موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

محمّد علي التهانوي

موسوعة كشّاف إصطلاحات الفنون والعلوم - ج ١

المؤلف:

محمّد علي التهانوي


المحقق: الدكتور علي دحروج
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٥٢
الجزء ١ الجزء ٢

الخليلي (١) : وعليه حفّاظ الحديث الشّاذ ما ليس له إلاّ إسناد واحد شذّ به أي تفرّد به شيخ ثقة أو غيره ، فما كان من غير ثقة فمتروك لا يقبل ، وما كان عن ثقة توقّف فيه ولا يحتجّ به ، فلم يعتبر المخالفة وكذا لم يقتصر على الثقة. وقال الحاكم : الشاذ هو الحديث الذي يتفرّد به ثقة من الثقات وليس له أصل متابع لذلك الثّقة فلم يعتبر المخالفة ولكن قيّد بالثقة. قال ابن الصلاح أمّا ما حكم عليه بالشذوذ فلا إشكال فيه وأمّا ما ذكراه فمشكل بما يتفرّد به العدل الحافظ الضابط كحديث «إنّما الأعمال بالنيات» (٢) هكذا يستفاد من شرح النخبة وشرحه ومقدمة شرح المشكاة والقسطلاني.

اعلم أنّ النسبة بين الشّاذ والمنكر هي العموم من وجه لاجتماعهما في اشتراط المخالفة وافتراق الشّاذ بأنّ راويه ثقة أو صدوق والمنكر راويه ضعيف. وابن الصلاح سوّى بينهما وقال : المنكر بمعنى الشّاذ فغفل عن هذا التحقيق كذا في شرح النخبة. وفي شرحه : اعلم أنّ النسبة تارة تعتبر بحسب الصدق وتارة بحسب الوجود وتارة بحسب المفهوم ، والأخير هو المراد هاهنا (٣).

اعلم أنّ في بعض الحواشي المعلّقة على شرح النخبة قال : الشاذ له تفاسير : الأول ما يخالف فيه الراوي لمن هو أرجح منه. والثاني ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه ، والمقبول أعمّ من أن يكون ثقة أو صدوقا هو دون الثّقة. والثالث ما رواه الثّقة مخالفا لما رواه من هو أوثق منه ، وهذا أخصّ من الثاني ، كما أنّ الثاني أخصّ من الأول. والرابع ما يكون سوء الحفظ لازما لراويه في جميع حالاته ، فإن كان سوء الحفظ عارضا يسمّى مختلطا. والمراد (٤) بسوء الحفظ ترجّح جانب الإصابة على جانب الغلط والخامس ما يتفرّد به شيخ. والسادس ما يتفرّد به ثقة ولا يكون له متابع. والسابع وقد ذكره الشافعي ما رواه الثّقة مخالفا لما رواه النّاس انتهى. وفي الإتقان الشّاذ من القراءة ما لم يصحّ سنده كقراءة ملك يوم الدين بصيغة الماضي ونصب يوم وإياك تعبد بصيغة المخاطب المجهول.

الشّاعر : [في الانكليزية] Poet ـ [في الفرنسية] Poete

عند أهل العربية من يتكلّم بالشعر أي الكلام الموزون المذكور. وعند المنطقيين من يتكلّم بالقياس الشعري وسيجيء ذكرهما. قالوا شعراء العرب على طبقات : جاهليون كامرئ القيس (٥) وطرفة (٦) وزهير ، ومخضرمون وهو أي

__________________

(١) هو خليل بن عبد الله بن أحمد بن ابراهيم بن الخليل القزويني ، أبو يعلى الخليلي. توفي عام ٤٤٦ هـ / ١٠٥٤ م. قاض ، من حفاظ الحديث. له عدة كتب. الأعلام ٢ / ٣١٩ ، الرسالة المستطرفة ٩٧ ، معهد المخطوطات ٢ / ١١.

(٢) ورد سابقا.

(٣) المقصود (م ، ع).

(٤) والمقصود (م ، ع).

(٥) هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي ، من بني آكل المرار. ولد نحو ١٣٠ ق. هـ / نحو ٤٩٧ م وتوفي نحو ٨٠ ق. ه. نحو ٥٤٥ م. من أشهر شعراء العرب في الجاهلية. وهو صاحب المعلقة المشهورة. كان سكيرا حتى بلغه نبأ مقتل أبيه ، فأقلع عن الشرب وقضى بقية حياته يطلب المعونة ليثأر له. كتب الكثيرون عنه. وله ديوان شعر. الأعلام ٢ / ١١ ، الأغاني ٩ / ٧٧ ، تهذيب ابن عساكر ٣ / ١٠٤ ، الشعر والشعراء ٣١ ، الخزانة ١ / ١٦٠. وغيرها.

(٦) هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوائلي ، أبو عمرو. ولد نحو ٨٦ ق. هـ / نحو ٥٣٨ م وتوفي شابا نحو ٦٠ ق. هـ / نحو ٥٦٤ م. من مشاهير شعراء الجاهلية ومن الطبقة الأولى. له معلقة مشهورة. وله ديوان شعر. الأعلام ٣ / ٢٢٥ ، الزوزني ٢٨ ، الشعر والشعراء ٤٩ ، سمط اللآلئ ٣١٩ ، جمهرة أشعار العرب ٣٢ ، الخزانة ١ / ٤١٤.

١٠٠١

المخضرم من قال الشّعر في الجاهلية ثم أدرك الإسلام كلبيد (١) وحسّان (٢). وقد يقال لكلّ من أدرك دولتين وأطلقه المحدثون على كلّ من أدرك الجاهلية وأدرك حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وليست له صحبة ، ولم يشترط بعض أهل اللغة نفي الصحبة. ومتقدمون ويقال الإسلاميون وهم الذين كانوا في صدر الإسلام كجرير والفرزدق ، مولّدون وهم من بعدهم كبشّار (٣) ، ومحدثون وهم من بعدهم كأبي تمام والبحتري ، ومتأخرون كمن حدث بعدهم من شعراء الحجاز والعراق ولا يستدلّ في استعمال الألفاظ بشعر هؤلاء بالاتفاق كما يستدلّ بالجاهليّين والمخضرمين والإسلاميين بالاتفاق. واختلف في المحدثين فقيل لا يستشهد بشعرهم مطلقا واختاره الزمخشري ومن حذا حذوه. وقيل لا يستشهد بشعرهم إلاّ بجعلهم بمنزلة الراوي فيما يعرف أنّه لا مساغ فيه سوى الرواية ولا مدخل فيه للدراية. هذا خلاصة ما في الخفاجي وغيره من حواشي البيضاوي في تفسير قوله (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) (٤) الآية.

الشّاقول : [في الانكليزية] Plumbline ـ [في الفرنسية] Fil a plomb

هي قطعة من الخشب لدى الفلاّحين من أهل البصرة وفي رأسها قطعة حديد مطوية. وفي كتب أهل الهندسة : هو حجر معلّق بخيط يعرف بواسطته استواء سطح الأرض. كما في المنتخب. وفي شرح خلاصة الحساب يقول : هو خيط يعلّق في أحد طرفيه شيء ثقيل كحجر أو غيره (٥).

الشّأن : [في الانكليزية] State ، position ، affair ـ [في الفرنسية] Etat ، position ، affaire

بالفتح وسكون الهمزة الأمر والشئون الجمع. والشئون عند الصوفية هي صور العالم في مرتبة التعيّن الأول. وفي التّحفة المرسلة : للعالم ثلاث مواطن : أحدها التعيّن الأول ويسمّى فيه شئونا. وثانيها التعيّن الثاني ويسمّى فيه أعيانا ثابتة. وثالثها التعيّن في الخارج ويسمّى فيه أعيانا خارجية انتهى.

الشّاهد : [في الانكليزية] Witne ، example ـ [في الفرنسية] Temoin ، exeniple

عند الفقهاء ما ستعرف لاحقا. وعند المحدّثين ما سيأتي في لفظ المتابعة. وعند أهل المناظرة ما يدلّ على فساد الدليل للتخلّف أو لاستلزامه المحال كذا في الرشيدية. وبهذا المعنى وقع الشاهد في تعريف النقض الإجمالي. وعند أهل العربية الجزئي الذي يستشهد به في إثبات القاعدة لكون ذلك الجزئي من التّنزيل أو من كلام العرب الموثوق بعربيتهم ، وهو أخصّ من المثال وسيجيء.

__________________

(١) هو لبيد بن ربيعة بن مالك ، أبو عقيل العامري. توفي عام ٤١ هـ / ٦٦١ م. شاعر فارس في الجاهلية ، ومن الأشراف. أدرك الإسلام ووفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ويعدّ من الصحابة. وبعد إسلامه ترك الشعر. له معلّقة جيدة وديوان شعر مطبوع. الأعلام ٥ / ٢٤٠ ، خزانة الادب ١ / ٣٣٧ ، مطالع البدور ١ / ٥٢ ، آداب اللغة ١ / ١١١ ، الشعر والشعراء ٢٣١.

(٢) هو حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري ، أبو الوليد. توفي عام ٥٤ هـ / ٦٧٤ م. صحابي جليل. شاعر مخضرم ، ومدح الرسول كثيرا. له ديوان شعر مطبوع. الأعلام ٢ / ١٧٥ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٤٧ ، الإصابة ١ / ٣٢٦ ، ابن عساكر ٤ / ١٢٥ ، الخزانة ١ / ١١١ ، الشعر والشعراء ١٠٤ وغيرها.

(٣) تقدمت ترجمته.

(٤) البقرة / ٢٠.

(٥) بالقاف چوبى كه كشاورزان بصره دارند ودر سر آن آهن خميده ميكنند ودر كتب اهل هندسه سنگى را گويند كه به ريسمان از كونيا بياويزند تا هموارى زمين بدان معلوم كنند كذا في المنتخب ودر شرح خلاصة الحساب مى گويد كه شاقول ريسمانيست كه در يك طرف او چيزى ثقيل مثل سنگ وغيره بندند.

١٠٠٢

والشاهد عند أهل التصوف هو التجلّي كما في بعض الرسائل. وفي كشف اللغات يقول : الشاهد عند السّالكين هو الحقّ باعتبار الظهور والحضور ، وذلك لأنّ الحقّ يظهر بصور الأشياء. فقوله : هو الظاهر عبارة عن ذلك. وفي العرف : الشاهد : هو الشخص الحسن الصورة انتهى. وأمّا عند المنجمين فهو الزاعم كما سبق. (١) والشواهد عند أهل الرّمل هي أربعة أشكال في الزائجة تسمّى بالزوائد وقد سبق. وفي الجرجاني الشاهد هو في اللغة عبارة عن الحاضر وفي اصطلاح القوم الصوفية عبارة عمّا كان حاضرا في قلب الإنسان وغلب عليه ذكره ، فإن كان الغالب عليه العلم فهو شاهد العلم ، وإن كان الغالب عليه الوجد فهو شاهد الوجد ، وإن كان الغالب عليه الحقّ فهو شاهد الحق انتهى.

الشئون الذّاتية : [في الانكليزية] The immanents ، the immanence of God in the world. msiehtnap ـ [في الفرنسية] Les immanents ، limmanence de Dieu ، pantheisme

اعتبار نقوش الأعيان والحقائق في الذات الأحدية كالشجرة وأغصانها وأوراقها وأزهارها وثمارها في النواة ، وهي التي تظهر في الحضرة الواحدية وينفصل بالعلم ، كذا في الاصطلاحات الصوفية.

شايگان : [في الانكليزية] Well fulled ـ [في الفرنسية] Bien rempli

هو بلغة الفرس وصف للشيء بالكثرة ، فمثلا يقولون گنج شايگان : أي كنز فيه مال كثير. ويقول شمس قيس رازي (صاحب أهم كتاب في نقد الشعر والعروض والقوافي واسمه المعجم في معابير أشعار العجم. وهو من رجال القرن السابع الهجري مات في شيراز زمن الاتابك سعد بن زنكي حوالي ٦٣٠ هـ). يقول : شايكان هو عمل بأمر الحاكم بدون أجر. وأما عند المحققين من الشعراء فهو عبارة عن قافية فيها إيطاء جلي. وقال شمس قيس الرازي : كل قافية ليس فيها الروي أصليا تسمى شايكان سواء كانت مكررة أو لا. وقال إن عامة الشعراء يقولون للقافية شايكان إذا كان مستعملا فيها الألف والنون مثل ياران أصدقاء ، ودوستان : محبين. ووجود هذا في القافية يعدّ من العيوب. كذا في منتخب تكميل الصناعة. (٢)

شب : [في الانكليزية] Night ـ [في الفرنسية] Nuit

بالفارسية تعني الليل. وهو عند الصوفية عالم العمى وعالم الجبروت. وهذا العالم بمثابة خط ممتد بين عالم الخلق وعالم الربوبية. وليلة القدر يعنون بها بقاء السالك في عين استهلاكه بوجود الحق. وشب بار : نهاية الأنوار التي هي السواد الأعظم. ويقول في كشف اللغات شب رو : (بالفارسية : الساهر ليلا) وهي في اصطلاح

__________________

(١) ودر كشف اللغات ميگويد شاهد نزد سالكان حق را گويند باعتبار ظهور وحضور زيرا كه حق بصور اشياء ظاهر شده كه هو الظاهر عبارت آز آنست ودر عرف شاهد مرد خو بصورت را گويند انتهى. ونزد منجمان زاعم را گويند چنانكه گذشت.

(٢) شايكان : بلغت فرس چيزى را گويند كه بسيار باشد مثلا گنج شايگان گنجى را گويند كه درو مال بسيار باشد وشمس قيس كفته شايگان كاريست كه بحكم حاكم كنند بى مزد ونزد محققان شعرا عبارت است از قافيه كه مشتمل باشد بر ايطاى جلي وشمس قيس گفته كه هر قافيه كه درو روى اصلى نباشد آن را شايگان گويند خواه مكرر شود وخواه نشود وگفته كه عامه شعرا شايگان ان قافيه را گويند كه الف ونون جمع درو مستعمل شود مانند ياران ودوستان وشايگان يكى از عيوب قافيه است كذا في منتخب تكميل الصناعة.

١٠٠٣

السالكين كناية عن قيام الليل ، وإحياء السالك ليله بالعبادة (١).

شباط : [في الانكليزية] February ـ [في الفرنسية] Fevrier

اسم شهر في التقويم الرومي. (٢)

الشّبه : [في الانكليزية] Similitude ، analogy ، resemblance ـ [في الفرنسية] Similitude ، analogie ، resemblance

بالكسر وسكون الموحّدة وبفتحتين أيضا المثل كما في المنتخب. وعند الأصوليين هو من مسالك إثبات العليّة. قالوا الوصف إمّا أن تعلم مناسبته بالنظر إلى ذاته أو لا ، والأوّل المناسب ، والثاني إمّا أن يكون مما اعتبره الشرع في بعض الأحكام والتفت إليه أولا ، والأوّل الشّبه والثاني الطّرد. وعلّية الشّبه تثبت بجميع المسالك من الإجماع والنصّ والسّير ، (٣) وهل تثبت بمجرّد المناسبة أي تخريج المناط؟ فيه نظر ، وإلاّ يخرج عن كونه شبيها إلى كونه مناسبا مع أنّ ما بينهما من التقابل. ومن أجل أنّه لا تثبت بمجرّد المناسبة قيل في تعريف الشّبه تارة هو الذي لا تثبت مناسبته إلاّ بدليل منفصل. وقيل تارة هو ما يوهم المناسبة وليس بمناسب. فبناء كلا التعريفين على أنّ الشّبه لا يثبت بمجرّد المناسبة بل لا بدّ في مناسبته للحكم من دليل زائد عليه ، إذ لو ثبت بالنظر إلى ذاته لما كان شبيها بل مناسبا. وقيل إثباته بتخريج المناط مبني على تفسيره فمن فسّره بما يوهم المناسبة منعه لأنّ تخريج المناط يوجب المناسبة ، ومن فسّره بالمناسب الذي مناسبته لذاته جوّزه لجواز أن يكون الوصف الشّبهي مناسبا يتبع المناسب بالذات وهذا فاسد لأنّ تخريج المناط يقتضي كون الوصف مناسبا بالنظر إلى ذاته. مثاله أن يقال في عدم جواز إزالة الخبث بالمائع أنّ إزالة الخبث طهارة تراد للصلاة فلا تجوز بغير الماء ، كطهارة الحدث بجامع الطهارة ، وهو وصف شبهي لأنّ مناسبتها لتعيين (٤) الماء فيها بعد البحث التّام غير ظاهرة ، لكنّ الشارع لمّا أثبت الحكم وهو تعيين الماء في بعض الصور وجودها كالصلاة والطّواف ومسّ المصحف أوهم ذلك مناسبتها. ثمّ الشّبه حجّة عند جماعة وهو مذهب الشافعي. وليس بحجّة عند الحنفية وجماعة كالقاضي أبي بكر الباقلاني لأنّه إمّا مطّلع على المناسب المؤثّر فيكون حاكما به أولا ، وهو حكم بغير دليل.

اعلم أنّ لفظ الشّبه يقال على معان أخر أيضا بالاشتراك ، حتى قال إمام الحرمين : لا تتحرّر في الشّبه عبارة مستمرّة في صناعة الحدود. فمنهم من فسّره بما تردّد فيه الفرع بين الأصلين يشاركهما في الجامع إلاّ أنّه يشارك أحدهما في أوصاف أكثر فيسمّى إلحاقه به شبها كإلحاق العبد المقتول بالحرّ فإنّ له شبها بالفرس من حيث المالية وشبها بالحرّ ، لكن مشابهته بالحرّ في الأوصاف والأحكام أكثر ، فألحق بالحرّ لذلك. وحاصل هذا المعنى تعارض مناسبتين ترجّح إحداهما. ومنهم من فسّره بما يعرف فيه المناط قطعا إلاّ أنّه يفتقر في آحاد الصّور إلى تحقيقه كما في طلب المثل في جزاء الصيد بعد العلم بوجوب المثل. ومنهم من فسّره بما اجتمع فيه مناطان لحكمين لا على سبيل الكمال ، لكنّ أحدهما أغلب ، فالحكم به

__________________

(١) شب : نزد صوفية عالم عمى وعالم جبروت را گويند واين عالم خطي است ممتد ميان عالم خلق وعالم ربوبيت وشب قدر بقاى سالك را گويند در عين استهلاك بوجود حق وشب بار نهايت انوار را گويند كه سواد اعظم اوست ودر كشف اللغات مى گويد شب رو در اصطلاح سالكان كنايت از سالك شب خيز وبيدار است.

(٢) شباط : نام ماهى است در تاريخ روم.

(٣) والسبر (م ، ع).

(٤) لتعيّن (م ، ع).

١٠٠٤

حكم بالأشبه كالحكم في اللّعان بأنّه يمين لا شهادة وإن وجدا فيه. وقال القاضي هو الجمع بين الأصل والفرع بما لا يناسب الحكم ، لكن يستلزم المناسب وهو قياس الدلالة فليس شيء من تلك المعاني معنى من الشّبه المعدود في مسالك العلّة. هكذا يستفاد من العضدي وحاشيته للمحقّق التفتازاني وغيرهما.

شبه الفعل : [في الانكليزية] Semiverb (past and present participle، adjective) ـ Semi ـ [في الفرنسية] verbe (participe، adjectif)

ويسمّى مشابه الفعل أيضا ، عند النحاة هو ما يعمل عمل الفعل ويكون فيه حروفه أي حروف الفعل كاسم الفاعل واسم المفعول واسم التفضيل والصّفة المشبّهة والمصدر ، ويقابله معنى الفعل وهو ما يستنبط منه معنى الفعل ولا يكون فيه حروفه كالمستقرّ من الظروف ، وإن كان جارا ومجرورا وكحروف التنبيه والإشارة وكحروف النداء على تقدير كونها عاملة في المنادى بدون تقدير أدعو ، وكحروف التمنّي والترجّي ، وكحروف التّشبيه وكمعنى التشبيه من غير لفظ دالّ عليه نحو زيد عمرو مقبلا أي زيد شابه عمروا مقبلا ، وكالمنسوب وكاسم الفعل. وقيل لا حروف الاستفهام والنّفي. وإنّ من الحروف المشبّهة بالفعل لعدم ورود الاستعمال على عملها ، هكذا يستفاد من العباب والموشّح شرح الكافية (١) وحواشيهما في بحث الحال وفي الفوائد الضيائية أدخل الظرف المستقرّ في الفعل أو شبهه حيث قال ما حاصله : إنّ شبه الفعل هو ما يعمل عمله وهو من تركيبه كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبّهة والظرف إن كان مقدّرا باسم الفاعل ، ومعنى الفعل هو المستنبط من فحوى الكلام من غير التصريح به أو تقديره كالإشارة والتنبيه وكالنداء والترجّي والتمنّي والتّشبيه. ولا يخفى أنّه على هذا يخرج اسم الفعل من شبه الفعل ولا يدخل في معنى الفعل أيضا ، فالأولى في تعريفهما ما قيل أوّلا ، كذا قيل. وقد يراد بمعنى الفعل ما يشتمل شبه الفعل أيضا وسيأتي في لفظ المجاز في تعريف الحقيقة الفعلية.

الشّبهة : [في الانكليزية] Suspicion ـ [في الفرنسية] Soupcon ، suspicion

بالضم وسكون الموحدة خفاء الأمر ، والإشكال في العمل مثل الأمور المشتبهة ، كذا في بحر الجواهر (٢). وفي جامع الرموز في بيان حدّ الزّنا في كتاب الحدود أنّ الشّبهة اسم من الاشتباه ، وهي ما بين الحلال والحرام والخطاء والصّواب كما في خزانة الأدب (٣) ، وبه يشعر ما في الكافي من أنّها ما يشبه الثابت وليس بثابت ، وما في شرح المواقف من أنّ الشّبهة ما يشتبهه (٤) الدليل وليست به كأدلة المبتدعين. وفي القاموس وغيره أنّها الالتباس كما عرفت

__________________

(١) الموشح شرح الكافية (في النحو) الكافية لابن الحاجب (ـ ٢٤٦ هـ / ١٢٤٨ م). مقدمة وجيزة في النحو سمّاها الكافية في الإعراب. شروحها كثيرة ، ولأبي بكر الخبيصي وهو الشيخ شمس الدين محمد بن أبي بكر بن محمد الخبيصي ، شرح مختصر ممزوج سمّاه بالموشح ، وعليه حاشية للسيد الشريف أيضا. حاجي خليفة ، كشف الظنون ، ٢ / ١٣٧١.

(٢) پوشيدگي كار اشتباه پوشيده شدن كار مشتبهات كارهاي مانند كذا.

(٣) خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي عبد القادر بن عمر (ـ ١٠٩٣ هـ) وهي شرح على شواهد شرح العلامة رضي الدين محمد بن الحسن الشهير بالرضي الأسترآبادي على الكافية. حاجي خليفة ، كشف الظنون ، ٢ / ١٣٧٠ ، البغدادي ، هدية العارفين ، ٢ / ٦٠٢ ، سركيس ، معجم المطبوعات العربية والمعربة ، ص ٥٧٢ ، ٢٠ ، ٨ ، GAS.

(٤) تشتبه (م ، ع).

١٠٠٥

سابقا. وهي على ما في جامع الرموز وفتح القدير وغيرهما من التلويح ومعدن الغرائب أنواع. منها شبهة العقد كما إذا تزوج امرأة بلا شهود أو أمة بغير إذن مولاها أو تزوّج محرّمة بالنّسب أو الرّضاع أو المصاهرة فلا حدّ في هذه الشّبهة عند أبي حنيفة ، وإن علم بالحرمة لصورة العقد ، لكنه يعزّر. وأمّا عندهما فكذلك إلاّ إذا علم بالحرمة. والصحيح الأوّل كما في الأوّل. ومنها شبهة في الفعل ويسمّى بشبهة الاشتباه وشبهة مشابهة وشبهة في الظّن ، أي شبهة في حقّ من اشتبه عليه دون من لم يشتبه عليه ، وهي أن يظنّ ما ليس بدليل الحلّ أو الحرمة دليلا ، ولا بدّ فيها من الظّنّ ليتحقّق الاشتباه ، فإذا زنى بجارية امرأته أو والده بظنّ أنّها تحلّ له بناء على أنّ مال الزوجة مال الزوج لفرط الاختلاط ، وأنّ ملك الأصل ملك الجزء ، أو حلال له ، فهذه شبهة اشتباه سقط بها الحدّ لكن لا يثبت النّسب ولا تجب العدّة لأنّ الفعل قد تمحّض زنا. ومنها شبهة في المحلّ ويسمّى شبهة حكمية وشبهة ملك. وشبهة الدليل وهي أن يوجد الدليل الشرعي النافي للحرمة أو الحلّ مع تخلّف حكمه لمانع اتّصل به فيورث هذا الدليل شبهة في حلّ ما ليس بحلال وعكسه. وهذا النوع لا يتوقّف تحقّقه على الظّنّ. ولذا كان أقوى من الشّبهة في الظّنّ أي في الفعل فإنّها ناشئة عن النصّ في المحلّ ، بخلاف الشّبهة في الظّنّ فإنّها ناشئة عن الرأي والظّنّ ، فإذا وطئ جارية الابن فإنّه يسقط الحدّ ويثبت النّسب والعدّة لأنّ الفعل لم يتمحّض زنا نظرا إلى الدليل ، وهو قوله عليه‌السلام : «أنت ومالك لأبيك» (١) ، وكذا وطئ معتدّة الكنايات لقول بعض الصحابة : إنّ الكنايات رواجع. وأمّا جارية الأخ أو الأخت فليست محلا للاشتباه بشبهة فعل ولا شبهة محلّ فلا يسقط الحد.

قال في فتح القدير : تقسيم الشّبهة إلى الشّبهة في العقد والمحلّ والفعل إنّما هو عند أبي حنيفة. وأمّا عند غيره من أصحابه فلا تعتبر شبهة العقد. ثم قال : والشافعية قسّموا الشّبهة ثلاثة أقسام. شبهة في المحلّ وهو وطئ زوجته الحائض والصائمة والمحرّمة وأمته قبل الاستبراء وجارية ولده ولا حدّ فيه. وشبهة في الفاعل مثل أن يجد امرأة على فراشه فيطأها ظانّا أنّها امرأته فلا حدّ. وإذا ادّعى أنّه ظنّ ذلك صدّق [لا] (٢) بيمينه. وشبهة في الجهة. قال الأصحاب : كلّ جهة صحّحها بعض العلماء وأباح الوطء بها لا حدّ فيها وإن كان الواطئ يعتقد الحرمة كالوطء في النكاح بلا شهود ولا وليّ انتهى. وقال ابن الحجر في شرح الأربعين للنووي في شرح الحديث السادس : المشتبه بمعنى ما ليس بواضح الحلّ والحرمة أربعة أقسام. الأول الشكّ في المحل (٣) والمحرّم فإن تعادلا استصحب السابق ، وإن كان أحدهما أقوى لصدوره عن دلالة معتبرة في اليقين فالحكم له. والثاني الشّكّ في طرء محرّم على الحلّ المتيقّن ، فالأصل الحلّ. والثالث أن يكون الأصل التحريم ثم يطرأ ما يقتضي الحلّ بظنّ غالب ، فإن اعتبر سبب الظّن شرعا حلّ وألغي النّظر لذلك الأصل ، وإلاّ فلا. والرابع أن يعلم الحلّ ويغلب على الظّن طرء محرّم فإن لم تستند غلبته لعلامة تتعلّق بعينه لم يعتبر ، وإن استندت لعلامة تتعلّق بعينه اعتبرت وألغي أصل

__________________

(١) سنن ابن ماجة ، كتاب التجارات ، باب ما للرجل من مال ولده ، ح (٢٢٩٢) ، ٢ / ٧٦٩. مسند أحمد ، ٢ / ٢٠٤.

(٢) لا (+ م).

(٣) الحل (م).

١٠٠٦

الحلّ لأنّها أقوى منه. والتفصيل يطلب منه وقد سبق بيان المشتبه في لفظ الحل.

شبهة العمد : [في الانكليزية] Blow without criminal premeditation ـ [في الفرنسية] Coup sans premeditation criminelle

في القتل أن يتعمّد الضّرب بما ليس بسلاح وضعا ولا ما أجري مجرى (١) السّلاح ، هذا عند أبي حنيفة. وعندهما إذا ضرب بما يقتل غالبا كالحجر العظيم والخشبة العظيمة والعصا الكبير فهو عمد وشبهة العمد يتعمّد ضربه بما لا يقتل به غالبا كالسوط والعصا الصغير والحجر الصغير ، هكذا في الهداية وغيرها.

شبيه الاشتقاق : [في الانكليزية] Syllepsis ـ [في الفرنسية] Syllepse

هو نوع من أنواع ردّ العجز على الصّدر ، وذلك بأن يأتي الشاعر بلفظتين متجانستين إحداهما في صدر البيت والثانية في عجزه دون أن تكونا مشتقتين من أصل واحد ، وأن يكون معناهما مختلفا ، كالبيت التالي وترجمته :

لا يمكن للفلك صاحب القبة (القلعة) الزرقاء

أن يحصر جفاء عشقك وبيان جمالك.

كذا في مجمع الصنائع ، والشاهد في البيت الفارسي كلمتا : حصر و (حصار) وهي بمعنى القلعة (٢). كذا في مجمع الصنائع.

الشّبيه بالمعيّن : [في الانكليزية] Parallelogram ـ [في الفرنسية] Parallelogramme

هو شكل ذو أربعة أضلاع لا تكون أضلاعه متساوية ولا زواياه قائمة ، ولكن يتساوى كلّ متقابلين من أضلاعه وزواياه هكذا في حدود تحرير أقليدس.

شبيهة القوس : [في الانكليزية] Analogous arc ـ [في الفرنسية] Arc analogue

عند أهل الهيئة هي القوس التي توتر زاوية عند المركز مساوية لزاوية توتّرها تلك القوس عند مركزها. والظاهر أنّه يشترط في الشبيهة أن تكون من دائرة إمّا (٣) أصغر من دائرة القوس الأخرى أو أعظم منها. أمّا إذا تساوى زاويتا قوسين من دائرتين متساويتين فلا يقال للقوسين إنّهما شبيهتان بل متساويتان. ولو أطلق المتشابهتان عليهما لكان على سبيل التجوّز. وإن قيل شبيهة القوس هي القوس التي تكون نسبتها إلى دائرتها كنسبة تلك القوس إلى دائرة نفسها يكون أعمّ منه لأنه يشتمل (٤) أيضا لما إذا كان كلّ من القوسين نصف دائرة أو أكثر منه. ولو اعتبر زاوية المحيط بدل زاوية المركز لكان أيضا أعمّ بأن يقال شبيهة كلّ قوس هي التي توتر زاوية عند محيط دائرتها مساوية للزاوية التي توترها عند محيط دائرتها. وإن شئت قلت شبيهة كلّ قوس هي التي تكون زاوية قطعتها مساوية لزاوية قطعة تلك القوس. والمراد (٥) بزاوية القطعة زاوية تحدث عند نقطة من محيط تلك القطعة من خطين يخرجان من طرفي المحيط إلى تلك النقطة. هكذا ذكر في شرح الچغميني وحاشيته لعبد العلي البرجندي في آخر الباب الرابع من المقالة الأولى.

__________________

(١) مجرى (ـ م).

(٢) نوعى است از انواع رد العجز على الصدر وآن آوردن دو لفظ است در صدر بيت وعجز كه با هم متجانس باشند واز يك كلمه مشتق نبودند ودر معني متغاير باشند شعر.

حصر جفاي عشق وبيان جمال تو

نتوان گماشت بر فلك نيلگون حصار

كذا في مجمع الصنائع.

(٣) إما (ـ م).

(٤) يشمل (م ، ع).

(٥) والمقصود (م ، ع).

١٠٠٧

الشّتر : [في الانكليزية] Defect ، prosodical anomaly ـ [في الفرنسية] Defaut ، anomalie ، prosodique

بفتح الشين والتاء المثناة الفوقانية في اللغة العيب والنّقصان. وعند أهل العروض هو الخرم بعد القبض في مفاعيلن ، كما أنّ الثّرم هو الخرم بعد القبض في فعولن ، كذا في بعض الرسائل العربي. فيبقى بعد الشّتر من مفاعيلن فاعلن ، والجزء الذي فيه الشّتر يسمّى أشتر كما في عروض سيفي والمنتخب. فعلى هذا يحمل كلام عنوان الشرف حيث قال : الشّتر اجتماع الخرم والقبض وقد عرفت أيضا في لفظ الثرم.

الشّجّ : [في الانكليزية] Surgery ـ [في الفرنسية] Chirurgie

بالفتح والتشديد هي جراحة الرأس خاصة في الأصل ، ثم استعمل في غيره من الأعضاء. الشجاج الجمع. وفي شرح القانونچه تفرّق الاتصال إن كان في عظم الرأس يسمّى على الإطلاق شجة وشجاجا. اعلم أنّ الشجاج عشرة أقسام. وذلك لأنّ قطع الجلد لا بدّ منه للشّجة وبعد القطع إمّا أن يظهر الدم أو لا ، الثاني هو الحارثة وهي التي تخدش الجلد ولا يخرج الدّم ، والأول إمّا أن يسيل الدم بعد الإظهار أو لا ، الثاني هو الدامعة وهي التي تظهر الدّم ولا تسيله كالدمع في العين ، والأول إمّا أن يقطع بعض اللحم أو لا ، الثاني هو الدّامية وهي التي تسيل الدّم ، والأول إمّا أن يكون قطع أكثر اللحم الذي بينه وبين العظم أو لا ، الثاني هو الباضعة وهي التي تقطع الجلد ، والأول إمّا أن أظهرت الجلدة الرقيقة الحائلة بين اللحم والعظم أو لا ، الثاني هو المتلاحمة وهي التي تأخذ في اللحم ، والأول إمّا أن يقتصر على الإظهار أو يتعدّى ، والأول هو السّمحاق وهي التي تصل إلى السّمحاق وهي جلدة رقيقة بين اللحم وعظم الرأس ، والثاني إمّا أن ينحصر على إظهار العظم أو لا ، والأوّل هو الموضّحة وهي التي توضح العظم ، والثاني إمّا يقتصر على كسر العظم أو لا ، والأول هو الهاشمة وهي التي تكسر العظم ، والثاني إمّا أن يقتصر على نقل العظم وتحويله من غير وصوله إلى الجلدة التي بين العظم والدماغ أو لا ، والأوّل هو المنقّلة وهي التي تنقل العظم بعد الكسر ، والثاني هو الآمّة وهي التي تصل إلى أمّ الرأس وهو الذي فيه الدماغ وهي العاشرة. وبعد هذه الشجاج شجّة أخرى وهي الدامغة وهي التي تخرج الدماغ ولا تبقى النفس بعدها عادة فكانت قتلا لا شجّة. فلهذا لا تعدّ من الشّجاج هكذا في الهداية والعناية.

الشّجاعة : [في الانكليزية] Courage ـ [في الفرنسية] Courage

هي هيئة للقوّة الغضبية متوسّطة بين التّهوّر الذي هو الإفراط والجبن الذي هو التفريط.

وقد سبق في لفظ الخلق. وشجاعة العربية عند بعض أهل البيان اسم الحذف وقد سبق.

الشّجرة : [في الانكليزية] Tree ، perfect man ـ [في الفرنسية] Arbre ، homme parfait

الإنسان الكامل مدبّر هيكل الجسم الكلّي فإنّه جامع الحقيقة منتشر الدقائق إلى كلّ شيء ، فهو شجرة وسطية لا شرقية وجوبية ولا غربية إمكانية ، بل أمر بين الأمرين ، أصلها ثابت في الأرض السفلى وفرعها في السموات العلى ، أبعاضها الجسمية عروقها وحقائقها الروحانية فروعها ، والتجلّي الذاتي المخصوص بأحدية جمع حقيقتها الناتج فيها بسرّ إنّي أنا الله ربّ العالمين ثمرتها كذا في الجرجاني.

الشّخص : [في الانكليزية] Person ، individual ـ [في الفرنسية] Personne ، individu

بالفتح وسكون الخاء المعجمة كالبد تن ـ هو هيكل الجسم ـ الأشخاص والشخوص

١٠٠٨

والأشخص الجمع كذا في المهذب (١). وفي عرف العلماء هو الفرد المشخّص المعيّن. والشخصية هي القضية المخصوصة. اعلم أنّ الشّخص في اصطلاح المنطقيين عبارة عن الماهية المعروضة للتشخّصات (٢) والعارض وتقييده يكون خارجا عنها ، وإنّما الاعتبار في اللّحاظ فقط دون الملحوظ. فالماهية الكلّية عين حقيقة الأشخاص. وإنّما التغاير بينهما في اللّحاظ فقط من دون أن يدخل أمر في نفس أحدهما دون الآخر. وهذا عند المتأخرين من المحقّقين. وأمّا عند المتقدّمين فالشّخص عندهم عبارة عن الماهية مع القيد دون التقييد. والتفصيل أنّ الطبيعة الكلّية قد تؤخذ بالنظر إلى أمور محصّلة لها كالأجناس بالنسبة إلى الفصول. مثلا الحيوان إذا أخذ بالنسبة إلى الناطق يسمّى مخلوطة ونوعا ، وتسمّى هذه المرتبة مرتبة الخلط ، وإذا أخذ بشرط نفي الناطق تكون مادة محمولة على الأول وتسمّى مجرّدة ومعراة ، وتسمّى هذه المرتبة. مرتبة التّعرية. وإذا أخذ لا بشرط شيء أي لا بشرط شيء ولا بشرط نفي شيء تسمّى مطلقة وتسمّى هذه المرتبة مرتبة الإطلاق. وقد تؤخذ بالنظر إلى العوارض الغير المحصّلة كالإنسان بالنظر إلى تشخّص (٣) زيد مثلا. فطبيعة الإنسان إذا أخذ مع التشخّص الخاص مثلا تكون مخلوطة تتصوّر فيها المراتب الأربع. إحداها كون التقييد والقيد كلاهما داخلين وهذا يسمّى بالفرد. وثانيتها كون كليهما خارجين وإنّما التقييد في اللّحاظ فقط من دون أن يجعل جزءا من الملحوظ وهذا هو المسمّى بالشخص عند المحقّقين من المتأخرين. وأمّا عند المتقدّمين فالقيد داخل في اللّحاظ دون التقييد. وثالثتها أن يكون التقييد داخلا والقيد خارجا وهذا هو المسمّى بالحصّة عندهم. ورابعها أن يكون القيد داخلا والتقييد خارجا وهذا القسم مما لا اعتبار له عندهم. ولهذا لم يسمّوه باسم. وبعضهم ضبطوها بالشعر الفارسي :

الفرد إذا كان القيد والتقييد داخلا

والشخص أن يكونا خارجين أيّها الإنسان

وإذا كان القيد خارجا منه فهذا يسمّى حصة

وبقية الأقسام دعها عنك (فلا اعتبار لها) (٤)

هكذا في شرح السّلّم للمولوي حسن اللكهنوي (٥) في خاتمة بحث الكلّي وغيره.

والتشخّص هو التعيّن وهو يطلق بالاشتراك على معنيين : الأول كون الشيء بحيث يمتنع فرض اشتراكه بين كثيرين ، وحاصله امتناع الاشتراك بين كثيرين ، وهو يحصل من نحو الوجود الذهني ويلحق الصورة الذهنية من حيث إنّها صورة ذهنية لأنّ الحمل والانطباق وما يقابلهما من شأن الصّور دون الأعيان ، والاختلاف بالكلّية والجزئية إنّما هو لاختلاف الإدراك دون المدرك. فالشيء إذا أدرك بالحواس وحصل فيها كان جزئيا ، وإذا أدرك بالعقل وحصل فيه كان كلّيا ، ويدلّ عليه أنّ ما ذكروه في تعريف الكلّي والجزئي يظهر منه كلّية اللاشيء ونحوه ، فإنّ تصوّر هذه المفهومات لا يمنع فرض (٦) الشركة ،

__________________

(١) المذهب (م ، ع).

(٢) التشخيصات (م).

(٣) شخص (م).

(٤)

چو تقييد وقيد است داخل بود فرد

وگر هر دو خارج بود شخص اى مرد

چو قيد است خارج ازو هست حصه

دگر قسم باقي رها كن ز قصه

(٥) هو حسن بن غلام مصطفى اللكهنوئي الهندي. توفي عام ١١٩٨ هـ / ١٧٨٣ م. حكيم ، منطقي. له عدة مؤلفات. معجم المؤلفين ٣ / ٢٦٨ ، بروكلمان ٢ / ٦٢٤.

(٦) عن فروض (م) ، عن فرض (ع).

١٠٠٩

وأنفسها تمنع عنه. والثاني كون الشيء ممتازا عمّا عداه. وحاصله الامتياز عن الغير وهو يحصل بالوجود الخارجي أي بالوجود الحقيقي الذي هو حقيقة الواجب تعالى على تقدير وحدة الوجود ، وحقيقة ما عينه متعيّنة بنفسها على تقدير تعدّد الوجود ، ولا يراد بحصول الامتياز بالوجود الخارجي أنّ الوجود ينضمّ إلى الشيء فيصير المجموع شخصا بل يراد به أنّ الشيء يصير بالوجود ممتازا عمّا عداه ، كما أنّه يصير به مصدر الآثار ويمكن أن ينبّه عليه بأنّ تمايز العرضين المتماثلين يحصل من وجودهما في الموضوعين ، وكذا تمايز الصورتين المتماثلتين يحصل من وجودهما في المادّتين لما تقرر أنّ وجود العرض في نفسه هو بعينه وجوده في الموضوع ووجود الصورة في نفسها هو وجودها في المادة بعينه.

وقال المعلم الثاني هويّة الشيء تعيّنه ووحدته وخصوصيّته ووجوده المتفرّد له كلّها واحدة ، يعني أنّ الحيثية التي بها يصير موجودا هي بعينها حيثية بها يصير مشخّصا وواحدا ، فالوجود والتشخّص والوحدة مفهومات متغايرة وما به التشخّص وما به الوجود وما به الوحدة أمر واحد ، فظهر أنّ التشخّص بكلا المعنيين أمر اعتباري ، وما به التشخص على المعنى الأول هو نحو الوجود الذهني الذي هو أمر اعتباري. وعلى المعنى الثاني هو الوجود الحقيقي الذي هو موجود بنفسه فتأمل. لكنّ مذهب جمهور العلماء أنّ التعيّن (١) أمر وجودي هو موجود في الخارج. هكذا حقّق مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف. وقال شارح المواقف : النزاع لفظي فإنّ الحكماء يدّعون أنّ التعيّن أمر موجود على أنّه عين الماهية بحسب الخارج ، ويمتاز عنها في الذهن فقط. والمتكلمون يدّعون أنّه ليس موجودا زائدا على الماهية في الخارج منضمّا إليها فيه ، ولا منافات بينهما. وتمام البحث يطلب منه.

قال المولوي حسن اللكهنوي في شرح سلّم العلوم : تشخّص الشيء عبارة عمّا يفيد الامتياز للشيء المعروض به من حيث إنّه معروض به ، وبه يمتاز عمّا عداه ، سواء كان كلّيا أو جزئيا خارجيا أو ذهنيا. ثم اعلم أنّ الشخص الخارجي لا يحصل في ذهن من الأذهان لأنّه إمّا أن يكون باقيا في الخارج أو لا ، وعلى الأوّل يلزم تعدّد الشخص الواحد الخارجي في أمكنة متعدّدة وهذا محال. وعلى الثاني يلزم انعدام الشخص الخارجي عند تصوّره ، وهذا ظاهر البطلان. وإذا كان كذلك فلا يحصل من زيد عند تصوّر هويته الخارجية إلاّ الحقيقة الكلّية لزيد مع التشخّص الذهني الخاص الكاشف لتلك الهويّة الخارجية بحيث لا يحتمل غيره. وهذا الشخص الحاصل في الذهن مباين في الوجود للهوية الخارجية. وبهذا التقرير (٢) ينحلّ الإشكال المشهور وهو أنّ الصورة الخارجية لزيد والصورة الحاصلة منه في أذهان متعدّدة كلّها متصادقة ، فكانت كلّ واحدة من تلك الصور متكثّرة مع أنّها جزئيات انتهى من الشرح.

الشّخوص : [في الانكليزية] Lethargy ، torpor ـ [في الفرنسية] Lethargie ، torpeur

عند الأطباء نوع من الجمود. وقيل هو السّهر السّباتي وقد مرّ.

الشّدخ : [في الانكليزية] Fracture ، break ـ [في الفرنسية] Fracture ، brisure

بالفتح وسكون الدال المهملة هو تفرّق اتّصال في طول العصب وكسر الرأس كذا في

__________________

(١) يتعين (م).

(٢) القدر (م).

١٠١٠

بحر الجواهر. وفي شرح القانونچه إن كان تفرّق الاتصال في العصب طولا يسمّى شقّا وعرضا يسمّى بترا ، وإن كثر عدده يسمّى شدخا.

الشّرّ : [في الانكليزية] The evil ـ [في الفرنسية] Le mal

بالفتح والتشديد ضدّ الخير وقد سبق.

الشّراء : [في الانكليزية] Purchase ـ [في الفرنسية] Achat

بالكسر والمدّ والقصر وبالفارسية : خريدن ـ الشراء ـ وفروختن ـ البيع ـ وهو من لغات الأضداد وقد سبق تحقيقه في لفظ البيع.

شراب خام : [في الانكليزية] Unrefined drink ـ [في الفرنسية] Boion brute

عند الصوفية هو العيش الممزوج ، أي المقارن بالعبودية. وشراب پخته شراب ناضج ، يعني العيش الصرف المجرّد من اعتبار العبودية. وشراب خانه : يعنون بذلك عالم الملكوت. ويأتي أيضا. بمعنى باطن العارف الكامل الذي يشتمل على الشوق والذوق والعوارف الإلهية الكثيرة (١).

الشّراب : [في الانكليزية] Drink ـ [في الفرنسية] Boion ، breuvage

في اللغة كل ما يشرب من المائعات أي الذي لا يتأتى فيه المضغ حلالا كان أو حراما ، والأشربة الجمع. وفي الشريعة هو الشّراب الحرام على ما في جامع الرموز ، والحرام يشتمل على ما حرّم عند الكلّ ، أو اختلف في حرمته. ولذا وقع في البرجندي : المتبادر من الشراب في عرف الفقهاء ما حرّم أو اختلف في حرمته بشرط كونه مسكرا انتهى. اعلم أنّ لفظ الشّراب يطلق في العرف العام على كل مائع مسكر متّخذ من العنب وغيرها من الفواكه ، والحبوب وغيرها ، ومثله لفظ (مي) في الفارسية كما قال قائل منهم ما ترجمته : لا يعلم شاربوا الخمر عاقبة الشراب فهؤلاء البله إلى النار يسيرون من طريق الماء (٢). وأمّا الخمر فمختصّ بماء العنب إذا غلى واشتدّ وقذف بالزّبد بإجماع أهل اللغة ، وعليه يحمل ما وقع في التنزيل. وأمّا إطلاقها على مسكر آخر فمجاز محدث بعد نزول آية التحريم ، فلا يمكن أن يحمل ما أنزل سابقا على المجاز المستحدث. وهذا عند الحنفية ، واستدلّوا بوجوه الوجه الأوّل إجماع أهل اللغة وأهل العلم على أنّ لفظة الخمر موضوعة لما ذكر لما في الهداية والزيلعي والطحاوي والبرجندي وغيرها. لنا أنّه اسم خاص بإطباق أهل اللغة فيما ذكرنا وهو النيء من ماء العنب إذا غلى واشتدّ وقذف بالزّبد ، وهذا هو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم وتسمية غيرها مجاز. والوجه الثاني استعمال العرب الموثوقين بعربيتهم الذين يشهد بكلامهم ومنهم المتنبي ، فإنّ شعره ناطق بأنّ أصل الخمر هو العنب حيث قال :

فإن تكن تغلب الغلباء عنصرها

فإنّ في الخمر معنى ليس في العنب

والوجه الثالث أنّ كنية الخمر مشعرة بأنّ العنب أصلها كما يقال بنت العنقود وبنت العنب. والوجه الرابع أنّ لفظة الخمر خاصة في ما ذكر ، وغيرها من المسكرات سمّي بأسماء أخر نحو الباذق والمنصف والمثلث والنقيع

__________________

(١) شراب خام : نزد صوفيه عيش ممزوج است كه مقارن عبوديت بود وشراب پخته عيش صرف را گويند كه مجرد از اعتبار عبوديت بود وشراب خانه عالم ملكوت را گويند ونيز بمعنى باطن عارف كامل كه دران باطن شوق وذوق وعوارف الهيه بسيار باشند مى آيد.

(٢)

نمى دانند مى خواران انجام شراب آخر.

به آتش مى روند اين ابلهان از راه آب آخر.

١٠١١

والنبيذ وغيرها. واختلاف الأسماء يدلّ على اختلاف المسمّيات هكذا في الهداية وغيرها. والوجه الخامس قوله تعالى : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) (١). فالمراد بلفظ الخمر هاهنا العنب لا غير بإجماع المفسّرين واتفاق العلماء المتقدّمين والمتأخرين من قبيل إطلاق المسبّب على السّبب. والأصل المتفق عليه في هذا الباب أنّ السّبب يستعار للمسبّب مطلقا ، أي سواء كان السّبب مختصّا بالمسبّب أو لا. وأمّا استعارة المسبّب للسّبب فلا يصحّ إلاّ إذا كان المسبّب مختصّا بالسبب (٢) ، يعني لا يكون لذلك المسبّب سبب آخر كما في لفظة الخمر فإنّها مختصة بالعنب ، هكذا في كلّيات أبي البقاء الحسني الكفوي الحنفي.

وفي الدرر : الشراب لغة كلّ ما يشرب مسكرا كان أو لا. وشرعا مائع يسكر ، انتهى كلامه. والأصول التي تتخذ منها الأشربة هي العنب والزبيب والتمر وكالحبوب كالحنطة والشعير والذرة والفواكه كالإجاص والفرصاد والشّهد والفانيذ (٣) والألبان. أمّا العنب فما يتخذ منه خمسة الخمر والباذق والمنصف والمثلث والبختج ، والمتّخذ من الزبيب شيئان نقيع ونبيذ ، والمتّخذ من التمر ثلاثة السّكر والنقيع والنبيذ ، والمتّخذ من الحبوب والفواكه وغيرهما شيء واحد حكما وإن اختلف اسما من النقيع لنبيذ العسل ، كذا في الكفاية. والأطباء إذا أطلقوا الشراب أرادوا به الخمر. وإذا قالوا الشراب الممزوج أرادوا به ما يمزج بالماء ، وما ليس بممزوج يسمّى بالشراب الخالص والصرف. اعلم أنّ للشراب أربع مراتب : الحديث وهو الشّراب الذي لم تمض عليه ستة أشهر ويقال له العصير. والذي مضت عليه ستة أشهر ولا يزيد على السنة يسمّى الشراب المتوسّط. والذي مضى عليه أربع سنين يسمّى القديم والمتوسّط يسمّى العتيق. والشراب الريحاني هو الشراب الصّرف الطيب الرائحة. وقيل هو خالص الصفرة أو الحمرة أو الخضرة ، متوسّط القوام عطر الرائحة جدا طيّب الطعم. قال السديدي هو الشراب الرقيق الأخضر اللون الطيب الرائحة اللطيف القوام الصّافي الصّرف والشراب المغسول هو المثلّث وشراب الحصرم وشراب الإجاص هو شربته عند الأطباء لا ربّه. والفرق بينهما أنّ الشّراب يقوّم مع السّكر والرّبّ يقوّم العصارة بلا سكر ، كذا في بحر الجواهر وغيره. فللشراب معنيان أحدهما المشروب من المائعات أي السّيّالات ، وثانيهما المائع الذي يقوم مع السّكر. ولذا قال في بحر الجواهر الأشربة هي السّيالات التي يطرح فيها السّكر وما يجري مجراها ، والشراب عند الصوفية هو العشق. ويقول في كشف اللغات : الشراب عند السّالكين عبارة عن العشق والمحبة والغيبوبة والسّكر الحاصل من جلوة المحبوب الحقيقي بحيث يصير ساكتا وغائبا عن ذاته ، والشراب هو سمع نور العارفين الذي يضيء في قلب العارف من أصحاب الشهود ، فينوّر ذلك القلب (٤).

الشرب : [في الانكليزية] Drinking water ، watering place ـ [في الفرنسية] Eau potable ، abrevoir

بالكسر وسكون الراء المهملة لغة الماء

__________________

(١) يوسف / ٣٦.

(٢) أولا ... مختصا بالسبب (ـ م).

(٣) الفرصاد : التوت ، والفانيذ : ضرب من الحلوى.

(٤) در كشف اللغات ميگويد شراب نزد سالكان عبارت از عشق ومحبت وبى خودي ومستى است كه از جلوه محبوب حقيقي حاصل شود وساكت وبيخود گرداند وشراب سمع نور عارفان است كه در دل عارف صاحب شهود افروخته ميگردد وآن دل را منور كند.

١٠١٢

المشروب. وما قيل إنّه لغة نصيب الماء أي الحظ المعيّن من الماء الجاري أو الراكد للحيوان أو الجماد فمشير إلى هذا. وشريعة زمان الانتفاع بالماء سقيا للمزارع أو الدواب ، كذا في جامع الرموز. وفي شرح أبي المكارم إنّه شرعا نوبة الانتفاع بالماء سقيا للمزارع أو الدواب والمآل واحد. وفي البرجندي المفهوم من أكثر الكتب أنّ الشّرب هو نوبة الانتفاع بالماء سقيا للمزارع والمشاجر ، وأما سقي الدواب فداخل في الشّفة.

الشّربة : [في الانكليزية] Mouthful ، sip ـ [في الفرنسية] Gorgee

بالفتح والسكون قد أراد الأطباء بها التناول سواء كان المتناول متكاثفا (١) أو لا ؛ ولذا يقال الشّربة من دواء كذا مثقالا مثلا ، كذا في بحر الجواهر.

الشّرح : [في الانكليزية] Commentary explanation ، interpretation ـ [في الفرنسية] Commentaire ، explication ، interpretation

بالفتح وسكون الراء المهملة در لغت بمعني گشاده ـ مفتوح وپيدا كردن است ـ الاكتشاف والتوضيح ـ وهو عند أهل الرمل : عبارة عن شكل يحصل من ضرب المتن في صاحب البيت ، ويجيء في لفظ المتن شرح ذلك (٢).

الشّرط : [في الانكليزية] Condition ـ [في الفرنسية] Condition

بالفتح وسكون الراء المهملة وبالفارسية : پيمان ـ حلف ـ وتعليق كردن چيزى به چيزى ـ أي تعليق حصول أمر على حصول أمر آخر ـ كذا في الصراح. وفي كنز اللغات : الشرط : ارتباط فعل أو قول بشيء آخر. وما تعلّق به حصول فعل أو قول ، انتهى (٣). لكن قال المولوي عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية في القاموس : الشرط إلزام الشيء والتزامه ، نقل في الاصطلاح إلى تعليق حصول مضمون جملة بحصول أخرى. وحروف الشرط هي الحروف الدالة على التعليق انتهى. ففهم من هذا أنّ التعليق معنى اصطلاحي للنحاة. والمفهوم من كتبهم أنّ الشرط هو اللفظ الذي دخلت عليه أداة الشرط يدلّ عليه قولهم : كلم (٤) المجازاة تدخل على الفعلين لسببية الفعل الأول ومسبّبية الفعل الثاني ، وتسمّى الجملة الأولى شرطا والثانية جزاء. وقد صرّح في التلويح في فصل مفهوم الموافقة والمخالفة أنّ الشرط في اصطلاح النحاة ما دخل عليه شيء من الأدوات المخصوصة الدالة على سببية الأوّل ومسبّبية الثاني ذهنا أو خارجا سواء كان علّة للجزاء مثل إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ، أو معلولا مثل إن كان النهار موجودا فالشمس طالعة أو غير ذلك ، مثل إن دخلت الدار فأنت طالق. وهذا أي الشرط النحوي هو محلّ النزاع بين الحنفية حيث يقولون التعليق بالشرط لا يوجب العدم عند العدم ، وبين الشافعية حيث يقولون بإيجابه إياه انتهى. قيل مرادهم (٥) بالسّبب مجرّد التوصّل في اعتقاد المتكلّم ولو ادّعاء فيؤول إلى الملازمة الادّعائية. ألا ترى إلى قولك إن تشتمني أكرمك فإنّ الشّتم فيه ليس سببا حقيقيا للإكرام ، ولا الإكرام سببا حقيقيا له ، لا خارجا ولا ذهنا. لكن المتكلّم اعتبر تلك النسبة بينهما إظهارا لمكارم الأخلاق ، يعني

__________________

(١) متكافئا (م).

(٢) ونزد اهل رمل عبارت است از شكلى كه حاصل شود از ضرب كردن متن در صاحبخانه ويجيء في لفظ المتن شرح ذلك.

(٣) وفي كنز اللغات شرط به چيزى وابستن قول يا فعل وآنچه به او وابسته باشد حصول قول يا فعل انتهى.

(٤) كلمة (م).

(٥) مقصودهم (م ، ع).

١٠١٣

أنّه بمكان يصير الشّتم الذي هو سبب الإهانة عند الناس سبب الإكرام عنده انتهى.

ثم الشرط في العرف العام هو ما يتوقّف عليه وجود الشيء كذا في التلويح في فصل مفهوم الموافقة والمخالفة أيضا فهذا يشتمل (١) الركن والعلّة. وفي اصطلاح الحكماء يطلق على قسم من العلّة وهو الأمر الوجودي الموقوف عليه الشيء الخارج عنه الغير المحلّ لذلك الشيء ، ولا يكون وجود ذلك الشيء منه ولا لأجله ، ويسمّى آلة أيضا. والمعدوم الموقوف عليه الشيء الخ يسمّى ارتفاع المانع وعدمه. وفي اصطلاح الفقهاء والأصوليين هو الخارج عن الشيء الموقوف عليه ذلك الشيء الغير المؤثّر في وجوده كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة كذا في شرح آداب المسعودي (٢). وهذا اصطلاح المتكلمين أيضا. قال في التلويح في فصل مفهوم الموافقة والمخالفة الشرط في اصطلاح المتكلّمين ما يتوقّف عليه الشيء ولا يكون داخلا في الشيء ولا مؤثّرا فيه انتهى. فبقيد (٣) التوقّف خرج السّبب والعلامة ، إذا السّبب طريق إلى الشيء ومفض إليه من غير توقّف لذلك الشيء عليه ، والعلامة دالّة على وجود الشيء من غير تأثير فيه ، ولا توقّف له عليه. فقولهم لا يكون داخلا احتراز عن الركن والقيد الأخير احتراز عن العلّة لوجوب كونها مؤثّرة. ومعنى التّأثير هاهنا هو اعتبار الشارع إيّاه بحسب نوعه أو جنسه القريب في الشيء الآخر لا الإيجاد كما في العلل العقلية. وبالجملة فالشرط أمر خارج يتوقّف عليه الشيء ولا يترتّب عليه كالوضوء فإنّه يتوقّف عليه وجود الصلاة ولا يترتّب عليه ، فالشرط يتعلّق به وجود الحكم لا وجوبه. وفي العضدي وحاشيته للتفتازاني قال الغزالي : الشرط ما يوجد المشروط دونه ولا يلزم أن يوجد عنده. وأورد عليه أنّه دور لأنّه عرف الشرط بالمشروط. وأجيب بأنّ ذلك بمثابة قولنا شرط الشيء ما لا يوجد ذلك الشيء بدونه. وظاهر أنّ تصوّر حقيقة المشروط غير محتاج إليه في تعقّل ذلك. وقال الآمدي الشرط ما يتوقّف عليه المؤثّر في تأثيره لا في ذاته ، فيخرج جزء السّبب وسبب السّبب ، لكنه يشكل بنفس السّبب ضرورة توقّف تأثير الشيء على تحقّق ذاته. ولا خفاء أنّه مناقشة في العبارة ، وإلاّ فتوقّف ذات الشيء على نفسه بمعنى أنّه لا يوجد بدونه ضروري. قيل والمختار في تعريفه أن يقال هو ما يستلزم نفيه نفي أمر لا على جهة السّببية فيخرج السّبب ، والفرق بين السّبب والشرط يتوقّف على فهم المعنى المميّز بينهما ، ففيه تعريف الشيء بمثله في الخفاء ، والمعنى المميّز هو التأثير والإفضاء واستلزام الوجود للوجود حيث يوجد في السّبب دون الشرط. والأولى أن يقال شرط الشيء ما يتوقّف عليه صحّة ذلك الشيء لا وجوده ، كالوضوء للصلاة واستقبال القبلة لها ، وكالشّهود للنكاح.

وينقسم الشرط إلى عقلي وشرعي وعادي

__________________

(١) يشمل (م ، ع).

(٢) ما وجدناه شبيه باسم ذلك الكتاب أو قريب له ومرجّح لدينا هو آداب الفاضل شمس السمرقندي (القرن السادس الهجري) وهو عبارة عن مناظرة ، شرحه كمال الدين مسعود شرواني إبّان القرن التاسع الهجري ويقال للشرواني الرومي. يقع الكتاب في ثلاثة فصول : الأول في التعريفات ، الثاني في ترتيب البحث ، الثالث في المسائل التي اخترعها. وقد اشتهر هذا الكتاب كثيرا وكان موضع عناية أهل النظر والمناظرة ، وعليه شروح كثيرة منها شرح مسعود الرومي وهو تلميذ الشاه فتح الله أحد أكابر العلماء. ونسبة إلى اسم مسعود أصبح الشرح ، المسعودي. وزارة الثقافة الوطنية ، نسخ خطي ، المكتبة الوطنية ، مج ٨ ، كتب عربية ص ص ٥٠١ ـ ١٠٠٠ ، إعداد سيد عبد الله أنوار ، طهران ـ ٢٥٣٦ السنة الشاهية ، ص ٢٦٤.

(٣) فقيد (م).

١٠١٤

ولغوي. أمّا العقلي فكالحيوة للعلم فإنّ العقل هو الذي يحكم بأنّ العلم لا يوجد إلاّ بحياة. وأمّا الشّرعي فكالطّهارة للصّلاة فإنّ الشّرع هو الحاكم بذلك. وأمّا العادي فكالنّطفة في الرّحم للولادة. وأمّا اللغوي فمثل قولنا إن دخلت الدار من قولنا أنت طالق إن دخلت الدار ، فإنّ أهل اللغة وضعوا هذا التركيب ليدلّ على أن ما دخلت عليه إن هو الشرط والآخر المعلّق به هو الجزاء. ثم الشرط اللغوي صار استعماله في السّببية غالبا. يقال إن دخلت الدار فأنت طالق ، والمراد (١) أنّ الدخول سبب للطلاق يستلزم وجوده وجوده لا مجرّد عدمه مستلزما لعدمه من غير سببية. وفيما لم يبق للمسبّب أمر يتوقّف عليه سواه فإذا وجد ذلك الشّرط فقد وجد الأسباب والشروط كلها فيوجد المشروط. فإذا قيل إن طلعت الشمس فالبيت مضيء فهم منه أنّه لا يتوقّف إضاءته إلاّ على طلوعها انتهى. وقد قسم السّيد السّند الشرط إلى عقلي وعادي وشرعي ، ويجيء في لفظ المقدمة.

اعلم أنّ الحنفية قالوا : الشّرط على أربعة أضرب : شرط محض وهو ما يمتنع بدونه وجود العلّة ، فإذا وجد الشرط وجدت العلّة ، فيصير الوجود مضافا إلى الشرط (٢) دون الوجوب ، وهو إمّا حقيقي يتوقّف عليه وجود (٣) الشيء في الواقع أو بحكم الشرع حتى لا يصحّ الحكم بدونه أصلا كالشهود للنكاح ، وإمّا جعلي يعتبره المكلّف وتعلّق عليه تصرفاته ، فإنّه إمّا بكلمة الشرط مثل إن تزوجتك فأنت طالق ، أو بدلالة كلمة الشّرط بأن يدلّ الكلام على التعليق دلالة كلمة الشّرط عليه ، مثل المرأة التي أتزوجها طالق لأنّه في معنى إن تزوجت امرأة فهي طالق ، باعتبار أنّ ترتّب الحكم على الوصف تعليق له به كالشرط. وشرط فيه معنى العلّة وهو الذي لا تعارضه علّة تصلح أن يضاف الحكم إليها فيضاف إليه ، أي إذا لم يعارض الشّرط علّة صالحة لإضافة الحكم إليها فالحكم يضاف إلى الشرط لأنّه يشابه العلّة في توقّف الحكم عليه ، بخلاف ما إذا وجدت حقيقة العلّة الصالحة فإنّه لا عبرة حينئذ بالشّبيه والخلف ، فلو شهد قوم بأنّ رجلا علّق طلاق امرأته الغير المدخولة بدخول الدار وآخرون بأنّها دخلت الدار ، وقضى القاضي بوقوع الطلاق ولزوم نصف المهر فإن رجع شهود دخول الدار وحدهم ضمنوا للزوج ما أدّاه إلى المرأة من نصف المهر لأنّهم شهود الشّرط السّالم عن جميع معارضة العلّة الصالحة لإضافة الحكم إليها. وإذا رجع شهود دخول الدار وشهود اليمين أي التعليق جميعا فالضمان على شهود التعليق لأنّهم شهود العلّة. وشرط فيه معنى السببية وهو الذي اعترض عليه فعل فاعل مختار غير منسوب إليه ، أي الذي حصل بعد حصوله فعل فاعل مختار غير منسوب ذلك الفعل إلى الشرط ، فخرج الشّرط المحض ، إذ التعليق وهو فعل المختار لم يعترض على الشرط بل بالعكس ، وخرج ما إذا اعترض على الشّرط فعل غير مختار بل طبيعي (٤) ، كما إذا شقّ زقّ الغير فسال الماء فتلف وخرج ما إذا كان المختار منسوبا إلى الشّرط كما إذا فتح الباب على وجه يفرّ الطائر فخرج فإنّه ليس في معنى السّبب بل في معنى العلّة. ولذا يضمن كما إذا حلّ قيد عبد الغير لا يضمن عندنا ، فإنّ الحلّ لمّا سبق الإباق الذي هو علّة التّلف صار

__________________

(١) والمقصود (م ، ع).

(٢) الشروط (م).

(٣) وجود (ـ م).

(٤) طبعي (ع).

١٠١٥

كالسّبب له ، إذ السّبب يتقدّم على صورة العلّة والشّرط يتأخّر عنها ، فالحلّ شرط للإباق ، إذ القيد كان مانعا له ، ولكن تخلّل بينه وبين الإباق فعل فاعل مختار وهو العبد ، وليس هذا الفعل منسوبا إلى الشرط إذ لا يلزم أن يكون كلّ ما يحل القيد أبق البتّة ، وقد تقدّم هذا الحلّ على الإباق فهو في حكم الأسباب. وشرط مجازا أي اسما ومعنى لا حكما وهو أول الشرطين اللذين علّق بهما حكم إذ حكم الشرط أن يضاف [إليه] (١) الوجود وذلك يضاف إلى آخرهما ، فلم يكن الأول شرطا إلاّ اسما لتوقّف الحكم عليه في الجملة ، كقوله لامرأته إن دخلت هذه الدار فهذه الدار فأنت طالق ، فالشرط الأول شرط اسما لا حكما. فلو وجد الشرطان في الملك بأن بقيت منكوحة له عند وجودهما فلا شكّ أنّه ينزل الجزاء وإن لم يوجدا في الملك أو وجد الأول في الملك دون الثاني فلا شكّ أنّه لا ينزل الجزاء. وإن وجد الثاني في الملك دون الأول بأن أبانها الزوج فدخلت الدار الأولى ثم تزوجها فدخلت الدار الثانية ينزل الجزاء فتطلق عندنا ، لأنّ المدار آخر الشرطين ، والملك إنّما يحتاج إليه في وقت التّعليق وفي وقت نزول الجزاء ، وأمّا فيما بين فلا. وعند زفر لا تطلق لأنّه يقيس الشرط الآخر على الأول ، إذ لو كان الأول يوجد في الملك دون الثاني لا تطلق ، فكذا عكسه هذا. وذكر فخر الإسلام قسما خامسا وسمّاه شرطا في معنى العلامة كالإحصان في الزنا ولا شكّ أنّه العلامة نفسها لما أنّ العلامة عندهم من أقسام الشرط ، ولذا سمّى صاحب الهداية الإحصان شرطا محضا بمعنى أنّه علامة ليس فيها معنى العلّية أو السّببية. وقد يقال إنّ الشرط إن لم تعارضه علّة فهو في معنى العلّة وإن عارضه فإن كان سابقا كان في معنى السّبب ، وإن كان مقارنا أو متراخيا فهو الشرط المحض. وإن شئت فارجع إلى التوضيح والتلويح.

اعلم أنّ الظاهر أن إطلاق الشرط على هذه المعاني على سبيل الاشتراك أو الحقيقة والمجاز على قياس ما مرّ في السبب وما يجيء في العلة والله أعلم بحقيقة الحال.

الشّرط : [في الانكليزية] Favourable wind ـ [في الفرنسية] Vent favorable

بالضم ، وترجمتها : الريح المؤاتية ، والعلامة كما في مدار الأفاضل وفي اصطلاح السّالكين : الشرطة عبارة عن النّفس الرحماني ، كما أشار لذلك الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إنّي وجدت نفس الرحمن من جانب اليمن). كذا في كشف اللغات (٢).

الشّرطي : [في الانكليزية] Conditional ، hypothetical ـ [في الفرنسية] Conditionnel ، hypothetique

قسم من القياس الاقتراني ويجيء في لفظ القياس.

الشّرطية : [في الانكليزية] Conditional ـ [في الفرنسية] Conditionnel

عند النحاة هي الجملة المصدّرة بآداة الشرط فنحو العدد إمّا زوج أو فرد ليس جملة شرطية عندهم ، وقد سبق في لفظ الجملة. فعلى هذا الشرطية هي مجموع الشّرط والجزاء. وقد تطلق الشّرطية على جملة الجزاء وحده فإنّها يصدق عليها أنّها جملة منسوبة إلى الشّرطية ، صرّح بهذا الفاضل الچلپي في حاشية المطول.

وعند المنطقيين هي القضية المركّبة من قضيتين إحداهما محكوم عليها والأخرى محكوم بها ،

__________________

(١) إليه (+ م ، ع).

(٢) بالضم باد موافق وعلامت كما في مدار الأفاضل ودر اصطلاح سالكان شرطه عبارتست از نفس رحماني چنانكه آن حضرت صلى‌الله‌عليه‌وسلم اشارت كرده.

١٠١٦

ويجيء توضيح ذلك في لفظ القضية. فالحكم في الشّرطية عندهم في (١) المقدّم والتالي بخلاف أهل العربية فإنّ الحكم عندهم في الجزاء فقط والشرط قيد له. فالجزاء إن كان خبرا فالجملة الشّرطية خبرية ، نحو إن جئتني أكرمك. وإن كان إنشاء فالجملة [الشرطية] (٢) إنشائية ، نحو : إن جاءك زيد فأكرمه ، كما في المطول. وقد سبق تحقيقه في لفظ الإسناد. ثم الشّرطية عند المنطقيين على قسمين لأنّها إن أوجبت أو سلبت حصول إحدى القضيّتين عند حصول الأخرى فمتّصلة ، وإن أوجبت أو سلبت انفصال إحداهما عن الأخرى فمنفصلة. فالمتّصلة الموجبة هي التي حكم فيها باتّصال تحقّق قضية بتحقّق قضيّة أخرى. والسالبة هي التي يحكم فيها بسلب ذلك الاتصال. والمراد (٣) من الحكم بالاتّصال أن يكون مدلوله المطابقي ذلك لئلاّ ينتقض تعريف كلّ من المتّصلة والمنفصلة بالأخرى ، بناء على تلازم الشرطيات.

ثم المتّصلة ثلاثة أقسام ، لأنّها إن اكتفى فيها بمطلق الاتصال إيجابا أو سلبا تسمّى متّصلة مطلقة. وإن قيّد الاتصال بكونه لزوميا سمّيت متصلة لزومية موجبة كانت كقولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود أو سالبة كقولنا ليس إن كانت الشمس طالعة فالليل موجود. وإن قيّد الاتصال بكونه اتفاقيا سمّيت متّصلة اتفاقية موجبة كانت كقولنا إن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق ، أو سالبة كقولنا ليس إن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق. اعلم أنّه لا بدّ في اللزومية أن يكون بين طرفيها علاقة توجب ذلك الاتّصال أو سلبه. والمراد (٤) بالعلاقة هاهنا شيء بسببه يستصحب المقدّم التالي ، سواء كان موجبة لذلك الاستصحاب أو لا. فقيد توجب ذلك احتراز عمّا لا يوجبه. والعلاقة على ثلاثة أقسام الأوّل. أن يكون المقدّم علّة للتالي كما في قولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود. والثاني بالعكس كما في قولنا إذا كان النهار موجودا فالشمس طالعة. والثالث أن يكون كلاهما معلولين بعلّة واحدة كما في قولنا إن كان النهار موجودا فالعالم مضيء ، فإنّ وجود النهار وإضاءة العالم معلولان لطلوع الشمس. هكذا في شروح السلم.

وأمّا الاتفاقيات فإنها وإن كانت مشتملة على علاقة باعتبار أنّ المعية في الوجود لا بدّ له من علة لأنّها أمر ممكن إلاّ أنّ العلاقة فيها غير موجبة لاستصحاب التالي المقدّم ، بخلاف اللزوميات حتى إذا لاحظ العقل المقدّم حكم بامتناع انفكاك التالي بداهة أو نظرا. مثلا إذا لاحظ العقل أنّ طلوع الشمس علّة لوجود النهار يحكم بامتناع انفكاك وجود النهار عند طلوع الشمس. وإذا لاحظ نهيق الحمار عند نطق الإنسان لا يحكم بامتناع الانفكاك بينهما. وبالجملة فاللزومية ما حكم فيها بوقوع الاتصال بين الطرفين لعلاقة توجب ذلك أو بلا وقوع ذلك الاتصال. والاتفاقية ما حكم فيها بوقوع الاتصال بين الطرفين أو بلا وقوعه لا لعلاقة ، أي من غير وجود علاقة تقتضي ذلك ، أو من غير اعتبارها. فعلى التوجيه الأوّل لا تجتمع اللزومية والاتفاقية بخلاف التوجيه الثاني. والمنفصلة الموجبة هي التي يحكم فيها بالتّنافي بين القضيتين ، إمّا في الصدق والكذب معا أي في التحقّق والانتفاء معا وتسمّى منفصلة حقيقية

__________________

(١) بين (م ، ع).

(٢) الشرطية (+ م ، ع).

(٣) والمقصود (م ، ع).

(٤) والمقصود (م ، ع).

١٠١٧

كقولنا إما أن يكون هذا العدد زوجا وإمّا أن يكون فردا. وإمّا في الصدق فقط ، أي من غير أن تتنافيا في الكذب بل يمكن اجتماعهما على الكذب وتسمّى مانعة الجمع كقولنا إمّا أن يكون هذا الشيء شجرا وإمّا أن يكون حجرا. وإمّا في الكذب فقط ، أي من غير أن تتنافيا في الصدق وتسمّى مانعة الخلوّ كقولنا إمّا أن يكون هذا الشيء لا شجرا وإمّا أن يكون لا حجرا. والمنفصلة السّالبة هي التي يحكم فيها بسلب ذلك التنافي إمّا فيهما معا ، وتسمّى حقيقية كقولنا ليس إمّا أن يكون هذا الحيوان إنسانا وإمّا أن يكون كاتبا ، أو في الصدق فقط وتسمّى مانعة الجمع كقولنا ليس إمّا أن يكون زيد إنسانا أو يكون ناطقا ، أو في الكذب فقط وتسمّى مانعة الخلو كقولنا ليس إمّا أن يكون هذا إنسانا أو يكون فرسا. ثم المنفصلة مطلقا حقيقية كانت أو مانعة الجمع أو مانعة الخلو موجبة كانت أو سالبة إن حكم فيها بالتّنافي أو بسلب التّنافي مطلقا سميّت منفصلة مطلقة. وإن قيّد التنافي أو سلبه بالعناد سمّيت منفصلة عنادية. وإن قيّد بالاتفاق سمّيت منفصلة اتّفاقية.

اعلم أنّ كلّية الشّرطية أي كونها كلّية أن يكون التالي لازما في المتّصلة اللزومية ومعاندا في المنفصلة العنادية على جميع التقادير (١) ، أي الأوضاع التي لا تنافي مقدمية المقدّم أي يمكن حصول المقدّم عليها سواء كانت محالة في أنفسها كقولنا كلّما كان الفرس إنسانا كان حيوانا ، فإنّ معناه أنّ لزوم حيوانية الفرس ثابت للإنسانية على جميع الأوضاع التي يمكن اجتماعها مع إنسانية الفرس من كونه ضاحكا أو كاتبا أو ناطقا ، إلى غير ذلك ؛ وهي محالة في أنفسها أو لم تكن محالة كقولنا كلّما كان زيد إنسانا كان حيوانا ، فمعناه أنّ لزوم حيوانية زيد للإنسانية ثابت مع كل وضع يمكن أي يجامع إنسانية زيد من كونه قائما أو قاعدا أو كاتبا إلى غير ذلك ، وهي ممكنة في أنفسها. وجزئية الشّرطية أن يكون التالي لازما أو معاندا للمقدّم على وضع معيّن ، وإهمالها بإهمال الأوضاع ، والأمثلة غير خافية.

وبالجملة فالحكم في الشرطية إن كان على تقدير معيّن فالشّرطية مخصوصة وشخصيّة ، وإلاّ فإن بيّن كمية الحكم بأنّه على جميع التقادير أو بعضها فمحصورة كلّية أو جزئية ، وإلاّ فمهملة ، والطبيعية هاهنا غير معقولة.

الشّرع : [في الانكليزية] Law ، religious law ـ [في الفرنسية] Loi ، loi religieuse

بالفتح وسكون الراء المهملة لغة مشرعة الماء ، وهو مورد الشاربة والشريعة كذلك أيضا. وشرعا ما شرع الله تعالى لعبادة من الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى نبينا وسلم سواء كانت متعلّقة بكيفية عمل وتسمّى فرعية وعملية ، ودوّن لها علم الفقه ، أو بكيفية الاعتقاد وتسمّى أصلية واعتقادية ، ودوّن لها علم الكلام. ويسمّى الشرع أيضا بالدين والملّة ، فإنّ تلك الأحكام من حيث إنّها تطاع لها (٢) دين ، ومن حيث إنّها تملى وتكتب ملّة ، ومن حيث إنّها مشروعة شرع. فالتفاوت بينها بحسب الاعتبار لا بالذات ، إلاّ أنّ الشريعة والملّة تضافان إلى النبي عليه‌السلام وإلى الأمة فقط استعمالا ، والدين يضاف إلى الله تعالى أيضا. وقد يعبّر عنه بعبارة أخرى فيقال : هو وضع إلهي يسوق ذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذّات ، وهو ما يصلحهم في معاشهم ومعادهم ، فإنّ الوضع الإلهي هو الأحكام التي جاء بها نبي من الأنبياء عليهم وعلى نبينا

__________________

(١) التقارير (م).

(٢) لها (ـ م).

١٠١٨

السلام. وقد يخصّ الشرع بالأحكام العملية الفرعية وإليه يشعر (١) ما في شرح العقائد النسفية : العلم المتعلّق بالأحكام الفرعية يسمّى علم الشرائع والأحكام ، وبالأحكام الأصلية يسمّى علم التوحيد والصفات انتهى. وما في التوضيح من أنّ الحكم بمعنى خطاب الله تعالى على قسمين : شرعي أي خطاب الله تعالى بما يتوقّف على الشّرع ولا يدرك لو لا خطاب الشارع كوجوب الصلاة ، وغير شرعي أي خطابه تعالى بما لا يتوقّف على الشّرع بل الشّرع يتوقّف عليه كوجوب الإيمان بالله ورسوله انتهى. وما في شرح المواقف من أنّ الشرعي هو الذي يجزم العقل بإمكانه ثبوتا وانتفاء ولا طريق للعقل إليه ، ويقابله العقلي وهو ما ليس كذلك انتهى. ويجيء ما يؤيد هذا في لفظ الملة. وقد يطلق الشّرع على القضاء أي حكم القاضي كما مرّ في لفظ الديانة.

ثم الشّرعي كما يطلق على ما مرّ كذلك يطلق على مقابل الحسّي. فالحسّي ماله وجود حسّي فقط ، والشّرعي ماله وجود شرعي مع الوجود الحسّي كالبيع فإنّ له وجودا حسّيا ، فإنّ الإيجاب والقبول موجودان حسّا ، ومع هذا له وجود شرعي ، فإنّ الشرع يحكم بأنّ الإيجاب والقبول الموجودان حسّا يرتبطان ارتباطا حكميّا ، فيحصل معنى شرعي يكون الملك أثرا له ، فذلك المعنى هو البيع ، حتى إذا وجد الإيجاب والقبول في غير المحلّ لا يعتبره الشّرع ، كذا في التوضيح. وفي التلويح وقد يقال إنّ الفعل إن كان موضوعا في الشرع لحكم مطلوب فشرعي وإلاّ فحسّي انتهى.

وقيل الشرع المذكور على لسان الفقهاء بيان الأحكام الشرعية والشريعة كلّ طريقة موضوعة بوضع إلهي ثابت من نبي من الأنبياء ، ويطلق كثيرا على الأحكام الجزئية التي يتهذّب بها المكلّف معاشا ومعادا ، سواء كانت منصوصة من الشارع أو راجعة إليه. والشّرع كالشريعة كلّ فعل أو ترك مخصوص من نبي من الأنبياء صريحا أو دلالة ، فإطلاقه على الأصول الكلّية مجاز وإن كان شائعا ، بخلاف الملّة فإنّ إطلاقها على الفروع مجاز. وتطلق على الأصول حقيقة كالإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه وغيرها ، ولا يتطرّق النسخ فيها ولا يختلف الأنبياء فيها ، لأنّ الأصول عبارة عن العقائد وكلّها إخبار ولا يمكن النّسخ في الإخبار ، وإلاّ يلزم منه الكذب ، والتكذيب ولا يسوغ فيها اختلاف الأنبياء ولا يلزم كذب أحد النبيين أو اجتماع النقيضين في الواقع ، بل إنّما يجري النّسخ والاختلاف في الإنشاءات ، أي الأوامر والنواهي.

والشّرع عند أهل السنة ورد منشأ للأحكام. وعند أهل الاعتزال ورد مجيزا لحكم العقل ومقرّرا له لا منشأ ، وقوله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) (٢) عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه : الشّرعة ما ورد به القرآن والمنهاج ما ورد به السّنة. وقال مشايخنا ورئيسهم الإمام أبو منصور الماتريدي : ما ثبت بقاؤه من شريعة من قبلنا من الرّسل بكتابنا أو بقول رسولنا صار شريعة لرسولنا فيلزمه ويلزمنا على أنّه شريعة رسولنا لا شريعة من قبلنا ، لأنّ الرسالة سفارة العبد بين الله وبين ذوي العقول [من عباده] (٣) ليبيّن ما قصرت عنه عقولهم من أمور الدنيا والدّين. فلو لزمنا شريعة من قبلنا كان رسولنا رسولا ، من قبله سفيرا بينه وبين أمّته لا رسول الله تعالى ، وهذا فاسد باطل ، كذا في كليات أبي البقاء.

__________________

(١) يشير (م).

(٢) المائدة / ٤٨.

(٣) من عباده (+ م ، ع).

١٠١٩

والعلم الشرعي هو علم صدر عن الشّرع أو توقّف عليه العلم الصّادر عن الشّرع توقّف وجود كعلم الكلام أو توقّف كمال كعلم العربية والمنطق ، كذا قال ابن الحجر في فتح المبين شرح الأربعين للنووي في شرح الحديث السادس والثلاثين. وقال قبيل هذا : ومن آلات العلم الشّرعي من تفسير وحديث وفقه والمنطق (١) الذي بأيدي الناس اليوم فإنّه علم مفيد لا محذور فيه ، إنّما المحذور فيما كان يخلط به من الفلسفيات المنابذة للشرائع انتهى. يعني أنّ المنطق من آلات العلم الشّرعي والعلم الشرعي تفسير وحديث وفقه ، ففهم من هذا أنّ العلم الشرعي يطلق على معنيين ، والمنطق والعلوم العربية من العلم الشّرعي بأحدهما ومن الآلات بالمعنى الآخر. ثم لفظ الشّرعي يجيء لمعنيين : الأول ما يتوقّف على الشّرع أي لا يدرك لو لا خطاب الشّارع كوجوب الصلاة والصّوم والزكاة والحجّ وأمثالها. ويخرج من هذا مثل وجوب الإيمان بوجود الله تعالى وعلمه وقدرته وكلامه ، ووجوب تصديق النبي عليه الصلاة والسلام ، فإنّ أمثالها لا تتوقّف على الشّرع لتوقّف الشّرع عليها لأنّ ثبوت الشرع موقوف عليها. فلو توقّف شيء من تلك الأحكام على الشرع لزم الدور. والثاني ما ورد به خطاب الشّرع أي ما يثبت بالشّرع سواء كان موقوفا على الشّرع أو لا ، فيتناول الكلّ لأنّ وجوب الإيمان بوجود الله تعالى وأمثاله ورد به الشّرع وثبت بالشّرع ، وإن كان لم يتوقّف على الشّرع هكذا في التوضيح والتلويح.

الشّرف : [في الانكليزية] Dignity ـ [في الفرنسية] Dignite

هو عند المنجّمين يطلق على قدر من الأقدار المتزايدة كما يجيء.

الشّرق : [في الانكليزية] ? ast ، the Levant ـ [في الفرنسية] Orient ، le Levant ، est

بالفتح وسكون الراء جاي بر آمدن آفتاب ـ مكان طلوع الشمس ـ مشرق كذلك. ودائرة المشرق والمغرب هي دائرة أوّل السموات وقد سبق. ونقطة المشرق هي الاعتدال الربيعي ويسمى مشرق الاعتدال أيضا وقد سبق في بيان دائرة البروج. والكوكب المشرقي هو الذي يطلع قبل الشمس ، وحين يغرب بعد غروب الشمس يدعي مغربيا. وحدّ التشريق والتغريب ستون درجة ، وحدّ الزهرة خمس وأربعون درجة ، وعطارد واحد وعشرون درجة ، كذا في الشجرة. وإذا كان بعدهم عن الشمس أكثر من هذا فلا يقال لذلك تشريق وتغريب. وبداية التشريق والتغريب هو حدّ الرّؤية ، وإذا كان البعد أقلّ من حدّ الرؤية فلا يقال له أيضا تشريق وتغريب. كذا في كفاية التعليم (٢).

الشّرك : [في الانكليزية] Polytheism ، idolatry ـ [في الفرنسية] Polytheisme ، idolaterie

بالكسر وهي مصدر معناه الإشراك والاعتقاد بشريك للرّبّ الذي لا شريك له. كما في المنتخب (٣). قال العلماء : الشّرك على أربعة

__________________

(١) فقه المنطق (م).

(٢) كوكب مشرقي آن باشد كه پيش از آفتاب بر آيد وچون بعد از آفتاب فروشود او را مغربي خوانند. وحد تشريق وتغريب علويات شصت درجه است وحد زهره چهل وپنج درجه وعطارد بيست ويك درجه كذا في الشجرة واگر بعد ايشان از آفتاب زياده ازين گردد ظهور واخفاي ايشان را تشريق وتغريب نگويند وبدايت تشريق وتغريب حد رؤيت است واگر بعد كم از حد رؤيت باشد آن را هم تشريق وتغريب نگويند كذا في كفاية التعليم.

(٣) انباز شدن واعتقاد انباز به خدائى بى انباز كما في المنتخب.

١٠٢٠