قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

تحمیل

مختصر الصواعق المرسلة على الجهميّة والمعطّلة

444/787
*

(فصل الرد على ابن جنى)

الوجه الحادى والخمسون : قال ابن جنى (١) إذا كثر (يعنى المجاز) ألحق بالحقيقة : اعلم أن أكثر اللغة مع تأمله مجاز لا حقيقة ، وذلك عامة الأفعال ، نحو قام زيد ، وقعد عمر ، وانطلق بشر ، وجاء الصيف ، وانهزم الشتاء ، ألا ترى أن الفعل يفاد منه معنى الجنسية ، فقولك قام زيد ، أي هذا الجنس من الفعل ، ومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام ، وكيف يكون ذلك وهو جنس ، والجنس يطبق جميع الماضي وجميع الحاضر وجميع الآتى الكائنات من كل من جد منه القيام ، فمعلوم أنه لا يجتمع لإنسان واحد في وقت واحد ولا في مائة ألف سنة مضاعفة القيام كله الداخل تحت الوهم. هذا محال عند كل ذي لب ، فإذا كان كذلك علمت أن قام زيد مجاز لا حقيقة ، وإنما هو على وضع الكل موضع البعض للاتباع والمبالغة ، ونسبة القليل بالكثير ، ويدل على انتظام ذلك بجميع جنسه أنك تعلمه في جميع أجزاء ذلك الفعل ، فتقول قومة قومتين وقياما حسنا وقياما قبيحا ، فإعمالك إياه في جميع أجزائه يد على أنه موضوع عندهم على صلاحه لتناول جميعها ، وإنما يعمل الفعل من المصادر فيما فيه عليه دليل ، ألا تراك لا تقول قمت جلوسا ولا ذهبت مجيئا ، ولا يجوز ذلك لما لم يكن فيه دليل عليه ، ألا ترى إلى قوله : لعمري لقد أحببتك الحب كله ، فانتظامه لجميعه يدل على وضعه على اعترافه واستيعابه. وكذلك قول الآخر :

وقد يجمع الله الشتيتين بعد ما

يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

فقوله كل الظن يدل على صحة ما ذهبنا إليه ، قال أبو علي : قولنا قام زيد بمنزلة قولنا خرجت فإذا الأسد ، (تعريفه هنا) تعريف الجنس ، كقولك :

__________________

(١) ابن جنى : هو أبو الفتح عثمان بن جنى الموصلى النحوي المشهور ، كان إماما في علم العربية والنحو ، له «الخصائص» ، و «سر الصناعة» ، و «التلقين في النحو» وغيرها من الكتب المفيدة في بابها ، توفي ببغداد (٣٩٢ ه‍) (وفيات الأعيان) بتصرف.