الخلفاء الإثنا عشر

الدكتور الشيخ جعفر الباقري [ سامي صبيح علي ]

الخلفاء الإثنا عشر

المؤلف:

الدكتور الشيخ جعفر الباقري [ سامي صبيح علي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-03-X
الصفحات: ٢٣٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

بعضاً ، أيُّها الناس ، إنَّكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب رجلاً لم تجدوا رجلاً من ولد نبي غيري ، وغير أخي) ١.

ويكفي لخط أهل البيت (عَلَيهمُ السَّلامُ) فخراً ، واعتزازاً ، وذبّاً عن الإسلام ، ومبادئه ، ما قدَّمه الإمام الحسين بن علي الشهيد (عَليهِ السَّلامُ) من تضحيات ، وبطولات ، في واقعة (كربلاء) ، وكفى بهذا الحدث العظيم تجسيداً للنهج الذي أشرنا إليه ، من مقارعة الطواغيت والظلمة ، وعدم قبول حكمهم ، فقد إنطلق الإمام الحسين (عَليهِ السَّلامُ) من خلال مواقفه ، وتضحياته في (الطف) ، من موقع الأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، ووجد أنَّ من الازم عليه أن يريق دمه في سبيل الله (جَلَّ وَعَلا) ، ويقدِّم لأجل ذلك أبناءه وأهل بيته وخيرة أصحابه ، ليلقِّن الأجيال دروس الجهاد والبليغة ، وعبر الذبِّ عن حريم الإسلام بكلّ غالٍ ونفيس ، ومواجهة الطغاة والظالمين ، بكلّ ما تحمله المواجهة من مواقف وتضحيات.

وتضيق بنا الصفحات فيما لو أردنا أن نسطر ما خطه السبط الشهيد (عَليهِ السَّلامُ) من ممارسات عمليَّة في سبيل إدامة هذا النهج وإعلائه ، ولكننا لا نجد وسعاً في ذكر بعض ما نقل عنه ، من مآثر هذا الشأن ، تعزيزاً لما نقول.

جاء في رسالة بعثها الإمام الحسين (عَليهِ السَّلامُ) إلى أخيه (محمد بن الحنفية) موضِّحاً دوافع ثورته ، وأهداف خروجه :

(لم أخرج أشراً ، ولا بطراً ، ولا مفسداً ، ولا ظالماً ، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة محمد رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ، أريد أن آمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، وأسير سيرة جدي وأبي) ٢.

______________________

(١) الكاشاني ، محمد بن المحسن ، معادن الحكمة ، ج : ٢ ، ص : ٢٤.

(٢) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج : ٤٤ ، ص : ٣٢٩ ، ومقتل الحسين (عَليهِ السَّلامُ) للخوارزمي ، ج : ١ ، ص : ٨٨.

٢٠١

وبعد بيان رفضه لبيعة (يزيد بن معاوية) يقول (عَليهِ السَّلامُ) :

(ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، قاتل النفس المحرَّمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله) ١.

ويعرِّف الإمام الحسين (عَليهِ السَّلامُ) الأمَّة على المواصفات التي ينبغي أن تتوفر الحاكم الشرعي ، من خلال رسالة له إلى أهل (الكوفة) يقول فيها :

(فلعمري ، ما الإمام إلّا الحاكم بالكتاب ، القائم بالقسط ، الدائن بدين الحق ، الحابس نفسه على ذات الله) ٢.

وكتب (عَليهِ السَّلامُ) إلى زعماء البصرة قائلاً :

(إنّي أدعوكم إلى كتاب الله ، وإلى سنَّة نبيه (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ، فإنَّ السنَّة قد أُميتت ، والبدعة قد أُحيت ، فإن تجيبوا دعوتي ، وتطيعوا أمري ، أهدكم إلى سبيل الرشاد) ٣.

وعندما فرغ (عَليهِ السَّلامُ) من وداع جده رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) عند الخروج من المدينة ، ناجى الإمام الحسين (عَليهِ السَّلامُ) ربَّه بالقول :

(اللهمَّ هذا قبر نبيك محمد (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ، وأنا إبن بنت نبيك ، وقد حضرني من الأمر ما قد علمت ، اللهمَّ إنِّي أحب المعروف ، وأنكر المنكر ، وأنا أسألك يا ذا الجلال

______________________

(١) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج : ٤٤ ، ص : ٣٢٥ ، ومقتل الحسين (عَليهِ السَّلامُ) لابن طاووس ، ص : ١١.

(٢) المفيد ، محمد بن النعمان ، الإرشاد ، ج : ٢ ، ص : ٣٩.

(٣) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج : ٤٤ ، ص : ٣٤٠ ، ومقتل الحسين (عَليهِ السَّلامُ) لعبد الرزاق المقرم ، ص : ١٤١ و ١٤٢.

٢٠٢

والإكرام ، بحقِّ القبر ومن فيه ، إلّا ما إخترت لي ما هو لك رضىً) ١.

وخطب الإمام الحسين (عَليهِ السَّلامُ) بأصحابه قبل الوصول إلى (كربلاء) قائلاً :

(إنَّه قد نزل ما ترون من الأمر ، وإنَّ الدنيا قد تنكَّرت ، وتغيَّرت ، وأدبر معروفها ، واستمرت ، حتى لم يبقَ منها إلّا صبابة كصبابة الإناء ، وإلّا خسيس عيش كالمرعى الوبيل.

ألا ترون إلى الحق لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً) ٢.

وبعد واقعة (كربلاء) ومقتل الإمام الحسين (عَليهِ السَّلامُ) وقف الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عَليهِ السَّلامُ) أمام حشود أهل المدينة قائلاً :

(والله ، ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، أنَّه رجل ينكح أمهات الأولاد ، والبنات ، والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة) ٣.

وجاء في (رسالة الحقوق) للإمام زين العابدين (عَليهِ السَّلامُ) :

(وأمّا حقُّ سائسك بالملك : فأن تطيعه ولا تعصيه ، إلّا فيما يسخط الله عزَّ وجلَّ ، فإنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأمّا حق رعيتك بالسلطان : فأن تعلم أنَّهم صاروا رعيتك ، لضعفهم وقوتك ، فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد

______________________

(١) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج : ٤٤ ، ص : ٣٢٨ ، والوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين (عَليهِ السَّلامُ) لـ (عبد الكريم القزويني) ، ص : ٤٥.

(٢) ابن شهراشوب ، المناقب ، ج : ٤ ، ص : ٦٨ ، وبحار الأنوار للمجلسي ، ج : ٤٤ ، ص : ١٩١ ، عنه ، وابن طاووس في مقتل الحسين (عَليهِ السَّلامُ) ، ص : ٣٢ ـ ٣٣.

(٣) الذهبي ، شمس الدين ، تأريخ الإسلام ، ج : ٢ ، ص : ٣٥٦.

٢٠٣

الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عزَّ وجلَّ على ما آتاك من القوة عليهم) ١.

وفي نفس الإتجاه السابق نجد أن أقوال وممارسات الإمام محمد بن علي الباقر (عَليهِ السَّلامُ) تشخص معالم الحكم الإسلامي الصحيح ، والشروط والمواصفات التي ينبغي توفرها في الحاكم الإسلامي الرائد ، فقد سئل الإمام محمد الباقر (عَليهِ السَّلامُ) عن أعمال حكام الجور ، فقال (عَليهِ السَّلامُ) :

(لا ، ولا مدة قلم) ٢.

وروي عن (أبي بكر الحضرمي) أنَّه قال :

(لما حمل أبو جعفر إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه ، قال هشام لأصحابه :

ـ إذا سكتُّ من توبيخ محمد بن علي ، فلتوبخوه.

ثم أمر أن يؤذن له ، فلما دخل عليه أبو جعفر قال بيده : السلام عليكم ، وأشار بيده ، فعمَّهم جميعاً بالسلام ، ثمَّ جلس ، فازداد هشام عليه حنقاً بتركه السلام بالخلافة ، وجلوسه بغير إذن ، فقال :

ـ يا محمد بن علي ، لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ، ودعا إلى نفسه ، وزعم أنَّه الإمام سفهاً ، وقلة علم.

وجعل يوبخه.

فلما سكت هشام ، أقبل القوم عليه رجلاً بعد رجل يوبخه ، فلمّا سكت القوم نهض الإمام (عَليهِ السَّلامُ) قائماً ثم قال :

______________________

(١) رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين السجاد (عَليهِ السَّلامُ).

(٢) الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ج : ١٧ ، ص : ١٧٩.

٢٠٤

ـ أيها الناس أين تذهبون ؟ وأين يراد بكم ؟ بنا هدى الله أولكم ، وبنا يختم آخركم ، فان يكن لكم ملك معجل ، فانَّ لنا ملكا مؤجلاً ، وليس من بعد ملكنا ملك ، لأنّا أهل العاقبة ، ويقول الله عزَّ وجلَّ : (والعاقبة للمتقين).

فأمر به هشام إلى الحبس ، فلمّا صار في الحبس تكلم ، فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه وحسن عليه ، فجاء صاحب الحبس إلى هشام ، وأخبره بخبره ، فأمر به فحمل على البريد ، هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة) ١.

وورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عَليهِ السَّلامُ) أنَّه قال :

(من عذر ظالماً بظلمه سلَّط الله عليه من يظلمه ، فإن دعا لم يستجب له ، ولم يأجره الله على ظلامته) ٢.

وورد عنه (عَليهِ السَّلامُ) أيضاً أنَّه قال :

(العامل بالظلم ، والمعين له ، والراضي به ، شركاء ثلاثتهم) ٣.

وأراد الخليفة العباسي (أبو جعفر المنصور) أن يستميل الإمام الصادق (عَليهِ السَّلامُ) إلى جانبه ، فكتب إليه :

ـ (لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس ؟ فأجابه الصادق (عَليهِ السَّلامُ) :

______________________

(١) ابن شهراشوب ، المناقب ، ج : ٤ ، ص : ١٨٩ ، وسيرة النبي وأهل بيته (عَليهِمُ السَّلامُ) ، مؤسسة البلاغ ، ج : ٢ ، ص : ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، عنه ، ورويت هذه الحادثة بألفاظ متفاوتة ، في بحار الأنوار للمجلسي ، ج : ٤٦ ، باب : خروجه (عَليهِ السَّلامُ) إلى الشام ، ودلائل الإمامة للطبري ، وتفسير علي بن إبراهيم ، وغيرها

(٢) الكليني ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٣٣٤.

(٣) الكليني ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٣٣٣.

٢٠٥

ـ ليس لنا ما نخافك من أجله ، ولا عندك من أمرٍ الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنّيك ، ولا تراها نقمة فنعزّيك بها ، فما نصنع عندك ، فكتب إليه المنصور :

ـ تصحبنا لتنصحنا ، فأجابه الصادق (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك) ١.

وقال (عَليهِ السَّلامُ) بصدد حكام الجور أنَّه قال لأحد أصحابه المسمي (عذافر) :

(يا عذافر ، نبئت أنَّك تعامل أبا أيوب والربيع ، فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة).

وقال (عَليهِ السَّلامُ) في نفس الموضوع :

(لا تعنهم على بناء مسجد).

ومن مواقف الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عَليهِ السَّلامُ) في هذا المجال أنه كان أحد أصحابه الذي يسمى (صفوان الجمال) يكري جماله إلى الخليفة العباسي (هارون الرشيد) ، فروى لنا أنَّ الإمام (عَليهِ السَّلامُ) قال له ذات مرة :

ـ (ياصفوان ! كلّ شيء منك حسن جميل ، ما خلا شيئاً واحداً ، فقلت :

ـ جعلت فداك أي شيء ؟ قال (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ إكراؤك جمالك من هذا الرجل ـ أي هارون الرشيد ـ قلتُ :

ـ والله ما أكريته أشراً ، ولا بطراً ، ولا لصيد ، ولا للهو ، ولكنّي أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكة ـ ولا أتولاه بنفسي ، ولكن أنصب إليه غلماني ، فقال الإمام (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ يا صفوان أيقع كراؤك عليهم ؟ قلتُ :

______________________

(١) الأربلي ، كشف الغمة ، ج : ٢ ، ص : ٤٢٠ ، وبحار الأنوار للمجلسي ، ج : ٤٧ ، ص : ١٨٤ عنه ، والإمام الصادق (عَليهِ السَّلامُ) لـ (محمد أبو زهرة) ، ص : ١٣٩.

٢٠٦

ـ نعم جعلت فداك ! فقال الإمام (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ أتحبُّ بقاءهم حتى يخرج كراؤك ؟ قلتُ :

ـ نعم ، فقال (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ فمن أحبَّ بقاءهم فهو منهم ، ومن كان منهم ورد النار.

قال (صفوان) : فذهبت وبعت جمالي عن آخرها ، فبلغ ذلك إلى (هارون) فدعاني ، فقال لي :

ـ يا صفوان ! بلغني أنَّك بعت جمالك ؟ فقلت :

ـ نعم ، فقال :

ـ لم ؟ قلت :

ـ أنا شيخ كبير ، وإنَّ الغلمان لا يفون بالأعمال ، فقال (هارون) :

ـ هيهات ، إنِّي لأعلم من أشار عليك بهذا ، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر ، فقلت :

ـ مالي ولموسى بن جعفر! فقال (هارون) :

ـ دع هذا عنك ، فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك) ١.

وروي عنه (عَليهِ السَّلامُ) أنَّه قال لواحد من أصحابه يسمى (زياد بن أبي سلمة) :

ـ (يا زياد إنك لتعمل عمل السلطان ؟ قال قلت :

ـ أجل ، قال لي :

ـ ولم ؟ قلت :

ـ أنا رجل لي مروَّة ، وعلي عيال ، وليس وراء ظهري شيء ، فقال (عَليهِ السَّلامُ) لي :

______________________

(١) الطوسي ، أبو جعفر ، اختيار معرفة الرجال المعروف بـ (رجال الكشي) ، ترجمة رقم ٨٢٨ ، ص : ٤٤١ ، والمجلسي في بحار الأنوار ، ج : ٧٥ ، ص : ٣٧٦ عنه ، ومعجم رجال الحديث لأبي القاسم الخوئي ، ج : ٩ ، ص : ١٢٢.

٢٠٧

ـ يا زياد لأن أسقط من حالق فاتقطع قطعة أحبّ إليّ من أن أتولى لأحدٍ منهم عملاً ، أو أطأ بساط أحدهم ، إلّا لماذا ؟! قلت :

ـ لا أدري جعلت فداك ، فقال (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ إلا لتفريج كربة عن مؤمن ، أو فكّ أسره ، أو قضاء دينه.

يا زياد ! إنَّ أهون ما يصنع الله بمن تولى لهم عملاً أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق) ١.

وتحدث الإمام علي بن موسى الرضا (عَليهِ السَّلامُ) عن مواصفات الإمام وشرائط الإمامة بالقول :

(إنَّ الإمامة حظي بها إبراهيم الخليل (عَليهِ السَّلامُ) بعد النبوة ، والخلافة مرتبة ثانية ، وفضيلة شرَّفه الله بها ، وأشاد بها ذكره ، فقال جلَّ وعزَّ :

وإذا تبلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهنَّ قال إنيِّ جاعلك للناس إماماً.

قال الخليل سروراً بها :

قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ٢.

فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم ، إلى يوم القيامة ، وصارت في الصفوة.

إنَّ الإمام زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعزّ المؤمنين.

الإمام أسُّ الإسلام النامي ، وفرعه السامي.

______________________

(١) الكليني ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج : ٥ ، ص : ١٠٩ ـ ١١٠.

(٢) البقرة / ١٢٤.

٢٠٨

بالإمام تمام الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وتوفير الفيء ، والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف.

الإمام يحلل حلال الله ، ويحرّم حرامه ، ويقيم حدود الله ، ويذبّ عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل الله ، بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، والحجَّة البالغة.

الإمام الأمين الرفيق ، والوالد الشفيق ، وكالأم البرَّة بالولد الصغير ، ومفزع العباد.

الإمام أمين الله في أرضه وخلقه ، وحجَّته على عباده ، وخليفته في بلاده ، والداعي إلى الله ، والذابّ عن حريم الله.

الإمام مطهَّر من الذنوب ، مبرَّأ من العيوب ، مخصوص بالعلم ، موسوم بالحلم ، نظام الدين ، وعزّ المسلمين ، وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين.

نامي العلم ، كامل الحلم ، مضطلع بالأمر ، عالم بالسياسة ، مستحق للرئاسة ، مفترض الطاعة ، قائم بأمر الله ، ناصح لعباد الله) ١.

وقد سأل (سليمان الجعفري) الإمام علي بن موسى الرضا (عَليهِ السَّلامُ) عن أعمال السلطان فأجابه بالقول :

(يا سليمان ! الدخول في أعمالهم ، والعون لهم ، والسعي في حوائجهم ، عديل الكفر) ٢.

______________________

(١) الكليني ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج : ١ ، ص : ٢٠٢ ، وسيرة رسول الله وأهل بيته ، مؤسسة البلاغ ، ج : ٢ ، ص : ٤٣٦ ـ ٤٣٧.

(٢) الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ج : ٦ ، ص : ١٣٨.

٢٠٩

وقال الإمام محمد بن علي الجواد (عَليهِ السَّلامُ) :

(العامل بالظلم ، والمعين عليه ، والراضي به شركاء) ١.

وقال (عَليهِ السَّلامُ) :

(يوم العدل على الظالم أشدُّ من يوم الجور على المظلوم) ٢.

وهكذا نقرأ نفس الأسلوب وعين المضامين السابقة في أحاديث وممارسات الإمام محمد بن علي الجواد (عَليهِ السَّلامُ) ، والإمام علي بن محمد الهادي (عَليهِ السَّلامُ) ، والإمام الحسن بن علي العسكري (عَليهِ السَّلامُ) ، وأمّا الخليفة محمد بن الحسن المهدي (عَليهِ السَّلامُ) ، فسيرتُه في إقامة القسط والعدل ، واستئصال الظلم والجور ، لهي من أوضح الواضحات ، وأجلى المسلَّمات.

ومضافاً إلى كلّ ذلك ، فقد مارس (الخلفاء الإثني عشر) أسلوباً عمليّاً في مواجهة الطواغيت ، يتمثل بإسناد وتأييد الثورات الشعبية المخلصة ، التي تفصح عن التحدّي الجماهيري بين الحين والآخر ، وتحاول من خلال الجهاد المسلّح من أن تطيح بحكومات الجور والضلال ، وتقيم حكم الله وشريعته المقدسة بدلاً من ذلك.

إنّ (الخلفاء الإثني عشر) ، ومن موقع مسؤوليتهم في الدين والمجتمع ، لا بدَّ أن يقولوا كلمتهم بالنسبة إلى هذه الثورات المسلَّحة ، ويبيِّنوا رأيهم فيها ، لكي تتشخص الرؤية لدى المسلمين ، ويعرفوا حقيقة الموقف الذي يتبناه هؤلاء الخلفاء ، اتجاه الجبابرة والسلاطين.

ومن غير الخفي أنَّه ليس من الضروري أن يقع التطابق الكامل في رؤية خلفاء الرسول (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) مع الناهضين بهذه الثورات البطولية ، وأن يتم التوافق في جميع الطموحات والأهداف ، لأنَّ هذا مما يختلف باختلاف دوافع الثورة ووسائلها

______________________

(١) الصدوق ، أبو جعفر ، الخصال ، ج : ١ ، باب الثلاثة ، رواية : ٧٢ ، ص : ١٠٧ ، والوسائل للحر العاملي ، ج : ١٦ ، ص : ١٤٠ ، والفصول المهمة لابن الصبّاغ المالكي ، ص : ٢٧٤.

(٢) المالكي ، ابن الصباغ ، الفصول المهمة ، ذكر أبي جعفر الجواد.

٢١٠

وغايتها ، ولكنَّ المهم هو أن يقع التوافق على مستوى رفض كلّ ما لم يحكم باسم الإسلام ، ومبادئه ، وتشريعاته ، ويكون التأييد الصادر عنهم (عَليهِ السَّلامُ) عند إطلاقه تأييداً لهذا الخطّ العام ، والنهج العريض ، الذي تلتقي فيه الرؤى عند هذا الهدف الإسلامي الكبير.

ومن النماذج التأريخية التي تطلّ علينا في هذا المجال تأييد الإمام جعفر بن محمد الصادق (عَليهِ السَّلامُ) لثورة (زيد بن علي) الذي خرج ضد الحكم الأموي ، إذ نراه (عَليهِ السَّلامُ) يقول :

(ولا تقولوا خرج زيد ، فإنَّ زيداً كان عالماً ، وكان صدوقاً ، ولم يدعكم إلى نفسه ، إنَّما دعاكم إلى الرضا من آل محمد (عَليهِ السَّلامُ) ، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه) ١.

وفي الحقيقة إنَّ في قول الإمام الصادق (عَليهِ السَّلامُ) هذا تأييد للدوفع التي دعت إلى قيامها من الأساس ، وإقرارا لمشروعيتها الدينية ، بإعتبار أنَّها إكتسبت هذه الشرعية من خلال كونها وسيلة لتسليم الحكم إلى أهله المستحقين له واقعياً ، وهم أهل البيت (عَليهمُ السَّلامُ) ، وليست دعوة تقوم على أساس السيطرة الفردية ، والطموحات الشخصية.

ويعزّز لنا الإمام الصادق (عَليهِ السَّلامُ) هذه الحقيقة أيضاً بالقول لـ (فضيل) :

ـ (يا فضيل شهدتَ مع عمي قتال إهل الشام ؟ فقال فضيل :

ـ نعم ! قال (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ فكم قتلتَ منهم ! قال فضيل :

ـ ستة. قال (عَليهِ السَّلامُ) :

______________________

(١) الكليني ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج : ٨ ، رواية : ٣٨١ ، ص : ٢٦٤ ، ووسائل الشيعة للحر العاملي ، ج : ١٥ ، ص : ٥٠ ، عنه.

٢١١

ـ فلعلَّك شاكٌّ في دمائهم ؟ قال :

ـ لو كنتُ شاكّا ما قتلتهم ، قال : فسمعته وهو يقول (عَليهِ السَّلامُ) :

ـ أشركني ، أشركني الله في تلك الدماء ، مضى والله زيد عمي وأصحابه شهداء ، مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ) وأصحابه) ١.

وهكذا كان موقف الإمام علي بن موسى الرضا (عَليهِ السَّلامُ) من هذه الثورة ، فقد سجل لنا التأريخ عنه هذه الكلمات في غضون الحديث عن (زيد) وثورته :

(إنَّه كان من علماء آل محمد (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ، غضب لله عزَّ وجلَّ ، فجاهد أعداءه ، حتى قُتل في سبيله ، ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر (عَليهِ السَّلامُ) أنَّه سمع أباه جعفر بن محمد بن علي (عَليهِ السَّلامُ) يقول :

رحم الله عمي زيداً ، إنَّه دعا إلى الرضا من آل محمد (عَليهِ السَّلامُ) ، ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ، إنَّه قال : أدعوكم إلى الرضا من آل محمد (عَليهِ السَّلامُ)) ٢.

ومضى أنَّ (زيداً) كان يدعو إلى الرضا من آل محمد (عَليهِ السَّلامُ) ، وأنَّه كان ينوي تسليم الأمر والحكم بعد نجاح الثورة إلى خيرة آل محمد وأفضلهم ، وكان إذ ذاك يعتقد بأنَّ أخاه محمداً الباقر (عَليهِ السَّلامُ) هو إمام عصره ، وأنَّه هو الشخص المتأهل لحمل هذا العبء ، والقيام بالمسؤولية المترتبة عليه ، وبناءاً على هذا التصور الذي كان

______________________

(١) الصدوق ، أبو جعفر ، الأمالي ، ص : ٢٨٦ ، وبحار الأنوار للمجلسي ، ج : ٤٦ ، ص : ١٧١ ، عنه ، ومجلة المنطلق ، العدد : ٥٤ ، ص : ٣٦ ، عام ١٤٠٩هـ ، وعيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ، ج : ١ ، ص : ٢٢٨.

(٢) الصدوق ، أبو جعفر ، عيون أخبار الرضا (عَليهِ السَّلامُ) ، ج : ١ ، ص : ٢٢٥ ، وسائل الشيعة للحر العاملي ، ج : ١٥ ، ص : ٥٤ ، عنه.

٢١٢

يحمله (زيد) اتجاه أخيه الباقر (عَليهِ السَّلامُ) ، نراه يستشيره في أمر الخروج ، ليجد أنَّ الإمام الباقر (عَليهِ السَّلامُ) يخبره بما رواه عن جده رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) بخصوص مدة ملك بني أمية ، وما يعلمه من أنَّ أخاه سوف يُقتل ويُصلب إن هو فعل ذلك ، أمّا هو (عَليهِ السَّلامُ) فقد آثر أن يتجه في مسارٍ آخر يحفظ فيه تعاليم الإسلام وحدوده ، من خلال عطائه الفكري الجبّار الذي خلَّفه بين يدي المسلمين ، على أن لا يحرم أخاه الثائر التأييد ، والمساندة ، والإجلال ، ولنقرأ لـ (المسعودي) في (مروج الذهب) النصَّ الذي يقول :

(وقد كان زيد بن علي على شاور أخاه أبا جعفر الباقر بن علي بن الحسين بن علي ، فأشار عليه بأن لا يركن إلى أهل الكوفة ، إذ كانوا أهل غدرٍ ومكر ، وقال له :

ـ وبها قُتل جدك علي ، وبها طُعن عمُّك الحسن ، وبها قُتل أبوك الحسين ، وفيها وفي أعمالها شُتمنا أهل البيت.

وأخبره بما كان عنده من العلم في مدة ملك بني مروان ، وما يتعقبهم من الدولة العباسية ، فأبى إلّا ما عزم عليه من المطالبة بالحق ، فقال له :

ـ إنِّي أخاف عليك يا أخي أن تكون غداً المصلوب بكناسة الكوفة.

وودعه أبو جعفر ، وأعلمه أنَّهما لا يلتقيان) ١.

ونرى أنَّ (أبا الفرج الإصفهاني) يثبِّت لنا في (مقاتل الطالبين) حقيقة إجلال الإمام محمد الباقر (عَليهِ السَّلامُ) لأخيه (زيد) ، وحبه وإحترامه إيّاه ، عندما يقول على لسان أحد أصحاب الإمام الصادق (عَليهِ السَّلامُ) :

______________________

(١) المسعودي ، مروج الذهب ، ج : ٣ ، ص : ٢٠٦.

٢١٣

(رأيت محمد بن علي يمسك لزيد بن علي بالركاب ـ أي ركاب الفرس ـ ويسوي ثيابه على السرج) ١.

ومن المواقف الأخرى التي ساند فيها (الخلفاء الإثني عشر) الثورات المخلصة ضد الطواغيت ، موقف الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عَليهِ السَّلامُ) من ثورة الحسين بن علي بن الحسن ، الذي أستشهد في (فخ) بالقرب من مكة ، عندما سار نـحوها في عهد الخليفة العباس الهادي ، بعد أن أعلن ثورته في المدينة المنورة.

فنرى أن الإمام الكاظم (عَليهِ السَّلامُ) كان يقول له عندما رآه عازماً على الخروج :

(إنَّك مقتول ، فأحدَّ الضراب ، فإنَّ القوم فسّاق ، يظهرون إيماناً ، ويضمرون نفاقاً وشركاً ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، وعند الله أحسبكم من عصبة) ٢.

وفي الوقت الذي سمع فيه الإمام موسى الكاظم (عَليهِ السَّلامُ) بمقتل الحسين (صاحب فخ) نعاه بالقول :

(إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى واللهِ مسلماً ، صالحاً ، صوّاماً ، قوّاماً ، آمراً بالمعروف ، ناهياً عن المنكر ، ما كان في أهل بيته مثله) ٣.

ناهيك في كل هذا وذاك ما تعرض له نفس هؤلاء (الخلفاء الاثني عشر) طيلة حياتهم الكريمة (عَليهِ السَّلامُ) من ألوان القسر ، والمتابعة ، والسجن ، والتشريد ، على أيدي حكّام الضلال ، فان هذا مما تضيق به الكتب فيما لو أردنا التعرّض له بتفصيل.

______________________

(١) الأصفهاني ، أبو الفرج ، مقاتل الطالبيين ، ص : ١٢٩.

(٢) الكليني ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، ج : ١ ، ص : ٣٦٦ ، وبحار الأنوار للمجلسي ، ج : ٤٨ ، ص : ١٦٠ ، عنه.

(٣) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، ج : ٤٨ ، ص : ١٦٥ ، عن مقاتل الطالبيين.

٢١٤

وعلى أيَّة حال فما دام الأمر كذلك فلابدَّ لمن تقلد كرسي الحكم بالغلبة والإكراه من أن يطمس كلَّ أثرٍ يمتُّ إلى هذا المنهج بصلةٍ ، ويقطع علاقة الأمَّة بجميع السبل التي تفتح أمامهم أبواب هذه الثقافة ، ولا يمكن أن يتمَّ ذلك إلّا عن طريق سلخ صفة الشرعية عن هؤلاء (الخلفاء الإثني عشر) بمختلف الأساليب.

٢١٥
٢١٦

٢١٧
٢١٨

فهرس مصادرِ البحثِ مصدَّراً بأشرفِ الذكرِ وأقدسِ الكتبِ (القرآنِ الكريمِ)

١ ـ إختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ، أبو جعفر الطبري ، تحقيق : ميرداماد الإسترآبادي ، تحقيق : مهدي الرجائي ، قم ، إيران ، ١٤٠٤ هـ.

٢ ـ الأربعين ، محمد طاهر القمّي الشيرازي ، قم ، إيران.

٣ ـ إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، أبو العباس شهاب الدين أحمد القسطلاني ، بيروت ، لبنان ، دار الفكر ، الطبعة الأولى ، ١٤١٣ هـ.

٤ ـ إرشاد في معرفة حجج العباد ، أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (المفيد) (٣٦٣ ـ ٤١٣) هـ ، تحقيق : مؤسسة آل البيت لتحقيق التراث ، قم ، إيران.

٥ ـ إحقاق الحق وإزهاق الباطل ، نور الله الحسيني المرعشي التستري (١٠١٩) هـ ، تعليق : شهاب الدين النجفي ، قم ، إيران ، مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي ، ١٣٧٦ هـ.

٦ ـ أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، عزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري (٦٣٠) هـ ، بيروت ، لبنان ، دار إحياء التراث العربي.

٧ ـ الأُصول من الكافي ، أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني (٣٢٨ ـ ٣٢٩) هـ ،

٢١٩

تعليق : علي أكبر الغفاري ، طهران ، إيران ، دار الكتب الإسلامية ، الطبعة الخامسة ، ١٣٦٣ ش.

٨ ـ أمالي الشيخ الصدوق (المجالس) ، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (الصدوق) (٣٨١) هـ ، بيروت ، لبنان ، مؤسسة الأعلمي ، الطبعة الخامسة ، ١٤١٠ هـ ـ ١٩٩٠ م.

٩ ـ إثبات الهداة ، الحرّ العاملي ، قم ، إيران.

١٠ ـ أهل البيت (عَلَيهمُ السَّلامُ) في آية التطهير ، جعفر مرتضى العاملي ، قم ، إيران.

١١ ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، محمد باقر المجلسي ، (١١١١) هـ ، تحقيق : محمد باقر المحمودي ، بيروت ، لبنان ، دار إحياء التراث العربي ، ط : ٢ ، ١٩٨٣ م.

١٢ ـ التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ، الشيخ منصور علي ناصيف ، بغداد ، دار ومكتبة الهلال ، ١٩٨٦ م.

١٣ ـ تأريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (السيرة النبوية) ، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (٧٤٨) هـ ، تحقيق : د. عمر بن عبد السلام تدمري ، بيروت ، لبنان ، دار الكتاب العربي ، الطبعة الثانية ، ١٤٠٩ هـ ـ ١٩٨٩ م.

١٤ ـ تأريخ بغداد ، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (٤٦٣) هـ ، بيروت ، لبنان ، دار الكتاب العلمية.

٢٢٠