وقد وافقنا العامّة على وجوب الرجوع إلى الميقات للناسي والجاهل (١) .
أمّا غير مُريد النسك فقد وافقنا أحمد أيضاً في إحدى الروايتين (٢) على وجوب الرجوع ؛ لأنّه متمكّن من الإِتيان بالنسك على الوجه المأمور به ، فيكون واجباً عليه .
ولما رواه الحلبي ـ في الحسن ـ عن الصادق عليه السلام ، قال : سألته عن رجل نسي أن يُحْرم حتى دخل الحرم ، قال : « عليه أن يخرج إلى ميقات أهل أرضه ، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه ، وإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم » (٣) .
وسأل أبو الصباح الكناني الصادق عليه السلام عن رجل جهل أن يُحْرم حتى دخل الحرم كيف يصنع ؟ قال : « يخرج من الحرم يهلّ بالحج » (٤) .
وقال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد : يُحْرم من موضعه ؛ لأنّه حصل دون الميقات على وجه مباح ، فكان له الإِحرام منه كأهل ذلك المكان (٥) .
والفرق ظاهر ؛ لقوله عليه السلام : ( ومَنْ كان منزله دون الميقات فمهلّه من أهله ) (٦) .
إذا عرفت هذا ، فلو لم يتمكّن من الرجوع إلى الميقات وتمكّن من
__________________
(١) المغني ٣ : ٢٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٤ .
(٢) المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، المجموع ٧ : ٢٠٤ .
(٣) التهذيب ٥ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ / ٩٦٥ .
(٤) الكافي ٤ : ٣٢٥ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٢٨٤ / ٩٦٦ .
(٥) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، التفريع ١ : ٣١٩ ، المغني ٣ : ٢٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٢١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢١٠ ، المجموع ٧ : ٢٠٣ و ٢٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٥ .
(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٢٢٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٢٢ .