• الفهرس
  • عدد النتائج:

(من تلك الوقائع) أن استقبال بيت المقدس فى الصلاة لم يعرف إلا من السنة ، وقد نسخه قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ. وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).

(ومنها) أن الأكل والشرب والمباشرة كان محرما فى ليل رمضان على من صام ثم نسخ هذا التحريم بقوله تعالى : (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ).

(ومنها) أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبرم مع أهل مكة عام الحديبية صلحا كان من شروطه أن من جاء منهم مسلما رده عليهم. وقد وفى بعده فى أبى جندل وجماعة من المكيين جاءوا مسلمين. ثم جاءته امرأة فهم أن يردها فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ. فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) الآية.

شبهة للمانعين ودفعها :

أورد المانعون على هذا الاستدلال المعتمد على تلك الوقائع شبهة قالوا فى تصويرها :

يجوز أن يكون النسخ فيما ذكرتم ثابتا بالسنة ثم جاء القرآن موافقا لها ، وبهذا يؤول الأمر إلى نسخ السنة بالسنة. ويجوز أن الحكم المنسوخ كان ثابتا أولا بقرآن نسخت تلاوته ثم جاءت السنة موافقة له وبهذا يؤول الأمر إلى نسخ قرآن بقرآن.

وندفع هذه الشبهة بأنها قائمة على مجرد احتمالات واهية لا يؤيدها دليل ، ولو فتحنا بابها وجعلنا لها اعتبارا ، لما جاز لفقيه أن يحكم على نص بأنه ناسخ لآخر إلا إذا ثبت ذلك صريحا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ولكن ذلك باطل بإجماع الأمة على خلافه ، واتفاقها على أن الحكم إنما يسند إلى دليله الذى لا يعرف سواه بعد الاستقراء الممكن.