قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

دستور الأخلاق في القرآن

تحمیل

دستور الأخلاق في القرآن

617/962
*

طالما ألحّ الأخلاقيون المسلمون ، حتّى فقهاء العبادات ـ على هذه الفكرة ، كما أنّ القولة المتواترة بلا شك عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ليس لها من معنى غير هذا. وعليه ، فإنّ ما يصدق على إلتباس الأعمال الظّاهرة يصدق تماما على جهودنا الباطنة. فعند ما يغفل الإنسان عن أمر الشّرع ، ثمّ هو يحس تلقائيا أنّه مدفوع إلى أن يتطلب من نفسه تجردا عن المنافع الأنانية في هذه الدّنيا ، وحبّا للأقربين ، وكرما ، وإخلاصا للإنسانية ، ـ فيجب ألّا ينخدع بهذه المشاعر النّبيلة ، لأنّ هذا الإقتضاء الّذي نشعر به ، من رغبة في تحسين صفتنا ، ربما كان مفروضا علينا بتأثير نوع من النّداء الفطري ، أو بتذوقنا للكمال ، أو بمجرد الرّغبة في ممارسة قدراتنا الخلاقة ، أو لكي ننال لأنفسنا نوعا من التّطابق النّزيه في سلوكنا الظّاهري ، وبذلك نطمئن إلى أننا لن نتعثر أمام النّاس ، أو لأسباب أخرى أقل ، أو أكثر تسويغا.

والنّيّة الّتي أصطحبها في أدائي لهذه المهمة هي الّتي تعطي لجهدي الباطن معنى ، وهي الّتي تطبعه بصفته النّوعية ، وتسمه بسمتها المميزة. إنّها عصبه ، وحياته ، وهي أشبه بروح الرّوح.

د ـ هل تكتفي النّيّة بنفسها

لقد عالجنا على التّوالي ثلاث حالات :

في الحالة الأولى : كان العمل يحدث بلا نيّة ـ وهي حالة (البطلان الأخلاقي).

وفي الحالة الثّانية : كان العمل ، والنّيّة حاضرين ، ولكن يعتورهما بعض النّقص فإمّا أن تكون النّيّة سيئة ـ وهي حالة «اللاأخلاقية» ، وإمّا أن يكون العمل غير مطابق للنّيّة ـ وهي حالة «الإنحراف» الّذي يحتمل الإدانة ، أو العفو.