• الفهرس
  • عدد النتائج:

وندفع هذه الشبهة (أولا) بأنا لا نسلم أن الكتاب الذى بأيديهم هو الإنجيل الذى نزل على عيسى ، إن هو إلا قصة تاريخية وضعها بعض المسيحيين ، يبين فيها حياة المسيح وولادته ونشأته ودعوته والأماكن التى تنقل فيها ، والآيات التى ظهرت على يديه ، ومواعظه ومناظراته. كما يتحدث فيها عن ذلك الحادث الخيالى حادث الصلب. وعلى رغم أنها قصة فقد عجزوا عن إقامة الدليل على صحتها وعدالة كاتبها وأمانته وضبطه ، كما أعياهم اتصال السند وسلامته من الشذوذ والعلة. بل ثبت علميا تناقض نسخ هذه القصة التى أسموها الإنجيل ، مما يدل على أنها ليست من عند الله ولو كانت من عند الله ما أتاها الباطل من بين يديها ولا من خلفها. وصدق الله فى قوله عن القرآن : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).

(ثانيا) أن سياق هذه الكلمة فى إنجيلهم ، يدل على أن مراده بها تأييد تنبؤاته ، وتأكيد أنها ستقع لا محالة ، أما النسخ فلا صلة لها به نفيا ولا إثباتا. وذلك لأن المسيح حدث أصحابه بأمور مستقبلة ، وبعد أن انتهى من حديثه هذا أتى بهذه الجملة التى تشبثوا بها : «السماء والأرض تزولان وكلامى لا يزول». ولا ريب أن لسياق الكلام تأثيره فى المراد منه. وهكذا شرحها المفسرون منهم للإنجيل وقالوا : إن فهمها على عمومها لا يتفق وتصريح المسيح بأحكام ، ثم تصريحه بما يخالفها. من ذلك أنه قال لأصحابه ـ كما جاء فى إنجيل متى ـ : «إلى طريق أمم لا تمضوا ، ومدينة للسامرين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالجرى إلى خراف بيت إسرائيل الضالة» وهذا اعتراف بخصوص رسالته لبنى إسرائيل. ثم قال مرة أخرى ـ كما جاء فى إنجيل مرقس ـ :

«اذهبوا إلى العالم أجمع. واكرزوا بالإنجيل للخليقة». فالقول الثانى ناسخ للأول.