رسائل آل طوق القطيفي - ج ٢

الشيخ أحمد آل طوق

رسائل آل طوق القطيفي - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طوق


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٤

كان الحمل بأُجرة على إشكال ) (١).

وكتب الشيخ عليّ في حاشيته على ( القواعد ) على هذه العبارة : ( إذا كان تبرّعاً يحتسبان ، وكذا لو كان بأُجرة لكن استأجره للحمل في طوافه ، وإلّا احتسب للمحمول خاصّة ؛ لاستحقاق قطع المسافة بالإجارة ، فلا تجزي عن فرض الحامل. وعليه نزل صحيحة حفص بن البختري (٢) عن الصادق عليه‌السلام ) (٣) ، انتهى.

وكتب فخر المحقّقين على العبارة : ( تحرير البحث أن الإنسان إذا حمل إنساناً آخر في الطواف وقصد الطواف عن نفسه لكن أراد أن ينفع المحمول بحمله ؛ ليصحّ له طوافه بركوبه عليه ، فقد اختلف الفقهاء هنا ، بعد اتّفاقهم على وقوف طواف المحمول مع النيّة منه إن كان بالغاً. ولو كان صبيّاً ونوى هو الطواف به معه ، فقال بعضهم (٤) : لا يقع للحامل ؛ لأن العبادة الواجبة يشترط فيها أن يوقعها لوجوبها لا لغرض آخر. وهؤلاء هم القائلون بأن ضمّ نيّة التبرّد إلى الوضوء مبطل ؛ لمنافاة ذلك الإخلاص.

وقال بعضهم : لا يشترط ذلك ، بل يجوز أن يقصد به مع الفرض ما يؤدّي إليه في الأكثر ؛ لأنه حاصل له ، سواء قصده أم لم يقصده. والحمل جائز له ، فإذا تحرّك هو تحرّك المحمول بالعَرَض قطعاً ، فهو غير مناف. والقائلون بهذا هم القائلون بجواز ضمّ نيّة التبرّد إلى نيّة الاستباحة (٥).

ثمّ استدلّ هؤلاء في هذه المسألة بما رواه حفص (٦) في الصحيح ، وما رواه الهيثم (٧) ).

وساق الحديثين ، ثمّ قال : ( وقال ابن الجنيد ونِعْمَ ما قال ـ : إذا كان الحمل

__________________

(١) قواعد الأحكام ١ : ٧٧ ( حجريّ ).

(٢) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٣.

(٣) جامع المقاصد ٣ : ١٤٥ ـ ١٤٦.

(٤) مسالك الأفهام ١ : ٣٤.

(٥) شرائع الإسلام ١ : ١٢ ، مدارك الأحكام ١ : ١٩١.

(٦) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٥ / ٤١١ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٣٩٥ ، أبواب الطواف ، ب ٥٠ ، ح ٢.

(٧) تهذيب الأحكام ١٢٥ / ٤١٠ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٣٩٥ ، أبواب الطواف ، ب ٥٠ ، ح ١.

٣٠١

بأُجرة لم تُجْزِ عن الحامل وإلّا أجزأ ؛ لاستحقاق قطع المسافة عليه بعقد الإجارة ، فلم يجُز له صرفه لنفسه كما لو استأجر للحجّ.

واعترض عليه بأن العقد وقع عن نفس الحمل فلا ينافي إرادة الطاعة بخلاف الاستئجار للحجّ ، ومن ثمّ قال المصنّف : فيه إشكال. وقول ابن الجنيد عندي هو الأقوى.

وجواب الاعتراض أن المقصود من الإجارة إنما هو الطواف به لا الحمل خاصّة. أمّا لو نوى الطواف للمحمول لم يقع عنه قطعاً ) (١) ، انتهى.

وقال الشيخ عليّ في حاشية ( الشرائع ) بعد العبارة المذكورة : ( التفصيل حسن ، وهو أنه إن كان الحمل تبرّعاً أو بجعالة احتسب كلّ منهما طوافه. وكذا إن كان بأُجرة لكن استأجره ليحمله في طوافه ، وإلّا احتُسب للمحمول خاصّة ؛ لاستحقاقه قطع المسافة بالإجارة ، فلا يجزي عن فرض الحامل. وعليه نزل صحيحة حفص عن الصادق عليه‌السلام ) ، انتهى.

وكتب في ( المسالك ) على العبارة المذكورة : ( هذا إذا كان الحامل متبرّعاً أو حاملاً بجعالة ، أو مستأجَراً للحمل في طوافه. أمّا لو استؤجر للحَمل مطلقاً لم يحتسِب الحامل ؛ لأن الحركة المخصوصة قد صارت مستحقّة عليه لغيره ، فلا يجوز صرفها إلى نفسه. وفي المسألة أقوال ، هذا أجودها ) (٢).

وكتب في ( المدارك ) على العبارة : ( إنما كان لكلّ منهما أن يحتسب بذلك طوافاً عن نفسه ؛ لحصول الطواف من كلّ منهما. أمّا الحامل فظاهر ، وأمّا المحمول فلأن فرضه الحصول طائفاً حول البيت ، وقد امتثل. ويؤيّده صحيح حفص ).

ونقل الحديثين ، ثمّ قال : ( وإطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في الحمل بين أن يكون تبرّعاً أو بأُجرة. وحكى في ( المختلف ) (٣) عن ابن الجنيد أن الحامل للمريض

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٢) مسالك الأفهام ٢ : ١٧٧.

(٣) مختلف الشيعة ٤ : ٢٠٢ / المسألة : ١٥٧.

٣٠٢

يجزيه عن الطواف الواجب عليه ).

وساق عبارة ( المختلف ) ثمّ قال : ( وهو حسن ) (١).

وقال في ( التنقيح ) بعد عبارة ( النافع ) (٢) المذكورة : ( أكثر الأصحاب أطلقوا ذلك ، وابن الجنيد قيّده بعدم الأُجرة ، ومعها لا احتساب به للحامل. وتردّد العلّامة (٣) فيه من حيث استحقاق قطع المسافة عليه بعقد الإجارة ، ولم يجُز صرفه إلى نفسه ، كما لو أجّر نفسه للحجّ. واختار السيّد (٤) الاحتمال الأوّل. وقال الشهيد : ( يحتسب [ لهما (٥) ] إلّا أن يستأجره على حمله لا في طوافه ) (٦). وهو تفصيل حسن. وإذا استؤجر على حمله لا في طوافه تكون منافعه مملوكة للمستأجر ، فلا يجوز صرفها إلى غيره. أمّا في طوافه فمن المعلوم عدم استحقاق جميع منافعه ، بل الحمل لا غير ) (٧).

وقال السيّد عليّ في شرح ( النافع ) على العبارة ، عند قول المحقّق : ( احتسب به لكلّ منهما طواف ) (٨) ـ : ( لو [ نوياه (٩) ] بلا خلاف ؛ للصحاح ، وإطلاقها يقتضي عدم الفرق بين ما لو كان الحمل تبرّعاً أو بأُجرة خلافاً لجماعة في الثاني ، فمنعوا عن الاحتساب للحامل. وقيل بالفرق بين ما لو استؤجر للحمل في الطواف فالأوّل ، وما لو استؤجر للطواف فالثاني ، وهما أحوط في المرتبتين وإن كان في تعيّنهما ولا سيّما الأوّل نظر ) (١٠).

وقال الشهيد الثاني في ( شرح اللمعة ) بعد قول المصنّف : ( ولو أمكن حمله في الطواف والسعي وجب ، ويُحتسب لهما ). قال الشارح : ( لو نوياه ، إلّا أن يستأجره للحمل لا في طوافه أو مطلقاً فلا يُحتسب للحامل ؛ لأن الحركة مع الإطلاق قد

__________________

(١) مدارك الأحكام ٧ : ١٣٠ ـ ١٣١.

(٢) المختصر النافع : ١٤٦.

(٣) قواعد الأحكام ١ : ٧٧ ( حجريّ ).

(٤) في المصدر : ( السعيد ) بدل : ( السيّد ).

(٥) من المصدر ، وفي المخطوط : ( له ).

(٦) الدروس ١ : ٣٢٢.

(٧) التنقيح الرائع ١ : ٤٣١.

(٨) المختصر النافع : ١٤٦.

(٩) من المصدر ، وفي المخطوط : ( نواه ).

(١٠) الشرح الصغير ١ : ٣٢٧ ـ ٣٢٨.

٣٠٣

صارت مستحقّة عليه لغيره ، فلا يجوز صرفها إلى نفسه. واقتصر في ( الدروس ) (١) على الشرط الأوّل ) (٢) ، انتهى.

وأنت خبير بأن ظاهر عبارة ( المختلف ) وفخر المحقّقين أنه لم يخالف في صحّة نيّة كلّ منهما الطواف لنفسه مطلقاً إلّا ابن الجنيد. والتحقيق أنه إذا نوى كلّ منهما أجزأ عنهما وإن كان الحمل بأُجرة ، ما لم يشترط ألّا يحمله في طوافه ، ويحتمل الصحّة مطلقاً احتمالاً قويّاً.

أمّا الأوّل ، فعملاً بإطلاق الأخبار المشتهر العمل بها من غير معارض.

وليس للمحمول على الحامل حال الاستئجار أكثر من أن يديره حول الكعبة قدر ما استؤجر عليه. وأيّ فرق بين صحّة نيّة الأجير حينئذٍ ونيّة المملوك لو أمره سيّده بحمله أو حمل غيره ليطوف المحمول. ولم نقف على مصرّح بالمنع ، بل المملوك أوْلى بعدم الصحّة لو قلنا بعدم صحّة نيّة الأجير ؛ لأنه مملوك المنافع بالذات بأصل الشرع ، والأجير استحقّت عليه تلك الحركة بالعارض.

هذا ، وقد صرّحوا بأنه يجوز أن يؤاجر نفسه إنسان في عام لاثنين أحدهما لحجّ ، والآخر لعمرة مبتولة. وما استدلّوا به لابن الجنيد ومن وافقه من المتأخّرين جار فيه.

وأمّا الثاني ، فلعموم المؤمنون عند شروطهم (٣) ولولاه لكان القول بالصحّة مطلقاً في غاية القوّة ، والله العالم.

السادسة والعشرون : كلّ طواف واجب ركن إلّا طواف النساء. وقد نقل الإجماع على عدم ركنيّته جماعة.

ومعنى الركن في الحجّ والعُمرة : ما يبطل النُّسُك بتركه عمداً لا سهواً. ومعنى الواجب فيهما غير الركن ـ : ما يجب الإتيان به ويأثم بتركه ، ولا يبطل النُّسُك ، ولا

__________________

(١) الدروس ١ : ٣٢٢.

(٢) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ٢ : ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٣) عوالي اللآلي ١ : ٢١٨ / ٨٤ ، ٢٩٣ / ١٧٣ ، ٢ : ٢٥٧ / ٧ ، ٣ : ٢١٧ / ٧٧.

٣٠٤

يحلّ عليه ما يتوقّف حلّه على فعله إلّا بالإتيان به. لا نعلم في ذلك كلّه خلافاً ، وفهمه من الأخبار غير عزيز.

بقي الكلام في أنه متى يتحقّق ، وبما يتحقّق الترك ، فنقول : أمّا الحجّ ، فيتحقّق ترك الطواف فيه بخروج ذي الحجّة. وأمّا العُمرة المتمتّع بها. فيضيق الوقت عن الإتيان بها أجمع مع إدراك الوقوف بعرفة من الزوال إلى الغروب. ولا يكفي إدراك جزء إن كان الترك عمداً اختياراً ؛ لتحقّق ترك الواجب حينئذٍ اختياراً ، ولعدم صلاحيّة الزمان لها اختياراً ، وللنهي عنه اختياراً. وللأمر بالوقوف حينئذٍ وبالاشتغال بالعمرة حينئذٍ يتحقّق ضدّه العامّ ، ويحتمل الاجتزاء حينئذٍ بمسمّاه وإن أثم. وإن كان نسياناً تحقّق بضيق الوقت عن العُمرة والمجزي من اختياريّ عرفة.

فإذا تحقّق ترك طوافها ؛ فإن كان عمداً بطلت عمرته ، ولا يصحّ حجّة ؛ لأن حجّ التمتّع لا يكون بدون عمرة التمتّع قبله ، لكنّه لا يكون الناسك بذلك مُحلّاً ، ولا يخرج من إحرامه بمعصيته ؛ لأن الشارع لم يعدّها من المحلّلات لما حرّمه الإحرام ؛ لحصرها في أفعال معيّنة ليس هذا منها.

والعبادات كيفيّات متلقاة ، ولأن الأصل والاستصحاب [ يقتضيان (١) ] بقاء منعه من محرّمات الإحرام ؛ فيجب عليه حينئذٍ العدول إلى العُمرة المفردة ، كما هو الأشهر الأظهر ، أو ينقلب نُسُكه مفردة ولو لم ينوِ العدول على قول ، ويتحلّل بالإتيان بأفعالها و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها ) (٢) ، وإلّا بما يجعل لها منه المخرج ، وبقاؤه محرماً أبداً عسرٌ وحرجٌ لا يطاق.

هذا ، وقد أطبقت العصابة على أن من أحرم بعمرة التمتّع ، ولم يدرك الإتيان بها مع الحجّ وجب عليه العدول إلى حجّ الإفراد. فإن لم يدركه وجب العدول إلى العمرة المفردة أو انقلب إحرامه إليها ولو لم ينوِ العدول ، وإنما يحلّ من إحرامه بإتيانه بأفعالها أو بأفعال حجّ الإفراد ، وما نحن فيه كذلك ، إلّا إنه فوات اختياريّ ، وإحلاله

__________________

(١) في المخطوط : ( يقتضي ).

(٢) البقرة : ٢٨٦.

٣٠٥

بمجرّد تعمّد ترك الركن وحلّ ما حرّمه الإحرام بمعصيته لا دليل عليه ، ولا نعلم قائلاً به ؛ فاحتماله وهم بحت.

وإن كان تحقّق ترك طوافها نسياناً ، فإن ذكر في وقت يسع الإتيان به وبما بعده من أفعال العُمرة ، مع إدراك أقلّ المجزي من اختياريّ عرفة ، وجب الإتيان به وبما بعده من واجبات عمرته لترتّب صحّتها حينئذٍ عليه ، ولأنها الكيفيّة المتلقّاة ، ولما يحصل به من يقين البراءة ، ولأن فيه الحائطة وتمّ نُسُكه وحجّه.

وإن لم يسع الوقت إلّا الإتيان به خاصّة دون باقي واجباتها ، احتمل الاجتزاء به قضاءً ، وصحّت عمرته وحجّه ؛ لإطلاق الأكثر أن من نسي الطواف قضاه ولو بعد المناسك.

وظاهر ( المدارك ) (١) أنه إجماع.

ولعلّ مراد المعبّر بذلك من بعديّة المناسك (٢) : مناسك العُمرة في مثل هذه الصورة للعمرة المتمتّع بها.

وله أيضاً ظاهر صحيحة عليّ بن جعفر (٣) ؛ وستأتي إن شاء الله تعالى وتقدّس ، من غير تعرّض لذكر الإتيان بما بعده من الواجبات.

ولعذره حينئذٍ بالنسيان القهريّ ، فيدخل في رفع عن أُمّتي النسيان (٤).

واحتمل وجوب العدول حينئذٍ إلى حجّ الإفراد ؛ لعدم التمكّن حينئذٍ من عمرة التمتّع على الوجه المتلقّى من ترتّب صحّة ما بعده عليه ، مع حضوره ومباشرته له ، فقد فاتت ولم يتمكّن من أداء أفعالها لا باختياره لعذرة بالنسيان القهريّ فيدخل في رفع عن أُمّتي النسيان ، فلا يصحّ حجّ التمتّع إلّا بعمرته ، فوجب العدول حينئذٍ إلى حجّ الإفراد. والمسألة محلّ إشكال وإن كان الثاني لا يخلو من قوّة.

__________________

(١) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٥.

(٢) أي قوله : ( قضاه ولو بعد المناسك )

(٣) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، أبواب الطواف ، ب ٥٨ ، ح ١.

(٤) عوالي اللآلي ١ : ٢٣٢ / ١٣١.

٣٠٦

ولو ذكره في وقت لا يسع الإتيان إلّا بأربعة أشواط مع باقي مناسكها ، فالاحتمالان أيضاً أوْلى بالصحّة. ولعلّ الأوّل هنا أرجح ؛ لما ثبت من صحّته كذلك فيمن فجأها الحيض بعد إكمالها أربعة وغيرها.

ولو ذكره في وقت لا يسع الإتيان بشي‌ء منه أصلاً ، فالوجهان ، وأوْلى بوجوب العدول إلى حجّ الإفراد. والأمر في هذه الفروع مشكل ، وأشكل منها كلّها ما لو لم يذكره إلّا بعد أن تلبّس بالحجّ أو في أثنائه أو بعد كماله.

فإن العصابة قد أجمعوا على عدم جواز إدخال نُسُك على نُسُك قبل إكماله ، وأن الثاني حينئذٍ باطل. وإنما اختلفوا فيمن أحرم بالحجّ ناسياً قبل أن يُقَصّر من عمرة التمتّع ، فقال ابن إدريس (١) ببطلان إحرامه بالحجّ حينئذٍ. ولو لا النصّ (٢) على الصحّة حينئذٍ لكان قوله هو الأقوى ؛ لأنه أوفق بقواعد الحجّ ، ومن إطلاق الفتاوى بصحّة النُّسُك مع تركه نسياناً ، وأنه متى ذكره قضاه. وظاهر صحيحة عليّ بن جعفر ذلك (٣). ولكن عبارات بعض الأصحاب مجملة جدّاً.

قال المحقّق في ( الشرائع ) : ( الطواف ركن ، من تركه عامداً بطل حجّه ، ومن تركه ناسياً قضاه ولو بعد المناسك ، ولو تعذّر العود استناب فيه ) (٤). وإطلاق العبارة كما قال في ( المدارك ) (٥) يشمل طواف الحجّ بأنواعه ، والعُمرة بنوعيها ، وطواف الفريضة وطواف النساء.

وكتب السيّد في ( المدارك ) على قوله : ( ومن تركه ناسياً ) إلى آخره : ( هذا مذهب الأصحاب لا اعلم فيه مخالفاً ) (٦). بعد أن كتب بعد قوله : ( الطواف ركن ) إلى آخره : ( إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين طواف الحجّ وطواف العُمرة وطواف

__________________

(١) السرائر ١ : ٥٨٠ ـ ٥٨١.

(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ٤١٠ ـ ٤١١ ، أبواب الإحرام ، ب ٥٤.

(٣) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، أبواب الطواف ، ب ٥٨ ، ح ١.

(٤) شرائع الإسلام ١ : ٢٤٥.

(٥) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٢.

(٦) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٥.

٣٠٧

النساء ) (١). ثمّ نقل عن ( المسالك ) (٢) أن المراد به غير طواف النساء.

وظاهرهما أن الحكمين شاملان لطواف الحجّ والعمرتين ، وهو مشكل ؛ لأنا سنبيّن إن شاء الله تعالى أنه لا يتحقّق ترك الطواف المبطل في المفردة الغير المجامعة للحجّ. وعلى تقديره ، أو كونها المجامعة له ، فأي مناسك يقضي بعدها؟ وكذلك في طواف الحجّ ، ما معنى قضائه مع النسيان بعد المناسك؟ وإرادة السعي ورمي الجمار وطواف النساء بعيد مخالف للأصل ؛ من دلالة موضوع الجمع المعرّف باللام.

والظاهر أن مراده بقوله : ( الطواف ركن من تركه عامداً بطل حجّه ) ما يعمّ طواف الحجّ وعمرة التمتّع ، والمفردة المجامعة لحجّ الإسلام. ويبقى الإشكال في المفردة غيرها ، ولعلّه يرى تحقّق ترك طوافها المبطل بوجه من الوجوه الآتية إن شاء الله تعالى ، فيعمّ طوافها.

ويبقى الإشكال في قوله : ( ومن تركه ناسياً قضاه ولو بعد المناسك ) ، فإن ظاهر العبارة عود المفعول في ( تركه ) للطواف المذكور أوّلاً ، الذي من تركه عامداً بطل حجّه.

ولكنّه يشكل بقوله بعد هذا : ( ومن ترك طواف الزيارة ناسياً ) (٣) إلى آخره. فإنه يعطي بظاهره أن المراد هنا بالمنسيّ طواف العُمرة دون الحجّ ، بل الأنسب بقوله : ( ولو بعد المناسك ) إرادة طواف المتمتّع بها خاصّة ، حتّى يراد بالمناسك : مناسك الحجّ ، ولكن يحتاج في صحّة العبارة إلى تكلّف وتجوّز.

وكتب الشيخ علي على قوله : ( ومن تركه ناسياً ) إلى آخره ـ : ( يلوح من هذه العبارة ونظائرها أن الترك يتصوّر بالإخلال به ولو قبل المناسك ، فينبغي تأمّل ذلك ) ، انتهى.

وهذا لا يظهر له وجه صحيح إلّا إذا أُريد به طواف المتمتّع بها خاصّة ، والمناسك :

__________________

(١) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٢.

(٢) مسالك الأفهام ٢ : ٣٤٨.

(٣) شرائع الإسلام ١ : ٢٤٥ ، وفيه : ( من نسي طواف الزيارة ) بدل : ( ومن ترك طواف الزيارة ناسياً ).

٣٠٨

مناسك الحجّ ؛ إذ أقصى ما يمكن تصوّره في غير ذلك أن يراد به : طواف الحجّ ، وبالترك قبل المناسك أنه يتحقّق الترك المبطل عمداً بالعزم على عدم الإتيان به.

وهذا بعيد جدّاً ، بل فاسد ؛ إذ لا ريب في صحّته ولو كان منه ذلك العزم مع إتيانه به بعد المناسك. ومع هذا لا يتصوّر حينئذٍ فيه النسيان قبل المناسك.

والغرض من نقل هذه العبارات أن ظاهر عبارة المحقّق تعمّ عمرة التمتّع ، والشرّاح لم يدفعوها ، بل ظاهر ( المدارك ) (١) الإجماع على صحّة العُمرة المتمتّع بها لو نسي طوافها ولم يذكره إلّا بعد التلبّس بالحجّ ، وصحّة الحجّ حينئذٍ ، ويقضي طوافها بعد مناسكه.

وقال في ( النافع ) : ( الطواف ركن ، من تركه عامداً بطل حجّه ، ولو كان ناسياً أتى به ، ولو تعذّر العود استناب فيه ).

ثمّ قال بعد هذا : ( ولو نسي طواف الزيارة حتّى يرجع إلى أهله وواقع ، عاد وأتى به ، ومع التعذّر يستنيب فيه ) (٢) ، انتهى.

وظاهر العبارة الأُولى يعمّ طواف الحجّ والعُمرة ، وتعقيبه بالعبارة الثانية يشعر بتخصيص الاولى بطواف العُمرة. لكنّ الحكم بالبطلان مع الترك عمداً يشملهما قطعاً ، فالعبارة لا تخلو من تشابه وإجمال. وعلى كلّ حال ، فظاهرها صحّة العُمرة المتمتّع

بها لو ترك طوافها نسياناً ولو لم يذكره إلّا بعد الحجّ وصحّة الحجّ أيضاً.

وابن فهد في ( المهذّب ) (٣) بعد إيراد العبارة الأُولى تكلّم على الفرق بين الركن وغيره من واجبات الحجّ ، وأطلق القول بأن ترك الركن عمداً مبطل ، وسهواً غير مبطل ، وعليه الإتيان به بنفسه أو نائبه. وظاهره صحّة العُمرة في مسألتنا وصحّة الحجّ ، وعليه قضاء الطواف المنسيّ.

ومثله المقداد في ( التنقيح ) (٤) ، حيث إنه اقتصر في شرح العبارة الأُولى على بيان

__________________

(١) مدارك الأحكام ٨ : ١٧٥.

(٢) المختصر النافع : ١٦٥ ـ ١٦٦.

(٣) المهذّب البارع ٢ : ٢٠٦ ـ ٢٠٧.

(٤) التنقيح الرائع ١ : ٥٠٦.

٣٠٩

معنى الركن في باب الحجّ ، وأنه ما يبطل النُّسُك بتركه عمداً لا سهواً ، وأن من تركه ناسياً وجب العود لفعله مع المُكْنة ، والاستنابة مع التعذّر والمشقّة ، وبيان المشقّة ، وأن كلّ طواف واجب ركن إلّا طواف النساء ، والفرق بين الركن وغيره من الواجبات.

وكتب على العبارة الثانية (١) وجه التردّد في وجوب الكفّارة على من نسي طواف الزيارة حتّى رجع وجامع. وظاهره صحّة العُمرة والحجّ إذا نسي طوافها ولم يذكره إلّا بعد التلبّس بالحجّ.

وصورة عبارة السيّد علي المعاصر في شرح عبارتي المحقّق في ( النافع ) ، مازجاً لعبارته بعبارة المتن هكذا : ( الطواف ركن ، فلو تركه عالماً عامداً بألّا يأتي به في وقته وهو في طواف الحجّ قبل انقضاء ذي الحجّة ، وفي طواف العُمرة قبل أن يضيق الوقت عنها ، وفي طواف العُمرة المجامعة لحجّ الإفراد والقِران قبل خروج السنة ، بناءً على وجوب إيقاعهما فيها ، وفي المجرّدة قبل الخروج من مكّة بنيّة الإعراض عن فعله على إشكال بطل حجّه أو عمرته بلا خلاف ولا إشكال.

ثمّ إن هذا غير طواف النساء ، فإنه ليس بركن يبطلُ بتركه النُّسُك بغير خلاف. وفي كلام جمع الإجماع. ولو كان تركه له ناسياً أتى به مع القدرة وقضاه متى ذكره. ولا يبطل النُّسُك ولو كان الطواف الركن وذكره بعد المناسك وانقضاء الوقت ، بلا خلاف فيه وفي كلّ من الحكم بالصحّة ووجوب القضاء عليه بنفسه مع القدرة إلّا من الشيخ في كتابي الحديث (٢) في الأوّل ، فأبطل الحجّ بنسيان طوافه ، ومثله الحلبيّ (٣) ، وهما نادران ، بل على خلافهما الإجماع في صريح ( الغنية ) (٤) و ( الخلاف ) وظاهر

__________________

(١) وهي قول المحقق رحمه‌الله : ( ولو نسي طواف الزيارة .. وفي الكفّارة تردّد ). المختصر النافع : ١٦٧.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٧ ـ ١٢٨ / ذيل الحديثين ٤١٨ ، ٤٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ذيل الحديث ٧٨٨.

(٣) الكافي في الفقه : ١٩٥.

(٤) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيَّة ) ٨ : ٤٠١.

٣١٠

غيرهما ، مع أن الأوّل قد رجع عنه في جملة من كتبه (١).

ومن بعض المتأخّرين في الثاني ، فجوّز الاستنابة مطلقاً ولو مع القدرة على المباشرة وهو ضعيف.

ولو تعذّر العود استناب فيه بلا خلاف من القائلين بصحّة الحجّ وعدم بطلانه.

وفي ( الغنية ) الإجماع للصحيح (٢). وهو نصّ في تساوي الحجّ والعُمرة ، كما يقتضيه إطلاق المتن وجمع. ولكن عن الأكثر الاقتصار عليه في طواف الحجّ ، ولا وجه له ) (٣) ، انتهى.

وهو صريح في صحّة العُمرة والحجّ إذا نسي طوافها ولو لم يذكر إلّا بعد التلبّس بالحجّ ، بل ظاهره أنه إجماع العلّامة في ( القواعد ) في مطلب الأحكام : ( من ترك الطواف عمداً بطل حجّه ، وناسياً يقضيه ولو بعد المناسك ، ويستنيب لو تعذّر العود. ولو نسي طواف الزيارة وواقع بعد رجوعه إلى أهله فعليه بدنة والرجوع لأجله ) (٤).

وظاهره كالمحقّق عموم الحكمين للحجّ والعُمرة ، وكأنهما خصّا بقولهما : ( ولو بعد المناسك ) صورة نسيان طواف عمرة التمتّع حتّى تلبّس بالحجّ.

وكتب الشيخ علي في شرح هذه العبارة على قوله : ( من ترك الطواف عمداً بطل حجّه ) ـ : ( ما سننقله من الاستشكال فيما يتحقّق به الترك ) (٥).

ولم يكتب على قوله : ( وناسياً ) إلى آخره ، إلّا إن حكم ( الجاهل كالعامد ) (٦). واستدلّ عليه بصحيحة عليّ بن جعفر (٧).

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٥٩ ، النهاية : ٢٧٢.

(٢) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، الإستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٨ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، أبواب الطواف ، ب ٣٨ ، ح ١.

(٣) الشرح الصغير ١ : ٤٣٠.

(٤) قواعد الأحكام ١ : ٨٤ ( حجريّ ).

(٥) في المصدر : ( ممّا يشكل تحقيق ما به يتحقق الترك ) بدل العبارة التي أوردها المصنّف. انظر جامع المقاصد ٣ : ٢٠١.

(٦) المصدر نفسه.

(٧) قرب الإسناد : ١٠٧.

٣١١

لكنّه قال في شرح قوله : ( ولو نسي طواف النساء ) إلى آخره ـ : ( ولو نسي طواف عمرة التمتّع أو الإفراد ، وجب العود له مع الإمكان ).

ثم قال ، بعد ذكر حكم من جامع حينئذٍ قبل الذكر أو بعده : ( فرع : قال شيخنا الشهيد في حواشيه : ( لم يذكر الأكثر قضاء السعي لو قضى الطواف. وفي ( الخلاف ) (١) يقضي السعي بعده ).

ونقل عن المخالف قولاً ، ثمّ قال : ( ما قلناه مجمع عليه ).

قلت : يشهد له ما تقدّم التنبيه عليه من الرواية الدالّة على أن من سعى ولم يطف ، يطوف ثمّ يسعى ) (٢) ، انتهى.

وهو صريح في صحّة العُمرة والحجّ في مسألتنا.

وقال في ( الإرشاد ) : ( المقصد الثاني في الطواف : وهو ركن يبطل الحجّ بتركه ، [ ويقضيه (٣) ] في السهو ، ولو تعذّر استناب ).

ثمّ قال بعد كلام : ( ولو نسي طواف الزيارة حتّى يرجع إلى أهله وواقع بعد الذكر فبدنة ، ويستنيب لو نسي طواف النساء ) (٤) ، انتهى.

ولا تخلو عبارته من تشابه ، فإن أراد بالعبارة الأُولى ما يعمّ الحجّ والعُمرة فلا وجه لتخصيص الحجّ بالتنصيص على بطلانه ، وإن أراد الحجّ خاصّة فلا وجه لإفراد طواف الزيارة ؛ لأنه حينئذٍ هو الأوّل ، فحقّه أن يقول بعد قوله : ( ولو تعذّر استناب ، ولو لم يذكره حتّى يرجع إلى أهله ) إلى آخره ـ : ولكنّه أراد العموم بالعبارة الاولى ، وخصّ الحجّ بالحكم بالبطلان ؛ لاستلزام ترك طوافه وطواف العُمرة لبطلانه. ولعلّه أراد التنبيه على ذلك ، فعلى هذا لو نسي طواف العُمرة حتّى تلبّس بالحجّ صحّت وصحّ الحجّ وإن لم يحلّ من إحرامها.

وكتب الشيخ علي بن عبد العالي على العبارة الأُولى بعد قوله : ( ويقضي في

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٣٩٥ / المسألة : ٢٥٧.

(٢) جامع المقاصد ٣ : ٢٠٣.

(٣) من المصدر ، وفي المخطوط : ( يقضي ).

(٤) إرشاد الأذهان ١ : ٣٢٤ ، ٣٢٦.

٣١٢

السهو ) ـ : ( ممّا يشكل تحقيق ما به يتحقّق ترك الطواف ، فإنه لو سعى قبل الطواف لم يعتدّ به ، وإن أحرم بنُسُك آخر بطلت متعته إن كان متمتّعاً ) (١) .. إلى آخر ما سننقله من عبارته في ( شرح القواعد ) ، وكأنه تنبّه للإشكال في هذا البحث بوجه.

وقال في ( التلخيص ) : ( من ترك الطواف عمداً بطل حجّه ، ونسياناً يأتي به ويستنيب مع التعذّر ).

ثمّ قال بعد كلام : ( وناسي طواف الزيارة إذا رجع إلى أهله يرجع ، ومع العجز يستنيب ).

ثمّ قال بعد كلام : ( ولو ذكر أنه طاف أحد طوافي العُمرة والحجّ على غير [ الوضوء واشتبه أعاد (٢) ] بوضوء ) (٣) ، انتهى.

وكأنه أراد بالعبارة الاولى طواف العُمرة ، بقرينة العبارة الثانية. وإرادة ما يعمّ الحجّ والعُمرة من العبارتين معاً واضح ، وإطلاق الثالثة يشمل ما لو لم يذكر إلّا بعد إكمال النُّسُك أو الحجّ ، وإن كان الواقع بلا طهارة طواف عمرة التمتّع. والكلّ ظاهره صحّة العُمرة والحجّ في المسألة المبحوث عنها.

وقال في ( التحرير ) في فصل أحكام الطواف : ( السادس : الطواف ركن ، من تركه عمداً بطل حجّه ، ولو كان ناسياً قضاه ولو بعد المناسك ، فإن تعذّر استناب فيه ).

ثمّ قال : ( الثالث عشر : لو تحلّل من إحرام العُمرة ، ثمّ أحرم بالحجّ وطاف وسعى له ، ثمّ ذكر أنه طاف مُحْدِثاً أحد الطوافين ولم يعلم أيّهما هو ، أعاد الطوافين معاً ).

ثمّ قال : ( التاسع عشر : طواف الحجّ ركن فيه بالإجماع ، كما أن طواف العُمرة ركن فيها ، فلو أخلّ به عمداً بطل حجّه ، وإن أخلّ به نسياناً وجب عليه أن يعود فيقضيه ، فإن لم يتمكّن استناب فيه ) (٤) ، انتهى.

__________________

(١) جامع المقاصد ٣ : ٢٠١.

(٢) من المصدر ، وفي المخطوط : ( وضوء أعاده ).

(٣) تلخيص المرام ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ) ٣٠ : ٣٣٥.

(٤) تحرير الأحكام ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ( حجريّ ).

٣١٣

وظاهره صحّة العُمرة والحجّ مع نسيان طواف العُمرة ولو لم يذكر إلّا بعد الحجّ.

وقال ابن زهرة في ( الغنية ) : ( ومن فاته طواف المتعة مضطرّاً قضاه بعد فراغه من مناسك الحجّ ولا شي‌ء عليه ، بدليل نفي الحرج في الدين. وأمّا طواف الزيارة فركن من أركان الحجّ ، من تركه متعمّداً فلا حجّ له بلا خلاف ، ومن تركه ناسياً قضاه وقت ذكره. فإن لم يذكره حتّى عاد إلى بلده قضاه من قابل بنفسه ؛ بدليل الإجماع المشار إليه. فإن لم يستطع استناب من يطوف عنه ؛ بدليل الإجماع المشار إليه ، وقوله تعالى : ( وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) ) (٢) ، انتهى.

وعبارته نصّ في صحّة العُمرة والحجّ في المسألة المبحوث عنها ، ولم أقف على أصرح منها ، بل صريحها صحّتها بمجرّد ترك طواف العُمرة لضرورة ولو لم يكن عن نسيان.

وقريب منها عبارة الشيخ عليٍّ في حاشية ( الإرشاد ) حيث قال : ( ولو نسي طواف عُمرة التمتّع أو الإفراد ، وجب العود مع الإمكان ). ومثلها عبارته في ( شرح القواعد ).

وقال الشيخ حسين في ( شرح المفاتيح ) مازجاً لعبارته بعبارة المتن ـ : ( طواف الزيارة ، وهو طواف الحجّ الأوّل ، وهو وطواف العُمرة ولو متمتّعاً بها ركن ، حتّى [ إن ] من تركه عامداً بطل حجّه ، أو في عمرته بطلت عمرته. وهذا حكم مجمع عليه بين الأصحاب ، بخلاف طواف النساء فهو واجب غير ركن بلا خلاف فيهما ؛ إذ الأوّل متّفق على ركنيّته ، كما أن الثاني متّفق على عدمها.

ومن تركهما كليهما أو أحدهما ناسياً غير عامد ، قضاه وتداركه ولو بعد كمال المناسك. ولو شَقّ العودُ استناب فيه بلا خلاف فيهما ، وإنما الخلاف في طواف النساء ، هل يجوز الاستنابة فيه وإن أمكن العود كما هو المشهور ، أو لا يجوز إلّا مع

__________________

(١) الحجّ : ٧٨.

(٢) الغنية ( ضمن سلسلة الينابيع الفقهيَّة ) ٨ : ٤٠١.

٣١٤

العذر مثل الطواف الآخر كما عليه شيخ الطائفة (١) وجماعة (٢)؟

وهذه الأحكام بعد الإجماع حكم بها للصحاح المستفيضة ، لكن أكثرها ورد في طواف النساء :

منها : صحيح ابن عمّار : سألت الصادق عليه‌السلام عن رجل نسي طواف النساء حتّى يرجع إلى أهله قال يرسل فيطاف عنه ، فإن توفّي قبل أنْ يطوف ، فليطف عنه وليّه (٣). وصحيحه الآخر مثله (٤).

ومنها : صحيح عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام : سألته عن رجل ، نسي طواف الفريضة حتّى قدم بلاده وواقع النساء ، كيف يصنع؟ فقال يبعث بهدي ؛ إن كان تركه في حجّ بعث به في حجّ ، وإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ، ووكّل من يطوف عنه ما تركه من طوافه (٥) ) ، انتهى ما أردنا نقله من كلامهما.

وأنت خبير بأن صريح كلام الشارح وهو خاتمة الحفّاظ صريح في صحّة العُمرة والحجّ لو نسي طواف العُمرة ، ولو لم يذكر حتّى تلبّس بالحجّ صحّت متعته وحجّه ، بل صريحه أنه إجماع.

وقال الشهيد في (الدروس) : (كلّ طواف واجب ركن إلّا طواف النساء ، فلو تَركَه عمداً بطل نسكه ولو كان جاهلاً ، ولو تركه ناسياً عاد له ، فإن تعذّر استناب فيه).

ثمّ قال: (الرابع : إذا وجب قضاء طواف العُمرة أو طواف الحجّ ، فالأقرب وجوب قضاء السعي أيضاً ، كما قاله الشيخ في (الخلاف) (٦) ، ولا يحصل التحلّل بدونهما. ولو شكّ في كون المتروك طواف الحجّ أو طواف العُمرة ، أعادهما وسعيهما ، ويحتمل إعادة واحد عمّا في ذمّته) (٧) ، انتهى. وظاهره صحّة العُمرة والحجّ مع نسيان طوافها

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٥ : ٢٥٥ / ذيل الحديث ٨٦٤.

(٢) منتهى المطلب ٢ : ٧٦٩ ، مدارك الأحكام ٨ : ١٨٤.

(٣ و ٤) تهذيب الأحكام ٥ : ٢٥٥ / ٨٦٦ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤٠٧ ، أبواب الطواف ، ب ٥٨ ، ح ٣.

(٥) تهذيب الأحكام ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، وسائل الشيعة ١٣ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، أبواب الطواف ، ب ٥٨ ، ح ١.

(٦) الخلاف ٢ : ٣٩٥ / المسألة : ٢٥٧.

(٧) الدروس ١ : ٤٠٣ ، ٤٠٥.

٣١٥

وذكر أنه بعد الحجّ.

وقال الشهيدان في ( اللمعة ) وشرحها ممزوجة عبارة الشرح بالمتن ـ : ( كلّ طواف واجب ركن يبطل النُّسُك بتركه عمداً كغيره من الأركان إلّا طواف النساء. والجاهل عامد ، ولا يبطل بتركه نسياناً ، لكن يجب تداركه فيعود إليه وجوباً مع المُكْنَة ولو من بلده ، ومع التعذّر يستنيب فيه.

ويتحقّق البطلان بتركه عمداً أو جهلاً بخروج ذي الحجّة قبل فعله إن كان طواف الحجّ مطلقاً ، وفي عمرة التمتّع بضيق وقت الوقوف إلّا عن التلبّس بالحجّ قبله ، وفي المفردة المُجامِعة للحجّ والمفردة عنه إشكال. ويمكن اعتبار نيّة الإعراض عنه ) (١) ، انتهى.

وهو صريح في صحّة العُمرة مع نسيان طوافها ولو لم يذكره إلّا بعد الحجّ ـ وصحّة الحجّ ، بل لازم تحديد فواتها بتركه عمداً بما ذكر صحّتها لو ذكره في مثل ذلك الوقت ، فيصحّ حينئذٍ الإحرام بالحجّ ويقضي الطواف بعده.

هذا ما ظفرت به من كلام الأصحاب فيما يتعلّق بالمسألة ، وهو يقتضي أن من نسي طواف عمرة التمتّع ولم يذكره إلّا بعد أن تلبّس بالحجّ ، أو في وقت لا يسع الإتيان به ، أو الإتيان به وحده أن عمرته تامّة وحجّه تامّ صحيح. ولو أحرم بالحجّ قبل أن يأتي بالطواف المنسي فحجّه حينئذٍ وعمرته تامّان صحيحان.

وبالجملة ، فجميع الصور المذكورة يصحّ فيها عمرة التمتّع وحجّه بلا احتمال من الاحتمالات المذكورة سابقاً. فإن تمّ إجماع فلا مَعدل عنه ، ويكون هذا مستثنًى من عدم جواز إدخال نُسُك على نُسُك ، وإلّا فالمسألة في غاية الإشكال من وجهين :

أحدهما : أنهم أجمعوا على عدم جواز إدخال نُسُك على نُسُك.

وثانيهما : أن من أحرم بنُسُك لا يجوز له أن يحرم بغيره قبل التحلّل من الأوّل ، فإن فعل كان إحرامه الثاني باطلاً.

__________________

(١) الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ٢ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

٣١٦

ونقل الإجماع عليه مستفيض ، إلّا فيما لو أحرم بالحجّ قبل التقصير من المتعة ناسياً ، فإنه يصحّ إجماعاً ؛ إمّا لأن التقصير ليس بنُسُك وإنما هو محلّل ، وإمّا لقيام الدليل من النصّ والإجماع.

وإنما وقع الخلاف فيمن أحرم بالحجّ قبل التقصير من إحرام المتعة متعمّداً ، فعن الشيخ (١) وتبعه جماعة (٢) أنه ينقلب حجّه إفراداً وتبطل متعته.

وعن ابن إدريس أنه قال : ( أُصول المذهب والأدلّة تقتضي إلّا ينعقد إحرامه بحجّ ؛ لأنه بعد في عمرته لم يتحلّل منها. وقد أجمعنا على أنه لا يجوز إدخال الحجّ على العُمرة ولا العُمرة على الحجّ قبل فراغ مناسكهما ) (٣) ، انتهى.

فإذا كان هذا ، فكيف يصحّ الإحرام قبل الطواف؟! قال السيّد في ( المدارك ) في شرح قول المحقّق : ( ولا يجوز إدخال أحدهما على الآخر ) (٤) ـ : ( بأن ينوي الإحرام بالحجّ قبل التحلّل من العُمرة ، أو بالعمرة قبل الفراغ من أفعال الحجّ وإن تحلّل ، فإن ذلك غير جائز عند علمائنا ونقل الشارح الإجماع (٥). ويدلّ عليه مضافاً إلى أن العبادات متوقّفة على النقل ، ولم يرد التعبّد بذلك قوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٦) ، ومع الإدخال لا يتحقّق الإتمام. وصحيحة عبد الله بن سنان (٧) ذكرها وقال ـ : ومتى امتنع الإدخال وقع الثاني فاسداً إلّا أن يقع الإحرام بالحجّ بعد السعي وقبل التقصير من العُمرة ، فإنه يصحّ في المشهور وتصير الحجّة مفردة ) (٨) ، انتهى.

وقال بعد قول المحقّق : ( لا يجوز لمن أحرم أن ينشئ إحراماً آخر حتّى يكمل أفعال ما أحرم له. فلو أحرم متمتّعاً ودخل مكّة وأحرم بالحجّ قبل التقصير ناسياً ، لم

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣١٦.

(٢) مسالك الأفهام ٢ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

(٣) السرائر ١ : ٥٨١ ، باختلاف.

(٤) شرائع الإسلام ١ : ٢١٥.

(٥) مسالك الأفهام ٢ : ٢١١ ـ ٢١٢.

(٦) البقرة : ١٩٦.

(٧) الكافي ٤ : ٤٤٠ / ١ ، تهذيب الأحكام ٥ : ٩٠ / ٢٩٧.

(٨) مدارك الأحكام ٧ : ٢١٢ ـ ٢١٣.

٣١٧

يكن عليه شي‌ء ، وقيل : عليه دم ؛ وإن فعل ذلك عامداً ، قيل : بطلت عمرته وصارت حجّته مبتولة ، وقيل : بقي على إحرامه الأوّل ) (١) ـ : ( أمّا إنه لا يجوز للمحرم إنشاء إحرام آخر ، قبل التحلّل من الأوّل فظاهر ( المنتهى ) (٢) أنه موضع وفاق بين الأصحاب ، ويدلّ عليه الأخبار الكثيرة (٣) الواردة في بيان حجّ التمتّع ؛ حيث يذكر فيها التقصير والإحلال من إحرام العُمرة ، ثمّ الإهلال بإحرام الحجّ ، فيكون الإتيان بالإحرام قبل التقصير تشريعاً محرّماً ).

ثمّ ذكر الحكم لو أحرم قبل التقصير ناسياً ، وأنه صحيح ، وإنما ذكر الخلاف في وجوب البدنة ، ثمّ نقل القولين فيمن فعل ذلك عامداً.

ثمّ قال : ( القول ببطلان العُمرة بذلك وصيرورة الحجّة مبتولة للشيخ (٤) وجمع من الأصحاب ).

ثمّ نقل استدلال الشيخ بخبري أبي بصير (٥) وابن فضيل (٦) ، ثمّ قال : ( وفي الروايتين قصور من حيث السند ، فيشكل التعويل عليهما في إثبات حكم مخالف للأصل والاعتبار. وأجاب عنهما في ( الدروس ) (٧) بالحمل على متمتّع عدل عن الإفراد ثمّ لبّى بعد السعي ؛ لأنه رُويَ التصريح بذلك (٨) ).

ثمّ نسب القول ببطلان الإحرام بالحجّ حينئذٍ لابن إدريس (٩) ، وقال : محتجّاً بأن الإحرام بالحجّ إنما يسوغ التلبّس به بعد التحلّل من الأوّل ، وقبله يكون منهيّاً عنه ،

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ٢٢١ ـ ٢٢٢.

(٢) منتهى المطلب ٢ : ٦٨٥.

(٣) وسائل الشيعة ١١ : ٢١٢ ، أبواب أقسام الحجّ ، ب ٢.

(٤) المبسوط ١ : ٣١٦ ، النهاية : ٢١٥ ، تهذيب الأحكام ٥ : ٩٠ / ذيل الحديثين ٢٩٥ ، ٢٩٦.

(٥) تهذيب الأحكام ٥ : ٩٠ / ٢٩٥ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٤١٢ ، أبواب الإحرام ، ب ٥٤ ، ح ٥.

(٦) تهذيب الأحكام ٥ : ٩٠ / ٢٩٦ ، وسائل الشيعة ١٢ : ٤١٢ ، أبواب الإحرام ، ب ٥٤ ، ح ٤.

(٧) الدروس ١ : ٣٣٣.

(٨) الكافي ٤ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩ / ١ ، وسائل الشيعة ١١ : ٢٥٥ ، أبواب أقسام الحجّ ، ب ٥ ، ح ٤.

(٩) السرائر ١ : ٥٨١.

٣١٨

والنهي في العبادات يقتضي الفساد. وبأن الإجماع منعقد على أنه لا يجوز إدخال الحجّ على العُمرة ، ولا العُمرة على الحجّ ، قبل فراغ مناسكهما.

وأُجيب عنه بمنع كون النهي مفسداً ؛ لرجوعه إلى وصف خارج عن ماهيّة الإحرام ، وبمنع تحقّق الإدخال ؛ لأن التقصير مُحَلّل لا جزءاً من العُمرة.

ويتوجّه على الأوّل أن المنهيّ عنه نفس الإحرام ؛ لأن التلبّس به قبل التحلّل من إحرام العُمرة إدخال في الدين ما ليس منه ، فيكون تشريعاً محرّماً ويفسد ؛ لأن النهي في العبادة يقتضي الفساد ، وإذا كان فاسداً يكون وجوده كعدمه. ويبقى الحال على ما كان عليه من وجوب التقصير وإنشاء إحرام الحجّ.

وعلى الثاني أن المستفاد من الأخبار الكثيرة المتضمّنة لبيان أفعال العُمرة كون التقصير من جملة أفعالها وإن حصل التحلّل به ، كما في طواف الحجّ وطواف النساء. وقد صرّح بذلك في ( المنتهى ) (١) مدّعياً عليه الإجماع وساق عبارته ثمّ قال : ( ومتى ثبت كون التقصير نُسُكاً تحقّق الإدخال بالتلبّس بإحرام الحجّ قبل الإتيان به ).

إلى أن قال : ( ومقتضى الأصل المصير إلى ما ذكره ابن إدريس إلى أن يثبت سند الروايتين ) (٢) ، انتهى.

وبالجملة ، فنقل الإجماع على عدم جواز إدخال نُسُك على نُسُك قبل إكمال الأوّل مستفيض. ولا ريب أن من أحرم بالحجّ قبل أن يطوف للعمرة المتمتّع بها ، فقد أدخل نُسكاً على نُسُك ؛ لأنه يعدّ محرماً بالعمرة ، لم يتحلّل من إحرامه ولم يكمل أفعال العُمرة. فكيف الجمع بين : صحّة الحجّ وعمرة التمتّع مع نسيان طوافها وعدم ذكر أنه قبل التلبّس بالحجّ ، مع تحقّق إدخال نُسُك الحجّ على نُسُك العُمرة قبل التحلّل منها ، بالإتيان بجميع أفعالها؟

__________________

(١) منتهى المطلب ٢ : ٧٠٩.

(٢) مدارك الأحكام ٧ : ٢٧٩ ـ ٢٨٣.

٣١٩

قال في ( المسالك ) بعد قول المحقّق : ( ولا إدخال أحدهما على الآخر ) (١) ـ : ( بأن ينوي الإحرام بالحجّ قبل التحلّل من العُمرة ، أو بالعمرة قبل الفراغ من أفعال الحجّ. وإن تحلّل فإن ذلك لا يجوز إجماعاً فيقع الثاني باطلاً ؛ للنهي وعدم صلاحيّة الزمان. ويستثنى من الحكم بفساد الثاني ما لو أحرم بالحجّ بعد السعي وقبل التقصير منها ، فإنه يصحّ على المشهور وتصير الحجّة مفردة ) (٢) ، انتهى.

فتراه ادّعى الإجماع على عدم صحّة الثاني ، ولم يستثنِ إلّا الإحرام بالحجّ بعد السعي قبل التقصير من العُمرة. فعليه لا يصحّ الإحرام بالحجّ قبل طواف العُمرة أو سعيها ، سواء كان الفعل عمداً أو سهواً.

وبالجملة ، فجميع من نصّ على عدم جواز إدخال نُسُك على نُسُك لم يستثنِ إلّا الإحرام بالحجّ قبل التقصير من العُمرة سهواً إجماعاً وعمداً في قولٍ ، وهو ضعيف ، بل عن ( الخلاف ) (٣) أنه نقل قولاً ببطلان الإحرام بالحجّ حينئذٍ ولو كان سهواً ؛ ومن أجل ذلك أجمعوا على أن من أحرم بالحجّ قبل سعي العُمرة لم ينعقد إحرامه ، سواء كان عمداً أو سهواً.

قال الشيخ حسين في ( شرح المفاتيح ) : ( لو أحرم بالحجّ قبل الطواف والسعي أو قبل السعي عامداً ، فلا كلام في فساد إحرام الحجّ بذلك ، ولا تصير الحجّة مفردة به ، وكذلك لو نسي فأحرم قبل كمال السعي لم ينعقد. ولا خلاف في هذين بين علمائنا ) ، انتهى.

وقال في ( الدروس ) : ( لا يجوز إدخال الحجّ على العُمرة إلّا في حقّ من تعذّر عليه إتمام العُمرة فإنه يعدل إلى الحجّ. ولو أحرم بالحجّ قبل التحلّل من العُمرة فهو فاسد إن تعمّد ذلك إلّا أن يكون بعد السعي وقبل التقصير ، فإنه يصحّ في المشهور ، وتصير الحجّة مفردة.

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ٢١٥.

(٢) مسالك الأفهام ٢ : ٢١١ ـ ٢١٢.

(٣) الخلاف ٢ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ / المسألة : ٢٧.

٣٢٠