبان ـ التأثير بالبيان ـ كما في الصراح. وعند المنطقيين والحكماء هو القياس المؤلّف من المظنونات أو منها ومن المقبولات ويسمّى قياسا خطابيا أيضا ، ويسمّى أمارة عند المتكلّمين ، صرّح بذلك السّيد الشريف في حاشية شرح الطوالع. وصاحب هذا القياس يسمّى خطيبا والغرض منه ترغيب الناس فيما ينفعهم من أمور معاشهم ومعادهم كما يفعله الخطباء والوعاظ. اعلم أنّهم خصّوا الجدل والخطابة بالقياس لأنهم لا يبحثون إلاّ عنه وإلاّ فهما قد يكونان استقراء وتمثيلا ، هكذا في شرح الشمسية وحواشيه. وفي المحاكمات الإقناعي يطلق على الخطابي وهو الدليل المركّب من المشهورات والمظنونات انتهى. وقول العلماء هذا مقام خطابي أي مقام يكتفى فيه بمجرّد الظّنّ كما وقع في المطول. ثم اعلم أنّ خطابات القرآن على أنحاء شتى ، فكلّ خطاب في القرآن بقل فهو خطاب التشريف. وخطاب العام والمراد به العموم نحو (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) (٢). وخطاب الخاص

__________________

(١) كناية (م ، ع).

(٢) الروم / ٤٠ و ٥٤.

٧٥٠

والمراد به الخصوص نحو (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ) (١). وخطاب العام والمراد به الخصوص نحو (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) (٢) لم يدخل فيه غير المكلّفين. وخطاب الخاص والمراد به العموم نحو (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) (٣). وخطاب المدح نحو يا أيها الذين آمنوا. وخطاب الذّم نحو يا أيها الذي كفروا. وخطاب الكرامة نحو يا أيها النبي. وخطاب الإهانة نحو إنّك رجيم. وخطاب الجمع بلفظ الواحد نحو (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (٤). وبالعكس نحو (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) (٥). وخطاب الواحد بلفظ الاثنين نحو (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) (٦) وبالعكس نحو (قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى) (٧) أي ويا هارون. وخطاب الاثنين بلفظ الجمع نحو (أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) (٨) وبالعكس نحو ألقيا في جهنم. وخطاب الجمع بلفظ الواحد نحو (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ) (٩) ، وبالعكس نحو (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠) ، وخطاب العين والمراد به الغير نحو (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) (١١) ، ونحو (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١٢) ، وبالعكس نحو (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (١٣). وخطاب عام لم يقصد به معيّن نحو (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) (١٤). وخطاب التخصيص ثم العدول إلى غيره نحو (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) (١٥) خوطب به النبي وأمته ، ثم قيل للكفار فاعلموا بدليل فهل أنتم مسلمون. وخطاب التلوين وهو الالتفات. وخطاب التهييج نحو (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٦). وخطاب الاستعطاف نحو (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) (١٧). وخطاب التجنّب نحو (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) (١٨) وخطاب التعجيز نحو (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (١٩) وخطاب المعدوم وهو لا يصحّ إلاّ تبعا للموجود نحو يا بني آدم. وخطاب المشافهة وهو ليس بخطاب لمن بعدهم وإنّما يثبت لهم الحكم بدليل آخر من نصّ أو إجماع أو قياس ، فإنّ الصبيّ والمجنون لمّا لم يصلحا لمثل هذا الخطاب فالمعدوم أولى هكذا في كليات أبي البقاء.

الخطّابية : [في الانكليزية] Al ـ Khatabiyya (sect) ـ [في الفرنسية] Al ـ Khatabiyya (secte)

بالفتح فرقة من غلاة الشيعة أصحاب أبي خطاب الأسدي (٢٠) ، وهو نسب نفسه إلى أبي عبد الله جعفر الصادق ، فلما علم منه غلوّه في حقّه تبرّأ منه ، فلما اعتزل عنه ادّعى الأمر لنفسه ، وقالوا الأئمة أنبياء وأبو الخطاب نبي ، وزعموا أنّ الأنبياء فرضوا على الناس طاعة أبي

__________________

(١) المائدة / ٦٧.

(٢) النساء / ١.

(٣) الطلاق / ١.

(٤) الانفطار / ٦.

(٥) المؤمنون / ٥١.

(٦) ق / ٢٤.

(٧) طه / ٤٩.

(٨) يونس / ٨٧.

(٩) يونس / ٦١.

(١٠) يونس / ٨٧.

(١١) الأحزاب / ١.

(١٢) الزمر / ٦٥.

(١٣) الأنبياء / ١٠.

(١٤) السجدة / ١٢.

(١٥) هود / ١٤.

(١٦) المائدة / ٢٣.

(١٧) الزمر / ٥٣.

(١٨) مريم / ٤٤.

(١٩) البقرة / ٢٣.

(٢٠) هو محمد بن أبي زينب ، يكنّى بأبي إسماعيل أو أبي الظبيان. مات قتلا عام ١٤٣ ه‍. على يد عيسى بن موسى والي الكوفة. كان مولى لبني أسد. وكانت له آراء شتى وكان مغاليا. خطط المقريزي ١ / ٣٥٢ ، دائرة البستاني ١ / ٤٨٣ ، الفرق ٢٤٧ ، الملل ١٧٩ ، التبصير ١٢٦ ، المقالات ١ / ٧٥.

٧٥١

الخطاب ، بل زادوا على ذلك وقالوا الأئمة آلهة ، والحسنان ابنا الله وجعفر الصادق إله ، لكن أبا الخطّاب أفضل منه ومن علي ، وهؤلاء يستحلّون شهادة الزور لموافقيهم على مخالفيهم. وقالوا الإمام بعد قتل أبي الخطاب معمر (١) ، ذهبت إلى ذلك جماعة منهم فعبدوا معمرا كما كانوا يعبدون أبا الخطاب ، وقالوا الجنة نعيم الدنيا والنار آلامها ، والدنيا لا تفنى ، واستباحوا المحرّمات وترك الفرائض. وقيل الإمام بعد قتله بزيع (٢). وقالوا إنّ كل مؤمن يوحى إليه ، وفي أصحاب بزيع من هو خير من جبرئيل وميكائيل ، وهم لا يموتون أبدا ، بل إذا بلغوا النهاية يرفعون إلى الملكوت. وقيل الإمام بعد قتل أبي الخطاب عمر بن بنان العجل (٣) ، إلاّ أنّهم يموتون كذا في شرح المواقف ، فلعنة الله تعالى على هؤلاء لعنا أشدّ من اللعن على اليهود (٤).

الخطبة : [في الانكليزية] Sermon ـ [في الفرنسية] Sermon

بالضّمّ هي عبارة عن كلام مشتمل على البسملة والحمدلة والثناء على الله تعالى بما هو أهله والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتكون في أول الكلام. ثم خطبة المنابر غير خطبة الدفاتر لأنّ خطبة المنابر تشتمل على ما ذكرنا مع اشتمالها على الوصيّة بالتقوى والوعظ والتذكير ونحو ذلك ، بخلاف خطبة الدفاتر فإنّها بخلاف ذلك كذا في العيني شرح صحيح البخاري في شرح الحديث الأول. اعلم أنّ خطبة الكتب إن ألحقت بها بعد تصنيفها وتأليفها بأن ألّف المؤلف كتابه أولا ثم ألحقه الخطبة تسمّى خطبة إلحاقية ، وإن كتب أولا ثم ألف الكتاب تسمّى خطبة ابتدائية.

الخطرة : [في الانكليزية] Fugitive thought ، paing idea ـ [في الفرنسية] Pensee fugitive ، idee paagere

بالفتح وسكون الطاء المهملة في اللغة ما يرد على القلب ثم يزول فورا كما في مجمع السلوك. وفي الصراح : الخطور : مرور الفكرة بالقلب. (٥) وفي شرح القصيدة الفارضية الخاطر يطلق على ما يخطر بالبال ويطلق أيضا على القلب. وهذا من باب إطلاق لفظ الحال على المحل ، يقال ورد لي خاطر ووقع في خاطري كذا انتهى كلامه. وفي لطائف اللغات يقول : إنّ الخطرة في اصطلاح الصوفية عبارة عن أدعية يستدعى بها العبد إلى دكان الحقّ بحيث لا يستطيع العبد دفع ذلك ، انتهى كلامه. والخاطر لدى الصوفية : وارد (قلبي) يهبط على القلب في صورة خطاب ومطالبة.

__________________

(١) من زعماء الشيعة الغلاة. رأس الفرقة المعمرية وقيل اليعمرية. كان إباحيا يقول بتناسخ الأرواح. وكان من أتباع أبي الخطاب الأسدي ثمّ فارقه. وقال بألوهية الأئمة وترك الفرائض واستحلال المحارم. التبصير ١٢٧ ، الملل ١٨٠ ، الفرق ٢٤٨ ، المقالات ١ / ٧٦.

(٢) هو بزيغ زعيم فرقة البزيغية ، وقيل الربيعية أتباع أبي ربيع كما قال صاحب التبصير. وأغلب الظن أنه سهو أو تحريف من النساخ. ادّعى ألوهية جعفر وأنّ الله تعالى يوحي إلى كل مؤمن. كما كان من زعماء الشيعة الغلاة. وقال بالتناسخ والخلود وأنّ بعض أتباعه لا يموت. التبصير ١٢٧ ، الفرق ٢٤٨ ، الملل ١٨٠ ، المقالات ١ / ٧٧ ، الخطط ٢ / ٣٥٢.

(٣) هو عمر أو عمرو بن بنان العجلي. من الشيعة الغلاة وزعيم الفرقة العمروية أو العميرية. عبدوا الإمام جعفر الصادق ثمّ ادّعى الألوهية. وقالوا بالتناسخ. التبصير ١٢٨ ، الفرق ٢٤٩ ، الملل ١٨٠ ، المقالات ١ / ٧٨.

(٤) من فرق الغلاة ، أتباع ابن الخطاب الأسدي. تحدثوا في الإمامة وزعموا أنّ الأئمة كانوا آلهة. وكانت لهم آراء وبدع كثيرة. التبصير ١٢٦ ، الفرق ٢٤٧ ، الملل ١٧٩ ، المقالات ١ / ٧٥ ، الحور العين ١٦٩ ، دائرة البستاني ١ / ٤٨٣ ، خطط المقريزي ١ / ٣٥٢.

(٥) در لغت چيزي در دل آمدن وبرفور گذشتن كما في مجمع السلوك وفي الصراح الخطور گذشتن انديشه بدل.

٧٥٢

والوارد أعمّ من الخاطر وغير الخاطر ، مثل : وارد حزن ، أو وارد سرور أو وارد قبض ووارد بسط (١). وأكثر المتصوّفة على أنّ الخواطر أربعة. خاطر من الحق وهو علم يقذفه الله تعالى من الغيب في قلوب أهل القرب والحضور من غير واسطة. وخاطر من الملك وهو الذي يحث على الطاعة ويرغب في الخيرات ويحرز (٢) من المعاصي والمكارم ويلوم على ارتكاب المخالفات وعلى التكاسل من الموافقات. وخاطر من النفس وهو الذي يتقاضى الحظوظ العاجلة ويظهر الدعاوي الباطلة. وخاطر من الشيطان ويسمّى بخاطر العدو إذ الشيطان عدو للمسلم ، وهو الذي يدعو إلى المعاصي والمناهي والمكاره. والفرق بين خاطر الحق والملك أنّ خاطر الحق لا يعرضه شيء وسائر الخواطر تضمحل وتتلاشى عنده. سئل بعض الكبار من برهان الحق؟ فقال وارد على القلب تضجر النفس عن تكذيبها ، ومع وجود الخاطر الملكي معارضة خاطر النفس وخاطر الشيطان ، وأنّ خاطر النفس لا ينقطع بنور الذكر بل يتقاضى إلى مطلوبه لتصل إلى مرادها إلاّ إذا أدركها التوفيق الأزلي فيقلع عنها عرق المطالبة. وأمّا خاطر الشيطان فإنّه ينقطع بنور الذكر ، ولكن يمكن أن يعود وينسى الذكر ويغويه. وقال بعضهم الخاطر خطاب يرد على القلوب والضمائر. وقيل كل خاطر من الملك فقد يوافقه صاحبه وقد يخالفه بخلاف الخاطر الحقّاني فإنّه لا يحصل خلاف من العبد فيه. وهذا هو الفرق بين الخاطر النفسي والخاطر الشيطاني. فالنفس تتمنّى شيئا معينا وتلحّ على الوصول إليه. وأمّا الشيطاني فلا يدعوه إلى أمر معيّن بل يدعوه إلى معصية ما فلا يجيبه السّالك إليها ، فحينئذ يعمد الشيطان إلى وسوسة أخرى يلقيها في نفس السّالك. وذلك لأنّ مقصود الشيطان ليس محصورا في فعل معيّن ، بل قصده أن يهوى بالمرء المسلم في هاوية معصية ما على أيّ حال (٣).

وقال بعضهم الخواطر أربعة. خاطر من الله تعالى وخاطر من الملك وخاطر من النفس وخاطر من العدو. فالذي من الله تنبيه ، والذي من الملك حثّ على الطاعة ، والذي من النفس مطالبة الشهوة ، والذي من العدو تزيين المعصية. فبنور التوحيد يقبل من الله تعالى وبنور المعرفة يقبل من الملك وبنور الإيمان ينهي النفس وبنور الإسلام يردّ على الطاعة. وسئل الجنيد عن الخطرات فقال الخطرات أربعة. خطرة من الله تعالى وخطرة من الملك وخطرة من النفس وخطرة من الشيطان. فالتي من الله ترشد إلى الإشارة ، والتي من الملك ترشد إلى الطاعة والتي من النفس تجرّ إلى الدنيا وطلب عزها ، والتي من الشيطان تجرّ إلى المعاصي.

والمشهور عند مشايخ الصوفية أنّ الخواطر أربعة كلها من الله تعالى بالحقيقة ، إلاّ أنّ بعضها يجوز أن يكون بغير واسطة ، وبعضها بواسطة. فما كان بغير واسطة وهو خير فهو الخاطر الرّبّاني ولا يضاف إلى الله

__________________

(١) ودر لطائف اللغات ميگويد كه خطره در اصطلاح صوفيه عبارتست از ادعيه كه ميخوانند عبد را بر دو كان حق به حيثيتى كه عبد دفع آن نتواند كرد انتهى كلامه. وخاطر نزد صوفيه وارديست كه فرود مى آيد بر دل در صورت خطاب ومطالبه ووارد عام است از خاطر وغير خاطر مثل وارد حزن ووارد خوشى ووارد قبض ووارد بسط.

(٢) ويحذر (م).

(٣) وفرق ميان خاطر نفس وخاطر شيطان همين است كه نفس آرزو به چيزى معين كند وإلحاح كند تا بآن چيز رسد وشيطان آرزو به چيزى معين نكند بلكه چون داعي شود بمعصيتى كه آن را سالك اجابت نكند في الحال به سوى وسوسه ديگر اندازد چه مقصود او در فعلى معين نيست مقصود او آنست كه مسلم را بهر طور در معصيتى اندازد كيف كان.

٧٥٣

تعالى إلاّ الخير أدبا. وما كان بواسطة وهو خير فهو الخاطر الملكي. وإن كان شرا فإن كان بإلحاح وتصميم على شيء معيّن فيه حظّ النفس فهو الخاطر النفساني وإلاّ فهو الشيطاني. وجعل بعض المشايخ الواجب أي خطرة الواجب للحق والحرام للشيطان والمندوب للملك والمكروه للنفس. وأمّا المباح فلما لم يكن فيه ترجيح لم ينسب إلى خاطر لاستلزامه الترجيح.

والشيخ مجد الدين البغدادي (١) زاد على الخواطر الأربعة خاطر الروح وخاطر القلب وخاطر الشيخ. وبعضهم زاد خاطر العقل وخاطر اليقين. وبالحقيقة هذه الخواطر مندرجة تحت الخواطر الأربعة. فإنّ خاطر الروح وخاطر القلب مندرجان تحت خاطر الملك. وأمّا خاطر العقل فإن كان في إمداد الروح والقلب فهو من قبيل خاطر الملك ، وإن كان في إمداد النفس والشيطان فهو من قبيل خاطر العدو. وأمّا خاطر الشيخ فهو إمداد همّة الشيخ يصل إلى قلب المريد الطالب مشتملا على كشف معضل وحلّ مشكل في وقت استكشاف المريد ذلك باستمداده من ضمير الشيخ ، وفي الحال ينكشف ويتبيّن ، وذلك داخل تحت الخاطر الحقّاني لأنّ قلب الشيخ بمثابة باب مفتوح إلى عالم الغيب ، فكلّ لحظة يصل إمداد فيض الحق سبحانه على قلب المريد بواسطة الشيخ. وأمّا خاطر اليقين فهو وارد مجرّد من معارضات الشكوك ولا ريب أنّه داخل تحت الخاطر الحقّاني.

فائدة :

تمييز الخواطر كما ينبغي لا يتيسّر إلاّ عند تجلية مرآة القلب من الأمور الطبعية (٢) الجسمانية بمصقل الزهد والتقوى والذّكر حتى تنكشف فيها صور حقائق الخواطر كما هي. ومن لم يبلغ من الزهد والتقوى هذه المرتبة ويريد أن يميّز بين الخواطر فله طريق ، وذلك بأن يزن أولا خاطره بميزان الشرع ، فإن كان من قبيل الفرائض أو الفضائل يمضيه ، وإن كان محرما أو مكروها ينفيه ، وإن كان من قبيل المباحات فكل جانب يكون أقرب إلى مخالفة النفس يمضيه ، والغالب من سجية النفس ميلها إلى شيء دنيّ. ثم يعلم أنّ مطالبات النفس على نوعين بعضها حقوق لا بد منها وبعضها حظوظ. فالحقوق ضرورة إذ قوام النفس وبقاء حياتها مشروط ومربوط بها ، والحظوظ ما زاد عليها ، فيلزم تمييز الحقوق من الحظوظ كي تمضي الحقوق وتنفي الحظوظ. وأهل البدايات يلزمهم الوقوف على الحقوق وحدّ الضرورة وتجاوزهم عن ذلك ذنب في حقهم. وأمّا المنتهي فله فتح طريق السعة والخروج عن مضيق الضرورة إلى فضاء المشاهدة والمسامحة وإمضاء خواطر الحظوظ بإذن الحق سبحانه. وإن شئت الزيادة فارجع إلى مجمع السلوك في فصل معرفة (٣) الخواطر.

الخطيب : [في الانكليزية] Orator ـ [في الفرنسية] Orateur

هو صاحب الخطابة ومن يقرأ الخطبة.

الخفّ : [في الانكليزية] Slipper ، shoe ـ [في الفرنسية] Pantoufle ، soulier

بالضم والتشديد لغة موزه. وشرعا الذي يستر الكعب وأمكن به السفر كما في المحيط ، أو

__________________

(١) مجد الدين البغدادي من الصوفية. وهو تلميذ نجم الدين كبرى كان معاصرا لفريد الدين العطار وسيف الدين باخرزي وقد ذكر سيرته وافية مولانا عبد الرحمن الجامي في كتابه : نفحات الأنس من حضرات القدس ص : ٤٢٤ طبع في طهران ١٣٣٧ ه‍. وقد استشهد عام ٦١٦ / هـ على يد خوارزمشاه.

(٢) الطبيعية (م).

(٣) معرفة (ـ م).

٧٥٤

المشي به فرسخا وما فوقه كما في الهداية. والجرموق بالضم ما يلبس فوق الخف لحفظه من الطين ونحوه على المشهور. لكن في المجموع (١) أنّه الخف الصغير كذا في جامع الرموز في فصل المسح على الخفين.

الخفّة : [في الانكليزية] Lightne ـ [في الفرنسية] Legerte

بالكسر هي ضدّ الثّقل وهما من الكيفيات الملموسة وقد سبق ذكرها مع بيان الخفيف المطلق والإضافي في لفظ الثقل.

الخفش : [في الانكليزية] Hemeralopia ، day blindne ، Weakne of the eye ـ sight ـ [في الفرنسية] Nyctalopie ، faiblee de la vue

بفتح الخاء والفاء هو أن تكون الطبقة القرنية والعينية رقيقتين ضعيفتين ينفذ فيهما شعاع الشمس والضوء ، وهذه لا تكون إلاّ مولودة مع الإنسان. وعند أكثر الأطباء أنه ضعف البصر مع نداوة تكون في الأجفان ، ولذا سمّي الخفّاش به لضعف بصره كذا في بحر الجواهر.

الخفقان : [في الانكليزية] Palpitation ، shiver ، beating ـ [في الفرنسية] Palpitation ، fremiement convulsif ، battement

بفتح الخاء والفاء هو حركة اختلاجية تعرض للقلب بسبب ما يؤذيه. قال القرشي ولا نعني بالاختلاجية هاهنا ما هو المفهوم من لفظ الاختلاج وهو حركة تعرض للقلب بسبب ما يحتبس فيها من الريح إلى أن يحدث لذلك الريح مسلك يخرج منه ، بل يزيد بها حركة ارتعادية كالحركة التي تعرض للأعضاء عند النافض. وكما أنّ تلك الحركة تحدث بسيلان المادّية الرديئة العفنة على الأعضاء وترتعد لدفعها ، كذلك حركة الخفقان تعرض لوصول مؤذ إلى القلب فيرتعد لدفعه ارتعادا متتابعا ، كذا في بحر الجواهر.

الخفيف : [في الانكليزية] Light ـ [في الفرنسية] Leger

ضد الثقيل وقد سبق. وعند أهل القوافي هو الشعر المنهوك كما في بعض الرسائل العربية. والمنهوك سيجيء ذكره. وعند أهل العروض هو اسم بحر وزنه فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن مرتين كذا في عنوان الشرف. وفي جامع الصنائع يقول : البحر الخفيف له وزنان : أحدهما تام والثاني مجزوء. فالتام هو ما كان حسب الأصل : ومثاله :

إذا كنت تطلب مني مثلا على الخفيف فزد

فعلاتن مفاعلن فعلاتن مفاعلن.

والمجزوء : جزءان منه على أصلهما والثالث محذوف ومثاله في البيت التالي :

إليك هذا النموذج من الخفيف

فعلاتن مفاعلن فعلن. (٢) انتهى.

الخفي : [في الانكليزية] Secret ، hidden ، occult ، esoteric ـ [في الفرنسية] Secret ، cache ، occulte ، esoterique

لغة المستتر. وعند الأصوليين من الحنفية لفظ استتر المراد (٣) منه لا لنفس الصيغة بل

__________________

(١) المجموع في شرح المهذب لمحي الدين أبي زكريا يحي بن شرف النووي الشافعي (ـ ٦٧٦ هـ). أما شرح المهذب لأبي إسحاق الشيرازي فهو لشمس الدين محمد بن أبي الغنائم محسن الصيدلاني الشافعي (ـ ٦٤٠ هـ) وسمّاه التنقيب. وأصل كتاب المهذب في الفروع فهو للشيخ أبي إسحاق إبراهيم ابن محمد الشيرازي الفقيه الشافعي (ـ ٤٧٦ هـ). كشف الظنون ، ٢ / ٥٢٤ ـ ٥٢٥ / ١٩١٢. كشف الظنون ، ٤ / ٦٠٨.

(٢) ودر جامع الصنائع گويد بحر خفيف دو وزن نبشته شده يكى تام دوم مجزو اوّل جميع اجزاء بر اصل مثاله.

ز خفيف ار طلب كني مثلي را تو وزن كن

فعلاتن مفاعلن فعلاتن مفاعلن

دوم دو جزء بر اصل ويكى محذوف مثاله.

ز خفيف آن نمونه كش به سخن

فعلاتن مفاعلن فعلن

(٣) المقصود (م ، ع).

٧٥٥

لعارض. والقيد الأخير احتراز عن المشكل والمجمل والمتشابه كآية السرقة خفيت في حقّ الطّرار والنباش ، فإنّ معنى السارق لغة هو آخذ مال الغير على سبيل الخفية ، وهو اشتبه في حقّهما لاختصاصهما باسم آخر لأنّ اختلاف الاسم يدلّ على اختلاف المسمّى كما هو الأصل ، كذا في التلويح وغيره من كتب الأصول. والروح الخفي ويسمّى بالأخفى أيضا يجيء في لفظ الروح.

الخلاء : [في الانكليزية] Space ، vacuum ـ [في الفرنسية] Espace ، vide

بالفتح والمدّ كما في المنتخب هو عند المتكلمين امتداد موهوم مفروض في الجسم أو في نفسه صالح ، لأن يشغله الجسم وينطبق عليه بعده الموهوم ويسمّى أيضا بالمكان والبعد الموهوم والفراغ الموهوم ، وحاصله البعد الموهوم الخالي عن الشاغل. وهذا شامل للخلاء الذي لا يتناهى وهو الخلاء خارج العالم ، وللخلاء الذي بين الأجسام وهو أن يكون الجسمان بحيث لا يتلاقيان وليس بينهما ما يماسّهما ، فيكون ما بينهما بعدا مفروضا موهوما ممتدا في الجهات الثلاث صالحا لأن يشغله جسم ثالث ، لكنه الآن خال عن الشاغل. وإطلاق الخلاء على هذا المعنى أكثر. وقيل الخلاء أخصّ من المكان ، فإنّ المكان هو الفراغ المتوهّم مع اعتبار حصول الجسم فيه ، والخلاء هو الفراغ الموهوم مع اعتبار أن لا يحصل فيه جسم كما مرّ في لفظ الحيز ، وحاصله المكان الخالي عن الشاغل. وعند بعض الحكماء هو البعد المجرّد الموجود في الخارج القائم بنفسه سواء كان مشغولا ببعد جسمي أو لم يكن. قال إذا حلّ البعد الموجود في مادة فجسم تعليمي ، وإلاّ أي وإن لم يحل في مادة فخلاء أي فبعد موجود مجرّد في نفسه عن المادة سواء كان مشغولا ببعد جسمي يملأه أو غير مشغول به ، فإنّه في نفسه خلاء ويسمّى بعدا مفطورا وفراغا مفطورا ومكانا أيضا ، هكذا في شرح المواقف في آخر مبحث المكان وأوسطه ، وهكذا في حواشي الخيالي. فالخلاء بهذا المعنى جوهر فإنّهم قد صرّحوا بجوهرية البعد المجرّد حتى قالوا أقسام الجوهر ستة لا خمسة هكذا ذكر السّيد ويجيء في لفظ المكان أيضا في حاشية شرح حكمة العين. قال ملاّ فخر (١) في حاشية شرح هداية الحكمة (٢) وإن شئت تعريف الخلاء الشامل للمذهبين فقل الخلاء هو البعد المجرّد عن المادة سواء كان بعدا موهوما أي مكانا خاليا عن الشاغل كما هو رأي المتكلمين أو بعدا موجودا في الخارج كما هو رأي بعض الحكماء وهم المشائيّون انتهى.

اعلم أنّ الخلاء جوّزه المتكلمون ومنعه الحكماء القائلون بأنّ المكان هو السطح. وأمّا القائلون بأنه البعد المجرّد الموجود فهم أيضا يمنعون الخلاء بمعنى البعد المفروض فيما بين الأجسام ، لكنهم اختلفوا. فمنهم من لم يجوّز خلوّ البعد الموجود (٣) من جسم شاغل له فيكون

__________________

(١) هو الفخر الرازي على الأرجح ، محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري ، المتوفى (٦٠٦ هـ ١٢١٠ م). وقد وردت ترجمته لكن اسم الكتاب كما سيلي مباشرة يبيّن أن ملاّ فخر ربما كان لخفر شاه بن عبد اللطيف المنتشوي (ـ ٨٥٣ هـ) وقد وقع تصحيف بين فخر وخفر.

(٢) هداية الحكمة : للشيخ أثير الدين مفضل بن عمر الأبهري (ـ ٦٦٣ هـ). وصنف مولانا زاده (ملا زاده) أحمد الهروي الخزرباني (ـ في القرن التاسع للهجرة). عليها شرحا. وعلى هذا الشرح حاشية لمصطفى بن يوسف المعروف بخواجةزاده (ـ ٨٩٣ هـ).

وللمولى موسى ابن محمود المعروف بقاضي زاده الرومي (ـ ٩٨٨ هـ) حاشية على شرح مولانا زاده. وللشيخ محمد بن محمود المغلوي الوفائي (ـ ٩٤٠ هـ) حاشية على شرح ملا زاده تذنيبا وتكميلا لحاشية خواجه زاده. وعلى شرح ملا زاده لخضر شاه بن عبد اللطيف المنتشوي (ـ ٨٥٣ هـ). كشف الظنون ، ٢ / ٢٠٢٨ ـ ٢٠٣٠. معجم المؤلفين ، ٢ / ١٧١.

(٣) عن (م).

٧٥٦

حينئذ خلاء بمعنى البعد المجرّد الموجود فقط. ومنهم من جوّزه فهؤلاء المجوّزون وافقوا المتكلّمين في جواز المكان الخالي عن الشاغل وخالفوهم في أنّ ذلك المكان بعد موهوم فيكون حينئذ خلاء بمعنى البعد الموجود وبمعنى المكان الخالي عن الشاغل أيضا. فالحكماء كلهم متفقون على امتناع الخلاء بمعنى البعد المفروض ، وهذا الخلاف إنّما هو في الخلاء داخل العالم ، وأمّا الخلاء خارج العالم فمتّفق عليه فالنزاع فيه إنّما هو في التسمية ، فإنّه عند الحكماء عدم محض ونفي صرف يثبته الوهم ويقدّره من نفسه ولا عبرة بتقديره الذي لا يطابق نفس الأمر ، فحقّه أن لا يسمّى بعدا ولا خلاء. وعند المتكلمين هو البعد الموهوم كالمفروض فيما بين الأجسام على رأيهم.

تنبيه

من القائلين بالخلاء أي البعد المجرّد الموجود من جوّز أن لا يملأ جسم ، ومنهم من لم يجوّزه. والفرق بين هذا المذهب ومذهب من قال إنّ المكان هو السطح أنّ فيما بين أطراف الطاس على هذا المذهب بعدا موجودا مجرّدا في نفسه عن المادة قد انطبق عليه بعد الجسم ، فهناك بعدان ، إلاّ أنّ الأول لا يجوز خلوه عن انطباق الثاني. وأما على القول بالسطح فليس هناك إلاّ بعد الجسم الذي هو في داخل الطاس.

فائدة :

قال ابن زكريا (١) في الخلاء قوة جاذبة للأجسام ولذلك يحتبس الماء في السراقات وينجذب في الزراقات. وقال بعضهم فيه قوة دافعة للأجسام إلى فوق فإنّ التخلخل الواقع في الجسم بسبب كثرة الخلاء في داخله يفيد ذلك الجسم خفة دافعة إلى الفوق. والجمهور على أنّه ليس في الخلاء قوة جاذبة ولا دافعة وهو الحق. هذا كله خلاصة ما في شرح المواقف.

الخلاص : [في الانكليزية] Salvation ، deliverance ، delivery ـ [في الفرنسية] Salut ، delivrance ، livraison

بالفتح وبالفارسية رهائى كما في الصراح. وأمّا في الشرع فقيل هو الدرك. وقيل هو تخليص المبيع من المستحق وتسليمه إلى المشتري ويجيء في لفظ الدرك.

الخلافة : [في الانكليزية] Caliphate ـ [في الفرنسية] Califat

بالكسر شرعا هي الإمامة وقد سبق. وبعض الصوفية قال الخلافة قسمان خلافة صغرى وهي الإمامة والرئاسة الظاهرية وخلافة كبرى وهي الإمامة والرئاسة الباطنية كما كان لعلي رضى الله عنه. هكذا في مرآة الأسرار فالخليفة هو الإمام. وفي جامع الرموز الخليفة شرعا هو الإمام الذي ليس فوقه إمام.

الخلّة : [في الانكليزية] Privacy ، friendship ـ [في الفرنسية] Intimite ، amitie

بالضم والتشديد في اللغة المحبّة. وعند السالكين أخصّ منها. وهي تخلل مودة في القلب لا تدع فيه خلاء إلاّ ملأته لما تخلله من أسرار إلهية ومكنون الغيوب والمعرفة لاصطفائه عن أن يطرقه نظر لغيره ، ومن ثمّ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا» (٢). وبالجملة فهي تخلية القلب عمّا سوى المحبوب. واختلفوا في أنّ مقام المحبة

__________________

(١) هو أحمد بن محمد بن زكريّا ، توفي عام (٨٩٩ هـ / ١٤٩٣ م) ، من أهل تلمسان ، فقيه ، أصولي ، بياني. له العديد من الكتب. الأعلام ١ / ٢٣١ ، البستان ٣٨ ، الذيل ٢ / ٣٥٧ ، الكشف ٢ / ١١٥٧.

(٢) صحيح البخاري ، كتاب الفضائل الصحابة ، باب مناقب المهاجرين ، حديث ١٥٤ ، ٥ / ٦٥.

٧٥٧

أرفع أم مقام الخلة فقال قوم المحبة أرفع لخبر البيهقي : (أنّه تعالى قال ليلة الإسراء : يا محمد سل تعط. فقال يا رب إنك اتخذت ابراهيم خليلا وكلّمت موسى تكليما فقال ألم أعطك خيرا من هذا إلى قوله واتخذتك حبيبا) (١) ولأنّ الحبيب يصل بلا واسطة بخلاف الخليل. قال تعالى في نبينا (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) (٢) وفي ابراهيم (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣) وقال قوم الخلة أرفع ورجحه جماعة متأخرون كالبدر الزركشي وغيره لأنّ الخلة أخصّ من المحبة إذ هي توحيدها ، فهي نهاية ومن ثمّ أخبر نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّ الله اتخذه خليلا ونفى أن يكون له خليل غير ربّه مع إخباره بحبّه لجماعة من الصحابة. وأيضا فإنه تعالى يحبّ التوابين والمتطهرين والصابرين والمقسطين والمتقين وخلته خاصة بالخليلين. قال ابن القيم (٤) وظن أنّ المحبة أرفع وأن إبراهيم خليل ومحمدا حبيب غلط وجهل. وردّ ما احتج به الأولون مما مرّ بأنّه انما يقتضي تفضيل ذات محمد على ذات ابراهيم مع قطع النظر عن وصف المحبة والخلة وهذا لا نزاع فيه ، إنّما النزاع (٥) في الأفضلية المستندة إلى أحد الوصفين ، والذي قامت عليه الأدلة استنادها إلى وصف الخلة الموجودة في كلّ من الخليلين. فخلّة كل منهما أفضل من محبته كذا في فتح المبين شرح الأربعين للنووي. وفي الصحائف الخلّة من مراتب المحبة وتعريفه تخلية القلب عمّا سوى المحبوب. وهو على خمس درجات :

الأولى : المعاندة وهي : أن يفحص المحبّ بصره في أي مجلس يجلسه عن رؤية الاعتبار ، وأن يحذر من الشيطان والناس كلهم.

الثانية : الصدق.

الثالثة : الاشتهار وهو أن يدع نية الشهرة وأن يتخلّى عن متى وكيف ، وألاّ يبالي بالخمول والشهرة.

الرابعة : الشكوى ، كما قال سيدنا يعقوب : إنّما أشكو بثي وحزني إلى الله.

الخامسة : الحزن. وكان عليه‌السلام دائم الحزن.

ويقول في لطائف اللغات : الخلّة في اصطلاح الصوفية : عبارة عن تحقّق العبد بحال يتجلّى عليه بها الحقّ. (٦)

__________________

(١) ورد في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، ابن الجوزي (ـ ٥٩٧ هـ) تقديم وضبط خليل الميس ، باب ذكر أشياء رآها ليلة المعراج ، ١٨٣ ، ولم يذكر لفظ (أ لم أعطك خيرا ...) لكن ورد بلفظه كاملا في فتح المبين شرح الأربعين لابن حجر الهيثمي. المقدمة ص ١٧ ورفعه للبيهقي لكن لم نعثر عليه لديه.

(٢) النجم / ٩.

(٣) الأنعام / ٧٥.

(٤) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي ، أبو عبد الله ، شمس الدين. ولد بدمشق عام ٦٩١ هـ / ١٢٩٢ م. وتوفي فيها عام ٧٥١ هـ / ١٣٥٠ م. من أركان الإصلاح الإسلامي ، ومن كبار العلماء ، وأخلص تلاميذ ابن تيمية. له العديد من التصانيف والكتب الهامة. شذرات الذهب ٦ / ١٦٨ ، النجوم الزاهرة ١٠ / ٢٤٩.

(٥) فيه ، إنما النزاع (ـ م ، ع).

(٦) واين را پنج درجه است اوّل معانده محب در هر مجلس كه نشيند از اغيار چشم زند واز ديو ومردم تمام انديشمند شود دوم صدق سوم اشتهار وتشهير درين مقام آن است كه از آينيت بيرون آيد ومتى وكيف را ترك دهد شهرة وخمول را فرقى نداند چهارم شكوى است كما قال يعقوب عليه‌السلام انما اشكو بثّي وحزني الى الله پنجم حزن وكان عليه‌السلام دائم الحزن. ودر لطائف اللغات ميگويد كه خلت در اصطلاح صوفيه عبارت است از تحقق عبد به حيثيتى كه حق درو تجلي كند.

٧٥٨

الخلط : [في الانكليزية] Ingredient ، juice ، humour ـ [في الفرنسية] Ingredient ، jus ، humeur

بالفتح (١) وسكون اللام هو عند الأطباء جسم رطب سيّال يستحيل إليه الغذاء أولا ويسمّى كيموسا ورطوبة أولى أيضا ، وأمّا ما سمّاه البعض بالكيلوس فهو غلط كما في بحر الجواهر. فقولهم جسم جنس والرطب فصل يخرج العظم واللحم والغضروف ، إذ الرطب هو سهل القبول للتشكّل والاتصال والانفصال بحسب الطبع. وقولهم سيّال أي من شأنه أن ينبسط متسفلة بالطبع حتى لو خلّي وطبعه كان أسهل. النفوذ إلى البدن يخرج مثل الدماغ والنخاع والشحم ولا يخرج البلغم الزجاجي والجصي لأنّهما رطبان سيالان طبعا. وأيضا المراد التشبيه بالزجاج والجص في اللون والطبع لا في القوام ، وكذا الحال في عدم خروج السوداء الرمادية. ولا يغني هذا القيد من الرطب للفرق بينهما في الرمل. والمراد بالاستحالة تغيّر الصورة النوعية بقرينة إلى ، فخرج الكيلوس لبقاء الغذاء فيه يعرفه القائي. والمراد بالغذاء ما يتناوله الحيوان للاغتذاء وهو الغذاء بالقوة ، فلا يرد ما يسيل من القرع والأنبيق إذا وضعنا اللحم فيه للتقطير. والصواب أن يكون بدله الكيلوس. ولهذا قيل الخلط جسم رطب سيال يتكّون من الكيلوس أولا إذ الغذاء يطلق على الغذاء بالفعل أيضا. ولا بد في التعريف من الاحتراز عن الألفاظ المشتركة. ويمكن أن يجاب بأن الغذاء عند الاطلاق يتبادر منه الغذاء بالقوة فلا محذور. وقولهم أولا يخرج الرطوبة الثانية والمني عند البعض ولا يخرج الخلط المتولّد من خلط لأنّه يستحيل إليه الغذاء أولا في الجملة ، إذ ما من خلط إلاّ ويمكن أن يحصل من الغذاء أولا بخلاف الرطوبة الثانية فإنها لا تحصل من الغذاء إلاّ بتوسّط الخلط. وقيل المراد بالاستحالة الثانية فساد الصورة الخلطية. فالخلط ما لم تفسد صورته الخلطية فهو يعدّ في الاستحالة الأولى ولا يخفى ما فيه. ولو قيل الخلط جسم يستحيل إليه الكيلوس لكان أخصر وأحسن.

وأنواع الأخلاط أربعة. استقراء الدم والصفراء والبلغم والسوداء ، وكلّ واحد منها ينقسم إلى طبيعي وغير طبيعي ، والطبيعي من كل خلط هو ما تولّد في الكبد وما لا يتولّد فيها لا يسمّى طبيعيا عند الأطباء. وفي بحر الجواهر الخلط المحمود ويقال له الخلط الطبيعي أيضا هو الذي من شأنه أن يصير جزءا من جوهر المغتذي وحده أو مع غيره ، والخلط الرديء هو الذي ليس من شأنه ذلك انتهى. وكيفية تولّد الأخلاط أنّ الغذاء بالقوة إذا ورد على المعدة وتأثّر من حرارتها وحرارة ما يليها من الأعضاء كالقلب والكبد والطحال استحال فيها إلى جوهر شبيه بماء الكشك الثخين أي الغليظ في بياضه وقوامه وملاسته ، وهو الذي يسمّى كيلوسا بلسان السريانية ، وينجذب الصافي منه إلى الكبد ، فيندفع من طريق العروق المسماة بماساريقا ، وينطبخ في الكبد فيحصل منه شيء كالرغوة أي الزبد وشيء كالرسوب. وقد يكون معها شيء محترق إن أفرط الطبخ وشيء فج إن قصر الطبخ ؛ والرغوة هي الصفراء الطبيعية والرسوب هي السوداء. ويسمّيها جالينوس خلطا أسود. والمحترق لطيفة صفراء غير طبيعية وكثيفة سوداء غير طبيعية والشيء الفجّ منه هو البلغم طبيعيا كان أو غيره. وأمّا المصفّى من هذه الجملة نضجا فهو الدم.

__________________

(١) بالكسر (م).

٧٥٩

الخلع : [في الانكليزية] Removal ، luxation ، dislocation ـ [في الفرنسية] Enlevement ، luxation ، dislocation ، deboltement

بالفتح وسكون اللام في اللغة النزع ، ومنه خالعت المرأة زوجها إذا افتدت منه بمال كذا في فتح القدير. وفي جامع الرموز الخلع بالضم في المرأة وبالفتح في غيرها كما في الاختيار. لكن في المغرب أنّه بالضم اسم. وإنّما قيل ذلك لأنّ كلا منهما لباس لصاحبه فإذا فعلا ذلك فكأنهما نزعا لباسهما. وفي الشرع أخذ المال بإزاء إزالة ملك النكاح. والأولى قول بعضهم إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع لاتحاد جنسه مع المفهوم اللغوي والفرق بخصوص المتعلّق والقيد الزائد. ولا بد فيه من زيادة قولنا ببدل كما أنه لا بد من زيادة قولنا بلفظ الخلع في الأول ، وكذا في قول بعضهم إزالة ملك النكاح ببدل فإنّ الصحيح أن يقال هو إزالة ملك النكاح ببدل بلفظ الخلع ، فإنّ الطلاق على مال ليس هو الخلع بل هو في حكمه في وقوع البينونة لا مطلقا.

اعلم أنّ القول بلفظ الخلع إنّما هو باعتبار الأكثر وإلاّ فالفا الخلع والتطليق والمباينة والمباراة والبيع والشراء كما في النتف (١). وصورته بالعربية أن تقول الزوجة خالعت نفسي منك بكذا ، فقال الزوج خلعت. وبالفارسية اشتريت منك نفسي بالمهر الذي لك في ذمتي وبنفقة عدّتك بطلاق واحد فقالت : بعت لك بهذه الشروط (٢).

هذا ، ثم استعمال لفظ الخلع في الطلاق البائن مجاز كما في التحفة ، وفي النتف أنه حقيقة في كليهما. وفي الفصولين (٣) أن الخلع بعوض وغير عوض متعارف والاستعمال فيهما أكثر من أن يحصى ، فينبغي أن يقال الخلع لفظ زال به ملك النكاح ، هذا كله هو المستفاد من فتح القدير وجامع الرموز.

وعند السبعية هو الطمأنينة إلى إسقاط الأعمال البدنية كما سيجيء.

وعند الأطباء هو خروج العظم عن موضعه خروجا تاما ، ويطلق أيضا على استحالة جوهرية تتبدّل بها من صورة إلى صورة أخرى ، وعلى الفالج الذي عمّ شق البدن وشق الوجه كما في بحر الجواهر.

الخلف : [في الانكليزية] Reductio ad absurdum ـ [في الفرنسية] Reductio ad absurdum (raisonnement par l\'absurde)

بالفتح وسكون اللام عند المنطقيين هو القياس الاستثنائي الذي يقصد فيه إثبات المطلوب بإبطال نقيضه ، ويقابله القياس المستقيم. وإنّما قيل يقصد ليخرج القياس الاستثنائي المتّصل الذي استثني فيه نقيض التالي فإنّه ليس قياس الخلف ، إذ لم يقصد فيه إثبات المطلب بإبطال نقيضه وإن لزم ذلك فيه هذا هو الخلف مطلقا. وأمّا الخلف المستعمل في العكس فهو فرد مخصوص من هذا المطلق وهو ضم نقيض العكس مع الأصل بنفسه إن كان

__________________

(١) النتف في الفتاوي : للشيخ الإمام علي (بن الحسن) السغدي الفقيه الحنفي (ـ ٤٦١ هـ) ذكره قاسم بن قطلوبغا. ومن تصانيف الغزنوي جمال الدين أحمد بن محمد بن محمود القابسي (ـ ٥٩٣ هـ) ذكره العلي الجمالي في أدب الأوصياء. ومن تصانيف التّمر تاشي ظهير الدين أحمد بن أبي ثابت إسماعيل أبو العباس الخوارزمي (ـ ٦٠١ هـ) ذكره ابن الشحنة في كتاب الطلاق. والمشهور كتاب السغدي. كشف الظنون ، ٢ / ١٩٢٥. هدية العارفين ، ١ / ٨٩ ـ ٦٩١.

(٢) خويشتن را از تو بكابينى كه مراست بر تو ونفقه عدت خريدم بيك طلاق فقال فروختم به تو باين شرطها.

(٣) جامع الفصولين في الفروع : للشيخ بدر الدين محمود بن إسرائيل الشهير بابن قاضي سماونة الحنفي (ـ ٨٢٣ هـ) وهو كتاب مشهور متداول في أيدي الحكام والمفتين لكونه في المعاملات خاصة ، جمع فيه بين فصول العمادي وفصول الاسروشني. كشف الظنون ، ج ١ / ٥٦٦.

٧٦٠