كتاب السرائر - ج ٣

أبي جعفر محّمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي

كتاب السرائر - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محّمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٦٨٠

لذكرها ، وقال سبحانه « فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » (١) فلو كان المجعول قسما أخر لذكره في امتنانه علينا ، الا ترى الى قوله تعالى في هذه الآيات ، ووجه الامتنان بها ، وذكر التثنية في جميعها ، من غير إدخال قسم ثالث فيها.

ثم ان شيخنا أبا جعفر الطوسي رحمه‌الله رجع عما ذكره أجمع في مسائل خلافه وترك القول الذي حكيناه ، عنه في نهايته ، ومبسوطة ، وإيجازه ، فقال في مسائل الخلاف مسألة : إذا مات إنسان ، وخلف خنثى مشكلا ، له ما للرجال وما للنساء ، اعتبر بالمبال ، فان خرج من أحدهما أولا ، ورث عليه ، وان خرج منهما اعتبر بالانقطاع ، فورث على ما ينقطع أخيرا فإن اتفقا روى أصحابنا انه تعد أضلاعه ، فإن تساويا ورث ميراث النساء ، وان نقص أحدهما ورث ميراث الرجال ، والمعمول عليه ان يرجع الى القرعة فيعمل عليها ، وقال الشافعي ننزله نحن بأسوإ حالتيه ، فنعطيه نصف المال ، لانه اليقين ، والباقي يكون موقوفا حتى يتبين حاله ، فإن بان انه ذكر ، أعطيناه ميراث الذكور ، وان بان أنه أنثى ، فقد أخذ حقه ، فيعطى الباقي للعصبة ، وبه قال زيد بن ثابت ، وقال أبو حنيفة يعطيه النصف يقينا ، والباقي يدفع الى عصبته ، وذهب قوم من الحجازيين ، وقوم من البصريين ، انه يدفع اليه نصف ميراث الذكر ، ونصف ميراث الأنثى ، فيعطى ثلاثة أرباع المال ، وبه قال أبو يوسف وجماعة من أهل الكوفة ، دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم ، هذا أخر كلامه رحمه‌الله في المسألة (٢).

الا ترى الى قول شيخنا رحمه‌الله ، فان فيه إذا تامّلته عجائب ودلائل على صحة القول بما اخترناه ، وفساد المذهب الذي ذهب إليه في كتبه المقدم ذكرها ، وهو قوله فان اتّفقا روى أصحابنا انه تعد أضلاعه ، فإن تساويا ورث ميراث النّساء ، وان نقص أحدهما ورث ميراث الرجال ، فقد أقر على نفسه ان أصحابه يعني الشيعة الإمامية رووا ذلك من غير خلاف بينهم في الرواية ، بل تلقاها جميعهم بالقبول ، لانه لم يقل وقد روي خلافه ، فدل على ان الرّواية متواترة ، وما هذا حكمه يجب

__________________

(١) سورة القيامة ، الآية ٣٩.

(٢) الخلاف ، كتاب الفرائض ، مسألة ١١٦.

٢٨١

العمل به ، ولا يجوز العدول عنه ، وقال رحمه‌الله مستدلا على خصومه ، دليلنا إجماع الفرقة واخبارهم ، فجعل الاخبار دليله ، وهو قد حكى عن أصحابه انهم رووه ، فالأخبار التي استدل بها وعناها هي التي رووا ، ثم استدل بإجماعهم ، وإجماعهم منعقد على هذه الأخبار التي رووها في هذا المعنى ، ثم انه رحمه‌الله خالف أصحابه على ما حكى عنهم ، وخالف قوله الذي ذكره في كتبه الثلاثة المقدم ذكرها ، وقال هاهنا المعمول عليه ان يرجع الى القرعة ، فيعمل عليها ، وفي هذا ما فيه.

ثم ان القرعة لا تستعمل إلّا في كلّ أمر مشكل إذا لم يرد فيه بيان شرعي ، ولا نص مبين لحكمه ، فحينئذ يفزع إلى القرعة ، فيجعل بيان حكمه وحل مشكلة ، فامّا إذا ورد البيان من الشارع بحكمه ، فلا يجوز الرجوع فيه الى القرعة بحال ، من غير خلاف بيننا في هذا الأصل المقرر المحرر ، وقد أقر رحمه‌الله ان أصحابه رووا بيان هذا الحكم ، واستدل بإجماعهم واخبارهم التي رووها عليه ، فكيف يفزع هو الى القرعة في هذا الموضع ، ان هذا لعجيب طريف ، الّا ان يريد بأخبارهم التي عناها ان كل أمر مشكل فيه القرعة ، وقد دللنا على فساد هذه الطريقة ، وقلنا انه لا يجوز استعمال القرعة إلا في أمر لم يبين الشارع حكمه ومشكلة ، والشارع بين حكم هذا بعدّ (١) الأضلاع ، فإن شيخنا أقرّ بأنّ أصحابه رووا ذلك من غير تناكر بينهم في الرواية.

وقد قال رحمه‌الله في الحائريات ، لما سئل عن الخبر الذي ورد ـ ان الله تعالى لما خلق آدم عليه‌السلام أخذ من جنبه الأيسر ضلعه الأعوج ، فخلق منه حوّا ، وان (٢) أضلاع الرجال تنقص وأضلاع النساء تمام ، فما عنده فيه؟ فقال الشيخ الجواب ذلك مشهور بين أهل النقل في أصحابنا ، والمخالفين ، وهو جائز لا مانع منه ، وهو في قضايا أمير المؤمنين عليه‌السلام.

الا ترى الى قوله ـ ذلك مشهور بين أهل النقل في أصحابنا والمخالفين ـ فدل على انّه إجماع المسلمين ، فضلا عن طائفتنا على رواية هذا الحكم.

__________________

(١) ج. بعدد.

(٢) ل. ومن أجل ذلك ان.

٢٨٢

ثم انه رحمه‌الله لم يذكر في كلامه الذي حكيناه عنه في مسائل خلافه ، انه ذهب الى ما ذكره في نهايته وإيجازه ومبسوطة ، إلّا قوم مجهولون غير معينين ، ما خلا أبا يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة ، فإذا لم يذهب إليه أحد من المسلمين المعروفين ، ولا أحد من الصحابة والتابعين ، ولا الفقهاء المعروفين سوى أبي يوسف ، وكفى بهذا القول وهنا وضعفا.

وإذا عقد على الصغيرين عقد النّكاح أبواهما ، توارثا ، فان كان العاقد غيرهما ، فلا توارث بينهما حتى يبلغا ويمضيا العقد ، فان بلغ أحدهما فأمضاه ، ثم مات ، انتظر بلوغ الأخر ، فإن بلغ وأمضاه حلّف بأنه لم يرض به طمعا في الميراث ، فإذا حلف ورث سهمه ، فان لم يحلف فلا ميراث له.

ويتوارث الزوجان بعد الطلاق الرجعي ، سواء كان في الصحة أو المرض ما دامت المرأة في العدة بغير خلاف ، وان كان الطلاق في حال مرض الزوج ، ورثته المرأة أيضا بعد خروجها من العدة ، ما بينها وبين سنة ، ما لم تتزوج أو يبرأ الزوج من مرضه الذي طلقها فيه ، وهو لا يرثها بعد خروجها من عدتها ، هذا في الطّلاق الرجعي ، فإن كان طلاقه لها طلاقا لا رجعة له فيه ، فلا ميراث بينهما ساعة طلقها ، الّا ان يكون أوقع هذا الطلاق البائن في مرضه ، فإنها ترثه ما دامت في عدتها ، وبعد خروجها من العدّة ما بينها وبين سنة ، ما لم تتزوج المرأة أو يبرأ من مرضه الذي طلّقها فيه.

وشيخنا أبو جعفر ذهب في نهايته ، إلى انهما يتوارثان ما دامت في العدّة ، وان كان الطلاق لا رجعة له عليها فيه ، إذا كان طلاقه لها في المرض ، ثم بعد خروجها من العدة ترثه ما لم تتزوج ، أو يبرأ الزوج من مرضه الذي طلق فيه الى سنة (١).

الّا انه رجع عن ذلك في مسائل خلافه على ما ذكرناه فيما تقدم (٢).

وإذا تزوج المريض ومات قبل برئه ، وقبل الدخول بالمرأة ، بطل العقد بينهما عند

__________________

(١) النهاية ، كتاب الطلاق ، باب أقسام الطلاق وشرائطه والعبارة منقولة بالمعنى.

(٢) في ص ٢٢٢.

٢٨٣

أصحابنا ، ولم ترثه المرأة ، ولا عدة عليها منه.

وإذا انفرد الزوج بالميراث ، فله النصف بالتسمية ، والنصف الأخر رد عليه بإجماع أصحابنا ، ولا يلزم على ذلك ان يرد الباقي من سهم الزوجة عليها إذا انفردت بالميراث ، لان الشرع لا يؤخذ قياسا ، وقد قدمنا (١) القول في ذلك مشروحا ، فلا وجه لإعادته.

وإذا تعارف المجلبون ـ واحدهم مجلب (٢) جلب وهو الحميل ـ واختلف في تفسيره فقال الجوهري في كتاب الصّحاح الحميل الذي يحمل من بلده صغيرا ، والحميل الدعي.

قال الكميت يعاتب قضاعة في تحويلهم الى اليمن :

علام نزلتم من غير فقر

ولا ضراء منزلة الحميل

وقال صاحب المجمل وهو ابن فارس ، الحميل الدّعي.

وقال الهروي في غريب الحديث ، اما قوله الحميل لا يورث إلّا ببيّنة ، ففيه قولان ، يقال فيه هو الذي يحمل من بلاده صغيرا الى بلاده الإسلام ، ويقال هو المحمول (٣) النسب ، وذلك ان يقول هذا أخي أو أبي أو ابني ، ليزوي ميراثه عن مواليه ، فلا يصدق إلا ببينة.

وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته ، واما الحميل فهو الذي يجلب من بلاد الشّرك ويسترق ، فإذا تعارف منهم اثنان أو جماعة بنسب يوجب بينهم الموارثة في شرع الإسلام ، فإنه يقبل قولهم في ذلك ، ويورثون على نسبهم ، ولا يطالبون بالبيّنة على ذلك على حال (٤).

وهذا القول قريب من قول من حكيناه من أهل اللغة ، إذ كل منهما مدع نسبا من الأخر ، لأن حقيقة الدعوى كل خبر ليس على صحته وفساده دليل.

__________________

(١) في ص ٢٤٣.

(٢) ل. مجلوبون واحدهم مجلوب. وفي نسخة الأصل : « مجلبون واحدهم مجلوب » والظاهر انه خطأ.

(٣) ل. المجهول.

(٤) النهاية : كتاب الميراث ، باب ميراث ولد الملاعنة.

٢٨٤

الّا ان شيخنا أبا جعفر رجع في التبيان ، فقال الحميل الغريب ، لانه يحمل على القوم وليس منهم (١).

فاما ميراث اللقيط ، فان كان توالى الى إنسان ، ضمن جريرته وحدثه ، فإنّه يكون ميراثه له ، وضمان جريرته عليه ، فان لم يكن توالى الى أحد ، فميراثه لإمام المسلمين ، وليس لمن التقطه وربّاه شي‌ء من ميراثه.

وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته : واما المشكوك فيه ، فهو ان يطأ الرجل امرأته أو جاريته ، ثم يطؤها غيره في تلك الحال ، وتجي‌ء بالولد ، فإنه لا ينبغي له ان يلحقه به لحوقا صحيحا ، بل ينبغي ان يربيه وينفق عليه ، فإذا حضرته الوفاة ، عزل له شيئا من ماله قدر ما يتقوى به على شأنه ، وان مات هذا الولد ، لم يكن له شي‌ء من تركته ، وكانت لبيت المال ان لم يخلف ولدا ولا زوجا ولا زوجة ، هذا أخر كلامه في نهايته (٢).

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله ما ذكره رحمه‌الله خلاف ما يقتضيه أصول مذهبنا ، والصحيح ان هذا الولد الذي من زوجته ولده شرعا ، يرثه إذا مات وكذلك الولد يرث الوالد إذا لم ينتف منه باللعان مع امه بغير خلاف بيننا ، ولقوله عليه‌السلام الولد للفراش وللعاهر الحجر (٣) والفراش عبارة عن العقد ، وإمكان الوطي على ما جرت به العادة ، دون التمكين على ما في مقدور الله تعالى ، على ما يذهب إليه أبو حنيفة.

وإذا وطي نفسان فصاعدا جارية مشتركة بينهما ، فجاءت بولد ، أقرع بينهما ، فمن خرج اسمه الحق به ، وضمن للباقين من شركائه حصّتهم ، وتوارثا ، فإن وطأها نفسان في طهر واحد بعد انتقال الملك من واحد منهما إلى الأخر ، كان الولد لا حقا بمن عنده الجارية ، ويرثه (٤) الأب والولد أيضا مثل ذلك يرثه على ما رواه أصحابنا.

__________________

(١) التبيان : لم نتحققه.

(٢) النهاية : كتاب الميراث ، باب ميراث ولد الملاعنة.

(٣) الوسائل ، الباب ٥٦ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٤) ج. ل. ويرث.

٢٨٥

وتحقيق ذلك ان يعتبر بستة أشهر وأقل منها ، فان كان أقل من ستة أشهر من وقت وطي المشتري ، فانّ الولد يلحق بالسيّد الأوّل الذي هو البائع ، وان كان لستة أشهر فصاعدا فإنه يلحق بالمشتري الذي عنده الجارية ، فاما الرواية ، فيمكن ان يعمل بها على بعض الوجوه ، وهو ان يكونا وطئاها في وقتين متقاربين في يوم واحد.

وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته ، ومن تبرأ عند السلطان من جريرة ولده ومن ميراثه ، ثم مات الولد وله مال ، كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه (١).

وهذا خلاف إجماع أصحابنا وإجماع المسلمين ، لان الوالد يضمن جريرة ابنه ويعقل عنه ، ولا يصح التبرّي من المواريث على حال ، وانما هذه رواية شاذة من أضعف أخبار الآحاد ، وأوردها شيخنا إيرادا لا اعتقادا.

وقد رجع عنها في الحائريات ، في المسألة الخامسة والثمانين والمائة ، وعن العاقلة إذا تبرأت من ميراث من تعقل عنه وجريرته ، أيكون ذلك بمنزلة الأب ، أو ما الحكم في ذلك فيه؟ فقال رحمه‌الله الجواب لا يصح له التبري ، لأن الشرع إذا حكم به لم ينفع التبري ، وثبت حكمه ، والرواية في تبري الأب من جريرة الابن رواية شاذة فيها نظر ، فان صحت لا يقاس عليها غيرها ، هذا أخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله في الجواب (٢).

والمملوك لا يملك شيئا حتى يستحقه ورثته من الأحرار ، بل ماله ان كان في يده شي‌ء لمولاه ، وكذلك حكم المدبّر بغير خلاف بين أصحابنا.

فامّا المكاتب فهو على ضربين ، مشروط عليه ومطلق ، على ما قدمناه (٣) في موضعه ، فإذا كان مشروطا عليه ، فحكمه حكم المماليك ، فان كان غير مشروط عليه ، فإنه يرث ويورث بقدر ما ادى من مكاتبته ، من غير زيادة ولا نقصان ، ويحرم ما زاد على ذلك.

وإذا اشترط المكاتب على الذي كاتبه ان يكون ولاؤه له كان شرطه صحيحا ،

__________________

(١) النهاية ، كتاب الميراث باب ميراث ولد الملاعنة آخر الباب.

(٢) لا توجد المسألة في المطبوع من مسائل الحائريات في المجموعة التي سميت بالرسائل العشر.

(٣) ص ٢٦.

٢٨٦

فان لم يشرط ذلك ، لم يكن له ولاؤه ، الّا ان يتوالاه (١) ، فان شرط عليه ان يكون ميراثه له دون ورثته ، كان ذلك باطلا ، لانه خلاف الكتاب والسنّة.

وإذا أدى المكاتب المطلق نصف الكتابة ، ثم مات ، وخلف ولدا من جارية له ، أو من حرة ، أو وارثا غير الولد ، وخلف مالا ، فنصفه للسيّد وتصفه لوارثه (٢) ، ويعطى الوارث من نصيبه الذي أخذه وهو النصف ، ما بقي على مورثه من مال الكتابة ، لأنه دين على مورثه ، فلا يستحق الوارث التركة إلّا بعد قضاء الدين.

وإذا كان عبد بين شريكين أعتق أحدهما نصيبه ثم مات ، وخلف مالا ، كان نصف ما ترك للذي لم يعتق ، والباقي لورثته ، فان لم يكن له ورثة ، كان ذلك لمولاه الذي أعتقه تبرعا.

فصل في ميراث المجوس

اختلف قول أصحابنا في ميراث المجوس إذا تحاكموا الى حكام الإسلام على ثلاثة أقوال.

فقال قوم انهم يورثون بالأنساب والأسباب الصحيحة التي تجوز في شرع الإسلام ، ولا يورثون بما لا يجوز فيه على كلّ حال.

وقال قوم انهم يورّثون بالأنساب على كل حال ، ولا يورّثون بالأسباب إلّا بما هو جائز في شريعة الإسلام.

وقال قوم انهم يورثون من الجهتين معا ، سواء كان ممّا يجوز في شريعة الإسلام أولا يجوز ، وهذا القول الأخير الذي هو ثالث الأقوال ، خيرة شيخنا أي أبو جعفر الطوسي في نهايته (٣) ، وسائر كتبه ، وأوّل الأقوال اختيار شيخنا المفيد ، محمّد بن محمّد بن النعمان ، فإنه قال في كتاب الاعلام وشرحه ، فاما ميراث المجوس فإنه عند جمهور الإمامية ، يكون من جهة النسب الصحيح ، دون النكاح الفاسد ، وهو مذهب مالك ، والشافعي ، ومن اتبعهما فيه من المتأخرين ، وسبقهما اليه من

__________________

(١) ج. ل. يتولاه.

(٢) ج. لوراثه.

(٣) النهاية ، كتاب الميراث باب ميراث المجوس.

٢٨٧

المتقدمين ، هذا أخر كلامه رحمه‌الله (١).

والى هذا القول اذهب ، وعليه اعتمد ، وبه افتي ، لأنّ الله تعالى قال « وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ » (٢) وقال في موضع أخر « وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ » (٣) وقال تعالى « فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً ، وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ » (٤) فإذا حكم الحاكم بما لا يجوز في شرع الإسلام فقد حكم بغير الحق وبغير ما انزل الله ، وبغير القسط وأيضا فلا خلاف بيننا ان الحاكم لا يجوز له ان يحكم بمذاهب أهل الخلاف مع الاختيار ، وشيخنا أبو جعفر يوافق على هذا ، وقد ذكره في عدة مواضع من كتبه ، وانما اعتمد رحمه‌الله على رواية شاذة روتها العامة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ذكر ذلك ابن اللبان القرضي في الموجز ، وهو من فقهاء المخالفين لمذهب أهل البيت عليهم‌السلام وأحال (٥) شيخنا أبو جعفر في مبسوطة على ابن اللبان ، لانه قال وقد قلنا ان الصحيح ان الميراث يثبت بينهم بالزوجية على كل حال ، وروي ذلك عن على عليه‌السلام وذكر ابن اللبان ذلك في الموجز عنه ، هذا أخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطة (٦) ورأيت انا الموجز بخط شيخنا أبي جعفر جميعه ، وهو كتاب صغير في الفرائض ، فحسب.

ثم ان شيخنا أبا جعفر رحمه‌الله يقول في نهايته ، وهذا القول عندي هو المعتمد ، وبه تشهد الروايات (٧).

واستدل بما يرغب الإنسان عن ذكره ، سترة عليه.

ثم قال بعد ذلك أيضا في نهايته مع انه قد رويت الرواية الصريحة ، وقد أوردناها في كتاب تهذيب الأحكام ، بأنهم يورثون من الجهتين جميعا وان كان ذلك باطلا في شريعة الإسلام (٨).

__________________

(١) لم نعثر عليه.

(٢) سورة المائدة ، الآية ٤٩.

(٣) سورة الكهف ، الآية ٢٩.

(٤) سورة المائدة ، الآية ٤٢.

(٥) ج. أجال.

(٦) المبسوط ، ج ٤ ، كتاب الفرائض والمواريث فصل في ميراث المجوس.

(٧) النهاية ، كتاب الميراث ، باب ميراث المجوس.

(٨) النهاية ، كتاب الميراث ، باب ميراث المجوس.

٢٨٨

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله أعجب منه رحمه‌الله ، كيف قال في أوّل كلامه ـ وهذا القول عندي هو المعتمد ، وبه تشهد الروايات ـ ثم قال في أخر كلامه ، وبابه ـ مع انه قد رويت الرواية الصريحة في الأوّل ـ كانت جماعة روايات ، وبالأخير رواية واحدة فحسب ، ثم هذه الروايات التي قال عنها في أوّل كلامه وادعاها ، اين أودعت؟ وفي أي تصنيف ذكرت؟ ثم انه رحمه‌الله قد صنف كتبا اخبارية أكبرها تهذيب الأحكام ، أورد فيه من كل غث وسمين ، وهو الذي يومى اليه ويعتمد عليه ، وما أورده فيه ولا ذكر سوى الرواية الواحدة التي رواها مخالفونا في المذهب ، وهو إسماعيل بن أبي زياد السكوني ـ بفتح السّين ، منسوب إلى قبيلة من العرب عرب اليمن ـ وهو عامي المذهب بغير خلاف ، وشيخنا أبو جعفر موافق على ذلك ، قائل به ، ذكره في فهرست المصنفين (١) ، وله كتاب يعد في الأصول ، وهو عندي بخطي كتبته من خط ابن أشناس البزاز وقد قرئ على شيخنا أبي جعفر ، وعليه خطه اجازة وسماعا لولده أبي علي ، ولجماعة رجال غيره ، فان كان شيخنا أبو جعفر عاملا باخبار الآحاد ، فلا يجوز له ان يعمل بهذه الرّواية إذا سلمنا له العمل باخبار الآحاد تسليم جدل ، على ما يقترحه وذكره في عدته ، وان كان مخالفا لإجماع أصحابنا سلفهم وخلفهم ، حتى ان المخالفين من أصحاب المقالات يذكرون في كتبهم ومقالات أهل الآراء والمذاهب ، ان الشيعة الإمامية لا ترى العمل في الشرعيات باخبار الآحاد ، وشيخنا المفيد ذكر ذلك أيضا في كتاب المقالات (٢) الذي صنفه ، ومذهب السيّد المرتضى ومقالته في ذلك ، فأشهر من ان يذكر ، وما أظن خفي على هذين السيدين الأوحدين العالمين مقالة أهل مذهبهما ، بل ربما لم يكن لأصحابنا في المتقدمين والمتأخرين أقوم منهما بمعرفة المقالات ، وتحقيق أصول المذهب ، ومعرفة الرجال ، وخصوصا شيخنا المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان رحمه‌الله فإنه خرّيت هذه الصناعة.

__________________

(١) ج. ل. أسماء المصنفين. الفهرست ، ص ١٣ ، رقم ٣٨. ط النجف ، سنة ١٣٥٦ / ١٩٣٧.

(٢) المقالات ط. مكتبة الداوري ص ١٣٩.

٢٨٩

قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في عدته ، والذي اذهب اليه ، ان خبر الواحد لا يوجب العلم ، وكان يجوز أن ترد العبادة بالعمل به عقلا ، وقد ورد جواز العمل به في الشرع ، الّا ان ذلك موقوف على طريق مخصوص ، وهو ما يرويه من كان من الطائفة المحقة ، ويختص بروايته ، ويكون على صفة يجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرها (١).

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله : راوي الرواية التي اعتمدها رحمه‌الله وهو إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، ما حصلت فيه الطريق التي راعاها (٢) شيخنا ، ولا الصفة التي اعتبرها ، بل هو عامي المذهب ، ليس هو من جملة الطائفة ، وهو غير عدل عنده ، بل كافر ، فكيف اعتمد على روايته ، وهو لا يقول بذلك ، فان كان يعمل في بعض مقالاته على اخبار الآحاد ، بل يراعي ان يكون الراوي من عدول طائفتنا على ما قرره في عدته على ما حكيناه عنه.

ولقد أحسن شيخنا محمود الحمصي رحمه‌الله ، فيما أورده في كتابه المصادر ، في أصول الفقه ، لما حكى كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رضي‌الله‌عنه في عدته ، فإنه ذكر جملة باب الاخبار ، وطوّل في الإيراد لها معظمها ، فإنه قال وذهب شيخنا السعيد الموفق ، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ، قدس الله روحه ونور ضريحه الى وجوب العمل بما ترويه ثقات الطائفة المحقة ، وان كانوا في حيّز الآحاد ، ثم ذكر بعد ذلك فصولا كثيرة ، حكى فيها كلامه ، ثم قال بعد ذلك ، قال قدّس الله روحه ، فان قيل كيف تعملون بهذه الاخبار ، ونحن نعلم ان رواتها أكثرهم كما رووها رووا أيضا أخبار الجبر والتشبيه وغير ذلك من الغلو والتناسخ وغير ذلك من المناكير ، فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء ، قيل لهم ليس كل الثقات نقل حديث الجبر والتشبيه وغير ذلك مما ذكر في السؤال ، ولو صحّ انّه نقله ، لم يدل على انّه كان معتقدا لما تضمنه الخبر ، ولا يمتنع ان يكون انما رواه ليعلم انه لم

__________________

(١) العدّة ، فصل (٥) في ذكر الخبر الواحد وجملة من القول في أحكامه ( ج ١ ، ط مؤسسة آل البيت ، ص ٢٩٠ ـ ٢٩١ ).

(٢) ج. ادعاها.

٢٩٠

يشذ عنه شي‌ء من الروايات ، لا لانه يعتقد ذلك ، فان قيل كيف تعوّلون على هذه الاخبار ، وأكثر رواتها المجبرة والمشبّهة والمقلدة ، والغلاة ، والواقفة ، والفطحيّة ، وغير هؤلاء من فرق الشيعة المخالفة للاعتقاد الصحيح ، ومن شرط خبر الواحد ان يكون راويه عدلا عند من أوجب العمل به ، وهذا مفقود في هؤلاء قيل لسنا نقول ان جميع اخبار الآحاد يجوز العمل بها ، بل لها شرائط نحن نذكرها فيما بعد ونشير هاهنا إلى جملة من القول فيه ، فاما ما يرويه العلماء المعتقدون للحق ، فلا طعن على ذلك بهذا السؤال. واما الفرق الذين أشاروا إليهم من الواقفة والفطحيّة وغير ذلك ، فعن ذلك جوابان ، أحدهما ان ما يرويه هؤلاء يجوز العمل به إذا كانوا ثقات في النقل ، وان كانوا مخطئين في الاعتقاد ، فما يكون طريقه هؤلاء ، جاز العمل به ، قال عليه شيخنا الحمصي الّا انّ هذا الجواب لا يوافق المذهب الذي اختاره وقرّره وقنّنه (١) ، من ان الخبر إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة ، جاز العمل به ، دون ما يكون واردا من غير طريقهم ، فان اعتذر بما ذكره قدّس الله روحه من ان هؤلاء وان كانوا مخطئين في الاعتقاد ، كانوا ثقات في النقل ، قيل له هذه العلة وهي الثقة في النقل ، قد توجد في غير هؤلاء من المبطلين في العقائد ، كالمجبّرة والمشبهة ، وغيرهم ، فاجز العمل بخبرهم إذا كانوا ثقات في النقل ، كما أجزت في هؤلاء المبطلين ، والّا فما الفرق؟ وهذا يوجب عليه ان يرفع الفرق والتمييز بين أصحابنا وبين غيرهم من الفرق في الرواية والنقل ، وان يصير الى مذهب المخالفين في اخبار الآحاد هذا أخر كلام الحمصي الذي قاله على شيخنا أبي جعفر رحمه‌الله (٢).

ونعم ما قال واستدرك واعترض ، فإنه لازم كطوق الحمامة.

قال شيخنا أبو جعفر : والجواب الثاني انّ ما يروونه إذا اختصوا بروايته لا يعمل به ، وانما يعمل به إذا انصاف الى روايتهم رواية من هو على الطريقة المستقيمة ، والاعتقاد الصحيح ، فحينئذ يجوز العمل به.

قال شيخنا الحمصي رحمه‌الله ، وهذا الجواب هو الذي يوافق مذهبه الذي حكيناه

__________________

(١) ج. ل. فنّنه.

(٢) المصادر : لم نعثر عليه.

٢٩١

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله. فالسكوني ما انضاف الى روايته رواية من هو على الطريقة المستقيمة ، والاعتقاد الصحيح ، فكيف جاز لشيخنا رحمه‌الله العمل في ميراث المجوس بروايته.

وأيضا ما هو من فرقتنا ، ولا من عدول طائفتنا ، على ما قرره شيخنا في مذهبه في العمل باخبار الآحاد.

ثم انا نورد ما أورده في كتاب تهذيب الاحكام جميعه ، ونتكلم عليه.

قال رحمه‌الله باب ميراث المجوس ، محمّد بن احمد بن يحيى ، عن بنان بن محمّد ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علي ، انه كان يورّث المجوس إذا تزوج بامّه وبابنته من وجهين ، من وجه انها امه ، ووجه انها زوجته ، قال محمّد بن الحسن قد اختلف أصحابنا رحمهم‌الله في ميراث المجوس ، إذا تزوج بإحدى المحرمات من جهة النسب في شريعة الإسلام ، فقال يونس بن عبد الرحمن وكثير ممّن تبعه من المتأخرين : انه لا يورث الّا من جهة النسب والسبب اللذين يجوزان في شريعة الإسلام ، وامّا ما لا يجوز في شريعة الإسلام ، فإنه لا يورث منه على حال ، وقال الفضل بن شاذان وقوم من المتأخرين من تبعوه على قوله انّه يورّث من جهة النسب على كل حال ، وان كان حاصلا عن سبب لا يجوز في شريعة الإسلام ، فإنّما (١) السبب فلا يورث منه الا ممّا يجوز في شرع الإسلام. والصحيح عندي انه يورث المجوسي من جهة النسب والسبب معا ، سواء كان مما يجوز في شريعة الإسلام أو لا يجوز ، والذي يدل على ذلك الخبر الذي قدمناه عن السكوني ، وما ذكره أصحابنا من خلاف ذلك ، ليس به اثر عند الصّادقين عليهم‌السلام ، ولا عليه دليل من ظاهر القرآن ، بل انّما قالوه لضرب من الاعتبار ، وذلك عندنا مطرّح بالإجماع ، وأيضا فإن هذه الأنساب والأسباب وان كانا غير جائزين في شريعة الإسلام ، فهما جائزان عندهم ، ويعتقدون انه ممّا يستحل به الفروج ، ولا يستباح بغيره ، فجرى مجرى العقد في شريعة الإسلام ، الا ترى الى ما روي ان رجلا سبّ مجوسيّا بحضرة

__________________

(١) ج. ل. فأمّا.

٢٩٢

أبي عبد الله فزبره ، ونهاه عن ذلك ، فقال انه تزوج بامه ، فقال اما علمت ان ذلك عندهم النكاح ، وقد روي أيضا انه قال عليه‌السلام ان كل قوم دانوا بشي‌ء ، يلزمهم حكمه ، وإذا كان المجوس يعتقدون صحة ذلك ، فينبغي ان يكون نكاحهم جائزا ، وأيضا لو كان ذلك غير جائز ، لوجب ان لا يجوز أيضا إذا عقد على غير المحرمات ، وجعل المهر خمرا أو خنزيرا أو غير ذلك من المحرمات ، لان ذلك غير جائز في الشرع ، وقد أجمع أصحابنا على جواز ذلك ، فعلم بجميع ذلك ان الذي ذكرناه هو الصحيح ، وينبغي ان يكون عليه العمل وما عداه يطرح ولا يعمل عليه على حال ، هذا أخر الباب جميعها حرفا فحرفا التي أوردها شيخنا أبو جعفر في تهذيب الاحكام (١).

فانظر أرشدك الله بعين قلبك ، واترك تقليد الرجال جانبا ، هل فيها دليل يعتمد ويوجب العمل والعلم ويثمر اليقين؟ بل معظمها عنده رضي‌الله‌عنه الرواية عن السكوني التي جعلها اعتماده ، فصدّر بها بابه ، وقد بينا ما فيها.

ثم انّه رحمه‌الله حكى في نهايته (٢) لما قال ـ وهذا القول هو المعتمد عندي وبه تشهد الرّوايات ـ وما أورد في تهذيب احكامه الذي هو معدن رواياته ومظان اخباره إلّا رواية واحدة ، وقد قلنا ما عندنا فيها.

ثم انه حكى في تهذيب الاحكام ، ان أصحابنا على مذهبين اثنين فحسب ، يونس (٣) ومن تابعه ، ومذهب ابن شاذان ومن تبعه ، فكيف يحدث هو رحمه‌الله قولا ثالثا ، وأصحابنا على ما حكاه عنهم على قولين فإذا اجمعوا على قولين ، فلا يجوز احداث قول ثالث بغير خلاف ، لأن الحق لا يعدوهم ، وفي هذا القول ما فيه عند من تدبّره وتأمّله.

ثم قوله ـ وما ذكره أصحابنا من خلاف ذلك ليس به اثر عند الصادقين عليهم‌السلام ولا عليه دليل من ظاهر القرآن ، بل انما قالوه لضرب من الاعتبار ،

__________________

(١) التهذيب ، الباب ٣٧ من المجلد التاسع باب ميراث المجوس ، ص ٣٦٤.

(٢) النهاية ، كتاب الميراث ، باب ميراث المجوس.

(٣) ج. ل. مذهب يونس.

٢٩٣

وذلك عندنا مطرح بالإجماع ـ فقد أقرّ بأن قال ـ وما ذكره أصحابنا يعني الإماميّة ـ وما يقوله الإمامية الذين هم أصحابه ، ففيه الحق ، فكيف لا يكون عليه دليل ، بل قولهم له هو الدليل القاطع ، والبرهان الساطع.

ثم قال ـ ليس به اثر عن الصادقين ـ فإذا اجمعوا على القول ، فلا حاجة لهم إلى رواية تروي عن بعض الصادقين ، إذ لا دليل فيها ، بل إجماعهم عليها هو الدّليل على صحّتها ، بل في قولهم وإجماعهم على الحكم ، قول بعض الصادقين ، وهو رئيس الكل في عصره ، وامام زمانه ، مقطوع على صدقه.

واما قوله رحمه‌الله ـ ولا دليل عليه من ظاهر القرآن ـ بل ظاهر القرآن عليه ، ومعهم ـ فيه ، وهو قوله تعالى « فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ » (١) ، « وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ » (٢) ، الى غير ذلك من الآيات المحكمات ، وايّ ظاهر قرآن معه رحمه‌الله فيما ذهب اليه ، أو أيّ رواية عن الصادقين معه ، وفي هذا الموضع يحسن ان يقال اقلب تصب.

ثم قوله رحمه‌الله وشناعته ـ بل انما قالوه بضرب من الاعتبار ـ ان أراد بالاعتبار هاهنا القياس ، فهو كما قال انه باطل عندنا ، وايّ قياس هاهنا حتى يشنّعه؟ وان أراد بالاعتبار استخراج الأدلة والنظر فيها وما يقتضيه أصول المذهب ، فهذا لا نأباه نحن ولا هو رحمه‌الله ، وأكثر استدلالاته في مسائله على خصومه وغيرهم ، قوله ـ والذي يقتضيه أصول مذهبنا ـ وما يزال قائلا بأن الأصل الإباحة ، والحظر يحتاج الى دليل ، هذا لا يزال يستدل به في مسائل خلافه ، وفي أوّل خطبة مسائل خلافه لمّا قرر الأدلّة وبنى كتابه عليها ، قال أو إجماع أو دليل أصل ، ثم ما رأيت أعجب منه رحمه‌الله يذهب الى هذا في خطبة مسائل خلافه ، وفي جميع استدلالاته في مسائلها ، إذا احتاج الى ذلك ، ويذهب في عدته التي هي أصول فقهه ـ في ان الأشياء في دليل العقل على الحظر أو الإباحة أو ـ الى الوقف في ذلك ، ويستدل في مسائل خلافه بأن الأصل الإباحة في الأشياء ، وأصول الفقه ما تراد الا حتّى (٣) يركب عليها مسائل الفقه.

__________________

(١) سورة المائدة ، الآية ٤٨.

(٢) سورة الكهف ، الآية ٢٩.

(٣) ج. حتى يركب.

٢٩٤

ثم قوله رحمه‌الله ـ بان هذه الأنساب والأسباب وان كانا غير جائزين في شريعة الإسلام ، فهما جائزان عندهم ، وما روي ان رجلا سبّ مجوسيّا بحضرة أبي عبد الله عليه‌السلام فزبره ، ونهاه ـ واي (١) فرج له في ذلك ، وايّ نسبة بين هذا وبين جواز ان يحكم بالباطل ، وبغير الحق وغيّر شرعنا (٢) إذا تحاكموا إلينا ، وهل هذا الّا دفع بالرّاح ، ومعارضة في غير موضعها ، وبناء على شفا جرف انهار (٣).

فاما قوله رحمه‌الله ـ لو كان ذلك غير جائز ، لوجب ان لا يجوز أيضا إذا عقد على غير المحرمات ، وجعل المهر خمرا أو خنزيرا ، أو غير ذلك من المحرمات ، لان ذلك غير جائز في الشرع ، وقد أجمع أصحابنا على جواز ذلك ـ فممّا يضحك الثكلى ، لكن ما أحسن قول الرّسول عليه‌السلام ـ حبك الشي‌ء يعمى ويصم (٤) ـ يا سبحان الله ، كان ذكر المهر الحلال ، ملكه شرط في صحة عقد النكاح ، فنحن بإجماع المسلمين نصحح عقد النكاح الدائم من غير ذكر مهر فيه ، فما ذكر المهر الفاسد بأعظم من ترك ذكره جملة ، ومع هذا فالعقد صحيح.

ثم ما اعجل ما نسي استدلاله في الجزء الثاني من مسائل خلافه ، في أوّل كتاب الصداق ، قال مسألة : إذا عقد على مهر فاسد مثل الخمر والخنزير والميتة وما أشبهه ، فسد المهر ولم يفسد النكاح ، ووجب لها مهر المثل ، وبه قال جميع الفقهاء الّا مالكا ، فان عنه روايتين ، إحديهما مثل ما قلناه ، والأخرى يفسد النكاح ، وبه قال قوم من أصحابنا ، دليلنا ان ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد ، فإذا ذكر ما هو فاسد ، لم يكن أكثر من ان لم يذكره أصلا ، فلا يؤثر ذلك في فساد العقد ، وأيضا قوله عليه‌السلام لا نكاح إلّا بوليّ مرشد ، وشاهدي عدل (٥) فنفاه لعدم الولي والشاهدين ، وأثبته بهم ، وهنا نكاح له (٦) قد عقد بهم ، فوجب ان يكون ثابتا وأيضا فإنهما عقدان

__________________

(١) ج. فأيّ.

(٢) ج يغيّر الحق ويغيّر شرعنا. ل. بغير الحق وبغير شرعنا.

(٣) ج. ل. جرف هار.

(٤) سنن أبي داود ، باب في الهوى من كتاب الأدب ، الرقم ٥١٣٠ ، ج ٤ ، ص ٣٣٤.

(٥) الوسائل ، الباب ١١ من أبواب المتعة ح ١١ ، إلّا في المصدر هكذا إلّا بولي وشاهدين.

(٦) ج. ل. وهذا نكاح قد.

٢٩٥

يصح ان ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه ، الا ترى انه لو عقد بغير مهر صح النكاح بلا خلاف ، فإذا ثبت بعد ذلك ، المهر صح أيضا فإذا كانا عقدين ففساد أحدهما لا يوجب فساد الأخر إلا بدليل ، هذا آخر استدلاله ومسألته (١).

وأيضا فلا خلاف بين أصحابنا المخالف في هذه المسألة ، والمؤالف ، ان اليهود والنصارى والمجوس متى انقادوا إلى الجزية ، وقبلوها ، وقاموا بشرائطها ، والتزموا أحكامنا عليهم ، وما يقترحه إمامنا ، عقد لهم عقد الذمة ، وشرائط الذمة ، الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير ، وشرب الخمر ، وأكل الربا ، ونكاح المحرمات في شريعة الإسلام ، فمتى فعلوا شيئا من ذلك ، فقد خرجوا من الذمة ، فكيف يجوز لنا ان نقرّهم على نكاح المحرمات في شرعنا ، ونحكم لهم بذلك ، وبصحته إذا تحاكموا إلينا ، وأخذ علينا ان لا نقرهم على ذلك ، هذا في اليهود والنصارى ، الذين هم الأصل في هذه الاحكام ، والمجوس فرع عليهم ، لأنا أمرنا الشارع ان نسنّ فيهم سنّة أهل الكتاب اليهود والنصارى ، فإذا كان الأصل لا نقرهم على نكاح المحرمات فكيف بك بالفرع (٢) ، وهذا الاستدلال مجمع عليه ، لا خلاف فيه ، ان من جملة شرائطه الذّمة ، ان لا تنكحوا المحرمات في شرعنا.

وقد قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطة ، في الجزء الرابع في كتاب المكاتب ، في فصل في كتابة الذمي ، يجوز كتابة النصراني ، بما يجوز به كتابة المسلم ، لعموم الآية والخبر ، وانما يصح كتابته على الوجه الذي يصح عليه كتابة المسلم ، ويرد (٣) ، على الوجه الذي يردّ عليه المسلم ، فإذا كاتب عبدا ثم ترافعا الى حاكم المسلمين ، حكم بينهم بحكم الإسلام ، فإن كانت الكتابة تجوز بين المسلمين ، أمضاها ، وان كانت لا تجوز ، ردها ، لان الحاكم انما يجوز له ان يحكم بما يسوغ في دينه ، هذا أخر كلامه من أوّل الفصل الى هاهنا حرفا فحرفا (٤).

الا ترى الى قوله رحمه‌الله في هذا الموضع لان الحاكم انما يجوز له ان يحكم

__________________

(١) الخلاف ، كتاب الصداق مسألة ١.

(٢) ج. المحرمات يكن بالفرع اولى.

(٣) وفي المصدر ـ ترد ـ في الموضعين.

(٤) المبسوط ج ٦ فصل في كتابه الذمي ، ص ١٢٨.

٢٩٦

بما يسوغ في دينه ، وهذا هو الحق اليقين ، فشيخنا أبو جعفر المخالف في مسألة المجوس ، إذا تحاكموا إلينا ، فهو محجوج بقوله هذا الذي حكينا عنه ، في مبسوطة.

وما ذهبنا اليه اختيار السيّد المرتضى ، ذهب إليه في المسائل الموصليات الثانية فإنه قال المسألة التاسعة والمائة ، وان ميراث المجوس من جهة النسب الصحيح ، دون النكاح الفاسد ، والحجة في ذلك الإجماع المتكرر ، وليس هذه المسألة مما ينفرد بها الإمامية ، بل يوافق عليها مالك والشافعي ، ومن المتقدمين الحسن والزهري والأوزاعي ، هذا أخر كلامه في المسألة (١).

وكلامنا أيضا فقد أطلنا فيها.

فامّا من عدا المجوس من الكفار ، إذا تحاكموا إلينا ورثناهم على كتاب الله تعالى ، وشريعة نبيّه عليه‌السلام بلا خلاف بين أصحابنا في ذلك.

وهو مذهب شيخنا أبي جعفر أيضا في نهايته ، فإنه قال بعد ان أطنب في ميراث المجوس ، فاما من عدا المجوس من الكفار ، فإذا تحاكموا إلينا ، ورثناهم أيضا على كتاب الله وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله سواء ، هذا آخر كلامه رحمة الله في الباب (٢).

قوله رحمه‌الله ـ فاما من عدا المجوس من الكفار فإذا تحاكموا إلينا ورثناهم أيضا على كتاب الله وسنة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله سواء ، كأنّه رحمه‌الله قد ورث المجوس على كتاب الله وسنة نبيّه حتّى يعطف عليهم غيرهم ، ويقول ورثناهم أيضا على كتاب الله وسنة نبيه ، فان هذا قول عجيب ظريف.

وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة ، لما ذكر اختلاف أصحابنا في ميراث المجوس ، قال الآخرون يورثون بكلا الأمرين ، الأنساب والأسباب ، سواء كانا جائزين في الشرع ، أو لم يكونا جائزين ، وهو الذي اخترته في سائر كتبي في النهاية والخلاف والإيجاز في الفرائض ، وتهذيب الاحكام ، وغير ذلك ، لأنه الأظهر في الرّوايات (٣).

__________________

(١) المجموعة الاولى من رسائل الشريف المرتضى ، ص ٢٦٦ ، المسألة ١٠٩ الّا أنّه ذكرها في « المسائل الموصليات الثالثة ».

(٢) النهاية كتاب الميراث باب ميراث المجوس وسائر أصناف الكفار.

(٣) المبسوط ، ج ٤ ، كتاب الفرائض والمواريث ، فصل في ميراث المجوس ، ص ١٢٠.

٢٩٧

قال محمّد بن إدريس رحمه‌الله ما رأيت أعجب من شيخنا في هذه المقالة ، وايّ روايات في ذلك حتى يكون ما اختاره هو الأظهر فيها ، ان هذا لعجيب ، وليس إذا علمنا ان مصنفا أراد لفظة يقيم بها تصنيفه ، فجعل مكانها لفظة تحيله (١) وتفسده ، وجب ان نحسب (٢) له ما يتوهم انه اراده ويترك ما قد صرح به ، ولو كانت الأمور كلها تجري هذا المجري ، لم يكن خطأ.

ويوقف نصيب الأسير في بلاد الكفر الى ان يجي‌ء ، أو يصح موته ، فان لم يعلم مكانه ولا موته وحياته ، فهو مفقود ، واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أقوال.

فقال قوم ان المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الأرض كلها اربع سنين ، فان لم يوجد بعد انقضاء هذه المدّة ، قسم المال بين ورثته.

وقال قوم لا بأس ان يبتاع عقار المفقود بعد عشر سنين من غيبته وفقده وانقطاع خبره ، ويكون البائع ضامنا للثمن والدرك ، فان حضر المفقود ، خرج اليه من حقه.

وقال قوم لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته ، أو يمضي مدة لا يعيش مثله إليها بمجرى العادة ، وان مات له من يرثه المفقود ، دفع الى كل وارث أقل ما يصيبه ، ووقف الباقي حتى يعلم حاله.

وهذا الأخير هو الذي يقوى عندي ، واعمل عليه ، وافتي به.

والأوّل من الأقوال اختيار السيّد المرتضى في انتصاره (٣).

والثاني من الأقوال اختيار شيخنا المفيد ، ذكره في مقنعته (٤).

والثالث من الأقوال اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي ذكره في مسائل خلافه (٥) ، وهو الأصح والأظهر لأن فيه الاحتياط والإجماع ، لأن التصرف في مال الغير بغير اذنه قبيح محظور عقلا وسمعا ، فمن أباحه يحتاج الى دليل ، ونعم ما اختار

__________________

(١) ل. تختّله.

(٢) ج. ل. يحسب.

(٣) الانتصار كتاب الفرائض والمواريث مسألة ١٩.

(٤) المقنعة أبواب فرائض المواريث باب ميراث من لا وارث له ص ٧٠٦.

(٥) الخلاف كتاب الفرائض مسألة ١٣٦.

٢٩٨

شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌الله فان قوله في هذه المسألة ، هو الصواب ، وما عداه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ، والأصل المنع من التصرف في مال الغير إلّا بإذنه ، فمن ادعى قسمته والتصرف فيه ، فقد ادعى حكما شرعيا يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ، فالعاقل اللبيب يتوخى الانصاف ، فلا يسلم الى المتقدم إذا جاء بالرّدى لتقدمه ، فلا يبخس المتأخر حق الفضيلة إذا اتى بالحسن لتأخّره ، فمن العدل ان يذكر الحسن ولو جاء ممّن جاء ، ويثبته الآتي به كائنا ما كان ، فإن الحكمة ضالة المؤمن ، ويطرح الردي ولو جاء ممّن جاء ، فقد روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، انه قال انظر الى ما قال ولا تنظر الى من قال (١).

وقال شيخنا المفيد في مقنعته ، ومن مات وخلف تركة في يد إنسان لا يعرف له وارثا ، جعلها في الفقراء والمساكين ، ولم يدفعها الى سلطان الجور والظلمة من الولاة (٢).

وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه ، ميراث من لا وارث له ينتقل الى بيت المال ، وهو للإمام خاصّة ، وعند جميع الفقهاء ينتقل الى بيت المال ، ويكون للمسلمين (٣).

وقال رحمه‌الله في مسألة أخرى ، كل موضع وجب المال لبيت المال عند الفقهاء وعندنا ، للإمام ، ان وجد الامام العادل ، سلم اليه بلا خلاف ، وان لم يوجد ، وجب عليه حفظه له عندنا ، كما يحفظ سائر أمواله التي يستحقها ، ثم استدل فقال دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا فإذا دفعه الى الامام العادل برئت ذمته بلا خلاف وليس على براءتها إذا دفعه الى الجائر ، أو صرفه في مصالح المسلمين ، دليل هذا آخر كلامه رحمه‌الله (٤).

ومعه في هذا الحق اليقين ، والدليل على صحة ما استدل به ، فنعم ما قال

__________________

(١) شرح مائة كلمة ، للبحرانى ص ٦٨.

(٢) المقنعة أبواب الفرائض المواريث باب ميراث من لا وارث له من العصبة ص ٧٠٦.

(٣) الخلاف كتاب الفرائض مسألة ١٤.

(٤) الخلاف كتاب الفرائض مسألة ١٥.

٢٩٩

واستدل ، ولا يلتفت الى ما قاله (١) شيخنا في مقنعته ، فإنه خلاف أصول مذهبنا ، وإجماع طائفتنا ، ومصير الى مذهب المخالفين لنا.

والمهدوم عليهم والغرقى إذا لم يعرف ، تقدم موت بعضهم على بعض ، وكان يرث بعضهم بعضا ، ورث بعضهم من بعض ، من نفس التركة ، لا مما يرثه من الأخر ، لأنّا ان ورثناه مما يرثه ، لما انفصلت القسمة أبدا.

وذهب بعض أصحابنا إلى أنه يورثه مما ورثه أيضا ، وهو اختيار شيخنا المفيد (٢).

والأول هو الأظهر بين الطائفة الذي يقتضيه أصول مذهبنا ، لأن الإرث لا يكون الّا فيما يملكه الميت قبل موته.

وقد روى أصحابنا انه يقدم أضعفهم نصيبا في الاستحقاق ، ويؤخر الأقوى (٣) ، مثال ذلك زوج وزوجة ، فإنه يفرض المسألة أوّلا كان الزوج مات ، وتورث منه الزوجة ، لأن سهمها أقل من سهم الزّوج ، ويورث بعد ذلك الزوج.

قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة ، وهذا مما لا يتغير به حكم ، سواء قدمنا موت الزوج أو الزوجة ، إذا ورثنا أحدهما من صاحبه ، غير انا نتبع الأثر في ذلك (٤).

ونعم ما قال ومتى ورثنا أحدهما من صاحبه قدر ما يستحقه ، فما يبقى يكون لورثته الاحياء ، فان فرضنا في غرق الأب والابن ، أن للأب وارثا غير ان هذا الولد اولى منه ، وفرضنا ان للولد وارثا غير ان أباه أولى منه ، فإنه يصير ميراث الابن لورثة الأب ، وميراث الأب لورثة الابن ، لأنا إذا فرضنا موت الابن أولا ، صارت تركته للأب ، وإذا فرضنا موت الأب بعد ذلك ، صارت تركته خاصة للولد ، وصار ممّا (٥) كان ورثه من أبيه لورثته الأخر ، وكذلك إذا فرضنا موت الأب ، يصير تركته خاصّة لورثة الابن ، وعلى هذا يجري أصل هذا الباب ، فان خلف أحدهما

__________________

(١) ج. ل. مقالة.

(٢) في المقنعة باب ميراث الغرقاء والعبارة هكذا ، وورث منها ما ورثته منه وما كان ملكا لها سواه ، ص ٦٩٩.

(٣) الوسائل ، الباب ٦ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

(٤) المبسوط ، ج ٤ ، كتاب الفرائض والمواريث ، فصل في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ١١٨.

(٥) ج. وصار ما كان ورثه من أبيه لورثة الآخر. ل. وصار ما كان ورثه لورثته الآخر.

٣٠٠