• الفهرس
  • عدد النتائج:

أمكن تحقيقه فى الترجمة بالنسبة إلى كل ما يفهم من معانى القرآن الأصلية فهو لا يمكن تحقيقه بالنسبة إلى كل ما يفهم من معانى القرآن التابعة ؛ لأنها مدلولة لخصائصه العليا التى هى مناط إعجازه البلاغى كما سبق.

وكذلك مقصد القرآن الثانى وهو كونه آية لا يمكن تحقيقه فيما سواه من كلام البشر عربيا كان أو عجميا ، وإلا لما صح أن يكون آية خارقة ، ومعجزة غير ممكنة ، حين تتناول هذا المقصد قدرة البشر. كيف والمفروض أن القرآن آية بل آيات ، ومعجزة بل معجزات لا يقدر عليها إلا الله وحده جل وعلا؟! ويجرى هذا المجرى مقصد القرآن الثالث ، وهو كونه متعبدا بتلاوته ، فإنه لا يمكن أن يتحقق فى الترجمة ، لأن ترجمة القرآن غير القرآن قطعا. والتعبد بالتلاوة إنما ورد فى خصوص القرآن وألفاظه عينها بأساليبها وترتيباته نفسها ، دون أى ألفاظ أو أساليب أخرى ، ولو كانت عربية مرادفة لألفاظ الأصل وأساليبه.

(الطريق الثانى) أن ترجمة القرآن بهذا المعنى مثل للقرآن ، وكل مثل للقرآن مستحيل. أما أنها مثل له فلأنها جمعت معانيه كلها ومقاصده كلها لم تترك شيئا ، والجامع لمعانى القرآن ومقاصده مثل له أى مثل. وأما أن كل مثل للقرآن مستحيل ، فلأن القرآن تحدى العرب أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه ، فعجزوا عن المعارضة والمحاكاة ، وهم يومئذ أئمة البلاغة والبيان ، وأحرص ما يكونون على الغلبة والفوز فى هذا الميدان. وإذا كان هؤلاء قد عجزوا وانقطعوا ، فغيرهم ممن هم دونهم بلاغة وبيانا أشد عجزا وانقطاعا. (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ، فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ). وإذا كان الإنس والجن قد حقت عليهم كلمة العجز عن أن يأتوا بمثل أقصر سورة منه بلغته العربية ، فأحرى أن يكون عجزهم أظهر لو حاولوا هذه المعارضة بلغة غير عربية لأن اتحاد اللغة فى المساجلة بين كلامين ، من شأنه أن يقرب