كتاب السرائر - ج ٣

أبي جعفر محّمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي

كتاب السرائر - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محّمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٨٠

شيئا ولم يخلف الأخر شيئا ، فإنه ينتقل ميراث من له مال ، الى الذي ليس له شي‌ء ، ومنه ينتقل الى ورثته ، ولا ينتقل إلى ورثة الذي خلّف المال شي‌ء على حال.

وعلى هذا متى كان اخوان معتقان ، فماتا غرقا أو هدما ، ولم يعلم تقدّم موت أحدهما على الأخر ، ورث كل منهما صاحبه ، ولأحدهما مال ، والأخر لا مال له ، فإنه ينتقل تركة الذي له مال ، الى مولى الذي لا مال له ، لما قلناه ، ولا ترجيح في هذه المسألة لتقديم أحدهما على الأخر ، لأن ميراث كل واحد منهما من صاحبه على حد الأخر عند من رأى تقديم الأقوى.

والأولى عندي انه لا اعتبار بذلك.

وإذا كان ليس لأحدهما وارث غير صاحبه ، فميراثهما للإمام.

وإذا كان أحدهما يرث صاحبه ، والأخر لا يرثه ، فإنه لا يورث بعضهم من بعض ، ويكون ميراث كل واحد منهما لورثته ، مثال ذلك ان يغرق اخوان ، ولأحدهما أولاد ، والأخر لا ولد له ، فإنه لا توارث بينهما ، لأنّ مع وجود الولد لا يرث الأخ.

ومتى ماتا حتف أنفهما في وقت واحد ، لم يورث بعضهم من بعض ، لان ذلك انما يجوز في الموضع الذي يشتبه الحال فيه ، فيجوز تقديم موت أحدهما على صاحبه.

قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة : فصل في المعاياة ، ـ وهذا الفصل وضعه على رأي المخالف في مسائل العول ، والعول باطل على مذهبنا ، ومعنى المعاياة أن يأتي بشي‌ء لا يهتدى له ، وجمل عياياء إذا لم يهتد للضراب ، فأردت بجعلي هذا الكلمة هاهنا ان يفهم معنى المعاياة التي ذكرها شيخنا في مبسوطة ـ وإذا كان للرجل أربع نسوة ، فطلق واحدة منهن ، ثم تزوج بأخرى ، ثم مات ، ولم تتميز المطلقة من غيرها ، فإنه يجعل ربع الثمن للّتي تزوجها أخيرا ، لأنها متيقنة باستحقاقه ، وثلاثة أرباع الثمن بين الأربع نسوة (١) ، الأول اللاتي طلق واحدة منهن ، ولم يتميز منهن.

وإذا اجتمع جد أبي الميت وجدته من قبل أبيه ، وجد أبيه وجدته من قبل امه ،

__________________

(١) ج. النسوة.

٣٠١

وجد أم الميت وجدتها من قبل أبيها ، وجدها وجدتها من قبل أمّها ، ولا يجتمع هذه الثمانية الأجداد إلا بعد عدم الأجداد الذين يتقربون هؤلاء الثمانية بهم ، حتى يتقدر اجتماع هؤلاء ، فإذا قدّر ذلك ، كان لأجداد الأب الثلثان ، منهما ثلثا الثلثين للجد والجدة من قبل أبيه ، بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، والثلث الباقي وهو ثلث الثلثين للجد والجدة من قبل امه ، بينهما أيضا للذكر مثل حظ الأنثيين ، والثلث الباقي من أصل المال للجدين والجدتين من قبل الام ، النصف من ذلك وهو السدس من أصل المال ، للجد والجدة من قبل أبي أم الميت ، بينهما بالسوية ، والنصف الآخر بين الجد والجدة من قبل أمها أيضا ، بينهما بالسوية ، فهذه الفريضة مخرجها من ثلاثة ، لأن أقل ما له ثلثان وثلث صحيحان من ثلاثة ، فتنكسر على كل واحد من المستحقين ، فتضرب عدد رءوس الأجداد الذين من قبل الام وهم أربعة ، في أصل الفريضة ، فينكسر أيضا عليهم ، فتضرب أيضا تسعة في اثنى عشر ، فيرتقي الى مائة وثمانية أسهم ، منها الثلث للجدّين والجدتين من قبل أم الميّت ، وهو ستّة وثلاثون سهما ، للجد والجدّة من أبيها النصف من ذلك ، ثمانية عشر سهما لكل واحد منهما تسعة ، وللجدّ وللجدة من قبل أمّها النصف الباقي ، وهو ثمانية عشر سهما ، لكل واحد منهما تسعة ، لأن هؤلاء الأربعة يأخذ كل واحد منهم مثل ما يأخذه الآخر ، ذكرهم وأنثاهم سواء ، لأنهم من قبل الام ، ويبقى الثلثان من أصل المال وهو اثنان وسبعون سهما للجدين والجدتين من قبل أب الميت ، منهما الثلثان ، وهو ثمانية وأربعون سهما للجد والجدة من قبل أبيه ، للجد اثنان وثلاثون سهما ، وللجدة ستة عشر سهما ، والثلث (١) الباقي وهو أربعة وعشرون سهما ، للجد والجدة من قبل امه ، منها للجد ستة عشر سهما ، وللجدة ثمانية أسهم ، فذلك مائة وثمانية أسهم ، وقد استوفيت الفريضة ، فإن خلف الميت عمة لأب ، هي خالة لأم ، وعمة أخرى لأب ، وخالة لأب وأم ، كان للعمتين من قبل الأب الثلثان ، اثنى عشر من ثمانية عشر سهما لكل واحد منهما ستة ، وللخالة من الأم التي هي إحدى العمتين من

__________________

(١) ج. ل. وثلث.

٣٠٢

الأب ، سدس الثلث ، وهو واحد من ثمانية عشر ، فيصير معها سبعة ، وللخالة الأخرى من الأب والام ، خمسة أسهم من ثمانية عشر سهما ، فكأنما خلف عمتين لأب ، وخالتين ، احدى الخالتين لام ، والخالة الأخرى لأب ، أو لأب وأم ، فاصل الفريضة من ثلاثة ، لأن أقل مال له ثلثان صحيحان وثلث صحيح ثلاثة ، فتعطى العمتان الثلثين وهما سهمان ، وتعطى الخالتان سهما ينكسر عليهما ، وإحديهما تستحق مع الأخرى السدس ، لأنّها من الام ، فتضرب ستة في أصل الفريضة ، فتصير ثمانية عشر سهما فينقسم على ما قدمناه أولا.

فصل

في ذكر جمل تعرف بها سهام الفرائض وكيفيّة القسمة على الورّاث

مخرج النصف من اثنين ، والثلثين من ثلاثة ، ومخرج الربع من أربعة ، ومخرج السدس من ستة ، ومخرج الثمن من ثمانية.

فإن كان في الفريضة مع النصف سدس ، كانت من ستة ، فإن اجتمع معه ثمن أو ربع فهي من ثمانية ، فإن اجتمع ثلثان وثلث ، كانت من ثلاثة ، فإن كان فيها ربع وما يبقى ، أو ثمن ونصف وما يبقى ، فهي من ثمانية ، وان كان مع الربع ثلث أو سدس ، فهي من اثنى عشر ، فان كان مع الثمن ثلثان ، أو سدس ، كانت من أربعة وعشرين.

فإذا أردت إخراج السهام وقسمتها صحاحا فانظر الفريضة ، فإن كان فيها فرض مسمى ، إذا أخرجته لمستحقه ، كان الباقي وفقا لباقي الوراث ، فاقسمه عليهم ، ولست هاهنا تحتاج الى ضرب السهام بعضها في بعض.

مثال ذلك إنسان مات ، وخلف أباه وخمسة بنين ، فهذه من ستة ، لأن أقل عدد يخرج منه سدس صحيح فهو ستة ، للأب السدس من ذلك واحد ، ويبقى خمسة ، يقسم على البنين الخمسة ، لكل واحد منهم سهم ، وقد استوفيت الفريضة.

فان لم تجد السّهام وفقا على ما ذكرناه ، ووجدتها تنكسر إذا قسمتها ، فهي على ضربين ، أحدهما ان يكون في الفريضة فرض مسمّى ، والباقي لمن يبقى والآخران

٣٠٣

يكون فيها صاحب فرض مسمّى ، والباقي يرد على أصحاب تلك القسمة.

فإن كان ما تجده ينكسر وفيها صاحب مسمّى ، والباقي لمن يبقى ، وهو الضرب الأول ، فاخرج الفرض المسمى لصاحبه ، فإذا وجدت الباقي بعده ينكسر على من يبقى من الوراث ، فاضرب رءوسهم ـ اعنى عددهم لا عدد سهامهم ، ولا عدد مخارجها سوى عدد صاحب الفرض المسمى ـ في أصل الفريضة ، هذا إذا كان يستحق كل واحد مثل ما يستحقه صاحبه سواء ، ثم اقسم ذلك تجد السهام صحيحة.

مثال ذلك إنسان مات ، وترك أباه وثلاثة بنين ، فهذه من ستة ، يكون للأب من ذلك سدس ، يبقى خمسة أسهم لا تنقسم على البنين الثلاثة على الصحة ، فالوجه في ذلك ان تضرب عدد رءوسهم وهي ثلاثة ، في أصل الفريضة وهي ستة ، فتكون ثمانية عشر سهما للأب منها السدس ، ثلاثة أسهم ، وتبقى خمسة عشر سهما لكل واحد من البنين خمسة أسهم وقد استوفيت الفريضة على الصحة من غير انكسار.

ومثال آخر ، وهو رجل مات ، وخلف أبوين وخمس بنات ، للأبوين السّدسان ، سهمان من ستة ، تبقى أربعة أسهم لا تنقسم على صحة ، تضرب عدد البنات وهو خمسة في أصل الفريضة وهو ستة ، فيكون ثلاثين لكل واحد من الأبوين خمسة أسهم ، ولكل واحدة من البنات أربعة أسهم.

وان كان من بقي بعد الفرائض أكثر من واحد ، ولم تصح القسمة ، فاضرب عدد من له ما بقي ، في أصل الفريضة ، مثل أبوين وزوج وبنتين ، للزوج الرّبع ، وللأبوين السدسان ، تخرج من اثنى عشر ، تبقى بعد فرائضهم خمسة ، فتكسر على البنتين ، فتضرب عدد البنتين وهو اثنان ، في اثنى عشر ، فيكون أربعة وعشرين ، لكل واحد من الأبوين أربعة أسهم ، وللزوج ستة أسهم ، ولكل واحدة من البنتين خمسة أسهم.

فإن بقي بعد الفرائض ما يجب رده على أرباب الفرائض ، أو على بعضهم بعد فرائضهم ، ولم تصح القسمة فاجمع مخرج فرائض من يجب الرد عليه ، واضرب في أصل الفريضة ، مثل أبوين وبنت ، للأبوين السدسان ، وللبنت النصف ، ويبقى سهم واحد من ستة أسهم ، فتأخذ مخرج السدسين وهو الثلث من ثلاثة ، ومخرج

٣٠٤

النّصف من اثنين ، فيكون خمسة ، فتضرب في ستة وهو أصل الفريضة ، فيكون ثلاثين ، لكل واحد من الأبوين خمسة أسهم بالفرض ، وللبنت خمسة عشر سهما بالفرض ، وتبقى خمسة أسهم ، لكل واحد من الأبوين سهم واحد بالرد ، وللبنت ثلاثة أسهم بالرد.

فان كانت المسألة بحالها ، ووجب الرد على بعضهم ، بان يكون هناك اخوة وأخوات ، فإن عند ذلك لا تستحق الأم أكثر من السدس ، وما وجب من الرد عليها ، يتوفر على الأب ، فإنها تكون مثل الأوّل سواء ، غير ان السهم المردود على الام يوفر على الأب ، فيحصل للأب سبعة أسهم ، وللأم خمسة أسهم ، وللبنت ثمانية عشر سهما.

فان فرضنا ان المسألة فيها زوجة ، فإنها تستحق الثمن ، فتصح المسألة من أربعة وعشرين ، للأبوين السّدسان ثمانية ، وللبنت النّصف اثنى عشر ، وللزوجة الثمن ثلاثة ، بقي سهم يحتاج الى ان يرد على الأبوين والبنت ، دون الزوجة ، لأن الزوج والزوجة لا يستحقان في الرد شيئا ، فتضرب سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة وهي أربعة وعشرون ، تصير مائة وعشرين ، للزوجة الثمن خمسة عشر ، وللبنت النصف ستون ، وللأبوين السدسان أربعون ، بقي خمسة اعطى كل واحد من الأبوين سهما ، والثلاثة أسهم للبنت.

فان كان هناك من يحجب الام وفر سهمها من الرد على الأب ، فيحصل معه سهمان من الرد ، ولا شي‌ء للأم.

قال محمد بن إدريس ، وللفرضيّين طريقة أخرى في حساب هذا الباب وانكساره ، قالوا فان كان الباقي صحيحا فقد استغنيت عن ضربها ، فان انكسر عليك ، فانظر الى ما بقي بعد إخراج فرائضهم من السّهام ، هل يوافق سهام رءوسهم بشي‌ء من الاجزاء ، فان وافقها بشي‌ء من الاجزاء ، فاضرب مخرج ذلك الجزء الذي يوافقه في أصل المسألة ، ثم اقسم بينهم ، فإنه يصح ذلك مقسوما محررا ، فان كان الذي يوافقها أيضا ، فاضرب في اثنين ، ثم أقسم ، فإن كان الذي يوافقها أثلاثا ، فاضربه في ثلاثة في أصل المسألة ، ثم على هذا الاعتبار ابدا.

٣٠٥

وذلك ان يقال امرأة تركت زوجها وستة بنين ، فاصل هذه المسألة من أربعة أسهم ، لأنّ فيها ربعا وباقيا للزوج الربع واحد ، ويبقى ثلاثة أسهم للأولاد الستة ، لا تصح بينهم الّا مكسورا ، ويوافق الثلاثة الباقية لهم من الأسهم الستة التي هي سهام رءوسهم نصفا ، فتضرب اثنين وهو مخرج النّصف في أصل الفريضة ، وهي أربعة التي كانت أصل مسألتهم ، فتكون ثمانية ، فيخرج ربعها اثنين ، ويبقى ستة للبنين.

وكذلك أبوان وثلاثة بنين وبنتان ، فاصل المسألة من ستة ، لأن فيها سدسين للأبوين سهمان ، ويبقى أربعة على ثمانية وبعدد (١) سهام البنين والبنتين ، ويوافق الاثنين الأربعة أيضا (٢) فاضرب اثنين في أصل المسألة فتكون اثنى عشر سهما ، للأبوين السدسان ، ويبقى ثمانية.

فإن قيل لك ، امرأة تركت زوجها وثلاثة بنين وثلاث بنات ، فأصلها من أربعة ، لأن فيها ربعا ، للزوج الربع واحد ، ويبقى ثلاثة على تسعة بعدد سهام البنين والبنات ، ويوافق الثلاثة التسعة ثلاثا ، فتضرب ثلاثة في أربعة.

وكذلك امرأة وسبعة بنين وسبع بنات ، فهذه أصلها من ثمانية ، لأن فيها ثمنا ، للمرأة الثمن سهم ، يبقى سبعة على أحد وعشرين ، والسبعة توافق الأحد والعشرين أثلاثا ، وتضرب ثلاثة في ثمانية ، فتكون أربعة وعشرين ، فيخرج لهم حسابا صحيحا ، فهذا أصل هذا الفن قد نبهتك على مبسوطة ، فاعتبره واسبره (٣) فإنه أكثر من ان يحاط به.

فإذا كانت مسألة لا توافق ما يبقى شيئا من الأجزاء ، فاضرب عدد سهامهم في أصل المسألة ، تصح ان شاء الله تعالى ، وذلك ان يقال لك امرأة تركت زوجا وخمسة بنين ، فهذه أصلها من أربعة ، فللزوج الربع سهم ، ويبقى ثلاثة لا تنقسم ولا توافق شيئا من الاجزاء ، فتضرب خمسة في أربعة ، للزوج الربع خمسة ، والباقي يخرج بينهم

__________________

(١) ج. في سهام.

(٢) ج. ويوافق الأربعة الباقية من السهام الثمانية أيضا. ل. وتوافق الاثنين الأربعة أيضا بالنصف.

(٣) ج. واستبره.

٣٠٦

مستويا ثلاثة ثلاثة ، فهذا مختصر من حسابهم ، ومجمل من مبسوط أسبابهم.

فصل في ذكر جمل من استخراج المناسخات

العمل في تصحيح ذلك ان يصحح مسألة الميت الأوّل ، ثم تصحح مسألة الميت الثاني ، ويقسم ما يخص الميت الثاني من المسألة الأولى ، على سهام مسألته ، فإن انقسمت فقد صحت المسألتان معا ممّا صحت منه مسألة الميت الأوّل.

مثال ذلك رجل مات ، وخلف أبوين وابنين ، فالمسألة تخرج من ستة ، للأبوين السدسان ، ولكل واحد من الابنين اثنان ، فإذا مات أحد الابنين وخلف ابنين ، كان لكل واحد منهما سهم من هذين السهمين ، فقد صحت المسألتان من المسألة الأولى.

فان لم تنقسم الثانية من المسألة الأولى ، نظرت في سهام من يستحق المسألة الثانية ، وجمعتها وضربت في سهام المسألة الأولى ، صحت لك المسألتان معا.

مثال ذلك ، المسألة التي قدمناها ، فتفرض ان أحد الابنين مات ، وخلّف ابنا وبنتا وكان له سهمان من ستة ، لم يمكن قسمتهما عليهما ، ضربت سهم الابن وهو اثنان ، وسهم البنت وهو واحد ، في أصل الفريضة المسألة الاولى ، وهي ستة ، فتصير ثمانية عشر ، للأبوين السدسان ستة ، ولكل واحد من الابنين ستة.

فإذا مات الابن وخلف ابنا وبنتا كان للابن من ذلك أربعة ، وللبنت اثنان ، وكذلك ان مات ثالث ورابع ، فصحح مسألة كل ميت ، ثم اقسم ماله من مسائل المتوفين قبله من السّهام ، على سهام مسألته ، فإن انقسمت فقد صحت لك المسائل كلّها ، وان لم تصح ، فاضرب جميع مسألته فيما صحت منه مسائل المتوفين قبله ، فما اجتمع ، صحت منه المسائل كلها ، والله الموفق للصواب.

ومعنى تناسخ الورثة عند الفقهاء ، ان يموت ورثة بعد ورثة ، وأصل الميراث الأول قائم ، لم يقسم بعد.

٣٠٧

باب الإقرار بوارث

إذا مات رجل وخلف ابنين ، فأقر أحدهما بأخ ، وجحد الآخر ، فلا خلاف ان نسبه لا يثبت ، فامّا المال الذي حصل في يد المقر ، فمذهبنا انه يلزمه بمقدار حصته ، فيكون له ثلث ما في يده ، ثم على هذا الحساب ، لأنه أقر على نفسه ، وعلى غيره فقبلنا إقراره على نفسه ، ولا نقبل في حق غيره. والنسب بشاهد واحد لا يثبت.

إذا كان الورّاث جماعة ، فأقر اثنان رجلان ، ثبت نسبه إذا كانا مرضي الشهادة ، فان لم يكونا عدلين ، لم يثبت نسبه ، ولزمهما بمقدار حصتهما على ما قدمناه من الاعتبار.

الإقرار بالنسب لا يخلو من أحد أمرين ، اما ان يكون المقر بالنسب مقرا على نفسه بنسب أو غيره ، فان كان على نفسه ، مثل ان يقر بأنه ابنه ، نظر فان كان المقربة صغيرا ، اعتبر فيه ثلاثة شروط ، أحدها ان يمكن ان يكون ولدا له ، فان لم يمكن ان يكون ولدا له ، فلا يثبت نسبه ، مثل ان يقر به ، وللمقر ستة عشر سنة ، وللمقر به عشر سنين.

والثاني ان يكون مجهول النسب ، لأنه إذا كان معروف النسب فلا يثبت نسبه منه.

والثالث ان لا ينازعه فيه غيره ، لأنه إذا نازعه فيه غيره ، لم يثبت ما يقول الّا ببيّنة.

فإذا حصلت هذه الشروط الثلاثة ، ثبت النسب.

وان كان المقربة كبيرا ، فإنه يعتبر فيه أربعة شروط ، الثلاثة التي ذكرناها ، والرابع تصديق المقربة ، لأنه إذا كذبه في إقراره لم يثبت نسبه منه.

وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته ، جميع ما يقر به يعتبر تصديقه له ، الّا ولد الصلب فحسب ، فإنه يثبت نسبه منه ، سواء صدقه أو كذبه (١).

__________________

(١) النهاية ، باب الإقرار بوارث.

٣٠٨

وفي ذلك نظر.

الّا ان شيخنا رجع في مبسوطة (١) ، الى ما قلناه أوّلا فاعتبر تصديق المقربة في الجميع.

فإذا ثبت هذا فإن أقر بصغير ، ووجدت الشرائط الثلاثة فيه ، ثبت نسبه ، فإذا بلغ وأنكر ان يكون ولدا له ، لم يقبل منه ، ولم يسمع دعواه لذلك ، لانه حكم عليه قبل ان يكون لكلامه حكم بأنه ابنه ، فلا يسمع بعد الحكم دعواه ، كما لو كان في يده صبي صغير محكوم له برقّه ، فلمّا بلغ أنكر ان يكون عبدا له ، لم يسمع منه ، لما تقدم له من الحكم بالرق قبل ان يكون لكلامه حكم ، وهكذا إذا التقط الإنسان لقيطا وربّاه ، ثم أقر الملتقط بأنه عبد لفلان ، لم يقبل إقراره عليه بذلك ، لان الظاهر من اللقيط ، الحرية.

فاما إذا أقر بنسب على غيره مثل ان يقر بأخ ، فان كان صغيرا فبثلاثة شروط ، وان كان كبيرا فباربعة شروط ، على ما قدمناه ، ويراعى في ذلك إقرار رجلين عدلين.

وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة ، أو رجل وامرأتين من الورثة (٢).

والأوّل الذي اخترناه ، هو الذي يقتضيه أصول مذهبنا ، وهو ان النسب لا يثبت إلّا بشهادة رجلين عدلين ، فان لم يكن كذلك ، فلا يثبت النسب على ما بيّناه.

فإذا ثبت هذا ، فكل موضع ثبت النسب بالإقرار ، ثبت المال بغير استثناء عندنا ، وعند المخالف يستثنى موضعا واحدا ، وهو إذا كان إثبات الميراث يؤدّى الى إسقاطه ، مثل ان يقرّ الاخوان بابن للوارث ، فان نسبه يثبت ، ولا يثبت عنده له الميراث ، قال لانه لو ورث ، حجب الأخوين ، وخرجا من كونهما وارثين ، ويبطل الإقرار بالنسب ، لأنه أقر بمن (٣) ليس بوارث ، فإذا بطل النسب بطل الميراث ، فلما ادى إثبات الميراث إلى إسقاطه ، أسقط ، فثبت النسب دونه.

__________________

(١) المبسوط ، ج ٣ ، كتاب الإقرار ، ص ٣٨.

(٢) المبسوط ، ج ٣ كتاب الإقرار ص ٣٩.

(٣) ج. ل. إقرار ممّن.

٣٠٩

قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة ، لما أورد ما قاله المخالف ، ولو قلنا انه يثبت الميراث أيضا كان قويا ، لانه يكون قد ثبت نسب بشهادتهما ، فتبعه الميراث لا بالإقرار (١).

هذا في المقر الذي يثبت النسب بإقراره ، وهو إذا كانا اثنين عدلين ، فاما إذا كان المقر واحدا أو كانا غير عدلين ، فإنه يثبت لهما الميراث بمقدار ما يخصهما.

ولو مات المقر له ، لم يرثه المقر ، لانه لم يثبت نسبه ، اللهم الّا ان يكون قد صدقه المقر له في ذلك ، وكان بالغا عاقلا ، ولا يتعدى منهما الى غيرهما ، الّا الى أولادهما فقط ، فاما غيرهما من ذوي النسب ، فلا يثبت ميراثهما منه الا بالإقرار منهم أيضا كذلك ، أو تصديق لهما ، فيقوم مقام الإقرار.

إذا مات رجل وخلف ابنا ، فأقر بأخ ، ثم إنهما أقرا بثالث ، ثبت نسب الثالث ، ثم ان الثالث أنكر الثاني ، وقال ليس بأخ لنا ، سقط نسبه ، لانه لم يقر بنسبه اثنان من الورثة ، وانما أقر الأوّل ، فيكون المال بين الأوّل والثالث ، ويأخذ الثاني من الأوّل ثلث ما في يده ، لانه مقرّ به وبغيره.

إذا خلف زوجة وأخا فأقرت الزوجة بابن للزوج ، وأنكره الأخ ، لم يثبت نسبه الّا انه يقاسمها ، فالمرأة تزعم ان لها الثمن ، لان لمورثها ابنا فينظر ، فان كان المال في يد الأخ ، لم تأخذ إلّا الثمن ، لانه القدر الذي تدعيه ، وان كان المال في يدها ، لم يأخذ الأخ إلّا ثلاثة أرباع المال ، لانه هو القدر الذي يدعيه ، لانه يقول لها الربع ، إذ ليس لمورثها ابن ، فيبقى في يدها الربع ، وهي تدّعي نصفه ، فيكون لها ، والباقي يردّه على الابن.

إذا خلف ابنين ، فأقر أحدهما بأخ ، وجحد الآخر ، فان نسب المقر به لا يثبت ، فان مات الجاحد ، فورثه المقر جميع ماله ، وجب عليه ان يقاسم الأخ المقر به ، لانه كان أقربه ، وان خلف اخوه الجاحد ابنا ، فوافق عمه على إقراره ، ثبت النسب والميراث على ما ذكرناه ، لأنهما اثنان.

__________________

(١) المبسوط ، ج ٣ ، كتاب الإقرار ، ص ٣٩.

٣١٠

إذا خلف ابنين أحدهما عاقل والآخر مجنون ، فأقر العاقل بنسب أخ له ، لم يثبت النسب بإقراره ، لأنه واحد ، فإن أفاق المجنون ، ووافقه على إقراره ، ثبت النسب والميراث ، وإن خالفه لم يثبت نسبه ، وشارك المقر في مقدار ما يخصه ، وان مات وهو مجنون ، فان ورثه المقر جميع المال ، قاسم المقر به ، لانه كان مقرا به.

فان خلف ابنين أحدهما كافر والآخر مسلم ، فأقر أحدهما بأخ ، نظر فان كان الميت كافرا ، كان الميراث للمسلم ، فإن أقر بنسب قاسم المقر به ان كان مسلما ، والّا حاز الميراث جميعه ، ولا يراعى جحود الكافر ، لانه لا يرث شيئا ، فالمال كله للمسلم ، وان كان الميّت المسلم (١) فكذلك المال للمسلم ، فإذا أقر بنسب ، ثبت وقاسمه المال ، ولا يراعى جحود الكافر ، وان أقر الكافر في المسألتين ، لم يكن لإقراره تأثير ، لأنه لا يرث شيئا.

وإذا خلف ابنين ، أحدهما قاتل ، فالمال كله لغير القاتل ، فإن أقر بنسب أخ ، شاركه في الميراث ، وإن أقر القاتل لم يثبت النّسب ، لانّه ليس له من الميراث شي‌ء.

إذا أقر ببنوة صبي ، لم يكن ذلك إقرارا بزوجيّة امّه ، سواء كانت مشهورة الحرية ، أو لم تكن ، والى هذا ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في مسائل خلافه ، ووافقه الشافعي على ذلك ، وخالفهما أبو حنيفة ، واحتج أبو حنيفة بأن أنساب المسلمين وأحوالهم ينبغي ان تحمل على الصحة ، فقال شيخنا يحتمل ان يكون الولد من نكاح صحيح ، كما يحتمل ان يكون من نكاح فاسد ، أو من وطي شبهة ، ثم قال ويبطل قول أبي حنيفة ببنوة أخيه (٢).

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله ، معنى ذلك ان رجلا آخر لو أقرّ ببنوة أخ لهذا الصبي ، لكان يلزم على قول أبي حنيفة انها تكون زوجة للمقرين في حالة واحدة ، صحيحة النّكاح.

وإذا مات صبي مجهول النسب وله مال ، فأقر رجل بنسبه ، ثبت النسب ، وكان

__________________

(١) ج. مسلما.

(٢) الخلاف ، كتاب الإقرار ، مسألة ٣١.

٣١١

له ميراثه ، إذا كانت الشّرائط حاصلة من الإمكان وغيره على ما قدمناه.

وليس لأحد أن يقول ان هاهنا تهمة من حيث يجوز ان يكون قصد بذلك أخذ المال.

وذلك ان هذا يفسد به إذا كان حيا وله مال فاقرّ به ، فان لحوق التّهمة تجوز في هذه الحال ، لانه لا ينتفع (١) بماله ويساره كما ينتفع به بعد موته.

وان كان المقربة كبيرا فإنه يثبت نسبه بإقراره ، في وجود (٢) الشرائط ، وتصديقه لا يراعى ، لأنه إذا مات صار في معنى الصغير والمجنون الذي لا حكم لكلامه ، ولا اعتبار بتصديقه ، ولا خلاف في ذلك.

وإذا مات إنسان ، وخلف ورثة ، فأقر بعض الورثة بوارث آخر بالنسب ، فان كان المقر له اولى به من المقر ، أعطاه جميع ما في يده ، وان كان مثله سواء أعطاه مقدار ما كان نصيبه (٣) من سهمه ، ولا أكثر من ذلك ولا أقل منه.

ومتى أقر بورثة جماعة كان الحكم أيضا فيه مثل ذلك سواء.

فإن أقر بوارثين ، أحدهما أولى من صاحبه ، غير انّهما جميعا اولى منه بالمال ، اعطى جميع ما في يده للذي هو اولى بالميت وأحق بميراثه ، وسقط الآخر.

فان أقر بوارثين فصاعدا متساويين في الميراث ، وتناكروا هم ذلك النسب بينهم ، لم يلتفت الى إنكارهم ، وقبل إقراره لهم ، وإذا أنكروا أيضا إقراره في الأوّل لهم ، لم يستحقوا شيئا من المال ، فإن أقروا له بمثل ما أقر لهم به ، توارثوا بينهم إذا كان المقر له ولدا أو والدا ، فان كان غيرهما من ذوي الأرحام ، لم يتوارثوهم ، وان صدّق بعضهم بعضا ، ولا متعدي الحكم فيه مال الميت على حال ، كما قدمناه ، لانه لا يقبل إقراره على غيره.

فإن أقر بوارث هو اولى منه بالمال ، وجب ان يعطيه المال على ما بيناه ، فإن أقر بعد ذلك بوارث آخر هو اولى منهما ، لزمه ان يغرم له مثل جميع المال ، فإن أقر بعد هذا بوارث آخر هو اولى منهم كلهم ، لزمه ان يغرم أيضا مثل جميع المال ، ثم على هذا

__________________

(١) ج. ل. ينتفع.

(٢) ج. ل. ووجود.

(٣) ج. ل. يصيبه.

٣١٢

المثال بالغا ما بلغ إقراره.

فإن أقر بوارث (١) اولى منه بالمال ، فأعطاه ما في يده ، ثم أقرّ بوارث مساو للمقر له في الميراث ، لزمه ان يغرم له مثل ما كان يصيبه من أصل التركة.

فإن أقر بوارث مساو له في الميراث ، فقاسمه المال ، ثم أقرّ بوارث اولى منهما ، لزمه ان يغرم له مثل جميع المال ، ثم على هذا المثال بالغا ما بلغ إقراره.

فإن أقر بزوج للميّتة ، أعطى الزوج مقدار ما كان يصيبه من سهمه ، فإن أقرّ بعد ذلك بزوج آخر ، كان إقراره باطلا ، اللهم الّا ان ينكر إقراره الأوّل ، ويكذب نفسه في الإقرار بالزوج الأوّل ، فيلزمه حينئذ ان يغرم للزوج الثاني مقدار ما يصيبه من سهمه ، وليس له على الأوّل سبيل ، ولا رجوع بشي‌ء أخذه.

فإن أقر ولد الميت بزوجة له ، أعطاها ثمن ما كان في يده من التركة ، فإن أقر بزوجة ثانية ، أعطاها أيضا نصف ثمن ما في يده من التركة ، فإن أقر بزوجة ثالثة ، أعطاها ثلث ثمن ما في يده ، وان أقر بزوجة رابعة ، أعطاها ربع ثمن ما أخذه من التركة ، فإن أقر بخامسة ، وقال ان احدى من أقررت لها ليست زوجة ، لم يلتفت الى إنكاره لها ، ولزمه ان يغرم للتي أقر لها بعد ذلك ، ربع ثمن ما أخذه من التركة ، فان لم ينكر واحدة من الأربع ، لم يلتفت الى إقراره بالخامسة ، وكان باطلا الّا ان يكون قد أقر بزوجات طلقهن في حال مرضه ، على ما قدمناه أولا وشرحناه وحررناه فليلحظ ذلك (٢) ، ويراعى في إقراره بالخامسة وما زاد عليها.

فإن أقر للأربع النسوة في دفعة واحدة ، لم يكن لهن أكثر من الثمن بينهن بالسوية ، وقد قدمنا فيما مضى (٣) انه متى أقر اثنان بوارث آخر ، فان كانا مرضيين مشهوري العدالة ، والشرائط المقدم ذكرها أوّلا حاصلة ، قبلت شهادتهما للمقر له ، والحق نسبه بالميت ، وقاسم الورّاث ، الّا ان يكون مشهورا بغير ذلك النسب على ما بيّناه ، فان كانا كذلك لم يلتفت الى إقرارهما وشهادتهما ، وان كانا غير مرضيي العدالة ، لم يثبت نسب المقر له ، ولزمهما في نصيبهما بمقدار ما كان يصيبه من حظهما ،

__________________

(١) ل. بوارث آخر. ج. بوارث هو.

(٢) في ص ٢٨٣.

(٣) في ص ٣٠٨.

٣١٣

لا أكثر من ذلك ولا أقلّ ، كما ذكرناه (١) في المقر الواحد ، وكذلك الحكم فيما يزيد ويتفرع على المسائل من هذا الباب سواء ، فينبغي ان تحصّل معرفته ، ويعتمد عليه ، فإنه يطلع به على سائر ما تشعب في التصنيفات ، فإن أصولها ما لخصناه (٢) وأثبتناه.

فصل آخر في كيفيّة القسمة بين الورّاث

فان للفرضيّين طريقة اخرى ، وهي ان قالوا قسمة الرباع والأرضين بين ورّاثها يفتقر الى تصحيح السّهام ، لاستغناء ما عداها من التركات عن ذلك ، فطريق إخراج السّهام صحاحا ، ان ينظر مريد ذلك في فريضة أهل الإرث ، فإنّها لا تخلو ان يكون فيها ذو نصف ، أو ثلث ، أو ربع ، أو سدس ، أو ثمن ، معه غيره ، فيفرضها من عدد يخرج منه ذلك السّهم صحيحا ، ثم ينظر في الفاضل عنه وسهام ما عدا مستحقّه ، فان انقسم عليهم من غير انكسار ، والّا ضرب سهامهم في أصل الفريضة ، فما انتهت اليه فسهام الكل يخرج منها صحاحا بغير انكسار ، وفهم هذه الجملة كاف ، ونفصلها ليقع العلم بأعيان مسائلها.

فمن ذلك فريضة النّصف ، أصلها من اثنين لذي النّصف سهم ، ويبقى سهم ، فان كان الوارث معه واحدا فهو له من غير انكسار ، وان كانا اثنين متساويين ، كأخ وأخت من قبل الأم ، أو أخوين أو أختين من قبل الأب ، انكسر الباقي عليهم ، فالوجه في ذلك ، ان تضرب سهامهم وهي اثنان في أصل الفريضة ، فيصير أربعة ، لذي النصف سهمان ، ولكل واحد من هذين سهم.

وان كانوا ثلاثة يتساوون في السهام كإخوة الأم ، أو اثنان مختلفان ، كأخ وأخت لأب ، فليضرب سهامهم وهي ثلاثة في أصل الفريضة ، فتصير ستة ، للزوج ثلاثة ، ولكل واحد من الثلاثة المتساوين سهم ، ولواحد الاثنين سهمان ، وللأنثى سهم.

وان كانوا ذوو سهام خمسة متساوون (٣) ، كإخوة أم ، أو أخوات أب ، أو

__________________

(١) في ص ٣١٠.

(٢) ج. لحظناه.

(٣) ج. وان كان ذوي سهام خمسة متساوين.

٣١٤

اخوان لأب ، وأخت له ، فان الفاضل ينكسر عليهم ، فلتضرب سهامهم وهي خمسة في أصل الفريضة ، فتصير عشرة ، لذي النصف خمسة أسهم ، ولكل واحد من الخمسة المتساوين سهم ، ولكل واحد من الأخوين مع الأخت سهمان ، وللأخت سهم ، ثم على هذا يجرى الحساب في جميع أهل هذه الفريضة وان كثروا.

ومن ذلك فريضة الثلث ، أصلها من ثلاثة ، لذي الثلث سهمه ، وهو واحد ، وهو سهم الام مع الأب ، والباقي له.

فان كان معهما زوج أو زوجة ، فاصل الفريضة من عدد له ثلث صحيح ، وربع صحيح ، فيعطى الام منه الثلث ، والزوج النصف ، أو الزوجة الربع ، والباقي للأب.

فإن كن الزوجات جماعة ، ينكسر عليهن الربع ، ضربت سهامهن في أصل الفريضة ، فما انتهت إليه أخرجت منه السّهام صحاحا.

وان كانت فريضة اخوة أم ، واخوة أب ، وكان الفاضل عن فريضة إخوة الأم ، وهو اثنان ، ينكسر على من معهم من إخوة الأب ، فليضرب سهامهم المنكسر عليهم في أصل الفريضة ، فما بلغت ، أخرجت منه السهام صحاحا كأنهم كانوا أربعة متساوين ، أو أخا وأختين ، فسهامهم أربعة ، تضرب في ثلاثة ، فتصير اثنى عشر سهما لإخوة الأم الثلث أربعة ، وتبقى ثمانية أسهم ، للأخ أربعة منها ، ولكل أخت سهمان ، ثم على هذا الحساب.

ومن ذلك فريضة الربع ، أصلها من أربعة ، لذي الربع حقه واحد ، والباقي لمشاركيه ان كانوا ثلاثة يتساوون أخذ كل واحد منهم سهما ، فان اختلفوا فزادوا أو نقصوا ، ضربت سهامهم في أصل الفريضة ، فما انتهت إليه أخرجت منه السهام صحاحا ، مثال ذلك ثلاثة بنين ، وبنتان مع زوج ، أو ثلاثة اخوة لأب ، وأختان مع زوجة فسهام كل مع ذي الربع ثمانية ، تضرب في أصل الفريضة ، وهي أربعة ، فتصير اثنين وثلاثين سهما ، لذي الربع ثمانية أسهم ، ولكل ذكر من الولد أو الاخوة ستة أسهم ، ولكل أنثى ثلاثة أسهم ، ثم على هذا يجرى الحكم في حساب سهام جميع من يرث معه ، ذو الربع ومن ذلك فريضة السدس ، وأصلها من ستة ،

٣١٥

لذي السدس سهم ، ولمشاركيه ان كانوا خمسة ، يتساوون لكل واحد سهم ، وان كانوا أخوين لأب ، وأختا ، أو ابنين وبنتا ، فلكل ذكر سهمان ، وللأنثى سهم ، وان زادت السهام عليهم أو نقصت ، ضربت سهامهم في أصل الفريضة ، فما بلغت ، أخرجت منه السّهام صحاحا.

مثال ذلك ثلاثة اخوة لأب ، واربع أخوات له ، مع أخ لأم ، أو ثلاثة بنين واربع بنات ، مع أحد الأبوين ، فسهامهم عشرة ، تضرب في الأصل فيصير ستّين سهما ، لذي السّدس عشرة أسهم ، ولكل واحد من الذكور عشرة أسهم ، ولكل أنثى خمسة أسهم ، ثم على هذا يجرى حساب هذه الفريضة بالغا ما بلغ أهلها.

ومن ذلك فريضة الثمن ، وأصلها من ثمانية ، لذي الثمن واحد ، ويبقى سبعة ، فإن كان مشاركوه ممن تصحّ قسمتها عليهم صحاحا ، قسمت ، وان انكسرت عليهم ، ضربت سهامهم في أصل الفريضة ، فما بلغت أخرجت السّهام منه صحاحا.

مثال ذلك خمس بنين ، أو ابنان وبنت ، أو ابن وثلاث بنات ، سهامهم خمسة ، تضرب في الفريضة ، وهي ثمانية ، فيصير أربعين سهما ، لذي الثمن خمسة ، ويبقى خمسة وثلاثون سهما لكل واحد من البنين الخمسة سبعة أسهم ، ولكل واحد من الابنين مع البنت أربعة عشر سهما ، وللبنت سبعة أسهم ، وللابن أربعة عشر سهما ، ولكل بنت من الثلاث سبعة أسهم ، ثم على هذا الحساب ، تجري القسمة في هذه الفريضة بالغا ما بلغت سهام أهلها.

فإن اجتمع في الفريضة ربع وسدس ، وهي فريضة الزّوجة مع واحد الاخوة من الام ، واخوة الأب ، فأصلها من اثنى عشر ، للزوجة ثلاثة ، ولأخ الأم سهمان تبقى سبعة أسهم لكلالة الأب ، فإن أمكنت قسمتها عليهم صحاحا ، والّا ضربت سهامهم في أصل الفريضة ، فما بلغت ، أخرجت منه السّهام صحاحا ، وكذلك القول في فريضة إخوة الأم والزوجة أو الزوج ، عملها كالأول ، فإن كان ما يستحقه كل واحد من الكلالتين ينكسر عليهم ، ضربت سهام كلّ واحد من أهل الكلالتين في سهام الأخرى ، فما بلغ ضرب في أصل الفريضة ، فما بلغ أخرجت منه السهام صحاحا ، فان كانت في الفريضة ذو سهام مسمّاة ، وردّ ، ينكسر كزوج وأحد الأبوين وبنت ، فاصل الفريضة من

٣١٦

اثنى عشر للزوج الربع ، ثلاثة ، ولأحد الأبوين السدس سهمان ، وللبنت النصف ستة أسهم ، يبقى سهم ينكسر في الرد على البنت والأب ، فالوجه في ذلك ان تضرب سهامهما وهي أربعة في أصل الفريضة وهي اثنى عشر فيصير ثمانية وأربعين سهما ، للزوج الربع اثنى عشر سهما ، ولأحد الأبوين السدس ، ثمانية أسهم ، وللبنت النصف أربعة وعشرون سهما ، ويبقي أربعة أسهم ، للبنت ثلاثة أسهم ، ولأحد الأبوين سهم ، ثم على هذا الوجه يجرى حكم حساب جميع الفرائض فليعمل بحسبه واستقصاء مسائل جميع الفرائض في القسمة ، وما يتفرع منها ، ويتناتج ، يطول ، وفيما ذكرناه كفاية وبلغة ، ومقنع لمن فهمه وتدبّره وتأمّله ثم الجزء الخامس من كتاب السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى ويتلوه في الجزء السادس كتاب الحدود والديات والجنايات إن شاء الله تعالى (١).

__________________

(١) في نسخة الأصل هنا عبارة لكاتبها تحكي عن قدمة النسخة وإليك نصّها : « وفرغ من نسخه كاتبه أبو الحسين جعفر بن على بن جعفر بن عبد الله بن حبشي في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وستمائة بالمشهد المقدس الكاظمين مقابر قريش سلام الله على ساكنيه ، حامدا الله تعالى ومصلّيا على رسوله محمّد النبي المصطفى وآله الطيبين الطاهرين والحمد لله ربّ العالمين ».

٣١٧
٣١٨

كتاب الدّيات والجنايات

٣١٩

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الدّيات والجنايات

قال الله تعالى « وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ » (١) ، فذكر الله تعالى في هذه الآية ديتين وثلاث كفارات.

ذكر الدية والكفارة بقتل المؤمن في دار الإسلام ، فقال « وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ ».

وذكر الكفارة دون الدية ، بقتل المؤمن في دار الحرب في صفّ المشركين ، إذا حضر معهم الصّف ، فقتله مسلم ، ففيه الكفارة دون الدية ، فقال ـ وان كان من قوم عدوّ لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة » لأن قوله وإن كان كناية عن المؤمن الذي تقدم ذكره ، وقوله ـ من قوم ـ معناه في قوم ، لان حروف الصفات تقوم بعضها مقام بعض على قول بعض أصحابنا ، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في مسائل خلافه (٢) معتمدا على قوله تعالى ، « فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ » ولم يذكر الدية وتمسّك أيضا بأن الأصل براءة الذّمة.

والذي يقوى في نفسي ، ويقتضيه أصول مذهبنا ، ان عليه ، الدية والكفارة معا ، لقوله عليه‌السلام المجمع عليه ـ لا يطل دم امرئ مسلم (٣) ، وقوله عليه‌السلام في

__________________

(١) سورة النساء ، الآية ٩٢.

(٢) الخلاف ، كتاب كفارة القتل ، مسألة ٣.

(٣) الوسائل ، الباب ٢٩ ، من أبواب القصاص في النفس ، ح ١ ، الّا انّ لفظ الحديث لا يبطل.

٣٢٠