شمس العلوم - ج ١

نشوان بن سعيد الحميري

شمس العلوم - ج ١

المؤلف:

نشوان بن سعيد الحميري


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
ISBN: 1-57547-638-X
الصفحات: ٦٩٨

في هذا الدَّوْرِ الذي ذَكَرْنا ، فإِنّا نَجدُه في أوَّلِ عاشِرةٍ منَ الحَمَلِ كما خَلَقَهُ اللهُ ـ عزوجل ـ فيه ، لا يَجوزُ غير ذلك ، ولا يكْمُلُ إِلا بِهِ ، فافْهَمْ ذلك.

وهذا عَدَدُ أيَّامِ الدُّنْيا بالهِنْدِي. واللهُ أعلمُ : ١٥٧٧٩١٦٤٥٠٠٠٠ يَوْم.

وهذا عَدَدُ السّنين ، واللهُ أعلم : ٤٣٢٣٥٥٧٦٧ سنَة.

وقد قال بعضُ أهلِ العِلْم في عدَدِ أيَّام الدُّنيا :

يَقُولُونَ مُذْ سَارَ النُّجُومُ بِأَسْرِهَا

إِلى مِثْلِ ما كَانَتْ تَعُودُ وتَرْجِعُ

زُهَاءٌ أَتَتْ من بعد تِسْعٍ وسَبْعَةٍ

تَقَدَّمَها هَدْوَاءُ والصِّفْرُ أَرْبَعُ (١)

وقال نشوان بن سعيد رحمه‌الله تعالى (٢) في ذلك :

هِي ايَّامُ (٣) دُنْيَانَا اللَّوَاتي إِذَا انْقَضَتْ

أَتَى بَعْدَهَا الأَمْرُ الَّذِي يُتَوَقَّعُ

وأَعْوامُها زُوزٌ وهاءٌ وخَمْسَةٌ

وجيمٌ وباءٌ ثم جيمٌ وأَرْبَعُ (٤)

فَذَا عُمُرُ الدُّنْيَا ودَوْرُ سِنِيِّها

وشَهْرٌ ونِصْفٌ بَعْدَ ذَلِكَ يَتْبَعُ

فَإِنْ شِئْتَ فاضْرِبْ لِلْكَوَاكِبِ سَيْرَها

في الايَّآمِ (٥) واعْرِفْ حُجَّةً لَيْسَ تُدْفَعُ

تَجِدْهَا كَمَا كَانَتْ بأوَّلِ خَلْقِهَا

بِعَاشِرَةٍ في أَوَّلِ الكَبْشِ تُجْمَعُ

__________________

(١) حله بحساب الجُمَّل : الصفر أربع ه د وا تسع وسبعة ز ه أ ٠٠٠٠ ١٦٤٥ ٩ ٧ ١٥٧

(٢) كذا جاءت في الأصل ( س ) و ( نش ) ( ت ) بإِثبات عبارة الترحم فأبقيناها ، أما في ( ل ٢ ) و ( ل ٣ ) و ( صن ) فلم تَرِدْ عبارة الترحم.

(٣) تقرأ بتسهيل همزة أيَّام. وفي البيت الرابع تُسهل الهمزة ويُحذف نطقاً ياء ( في ).

(٤) حله بحساب الجمَّل : ز وز ه ج ب ج أربع ٥٧٦٧ ٣٢٣ ٤

٤١

وقد بلغتُ في هذا التَّصْنيفِ من الإِيجازِ والاخْتِصار جَهْدي ، وأتَيْتُ بأقْصَى الغايةِ مما عِنْدي ، لأنَّه لا يُحِيطُ بعلْمِ اللغةِ وسائرِ العُلُوم غيرُ الواحِدِ الحيِّ القَيُّوم. وهي كلماتُ اللهِ ـ عَزَّ وَجلَّ ـ التي لا تَنْفَد ، وأسْماءُ معلوماتِهِ التي لا تَنْعدّ ؛ ولا يقدرُ عالِمٌ من البَشَر أن يُحْصي لها عَدَداً ، ولو بالغَ في ذلكَ مُجْتَهِداً ، لقوله تعالى : ( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً )(١).

وقد اخْتَرْتُ من ذلكَ نَزْراً قَلِيلاً من كَثير ، وآثَرْتُ ما اسْتَحْسَنْتُ على كُلّ أَثِير. وما أُبَرِّئ نَفْسِي من الخَطأ والزَّلل ، ولا أعْتَلّ لخَطَئي بسَقيمِ العِلل ، لأنَّه لا يَسلَمُ من الجَهْلِ والخَطأِ أحدٌ منَ البَشَر ، وفي هذا بلاغٌ في العُذْرِ لمن اعْتَذَر.

فمَنْ وقف على كتابِي هذَا من العُلماءِ الموثُوقِ بعِلْمِهم ، ومعْرِفَتهم وفَهْمِهم ، ووجدَ فيه كلمةً في غَيْرِ مَوْضِعها فلْيَرُدَّها إِلى مكانِها ، بنَقْطِها وحرَكَاتِها وأَوْزانِها ، ولْيُشارِكْني في ثَوابِها بتركِها في مَوْضِعها وبابِها ، أوِ استَحْسَنَ كلمةً من كلامِ العَرَبِ لم يجدْها في هذا الكتابِ فلْيُلْحِقْها بما يُشاكِلُها منَ الأَبواب ، ولْيطلبْ ما عِنْدَ الله منَ الثّواب.

ومَنْ وقَفَ على كِتابِي هذا من الكُتَّاب والقُرَّاءِ فلا ينسَ مُصَنِّفَه منَ الدُّعاء. غَفَر اللهُ ـ تَعَالى ـ لنَا وللمُؤمنينَ أجْمَعين ، وأعانَنا على ما يُرْضِيه ، وهو خيرُ مُعين.

__________________

(١) سورة الكهف : ( ١٨ / ١٠٩ ).

٤٢

مقَدّمةُ الكِتاب

فَصْلٌ في التَّصْريف

اعلَمْ أنّ كلَّ ما وُضِعَ في هذه اللغة العربيَّةِ من تَصْنيفٍ فهوَ مفتَقِرٌ إِلى عِلْمِ التَّصْريف. ومعنى التصريف : أن تُصرِّفَ منَ الكَلِمةِ الواحدِةِ حُروفاً وأسماءً وأفْعالاً ، كما تصرِّفُ العِنانَ يمَيناً وشِمالاً ، وتُدْخِلَ على حُروفِها الأُصولِ حُروفاً زائِدةً ، يكونُ بدخولِ كلِّ حرفٍ من تلك [ الزوائد ](١) معنىً وفائدة.

وقد مثَّل النحويّونَ أمثلةً تُعرَفُ بها أصولُ الحروفِ وزوائدها ، فقالوا : « فَعَل » مثالٌ للحروفِ الأصْليّة. فما وازَنَ فاء « فَعَلَ » أَو عينَه أو لامَه من الحروف في كلِّ كلمةٍ فهو حرفٌ أصْلِيّ ، وما لم يُوازِنْها فهو زائدٌ.

مثالُ ذلك : قَتَلَ ، وضَرَبَ ، وقَطَع : حروفها كلها أصولٌ لأنها على وزن « فَعَلَ ». فإِذا أدْخَلْتَ علَيها الزوائد [ قُلْت ](٢) : يَقْطَعُ ، مثالُه « يَفْعَل » الياء فيه زائدةٌ دخلت لمعنىَ الاسْتِقْبال واسمُ الفاعِل : قاطِعٌ ، ومثالهُ « فاعِلٌ » ، الأَلِفُ فيه زائدةٌ. واسمُ المفْعول : مَقْطُوعٌ ، مثالُه : « مَفْعُولٌ » الميمُ فيه والواوُ زائِدتان. وكذلك أقْطَعَ ، مثالُه : « أَفْعَلَ » ، وقَطَّعَ ، مثالُه : « فَعَّلَ » ، وقَاطَعَ ، مثالُه : « فَاعَلَ » ، واقْتَطَعَ ، مثالُه : « افْتَعَل » وانْقَطَعَ ، مثالُه : « انْفَعَلَ » ، واسْتَقْطَعَ ، مثاله : « اسْتَفْعَلَ » ، وتَقَطَّعَ ، مثالُه : « تَفَعَّلَ » ، وتَقَاطَعُوا ، مثالُه :

__________________

(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل ( س ) ومن ( ب ) ، وهي في ( ت ، نش ، ل ٢ ، ل ٣ ) فاعتمدناها.

(٢) سقطت من الأصل ( س ) ومن ( ب ) وهي في بقية النسخ فاعتمدناها.

٤٣

« تَفَاعَلُوا ». فالقَافُ والطَّاءُ والعَيْن في ذلك كلِّه أُصول ، وسائرُ هذه الحروف زائدةٌ دخلت على الأُصول لمعْنَى الفائِدة :

قَطَعَ الشيءَ : أي أبانَ بعضَه عن بَعْضٍ في الزمن الماضي.

وقولُك : يَقْطَعُ في الحالِ والزَّمن المستقبل.

وقولُك : أَقْطَع غيرَه شيئاً : أي أعْطاهُ إِيّاه ؛ ومنْهُ قولُهم : أَقْطَعَ الأميرُ الرجلَ : أي أعطاهُ قطعةً من الأَرْضِ.

وقولُك : قَطَّعَ الشيءَ ، بالتّضعيفُ هَهُنا للتكثير ، ومَعْناه : قَطَعَه مرَّةً بعد مرَّةٍ.

وقولُك : قَاطَعَ مَعْناه : قَاطَعَ غَيرَه ، والمقاطَعَةُ لا تكونُ إِلا بَيْنَ اثنين.

وقولُك : اقْتَطَعَ ، معناه : قَطَعَ ، إِلا أن التّاءَ دخلَتْ للافْتِعال.

وقولُك : انْقَطَعَ ، معناهُ المطاوَعَةُ ، تقول : قطعتُه فانْقَطع ، أي أَطاع إِلى القطع.

وقَولُك : اسْتَقْطَعَ ، معناهُ : استَجْلَبَ القَطْعَ.

وقولُك : تَقَطَّعَ الشيء : أي صار قِطَعاً كثيرةً.

وقولُك : تَقَاطَعُوا ، مَعناه : قَطَعَ بعضُهم بعضاً.

وكذلك : قِطْعٌ منَ اللّيل ، مثاله : « فِعْل » بِكَسْر الفاء وسكون العَيْن (١) لا زيادَة فيه.

وقِطَعٌ من الأَرْضِ وغيرها : جمعُ قِطْعَة ، مثالُها « فِعَلٌ » بكسر الفاء وفتح العين (٢) لا زيادة فيها.

__________________

(١) « بكسر الفاء وسكون العين » في الأصل ( س ) وليست في بقية النسخ.

(٢) « بكسر الفاء وفتح العين » في الأصل ( س ) وليست في بقية النسخ.

٤٤

وأمّا المزِيدُ فيه : فمثلُ : القِطْعَةُ : مثالها : « فِعْلَة » الهاء فيها زائدَةٌ دخلَتْ للتّأنِيث.

والقَطِيعُ من البقر : مثالُه « فَعِيل » الياءُ فيه زائِدَة.

وكذلك : القَطِيعَةُ ضدُّ الوَصل ، الياءُ والهاءُ فيها زائِدتان.

وكذلك : مَقْطَعٌ ، وأَقْطَعُ ، وقَطْعَاءُ ، وما شاكل ذلك ؛ القافُ ، والطّاءُ ، والعَيْن ، أصولٌ في جميعِها ، وسائر الحُروفِ زَوائدُ.

وكذلك : قَطُّ ، مثاله : « فَعْل » لا زيادَةَ فيه ، وكلُّ حرفٍ مشدَّدٍ حرفان. وهو حَرْفٌ (١) مَبْني على الضَّمِّ للأَبَدَ الماضي ، تقولُ : ما رأيتُه قَطُّ.

وعلَى ذلكَ فقِسْ كلَّ كلمةٍ وردَتْ عليكَ من جميعِ الكلام.

والتَّصريفُ ينقَسِم على ثَلاثَةِ أَشْياءَ ، هي : الزيادَةُ ، والبَدَلُ ، والحَذْفُ.

[ حُروفُ الزيادة ](٢) :

حروفُ الزِّيادَةِ عَشَرَةٌ ، جمعتُها ليسْهُلَ حفظُها في هذه الكلماتِ : « سأَلْتَنِي ما هُوَ » وجمعْتُها أيضاً في هذهِ : « أُنْسِيتُ لما هُوَ ». وقد جمعَها النّحويونَ في قولهم : « سألْتُمونِيها » وفي قولهم : « اليَومَ تَنْساه » وفي قولهم : « هَوِيتُ السِّمانَ » ، جمعَ ذلكَ أبو عُثْمانَ المازِني (٣).

__________________

(١) يريد بـ « الحرف » الكلمة. وفي ( ت ) : « وهو اسم ».

(٢) العنوان الفرعي هذا في ( صن ) وحدها ، وليس في بقية النسخ فزدناهُ منها للفائدة.

(٣) هو : بكر بن محمد بن حبيب بن بقية ، أبو عثمان المازني عالم لغوي نحوي ، أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي

٤٥

إِذا كانَتْ هذه الحروفُ في موضِعِ الزِّيادَةِ فهي زائدةٌ ، وإِذا كانَتْ في موضعِ الأُصولِ فهي أُصول. ولا يكونُ غيرُها زائداً من سائر حروفِ المعْجَمِ في حال.

زيادَةُ الهَمْزةِ :

تُزادُ الهمزةُ أوّلاً (١) فيما كان على وَزْنِ « أَفْعَل » مثل : أَبْيَض ، وأَحْمَر ، وأَصْفَر ، في الأسماء.

وفيما كان ماضيه من الأفعال على وزن « أَفْعَلَ » أيضاً نحو : أَكْرَمَ ، أَطْعَمَ ، وأَنْعَمَ.

وتزادُ مع لامِ المعرِفَةِ في مثل قولك : الرّجل ، والغُلام ، والدَّار.

وتزاد في وسط الكلمة في قولهم : [ شَأْمَل ، على وَزْنِ « فَأْعَل » ، وشَمْأَل ، على وَزْنِ « فَعْأَل » لأنَّهما من شَمَلَتِ الرّيح.

وتزادُ أيضاً في قولهم ](٢) : جَمَل جُرائِض ، على وزْنِ « فُعَائِل » لأن الأصْلَ : جَمَلٌ جِرْواض : أي شَديد.

وتزادُ في قولِهم : حُطَائط ، على وزن « فُعَائِل » لأنّه من الشيء المَحْطوط.

وتزاد آخِراً (٣) للتّأنيث في مثل : بيضاءَ ، وحَمْراء ، وصَفْراء ، وعُشَراء ، ونُفَساء ، وفي مثل : أنبياء ، وأَوْلِياء ، وأصدِقاء ، في الجَمْع.

__________________

وطبقتهما ، توفي عام (٢٤٧) ه ، وقيل بعد ذلك ( انظر البلغة للفيروزبادي (٤١) ، والاشتقاق لابن دريد ، (٣٥) ومعجم الأدباء ، ( ٧ / ١٠٧ ).

(١) يريد في أول الكلمة ، كما يذكر « آخر » يريد في آخر الكلمة.

(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل ( س ) استدركناه من النسخ الأخرى ( ت ، نش ، ل ٢ ، ل ٣ ، صن ) وغيرها التي أجمعت على إثباته وهو ما يقتضيه السياق.

٤٦

زيادة اللّام :

تزادُ اللامُ أوّلاً مع هَمْزَةِ الوَصْل ـ وهي لامُ المعرِفَة ـ في : الرَّجل ، والغُلام ، ونحو ذلك.

وتزادُ في وَسَطِ الكلمةِ في ذلِكَ ، وهُنالِكَ ، وأُولالِك ، والأَصْل : ذاكَ ، وهُناكَ ، وأُولاك.

قال الشّاعر (١) :

أُولالِكَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً

ولا يَعِظُ الجُهَّالَ إِلّا أولالِكا

وتزادُ آخِراً في قولهم : عَبْدَل ، وزَيْدَل ، وفَحْجَل ، لأن الأَصْل : عَبْد ، وزَيْد ، والأَفحج ، وذلكَ قَليل.

زيادةُ الألف :

لا تزادُ الألف أولاً ، لأنها لا تكون إِلا ساكِنةً ، ولا يُبْتَدأ بالسّاكن.

وهي تُزادُ ثانياً في « فاعِلً » نحو : ضَارِبٍ ، وقاتِلٍ ، وفي « المفَاعَلَة » ، نحو : ضَارَبَ ، وقَاتَلَ.

وتزاد ثالثةً في مثلِ : الجراح ، والقتال.

وتزادُ في « الافْعِيلال » نحوَ : احْمارَّ ، اصْفارَّ.

وتُزادُ آخِراً للتأنيث ، في مثل حُبْلَى ، وسَكْرى ، لأنَّهما من الحَبَل ، والسُّكْر.

__________________

(١) البيت في اللسان ( أُلى ) دون عزو ، والرواية فيه « قومي » ، وهو بلا نسبة أيضا في إِصلاح المنطق (٣٨٢).

٤٧

زيادَةُ الواو :

لا تُزادُ الوَاوُ أَوَّلاً في شَيْء من الكَلام.

وهي تُزادُ ثانياً في « فَوْعَل » مثل : كَوْثَر ، لأنّه من الكَثْرة ، وفي « الفَوْعَلَة » نحو : حَوْقَلَ الشَيخُ : إِذا فَتَرَ عن الجِماع.

وتُزادُ بعْدَ العَيْن في « فَعْوَل » مثل : جَدْوَل ، وفي « فَعُول » نحو : صَبُور ، وشَكُور.

وتُزادُ آخِراً في مثل : عَرْقُوَة ، وقَلَنْسُوَة.

زيادَةُ الياء :

تُزادُ اليَاءُ أَوَّلاً في مثل : يَرْمَع ، ويَعْسُوب ، ويَعْمَلَةٍ (١) ، وفي أَوَّلِ الفِعْلِ المُضارع ، نحو : يَقُومُ ، ويَقْعُدُ.

وتُزادُ ثانياً في « فَيْعَل » نحو : ضَيْغَم ، وجَيْأل (٢).

وتُزادُ ثالِثاً في « فَعِيل » نحو : بَعير ، وكَبير ، وصغير ، وفي « فِعْيَل » نحو : حِمْيَر ، وعِثْيرً (٣).

وتُزادُ في كلّ اسمٍ مُصَغَّر نحو : عُمَيْر ، وكُلَيْب ، وفُلَيْس.

__________________

(١) اليَرْمَعُ : الحصى البيض تلمع في الشمس ؛ واليَعْسُوب : أمير النحل ؛ واليَعْمَلَةُ : النجيبة من الإِبل.

(٢) الجيأل : الضبع.

(٣) العثْيَر : الغبار.

٤٨

وتُزادُ آخِراً في مثل : حِذْرِيَة ، وبُلَهْنِيَة ، وسُلَحْفِيَة ، وفي مِثْلِ : تَقَلْسَيْتُ (١).

زيادة الميم :

تُزادُ الميم أولاً في مثل : مَسجد ، ومنزل ، وميزان ، وميعاد. فإِن كانَ بعدَ الميم أربعة أحرفٍ أُصُولٍ كانَتْ الميمُ أَصْلاً ، نحو ميم : مَرْدَقُوش ، ومَرْمَريس (٢).

وتُزادُ أَيْضاً في وَسَطِ الكلمة ، وهو شاذٌّ قليل ، مثل : دُلَامِص. فالميمُ عندَ الخليل (٣) زائدَة ، ومثالُه عنده : « فُعَامِل » لأنه بمعنىَ الدُّلّاص ، وهو البَرَّاق ، قال الأَعشى يصِفُ جاريَة (٤) :

إِذَا جُرِّدَتْ يَوْماً حَسِبْتَ خَمِيصَةً

عَلَيْهَا وجِرْيَالَ النَّضير الدُّلَامِصَا

__________________

(١) الحِذْرِيَة : الأرض الخشنة ؛ والبُلَهْنِيَةُ : سعة العيش ، والسُّلَحْفِيَةُ : السلحفاة ، وتقلسيت : لبست القلنسوة.

(٢) المردقوش : بقل عشبي عطري زراعي طبي من الفصيلة الشفوية ، وعربيته السمسق كما في المعجم الوسيط ( مرد ) ويسمى في اليمن اليوم : البردقوش أو الإِزَّاب.

والمرمريس : الأملس قال الأزهري كما في اللسان ( مرس ) : أخذ من المرمر الأملس.

(٣) هو الخليل بن أحمد بن عمرو ، أبو عبد الرحمن الفراهيدي الأزدي البصري ( ١٠٠ ـ ١٧٥ ه‍ ٧١٨ ـ ٧٩١ م ) عالم العربية الكبير ، وصاحب السبق في تقعيد واستخراج عروض الشعر العربي وقوافيه ، أشهر كتبه ( العين ) وله ( العروض ) و ( الشواهد ) و ( النقط والشكل ) ـ انظر ( البلغة ٧٩ ) و ( وفيات الأعيان ١ / ١٧٢ ) و ( المزهر ٢ / ٤٠١ ـ ٤٠٢ ) و ( معجم الأدباء ١١ / ٧٢ ).

(٤) البيت على هذه الرواية في المنصف ( ٣ / ٢٥ ) وسر الصناعة (٤٢٨) ؛ أما روايته في ديوانه (١٨٩) فهي :

وجريالا يضيء دلامصا

والجريال : الذهب. والأعشى هو : ميمون بن قيس بن جندل ، المعروف بأعشى قيس ، والأعشى الكبير ، ولد في اليمامة ، من شعراء الطبقة الأولى الفحول ، أجاد في وصف الخمر وفي المدح والغزل ، لقب صناجة العرب ، توفي سنة ( ٧ ه‍ ٦٢٩ م ). انظر الأغاني ( ٩ / ١٠٨ ـ ١٢٩ ) ، والشعر والشعراء ( ص ١٣٥ ) ، ومعجم الأدباء ...

٤٩

وتُزادُ في قولهم : لبنٌ قُمَارِص : أي قارِص ، ومثاله : « فُمَاعِل ».

وتُزادُ في نحو قولِهم للأسَد : هِرْماس ، مثالُه « فِعْمَال » من الهَرْس وهو الدَّقُّ.

وتُزادُ الميمُ آخِراً في قَوْلهم : زُرْقُم ، للأَزْرق ، وفُسْحُم من الانْفِساح ، وحُلْكُم للأسودِ من الحُلكَةِ ، وهيَ السّواد ، ودِلْقِم من الانْدِلاق ، وسُتْهُم من الاسْتِ ، ومثاله « فُعْلم » ، وهو شَاذ لا يُقاسُ عليه.

زيادَةُ التّاء :

تُزادُ التّاءُ أوّلاً في : تَتْفُل ، وتَنْضُب ، وتِجْفاف ، وتُرعِيَّة ، وتُذْنُوب (١).

وتُزادُ في أَوَّلِ الفعل المضارع ، نحو : تقومُ يا رجل ، وتقومين يا امْرأة.

وتزاد أيضاً في : « تَفَعَّل » نحو : تقدَّم ، وفي « اسْتَفْعَل » نحو : اسْتَقْدم ، وفي :

« تَفَاعَلَ » نحو : تفاقم الأمر ، وفي : « تَفَوْعَلَ » نحو : تَكَوْثر ، أي كَثُر ، قال الشّاعر (٢) :

وقَد ثَارَ نَقْعُ الحَرْبِ حَتَّى تَكَوْثَرَا

وفي : « تَفَعْلَلَ » نحو : تَكَبْكَبَ.

وتُزادُ ثانياً في : « افْتَعَل » نحو : اقْتَدَرَ ، وانْتَصَر.

__________________

(١) التّتفُل : الثعلب وقيل جروه. التَّنْضُبُ : ضرب من الشجر. التجفاف : ما يوضع على الخيل من حديد وغيره في الحرب. الترعيَّةُ : الذي يحسن رعاية المال والحَسَنُ الالتماس. التذنوب : البُرُّ الذي قد بدأ فيه الإِرطاب.

(٢) عجز بيت ينسب إِلى حسان ـ ويقال : جساس ـ بن نشبة التميمي كما في الحماسة شرح التبريزي ( ١ / ١٧٦ ) واللسان والتاج ( كثر ) ، وصدره :

أبو أن يبيحوا جارهم لعدوهم

٥٠

وتُزادُ آخِراً في جَمْعِ المؤنَّثِ ، نحو : بَنَات ، وأَخَوات ، ومُسْلِمات ، وفي مِثْل : قَحْطَبَة ، وطَلْحَة ، قال : (١) :

رَحِمَ اللهُ أَعْظُماً دَفَنُوها

بِسِجِسْتَانَ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ

وفي : عِفْرِيت ، لأنّه من العَفْر ، وهو الطّرْحُ والتّمريغ في التّراب ، قال [ الهُذَلي ](٢) في الأَسَد :

عَادَتُهُ عَفْرٌ وتَطْرِيحُ

وفي : مَلَكُوت ، ورَحَمُوت ، لأنّهما من المُلْكِ والرَّحمة ، وفي : عَنْكَبُوت لأنَّ الجمْعَ عَنَاكِب ، والتّصغير : عُنَيْكِب.

زيادَةُ السّين :

تُزادُ السّينُ أوَّلاً في الفِعْلِ المستقبَل ، نحو : سَيَقُوم ، وسَيَقُول.

وتُزادُ في الاسْتفْعَال ، نحو : اسْتَقْبَلَ الشيءَ استِقْبالاً ، واستَخْرَجه اسْتِخراجاً.

__________________

(١) عجز بيت لعبيد الله بن قيس الرقيات ، ديوانه ٢٠ واللسان ( طلح ) ومعجم البلدان ( ٣ / ١٩١ ) وروايته فيه :

« نضر الله أعظما .... »

(٢) « الهذلي » من ( صن ) وحدها ، والهذلي هنا : هو أبو ذؤيب خويلد بن خالد بن محرث ، من بني هذيل بن مدركة من مضر شاعر فحل مخضرم أدرك الجاهلية والإِسلام ، وعاش إِلى أيام عثمان ، توفي نحو سنة : ( ٢٧ ه‍ نحو ٦٤٨ م ) ( الأغاني : ٦ / ٥٦ والشعر والشعراء ٢٥٢ ) والبيت في ( ديوان الهذليين ) : ( ١ / ١١٠ ) ، ( وشرح أشعار الهذليين ) : (١٢٥) ( ومعجم البلدان : ( ٥ / ١٢٥ ) ، وتمام البيت وروايته في هذه المصادر :

ألفيت أغلب من أسد المسد حد يـ

د الناب إخذته عفر فتطريح

والمسَدُّ ويقال المِسَدُّ : اسم موضع.

٥١

زيدت السين في : أَسْطَاعَ ، وفي : يَسْطِيْعُ عوضاً من سكن عينه ، والأصل فيه : أَطَاعَ يُطيع ، وأصلُه : أَطْوَع يُطْوِعُ.

زيادة النون :

تُزادُ النّون أولاً في : نَرْجِس.

وفي أول الفعِل المضارِع علامَةً للجَمْع ، نحو : نقومُ ، ونجلسُ ؛ وفي « الانْفِعال ». نحو : انكَسَرَ ، وانجَبَر.

وتزاد ثانياً في مثل : جُنْدُب ، وعُنْصُر ، وعَنْبَس ، لأنَّه من العُبُوس.

وتُزادُ آخراً في مثل : ضَيْفَن ، ورَعْشَن ، وخَلْبَن ، وعَلْجَن (١).

وتُزادُ في التَّثْنيَةِ والجَمْع ، نحو قولك : الزَّيدان ، الزَّيْدون ، زيدَتْ عوَضاً من الحركَةِ والتَّنْوين الذي يكونُ في الواحد.

وتُزادُ علامةً للرّفع في خَمْسَةِ أمثِلَةٍ من الفعل ، نحو : يَقومانِ ، وتَقومانِ ، ويقومونَ ، وتَقومُونَ ، وتقومينَ يا امْرأة.

وتُزادُ في : سَكْرانَ ، وعُثْمانَ ، وسِرْحَانَ ، وسَرَطَانَ ، وزَعْفَران ، وعَبَوْثَرَان ، وفي العِرَضْنَة ، ونحو ذلك.

__________________

(١) الضيفن : الذي يتبع الضيف ، قال صاحب اللسان : « الضيفن مشتق منه ـ أي من ( ضيف ) ـ عند غير سيبويه وجعله سيبويه من ( ضَفَنَ ) وسيأتي ذكره » فلا زيادة إِذن. والرَّعْشَن : المرتعش والجمل السريع. والخَلْبَن : المرأة الخرقاء. والعلجن : الناقة الكناز اللحم.

٥٢

وتُزادُ النّونُ للتوكيد بالنون الخفيفةِ والثّقيلةِ ، نحو : لتَقُومَنْ ، ولتَقُومَنَّ.

وكلُّ كلمةٍ خماسيةٍ ثالثُها نونٌ فهي نونٌ زائدةٌ ، مثل : جَحَنْفَل ، وشَرَنْبَث (١). فإِن كانت النونُ غيرَ ثالثة في الكلِمةِ الخُماسّية فالنّون أصْل ، حتى يدُلَّ الدليلُ على زيادَتِها ، نحو : كَنَهْبَل (٢) ، مثاله : « فَنَعْلَل ». كذلك : قِنْفَخْر (٣) ، مثاله : « فِنْعَلّ » نونُه زائدَةٌ لقولهم : امرأةٌ قُفَاخِرِيَّة.

زيادة الهاء :

تُزادُ الهاءُ أولاً في : هِرْكَوْلَة (٤). قال الخليلُ : « إِن الهاء في هِرْكَوْلَة زائدة ، وهي : « هِفْعَوْلَة » ، وهي العظيمة الأوراك من النساء ، لأنها تركل في مِشْيَتِها ».

وتُزادُ في أُمَّهات ، والأصل : أُمّات.

وتُزادُ آخراً في قولهم : فِيمَهْ ، ولِمَهْ ، وعَلَامَهْ ، أي : فيمَ ، ولمَ ، وعلامَ ؛ وفي قولهم : ارْمِهْ ، واغْزُهْ ، واخْشَهْ ، أي ارْمِ ، واغْزُ ، واخْشَ.

__________________

(١) الجَحَنْفَل : الغليظ أو غليظ الشفتين. الشرنبث : القبيح الشديد غليظ الكفين.

(٢) الكَنَهْبَل ـ وبضم الباءُ أيضاً ـ : ضرب من الشجر.

(٣) القِنْفَخْرُ : السمين الضخم الناعم.

(٤) في اللسان اعتبر هاءها أصلية فأوردها في ( هركل ).

٥٣

زِيادات الأسماء

زِياداتُ الأسماءِ تسعة أحرف ، هي حروف المد واللين ، مثل : عالم ، وصبور ، وعليم ، وغير ذلك.

والتاء في مثل : جَبَرُوت.

والهاء في مثل : شَجَرة.

والميم في مثل : شَدْقَم.

والنّون في : رَعْشَن.

واللّام في : هنالِكَ.

والهمزة في مثل : أَحْمَر ، وحَمْراء.

زيادات الأفعال

ثمانية : الهمزة في « أَفْعَلَ » مثل : أَكْرَمَ.

والألف في : « فَاعَلَ » نحو : حَارَبَ ، وقَاتَلَ.

والتاء في : « افْتَعَلَ » نحو : اقْتَسَم ، واكْتَسب.

والنون في : « انْفَعَلَ » نحو : انْطَلَقَ.

والسّين في : « استفعل » نحو : اسْتَخْبَرَ ، واسْتَكْبَر.

والواو في : « فَوْعَلَ » ، نحو : حَوْقَلَ الشَّيخ : إِذا فَتَرَ عنِ الجِماع.

الياء في : « فَيْعَلَ » ، نحو : بَيْقَرَ : أي هاجَرَ من أرضٍ إِلى أَرْض.

والميم في : تَمَسْكَنَ ، ونحو ذلك.

٥٤

حروف البَدَل

اثْنا عَشرَ حرفاً ، جمعتها ليسهل حفظها في هذه الكلمات ، وهي : « أماتَ طَويلٌ جُنْدَه » ، وجمعتها أيضاً في هذه الكلمات : « جادَ طويلُ أُمنته » ، وجمعتها أيضاً في هذه الكلمات : « مَجْد طَويل انْتها ».

وقَدْ جَمعَهَا أيضاً إِسْماعيلُ بن القاسِم النّحوي (١) شَيْخُ أبي بكر مُحمَّد بن الحسن الزُّبَيْدِيَ (٢) في قوله : « طالَ يومٌ أنجدته ».

وجمعها غيرُه من النَّحويين في قوله : « أَدْمجَها لتَنْطوي ».

وجمعتها أيضاً في هذه الكلمات : « أَنطويها لتدمج ».

إِبدال الألف :

تُبدلُ الألفُ من أَرْبعةِ أحرف : من الواو ، والياء ، والنون ، والهمزة.

فأمّا إِبْدَالها من الواوِ والياء ، فإِذا تحرَّكتا وانفَتَح ما قبلَهما قُلِبتا ألفاً ، إِلا أَنْ يأتي

__________________

(١) هو : أبو علي القالي عالِمٌ مِنْ أعلمِ أهل زمانه باللغة والشعر والأدب سنة ( ٢٨٨ ه‍ ٩٠١ م ) وُلِدَ في ( قالي قلا ) بأرمينية وانتقل إِلى بغداد ثم ارتحل إِلى الأندلس وتوفي في قرطبة سنة ( ٣٥٦ ه‍ ٩٦٧ م ) ، وانظر قوله هذا في أماليه : ( ٢ / ٢٨٦ ) وقد حكاه عنه الزبيدي في أبنية كتاب سيبويه ص ٥ ( ط. كويدى ) ص ٢١ ( بتحقيق حموش ).

(٢) هو : محمد بن الحسن بن عبيد الله الزُّبَيدي الأندلسي ولد سنة ( ٣١٦ ه‍ ٩٢٨ م ) في اشبيلية وتوفي بها سنة ( ٣٧٩ ه‍ ٩٨٩ م ) ، وهو عالم في اللغة والأدب ، من الشعراء ، له مؤلفات كثيرة أشهرها ( طبقات النحويين واللغويين ) حققه وطبعه محمد أبو الفضل إِبراهيم.

٥٥

شيءٌ شاذٌّ أو يُخَافَ لَبْسٌ. فقَلْبُهما نحو : باع ، وقال ، أصلُهما : قَوَلَ ، وبَيَعَ ، فقُلِبَتَا ألفاً لاعتلالِهما وانفِتاح ما قَبْلَهما ؛ وكذلك : خافَ وهابَ ، الأصل : خَوِفَ ، وهَيِبَ. وكذلِكَ قُلبتِ الواوُ والياء ألفاً في قولك : باب ، وناب ، أصلُهما : بَوَبٌ ونَيَبٌ ، فقُلِبَتَا أَلِفَيَّن.

فأما غَزَوَا ، ورَمَيَا فأقَرُّوه على أصْلِه خوف الالتِباس بالواحد ، لأنّهما لو قُلِبتا ألِفاً لأشْبَه فعْلُ الواحِدِ في غَزَا ورَمَى.

فأمَّا قولهم : اعْتَوَنُوا ، فهوَ في مَعْنى : تَعَاوَنُوا ، فالألِفُ قبلَه ساكِنَة.

أما : حَوِلَ ، وعَوِرَ ، فصحَّ لأنه بمعْنى : احْوَلَّ ، واعْوَرَّ. وكذلكَ : صَيِدَ البَعِيرُ لأنَّه بمعنى : اصْيَدَّ.

قالَ مُحمَّد بن يزيد (١) المُبَرِّدٌ : « إِنّما ظَهرت الواوُ واليَاء في هذا البابِ ، لأنَّ أصلَ البِناءِ في هذا النّوع : « افْعَلَّ يَفْعَلُّ » نحو اقْوَرَّ يَقْوَرُّ ، واعْوَرَّ يَعْوَرُّ ، وابْيَضَّ يَبْيَضُّ ».

وكذلك أبدِلَتِ الألفُ من الواو والياء في : غَصا ، ورَحىً ، والأصل : عَصَوٌ وَرَحَيٌ.

وإِذ سكَّنتَ الهمزة وانْفتحَ ما قَبْلهَا جاز أن تُخفَّفَ وتُقلَبَ ألفاً في مثل : رَأْس ، فَأْس ، فتقولُ : فاس ، وراس ، بغير همز ؛ وفي مثل : اقْرَأْ : اقرا ، بغير همز. وكذلك : آدم أصله : أَأْدم بهمزتين ، فأبدلوا الثانية منهُما ألِفاً.

__________________

(١) هو : محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي ، أبو العباس المعروف بالمبرد ، إِمام العربية في زمانه ببغداد ، وأحد أئمة الأدب والأخبار ( ولد عام ٢١٠ ه‍ ٨٢٦ م وتوفي عام ٢٨٦ ه‍ ٨٩٩ م ) ومن أشهر مؤلفاته ( الكامل ) و ( المقتضب ) ؛ وما حكاه عنه هو معنى ما قاله في المقتضب : ( ١ / ٩٩ ـ ١٠٠ ) والكامل ( ١٠٨٩ ـ ١٠٩٠ ) ، وهو معنى قول غيره أيضاً ، انظر الكتاب : ( ٢ / ٣٦١ ) ، والمنصف : ( ١ / ٢٥٩ ).

٥٦

وكذلك أبدلت الألف من التَّنوينِ في الوَقْف ، تقول : رأيتُ زيدَا وكلَّمتُ عَمْرَا.

كذلك أُبدلت الألفُ من النُّون الخفيفة في قولهم : اضْرِبَا ، الأصل : اضْرِبَنْ ، قال الله تعالى : ( لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ )(١) ، وقال الأعشى (٢) :

ولا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ واللهَ فَاعْبُدَا

وأُبدلتِ الألفُ من نُون « إِذَنْ » في الوَقْف ، تقول : لأَضرِبنَّك إِذَنْ يا هذا ، فإِذا أَبْدَلْتَ قلْتَ لأضْرِبِنّكَ إِذَا.

إِبدالُ الواو :

تُبدلُ الواوُ من الأَلِف في نحو : ضُوَيْرِب ، وضَوَارب.

وتُبدَلُ من الياءِ إِذا سُكِّنَتْ وانضمَّ ما قبلَها في مثل : مُوقِظ ، ومُوسِر ، ومُوقِنِ ، والأصل : مُيْقِظ ، ومُيْسِر ، ومُيْقِن ، لأنها من اليقظة ، واليُسر ، واليقين.

وتبدَلُ الواو من الياءِ في قوْلِهم : رَحَوِيّ ، وعَمَوِيّ ، وفي : بَقْوَى ، وطُوبَى ، والأصل : بُقْيَا وطُيبا ، وما شاكل ذلك.

__________________

(١) سورة العلق ٩٦ / ١٥ ( كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ. ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ ... ).

(٢) ديوانه (١٠٣) وصدر البيت وروايته فيه :

وذ النصب المنصوب لاتنسكنه

ولا تعبد الا وثان والله فاعبدا

ورواية عجزه في اللسان ( نصب ).

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

لعافية والله ربك فاعبدا

واردف ، ويروى : ولاتعبد الشيطان

٥٧

وتبدل الواو من الهمزة إِذا سُكِّنَتْ وانضمَّ ما قبلها في مثل : مُؤْثِر ، ومُؤْمِن ، فيقال : مُوثِر ، ومومِن ، بغير همز ، لأن أصل آثَر ، وآمن : أَأْثر ، وأَأْمن بهمزتَيْن. إِلا أنهم ليّنوا الثانية وخفَّفوها وقَلبُوها ألفاً اسْتثقالاً للجمع بين همزتيْن. وكذلك المصادر في : إِيثار ، وإِيمان ونحو ذلك.

إِبْدالُ الياء :

إِذا سكنت الواوُ وانكَسَر ما قبلَها انقلبتْ ياء ، لسُكُونِها وانكسار ما قبلها وذلك في مثل : مِيعاد ، ومِيزان ، ومِيراث ، الأصل : مِوْعَاد ، ومِوْزَان ، ومِوْرَاث ، لأنها من : وعدَ ، ووزن ، وورث.

وكذلك أُبدلتِ الواوُ ياء في مثل : سِيقَ ، وقِيلَ ، لأنهما من : السَّوْق ، والقَوْل ؛ والأصل : سُوِقَ ، وقُوِلَ ، فِعلُ ما لَمْ يُسمَّ فاعلُه ، فاستثقِلَتِ الكسرةُ على الواو ، فأسكنت ونقلت حركتها إِلى ما قبلها ، فصار : سِوْقَ ، وقِوْلَ ، فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.

وكذلك أبدلَتِ الياءُ من الواوِ في : دِيمَة ، وقِيمَة ، لأنّ الدّيمة من : دامَ المطرُ يدوم ، قال :

هُوَ الجَوَادُ ابنُ الجَوَادِ بنِ سَبَلْ (١)

إِنْ دَوَّمُوا جَادَ وإِنْ جَادُوا وَبَلْ

__________________

(١) البيتان بلا نسبة في أدب الكاتب (٩٧) وتخريجهما ثمة. و « سبل » فرس قديمة من خيل العرب. ونقل ابن بري عن أبي زياد الكلابي أن الرجز لجهم بن سبل ، وسبل أبوه ، ورواه : إِلخ. انظر اللسان ( دوم ، ديم ، سبل ). ويروى : « ديَّموا » على استمرار القلب في ديمة.

٥٨

والقيمة : من قَوَّمتُ السّلعةَ بالثمن.

وإِذا اجتمعتِ الواو والياء ، وسبقَتِ الأولى منهُما بالسكون ، أيَّتَهما كانت ، قُلبت الواو ياء ، وأدغمت ، الياء في الياء مثل : جَيِّد ، وسَيِّد ، ومَيِّت ، وحَيِّز وهو المكان ، والأصل : جَيْوِدْ ، وسَيْوِد ، ومَيْوِت ، وحَيْوِز ، لأنها من يجود ، ويسود ، ويموت ، ويحوز ، وفي مثل : دَيَّار ، وصَيَّاغ ، والأصل : دَيْوَار ، وصَيْوَاغ ، لأنّهما من يَدُورُ ، ويَصوغ.

وكذلك : إِذا سُبقَتِ الواوُ بالسكون (١) قُلِبتْ ياء ، نحو : طَوَيْتُ الكتابَ طَيًّا ، وكويْتُ الشيءَ كَيًّا ، وشَوَيْتُ اللحْمَ شَيًّا ، ونحو ذلك.

وكذلك : إِذا كانتِ الواو في موضع اللَّام (٢) وانكَسَر ما قبلها قُلِبَتْ ياء في مثل : غازِية ، وداعِيَة ، والأصل : غَازِوَة ، ودَاعِوَة ، فقُلبتِ الواوُ ياء لتأخّرها وانكسارِ ما قبلها.

فإِن كانت الواو في موضع العَيْن صحَّت بعد الكَسْرة لتقدُّمها ، وذلك نحو : عِوَض ، وحِوَل ، وطِوَل ، قال الله تعالى : ( لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً )(٣) ، وقال القُطَامِيُ (٤) :

إِنَّا مُحَيُّوِكَ فَاسْلَمْ أَيُّهَا الطَّلَلُ

وَإِنْ بَلِيتَ وإِنْ طَالَتْ بِكَ الطِّوَلُ

وتُبدّلُ الواوُ ياءً إِذا كانَتْ في جمع : « فَعْل » على « فِعَال » ، نحو : ثَوْب وثياب ،

__________________

(١) يريد : إِذا سبقت الواوُ الياءَ وكانت الواو ساكنة قلبت ياءً وأدغمت بالياء التي تليها.

(٢) أي : لام ( فعل ).

(٣) سورة الكهف : ١٨ / ١٠٨. وتمامها : ( خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ).

(٤) من القصيدة الأولى في ديوانه ، والقطامي لقبه ، واسمه : عمير بن شييم التغلبي شاعر إِسلامي مجيد توفي نحو عام : ( ١٣٠ ه‍ ٧٤٧ م ) ، انظر الشعر والشعراء : ( ٤٥٣ ـ ٤٥٦ ) وجمهرة أشعار العرب : (٨٠٢) والأغاني : ( ١١ / ٢٣ و ٢٤ / ١٧ ـ ٥٠ ) ، والرواية فيه ( الطيل ) وجاء في اللسان : « الطول » قال : « ويروى الطيل ».

٥٩

وحَوْض وحياض ، وسَوْط وسياط ، والأصل : ثِوَاب ، وحِواض ، وسِواط ، فقُلبتِ الواو ياء لِثقَلِ الجمع ، وضَعفِها في الواحد ، وانكسار ما قبلها ، والألف المشابهة للياء بعدها ، وصحة اللّام ، لا بدَّ في إِعلالها ، وإِبدالِها في هذه الشَّواهد.

فإِن تركت الواو في الواحد صحّت في الجمع ، نحو : طويل ، وطِوال ، وقويم ، وقِوَام. وربما قلبت في الجمع ياء ، وهو شاذ ، قال الشاعر (١) :

تَبَيَّنَ لِي أَنَّ القَمَاءَةَ ذِلَّةٌ

وأَنَّ أعِزَّاءَ الرِّجَالِ طِيالُها

وقد يجوزُ إِبدال الياء من الواو [ فيقال ](٢) في صُوَّم : صُيِّم ، وفي : قُوَّم : قُيَّم ، وفي : صُوَّام : صُيَّام ، وفي : نُوَّام : نُيَّام ، قالَ ذو الرُّمة (٣) :

أَلَا طَرقَتْنَا مَيَّةُ ابنةُ مُنْذِرٍ

فما أَرَّقَ النُّيَّامَ إِلّا سَلَامُهَا

__________________

(١) البيت لأُنيف بن حكيم النبهاني الطائي كما في الكامل : ( ٢١ ـ ١٢٢ ) والرواية فيه : وفي حماسة أبي تمام : ( ١ / ٤٨ ـ ٤٩ ) بشرح التبريزي ، عشرة أبيات على هذا الوزن والروي لأنيف بن زبان الطائي وليس البيت فيها ، والبيت في اللسان ( طول ) وفي الحور العين (١٢٥) دون عزو.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) ديوانه بشرح أبي نصر الباهلي ورواية أبي العباس ثعلب وتحقيق الدكتور عبد القدوس أبو صالح ط. مجمع اللغة العربية بدمشق ، وروايته :

الا خيلت مي قد نام صحبتي

فما نفر التهويم الا سلامها

وقال محققه : « وفي المخصص والتصريف والمنِصف وشرح المفصل رواية مُلفَّقة لهذا البيت ، وهي :

الا طرقتنا مية ابنة منذر

فما ارق النيام الا سلامها

وانظر خزانة الأدب لعبد القادر بن عمر البغدادي ( ٣ / ٤١٩ ).

٦٠