شمس العلوم - ج ١

نشوان بن سعيد الحميري

شمس العلوم - ج ١

المؤلف:

نشوان بن سعيد الحميري


المحقق: الدكتور حسين بن عبد الله العمري
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الفكر ـ دمشق
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
ISBN: 1-57547-638-X
الصفحات: ٦٩٨

ويأتي على « فَعَلَةٍ » بالهاءِ ، وهوَ مما تفرَّد بِه « فَعَل » (١) بالفتح ، يَفْعِلُ ، بالكَسْر مثلُ : هَلَكَ هَلَكَة ، وغَلَبَ غَلَبَةً.

ويأتي على « فَعِل » بفَتْح الفاءِ وكَسْرِ العين مثلِ : كذَب كَذِباً ، وسَرقَ سَرِقاً ، لُغَةٌ في السَّرَق. وقد جاء في « فَعِلَ » بالكسر يفعَل بالفتح ، مثلِ : لَعِبَ لَعِباً ، وضَحِكَ ضَحِكاً.

ويأتي على « فِعَل » بِكَسْرِ الفاءِ وفَتْحِ العَيْن ، وهو من مَصادِرِ : « فَعُل يَفْعُل » بالضَّمِّ فيهما ، مثلُ : ضَخُم ، ضِخَماً ، وثَقُلَ ثِقَلاً ، ونحو ذلك. وقد جاء في « فَعَلَ » بالفتح « يَفْعِلُ » بِالكسر مثل : قَرَاه قِرىً ، وقَلَاه قِلًى ، وفي « فَعِلَ » بالكَسرِ « يَفْعَل » بالفتح مثل : شَبِعَ شِبَعاً.

ومما تفرد به « فَعَلَ » بالفتح « يَفْعِل » بالكسر « فُعَل » بضم مثل : هَدَاهُ هُدىً وسَرَى سُرىً.

وممَّا تفرَّدَ به « مَفْعِلَة » بفتح الميم وكسر العين ، مثل : المَغْفِرَة والمَعْرِفَة.

وإِذَا أرَدْتَ الموضعَ من مكْسورِ العَيْن في المستقبلِ فهو : « مَفْعِل » بكسر العين ، مثل المجلِس ، والمنزِل ، وما شاكل ذلك. فأما غيرُ هذا البابِ فالمصدرُ منه والموضِعُ مفتوحُ العين ، إِلا حُرُوفاً محدودةً جاءَتْ عَنِ العَرَب مكسورة العَيْن ، وهي ، المَسْكِن ، والمَسْجِد ، والمَنْبت ، والمَنْسِك ، والمَطْلِع ، والمَفْرِق ، والمَجْزِر ، والمَسْقِط ، والمَشْرِق ، والمَغْرب ، والمَحْشِر. وقد فُتحَ بعضُها ، قالوا : مَسْكِن ومَسْكَن ، ومَنْسِك ومَنْسَك ، ومفرِق ومفرَق ، ومطلِع ومطلَع. وقد قرئَ بكَسْرِ اللّام وفتحها في قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ

__________________

(١) من ههنا حتى البناء : ( مَفْعِلة ) ومثليها : ( المغفرة والمعرفة ) ضبطت الأبنية كلها في ( س ) ضبط كلمة وتبعتها علَى ذلك ( ب ) أما في ( ت ) و ( نش ) و ( صن ) و ( ل ٢ ) و ( ل ٣ ) فقد جاءت الأبنية فيها مقيدة بالحركات فقط دون الضبط بالكلمة.

١٠١

الشَّمْسِ )(١). وقيل : مَطْلِع ، بكسرِ اللام : موضِعُ الطلوع ، ومطلَع بفتْحِ اللام : هو الطُّلوع.

وربما أتتِ العربُ بفعلٍ ماضٍ وأماتُوا مستقبلَه ، كقولهم : أَحْزَنَني الشيء ، وقالوا في مستَقبِله : يَحْزُنُني ، قال الله تعالى : ( فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ )(٢) وقال : ( إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ )(٣). قيل : إِن أصلَه كان : أَحْزَنَ ، فأماتوا مستقبلَه كما كانَ أصلُ يَحْزُنُ : حَزَن ، فأماتوا ماضيَه. ( وربَّما أتَوْا بمستقْبَلٍ وأماتُوا ماضيَه ، مثل : يَذَر ، ويَدَع ، ونحوِ ذلك.

والنعتُ من الأَبْوابِ الثلاثةِ : « فاعل » سواءٌ في المتعدّي واللازم ) (٤).

وأَما « فَعِلَ » بالكَسْرِ « يَفْعَل » بالفتح (٥) فمصدرُه على « فَعَل » بفَتْح الفَاءِ والعَيْن إِذا كان لازماً ، مثلُ : خَجِلَ خَجَلاً ، وطَرِبَ طَرَباً. وعليه القياسُ إلا الشاذَّ القَليل ، مثل : لَبِثَ لُبثا ، وحَنِثَ في يمينه حِنْثاً. فإِن كان متعدياً فهو ساكنُ الحَشو كالأبْنيةِ الأُولى ، كقولكَ : جَهِلَ الشيءَ جَهْلاً ، وعَلِمَه عِلْماً ، إِلا ما شذ منه ، كقولهم ، رَهِبَه رَهَباً : أي خافَه ، ورَهِقَه الدَّيْن رَهَقاً : أي غَشِيَه.

__________________

(١) سورة الكهف ( ١٨ / ٩٠ ) وتمامها ( حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً ).

ومَطْلِعَ : بالكسر قراءة الجمهور والفتح قراءة الحسن وابن محيصن وعيسى بن عمر ورويت عن ابن كثير وأهل مكة ( انظر : البحر ٦ / ١٦١ ).

(٢) من الآية : ٧٦ من سورة يس / ٣٦.

(٣) من الآية : ١٣ من سورة يوسف / ١٢.

(٤) ما بين القوسين جاء في هامش ( س ) وفي نهايته كلمة ( صح ) وهو في متن : ( ب ) ولم نجده في بقية النسخ.

(٥) هكذا جاءت صيغة هذه العبارة في ( س ) و ( ب ) أما في النسخ الآخرى فجاءت صيغتها : « وأما فَعِلَ بكسر العين في الماضي فمصدره ... ».

١٠٢

وقد جاءَ في المتعدِّي واللازِم مصادرُ قد ذكَرْناها ، نحو : لَزِم الشيءُ لُزُوماً ، وسَمِعَ سَمَاعاً ، وضَمِنَ ضَماناً ، وطَمِع طَمَاعِيَةً ، وكَرِه كراهِيَةً ، وسَفِه سَفَاهةً ، وسَخِيَ سَخَاوَةً ، وغَنِمَ غُنْماً ، وغَرِمَ غُرْماً ، وشَبِعَ شِبَعاً ، وسَمِنَ سِمَناً ، ونَزِهَ نُزْهَةً ، وَسَخِنَتْ عينُه سُخْنَةً ، ونحو ذلك.

وما كان متعدياً من هذا الباب فَنَعْتُه على : « فَاعِل » ، مثل : لَزِمَ الشيءَ فهو لَازِمٌ ، وسَمِعَ القولَ فهو سَامِعٌ ؛ وقد يأتي على « فَاعِل » و « فَعِل » بكسر العين (١) ، مثل : حَذِرَ الأمرَ فهو حاذِرٌ وحَذِرٌ ، وقُرئ في قول الله تعالى : ( وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حذِرُونَ ) (٢) و ( حاذِرُونَ ) ، وقال الشاعر (٣) :

حَذِرٌ أُمُوراً لا تَضِيرُ وآمِنٌ

ما لَيْسَ مُنْجِيَهُ مِنَ الأَقدارِ

وما كان لازماً فنعتُه على : « فَعِل » بكسر العين ، مثلُ : تَعِبَ فهو تَعِبٌ ، وطَرِبَ فهو طَرِبٌ. وربّما جاءَ على : « فَاعِل » ، مثل : لَبِثَ فهو لَابِثٌ ، قال الله تعالى : ( لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً )(٤) ، وقرأَ حمزةُ لبثين والباقُون ( لابِثِينَ ) بالأَلف ، وهو رأي أَبي عبيد.

ويأتِي النعتُ منه أيضاً على : « أَفْعَل » ، مثل : الأَجْلَح ، والأَصْلَع ، والأمرد ، والأكحل.

ويأتي أيضاً علَى : « فعيل » مثل : سَلِمَ فهو سَلِيمٌ ، وعَلِمَ فهو عَلِيمٌ ، وغَبِنَ رأيَه فهو

__________________

(١) الضبط بالكلمة هذا انفردت به ( س ) وتابعتها : ( ب ) فقط.

(٢) من الآية : ٥٦ من سورة الشعراء / ٢٦ ، وانظر قراءتها في فتح القدير للإِمام محمد بن علي الشوكاني : ٤ / ١٠١ ، ط. دار الفكر.

(٣) البيت في الكتاب : ( ١ / ٥٨ ) ، والمقتضب : ( ٢ / ١١٦ ) ، والخزانة : ( ٣ / ٤٥٦ ). وقال المبرد : « إِنه بيت موضوع محدَث. وحكي أن أباناً اللاحقي وضعه لسيبويه » ، وقيل : هو لابن المقفع. وانظر : شرح ابن عقيل : ( ٢ / ١١٤ )

(٤) الآية : ٢٣ من سورة النبأ / ٧٨.

١٠٣

غَبِين الرأي. ( وقد يأتي على : « فَعْلَان » مثل : عَطِش فهو عَطْشان ، وظَمِئ فهو ظَمْآن ، ونحو ذلك ) (١).

وأما « فَعُلَ ، يفعُلُ » بالضَّمَ فيهما فمصدره (٢) على « فَعَالة » مثل : سَمُح سَمَاحَةً ، وفَصُحَ فَصَاحَةً ، وشَجُعَ شَجَاعَةً ، وقَبُحَ قَبَاحَةً ؛ وعلى : « فُعُولة » بالضم ، مثل حَمُضَ حُمُوضَة ، وجعُد جُعُودةً ؛ وعلى : « فِعَل » بكسر الفاءِ وفتح العين ، مثل : عظُم عِظَماً ، وغَلُظَ غِلَظاً. فأما غيرُ هذه الثلاثةِ المصادِرِ فَشَاذٌّ نحو : كرُم كرماً ، وشَرُفَ شَرفاً ، ومَجُدَ مَجْداً ، ونَتُن نَتْناً ، وظَرُف ظُرْفاً ، وحَسُن حُسْناً.

وهذا البابُ لازِمٌ للطباع ، لم يأت منه متعدياً إِلا كلمة واحدة رواها الخليل ، وهي : رَحُبَتْك الدارُ ، والنعت من « فَعُل يَفْعُل » على « فَعِيل » مثل : كرُم فهو كريمٌ ، وعليه القياس ، و « فَعْل » بسكون العين مثل : صَعُبَ فهو صَعْبٌ. وقد جاء على : « أَفْعَل » مثل : الأَسْمَر ، والأَعْجَف ، والأَحْمَق ، والأَعْجَم ، والأرْعَن ؛ وعلى غير ذلك مما هو شاذٌّ على غير قياس.

وأما « فَعِل ، يَفْعِل » بالكسر فيهما فهو قليل شاذٌّ لم يأت عليه إِلا عشر كلمات ، وهي : وَرِثَ الشيءَ وِراثةً ، ووَرِعَ من الوَرَع ، ووَبِقَ : أي هَلَك ، ووَثِقَ به ، ووَفِقَ أمرَه ، [ ووَمِقَ ](٣) ، وَوَرِمَ ، ووَرِيَ الزند ، وَوَلِيَ الوالي ، ويَبِسَ. وقد جاء في بعضها لغة أخرى ، قالوا : وَرُعَ ، بضم العين في الماضي والمستقبل ، ووَبِقَ بكسر الباء يَوْبَق بفتحها ، ( ووَرَى

__________________

(١) ما بين القوسين انفردت به ( س ) وتابعتها عليه ( ب ) وسقط من بقية النسخ.

(٢) هكذا جاءت صيغة العبارة في ( س ) و ( ب ) وحدهما. أما في بقية النسخ : ( ت ) و ( نش ) و ( صن ) و ( ل ٢ ) و ( ل ٣ ) : فصيغتها فيها جميعاً : « وأما فَعُل بضم العين من الماضي والمستقبل فمصدره .... ».

(٣) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ( س ) ومن ( ب ) أثبتناه من النسخ الأخرى التي اجتمعت على إِثباته. وليكمل بها الكلمات العشر التي أشار إِليها.

١٠٤

الزَّنْدُ : بفَتْح الراء يَرِي : بكسرها ، ويَبِسَ : بكسر الباء ، يَيْبَس : بفتحها ، ومصادرها (١) : ) وَرِثَ وِرَاثةً ، ووَلِيَ وَلايةً ، ووَرِعَ وَرَعاً ، ووَبِقَ وُبُوقاً ، ووَثِقَ ثِقَةً ، وَوَفِقَ أمرَه وِفاقاً ، وَوَمِقَ مِقَةً ، ووَرِمَ وَرَماً ، ووَرِيَ الزَّنْدُ وَرْياً ، ويبسَ الشيءُ يُبْساً.

( والله أعلم ، وبه التوفيق ، يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* ، وعلى نبيه محمد وآله أفضل التسليم.

وهذا أول الكتاب ، والحمد لله المليك الوهاب ؛ وصلواته على نبيه المنتاب ، محمد وآله الأتقياء النجاب ) (٢).

__________________

(١) ما بين القوسين : صيغة ما جاء في الأصل ( س ) وفي ( ب ) ، أما في النسخ الأخرى فقد جاءت الصيغة فيها : « ويَبِسَ ييبس ، ووَرَى الزند بفتح الراء يَرِي بكسرها ، ومصادرها : ».

(٢) ما بين القوسين خاتمة أنهى بها ناسخ النسخة الاسكوريالية ( س ) ، وتابعتها عليها النسخة البرلينية ( ب ).

أما النسخ الأخرى : ( ت ) و ( نش ) و ( صن ) و ( ل ٢ ) و ( ل ٣ ) فقد خلت من هذه الخاتمة.

١٠٥
١٠٦

شمس العلوم

أ

حرف الألف

١٠٧
١٠٨

باب الهمزة وما بعدها من الحروف في المضاعف

الأسماء

فَعْلٌ بفتح الفاء وسكون العين

ب

[ الأَبُ ] : المرعى ، قال اللهُ تعالى : ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا )(١) ، وقال الشاعر (٢) :

جَدُّنا قيسٌ ونجدٌ دارُنا

ولنا الأبُ بها والمكرعُ

د

[ أدّ ] : الأَدُّ : القُوَّةُ ، وهو الآدُ والأَيْدُ أيضاً.

س

[ الأَسُ ] : يقال : كان ذلك على أَسِ الدهر أي : قدم الدهرِ.

ك

[ الأكُ ] : يومٌ أكٌ : أي شديدُ الحرِّ.

ل

[ أَلَ ] : الأَلُ : جمع ألَّةٍ ، وهي : الحربةُ ، قال الشاعر (٣) :

تَداركهُ في مُنْصِلِ الأَلِ بعدما

مضى غيرَ دأداءٍ وقد كادَ يَعْطَبُ

مُنْصِلُ الألِ : شهرُ رجبٍ

ن

[ أنَ ] : كلمةٌ تنصب الاسم وترفع الخبر ، ويكون اسماً بمعنى المصدر ، كقولك : علمت أَنّك قائم ، أي علمت قيامك ، قال الله تعالى : ( أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ

__________________

(١) سورة عبس ٨٠ الآية ٣١.

(٢) البيت دون عزو في جمهرة اللغة لابن دريد ( ١ / ٥٣ ) ط. دار العلم للملايين ت. بعلبكي ، والمقاييس ( ١ / ٦ ) واللسان ( أبب ). وروايته : جذمنا قيس.

(٣) البيت للأعشى ، ديوانه (٤٧) ، واللسان ( ألل ، دأدأ ) ، وسُمِّيَ رجبٌ : مُنْصِلَ الأَلِّ ، ومُنْصِلَ الألَّةِ ، ومُنْصِلَ الإِلالِ لأنَّهم كانوا ينزعون فيه الأسنَّةَ لحُرْمَتِه. والدَّأدَاءُ : آخر أيامِ الشهرِ.

١٠٩

تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ )(١) ، وقال سيبويه عمرو بن عثمان الحارثي البصري (٢) : أن الثانية مبدلة من الأولة (٣) [ أي ] [ من أن الأولى ](٤).

والمعنى أنكم مخرجون إِذا متم. وقال أبو زكريّا يحيى بن زياد الفراء العبسي الكوفي (٥) ، وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي البصري الملقب بالمبرد (٦) : الثانيةُ مكررةٌ للتوكيدِ لما طال الكلام كان تكريرُها حسناً.

ي

[ أي ] : كلمة لها أربعة مواضع ، تكون نعتاً كقولك : رأيت رجلاً أيَ رجل.

وتكون استفهاماً كقولك : أي القوم أبوك؟ ولا يعمل فيها ما قبلها ولكن ما بعدها ، قال الله تعالى : ( لِنَعْلَمَ أَيُ الْحِزْبَيْنِ )(٧) وقال تعالى : ( أَيَ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ )(٨) وإِنما لم يعمل في أي ما قبلها لأن الاستفهامَ له صدرُ الكلام. قال بعضهم : لأن الاستفهامَ معنى وما قبله معنى آخر ، فلو عمل فيه ما قبله لدخل بعض المعاني في بعض.

وتكون جزاءً كقولك : أيُ القوم يكرمني أكرمه.

وتكون خبراً كقولك : أيُّهم في الدار أخوك. وقول الله تعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ

__________________

(١) سورة المؤمنون ٢٣ الآية ٣٥.

(٢) وهو صاحب المصنَّفِ المشهور المعروف بـ ( الكتاب ) أو ( كتاب سيبويه ) ، ولد في إِحدى قرى شيراز عام ( ١٤٨ ه‍ ) ، وقدم البصرة ، وتتلمذ على الخليل بن أحمد ، ثم رحل إِلى بغداد وأجازه الرشيد ، وعاد إِلى الأهواز وتُوفِّي بها عام ( ١٨٠ ه‍ ). وقيل تُوفِّي وقُبِر في شيراز.

(٣) هكذا جاءت في النسخ ، وكانت كلمة ( الأولى ) أحق بالاستعمال لشهرتها وكلاهما فصيح.

(٤) أي زيادة منا يقتضيها السياق. ولعل عبارة « من الأولى » إِضافة من علي بن نشوان.

(٥) ويقال في نسبه : المنقري والأسدي والديلمي ، ومن أشهر كتبه ( معاني القرآن ) ولد عام ( ١٤٤ ه‍ ) وتوفي عام ( ١٧٠ ه‍ ).

(٦) من أشهر مؤلفاته ( الكامل ) و ( المقتضب ) و ( إِعراب القرآن ) ولد عام ( ٢١٠ ه‍ ) وتوفي عام ( ٢٨٦ ه‍ ).

(٧) سورة الكهف ١٨ من الآية ١٢ : ( ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً ).

(٨) سورة الشعراء ٢٦ من الآية ٢٢٧ : ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ).

١١٠

قَرْيَةٍ )(١) قرأ عبد الله بن كثير المكي الداري (٢) ، وأبو عُمر عبد الله ابن عامر اليحصبي الشامي (٣) : وكائن على مثال فاعل ، وهو اختيار أبي عبيد القاسم ابن سلام البغدادي (٤) ، وقرأ أبو عبد الرحمن نافع بن عبد الرحمن ابن أبي نُعَيم المدني (٥) ، وأبو عمرو بن العلاء التميمي البصري (٦) ، وأبو بكر عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي (٧) ، وأبو عُمارة حمزة بن حبيب الزيات الكوفي (٨) ، وأبو الحسن علي بن حمزة الكسائي الكوفي (٩) بالهمزة وتشديد الياء. قال أبو عبد الرحمن الخليل ابن أحمد الأزدي البصري (١٠) ، وسيبويه في ( كأَيّنْ ) هي ( أيٌ ) دخلت عليها كاف التشبيه فصار في الكلام معنى كم.

__________________

(١) سورة الطلاق : ٦٥ / ٨ ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً ).

(٢) أحد القراء السبعة ، ولد بمكة عام ( ٩٧ ه‍ ) وتوفي فيها عام ( ١٧٤ ه‍ ).

(٣) أحد القراء السبعة ، ولد في قرية ( رحاب ) من البلقاء في الشام عام ( ٨ ه‍ ) وتوفي بدمشق عام ( ١١٨ ه‍ ) فعمر طويلاً.

(٤) من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه ، ولد بهراة عام ( ١٥٧ ه‍ ) ورحل إِلى بغداد ومصر وتوفي بمكة عام (٢٢٤) ه.

(٥) أحد القراء السبعة ، أصله من إِصبهان ، أقام بالمدينة واشتهر فيها ، وبها توفي عام ( ١٥١ ه‍ ).

(٦) زَبَّان بن عمَّار التميمي ، من أئمة اللغة والأدب ، وأحد القراء السبعة ، ولد بمكة عام ( ٧٠ ه‍ ) ونشأ بالبصرة ، وتوفي بالكوفة عام ( ١٥٤ ه‍ ).

(٧) أحد القراء السبعة ، تابعي ، من أهل الكوفة ، توفي فيها عام ( ١٢٧ ه‍ ).

(٨) أحد القراء السبعة ، عاش بالكوفة ، وتنقل للتجارة ، ولد عام ( ٨٠ ه‍ ) وتوفي بحلوان ـ من سواد العراق ـ عام ( ١٥٦ ه‍ ).

(٩) من أئمة اللغة والنحو والقراءة ، ولد في إِحدى قرى الكوفة ، وتوفي بالري ( ١٨٩ ه‍ ) ومن أهم كتبه ( معاني القرآن ) و ( القراآت ).

(١٠) من أئمة اللغة والأدب ، وواضع علم العروض ، وأشهر كتبه ( العين ) ولد بالبصرة عام ( ١٠٠ ه‍ ) وتوفي بها عام ( ١٧٠ ه‍ ).

١١١

و [ فَعْلَة ] بالهاء

ج

[ الأجَّة ] : يقال : الناس في أجة ، أي في اختلاط ، والأجَّة أيضاً : شدة الحرِّ.

ك

[ أكَّة ] : الأكَّةُ : شدة الحرِّ.

والأكَّةُ : الشدة من شدائد الدنيا والأكَّةُ : سوءُ الخُلق. قال (١) :

إِذ الشّريبُ أخذَتْه الأكَّهْ

ل

[ ألّ ] : الأَلَّة : الحربة

هـ

[ الأَهَّةُ ] : الاسم من أه ، إِذا توجع ، قال (٢) :

إِذا ما قمتُ أرحلُها بليلٍ

تأوَّهَ أَهَّةَ الرجل الحزين

ويروى : آهَة بالمدِّ والتخفيفِ ، وهي الاسمُ من التَّأَوّه.

ن

[ أَنْ ] : ومن خفيف هذا الباب « أَنْ » ، تكون مخففة من الثقيلة مثل قول الله تعالى : ( وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ )(٣) قال الخليل وسيبويه : هي

__________________

(١)الشاهد دون عزو في اللسان ( أكك ) وبعده :

فخله حتى يبك بكه

وسيأتي في بناء ( فَعْلَة ) من باب الباء والكاف.

(٢) البيت للمثقب العبدي ـ العائذ بن محصن ـ ديوانه (٣٩) والمفضليات ( ٢ / ١٢٦٢ ) ، والبيت من قصيدته التي كان أبو عمرو بن العلاء يقول فيها : لو كان الشعر مثلها لوجب على الناس أن يتعلموه ـ الشعر والشعراء (٢٣٣) ، ومطلعها :

أفاطم قبل بينك متعيني

ومنعك ما سالت كان تبيني

(٣) سورة يونس ١٠ من الآية ١٠ : ( دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ).

١١٢

مخففة من الثقيلة ، والمعنى : أنَّه الحمد لله ، وأنشد سيبويه للأعشى (١) :

في فتيةٍ كسيوفِ الهندِ قد علموا

أن هالكٌ كلُّ من يَحْفَى وينتعلُ

وقرأ بعضهم : أنّ الحمد لله (٢) بتشديد النون ونصب الدال ، وهو خارج عن رأي الأئمة ، وقرأ ابن عامر (٣) ويعقوب ابن إِسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إِسحاق الحضرمي البصري (٤) : وأنْ هذا صراطي مستقيما (٥) بسكون النون.

واختلفوا في قوله تعالى : ( أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )(٦) فقرأ حمزة والكسائي وابن عامر بتشديد النون ونصب التاء ، وهو رأي أبي عبيد ، والباقون بالتخفيف والرفع.

وأمَّا قول الله تعالى : ( وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ )(٧) ، ( وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها )(٨) فقرأ نافع بالتخفيف والرفع ، والباقون بالتشديد والنصب.

وتقع « أن » موقع المصدر كقول الله

__________________

(١) ديوانه (٢٨٤) ، ورواية عجزه فيه :

أن ليس يدفع عن ذي الحيلة الحيل

وذكر محققه رواية أن رواية أن هالك ، وهو بالروايتين في شواهد سيبويه لـ ( إِ. فيشر ) انظر ص ١٧٨.

(٢) وهي قراءة ابن محيصن كما في فتح القدير لشيخ الإِسلام الشوكاني ٢ / ٤٢٧ / ط. دار الفكر.

(٣) تقدمت ترجمته.

(٤) أحد القراء العشرة ، كان إِمام البصرة ومقرئها ، ولد فيها عام ( ١١٧ ه‍ ) وتوفي بها عام ( ٢٠٥ ه‍ ).

(٥) سورة الأنعام ٦ من الآية ١٥٣ ( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وانظر هذه القراءة وغيرها في فتح القدير ( ٢ / ١٧٨ ).

(٦) سورة الأعراف ٧ من الآية ٤٤ ( وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) وانظر في قراءتها فتح القدير ( ٢ / ٢٠٧ ).

(٧) سورة النور ٢٤ من الآية ٧ وتمامها ( ... إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) وانظر قراءتها في فتح القدير ( ٤ / ١٠ ).

(٨) سورة النور ٢٤ من الآية ٩ وتمامها : ( ... إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) وانظر قراءتها في فتح القدير ( ٤ / ١٠ ).

١١٣

تعالى : ( إِلَّا أَنْ قالُوا )(١) أي إِلا قولهم.

وتكون ناصبة للأفعال المضارعة.

وتقع أن زائدة للتوكيد مثل قوله تعالى : ( فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ )(٢) أي فلما جاء البشير.

ويقال : إِنَ أَنْ بمعنى أي في قوله تعالى : ( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا )(٣) معناه أي امشوا

م

[ أم ] : حرفُ استفهام يُعطفُ به ، وله موضعانِ يكون متصلاً ومنقطعاً ، فأما المتصلُ فيكونُ بمعنى أو إِذا كان الكلامُ جملةً واحدةً ، وإِذا كان السائلُ عالماً بكونِ أحد الأمرين ولا يدري أيهما هو ، وإِذا كان أَمْ معادلاً لهمزة الاستفهامِ كقولك :

أزيدٌ عندك أمْ عمرو؟ فقد علمت بكون أحدهما عند المسؤول فسألت أيهما هو ، ولا يجابُ هذا بنعم ولا بلا ولكن يقال : زيدٌ أو عمرو أو كلاهما أو ليس واحدٌ منهما عندي ، ولو كنت جاهلاً لذلك لكان الاستفهامُ بأَوْ والجوابُ بنعم أو بلا.

ومعنى المعادلةِ ، أنَّك عدلتَ زيداً بعمرو وجعلت كل واحدٍ منهما بإِزاء حرف الاستفهام ، فزيدٌ بإِزاء الهمزة وعمروٌ بإِزاء أم ، والذي لم تسأل عنه بينهما وهو عندك.

هذا في الأسماء ، وأما في الأفعال فكقولك : أقامَ زيدٌ أم قعد؟. ويجوز أعندك زيد أم عمرو؟ بتقديم الذي لم تسأل عنه. وأَ زيدٌ قامَ أم قعدَ؟ والأولُ

__________________

(١) سورة الأنعام ٦ من الآية ٢٣ ، والأعراف ٧ من الآية ٥ ، والآية ٨٢ ، والنمل ٢٧ من الآية ٥٦ ، والعنكبوت ٢٩ من الآية ٢٤ ، والآية ٢٩.

(٢) سورة يوسف ١٢ من الآية ٩٦ وتمامها ( ... أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ).

(٣) سورة ص ٣٨ من الآية ٦ وتمامها ( ... وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ).

١١٤

أجودُ ، قال الله تعالى : ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ )(١) هذا على التقرير والتوبيخ من الله تعالى لأنه عالم بمن هو خير ، والمعنى : ليسوا بخير. كقوله تعالى : ( أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ )(٢) وكقولهم : آلشَّقاءُ أحب إِليك أم السعادة؟.

وتكون للتسوية من غير استفهام كقولك : سواء علي أقعدت أم قمت ، وما أبالي أغضبت أم رضيت ، قال الله تعالى : ( سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ )(٣).

وأما المنقطع فَيُقَدَّرُ بِبَلْ والهمزة في الخبر والاستفهام ، فكونه في الخبر كقولك : إِنَّ هذا لَزيْدٌ ، أم عمروٌ؟ ظننتَ المرئيَّ زيداً فأخبرتَ عنه ثم ظننتَهُ عمراً فتركتَ الأول وقلتَ : أم عمرو؟ مستفهماً فأم بمعنى بل ، إِلا أن ما بعد بل يقينٌ وما بعد أم مشكوكٌ فيه ، والتقديرُ بل عمرو ، ويجابُ في هذا بنعم وبلا ، ويكون الجوابُ عن الثاني لأنه المسؤولُ عنه ، ونحو ذلك : قام زيدٌ أم عمرو ذاهب؟ أخبرت عن قيامِ زيدٍ ثم تركته فاستفهمت عن ذهابِ عمرو ، أي بل عمرو ذاهب ، وكون أم في الاستفهام : أزيد في الدارِ أم لا؟ سألت عن كونه في الدار ثم تركته وسألت عن خلائها منه ، وكذلك : أزيدٌ في الدار أم عمرو في البستان؟ أي بل أعمرو ، ونحو ذلك : مَنْ عندك؟ أم أنت خارج. أي بل أنت خارج وأما قوله تعالى : ( أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ )(٤) فقيل : أم بمعنى بل ، وقيل : أم رد على ( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ )(٥) ، وقيل : في الكلام

__________________

(١) سورة الدخان ٤٤ من الآية ٣٧ ( أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ ).

(٢) سورة فصلت ٤١ من الآية ٤٠ ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى ... ) الآية.

(٣) سورة البقرة ٢ من الآية ٦ ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ).

(٤) سورة الزخرف ٤٣ من الآية ٥٢ وتمامها ( ... وَلا يَكادُ يُبِينُ ).

(٥) سورة الزخرف ٤٣ من الآية ٥١ وسياق الآيتين معاً ( وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ. أَمْ أَنَا خَيْرٌ ) .. الآية.

١١٥

حذف تقديره أفلا تبصرون؟! أم تبصرون؟ كقول ذي الرُّمَّة (١) :

أيا ظبيةَ الوعساءِ بينَ جُلاجِلٍ

وبينَ النقا آأنتِ أَم أُمُّ سالِم؟

أي أأنت أحسن أَم أُمّ سالم.

و

[ أو ] : حرف عطف لأحد الأمرين ، في الإِبهام والتخيير ، ويكون للاشتراك في بعض المواضع.

فالإِبهام كقولك : رأيت زيداً أو عمراً ، يحتمل أن تكون شاكّاً وأن تكون أبهمت المعنى.

والتخيير كقولك : خذ ديناراً أو درهماً ، قال الله تعالى : ( أَوْ كِسْوَتُهُمْ )(٢) وقوله تعالى : ( أَوْ يُسْلِمُونَ )(٣) على العطف أي يكون لأحد الأمرين ، وقيل : هو على الاستئناف ، أي وهم يسلمون.

وأما كون أَوْ للاشتراك فكقولك : إِئتِ البصرةَ أو الكوفةَ أو الرقّةَ ؛ ليس الغرض إِئتِ واحدةً منها ، لكن الغرض إِئتِ هذا الضرب من البلاد ، قال الله تعالى : ( آثِماً أَوْ كَفُوراً )(٤) أي لا تطع واحداً منهما ، ويقال : أَوْ بمعنى بل في قوله : ( أَوْ يَزِيدُونَ )(٥) لأن الله تعالى لا يشك ، هذا قول أبي عبيدة معمر بن المثنَّى التيمي (٦) ،

__________________

(١) ديوانه ( ٢ / ٧٦٧ ) ، وياقوت ( جلاجل ٢ / ١٤٩ ) وأيضاً ياقوت ( حلاحل ٢ / ٢٨٠ ) و ( الوعساء ٥ / ٣٧٩ ).

(٢) سورة المائدة ٥ من الآية ٨٩ ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ... ) الآية.

(٣) سورة الفتح ٤٨ من الآية ١٦ ( قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ... ) الآية.

(٤) سورة الإنسان ٧٦ من الآية ٢٤ ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً ).

(٥) سورة الصافات ٣٧ من الآية ١٤٧ ( وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ).

(٦) من أئمة العلم بالنحو واللغو والأدب ولد في البصرة عام ( ١١٠ ه‍ ) وتوفي بها عام ( ٢٠٩ ه‍ ) من أشهر كتبه ( مجاز القرآن ).

١١٦

وقول الفراء (١) ، وقيل : إِن ذلك لا يصح لأنه لو كان كما قالا لكان : إِلى أكثر من مئة ألف ولم يكن لِـ ( أَو ) معنى.

وقيل : ( أو ) بمعنى الواو ، وهو عند الحذاق في العربية لا يجوز لأن فيه بُطْلان المعاني ، لأن الواو للاشتراك و ( أَوْ ) لأحد الأمرين.

وقيل : هو على التقدير و ( أَوْ ) على بابها ، أي أرسلنا إِلى جماعة لو رأيتموهم لقلتم مئة ألف أو أكثر.

ويكون أَوْ حرفاً ينصب الفعل المضارع بمعنى حتى ، وإِلى أن ، كقولك : لألزمنَّك أو تَوْفِيَني حقي ، أي حتى ، وقرأ أُبَيّ بن كعب الأنصاري : تقاتلوهم أو يسلموا (٢) بحذف النون ، أي حتى يسلموا ، قال امرؤ القيس (٣) :

نحاول ملكاً أو نموتَ فَنُعْذرا

ي

[ أي ] : حرف عبارة وتفسير ، ويكون للنداء كقولك : أي زيدٌ أقبل ، كما تقول : يا زيدُ.

فُعْلٌ بضم الفاء

د

[ أُدٌّ ] : من أسماء الرجال ( وأدّ أبو قبيلة وهو : أدّ بن طابحة بن إِلياس بن مضر. قاله الجوهري ) (٤).

__________________

(١) يحيى بن زياد الديلمي الأسدي بالولاء ، إِمام الكوفيين في عصره وأعلمهم بالنحو واللغة والأدبِ ، ومن أشهر كتبه ( معاني القرآن ) و ( الفاخر ) ، ولد عام ( ١٤٤ ه‍ ) وتوفي عام ( ٢٠٧ ه‍ ).

(٢) سورة الفتح ٤٨ / ١٦ الآية ( قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ).

(٣) ديوانه وسياقه مع ما قبله :

يكي صاحبي لما راي الدرب دونه

وأيقن انا لاحقان بقيصرا

فقلت له تبك عينك انما

نحاول ملكا او تموت فنعذرا

(٤) ما بين القوسين جاء في الأصل ( س ) حاشية بخط النّاسخ وفي أولها ( جمه ) وهو رمز ناسخها جمهور بن علي ابن جمهور بن زيد الهمداني ، وليس في أخرها ( صح ) وليست في بقية النسخ المعتمدة والمساعدة فهي على الأغلب زيادة من الناسخ.

١١٧

س

[ أُسُ ] : أسُ الحائِط : أساسُهُ ، وهو أصل بنائه ، والجميع : آساس ، مثل خُفّ وأخفاف ، قال (١) :

أصبحَ الملكُ ثابتَ الآساسِ

بالبهاليل من بني العباسِ

ويقال : كان ذلك على أُسّ الدهر ، أي قدم الدهر.

ف

[ أفّ ] : الأُفّ : القَذَر ، يقال : أفًّا له ، أي قذراً ، وقال أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني المعروف بثعلب (٢) : الأفُ : قلامة الظفر ، ويُقال : إِن الأفَ ما رفعته يدك من عود أو قصبة أو شيء حقير. وقال الخليل : الأفُ : وسخ الظفر. وقيل : إِن الأفَ وسخ الأذن ، وقيل : إِنها كلمة تدل على الضجر والسخط ، وقال محمد بن السائب الكلبي (٣) : أُفّ لاستقذار الشيء وتغيُّر الرائحة ، قال الله تعالى : ( أُفٍ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ )(٤).

وفيها تسع لغات : أُفٍ بالكسر والتنوين وهي قراءة الحسن بن الحسن البصري من موالي الأنصار (٥) ، وقراءة حفص (٦) عن

__________________

(١) ينسب البيت إِلى سُدَيْف وإِلى شبل بن عبد الله من موالي بني هاشم ، أنظر القصيدة كاملة والاختلاف في نسبتها في الأغاني ( ٤ / ٣٤٣ ) وما بعدها.

(٢) من أئمة أهل الكوفة في النحو واللغة والأدب ، من أشهر كتبه ( مجالس ثعلب ) و ( معاني القرآن ) ولد عام ( ٢٠٠ ه‍ ) وتوفي عام ( ٢٩١ ه‍ ).

(٣) عالم في الأنساب والرواية والتفسير ، توفي عام ١٤٦ ه‍.

(٤) سورة الأنبياء ٢١ من الآية ٦٧ وتمامها ( ... أَفَلا تَعْقِلُونَ ) وانظر ما في أف من اللغات في تفسير آية سورة الإِسراء ١٧ / ٢٣ في فتح القدير ( ٣ / ٢١٠ ـ ٢١١ ) الآية ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما ... ).

(٥) تُنظر ترجمته في مراجعها.

(٦) هو حفص بن عُمر بن عبد العزيز الأزدي ، إِمام القراءة في عصره ، سكن في بغداد ونزل بسامراء وتوفي في إِحدى قرى الري عام ( ٢٤٦ ه‍ ).

١١٨

عاصم (١) وأهل المدينة ، وأفِ بالكسر بغير تنوين ، وهي قراءة أبي عمرو (٢) وأهل الكوفة واختيار أبي عبيد ، وأفَ بالفتح بغير تنوين وهي قراءة أهل مكة وأهل الشام ويعقوب بن إِسحاق ، وحكى الكسائي (٣) والأخفش سعيد بن مسعدة النحوي (٤) ثلاث لغات ، أفّاً بالفتح والتنوين ، وأفٌ بالضم والتنوين ، وأفُ بالضم بغير تنوين ، وحكى الأخفش وحده لغة سابعة يقال : أفِّيْ بإِثبات الياء ، وقال بعضهم : إِنما يقال هي أفَّا بالألف كما يقال حبلى ولا يقال أُفِّيْ بالياء كما تقول العامة ، وحكى بعضهم أُفَّةً لهُ بالهاء ، وأُفْ بالتخفيف.

م

[ أم ] : الأمّ معروفة وتجمع على أُمّهات وأمَّات ، ويقال : إِن الأمهات للناس ، والأمات للبهائم ، قال الله تعالى : ( يَا بْنَ أُمَ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي )(٥) قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وأبو بكر عن عاصم بكسر الميم وهو اختيار أبي عبيد ، والباقون بالفتح ، قال الكسائي والفراء : تقديره يابن أماه ، قال البصريون : هذا خطأ لأن الألف خفيفة لا تحذف ولكن جُعل اسماً واحداً فصار كقولك : يا خمسة عَشرَ أقبِلوا ، وقد تخفف همزة أم فيقال : ويل امه.

وأصل كل شيء : أُمُّهُ. قال الله تعالى : ( وَإِنَّهُ فِي أُمِ الْكِتابِ )(٦) ، أي أصل الكتاب ، وأمّ الطريق : معظمه ، ويقال

__________________

(١) هو عاصم بن أبي النجود ، من كبار القراء السبعة ، توفي عام ( ١٢٧ ه‍ ).

(٢) تقدمت ترجمته.

(٣) هو علي بن حمزة البصري ـ المعروف بالكسائي ـ من كبار العلماء في اللغة والأدب ، توفي عام ( ٣٧٥ ه‍ ).

(٤) وهو الأخفش الأوسط ، من العلماء باللغة والأدب ، من كتبه ( تفسير معاني القرآن ) توفي عام ( ٢١٥ ه‍ ).

(٥) سورة طه ٢٠ من الآية ٩٤ ( قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) وانظر فتح القدير ( ٢ / ٢٣٧ ) في تفسير الآية ١٥٠ من سورة الأعراف / ٧ ( .. وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي ... ).

(٦) سورة الزخرف ٤٣ من الآية ٤ وتمامها ( .... لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ).

١١٩

لمكة : أمّ القرى قال تعالى : ( لِتُنْذِرَ أُمَ الْقُرى )(١) أي أهل أم القرى.

ويقال لصنعاء : أم اليمن.

وأم مثواك : صاحبة منزلك.

ورئيس القوم : أمهم.

ويقال لراية الجيش : أم ، لتقدمها واتباع الجيش لها. قال (٢) :

على رأسِهِ أمٌ ، لنا نقتدي بها

جِماعُ أُمورٍ لا نُعاصي لها أمرا

ويقال لما تقدم من عمر الإِنسان : أمٌ.

قال (٣) :

إِذا كانت الخمسون أُمَّك لم يكن

لدائِك ـ إِلّا أن تموت ـ طبيبُ

ويقال لفاتحة الكتاب : أُمُ الكتاب لتقدمها ، وأُمّ الكتاب أيضاً : اللوح المحفوظ في قوله تعالى : ( وَإِنَّهُ فِي أُمِ الْكِتابِ )(٤).

ويقال : إِنّ أُمَ الرمح لواؤه الذي يُلَفّ عليه.

ويقال للمفازة البعيدة : أُمُ التَّنَائف.

ويقال للجلدة التي تجمع الدماغ : أُمٌ.

ويقال للضّبع : أُمُ الطريق.

* * *

و [ فُعْلة ] بالهاء

ف

[ أُفَّة ] يقال : أُفَّةً له أي أُفّاً له.

__________________

(١) سورة الشورى ٤٢ من الآية ٧ ( وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها ... ) الآية.

(٢) البيت لذي الرمة ، ديوانه ( ٣ / ١٤٤٦ ) وفي روايته « له » مكان « لنا » ـ في صدر البيت ـ و « له » أيضاً مكان « لها » ـ في العجز ـ. وانظر تخريجه واختلاف ألفاظه في الديوان.

(٣) البيت من أبيات لأبي محمد عبد الله بن أيوب التيمي ، وأوْرَدَ في الأغاني ( ٢٠ / ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٦ ) أبياتاً منها وجاء فيها :

اذ ذهب القرن الذي فيهم

وخلقت فى قرن فأنت غريب

وان امرا قد سار خمسين حجة

الى منهل من ورده لقريب

(٤) من الآية : ٤ من سورة الزخرف : ٤٣.

١٢٠